جستجو

و من خطبة له ع في المبادرة إلى صالح الأعمال

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 145 ] 63 و من خطبة له ع فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَ اِبْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ وَ تَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ وَ اِسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ وَ كُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا وَ عَلِمُوا أَنَّ اَلدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى وَ مَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ اَلْجَنَّةِ أَوِ اَلنَّارِ إِلاَّ اَلْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ وَ إِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اَللَّحْظَةُ وَ تَهْدِمُهَا اَلسَّاعَةُ لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ اَلْمُدَّةِ وَ إِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ اَلْجَدِيدَانِ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ اَلْأَوْبَةِ وَ إِنَّ قَادِماً يَقْدَمُ بِالْفَوْزِ أَوِ اَلشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ اَلْعُدَّةِ فَتَزَوَّدُوا فِي اَلدُّنْيَا مِنَ اَلدُّنْيَا مَا تُحْرِزُونَ [ تَجُوزُونَ ] بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ نَصَحَ نَفْسَهُ وَ قَدَّمَ تَوْبَتَهُ وَ غَلَبَ شَهْوَتَهُ فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ وَ أَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ وَ اَلشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ يُزَيِّنُ لَهُ اَلْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا وَ يُمَنِّيهِ اَلتَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً وَ أَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى اَلشِّقْوَةِ نَسْأَلُ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ وَ لاَ تُقَصِّرُ [ تَقْتَصِرُوا ] بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ وَ لاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ اَلْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَ لاَ كَآبَةٌ [ 146 ] بادروا آجالكم بأعمالكم أي سابقوها و عاجلوها البدار العجلة و ابتاعوا الآخرة الباقية بالدنيا الفانية الزائلة . و قوله فقد جد بكم أي حثثتم على الرحيل يقال جد الرحيل و قد جد بفلان إذا أزعج و حث على الرحيل . و استعدوا للموت يمكن أن يكون بمعنى أعدوا فقد جاء استفعل بمعنى أفعل كقولهم استجاب له أي أجابه . و يمكن أن يكون بمعنى الطلب كما تقول استطعم أي طلب الطعام فيكون بالاعتبار الأول كأنه قال أعدوا للموت عدة و بمعنى الاعتبار الثاني كأنه قال اطلبوا للموت عدة . و أظلكم قرب منكم كأنه ألقى عليهم ظله و هذا من باب الاستعارة . و العبث اللعب أو ما لا غرض فيه أو ما لا غرض صحيح فيه . و قوله و لم يترككم سدى أي مهملين . و قوله أن ينزل به موضعه رفع لأنه بدل من الموت و الغائب المشار إليه هو الموت . و يحدوه الجديدان يسوقه الليل و النهار و قيل الغائب هنا هو الإنسان يسوقه الجديدان إلى الدار التي هي داره الحقيقية و هي الآخرة و هو في الدنيا غائب على الحقيقة عن داره التي خلق لها و الأول أظهر . و قوله فتزودوا في الدنيا من الدنيا كلام فصيح لأن الأمر الذي به يتمكن المكلف من إحراز نفسه في الآخرة إنما هو يكتسبه في الدنيا منها و هو التقوى و الإخلاص و الإيمان . و الفاء في قوله فاتقى عبد ربه لبيان ماهية الأمر الذي يحرز الإنسان به نفسه [ 147 ] و لتفصيل أقسامه و أنواعه كما تقول فعل اليوم فلان أفعالا جميلة فأعطى فلانا و صفح عن فلان و فعل كذا و قد روي اتقى عبد ربه بلا فاء بتقدير هلا و معناه التحضيض . و قد روي ليسوفها بكسر الواو و فتحها و الضمير في الرواية الأولى يرجع إلى نفسه و قد تقدم ذكرها قبل بكلمات يسيرة و يجوز أن يعنى به ليسوف التوبة كأنه جعلها مخاطبة يقول لها سوف أوقعك و التسويف أن يقول في نفسه سوف أفعل و أكثر ما يستعمل للوعد الذي لا نجاز له و من روى بفتح الواو جعله فعل ما لم يسم فاعله و تقديره و يمنيه الشيطان التوبة أي يجعلها في أمنيته ليكون مسوفا إياها أي يعد من المسوفين المخدوعين . و قوله فيا لها حسرة يجوز أن يكون نادى الحسرة و فتحة اللام على أصل نداء المدعو كقولك يا للرجال و يكون المعنى هذا وقتك أيتها الحسرة فاحضري و يجوز أن يكون المدعو غير الحسرة كأنه قال يا للرجال للحسرة فتكون لامها مكسورة نحو الأصل لأنها المدعو إليه إلا أنها لما كانت للضمير فتحت أي أدعوكم أيها الرجال لتقضوا العجب من هذه الحسرة عظة للحسن البصري و هذا الكلام من مواعظ أمير المؤمنين البالغة و نحوه من كلام الحسن البصري ذكره شيخنا أبو عثمان في البيان و التبيين [ 148 ] ابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا و لا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا و إذا رأيت الناس في الخير فقاسمهم فيه و إذا رأيتهم في الشر فلا تغبطهم عليه البقاء هاهنا قليل و البقاء هناك طويل أمتكم آخر الأمم و أنتم آخر أمتكم و قد أسرع بخياركم فما تنتظرون المعاينة فكأن قد هيهات هيهات ذهبت الدنيا بحاليها و بقيت الأعمال قلائد في الأعناق فيا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة ألا إنه لا أمة بعد أمتكم و لا نبي بعد نبيكم و لا كتاب بعد كتابكم أنتم تسوقون الناس و الساعة تسوقكم و إنما ينتظر بأولكم أن يلحق آخركم من رأى محمدا ص فقد رآه غاديا رائحا لم يضع لبنة على لبنة و لا قصبة على قصبة رفع له علم فسما إليه فالوحى الوحى النجاء النجاء على ما ذا تعرجون ذهب أماثلكم و أنتم ترذلون كل يوم فما تنتظرون . إن الله بعث محمدا على علم منه اختاره لنفسه و بعثه برسالته و أنزل إليه كتابه و كان صفوته من خلقه و رسوله إلى عباده ثم وضعه من الدنيا موضعا ينظر إليه أهل الأرض فآتاه فيها قوتا و بلغة ثم قال لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فركن أقوام إلى غير عيشته و سخطوا ما رضي له ربه فأبعدهم و أسحقهم . يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل قبرك و اعلم أنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك رحم الله امرأ نظر فتفكر و تفكر فاعتبر و اعتبر [ 149 ] فأبصر و أبصر فأقصر فقد أبصر أقوام و لم يقصروا ثم هلكوا فلم يدركوا ما طلبوا و لا رجعوا إلى ما فارقوا . يا ابن آدم اذكر قوله عز و جل وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى‏ بِنَفْسِكَ اَلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً عدل و الله عليك من جعلك حسيب نفسك . خذوا صفوة الدنيا و دعوا كدرها و دعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم ظهر الجفاء و قلت العلماء و عفت السنة و شاعت البدعة لقد صحبت أقواما ما كانت صحبتهم إلا قرة عين لكل مسلم و جلاء الصدور و لقد رأيت أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم من سيئاتكم أن تعذبوا عليها و كانوا مما أحل الله لهم من الدنيا أزهد منكم فيما حرم عليكم منها . ما لي أسمع حسيسا و لا أرى أنيسا ذهب الناس و بقي النسناس لو تكاشفتم ما تدافنتم تهاديتم الأطباق و لم تتهادوا النصائح أعدوا الجواب فإنكم مسئولون إن المؤمن من لا يأخذ دينه عن رأيه و لكن عن ربه ألا إن الحق قد أجهد أهله و حال بينهم و بين شهواتهم و ما يصبر عليه إلا من عرف فضله و رجا عاقبته فمن حمد الدنيا ذم الآخرة و لا يكره لقاء الله إلا مقيم على ما يسخطه إن الإيمان ليس بالتمني و لا بالتشهي و لكن ما وقر في القلوب و صدقته الأعمال . و هذا كلام حسن و موعظة بالغة إلا أنه في الجزالة و الفصاحة دون كلام أمير المؤمنين ع بطبقات [ 150 ] من خطب عمر بن عبد العزيز و من خطب عمر بن عبد العزيز إن لكل سفر زادا لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة فكونوا كمن عاين ما أعد الله تعالى من ثوابه و عقابه فرغبوا و رهبوا و لا يطولن عليكم الأمر فتقسو قلوبكم و تنقادوا لعدوكم فإنه و الله ما بسط من لا يدري لعله لا يصبح بعد إمسائه و لا يمسي بعد إصباحه و ربما كانت بين ذلك خطفات المنايا فكم رأينا و أنتم من كان بالدنيا مغترا فأصبح في حبائل خطوبها و مناياها أسيرا و إنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله و إنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة فأما من لا يبرأ من كلم إلا أصابه جارح من ناحية أخرى فكيف يفرح أعوذ بالله أن أخبركم بما أنهى عنه نفسي فتخيب صفقتي و تظهر عورتي و تبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغني و الفقير و الموازين منصوبة و الجوارح ناطقة لقد عنيتم بأمر لو عنيت به النجوم لانكدرت و لو عنيت به الجبال لذابت أو الأرض لانفطرت أ ما تعلمون أنه ليس بين الجنة و النار منزلة و أنكم صائرون إلى أحدهما . و من خطب عمر بن عبد العزيز أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا و لم تتركوا سدى و إن لكم معادا يبين الله لكم فيه الحكم و الفصل بينكم فخاب و خسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شي‏ء و حرم الجنة التي عرضها السموات و الأرض . [ 151 ] و اعلموا أن الأمان لمن خاف الله و باع قليلا بكثير و فانيا بباق أ لا ترون أنكم في أسلاب الهالكين و سيسلبها بعدكم الباقون حتى ترد إلى خير الوارثين ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا و رائحا إلى الله عز و جل قد قضى نحبه و بلغ أجله تغيبونه في صدع من الأرض ثم تدعونه غير ممهد و لا موسد قد صرم الأسباب و فارق الأحباب و واجه الحساب و صار في التراب غنيا عما ترك فقيرا إلى ما قدم من خطب ابن نباتة و من خطب ابن نباتة الجيدة في ذكر الموت أيها الناس ما أسلس قياد من كان الموت جريره و أبعد سداد من كان هواه أميره و أسرع فطام من كانت الدنيا ظئره و أمنع جناب من أضحت التقوى ظهيره فاتقوا الله عباد الله حق تقواه و راقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه و تأهبوا لوثبات المنون فإنها كامنة في الحركات و السكون بينما ترى المرء مسرورا بشبابه مغرورا بإعجابه مغمورا بسعة اكتسابه مستورا عما خلق له لما يغرى به إذ أسعرت فيه الأسقام شهابها و كدرت له الأيام شرابها و حومت عليه المنية عقابها و أعلقت فيه ظفرها و نابها فسرت فيه أوجاعه و تنكرت عليه طباعه و أظل رحيله و وداعه و قل عنه منعه و دفاعه فأصبح ذا بصر حائر و قلب طائر و نفس غابر في قطب هلاك دائر قد أيقن بمفارقة أهله و وطنه و أذعن بانتزاع روحه عن بدنه حتى إذا تحقق منه اليأس و حل به المحذور و البأس أومأ إلى خاص عواده موصيا لهم بأصاغر أولاده جزعا عليهم من ظفر أعدائه و حساده [ 152 ] و النفس بالسياق تجذب و الموت بالفراق يقرب العيون لهول مصرعه تسكب و الحامة عليه تعدد و تندب حتى تجلى له ملك الموت من حجبه فقضى فيه قضاء أمر ربه فعافه الجليس و أوحش منه الأنيس و زود من ماله كفنا و حصر في الأرض بعمله مرتهنا وحيدا على كثرة الجيران بعيدا على قرب المكان مقيما بين قوم كانوا فزالوا و حوت عليهم الحادثات فحالوا لا يخبرون بما إليه آلوا و لو قدروا على المقال لقالوا قد شربوا من الموت كأسا مرة و لم يفقدوا من أعمالهم ذرة و آلى عليهم الدهر ألية برة ألا يجعل لهم الدنيا كرة كأنهم لم يكونوا للعيون قرة و لم يعدوا في الأحياء مرة أسكتهم الذي أنطقهم و أبادهم الذي خلقهم و سيوجدهم كما خلقهم و يجمعهم كما فرقهم يوم يعيد الله العالمين خلقا جديدا و يجعل الله الظالمين لنار جهنم وقودا يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً