متن
ترجمه آیتی
ترجمه شهیدی
ترجمه معادیخواه
تفسیر منهاج البرائه خویی
تفسیر ابن ابی الحدید
تفسیر ابن میثم
[ 76 ]
143 و من خطبة له ع في الاستسقاء
إِلاَّ وَ إِنَّ اَلْأَرْضَ اَلَّتِي تَحْمِلُكُمْ وَ اَلسَّمَاءَ اَلَّتِي تُظِلُّكُمْ مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ وَ مَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ وَ لاَ زُلْفَةً إِلَيْكُمْ وَ لاَ لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ وَ لَكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا وَ أُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامَتَا إِنَّ اَللَّهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ اَلْأَعْمَالِ اَلسَّيِّئَةِ بِنَقْصِ اَلثَّمَرَاتِ وَ حَبْسِ اَلْبَرَكَاتِ وَ إِغْلاَقِ خَزَائِنِ اَلْخَيْرَاتِ لِيَتُوبَ تَائِبٌ وَ يُقْلِعَ مُقْلِعٌ وَ يَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ وَ يَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ اَلاِسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ اَلرِّزْقِ وَ رَحْمَةِ اَلْخَلْقِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً فَرَحِمَ اَللَّهُ اِمْرَأً اِسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ وَ اِسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ وَ بَادَرَ مَنِيَّتَهُ اَللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ مِنْ تَحْتِ اَلْأَسْتَارِ وَ اَلْأَكْنَانِ وَ بَعْدَ عَجِيجِ اَلْبَهَائِمِ وَ اَلْوِلْدَانِ رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ وَ رَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ وَ خَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ وَ نِقْمَتِكَ
[ 77 ]
اَللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ وَ لاَ تَجْعَلْنَا مِنَ اَلْقَانِطِينَ وَ لاَ تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ وَ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ اَلسُّفَهَاءُ مِنَّا يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ اَللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ نَشْكُو إِلَيْكَ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ أَلْجَأَتْنَا اَلْمَضَايِقُ اَلْوَعْرَةُ وَ أَجَاءَتْنَا اَلْمَقَاحِطُ اَلْمُجْدِبَةُ وَ أَعْيَتْنَا اَلْمَطَالِبُ اَلْمُتَعَسِّرَةُ وَ تَلاَحَمَتْ عَلَيْنَا اَلْفِتَنُ اَلْمَسْتَصْعَبَةُ اَلْمُسْتَصْعِبَةُ اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلاَّ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَ لاَ تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ وَ لاَ تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا وَ لاَ تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا اَللَّهُمَّ اُنْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وَ بَرَكَتِكَ وَ رِزْقَكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ اِسْقِنَا سُقْيَا نَاقِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ وَ تُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ نَافِعَةَ اَلْحَيَا كَثِيرَةَ اَلْمُجْتَنَى تُرْوِي بِهَا اَلْقِيعَانَ وَ تُسِيلُ اَلْبُطْنَانَ وَ تَسْتَوْرِقُ اَلْأَشْجَارَ وَ تُرْخِصُ اَلْأَسْعَارَ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ تظلكم تعلو عليكم و قد أظلتني الشجرة و استظللت بها و الزلفة القربة يقول إن السماء و الأرض إذا جاءتا بمنافعكم أما السماء فبالمطر و أما الأرض فبالنبات فإنهما لم تأتيا بذلك تقربا إليكم و لا رحمة لكم و لكنهما أمرتا بنفعكم فامتثلتا الأمر لأنه أمر من تجب طاعته و لو أمرتا بغير ذلك لفعلتاه و الكلام مجاز و استعارة لأن الجماد لا يؤمر و المعنى أن الكل مسخر تحت القدرة الإلهية و مراده تمهيد قاعدة الاستسقاء كأنه يقول إذا كانت السماء و الأرض أيام الخصب و المطر و النبات لم يكن ما كان منهما محبة لكم و لا رجاء منفعة منكم بل طاعة الصانع الحكيم سبحانه فيما سخرهما له
[ 78 ]
فكذلك السماء و الأرض أيام الجدب و انقطاع المطر و عدم الكلأ ليس ما كان منهما بغضا لكم و لا استدفاع ضرر يخاف منكم بل طاعة الصانع الحكيم سبحانه فيما سخرهما له و إذا كان كذلك فبالحري ألا نأمل السماء و لا الأرض و أن نجعل آمالنا معلقة بالملك الحق المدبر لهما و أن نسترحمه و ندعوه و نستغفره لا كما كانت العرب في الجاهلية يقولون مطرنا بنوء كذا و قد سخط النوء الفلاني على بني فلان فأمحلوا . ثم ذكر ع أن الله تعالى يبتلي عباده عند الذنوب بتضييق الأرزاق عليهم و حبس مطر السماء عنهم و هذا الكلام مطابق للقواعد الكلامية لأن أصحابنا يذهبون إلى أن الغلاء قد يكون عقوبة على ذنب و قد يكون لطفا للمكلفين في الواجبات العقلية و هو معنى قوله ليتوب تائب إلى آخر الكلمات و يقلع يكف و يمسك . ثم ذكر أن الله سبحانه جعل الاستغفار سببا في درور الرزق و استدل عليه بالآية التي أمر نوح ع فيها قومه بالاستغفار يعني التوبة عن الذنوب و قدم إليهم الموعد بما هو واقع في نفوسهم و أحب إليهم من الأمور الآجلة فمناهم الفوائد العاجلة ترغيبا في الإيمان و بركاته و الطاعة و نتائجها كما قال سبحانه للمسلمين وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اَللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ فوعدهم بمحبوب الأنفس الذي يرونه في العاجل عيانا و نقدا لا جزاء و نسيئة و قال تعالى في موضع آخر وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ اَلْقُرى آمَنُوا وَ اِتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ و قال سبحانه وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
[ 79 ]
و قال تعالى وَ أَنْ لَوِ اِسْتَقامُوا عَلَى اَلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً
الثواب و العقاب عند المسلمين و أهل الكتاب
و كل ما في التوراة من الوعد و الوعيد فهو لمنافع الدنيا و مضارها أما منافعها فمثل أن يقول إن أطعتم باركت فيكم و كثرت من أولادكم و أطلت أعماركم و أوسعت أرزاقكم و استبقيت اتصال نسلكم و نصرتكم على أعدائكم و إن عصيتم و خالفتم اخترمتكم و نقصت من آجالكم و شتت شملكم و رميتكم بالجوع و المحل و أذللت أولادكم و أشمت بكم أعداءكم و نصرت عليكم خصومكم و شردتكم في البلاد و ابتليتكم بالمرض و الذل و نحو ذلك . و لم يأت في التوراة وعد و وعيد بأمر يتعلق بما بعد الموت و أما المسيح ع فإنه صرح بالقيامة و بعث الأبدان و لكن جعل العقاب روحانيا و كذلك الثواب أما العقاب فالوحشة و الفزع و تخيل الظلمة و خبث النفس و كدرها و خوف شديد و أما الثواب فما زاد على أن قال إنهم يكونون كالملائكة و ربما قال يصعدون إلى ملكوت السماء و ربما قال أصحابه و علماء ملته الضوء و اللذة و السرور و الأمن من زوال اللذة الحاصلة لهم هذا هو قول المحققين منهم و قد أثبت بعضهم نارا حقيقية لأن لفظة النار وردت في الإنجيل فقال محققوهم نار قلبية أي نفسية روحانية و قال الأفلون نار كهذه النار و منهم من أثبت عقابا غير النار و هو بدني فقال الرعدة و صرير الأسنان فأما الجنة بمعنى الأكل و الشرب و الجماع فإنه لم يقل منهم قائل به أصلا و الإنجيل صرح بانتفاء ذلك في القيامة تصريحا لا يبقى بعده ريب لمرتاب و جاء خاتم الأنبياء محمد
[ 80 ]
ص فأثبت المعاد على وجه محقق كامل أكمل مما ذكره الأولان فقال إن البدن و النفس معا مبعوثان و لكل منهما حظ في الثواب و العقاب . و قد شرح الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا هذا الموضع في رسالة له في المعاد تعرف بالرسالة الأصحوبة شرحا جيدا فقال إن الشريعة المحمدية أثبتت في القيامة رد النفس إلى البدن و جعلت للمثاب و المعاقب ثوابا و عقابا بحسب البدن و النفس جميعا فكان للمثاب لذات بدنية من حور عين و ولدان مخلدين و فاكهة يشتهون و كأس لا يصدعون عنها و لا ينزفون و جنات تجري من تحتها الأنهار من لبن و عسل و خمر و ماء زلال و سرر و أرائك و خيام و قباب فرشها من سندس و إستبرق و ما جرى مجرى ذلك و لذات نفسانية من السرور و مشاهدة الملكوت و الأمن من العذاب و العلم اليقيني بدوام ما هم فيه و أنه لا يتعقبه عدم و لا زوال و الخلو عن الأحزان و المخاوف و للمعاقب عقاب بدني و هو المقامع من الحديد و السلاسل و الحريق و الحميم و الغسلين و الصراخ و الجلود التي كلما نضجت بدلوا جلودا غيرها و عقاب نفساني من اللعن و الخزي و الخجل و الندم و الخوف الدائم و اليأس من الفرج و العلم اليقيني بدوام الأحوال السيئة التي هم عليها . قال فوفت الشريعة الحكمة حقها من الوعد الكامل و الوعيد الكامل و بهما ينتظم الأمر و تقوم الملة فأما النصارى و ما ذهبوا إليه من أمر بعث الأبدان ثم خلوها في الدار الآخرة من المطعم و الملبس و المشرب و المنكح فهو أرك ما ذهب إليه أرباب الشرائع و أسخفه و ذلك أنه إن كان السبب في البعث هو أن الإنسان هو البدن أو أن البدن شريك النفس في الأعمال الحسنة و السيئة فوجب أن يبعث فهذا القول بعينه إن أوجب ذلك فإنه يوجب أن يثاب البدن و يعاقب بالثواب و العقاب البدني المفهوم عند العالم و إن كان الثواب و العقاب روحانيا فما الغرض في بعث الجسد ثم ما ذلك
[ 81 ]
الثواب و العقاب الروحانيان و كيف تصور العامة ذلك حتى يرغبوا و يرهبوا كلا بل لم تصور لهم الشريعة النصرانية من ذلك شيئا غير أنهم يكونون في الآخرة كالملائكة و هذا لا يفي بالترغيب التام و لا ما ذكروه من العقاب الروحاني و هو الظلمة و خبث النفس كاف في الترهيب و الذي جاءت به شريعة الإسلام حسن لا زيادة عليه انقضى كلام هذا الحكيم . فأما كون الاستغفار سببا لنزول القطر و درور الرزق فإن الآية بصريحها ناطقة به لأنها أمر و جوابه قال اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً كما تقول قم أكرمك أي إن قمت أكرمتك و عن عمر أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار فقيل له ما رأيناك استسقيت فقال لقد استسقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر . و عن الحسن أن رجلا شكا إليه الجدب فقال استغفر الله فشكا آخر إليه الفقر و آخر قلة النسل و آخر قلة ريع أرضه فأمرهم كلهم بالاستغفار فقال له الربيع بن صبيح رجال أتوك يشكون أبوابا و يشكون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فتلا له الآية . قوله استقبل توبته أي استأنفها و جددها و استقال خطيئته طلب الإقالة منها و الرحمة و بادر منيته سابق الموت قبل أن يدهمه .
[ 82 ]
قوله ع لا تهلكنا بالسنين جمع سنة و هي الجدب و المحل قال تعالى وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ و
قال النبي ص يدعو على المشركين اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف و السنة لفظ محذوف منه حرف قيل إنه الهاء و قيل الواو فمن قال المحذوف هاء قال أصله سنهة مثل جبهة لأنهم قالوا نخلة سنهاء أي تحمل سنة و لا تحمل أخرى و قال بعض الأنصار
فليست بسنهاء و لا رجبية و لكن عرايا في السنين الجوائح
و من قال أصلها الواو احتج بقولهم أسنى القوم يسنون إسناء إذا لبثوا في المواضع سنة فأما التصغير فلا يدل على أحد المذهبين بعينه لأنه يجوز سنية و سنيهة و الأكثر في جمعها بالواو و النون سنون بكسر السين كما في هذه الخطبة و بعضهم يقول سنون بالضم . و المضايق الوعرة بالتسكين و لا يجوز التحريك و قد وعر هذا الشيء بالضم وعورة و كذلك توعر أي صار وعرا و استوعرت الشيء استصعبته . و أجاءتنا ألجأتنا قال تعالى فَأَجاءَهَا اَلْمَخاضُ إِلى جِذْعِ اَلنَّخْلَةِ . و المقاحط المجدبة السنون الممحلة جمع مقحطة . و تلاحمت اتصلت . و الواجم الذي قد اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام و الماضي وجم بالفتح يجم وجوما . قوله و لا تخاطبنا بذنوبنا و لا تقايسنا بأعمالنا أي لا تجعل جواب دعائنا لك ما تقتضيه ذنوبنا كأنه يجعله كالمخاطب لهم و المجيب عما سألوه إياه كما يفاوض الواحد
[ 83 ]
منا صاحبه و يستعطفه فقد يجيبه و يخاطبه بما يقتضيه ذنبه إذا اشتدت موجدته عليه و نحوه . و لا تقايسنا بأعمالنا قست الشيء بالشيء إذا حذوته و مثلته به أي لا تجعل ما تجيبنا به مقايسا و مماثلا لأعمالنا السيئة . قوله سقيا ناقعة هي فعلى مؤنثة غير مصروفة . و الحيا المطر و ناقعة مروية مسكنة للعطش نقع الماء العطش نقعا و نقوعا سكنه و في المثل الرشف أنقع أي أن الشراب الذي يرشف قليلا قليلا أنجع و أقطع للعطش و إن كان فيه بطء . و كثيرة المجتنى أي كثيرة الكلأ و الكلأ الذي يجتنى و يرعى و القيعان جمع قاع و هو الفلاة . و البطنان جمع بطن و هو الغامض من الأرض مثل ظهر و ظهران و عبد و عبدان