متن
ترجمه آیتی
ترجمه شهیدی
ترجمه معادیخواه
تفسیر منهاج البرائه خویی
تفسیر ابن ابی الحدید
تفسیر ابن میثم
و من خطبة له عليه السّلام و هى المأتان و الحادية عشر من المختار فى باب الخطب
أللّهمّ أيّما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة ، و المصلحة غير المفسدة ، في الدّين و الدّنيا ، فأبى بعد سمعه لها إلاّ النّكوص عن نصرتك ، و الإبطآء عن إعزاز دينك ، فإنّا نستشهدك عليه يا أكبر الشّاهدين ، و نستشهد عليه جميع من أسكنته أرضك و سماواتك ،
ثمّ أنت البعد المغني عن نصره و الاخذ له بذنبه .
اللغة
( المصلحة ) بضمّ الميم اسم فاعل من باب الافعال و كذلك المفسدة و ( نكص )
[ 75 ]
عن الأمر نكصا و نكوصا تكاء كأ عنه و جبن و أحجم ، و على عقبيه رجع عمّا كان عليه من خير قال الفيروز آبادى خاصّ بالرّجوع عن الخير ، و وهم الجوهرى في اطلاقه أو في الشرّ نادرا
الاعراب
ما في أيّما زايدة للتّاكيد ، و غير منصوب على الحاليّة أو الوصفيّة ، و قوله :
في الدّين ، متعلّق بالمصلحة ، و قوله : إلاّ النّكوص ، استثناء مفرّغ
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة كما نبّه عليه الشارح البحراني ملتقطة من خطبة كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام .
قال بعد تقاعد أكثرهم عن صوته مناديا للّه عزّ و جلّ ( اللّهم أيّما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة ) أي قولنا المتّصف بالعدل ، و في وصفه به توسّع ، و قال الشارح البحرانى العادلة المستقيمة الّتي هي طريق اللّه العايدة للنّاس إلى الرّشاد في دينهم و دنياهم ، و ما قلناه أولى .
و انّما وصفه عليه السّلام بالعدل ، لأنّ استنهاضه إلى جهاد أهل الشّام إنّما كان من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع فيه من الامتثال لنصّ قوله تعالى « فان بغت احديهما على الاخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفىء إلى أمر اللّه » و قد كان عليه السّلام متّصفا بالعدل في جميع أقواله و أفعاله كما يشهد به قوله تعالى و كذلك جعلناكم امّة وسطا أى أئمة عدلا على ما ورد في تفسير أهل البيت عليهم السّلام و قوله تعالى و ممّن خلقنا امّة يهدون بالحقّ و به يعدلون .
روى في البحار عن العياشي عن حمران عن أبى جعفر عليه السّلام فى هذه الآية قال عليه السّلام : هم الأئمّة عليهم السّلام .
و فيه من الكافى عن الحسين بن محمّد عن المعلّى عن الوشا عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ و ممّن خلقنا امة الآية قال : هم الأئمة صلوات اللّه عليهم .
و يشهد به أيضا ما فى البحار من تفسير علىّ بن إبراهيم فى قوله « ضرب اللّه
[ 76 ]
مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شىء و هو كلّ على مولاه أينما يوجّهه لا يات بخير هل يستوى هو و من يأمر بالعدل و هو على صراط مستقيم » قال عليه السّلام كيف يستوى هذا و هذا الذى يأمر بالعدل يعنى أمير المؤمنين و الأئمة عليه و عليهم السّلام ، هذا و انّما عقّب بقوله ( غير الجائرة ) إما تاكيدا أو من باب الاحتراس الّذى تقدّم فى ديباجة الشرح فى ضمن المحاسن البديعيّة ، فانّه لمّا وصف مقالته بالعدل و كان هنا مظنّة أن يتوهّم أنّ عدالتها إنّما يتصوّر فى حقّ أهل الكوفة و أمّا فى حقّ أهل الشّام فلا ، لأنّ الاستنهاض إلى حربهم و سفك دمائهم جور فى حقهم و ظلم عليهم فكيف يكون عدلا ، فدفع ذلك التوّهم بقوله : غير الجائرة ، تنبيها على أنّ محاربتهم من باب النهى عن المنكر و الرّدع لهم عن متابعة معاوية و منعهم عن الايتمام بالامام الباطل و ردعه عن ظلمه و طغيانه و دعويه الخلافة من غير استحقاق ،
و هذا فرض شرعا فلا يكون جورا بل عين العدل و اللّطف ، هذا .
مضافا إلى ما فيه من التعريض على معاوية حيث إنّ حضّه لأهل الشّام على حرب أهل الكوفة و حربه عليه السّلام محض الجور و العدوان ، لأنّه من باب الأمر بالمنكر و النهى عن المعروف ، و أىّ جور أعظم من ذلك .
أمّا فى حقّ أهل الشام فلأنه يدعوهم بذلك التحضيض إلى النار .
و أما فى حقّ أهل الكوفة فلردعهم عن الايتمام بالامام الحقّ و إرادة دفعه عن مقامه الذى يستحقّه و ايهام أنّ الحقّ معه لمطالبته بدم عثمان المظلوم كما قال تعالى و إذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليه آبائنا و اللّه أمرنا بها قل انّ اللّه لا يأمر بالفحشاء أتقولون على اللّه ما لا تعلمون .
روى فى البحار من كتاب الغيبة للنغمانى عن الكلينى باسناده عن محمّد بن منصور قال : سألته يعنى أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الآية قال عليه السّلام فهل رأيت أحدا زعم أنّ اللّه أمر بالزّنا و شرب الخمر أو شىء من هذه المحارم ؟ قلت : لا ، قال عليه السّلام : فما هذه الفاحشة التى يدّعون ان اللّه أمرهم بها ؟ قلت : اللّه أعلم و وليه ، قال عليه السّلام : فان هذا فى أولياء أئمة الجور ادّعوا أنّ اللّه أمرهم بالايتمام بهم فردّ اللّه ذلك عليهم
[ 77 ]
و أخبرهم أنهم قالوا عليه الكذب و سمّى ذلك منهم فاحشة و فيه من تفسير علىّ بن إبراهيم بسنده عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن أبيه قال : الأئمة فى كتاب اللّه إمامان قال اللّه و جعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لا بأمر الناس يقدّمون أمر اللّه قبل أمرهم و حكم اللّه قبل حكمهم ، قال : « و جعلناهم أئمّة يدعون إلى النار » يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه و حكمهم قبل حكم اللّه ، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما فى كتاب اللّه .
و الحاصل انه عليه السّلام بمقتضى ملكة العصمة التى فيه إنما يأمر بالعدل و الاحسان و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى تبعا لأمر اللّه ، لأنه و الأئمة من صلبه عليهم السّلام محالّ مشيّة اللّه و ما يشاؤون إلاّ أن يشاء اللّه و هم بأمره يعملون .
و قوله عليه السّلام ( و المصلحة غير المفسدة فى الدّين و الدّنيا ) أى فيها صلاح حال السامعين فى الدارين و انتظام امورهم فى النشأتين .
أما فى الآخرة فلأنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه اللّه لخاصّة أوليائه و هو لباس التقوى و درع اللّه الحصينة و جنّته الوثيقة ، حسبما عرفته فى الخطبة السابعة و العشرين ، ففى نهوضهم إلى قتال القاسطين عقيب استنهاضه عليه السّلام امتثال لأمر اللّه ،
إعزاز الدين اللّه ، تحصيل لرضوان اللّه تعالى شأنه ، و فى تقاعدهم عنه سخط عظيم و عذاب أليم .
و أما فى الدّنيا فلأنّ مبارزة الأقران من عادة الأبطال و الشجعان و المنع من الذمار من آثار الفتوّة و شعار المروّة و المجاهد فى سبيل اللّه ينتظر من اللّه إحدى الحسنيين إمّا الظفر و الغنيمة أو الشهادة الموجبة للذكر الجميل و الثناء الباقى ،
و النكوص عن الجهاد محصّل للخذلان معقّب للهوان و عار فى الأعقاب و نار يوم الحساب ، فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللّه ثوب الذلّ و شمله البلاء و ديّث بالصغار و القماء هذا و تعقيب المصلحة بغير المفسدة إما من باب التأكيد أيضا أو تعريضا على الطرف المقابل أعنى معاوية اللّعين الذى كان يستنهضهم إلى حربه ، فانّ نظر ذلك اللّعين فى جميع مقالاته و كلماته لم يكن إلاّ إلى شقّ عصا الاسلام و إفساد حال المسلمين و هدم
[ 78 ]
أركان الدين ، و لذلك قال : عليه الصلاة و السلام فى الخطبة الثانية و التسعين : ألا إنّ أخوف الفتن عندى عليكم فتنة بنى امية فانها فتنة عمياء مظلمة ، إلى آخر ما مرّ هناك .
و قوله عليه الصلاة و السلام ( فأبى بعد سمعه لها إلاّ النكوص عن نصرتك و الابطاء عن اعزاز دينك ) لا يخفى ما فى هذا الكلام من بديع البيان و حسن التقرير و عجيب التعبير ، حيث لم يقل فأبى بعد سمعه لها عن قبولها أو اجابتها ، بل عدل عنه إلى قوله : إلاّ النكوص آه للطافة معناه و بعد غوره و غزارة فحواه .
و ذلك لأنّ في التعبير بهذه من التنبيه على عظيم خطاء الممتنعين المتقاعدين عن قبول أمره عليه السّلام و مزيد تقصيرهم و كبير ذنبهم ما لا يخفى على الفطن الخبير بمحسنات البيان .
أمّا أوّلا فلما مرّ من أنّ النكوص مخصوص بالرّجوع عن الخير أو نادر الاستعمال في الرّجوع عن الشرّ و على التقديرين ففيه دلالة على أنّهم بتقاعدهم قد فوّتوا على أنفسهم الخير الكثير الّذى كان لهم عاجلا و آجلا .
و أمّا ثانيا فإنّ في قوله : عن نصرتك دلالة على أنّهم بقتال القاسطين ناصرون للّه سبحانه كما أنّهم بترك القتال ناكصون عن نصرته ، و اللّه سبحانه يقول إن تنصروا اللّه ينصركم و يثبّت أقدامكم و قال و لينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقوىّ عزيز فلم يكن استنصاره من ضعف و ذلّ بل استنصرهم و له جنود السّماوات و الأرض ليبلوهم أيّهم أحسن عملا و ليعلم اللّه من ينصره و رسله بالغيب فيستوجب بالقتال ثواب الامتثال .
ثمّ في اضافة النّصرة إلى كاف الخطاب إشارة إلى أنّ نصرته عليه السّلام هو نصرة اللّه ، لأنّ إطاعة الرّسول و إطاعة وليّ الأمر هو إطاعة اللّه ، لكونهم مبلّغين عن اللّه و الآمر و النّاهى فى الحقيقة هو اللّه ، و لذلك قرن اللّه طاعتهم بطاعته فى قوله : و أطيعوا اللّه و أطيعوا الرّسول و أولى الأمر منكم بل جعل طاعتهم عين طاعته فى قوله من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه و من تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظا .
روى فى الصّافى عن العياشى عن الباقر عليه السّلام قال : ذروة الأمر و سنامه و مفتاحه
[ 79 ]
و باب الأشياء و رضى الرّحمن الطّاعة للامام بعد معرفته ، ثمّ قال : إنّ اللّه تبارك و تعالى يقول من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه .
فانّ استشهاد الامام عليه السّلام لوجوب طاعة الامام بالآية مفيد لكون طاعته طاعة الرّسول كما أنّ طاعته طاعة اللّه .
و أمّا ثالثا فانّ قوله : و الابطاء عن إعزاز دينك تقريع شديد على المتقاعدين لافادته انّهم بتقاعدهم مذلّون للدين مضيّعون لمسالك الشّرع المبين ، فقد ظهر بما ذكرنا كلّه أنّ فى قوله عليه الصّلاة و السلام تحذيرا عظيما للمتقاعدين .
و اكّد ذلك الغرض بقوله عليه السّلام ( فانّا نستشهدك عليه ) حيث خالف أمرك و ترك نصرتك و أهان دينك ( يا أكبر الشاهدين ) الّذى لا يعزب عنه شىء فى السّماء و الأرض و هو على كلّ شىء شهيد .
( و نستشهد عليه جميع من أسكنته أرضك و سماواتك ) من الملائكة و الانس و الجنّ ليشهدوا يوم الدّين بأنّى ما قصرت و لا فرطت فى تبليغ أمرك إلى المتخاذلين و لكنّهم تولّوا عنه معرضين ( ثمّ أنت البعد ) أى بعد تلك الشّهادة ( المغنى ) لنا ( عن نصره ) إذ بيدك جنود السماوات و الأرض و أنت لما تشاء قدير و فى هذه الفقرة تعظيم لرّب العالمين و استحقار للمتخاذلين ( و الآخذ له بذنبه ) و فيه تحذير عظيم لهم و تهديد شديد من سخطه و عقابه لكونه عزّ و جلّ شديد العقاب و أشدّ بأسا و أشدّ تنكيلا ،
لا يعجزه من طلب ، و لا يفوته من هرب ، نعوذ باللّه من سخطه و غضبه .
الترجمة
از جمله خطب شريفه آن امام أنام عليه السّلام است كه گفته .
بار الها هر كدام بنده از بندگان تو كه شنيد گفتار با عدالت ما را كه ظلم كننده نيست و گفتار اصلاح كننده ما را كه افساد كننده نيست در دين و دنيا ، پس امتناع كرد بعد از شنيدن او مر آنرا مگر از برگشتن از يارى تو ، و تأخير نمودن از اعزاز دين تو ، پس بدرستى كه ما شاهد مىگيريم تو را بر آن شخص أى بزرگترين شاهدها و شاهد ميگيريم تو را و جميع كسانى را كه ساكن فرموده ايشان را در زمين خود
[ 80 ]
و آسمانهاى خود ، پس تو بعد از آن شهادت غنى كننده از يارى او ، و مؤاخذه كننده او را بگناه و معصيت او ، و اللّه الهادي .