جستجو

و من دعاء له ع كان ع يقول إذا لقي العدو محاربا

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و كان يقول عليه السّلام اذا لقى العدو محاربا هذا هو المختار الخامس عشر من باب المختار من كتبه عليه السّلام أللّهمّ إليك أفضت القلوب ، و مدّت الأعناق ، و شخصت الأبصار و نقلت الأقدام ، و أنضيت الأبدان . أللّهمّ قد صرّح مكنون ( مكتوم معا ) الشّنآن ، و جاشت مراجل الأضغان . أللّهمّ إنّا نشكوا إليك غيبة نبيّنا ، و كثرة عدوّنا ، و تشتّت أهوائنا . ربّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين . [ 170 ] مصادره و اسناده بطرق عديدة و مدارك نقله بصور اخرى ممن كانوا قبل الرضى . رواه نصر بن مزاحم المنقري في صفين بإسناده عن عمرو بن شمر ، عن جابر ابن نمير الأنصاري ( ص 256 من الطبع الناصري ) و في نقله زيادة لم يأت بها الرضيّ في النهج و قد نقلنا نسخة نصر كاملة في شرح المختار 236 من باب الخطب ( ص 326 ج 15 ) فلا حاجة إلى نقلها ثانية . و رواه الشيخ الأجلّ المفيد عن الواقدي في الجمل ( ص 165 من طبع النجف ) و قد نقلنا نسخته في شرح المختار الثّاني من باب المختار من كتبه و رسائله ( ص 55 ج 17 ) . و رواه نصر بن مزاحم على وجوه اخرى تقرب ممّا سبق ذكره في كتاب صفين أيضا بطرق عديدة ( ص 118 و 119 من الطبع الناصري ) و هي كمايلي : نصر ، قيس بن الربيع ، عن عبد الواحد بن حسان العجليّ ، عمّن حدّثه ، عن عليّ عليه السّلام أنّه سمع يقول يوم صفين : اللّهمّ إليك رفعت الأبصار ، و بسطت الأيدي ، و دعت الألسن ، و أفضت القلوب ، و تحوكم إليك في الأعمال ، فاحكم بيننا و بينهم بالحقّ و أنت خير الفاتحين ، اللّهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا ، و قلّة عددنا ، و كثرة عدوّنا و تشتّت أهوائنا ، و شدّة الزّمان ، و ظهور الفتن ، أعنّا عليهم بفتح تعجّله ، و نصر تعزّ به سلطان الحقّ و تظهره . نصر ، عمرو بن شمر ، عن عمران ، عن سويد قال : كان عليّ عليه السّلام إذا أراد أن يسير إلى الحرب قعد على دابّته و قال : الحمد للّه ربّ العالمين على نعمه علينا و فضله العظيم ، سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين و إنّا إلى ربّنا منقلبون . ثمّ يوجّه دابّته إلى القبلة ثمّ يرفع يديه إلى السماء ثمّ يقول : اللّهمّ إليك نقلت الأقدام ، و أفضت القلوب ، و رفعت الأيدي ، و شخصت الأبصار ، نشكو إليك غيبة نبيّنا ، و كثرة عدوّنا ، و تشتّت أهوائنا ، ربّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ ، و أنت [ 171 ] خير الفاتحين ، سيروا على بركة اللّه ، ثمّ يورد و اللّه من اتّبعه حياض الموت . نصر ، عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم قال : كان عليّ إذا سار إلى القتال ذكر اسم اللّه حين يركب ثمّ يقول : الحمد اللّه على نعمه علينا و فضله العظيم سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين و إنّا إلى ربّنا لمنقلبون ، ثمّ يستقبل القبلة و يرفع يديه إلى اللّه ثمّ يقول : اللّهمّ إليك نقلت الأقدام ، و اتعبت الأبدان ، و أفضت القلوب ، و رفعت الأيدي ، و شخصت الأبصار ، ربّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين ، سيروا على بركة اللّه ، ثمّ يقول : اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر يا اللّه يا أحد يا صمد يا ربّ محمّد بسم اللّه الرّحمن الرحيم لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم إيّاك نعبد و إيّاك نستعين اللّهم كفّ عنّا بأس الظالمين فكان هذا شعاره بصفّين رضي اللّه عنه . أقول : ما نقلنا عن كتاب صفّين لنصر منقول في البحار أيضا ( ص 101 ج 21 ، و ص 628 ج 8 من الطبع الكمباني ) . و قال السيّد عليّ بن طاووس قدّس سرّه في مهج الدعوات ( ص 138 طبع ايران 1329 ه ) نقلا عن كتاب صفين لعبد العزيز الجلودي الأزدي البصري المتوفّى سنة 332 ه : كان عليّ عليه السّلام إذا سار إلى القتال ذكر اسم اللّه حين يركب و لما قعد على دابّته قال : سبحان الّذي سخّر لنا هذا و ما كنّا له مقرنين و إنّا إلى ربّنا لمنقلبون الحمد للّه على نعمه علينا و فضله العظيم عندنا ، ثمّ استقبل القبلة و رفع يديه و قال : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم اللّهمّ إيّاك نعبد و إيّاك نستعين يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا أحد يا صمد يا إله محمّد إليك نقلت الأقدام و أفضت القلوب ، و شخصت الأبصار ، و مدّت الأعناق ، و طلبت الحوائج ، و رفعت الأيدي ، اللّهمّ افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين ، ثمّ قال : لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر ، ثلاثا . [ 172 ] اللغة « أفضت » بسكون الفاء من الإفضاء ، أفضى فلان إلى فلان : وصل إليه ، و حقيقته أنّه صار في فضائه أي في ساحته ، و في القرآن الكريم : و كيف تأخذونه و قد أفضى بعضكم إلى بعض و أخذن منكم ميثاقا غليظا ( النساء 26 ) . قال الشيخ الجليل أبو عليّ في تفسير المجمع : الإفضاء إلى الشي‏ء الوصول إليه بالملامسة و أصله من الفضاء و هو السعة . و قال المرزوقيّ في شرح الحماسة 249 لعديل بن الفرخ العجليّ : فاوصيكما يا ابنى نزار فتابعا وصيّة مفضي النّصح و الصّدق و الودّ قوله : مفضى النصح أي و اصل نصحه إليكم ، و صائر في فضاء و سعة و المعنى انكشافه و خلوصه ، و في القرآن : و قد أفضى بعضكم إلى بعض . أفضى إلى فلان سرّه ، أو بسرّه : أعلمه به . و قال في منتهى الأرب : الإفضاء راز را با كسى در ميان آوردن . و كلمة أفضت في نسخة خطية من النهج ، و كذا في بعض روايات كتاب صفّين لنصر مشكولة بفتح الفاء و هي و هم و الصواب ما بينّاه . « شخصت الأبصار » أي ارتفعت أجفانها ناظرة إلى عفوك و رحمتك و في رواية من كتاب نصر : اللّهمّ إليك رفعت الأبصار و في رواية اخرى : و رفعت الأيدي و شخصت الأبصار ، كما تقدّمت ، و قد مرّ البحث عن معنى كلمة شخص في شرح المختار الثالث من باب الكتب و الرسائل ( ص 111 ج 17 ) . « و نقلت الأقدام » بالنّون ، و في رواية من كتاب صفين ( ص 256 من الطبع الناصري و قد ذكرناها في شرح المختار 236 من باب الخطب ص 326 ج 15 ) ثقلت بالثاء المثلّثة و لكنها محرّفة لأنّها لا تناسب اسلوب العبارة في المقام على أنّها لا تفيد معنى صحيحا ، إلاّ أن يتكلف في تأويلها غاية التكلّف . « انضيت الأبدان » أي هزلت ، ناقص واوي ، قال عارق الطّائي ( الحماسة 615 ) : [ 173 ] من مبلغ عمرو بن هند رسالة إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد أي إذا حملتها الابال العيس تهزل لبعد المسافة . و قال ابن الأثير في النهاية : في الحديث أنّ المؤمن لينضى شيطانه كما ينضى أحدكم بعيره أي يهزله و يجعله نضوا ، و النضوا الدابّة الّتي أهزلتها الأسفار و أذهبت لحمها . و منه حديث عليّ عليه السّلام كلمات لور كبتم فيهنّ المطيّ لأنضيتموهنّ ، و حديث ابن عبد العزيز انضيتم الظهر أي هزلتموه . « قد صرّح مكنون الشنآن » قوله عليه السّلام : اللّهمّ قد صرّح إلى قوله : مراجل الأضغان ، ليس بمذكور في النسخ الأربع الّتي رواها نصر في صفين ، و كذا في النسخة الّتي رواها المفيد في الجمل عن الواقدي . ثمّ إنّ كلمة صرّح في بعض النسخ مشكولة بضمّ الصّاد و كسر الرّاء المشدّدة و في بعضها بفتح الصاد و ضمّ الراء المخفّفة ، و في نسخة مخطوطة عندنا قوبلت بنسخة الرضي بفتح الصاد و فتح الرّاء المشدّدة و هذا هو الحق ، يقال : صرّح الحقّ عن محضه أي كشف عن خالصه ، مثل في ظهور الأمر غبّ استتاره ، و في صحاح الجوهريّ : و في المثل صرّح الحقّ عن محضه أي انكشف . و في أساس البلاغة للزّمخشري : صرّحت الخمرة : ذهب عنها الزّبد و صرّح النّهار ذهب سحابه و أضاءت شمسه ، قال الطّرمّاح في صفة ذئب . إذا امتلّ يعدو قلت ظلّ طخاءة ذرى الريح في أعقاب يوم مصرّح و في الحماسة : قال شهل بن شيبان الزّماني ( الحماسة 2 ) : فلمّا صرّح الشرّ فأمسى و هو عريان و لم يبق سوى العدوان دنّاهم كما دانوا و قال المرزوقيّ في الشرح : يقال : صرّح الشي‏ء إذا كشف عنه و أظهره ، و صرّح هو إذا انكشف ، و مثله بيّن الشي‏ء و بيّن هو أي تبيّن ، و في المثل « قد بيّن الصّبح لذي عينين » و فعّل بمعنى تفعّل واسع ، يقال وجّه بمعنى توجّه ، و قدّم بمعنى تقدّم ، و نبّه بمعنى تنبّه ، و نكّب بمعنى تنكّب . انتهى [ 174 ] ما أوردنا من نقل كلامه . و قرى‏ء في النسخة الّتي عورضت على نسخة الرضيّ مكنون و مكتوم معا ، و معنى أحدهما قريب من الاخر أي المخفي و المستور و المغطّى و نظائرها يقال : كنّ الشي‏ء من باب نصر إذا ستره في كنّه و أخفاه و غطّاه ، و اليكنّ وقاء كلّ شي‏ء و ستره ، و كتم الشي‏ء من باب نصر أيضا أخفاه و الشنآن : العداوة و البغضاء . « جاشت مراجل الأضغان » جاشت أي غلت ، و المراجل القدور جمع المرجل بمعنى القدر اسم آلة على وزن مفعل ، و الأضعان : الأحقاد جمع الضغن . قال ابن الأثير في النهاية : يقال : فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما ، و الفاتح الحاكم . و في تفسيري المجمع و غرائب القرآن أنّ ابن عبّاس قال : ما كنت أدرى ما الفتح حتّى سمعت بنت سيف بن ذي يزن و قد جرى بيني و بينها كلام فقالت : انطلق افاتحك القاضي أي احاكمك إليه . و في المفردات للراغب : فتح القضيّة فتاحا فصل الأمر فيها و أزال الاغلاق عنها قال تعالى : ربّنا افتح بيننا الخ و منه الفتّاح العليم ، قال الشاعر : و إنّي من فتاحتكم غنيّ . و قيل : الفتاحة بالضمّ و الفتح . انتهى . و قد قال عليه السّلام في الخطبة الّتي خطب بها الناس و رواها الكلينيّ في الكافي ( ص 11 ج 14 من الوافي ) : اللّهمّ فاحكم بيننا بالحقّ و أنت خير الحاكمين . و كذا في خبر دعائم الإسلام الاتي ذكره . الاعراب « إليك » ظرف لغو متعلّق بكلّ واحد من الأفعال الخمسة قدّم توسّعا للظرف و جاز أن يكون لقوله أفضت مفعول محذوف و التقدير اللّهمّ إليك أفضت القلوب سرّها أو بسرّها ، كما علم في بيان اللّغة . « مكنون » أو « مكتوم » مرفوع فاعل لقوله صرّح و قد دريت في بيان اللّغة [ 175 ] أن فعّل بمعنى تفعّل واسع في لغة العرب ، و « مراجل » فاعل لقوله جاشت . « غيبة » منصوبة على المفعوليّة لقوله نشكو . و كلّ واحد من كثرة و تشتّت منصوب معطوف عليها . المعنى قد تظافرت روايات في أنّهم عليهم السّلام كثيرا ما كانوا يدعون بأدعية إذا لقوا العدوّ محاربا ، و كذا عند إرادة القتال كانوا يدعون بأدعية ، كما كانوا يوصون عساكرهم بكلمات من تقوى اللّه ، و إماتة الباطل ، و إحياء معالم الدّين و الوفاء بالأمان ، و دعوة الأعداء إلى الدّين قبل الشروع بالقتال ، و عدم الإبتداء بالقتال و تعاهد الصلاة و الحفظ عليها ، و الخلوص في الجهاد ، و عدم التعرض بالنساء ، و حفظ أعراض الناس ، و تعليم آداب الجهاد و الترغيب فيه و غيرها ممّا لا بدّ للمجاهد في سبيل اللّه من مراعاتها و المحافظة عليها . قال ابن قتيبة الدينوريّ في كتاب الحرب من عيون الأخبار ( ص 123 ج 1 طبع مصر ) : حدّثني محمّد بن عبيد قال : حدّثنا معاوية عن أبي إسحاق ، عن أبي رجاء قال : كان النبيّ صلّى اللّه عليه و اله يقول إذا اشتدّت حلقة البلاء و كانت الضيقة : « تضيّقى تفرّجي » ثمّ يرفع يديه فيقول : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم ، اللّهمّ إيّاك نعبد و إيّاك نستعين ، اللّهمّ كفّ عنّا بأس الّذين كفروا إنّك أشدّ بأسا و أشدّ تنكيلا فما يخفض يديه المباركتين حتّى ينزل اللّه النصر . قال : و حدّثني محمّد بن عبيد ، عن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم أبي نصر مولى عمرو بن عبيد اللّه و كان كاتبا له قال : كتب عبد اللّه بن أبي أوفى حين خرج إلى الحروريّة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله في بعض أيّامه الّتي لقى فيها العدوّ انتظر حتّى مالت الشمس ثمّ قام في النّاس فقال : لا تتمنّوا لقاء العدوّ و اسألوا اللّه العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا و اصبروا و اعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف ثمّ قال : اللّهمّ منزل الكتاب و مجري السحاب و هازم الأحزاب اهزمهم و انصرنا عليهم . [ 176 ] قال : و قال أبو النضر : و بلغنا أنّه دعا في مثل ذلك فقال : اللّهمّ أنت ربّنا و ربّهم و هم عبيدك و نحن عبيدك و نواصينا و نواصيهم بيدك فاهزمهم و انصرنا عليهم . و قال ابن هشام في السيرة : إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لمّا اشرف على خيبر قال لأصحابه : قفوا ثمّ قال : اللّهمّ ربّ السماوات و ما أظللن إلى آخر ما نقلنا عنه في شرح المختار الثاني من باب كتبه عليه السّلام ( ص 50 ج 17 ) قال ابن هشام : و كان صلّى اللّه عليه و اله يقولها لكلّ قرية دخلها . و قال المسعودي في مروج الذهب ( ص 8 ج 2 طبع مصر ) إنّ عليّا عليه السّلام لمّا خرج مع عسكره من مدينة الرسول إلى البصرة فساروا حتّى نزلوا الموضع المعروف بالزاوية صلّى أربع ركعات و عفّر خديّه على التربة و قد خالط ذلك دموعه ثمّ رفع يديه يدعو : اللّهمّ ربّ السماوات و ما أظلّت إلى آخر ما نقلنا عنه في ( ص 50 ج 17 ) أيضا ، و قد بيّنا هناك أنّ كلامه هذا ليس بمذكور في النهج بما ذكرناه هناك فراجع . و في الباب التاسع عشر من كتاب الجهاد من الجامع الكافي للكلينيّ قدّس سرّه عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابن القدّاح ، عن أبيه الميمون ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان إذا أراد القتال قال هذه الدعوات : اللّهمّ إنّك أعلمت سبيلا من سبيلك جعلت فيه رضاك ، و ندبت إليه أولياءك ، و جعلته أشرف سبيلك عندك ثوابا ، و أكرمها لديك مآبا ، و أحبّها إليك مسلكا ، ثمّ اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليك حقّا فاجعلني ممّن اشترى فيه منك نفسه ثمّ وفي لك ببيعه الّذي بايعك عليه غير ناكث و لا ناقض عهدا و لا مبدّلا تبديلا بل استيجابا لمحبّتك و تقرّبا به إليك فاجعله خاتمة عملي و صيّر فيه فناء عمري و ارزقني فيه لك به مشهدا توجب لي به منك الرضا ، و تحطّ به عنّي الخطايا ، و تجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة و العصاة تحت لواء الحقّ و راية [ 177 ] الهدى ماضيا على نصرتهم قدما غير مولّ دبرا ، و لا محدث شكّا ، اللّهمّ و أعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الأهوال ، و من الضعف عند مساورة الأبطال ، و من الذنب المحبط للأعمال فأحجم من شكّ أو أمضى بغير يقين فيكون سعيي في تباب و عملي غير مقبول . أقول : و كلامه هذا أيضا ليس بمذكور في النهج . و في الباب السادس و الأربعين من كتاب الجهاد من مستدرك الوسائل : صاحب الدعائم في شرح الأخبار عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال : لمّا توافق النّاس يوم الجمل خرج عليّ عليه السّلام حتّى وقف بين الصفّين ثمّ رفع يده نحو السماء ثمّ قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، و دعي بالألسن ، يا حسن البلاء ، يا جزيل العطاء احكم بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الحاكمين . و في كتاب صفّين لنصر ( ص 118 من الطبع الناصري ) : الأبيض بن الأغرّ عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ قال : ما كان عليّ في قتال قطّ إلاّ نادى يا كهيعص . ثمّ قال نصر : فحدّثني مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب أنّ عليّا خرج إليهم فاستقبلوه فقال : اللّهم ربّ السقف المحفوظ المكفوف إلى آخر ما نقلناه عن أبي جعفر الطبري في شرح المختار 236 من باب الخطب ( ص 255 ج 15 ) و أتى به الرضيّ في النهج و هو المختار 169 من باب الخطب و بين النسخ الثلاث اختلاف في الجملة . و في مهج الدّعوات لسيّد بن طاووس ( ص 136 طبع ايران 1329 ه ) أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام دعا في يوم الجمل و يروى أنّه دعا بهذا الدّعاء يوم الجمل قبل الواقعة : اللّهمّ إنّي أحمدك و أنت للحمد أهل على حسن صنعك إلىّ و تعطّفك عليّ و على ما وصلتني به من نورك و تداركتني به من رحمتك و أسبغت عليّ من نعمتك فقد اصطنعت عندي يا مولاي ما يحقّ لك به جهدي و شكري لحسن عفوك و بلائك القديم عندي ، و تظاهر نعمائك عليّ ، و تتابع أياديك لديّ ، لم أبلغ إحراز حظّي [ 178 ] و لاصلاح ( إصلاح خ ل ) نفسي و لكنّك يا مولاي بدأتني أولا باحسانك فهديتني لدينك ، و عرّفتني نفسك ، ثبّتّني في اموري كلّها بالكفاية ، و الصّنع لي ، فصرفت عنّي جهد البلاء ، و منعت منّي محذور الأشياء ( القضاء خ ل ) فلست أذكر منك إلاّ جميلا ، و لم أرمنك إلاّ تفضيلا . يا إلهي كم من بلاء و جهد صرفته عنّي و أريتنيه في غيري ، فكم ( و كم خ ل ) من نعمة أقررت بها عيني ، و كم من صنيعة شريفة لك عندي . إلهي أنت الّذي تجيب عند ( في خ ل ) الإضطرار دعوتي ، و أنت الّذي تنفّس عند الغموم كربتي ، و أنت الّذي تأخذلي من الأعداء بظلامتي ، فما وجدتك و لا أجدك بعيدا منّي حين اريدك ، و لا منقبضا عنّي حين أسألك ، و لا معرضا عنّي حين أدعوك . فأنت إلهي أجد صنيعك عندي محمودا ، و حسن بلائك عندي موجودا ، و جميع أفعالك عندي جميلا ، يحمدك لساني و عقلي و جوارحي و جميع ما أقلّت الأرض منّي . يا مولاي أسألك بنورك الّذي اشتققته من عظمتك ، و عظمتك الّتي اشتققتها من مشيّتك ، و أسألك باسمك الّذي علا أن تمنّ عليّ بواجب شكري نعمتك . ربّ ما أحرصني على ما زهّدتني فيه و حثثتني عليه إن لم تعنّي على دنياي بزهد و على آخرتي بتقواى هلكت . ربّ دعتني دواعي الدّنيا من حرث النساء و البنين فأجبتها سريعا ، و ركنت إليها طائعا ، و دعتني دواعي الاخرة من الزهد و الإجتهاد فكبوت لها ، و لم اسارع إليها مسارعتي إلى الحطام الهامد ، و الهشيم البائد ، و السّراب الذاهب عن قليل . ربّ خوّفتني و شوّقتني و احتجبت عليّ فما خفتك حقّ خوفك و أخاف أن أكون قد تثبّطت عن السعي لك ، و تهاونت بشي‏ء من احتجابك ( احتجاجك خ ل ) . اللهمّ فاجعل في هذه الدّنيا سعيي لك و في طاعتك ، و املأ قلبي خوفك ، و حوّل تثبيطي و تهاوني و تفريطي ، و كلّما أخافه من نفسي فرقا منك ، و صبرا على طاعتك ، و عملا به يا ذا الجلال و الإكرام ، و اجعل جنّتي من الخطايا حصينة ، [ 179 ] و حسناتي مضاعفة فانّك تضاعف لمن تشاء . اللّهمّ اجعل درجاتي في الجنان رفيعة ، و أعوذ بك ربّي من رفيع المطعم و المشرب ، و أعوذ بك من شرّ ما أعلم و من شرّ ما لا أعلم ، و أعوذ بك من الفواحش كلّها ما ظهر منها و ما بطن ، و أعوذ بك ربّي أن أشترى الجهل بالعلم كما اشترى غيري أو السفه بالحلم ، أو الجزع بالصبر ، أو الضلالة بالهدى ، أو الكفر بالايمان ، يا ربّ منّ عليّ بذلك فإنّك تتولّى ( تولّى خ ل ) الصالحين و لا تضيع أجر المحسنين و الحمد للّه ربّ العالمين . أقول : و إنّما نقلنا الدّعاء بطوله لأنه من الأدعيّة العالية المضامين كما لا يخفى على المتأمّل و لم يأت به الرضيّ في النهج ، و كم من أدعيّة له عليه السّلام و قد بلغت في الفصاحة و البلاغة درجة رفيعة و مرتبة منيعة غير مذكورة في النهج . و في الباب 46 من كتاب الجهاد من مستدرك الوسائل نقلا عن الجعفريات : أخبرنا عبد اللّه بن محمّد قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : حدّثني موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين عن أبيه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام : إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا لقى العدوّ عبّى الرجال و عبّى الخيل ، و عبّى الإبل ثمّ يقول : اللّهمّ أنت عصمتي و ناصري و مانعي اللّهمّ بك أصول و بك اقاتل . قال : و بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال : لمّا كان يوم خيبر بارزت مرحبا ، فقلت ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله علّمني أن أقوله : اللّهمّ انصرني و لا تنصر عليّ ، اللّهمّ اغلب لي و لا تغلب عليّ ، اللّهمّ تولّني و لا تولّ عليّ ، اللّهمّ اجعلني لك ذاكرا لك شاكرا لك راهبا لك منيبا مطيعا أقتل أعداءك فقتلت مرحبا يومئذ و تركت سلبه و كنت أقتل و لا آخذ السلب . قال : و بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام : أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله دعا يوم الأحزاب : اللّهمّ منزل الكتاب منشر السحاب واضع الميزان أهزم الأحزاب عنّا و ذلّلهم ، و في نسخة : و زلزلهم . [ 180 ] و قال المفيد رحمه اللّه في الإرشاد : ( ص 217 طبع طهران 1377 ه ) روي عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام أنّه قال : لمّا أصبحت الخيل تقبل على الحسين عليه السّلام رفع يديه و قال : اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب ، و أنت رجائي في كلّ شدّة و أنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة و عدّة ، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد و تقلّ فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدوّ أنزلته بك و شكوته إليك رغبة منّي إليك عمّن سواك ففرّجته عنّي و كشفته فأنت وليّ كلّ نعمة و صاحب كلّ حسنة و منتهى كلّ رغبة . و قد قال الشيخ قدّس سرّه إنّ أبا القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قال : حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر ، عن رجل ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص البختريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : كان من دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و اله يوم الأحزاب : اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب و أنت رجائي في كلّ شدّة و أنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة و عدّةكم من كرب يضعف عنه الفؤاد و تقلّ فيه الحيلة و يخذل عنه القريب و يشمت به العدوّ و تعنيني فيه الامور أنزلته بك و شكوته إليك راغبا إليك فيه عمّن سواك ففرّجته شكوته فكفيتنيه فأنت وليّ كلّ نعمة و صاحب كلّ حاجة و منتهى كلّ رغبة لك الحمد كثيرا و لك المنّ فاضلا ، انتهى . فكلام سيد الشهداء في كربلاء مقتبس من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو عليه السّلام تأسّى به صلّى اللّه عليه و اله . كما أنّ أبا عبد اللّه الصّادق عليه السّلام كان يدعو بهذا الدّعاء متأسّيا بجدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد رواه السيد ابن طاووس رحمه اللّه في باب أدعية الصادق عليه السّلام من مهج الدّعوات ( ص 269 ) و نظائر هذه الأدعيّة و الأوراد و الأذكار عن أئمّتنا الطّاهرين عليهم السّلام إذا لقوا العدوّ كثيرة و ما أتينا بها ههنا شرذمة و أنموزجة عن ما رويت عنهم عليهم السّلام و نقل طائفة منها السيد ابن طاووس في مهج الدعوات و في الجوامع الروائية كالبحار و غيرها مذكورة بإسنادها و سلسلة رواتها صفحنا عن نقلها بأسرها لئلا يفضي إلى الإسهاب . [ 181 ] و من كان طالب الأمر السديد و سالك النهج الرشيد يجب له أن يدين اللّه بما أوضحه حماة الدّين و يعبده على سيرة حججه الهادين المهديّين الّذين لا يرى في فعلهم غيّ و لا في منطقهم خطاء فانّهم الحكماء المؤيّدون من عند اللّه و المؤدّبون بتأديبه تعالى لا يرون في جميع أحوالهم سواء في السرّاء و الضرّاء و الشدّة و الرّخاء و العافية و البلاء إلاّ اللّه تعالى ، و لا يرى منهم عمل إلاّ له تعالى فطوبى لمن اقتفى أثرهم و اقتدى بهديهم . قوله عليه السّلام : « إليك أفضت القلوب الخ » قد ذكرنا في أبحاثنا السالفة أنّ الجهاد عبادة و أنّه من أعظم العبادات بل أنّه أشرف الأعمال بعد الإسلام كما هو نصّ ما قاله الأمير عليه السّلام ( باب 15 من كتاب الجهاد من الكافي ص 337 من الطبع على الحجر ) . فلو كانت مشوبة بالرياء لم يتقبّل اللّه و قال عزّ من قائل : « فمن كان يرجوا لقاء ربّه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربّه أحدا » . ثمّ عند إقبال الجهاد يمتحن الرجال و يميّز الخبيث من الطّيب فمن استعدّ له فقد انقاد المولى و ذلّ له . و لمّا كان بين النفس و البدن ارتباط تامّ ، و اتّصال كامل بحيث يتأثّر كلّ واحد منهما عن الاخر كما قدّمنا البحث عنه في شرح المختار 232 من باب الخطب ( ص 53 ج 15 ) و أنّ قوى البدن كلّها جنود للنفس فلا جرم ينقاد البدن للنفس و يحكى أحوالها الطارية لها و إن كان سرّ الحكاية مستورا عنّا فإنّا نعلم علما يقينا أنّ الإنسان إذا تحيّر في أمر أو خجل يطرق رأسه ، و إذا أدرك حقيقة و اطلع على مبهم معضل يحرّكه علوا و سفلا ، و إذا أدركه كمه يحرّكه يمينا و شمالا ، و إذا صدّق أمرا يؤميه إلى قدّامه و إذا أنكره يؤبيه إلى خلفه ، و إذا خاف من شي‏ء ينقبض البدن و تقف القوى عن أعمالها إن كان خوفا شديدا ، أو يدبر و يفرّ إن كان خفيفا ، و إذا غضب على غيره يتسدّل حاجباه و تنقبض ناصيته و تنبسط القوى و تبطش و تقوى على حدّ تخرج الحدقتان محمّرتين و يحمرّ البدن من جهة خروج الدّم إلى ظاهر البدن وقتئذ و إذا تعجّب من أمر يخرج شفته السفلى و يرفع حاجبيه و يخرج حدقتيه ، و إذا تعشق أمرا عرضت له حالة اخرى و قد يستفاد من حركات [ 182 ] اليدين و الحاجبين و العينين و الشفتين رموز و امور لا تحصى و حالات البدن الحاكية أحوال طارية للرّوح لا تكاد تمكن أن تحرّر و إذا تأمّلت في الأحوال المختلفة العارضة للمصلّي في صلاته تنكشف لك أسرار اخرى فانّه في تكبيرة الإحرام يرفع يديه إلى حذاء شحمتي اذنه و يستقبل القبلة ببطون يديه و في قنوته يرفع يديه على وجه آخر مع ذكر خاصّ و في ركوعه يمدّ عنقه مع ذكر خاصّ و يفرّج بين أصابعه و يملا بها ركبتيه ، و في سجوده يضمّها و يجعل رأسه بين كفّيه و هكذا حالاته الاخرى في الصلاة لسنا الان في مقام بيانها و نكتفي بذكر عدّة روايات رواها ثقة الإسلام الكلينيّ رحمه اللّه في الكافي و نقلها الفيض رحمه اللّه في باب الإشارات في الدّعاء من الوافي ( ص 222 ج 5 ) . روى الكلينيّ قدّس سرّه باسناده عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : الرغبة أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السماء ، و الرهبة أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء و قوله : و تبتّل إليه تبتيلا قال : الدّعاء باصبع واحدة تشير بها و التضرّع تشير باصبعيك و تحرّكهما ، و الابتهال رفع اليدين و تمدّهما و ذلك عند الدّمعة ثمّ ادع . و روى عن مروك بيّاع اللؤلؤ عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : ذكر الرغبة و أبرز باطن راحتيه إلى السماء و هكذا الرهبة و جعل ظهر كفّيه إلى السماء و هكذا التضرّع و حرّك أصابعه يمينا و شمالا و هكذا التّبتّل و يرفع أصابعه مرّة و يضعها مرّة و هكذا الابتهال و مدّ يديه ( يده خ ل ) تلقاء وجهه إلى القبلة و لا يبتهل حتى تجري الدّمعة . و روى بإسناده عن العلاء ، عن محمّد قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول : مرّبيّ رجل و أنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : يا أبا عبد اللّه بيمينك فقلت : يا عبد اللّه إنّ للّه تعالى حقّا على هذه كحقّه على هذه و قال : الرغبة تبسط يديك و تظهر باطنهما ، و الرهبة تبسط يديك تظهر ظهرهما ، و التضرّع تحرّك السبابة اليمنى يمينا و شمالا ، و التبتّل تحرّك السبابة اليسرى ترفعها إلى السماء رسلا و تضعها ، و الابتهال تبسط يدك و ذراعك إلى السماء ، و الابتهال حين ترى أسباب البكاء . [ 183 ] و روى عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : سألته عن الدعاء و رفع اليدين فقال : على أربعة أوجه ، أمّا التعوّذ فتستقبل القبلة بباطن كفّيك ، و أمّا الدّعاء في الرزق فتبسط كفّيك و تفضي بباطنهما إلى السماء ، و أمّا التبتّل فإيماؤك باصبعك السبابة ، و أمّا الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك ، و دعاء التضرّع أن تحرّك إصبعك السّبابة ممّا يلي وجهك و هو دعاء الخيفة . و روى عن الخزّاز ، عن محمّد قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى « فما استكانوا لربّهم و ما يتضرّعون » قال : الاستكانة هي الخضوع و التضرّع رفع اليدين و التضرّع بهما . و روى عن محمّد و زرارة قالا : قلنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام : كيف المسألة إلى اللّه تعالى ؟ قال : تبسط كفّيك ، قلنا : كيف الإستعاذة ؟ قال : تفضي بكفّيك ، و التبتّل الإيماء بالإصبع ، و التضرّع تحريك الاصبع ، و الإبتهال أن تمدّ يديك جميعا . أقول : لمّا انجرّ كلامنا إلى هنا أقبلنا شهر رجب المرجّب من سنة ستّ و ثمانين و ثلاثمائة بعد الألف من الهجرة على هاجرها ألف تحيّة و صلاة و سلام ، و قد خلت من الشّهر تسع ليال و هذه ليلة الثلثاء العاشرة منه ، و تذكّرت دعاء كلّ يوم من رجب المرجّب المأثور عن الصادق عليه السّلام رواه المجلسيّ رحمه اللّه في المجلّد العشرين من البحار ( ص 342 من الطبع الكمباني ) قال : و من الدّعوات كلّ يوم من رجب ما ذكره الطّرازي أيضا فقال : دعاء علّمه أبو عبد اللّه عليه السّلام محمّد السجّاد و هو محمّد بن ذكوان يعرف بالسّجّاد قالوا : سجد و بكى في سجوده حتّى عمى . روى أبو الحسن عليّ بن محمّد البرسيّ رضي اللّه عنه قال : أخبرنا الحسين بن أحمد بن شيبان قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلويّ العبّاسي قال : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عمران البرقي ، عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ قال : أخبرني محمّد بن سنان ، عن محمّد السجّاد في حديث طويل قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاء ينفعني اللّه به ، قال : فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : [ 184 ] اكتب : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و قل في كلّ يوم من رجب صباحا و مساء و في أعقاب صلواتك في يومك و ليلتك : « يا من أرجوه لكلّ خير ، و آمن سخطه عند كلّ شرّ ، يا من يعطي الكثير بالقليل ، يا من يعطي من سأله ، يا من يعطي من لم يسأله و من لم يعرفه تحنّنا منه و رحمة أعطني بمسألتي إيّاك جميع خير الدّنيا و جميع خير الاخرة ، و اصرف عنّي بمسألتي إيّاك جميع شرّ الدّنيا و شرّ الاخرة فإنّه غير منقوص ما أعطيت و زدني من فضلك يا كريم » قال : ثمّ مدّ أبو عبد اللّه عليه السّلام يده اليسري فقبض على لحيته و دعا بهذا الدّعاء و هو يلوذ بسبّابته اليمنى ثمّ قال بعد ذلك : « يا ذا الجلال و الاكرام يا ذا المنّ و الطّول حرّم شيبتى على النّار » و في حديث آخر ثمّ وضع يده على لحيته و لم يرفعها إلاّ و قد امتلى ظهر كفّه دموعا . انتهى . فإنّ في قوله : و هو يلوذ بسبّابته اليمنى إشارة إلى التبتّل و التضرّع و الإلتجاء بتحريكها ففي النهاية الأثيريّة يقال : لاذ به يلوذ إذا التجأ إليه و انضمّ و استغاث . و قال الطّريحي في المجمع : و قوله : و تلوذ بسبّابتك أي تتضرّع بسبّابتك بتحريكها . ثمّ إنّ الجهاد يستلزم المتاعب من نصب السفر ، و حمل الأثقال و أوزار الحرب ، و سهر اللّيالي لئلاّ يأتي العدوّ من مكان مخافة أو أمن و غيرها ممّا يقبل للمجاهدين على أنحاء شتّى . و هو عليه السّلام أشار إلى الأوّل بقوله : إليك أفضت القلوب أي إنّ هذه العبادة الّتي هي أشرف الأعمال خالصة لوجهك الكريم ، أو أنّها أفضت إليك بسرّها و إنّما تشكو بثّها و حزنها إليك و دخلت بفنائك و ساحتك و لا تعبد غيرك و لا تعرف إلاّ إيّاك و لا تقرع إلاّ بابك و قدم الظرف للحصر . و إلى الثاني بقوله : و مدّت الأعناق و شخصت الأبصار لما دريت من أنّ قوى البدن جنود للقلب و أنّ البدن يحكي الحالات الطارية عليه فإذا أخلصت القلوب و انقادت له و طارت و وصلت إليه تمدّ الأعناق تبعا للقلوب اظهارا للمذلّة [ 185 ] و العبوديّة و ترفع الأبصار إليها كذلك لا ترى غيرها و لا ترجو الرحمة و الفيض إلاّ من عنده . و إلى الثالث بقوله : و نقلت الأقدام و انضيت الأبدان لأنّ متاعب السفر مستلزم للكلال و الهزال ، و لا يخفى لطائف كلامه عليه السّلام حيث جمع بين الافضاء و الانضاء ، و كذا بين عدّة جوارح البدن . قوله عليه السّلام : « اللّهمّ قد صرّح مكنون الشنآن » بيّن عليه السّلام في كلامه هذا أنّ مقاتليه كانوا يعاندونه و يبغضونه إلاّ أنّهم كانوا لا يظهرون العداوة و البغضاء لعدم استطاعتهم بالإظهار إمّا لوجود النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و إمّا لفقدانهم اعوانا و لما ارتحل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أو وجدوا أعوانا أظهر و هما و سيأتي قوله عليه السّلام في المختار السادس عشر في معانديه : فو الّذي فلق الحبّة و بري‏ء النسمة ما أسلموا و لكن استسلموا و أسرّوا الكفر فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . و قد تظافرت الاثار على أنّ شبل أسد اللّه أبا عبد اللّه الحسين عليه السّلام لمّا احتجّ في الطفّ على شذاذ الأحزاب و نبذة الكتاب بما احتج إلى أن انهى كلامه لهم بقوله : فبم تستحلّون دمي ؟ أجابوه بقولهم : بغضا لأبيك . و إنّما استكنّوا في صدورهم عداوة أمير المؤمنين عليه السّلام لما رأوا منه في بدر و احد و غيرهما من المواطن و قد مضى في الكتاب العاشر قوله عليه السّلام لمعاوية : فأنا أبو حسن قاتل جدّك و خالك و أخيك شدخا يوم بدر الخ ، و ناهيك في ذلك عمل يزيد برأس ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إبرازا للعداة المستجنّة في صدره حيث دعا بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين و جعل يتمثّل بأبيات عبد اللّه بن الزبعري و أضاف بعض أشعاره إليها فقال : ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلّوا و استهلّوا فرحا ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل فقتلنا الضّعف من أشرافهم و عدلنا ميل بدر فاعتدل لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحى نزل [ 186 ] لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل و قيل : إنّه قالها بعد وقعة الحرّة بدليل قوله : جزع الخزرج فانّ المراد من الخزرج الأنصار كانوا في المدينة لأنّ الأنصار كانوا من قبيلتيّ الأوس و الخزرج و قد قتل الأنصار في وقعة الحرة ، و أن الأبيات ليزيد نفسه قالها على وزن أبيات ابن الزّبعري ، و لكنّه و هم و قد قال المبرّد في الكامل ( ص 257 ج 2 طبع مصر ) : قال ابن الزبعري في يوم احد : ليت أشياخي الخ . و كذا قال ابن هشام في السيرة النبويّة ( ص 136 ج 2 طبع مصر 1375 ه ) إنّ ابن الزبعري قال في يوم احد : ليت أشياخي الخ ، و قد أتى بستّة عشر بيتا قالها ابن الزبعري في ذلك اليوم ثمّ بعده نقل خمسة عشر بيتا قالها حسّان بن ثابت الأنصاريّ ردّا على ابن الزبعري و قد استشهد باحد من الانصار اثنا عشر رجلا كما قال ابن هشام في السيرة ( ص 122 ج 2 ) و لذا قال ابن الزبعريّ : جزع الخزرج . بيان : قوله : و عدلنا ميل بدر فاعتدل ، يعني أنّ أشياخهم الكافرين لمّا قتلوا في بدر بأيدي المسلمين صار قتلهم سببا لإعوجاج أمرهم و شأنهم و مازال كان معوّجا حتّى أنّ من بقى منهم قتلوا جماعة من المسلمين في احد فاستقام أمرهم أي اعتدل الميل و الإعوجاج . و قال أبو عليّ القالي في الأمالي ( ص 142 ج 1 طبع مصر 1344 ه ) : قال يعقوب بن السّكّيت : العرب تقول : لاقيمنّ ميلك و جنفك و دراك و صغاك و صدغك و قذلك و ضلعك كلّه بمعنى واحد ، يقال : ضلع فلان مع فلان أي ميله ، و قال غيره : فأمّا الضّلع فخلقة تكون في الإنسان ، و قرأت على أبي بكر بن دريد لأبي كبير الهذليّ : نضع السّيوف على طوائف منهم فنقيم منهم ميل ما لم يعدل الطّوائف : النّواحي : الأيدي و الأرجل و الرّؤوس ، و قوله : ميل ما لم يعدل ، قال : ميله فضله و زيادته ، و إنّما يريد أنّ هؤلاء القوم كانوا غزوهم فقتلوهم فكأنّ ذلك القتل ميل على هؤلاء القوم ، ثمّ إنّ هؤلاء القوم المقتولين [ 187 ] غزوهم بعد فقتلوهم فكأنّ قتلهم لهم قيام ( إقامة ظ ) للميل ، و هذا كقول ابن الزّبعرى : و أقمنا ميل بدر فاعتدل يقولها في يوم احد ، يقول : اعتدل ميل بدر إذ قتلنا مثلهم يوم احد . انتهى . أقول : ما أفاد القالي يرجع بالدّقيق من النظر إلى المعنى الّذي تبادر إليه ذهننا أوّلا ، ثمّ إنّ البيت قد نقل هكذا : قد قتلنا القرم من ساداتهم و قتلناه ببدر فاعتدل و لكنّ المصراع الثّاني محرّف ، و الصواب ما اخترناه و هو الّذي أتى به ابن هشام في السيرة النبويّة و القالي في الأمالي . قوله عليه السّلام : « و جاشت مراجل أضغانهم » شبّه صدورهم بالقدور و بيّن أنّها أكنان الأضغان أي إنّ مظروفها الأحقان الكامنة الواغرة فيها في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قبل وجدان الأعوان و قد غلت الان بما تيسّر لهم ممّا هي كالنّار الموقدة المغلية لها . قوله : عليه السّلام : « اللّهم إنّا نشكوا إليك غيبة نبيّنا و كثرة عدوّنا و تشتّت أهوائنا » لمّا كان القوم لم يقدروا في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله على إظهار الضغائن و إبراز السرائر و تشتّت الأهواء و بموته اصطلحوا على الشقاق و النفاق و المعاداة على كلمة اللّه العليا و حجّته على عباده و افتراق الكلمة شكى عليه السّلام بلسانه و لسان تابعيه إليه تعالى غيبة نبيّه . قوله عليه السّلام : « ربّنا افتح الخ » ثمّ انقطع إلى اللّه تعالى و التجأ إليه و استغاث منه فسأله عن نفسه و عن أتباعه أن يحكم بينه و تابعيه و بين أعدائهم بالحقّ و إن كان عالما بأنّ اللّه سيفعله إلاّ أنّه استفتح استنصارا من اللّه و رغبة منه إليه تعالى و إخبارا عن نفسه بأنّه على الطريقة المثلى و عن أعدائه بأنّهم على العمياء و أنّهم فريق حقّ عليهم الضلالة . [ 188 ] ثمّ إنّه عليه السّلام طلب من اللّه تعالى أن يفرق بينه و بين أعدائه و يبعدهم عنه و يفصل بينهما لما دريت من أنّ الفتح هو الفصل فإذا حكم بينهما بالفصل يميز الطيب من الخبيث و الحقّ من بالباطل و عند ذلك يفتضح الباطل و يحلّ إلى دار البوار فكأنّ هذا القول دعاء عليهم و المراد أنّه عليه السّلام دعا عليهم أن ينزل اللّه عليهم عذابا يدلّ على كونهم مبطلين و على أنّه عليه السّلام و قومه محقّين ، و لم يصرّح في كلامه هذا أن أيّهما على الحقّ و أيّ فريق على الباطل بل أبهم في ذلك لأنّه أدلّ على المقصود و أشدّ في تبكيت الخصم و أوفق باسلوب المحاورة . و هذا الكلام اقتباس من القرآن العظيم حكاه اللّه تعالى عن نبيّه شعيب صلوات اللّه عليه مع قومه حيث قال عزّ من قائل : قال الملاُ الّذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب و الّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنَّ في ملّتنا قال أو لو كنّا كارهين قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجيّنا اللّه منها و ما يكون لنا أن نعود فيها إلاّ أن يشاء اللّه ربّنا وسع ربّنا كلّ شي‏ء علماً على اللّه توكّلنا ربّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين ( الأعراف 88 و 89 ) . و يعجبني في المقام نقل خطبة من عبد اللّه بن عبّاس رحمه اللّه فانّه أجاد بما أفاد و نطق بالحقّ و هدى إلى الرشاد و السداد و أوصى وصيّة مفضي النّصح و الصّدق و الوداد نقلها نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ( ص 164 من الطبع الناصري ) قال نصر قال عمر حدّثني خالد بن عبد الواحد الجزري قال : حدّثني من سمع عمرو بن العاص قبل الوقعة العظمى بصفّين و هو يحرّض أصحابه بصفّين فقام محنيا على قوس فقال و بعد ما نقل قول عمرو بن العاص قال : ثمّ قام عبد اللّه بن العبّاس خطيبا فقال : الحمد للّه ربّ العالمين الّذي دحى تحتنا سبعا و سمك فوقنا سبعا ثمّ خلق فيما بينهنّ خلقا ، و أنزل لهم فيها رزقا ، ثمّ جعل كلّ شي‏ء يبلى و يفنى غير وجهه الحيّ القيّوم الّذي يحيى و يبقى ، ثمّ إنّ اللّه بعث أنبياء و رسلا فجعلهم حججا على عباده عذرا و نذرا ، لا يطاع إلاّ بعلمه و إذنه يمنّ بالطاعة على من يشاء من عباده ثمّ يثيب عليها ، و يعصى فيعفو و يغفر بحمله ، لا يقدّر قدره ، و لا يبلغ شي‏ء مكانه ، [ 189 ] أحصى كلّ شي‏ء عددا و أحاط بكلّ شي‏ء علما . ثمّ إنّي أشهد أنّ لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه إمام الهدى و النبيّ المصطفى و قد ساقنا قدر اللّه إلى ما قد ترون حتّى كان فيما اضطرب من حبل هذه الامّة و انتشر من أمرها أنّ ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعوانا على عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللّه و صهره و أوّل ذكر صلّى معه بدريّ ، قد شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه كلّ مشاهدة الّتي فيها الفضل و معاوية و أبو سفيان مشركان يعبدان الأصنام . و اعلموا و اللّه الّذي ملك الملك وحده فبان به و كان أهله لقد قاتل عليّ بن أبي طالب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عليّ يقول : صدق اللّه و رسوله و معاوية و أبو سفيان يقولان : كذب اللّه و رسوله ، فما معاوية في هذه بأبرّ و لا أتقى و لا أرشد و لا أصوب منه في تلكم ، فعليكم بتقوى اللّه و الجدّ و الحزم و الصبر ، و اللّه إنّكم لعلى الحقّ ، و إنّ القوم لعلى الباطل فلا يكوننّ أولى بالجدّ في باطلهم منكم في حقكم . أما و اللّه إنّا لنعلم أنّ اللّه سيعذّبهم بأيديكم أو بأيدي غيركم ، اللّهمّ ربّنا أعنّا و لا تخذلنا و انصرنا على عدوّنا و لا تخل عنّا و افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين ، و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته أقول قولي و أستغفر اللّه لي و لكم . الترجمة أمير المؤمنين عليه السّلام با دشمن كارزار كننده روبرو ميشد ميگفت : بار خدايا دلهاى ما بسوى تو كوچ كرده و در كوى تو آرميده است و گردنها در بندگى تو كشيده شده و چشمها بروى تو گشوده گشت و پاها بجانب تو رهسپار شده و بدنها در راه تو نزار گرديده است ، بار خدايا دشمنان ما دشمنيهاى ديرينه را آشكار كردند و سينه‏هايشان كه آكنده از كينه بود چون ديك بجوش آمد ، بار خدايا از نبودن پيغمبر خود و بسيارى دشمنان و پراكندگى و اختلاف انديشه‏هايشان بتو شكايت آوريم [ 190 ] ( كه قوم از نبودن پيغمبر ميدان گرفتند و در پى اظهار دشمنى نهفته و ابراز كينه نهاني بر آمدند . مهر درخشنده چو پنهان شود شب پره بازى‏گر ميدان شود ) پروردگار ما ميان ما و اين گروه بحق حكم بفرما ( تا محق از مبطل براى همه آشكار شود ) كه تو بهترين حكم كنندگانى .