متن
ترجمه آیتی
ترجمه شهیدی
ترجمه معادیخواه
تفسیر منهاج البرائه خویی
تفسیر ابن ابی الحدید
تفسیر ابن میثم
[ 227 ]
325
وَ قَالَ ع لاِبنْهِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَنَفِيَّةِ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ اَلْفَقْرَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَإِنَّ اَلْفَقْرَ مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ
نبذ من الأقوال الحكيمة في الفقر و الغنى
هذا موضع قد اختلف الناس فيه كثيرا ففضل قوم الغنى و فضل قوم الفقر فقال أصحاب الغنى قد وصف الله تعالى المال فسماه خيرا فقال إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي و قال ممتنا على عباده واعدا لهم بالإنعام و الإحسان وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ و قال وَ جَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً . و
قال النبي ص المال الحسب إن أحساب أهل الدنيا هذا المال و
قال ع نعم العون على تقوى الله المال .
[ 228 ]
قالوا و لا ريب أن الأعمال الجليلة العظيمة الثواب لا يتهيأ حصولها إلا بالمال كالحج و الوقوف و الصدقات و الزكوات و الجهاد . و
قد جاء في الخبر خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة . و قالت الحكماء المال يرفع صاحبه و إن كان وضيع النسب قليل الأدب و ينصره و إن كان جبانا و يبسط لسانه و إن كان عيا به توصل الأرحام و تصان الأعراض و تظهر المروءة و تتم الرئاسة و يعمر العالم و تبلغ الأغراض و تدرك المطالب و تنال المآرب يصلك إذا قطعك الناس و ينصرك إذا خذلوك و يستعبد لك الأحرار و لو لا المال لما بان كرم الكريم و لا ظهر لؤم اللئيم و لا شكر جواد و لا ذم بخيل و لا صين حريم و لا أدرك نعيم . و قال الشاعر
المال أنفع للفتى من علمه و الفقر أقتل للفتى من جهله ما ضر من رفع الدراهم قدره جهل يناط إلى دناءة أصله
و قال آخر
دعوت أخي فولى مشمئزا و لبى درهمي لما دعوت
و قال آخر
و لم أر أوفى ذمة من دراهمي و أصدق عهدا في الأمور العظائم فكم خانني خل وثقت بعهده و كان صديقا لي زمان الدراهم
و قال آخر
أبو الأصفر المنقوش أنفع للفتى من الأصل و العلم الخطير المقدم
[ 229 ]
و ما مدح العلم امرؤ ظفرت به يداه و لكن كل مقو و معدم
و قال الشاعر
و لم أر بعد الدين خيرا من الغنى و لم أر بعد الكفر شرا من الفقر
و قال العتابي الناس لصاحب المال ألزم من الشعاع للشمس و هو عندهم أرفع من السماء و أعذب من الماء و أحلى من الشهد و أزكى من الورد خطؤه صواب و سيئته حسنة و قوله مقبول يغشى مجلسه و لا يمل حديثه و المفلس عندهم أكذب من لمعان السراب و من رؤيا الكظة و من مرآة اللقوة و من سحاب تموز لا يسأل عنه إن غاب و لا يسلم عليه إذا قدم إن غاب شتموه و إن حضر طردوه مصافحته تنقض الوضوء و قراءته تقطع الصلاة أثقل من الأمانة و أبغض من السائل المبرم . و قال بعض الشعراء الظرفاء و أحسن كل الإحسان مع خلاعته
أصون دراهمي و أذب عنها لعلمي أنها سيفي و ترسي و أذخرها و أجمعها بجهدي و يأخذ وارثي منها و عرسي فيأكلها و يشربها هنيئا على النغمات من نقر و جس و يقعد فوق قبري بعد موتي و لا يتصدقن عني بفلس أحب إلي من قصدي عظيما كبيرا أصله من عبد شمس أمد إليه كفي مستميحا و أصبح عبد خدمته و أمسي و يتركني أجر الرجل مني و قد صارت كنفس الكلب نفسي
[ 230 ]
و قال أصحاب الفقر الغنى سبب الطغيان قال الله تعالى كَلاَّ إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى و قال تعالى وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى اَلْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ و كان يقال الغنى يورث البطر و غنى النفس خير من غنى المال . و قال محمود البقال
الفقر خير فاتسع و اقتصد إن من العصمة ألا تجد كم واجد أطلق وجدانه عنانه في بعض ما لم يرد و مدمن للخمر غاد على سماع عود و غناء غرد لو لم يجد خمرا و لا مسمعا يرد بالماء غليل الكبد كم من يد للفقر عند امرئ طأطأ منه الفقر حتى اقتصد
و كان يقال الفقر شعار الصالحين و الفقر لباس الأنبياء و لذلك قال البحتري
فقر كفقر الأنبياء و غربة و صبابة ليس البلاء بواحد
و كان يقال الفقر مخف و الغني مثقل . و
في الخبر نجا المخفون و ما أحسن قول أبي العتاهية
أ لم تر أن الفقر يرجى له الغنى و أن الغنى يخشى عليه من الفقر
و قد ذم الله تعالى المال فقال إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ .
[ 231 ]
و كان يقال المال ملول المال ميال المال غاد و رائح طبع المال كطبع الصبي لا يوقف على وقت رضاه و لا وقت سخطه المال لا ينفعك حتى يفارقك و إلى هذا المعنى نظر القائل
و صاحب صدق ليس ينفع قربه و لا وده حتى تفارقه عمدا
يعني الدينار . و ما أحسن ما قاله الأول
و قد يهلك الإنسان حسن رياشه كما يذبح الطاوس من أجل ريشه
و قال آخر
رويدك إن المال يهلك ربه إذا جم و استعلى و سد طريقه و من جاوز الماء الغزير فمجه و سد طريق الماء فهو غريقه