متن
ترجمه آیتی
ترجمه شهیدی
ترجمه معادیخواه
تفسیر منهاج البرائه خویی
تفسیر ابن ابی الحدید
تفسیر ابن میثم
و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و الخامس و التسعون من المختار فى باب الخطب
بعثه حين لا علم قائم ، و لا منار ساطع ، و لا منهج واضح .
أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه ، و أحذّركم الدّنيا فإنّها دار شخوص ،
و محلّة تنغيص ، ساكنها ظاعن ، و قاطنها بائن ، تميد بأهلها ميدان السّفينة بأهلها ، تقصفها العواصف في لجج البحار ، فمنهم الغرق الوبق ،
و منهم النّاجي على متون الأمواج ، تحفزه الرّياح بأذيالها ، و تحمله على أهوالها ، فما غرق منها فليس بمستدرك ، و ما نجى منها فإلى مهلك .
عباد اللّه الان فاعملوا و الألسن مطلقة ، و الأبدان صحيحة ،
و الأعضاء لدنة ، و المنقلب فسيح ، و المجال عريض ، قبل إرهاق الفوت ، و حلول الموت ، فحقّقوا عليكم نزوله ، و لا تنتظروا قدومه .
[ 208 ]
اللغة
( العلم ) محرّكة ما ينصب فى الطريق ليهتدى به و يقال أيضا للجبل أو الجبل المرتفع و الجمع أعلام و ( المنار ) موضع النور و المسرجة كالمنارة و أصلها منورة و جمعه مناور و ذو المنار أبرهة تبّع بن الرّايش لأنّه أوّل من ضرب المنار على طريقه في مغازيه ليهتدى به إذا رجع .
و ( سطع ) الشيء من باب منع سطوعا ارتفع و ( شخص ) من باب منع أيضا شخوصا خرج من موضع إلى غيره و ( نغص ) الرّجل من باب فرح لم يتمّ مراده ،
و البعير لم يتمّ شربه و أنغص اللّه عليه العيش و نغّصه كدّره فتنغّصت معيشته تكدّرت .
و ( قصفه ) يقصفه قصفا كسره ، و في بعض النّسخ تصفقها بدل تقصفها من الصّفق و هو الضّرب يسمع له صوت ، و منه صفق يده على يده صفقا و صفقة أى ضرب يده على يده ، و ذلك عند وجوب البيع .
و ( اللّجج ) جمع لجّة و هي معظم البحر و ( غرق ) غرقا من باب فرح فهو غرق و ( وبق ) من باب وعد و وجل و ورث و بوقا و موبقا هلك فهو وبق و ( حفزه ) يحفزه من باب ضرب دفعه من خلفه و بالرّمح طعنه و عن الأمر أزعجه و أعجله و حفز اللّيل النّهار ساقه و ( اللّدن ) و اللّدنة اللّين من كلّ شيء و الجمع لدان ولدن بالضمّ ، و الفعل لدن من باب كرم لدانة ولدونة أى لان و ( رهقه ) من باب فرح غشيه و لحقه أو دنا منه سواء أخذه أو لم يأخذه ، و الارهاق أن يحمل الانسان على ما لا يطيقه .
الاعراب
جملة تحفزه في محلّ النّصب على الحال من النّاجي ، و قوله : فالى مهلك
[ 209 ]
متعلّق بمقدّر خبر ما ، و قوله : الآن ، منصوب على الظّرف مقدّم على عامله و هو قوله : فاعلموا ، و جملة : و الألسن مطلقة ، مع الجملات الأربع التّالية في موضع النّصب حال من فاعل فاعملوا ، و قوله : قبل ارهاق الفوت ، يجوز تعلّقه بعريض و بقوله فاعلموا ، و الأوّل أقرب لفظا ، و الثاني أنسب معنا .
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة للوصيّة بالتّقوى و التنفير من الدّنيا بذكر معايبها المنفرة عنها و للأمر بالأعمال الصّالحة و المبادرة إليها قبل لحوق الفوت و نزول الموت ، و قبل أن يشرع في الغرض افتتح بذكر بعثة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله لكونها أعظم ما منّ اللّه به على عباده حيث إنّها مبدء جميع الآلآء و النّعماء في الآخرة ، و منشأ السعادة الدّائمة فقال عليه السّلام :
( بعثه حين لا علم ) من أعلام الدّين ( قائم ) و استعاره للأنبياء و المرسلين لأنّه يستدلّ بهم في سلوك طريق الآخرة كما يستدلّ بالأعلام في طرق الدّنيا ( و لا منار ) للشّرع المبين ( ساطع ) استعاره لأولياء الدّين و قادة اليقين لأنّه يهتدى بهم و يقتبس من علومهم و أنوارهم في ظلمات الجهالة كما يهتدى بالمنار في ورطات الضلالة .
و أشار بعدم سطوع المنار و قيام العلم إلى خلوّ الأرض من الرّسل و الحجج و انقطاع الوحى حين بعثه صلّى اللّه عليه و آله ، لأنّه كان زمان فترة كما قال عليه السّلام في الخطبة الثامنة و الثمانين : أرسله على حين فترة من الرّسل و طول هجعة من الامم « إلى قوله » و الدّنيا كاسفة النّور ظاهرة الغرور ، و قد مضى في شرحها ما ينفعك المراجعة إليه في هذا المقام .
( و لا منهج ) لليقين ( واضح ) و أشار به إلى اندراس نهج الحقّ و انطماس طريق السّلوك إلى اللّه و كون النّاس في خبط و ضلالة و غفلة و جهالة .
[ 210 ]
ثمّ شرع بالوصيّة بالتقوى و التّحذير من الدّنيا فقال ( اوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه ) فانّها اليوم الحرز و الجنّة و غدا الطريق إلى الجنّة ( و أحذّركم الدّنيا فانّها ) ظلّ زائل وضوء آفل و سناد مائل ( دار شخوص ) و ارتحال ( و محلّة تنغيص ) و تكدير لتكدّر عيشه بالالام و الأسقام ( ساكنها ظاعن ) مرتحل ( و قاطنها بائن ) مفترق يعني انّ السّاكن فيها ليس بساكن في الحقيقة ، و المقيم بها منتقل عنها البتّة و ذلك لما بيّنا في تضاعيف شرح الخطب السّابقة أنها في الحقيقة سفر الآخرة و هى الوطن الأصلي للانسان فهو من أوّل يوم خرج من بطن امّه و وضع قدمه في هذه النشأة دائما في حركة و ازيال و ازداف و انتقال و ينقضى عمره شيئا فشيئا يبعد من المبدء و يقرب من المنتهى فسكونها نفس زوالها ، و اقامتها نفس ارتحالها ، و بقاؤها عين انتقالها و وجودها حدوثها ، و تجدّدها فناؤها ، فانّها عند ذوى العقول كفىء الظل ، بينا تراه سابغا حتّى قلص ، و زايدا حتّى نقص .
ثمّ ضرب للدّنيا و أهلها مثلا عجيبا بقوله ( تميد بأهلها ميدان السّفينة بأهلها ) حالكونها ( تقصفها ) القواصف و تصفقها ( العواصف ) من الرّياح ( في لجج البحار ) الغامرات المتلاطمة التيّار المتراكمة الزّخار ، و هو من تشبيه المركب بالمركب على حدّ قول الشاعر :
و كأنّ أجرام النجوم طوالعا درر نشرن على بساط أزرق
شبّه عليه السّلام الدّنيا بالسّفينة التّي في اللّجج حالكونها تضربها الرّياح الشديدة العاصفة و شبّه أهل الدّنيا بأهل السّفينة ، و شبه تقلّباتها بأهلها بالهموم و الأحزان و الغموم و المحن بميدان السفينة و اضطرابها بأهلها ، و شبّه الأمراض و الآلام و العلل و الأسقام و نحوها من الابتلاءات الدّنيويّة الموجبة للهموم و الغموم بالرّياح العاصفة الموجبة لاضطراب السّفينة ، و وجه الشّبه أنّ راكبى السّفينة في لجج البحار الغامرة عند هبوب الرّيح العاصفة و الزعزع القاصفة كما لا ينفكّون من علز القلق و غصص الجرض ، فكذلك أهل الدّنيا لا ينفكّون من مقاسات الشدايد و ألم المضض .
[ 211 ]
و أيضا ( ف ) كما أنّ راكبى السّفينة بعد ما انكسرت بالقواصف على قسمين :
قسم ( منهم الغرق الوبق ) الهالك في غمار البحر ( و ) قسم ( منهم النّاجي ) من الغرق على بعض أخشاب السّفينة و ألواحها ( على متون الأمواج ) المتلاطمة المتراكمة ( تحفزه ) و تدفعه ( الرّياح ) العاصفة و الزّعازع القاصفة ( بأذيالها ) من جنب إلى جنب ( و تحمله على أهوالها ) و تسوقه من رفع إلى خفض و من خفض إلى رفع .
فكذلك أهل الدّنيا ينقسم إلى قسمين : أحدهما الهالك عاجلا بغمرات الآلام و طوارق الأوجاع و الأسقام ، و الثّاني النّاجي من الهلاك بعد مكابدة تعب الأمراض و مقاساة مرارة العلل .
و أيضا ( ف ) كما أنّ ( ما غرق منها ) أى من السّفينة و أراد به الغريق من أهلها مجازا ( فليس بمستدرك ) أى ممكن التدارك ( و ما نجى منها ) أى النّاجي من أهلها ( ف ) عاقبته ( إلى مهلك ) أى إلى الهلاك و إن عاش يسيرا .
فكذلك أهل الدّنيا من مات منهم لا يتدارك و لا يعود ، و من حصل له البرء و الشفاء من مرضه و نجا من الموت عاجلا فمآله إليه لا محالة آجلا و إن تراخى أجله قليلا .
و الغرض من هذه التشبيهات كلّها التّنفير عن الدّنيا و التنبيه على قرب زوالها و تكدّر عيشها و مرارة حياتها ليرغب بذلك كلّه إلى العمل للدّار الآخرة ،
و لذلك فرّع عليه قوله :
( عباد اللّه الآن فاعملوا ) أى بادروا العمل و استقربوا الأجل و لا يغرّنّكم طول الأمل ( و الألسن مطلقة ) متمكنة من التّكلم بما هو فرضها من القراءة و الذكر و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و نحوها قبل ثقلها و اعتقالها بالمرض الحايل بينها و بين منطقها كما في حالة الاحتضار .
( و الأبدان صحيحة ) مقتدرة على الاتيان بالتكاليف الشّرعيّة قبل سقمها و عجزها منها .
( و الأعضاء ) و الجوارح ( لدنة ) لينة ببضاضة الشّباب و غضارة الصحّة قادرة على
[ 212 ]
القيام بالطاعات و الحسنات قبل يبسها بنوازل السقم و عجزها بحوانى الهرم .
( و المنقلب فسيح ) أى محلّ الانقلاب و التصرّف وسيع ، لأنّ الخناق مهمل و الروح مرسل في راحة الاجساد و باحة الاحتشاد .
( و المجال عريض ) لانفساح الحوبة و إمكان تدارك الذنوب بالتوبة قبل الضنك و الضيق و الرّوع و الزهوق .
و ( قبل إرهاق الفوت ) و قدوم الغائب المنتظر ( و حلول الموت ) و أخذة العزيز المقتدر .
( فحقّقوا عليكم نزوله ) و لا تستبطئوه ( و لا تنتظروا قدومه ) و لا تسوّفوه ، و هو أمر بالاستعداد للموت و المبادرة الى أخذ الزّاد له و لما بعده يقول : إنّ الموت قد أظلكم و أشرف عليكم فكأنّه قد أدرككم و نزل إلى ساحتكم فلا يغرّنكم الأمل و لا يطولنّ بكم الأمد ، فبادروا إلى الصّالحات و استبقوا الخيرات و سارعوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها الأرض و السموات ، نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا و إياكم ممّن لا يغرّه الآمال ، و لا تلهيه الامنيّات ، انّه الموفّق و المعين .
الترجمة
از جمله كلام بلاغت نظام آن حضرتست در اشارت به بعثت و وصيّت بتقوى و تحذير از دنيا ميفرمايد :
مبعوث فرمود حضرت پروردگار رسول مختار را در زمانيكه نبود هيچ علمى بر پا ، و نه مناره بلند ، و نه راهى روشن وصيّت مىكنم شما را أى بندگان خدا بتقوى و پرهيزكارى خدا ، و ميترسانم شما را از دنياى بيوفا ، پس بدرستيكه آن دنيا خانه رحلت است و محلّه كدورت ،
ساكن او كوچ كننده است ، و مقيم او جدا شونده ، مضطرب ميشود بأهل خود مثل اضطراب كشتى در حالتيكه سخت بوزد به آن كشتى تند بادها در گردابهاى درياها ، پس
[ 213 ]
بعضى از اهل آن كشتى غرق و هلاك شونده باشد ، و بعضى ديگر نجات يابنده بر بالاى موجها در حالتيكه براند او را بادها با دامنهاى خود ، و بر دارد او را به جاهاى هولناك دريا ، پس كسيكه غرق شده از آن كشتى درك نميشود ، و كسيكه نجات يافته از آن پس عاقبت كار او بهلاكت است .
اى بندگان خدا پس مواظب عمل باشيد اين زمان در حالتيكه زبانها سلامت است ، و بدنها صحيح است ، و عضوها تر و تازه ، و مكان تصرّف وسيع است و مجال عبادت فراخ ، پيش از احاطه وفات و حلول ممات ، پس محقق انكاريد بخودتان حلول آن را ، و منتظر نباشيد بقدم و آمدن آن .