جستجو

و من كلام له ع في شأن الحكمين و ذم أهل الشام

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 309 ] 242 و من خطبة له ع في شأن الحكمين و ذم أهل الشام جُفَاةٌ طَغَامٌ وَ عَبِيدٌ أَقْزَامٌ جُمِعُوا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَ تُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَقَّهَ وَ يُؤَدَّبَ وَ يُعَلَّمَ وَ يُدَرَّبَ وَ يُوَلَّى عَلَيْهِ وَ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهِ لَيْسُوا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ لاَ مِنَ اَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا اَلدَّارَ وَ اَلْإِيمَانَ أَلاَ وَ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَقْرَبَ اَلْقَوْمِ مِمَّا تُحِبُّونَ يُحِبُّونَ وَ إِنَّكُمُ اِخْتَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ أَقْرَبَ اَلْقَوْمِ مِمَّا تَكْرَهُونَ وَ إِنَّمَا عَهْدُكُمْ بِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ قَيْسٍ بِالْأَمْسِ يَقُولُ إِنَّهَا فِتْنَةٌ فَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَ شِيمُوا سُيُوفَكُمْ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَقَدْ أَخْطَأَ بِمَسِيرِهِ غَيْرَ مُسْتَكْرَهٍ وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَقَدْ لَزِمَتْهُ اَلتُّهَمَةُ اَلتُّهْمَةُ فَادْفَعُوا فِي صَدْرِ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ بِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ وَ خُذُوا مَهَلَ اَلْأَيَّامِ وَ حُوطُوا قَوَاصِيَ اَلْإِسْلاَمِ أَ لاَ تَرَوْنَ إِلَى بِلاَدِكُمْ تُغْزَى وَ إِلَى صَفَاتِكُمْ تُرْمَى جفاة جمع جاف أي هم أعراب أجلاف و الطغام أوغاد الناس الواحد و الجمع فيه سواء . و يقال للأشرار و اللئام عبيد و إن كانوا أحرارا . [ 310 ] و الأقزام بالزاي رذال الناس و سفلتهم و المسموع قزم الذكر و الأنثى و الواحد و الجمع فيه سواء لأنه في معنى المصدر قال الشاعر و هم إذا الخيل جالوا في كتائبها فوارس الخيل لا ميل و لا قزم و لكنه ع قال أقزام ليوازن بها قوله طغام و قد روي قزام و هي رواية جيدة و قد نطقت العرب بهذه اللفظة و قال الشاعر أحصنوا أمهم من عبدهم تلك أفعال القزام الوكعه و جمعوا من كل أوب أي من كل ناحية . و تلقطوا من كل شوب أي من فرق مختلطة . ثم وصف جهلهم و بعدهم عن العلم و الدين فقال ممن ينبغي أن يفقه و يؤدب أي يعلم الفقه و الأدب و يدرب أي يعود اعتماد الأفعال الحسنة و الأخلاق الجميلة . و يولى عليه أي لا يستحقون أن يولوا أمرا بل ينبغي أن يحجر عليهم كما يحجر على الصبي و السفيه لعدم رشده و روي و يولى عليه بالتخفيف و يؤخذ على يديه أي يمنع من التصرف . قوله ع و لا الذين تبوءوا الدار و الإيمان ظاهر اللفظ يشعر بأن الأقسام ثلاثة و ليست إلا اثنين لأن الذين تبوءوا الدار و الإيمان الأنصار و لكنه ع كرر ذكرهم تأكيدا و أيضا فإن لفظة الأنصار واقعة على كل من كان من الأوس و الخزرج الذين أسلموا على عهد رسول الله ص و الذين تبوءوا الدار [ 311 ] و الإيمان في الآية قوم مخصوصون منهم و هم أهل الإخلاص و الإيمان التام فصار ذكر الخاص بعد العام كذكره تعالى جبريل و ميكائيل ثم قال وَ اَلْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ و هما من الملائكة و معنى قوله تبوءوا الدار و الإيمان سكنوهما و إن كان الإيمان لا يسكن كما تسكن المنازل لكنهم لما ثبتوا عليه و اطمأنوا سماه منزلا لهم و متبوأ و يجوز أن يكون مثل قوله و رأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا و رمحا ثم ذكر ع أن أهل الشام اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما يحبونه و هو عمرو بن العاص و كرر لفظة القوم و كان الأصل أن يقول ألا و إن القوم اختاروا لأنفسهم أقربهم مما يحبون فأخرجه مخرج قول الله تعالى وَ اِتَّقُوا اَللَّهَ إِنَّ اَللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ اَلصُّدُورِ و الذي يحبه أهل الشام هو الانتصار على أهل العراق و الظفر بهم و كان عمرو بن العاص أقربهم إلى بلوغ ذلك و الوصول إليه بمكره و حيلته و خدائعه و القوم في قوله ثانيا أقرب القوم بمعنى الناس كأنه قال و اخترتم لأنفسكم أقرب الناس مما تكرهونه و هو أبو موسى الأشعري و اسمه عبد الله بن قيس و الذي يكرهه أهل العراق هو ما يحبه أهل الشام و هو خذلان عسكر العراق و انكسارهم و استيلاء أهل الشام عليهم و كان أبو موسى أقرب الناس إلى وقوع ذلك و هكذا وقع لبلهه و غفلته و فساد رأيه و بغضه عليا ع من قبل . ثم قال أنتم بالأمس يعني في واقعة الجمل قد سمعتم أبا موسى ينهى أهل الكوفة [ 312 ] عن نصرتي و يقول لهم هذه هي الفتنة التي وعدنا بها فقطعوا أوتار قسيكم و شيموا سيوفكم أي أغمدوها فإن كان صادقا فما باله سار إلي و صار معي في الصف و حضر حرب صفين و كثر سواد أهل العراق و إن لم يحارب و لم يسل السيف فإن من حضر في إحدى الجهتين و إن لم يحارب كمن حارب و إن كان كاذبا فيما رواه من خبر الفتنة فقد لزمته التهمة و قبح الاختلاف إليه في الحكومة و هذا يؤكد صحة إحدى الروايتين في أمر أبي موسى فإنه قد اختلفت الرواية هل حضر حرب صفين مع أهل العراق أم لا فمن قال حضر قال حضر و لم يحارب و ما طلبه اليمانيون من أصحاب علي ع ليجعلوه حكما كالأشعث بن قيس و غيره إلا و هو حاضر معهم في الصف و لم يكن منهم على مسافة و لو كان على مسافة لما طلبوه و لكان لهم فيمن حضر غناء عنه و لو كان على مسافة لما وافق علي ع على تحكيمه و لا كان علي ع ممن يحكم من لم يحضر معه . و قال الأكثرون إنه كان معتزلا للحرب بعيدا عن أهل العراق و أهل الشام . فإن قلت فلم لا يحمل قوله ع فإن كان صادقا فقد أخطأ بسيره غير مستكره على مسيره إلى أمير المؤمنين ع و أهل العراق حيث طلبوه ليفوضوا إليه أمر الحكومة قلت لو حملنا كلامه ع على هذا لم يكن لازما لأبي موسى و كان الجواب عنه هينا و ذلك لأن أبا موسى يقول إنما أنكرت الحرب و ما سرت لأحارب و لا لأشهد الحرب و لا أغري بالحرب و إنما سرت للإصلاح بين الناس و إطفاء نائرة الفتنة فليس يناقض ذلك ما رويته عن الرسول من خبر الفتنة و لا ما قلته في الكوفة في واقعة الجمل قطعوا أوتار قسيكم . [ 313 ] قوله ع فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد الله بن العباس يقال لمن يرام كفه عن أمر يتطاول له ادفع في صدره و ذلك لأن من يقدم على أمر ببدنه فيدفع دافع في صدره حقيقة فإنه يرده أو يكاد فنقل ذلك إلى الدفع المعنوي . قوله ع و خذوا مهل الأيام أي اغتنموا سعة الوقت و خذوه مناهبة قبل أن يضيق بكم أو يفوت . قوله ع و حوطوا قواصي الإسلام ما بعد من الأطراف و النواحي . ثم قال لهم أ لا ترون إلى بلادكم تغزى هذا يدل على أن هذه الخطبة بعد انقضاء أمر التحكيم لأن معاوية بعد أن تم على أبي موسى من الخديعة ما تم استعجل أمره و بعث السرايا إلى أعمال أمير المؤمنين علي ع . و تقول قد رمى فلان صفاة فلان إذا دهاه بداهية قال الشاعر و الدهر يوتر قوسه يرمي صفاتك بالمعابل و أصل ذلك الصخرة الملساء لا يؤثر فيها السهام و لا يرميها الرامي إلا بعد أن نبل غيرها يقول قد بلغت غارات أهل الشام حدود الكوفة التي هي دار الملك و سرير الخلافة و ذلك لا يكون إلا بعد الإثخان في غيرها من الأطراف فصل في نسب أبي موسى و الرأي فيه عند المعتزلة و نحن نذكر نسب أبي موسى و شيئا من سيرته و حاله نقلا من كتاب الإستيعاب لابن عبد البر المحدث و نتبع ذلك بما نقلناه من غير الكتاب المذكور قال ابن عبد البر هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضارة بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عامر [ 314 ] بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر و هو نبت بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان و أمه امرأة من عك أسلمت و ماتت بالمدينة و اختلف في أنه هل هو من مهاجرة الحبشة أم لا و الصحيح أنه ليس منهم و لكنه أسلم ثم رجع إلى بلاد قومه فلم يزل بها حتى قدم هو و ناس من الأشعريين على رسول الله ص فوافق قدومهم قدوم أهل السفينتين جعفر بن أبي طالب و أصحابه من أرض الحبشة فوافوا رسول الله ص بخيبر فظن قوم أن أبا موسى قدم من الحبشة مع جعفر . و قيل إنه لم يهاجر إلى الحبشة و إنما أقبل في سفينة مع قوم من الأشعريين فرمت الريح سفينتهم إلى أرض الحبشة و خرجوا منها مع جعفر و أصحابه فكان قدومهم معا فظن قوم أنه كان من مهاجرة الحبشة . قال و ولاه رسول الله ص من مخاليف اليمن زبيد و ولاه عمر البصرة لما عزل المغيرة عنها فلم يزل عليها إلى صدر من خلافة عثمان فعزله عثمان عنها و ولاها عبد الله بن عامر بن كريز فنزل أبو موسى الكوفة حينئذ و سكنها فلما كره أهل الكوفة سعيد بن العاص و دفعوه عنها ولوا أبا موسى و كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه فأقره على الكوفة فلما قتل عثمان عزله علي ع عنها فلم يزل واجدا لذلك على علي ع حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه فقد روى حذيفة فيه كلاما كرهت ذكره و الله يغفر له . قلت الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبد البر و لم يذكره قوله فيه و قد ذكر عنده بالدين أما أنتم فتقولون ذلك و أما أنا فأشهد أنه عدو لله و لرسوله و حرب لهما في الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم [ 315 ] سوء الدار و كان حذيفة عارفا بالمنافقين أسر إليه رسول الله ص أمرهم و أعلمه أسماءهم . و روي أن عمارا سئل عن أبي موسى فقال لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما سمعته يقول صاحب البرنس الأسود ثم كلح كلوحا علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط . و روي عن سويد بن غفلة قال كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان فروى لي خبرا عن رسول الله ص قال سمعته يقول إن بني إسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضلا و أضلا من اتبعهما و لا ينفك أمر أمتي حتى يبعثوا حكمين يضلان و يضلان من تبعهما فقلت له احذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما قال فخلع قميصه و قال أبرأ إلى الله من ذلك كما أبرأ من قميصي هذا . فأما ما تعتقده المعتزلة فيه فأنا أذكر ما قاله أبو محمد بن متويه في كتاب الكفاية قال رحمه الله أما أبو موسى فإنه عظم جرمه بما فعله و أدى ذلك إلى الضرر الذي لم يخف حاله و كان علي ع يقنت عليه و على غيره فيقول اللهم العن معاوية أولا و عمرا ثانيا و أبا الأعور السلمي ثالثا و أبا موسى الأشعري رابعا روي عنه ع أنه كان يقول في أبي موسى صبغ بالعلم صبغا و سلخ منه سلخا . قال و أبو موسى هو الذي روى عن النبي ص أنه قال كان في [ 316 ] بني إسرائيل حكمان ضالان و سيكون في أمتي حكمان ضالان ضال من اتبعهما . و أنه قيل له أ لا يجوز أن تكون أحدهما فقال لا أو كلاما ما هذا معناه فلما بلي به قيل فيه البلاء موكل بالمنطق و لم يثبت في توبته ما ثبت في توبة غيره و إن كان الشيخ أبو علي قد ذكر في آخر كتاب الحكمين أنه جاء إلى أمير المؤمنين ع في مرض الحسن بن علي فقال له أ جئتنا عائدا أم شامتا فقال بل عائدا و حدث بحديث في فضل العيادة . قال ابن متويه و هذه أمارة ضعيفة في توبته . انتهى كلام ابن متويه و ذكرته لك لتعلم أنه عند المعتزلة من أرباب الكبائر و حكمه حكم أمثاله ممن واقع كبيرة و مات عليها . قال أبو عمر بن عبد البر و اختلف في تاريخ موته فقيل سنة اثنتين و أربعين و قيل سنة أربع و أربعين و قيل سنة خمسين و قيل سنة اثنتين و خمسين . و اختلف في قبره فقيل مات بمكة و دفن بها و قيل مات بالكوفة و دفن بها