جستجو

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 54 ] 225 وَ قَالَ ع كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً وَ بِحُسْنِ اَلْخُلُقِ نَعِيماً قد تقدم القول في هذين و هما القناعة و حسن الخلق . و كان يقال يستحق الإنسانية من حسن خلقه و يكاد السيئ الخلق يعد من السباع . و قال بعض الحكماء حد القناعة هو الرضا بما دون الكفاية و الزهد الاقتصار على الزهيد أي القليل و هما متقاربان و في الأغلب إنما الزهد هو رفض الأمور الدنيوية مع القدرة عليها و أما القناعة فهي إلزام النفس الصبر عن المشتهيات التي لا يقدر عليها و كل زهد حصل عن قناعة فهو تزهد و ليس بزهد و كذلك قال بعض الصوفية القناعة أول الزهد تنبيها على أن الإنسان يحتاج أولا إلى قدع نفسه و تخصصه بالقناعة ليسهل عليه تعاطي الزهد و القناعة التي هي الغنى بالحقيقة لأن الناس كلهم فقراء من وجهين أحدهما لافتقارهم إلى الله تعالى كما قال يا أَيُّهَا اَلنَّاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ إِلَى اَللَّهِ وَ اَللَّهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ . و الثاني لكثرة حاجاتهم فأغناهم لا محالة أقلهم حاجة و من سد مفاقره بالمقتنيات فما في انسدادها مطمع و هو كمن يرقع الخرق بالخرق و من يسدها بالاستغناء عنها بقدر وسعه و الاقتصار على تناول ضرورياته فهو الغني المقرب من الله سبحانه كما أشار إليه في قصة طالوت إِنَّ اَللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ قال أصحاب المعاني و الباطن هذا إشارة إلى الدنيا [ 55 ] 226 وَ سُئِلَ ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فَقَالَ هِيَ اَلْقَنَاعَةُ لا ريب أن الحياة الطيبة هي حياة الغنى و قد بينا أن الغني هو القنوع لأنه إذا كان الغنى عدم الحاجة فأغنى الناس أقلهم حاجة إلى الناس و لذلك كان الله تعالى أغنى الأغنياء لأنه لا حاجة به إلى شي‏ء و على هذا دل النبي بقوله ص ليس الغنى بكثرة العرض إنما الغنى غنى النفس . و قال الشاعر فمن أشرب اليأس كان الغني و من أشرب الحرص كان الفقيرا و قال الشاعر غنى النفس ما يكفيك من سد خلة فإن زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرا و قال بعض الحكماء المخير بين أن يستغني عن الدنيا و بين أن يستغني بالدنيا كالمخير بين أن يكون مالكا أو مملوكا . و لهذا قال ع تعس عبد الدينار و الدرهم تعس فلا انتعش و شيك فلا انتقش . [ 56 ] و قيل لحكيم لم لا تغتم قال لأني لم أتخذ ما يغمني فقده . و قال الشاعر فمن سره ألا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا و قال أصحاب هذا الشأن القناعة من وجه صبر و من وجه جود لأن الجود ضربان جود بما في يدك منتزعا و جود عما في يد غيرك متورعا و ذلك أشرفهما و لا يحصل الزهد في الحقيقة إلا لمن يعرف الدنيا ما هي و يعرف عيوبها و آفاتها و يعرف الآخرة و افتقاره إليها و لا بد في ذلك من العلم أ لا ترى إلى قوله تعالى قالَ اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَ قالَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اَللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقَّاها إِلاَّ اَلصَّابِرُونَ . و لأن الزاهد في الدنيا راغب في الآخرة و هو يبيعها بها كما قال الله تعالى إِنَّ اَللَّهَ اِشْتَرى‏ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ الآية . و الكيس لا يبيع عينا بأثر إلا إذا عرفهما و عرف فضل ما يبتاع على ما يبيع