جستجو

و من كتاب له ع إلى عبد الله بن عباس و هو عامله على البصرة

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 125 ] 18 و من كتاب له ع إلى عبد الله بن عباس و هو عامله على البصرة وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلْبَصْرَةَ مَهْبِطُ إِبْلِيسَ وَ مَغْرِسُ اَلْفِتَنِ فَحَادِثْ أَهْلَهَا بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ اُحْلُلْ عُقْدَةَ اَلْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَ قَدْ بَلَغَنِي تَنَمُّرُكَ لِبَنِي تَمِيمٍ وَ غِلْظَتُك عَلَيْهِمْ وَ إِنَّ بَنِي تَمِيمٍ لَمْ يَغِبْ لَهُمْ نَجْمٌ إِلاَّ طَلَعَ لَهُمْ آخَرُ وَ إِنَّهُمْ لَمْ يُسْبَقُوا بِوَغْمٍ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَ لاَ إِسْلاَمٍ وَ إِنَّ لَهُمْ بِنَا رَحِماً مَاسَّةً وَ قَرَابَةً خَاصَّةً نَحْنُ مَأْجُورُونَ عَلَى صِلَتِهَا وَ مَأْزُورُونَ عَلَى قَطِيعَتِهَا فَارْبَعْ أَبَا اَلْعَبَّاسِ رَحِمَكَ اَللَّهُ فِيمَا جَرَى عَلَى يَدِكَ وَ لِسَانِكَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ فَإِنَّا شَرِيكَانِ فِي ذَلِكَ وَ كُنْ عِنْدَ صَالِحِ ظَنِّي بِكَ وَ لاَ يَفِيلَنَّ رَأْيِي فِيكَ وَ اَلسَّلاَمُ قوله ع مهبط إبليس موضع هبوطه . و مغرس الفتن موضع غرسها و يروى و مغرس الفتن و هو الموضع الذي ينزل فيه القوم آخر الليل للاستراحة يقال غرسوا و أغرسوا . و قوله ع فحادث أهلها أي تعهدهم بالإحسان من قولك حادثت السيف بالصقال . [ 126 ] و التنمر للقوم الغلظة عليهم و المعاملة لهم بأخلاق النمر من الجرأة و الوثوب و سنذكر تصديق قوله ع لم يغب لهم نجم إلا طلع لهم آخر . و الوغم الترة و الأوغام الترات أي لم يهدر لهم دم في جاهلية و لا إسلام يصفهم بالشجاعة و الحمية . و مأزورون كان أصله موزورون و لكنه جاء بالألف ليحاذي به ألف مأجورون و قد قال النبي ص مثل ذلك . قوله ع فاربع أبا العباس أي قف و تثبت في جميع ما تعتمده فعلا و قولا من خير و شر و لا تعجل به فإني شريكك فيه إذ أنت عاملي و النائب عني . و يعني بالشر هاهنا الضرر فقط لا الظلم و الفعل القبيح . قوله ع و كن عند صالح ظني فيك أي كن واقفا عنده كأنك تشاهده فتمنعك مشاهدته عن فعل ما لا يجوز . فال الرأي يفيل أي ضعف و أخطأ فصل في بني تميم و ذكر بعض فضائلهم و قد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب التاج أن لبني تميم مآثر لم يشركهم فيها غيرهم أما بنو سعد بن زيد مناة فلها ثلاث خصال يعرفها العرب إحداها كثرة العدد فإنه أضعف عددها على بني تميم حتى ملأت السهل و الجبل عدلت مضر كثرة و عامة العدد منها في كعب بن سعد بن زيد مناة و لذلك قال أوس بن مغراء [ 127 ] كعبي من خير الكعاب كعبا من خيرها فوارسا و عقبا تعدل جنبا و تميم جنبا و قال الفرزدق أيضا فيهم هذه الأبيات لو كنت تعلم ما برمل مويسل فقري عمان إلى ذوات حجور لعلمت أن قبائلا و قبائلا من آل سعد لم تدن لأمير و قال أيضا تبكي على سعد و سعد مقيمة بيبرين قد كادت على الناس تضعف و لذلك كانت تسمى سعد الأكثرين و في المثل في كل واد بنو سعد . و الثانية الإفاضة في الجاهلية كان ذلك في بني عطارد و هم يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى قام الإسلام و كانوا إذا اجتمع الناس أيام الحج بمنى لم يبرح أحد من الناس دينا و سنة حتى يجوز القائم بذلك من آل كرب بن صفوان و قال أوس بن مغراء و لا يريمون في التعريف موقفهم حتى يقال أجيزوا آل صفوانا و قال الفرزدق إذا ما التقينا بالمحصب من منى صبيحة يوم النحر من حيث عرفوا ترى الناس ما سرنا يسيرون حولنا و إن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا و الثالثة أن منهم أشرف بيت في العرب الذي شرفته ملوك لخم قال المنذر بن المنذر بن ماء السماء ذات يوم و عنده وفود العرب و دعا ببردي أبيه محرق بن المنذر فقال ليلبس هذين أعز العرب و أكرمهم حسبا فأحجم الناس فقال أحيمر بن [ 128 ] خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم أنا لهما قال الملك بما ذا قال بأن مضر أكرم العرب و أعزها و أكثرها عديدا و أن تميما كاهلها و أكثرها و أن بيتها و عددها في بني بهدلة بن عوف و هو جدي فقال هذا أنت في أصلك و عشيرتك فكيف أنت في عترتك و أدانيك . قال أنا أبو عشرة و أخو عشرة و عم عشرة فدفعهما إليه و إلى هذا أشار الزبرقان بن بدر في قوله و بردا ابن ماء المزن عمي اكتساهما بفضل معد حيث عدت محاصله قال أبو عبيدة و لهم في الإسلام خصلة قدم قيس بن عاصم المنقري على رسول الله ص في نفر من بني سعد فقال له رسول الله ص هذا سيد أهل الوبر فجعله سيد خندف و قيس ممن يسكن الوبر . قال و أما بنو حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم فلهم خصال كثيرة قال في بني دارم بن مالك بن حنظلة و هو بيت مضر فمن ذلك زرارة بن عدس بن زيد بن دارم يقال إنه أشرف البيوت في بني تميم و من ذلك قوس حاجب بن زرارة المرهونة عند كسرى عن مضر كلها و في ذلك قيل و أقسم كسرى لا يصالح واحدا من الناس حتى يرهن القوس حاجب و من ذلك في بني مجاشع بن دارم صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع و هو أول من أحيا الوئيد قام الإسلام و قد اشترى ثلاثمائة موءودة فأعتقهن و رباهن و كانت العرب تئد البنات خوف الإملاق . و من ذلك غالب بن صعصعة و هو أبو الفرزدق و غالب هو الذي قرى مائة ضيف و احتمل عشر ديات لقوم لا يعرفهم و كان من حديث ذلك أن بني كلب [ 129 ] بن وبرة افتخرت بينها في أنديتها فقالت نحن لباب العرب و قلبها و نحن الذين لا ننازع حسبا و كرما فقال شيخ منهم إن العرب غير مقرة لكم بذلك إن لها أحسابا و إن منها لبابا و إن لها فعالا و لكن ابعثوا مائة منكم في أحسن هيئة و بزة ينفرون من مروا به في العرب و يسألونه عشر ديات و لا ينتسبون له فمن قرأهم و بذل لهم الديات فهو الكريم الذي لا ينازع فضلا فخرجوا حتى قدموا على أرض بني تميم و أسد فنفروا الأحياء حيا فحيا و ماء فماء لا يجدون أحدا على ما يريدون حتى مروا على أكثم بن صيفي فسألوه ذلك فقال من هؤلاء القتلى و من أنتم و ما قصتكم فإن لكم لشأنا باختلافكم في كلامكم فعدلوا عنه ثم مروا بقتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي فسألوه عن ذلك فقال من أنتم قالوا من كلب بن وبرة فقال إني لأبغي كلبا بدم فإن انسلخ الأشهر الحرم و أنتم بهذه الأرض و أدرككم الخيل نكلت بكم و أثكلتكم أمهاتكم فخرجوا من عنده مرعوبين فمروا بعطارد بن حاجب بن زرارة فسألوه ذلك فقال قولوا بيانا و خذوها فقالوا أما هذا فقد سألكم قبل أن يعطيكم فتركوه و مروا ببني مجاشع بن دارم فأتوا على واد قد امتلأ إبلا فيها غالب بن صعصعة يهنأ منها إبلا فسألوه القرى و الديات فقال هاكم البزل قبل النزول فابتزوها من البرك و حوزوا دياتكم ثم انزلوا فتنزلوا و أخبروه بالحال و قالوا أرشدك الله من سيد قوم لقد أرحتنا من طول النصب و لو علمنا لقصدنا إليك فذلك قول الفرزدق فلله عينا من رأى مثل غالب قرى مائة ضيفا و لم يتكلم و إذ نبحت كلب على الناس إنهم أحق بتاج الماجد المتكرم [ 130 ] فلم يجل عن أحسابها غير غالب جرى بعناني كل أبلج خضرم قال فأما بنو يربوع بن حنظلة فمنهم ثم من بني رباح بن يربوع عتاب بن هرمي بن رياح كانت له ردافة الملوك ملوك آل المنذر و ردافة الملك أن يثنى به في الشرب و إذا غاب الملك خلفه في مجلسه و ورث ذلك بنوه كابرا عن كابر حتى قام الإسلام قال لبيد بن ربيعة و شهدت أنجبة الأكارم غالبا كعبي و أرداف الملوك شهود و يربوع أول من قتل قتيلا من المشركين و هو واقد بن عبد الله بن ثعلبة بن يربوع حليف عمر بن الخطاب قتل عمرو بن الحضرمي في سرية نخلة فقال عمر بن الخطاب يفتخر بذلك سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد و ظل ابن عبد الله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند و لها جواد العرب كلها في الإسلام بدأ العرب كلها جودا خالد بن عتاب بن ورقاء الرياحي دخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك و كان يشنؤه لكثرة بأوه و فخره فتهجمه و تنكر له و أغلظ في خطابه حتى قال من أنت لا أم لك قال أ و ما تعرفني يا أمير المؤمنين أنا من حي هم من أوفى العرب و أحلم العرب و أسود العرب و أجود العرب و أشجع العرب و أشعر العرب فقال سليمان و الله لتحتجن لما ذكرت أو لأوجعن ظهرك و لأبعدن دارك قال أما أوفى العرب فحاجب بن زرارة رهن قوسه عن العرب كلها و أوفى و أما أحلم العرب فالأحنف بن قيس يضرب به المثل حلما و أما أسود العرب فقيس بن عاصم قال له رسول الله ص هذا سيد أهل الوبر [ 131 ] و أما أشجع العرب فالحريش بن هلال السعدي و أما أجود العرب فخالد بن عتاب بن ورقاء الرياحي و أما أشعر العرب فها أنا ذا عندك قال سليمان فما جاء بك لا شي‏ء لك عندنا فارجع على عقبك و غمه ما سمع من عزة و لم يستطع له ردا فقال الفرزدق في أبيات أتيناك لا من حاجة عرضت لنا إليك و لا من قلة في مجاشع قلت و لو ذكر عتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي و قال إنه أشجع العرب لكان غير مدافع قالوا كانت العرب تقول لو وقع القمر إلى الأرض لما التقفه إلا عتيبة بن الحارث لثقافته بالرمح و كان يقال له صياد الفوارس و سم الفوارس و هو الذي أسر بسطام بن قيس و هو فارس ربيعة و شجاعها و مكث عنده في القيد مدة حتى استوفى فداءه و جز ناصيته و خلى سبيله على ألا يغزو بني يربوع و عتيبة هذا هو المقدم على فرسان العرب كلها في كتاب طبقات الشجعان و مقاتل الفرسان و لكن الفرزدق لم يذكره و إن كان تميميا لأن جريرا يفتخر به لأنه من بني يربوع فحملته عداوة جرير على أن عدل عن ذكره . قال أبو عبيدة و لبني عمرو بن تميم خصال تعرفها لهم العرب و لا ينازعهم فيها أحد فمنها أكرم الناس عما و عمة و جدا و جدة و هو هند بن أبي هالة و اسم أبي هالة نباش بن زرارة أحد بني عمرو بن تميم كانت خديجة بنت خويلد قبل [ 132 ] النبي ص تحت أبي هالة فولدت له هندا ثم تزوجها رسول الله ص و هند بن أبي هالة غلام صغير فتبناه النبي ص ثم ولدت خديجة من رسول الله ص القاسم و الطاهر و زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة فكان هند بن أبي هالة أخاهم لأمهم ثم أولد هند بن أبي هالة هند بن هند فهند الثاني أكرم الناس جدا و جدة يعني رسول الله ص و خديجة و أكرم الناس عما و عمة يعني بني النبي ص و بناته . و منها أن لهم أحكم العرب في زمانه أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم كان أكثر أهل الجاهلية حكما و مثلا و موعظة سائرة . و منها ذو الأعواز كان له خراج على مضر كافة تؤديه إليه فشاخ حتى كان يحمل على سرير يطاف به على مياه العرب فيؤدى إليه الخراج و قال الأسود بن يعفر النهشلي و كان ضريرا و لقد علمت خلاف ما تناشي أن السبيل سبيل ذي الأعواز و منها هلال بن أحوز المازني الذي ساد تميما كلها في الإسلام و لم يسدها غيره . قال و دخل خالد بن عبد الرحمن بن الوليد بن المغيرة المخزومي مسجد الكوفة فانتهى إلى حلقة فيها أبو الصقعب التيمي من تيم الرباب و المخزومي لا يعرفه و كان أبو الصقعب من أعلم الناس فلما سمع علمه و حديثه حسده فقال له ممن الرجل قال من تيم الرباب فظن المخزومي أنه وجد فرصة فقال و الله ما أنت من سعد الأكثرين و لا من حنظلة الأكرمين و لا من عمرو الأشدين فقال أبو الصقعب فممن أنت قال من بني مخزوم قال و الله ما أنت من هاشم المنتخبين و لا من أمية المستخلفين [ 133 ] و لا من عبد الدار المستحجبين فبم تفخر قال نحن ريحانة قريش قال أبو الصقعب قبحا لما جئت به و هل تدري لم سميت مخزوم ريحانة قريش سميت لحظوة نسائها عند الرجال فأفحمه روى أبو العباس المبرد في كتاب الكامل أن معاوية قال للأحنف بن قيس و جارية بن قدامة و رجال من بني سعد معهما كلاما أحفظهم فردوا عليه جوابا مقذعا و امرأته فاختة بنت قرظة في بيت يقرب منهم و هي أم عبد الله بن معاوية فسمعت ذلك فلما خرجوا قالت يا أمير المؤمنين لقد سمعت من هؤلاء الأجلاف كلاما تلقوك به فلم تنكر فكدت أن أخرج إليهم فأسطو بهم فقال معاوية إن مضر كأهل العرب و تميما كأهل مضر و سعدا كأهل تميم و هؤلاء كأهل سعد . و روى أبو العباس أيضا أن عبد الملك ذكر يوما بني دارم فقال أحد جلسائه يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم محظوظون يعني في كثرة النسل و نماء الذرية فلذلك انتشر صيتهم فقال عبد الملك ما تقول هذا و قد مضى منهم لقيط بن زرارة و لم يخلف عقبا و مضى قعقاع بن معبد بن زرارة و لم يخلف عقبا و مضى محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة و لم يخلف عقبا و الله لا تنسى العرب هذه الثلاثة أبدا . قال أبو العباس إن الأصمعي قال إن حربا كانت بالبادية ثم اتصلت بالبصرة فتفاقم الأمر فيها ثم مشي بين الناس بالصلح فاجتمعوا في المسجد الجامع قال فبعثت و أنا غلام إلى ضرار بن القعقاع من بني دارم فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فإذا به في شملة يخلط بزرا لعنز له حلوب فخبرته بمجتمع القوم فأمهل حتى أكلت العنز ثم غسل الصحفة و صاح يا جارية غدينا فأتته بزيت و تمر فدعاني فقذرته [ 134 ] أن آكل معه حتى إذا قضى من أكله و حاجته وطرا وثب إلى طين ملقى في الدار فغسل به يده ثم صاح يا جارية اسقيني ماء فأتته بماء فشربه و مسح فضله على وجهه ثم قال الحمد لله ماء الفرات بتمر البصرة بزيت الشام متى نؤدي شكر هذه النعم ثم قال علي بردائي فأتته برداء عدني فارتدى به على تلك الشملة قال الأصمعي فتجافيت عنه استقباحا لزيه فلما دخل المسجد صلى ركعتين ثم مشى إلى القوم فلم تبق حبوة إلا حلت إعظاما له ثم جلس فتحمل جميع ما كان بين الأحياء في ماله ثم انصرف . قال أبو العباس و حدثني أبو عثمان المازني عن أبي عبيدة قال لما أتى زياد بن عمرو المربد في عقب قتل مسعود بن عمرو العتكي و جاء زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي ليثأر به من بني تميم صف أصحابه فجعل في الميمنة بكر بن وائل و في الميسرة عبد القيس و هم لكيز بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة و كان زياد بن عمرو العتكي في القلب فبلغ ذلك الأحنف بن قيس فقال هذا غلام حدث شأنه الشهرة و ليس يبالي أين قذف بنفسه فندب أصحابه فجاءه حارثة بن بدر الغداني و قد اجتمعت بنو تميم فلما أتى قال قوموا إلى سيدكم ثم أجلسه فناظره فجعلوا سعدا و الرباب في القلب و رئيسهم عبس بن طلق الطعان المعروف بأخي كهمس و هو أحد بني صريم بن يربوع فكانوا بحذاء زياد بن عمرو و من معه من الأزد و جعل حارثة بن بدر الغداني في بني حنظلة بحذاء بكر بن وائل و جعل عمرو بن تميم بحذاء عبد القيس فذلك حيث يقول حارثة بن بدر للأحنف سيكفيك عبس أخو كهمس مقارعة الأزد في المربد و يكفيك عمرو على رسلها لكيز بن أفصى و ما عددوا [ 135 ] و نكفيك بكرا إذا أقبلت بضرب يشيب له الأمرد و لكيز بن أفصى تعم عبد القيس قال فلما تواقفوا بعث إليهم الأحنف يا معشر الأزد من اليمن و ربيعة من أهل البصرة أنتم و الله أحب إلينا من تميم الكوفة و أنتم جيراننا في الدار و يدنا على العدو و أنتم بدأتمونا بالأمس و وطئتم حريمنا و حرقتم علينا فدفعنا عن أنفسنا و لا حاجة لنا في الشر ما طلبنا في الخير مسلكا فتيمموا بنا طريقة مستقيمة فوجه إليه زياد بن عمرو تخير خلة من ثلاث إن شئت فانزل أنت و قومك على حكمنا و إن شئت فخل لنا عن البصرة و ارحل أنت و قومك إلى حيث شئتم و إلا فدوا قتلانا و أهدروا دماءكم و ليود مسعود دية المشعرة . قال أبو العباس و تأويل قوله دية المشعرة يريد أمر الملوك في الجاهلية و كان الرجل إذا قتل و هو من أهل بيت المملكة ودي عشر ديات فبعث إليه الأحنف سنختار فانصرفوا في يومكم فهز القوم راياتهم و انصرفوا فلما كان الغد بعث الأحنف إليهم إنكم خيرتمونا خلالا ليس لنا فيها خيار أما النزول على حكمكم فكيف يكون و الكلم يقطر و أما ترك ديارنا فهو أخو القتل قال الله عز و جل وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اُخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ و لكن الثالثة إنما هي حمل على المال فنحن نبطل دماءنا و ندي قتلاكم و إنما مسعود رجل من المسلمين و قد أذهب الله عز و جل أمر الجاهلية فاجتمع القوم على أن يقفوا أمر مسعود و يغمدوا السيف و تودى سائر القتلى من الأزد و ربيعة فضمن ذلك الأحنف و دفع إليهم إياس بن قتادة المجاشعي رهينة حتى يؤدي هذا المال فرضي به القوم ففخر بذلك الفرزدق فقال لجرير [ 136 ] و منا الذي أعطى يديه رهينة لغاري معد يوم ضرب الجماجم عشية سال المربدان كلاهما عجاجة موت بالسيوف الصوارم هنالك لو تبغي كليبا وجدتها أذل من القردان تحت المناسم و يقال إن تميما في ذلك الوقت مع باديتها و حلفائها من الأساورة و الزط و السبابجة و غيرهم كانوا زهاء سبعين ألفا و في ذلك يقول جرير سائل ذوي يمن و رهط محرق و الأزد إذ ندبوا لنا مسعودا فأتاهم سبعون ألف مدجج متسربلين يلامقا و حديدا قال الأحنف بن قيس فكثرت على الديات فلم أجدها في حاضرة تميم فخرجت نحو يبرين إلى بادية تميم فسألت عن المقصود هناك فأرشدت إلى قبة فإذا شيخ جالس بفنائها مؤتزر بشملة محتب بحبل فسلمت عليه و انتسبت له فقال لي ما فعل رسول الله ص قلت توفي قال فما فعل عمر بن الخطاب الذي كان يحفظ العرب و يحوطها قلت توفي قال فأي خير في حاضرتكم بعدهما قال فذكرت له الديات التي لزمتنا للأزد و ربيعة قال فقال لي أقم فإذا راع قد أراح عليه ألف بعير فقال خذها ثم أراح علينا آخر مثلها فقال خذها فقلت لا أحتاج إليها قال فانصرفت بالألف عنه و و الله ما أدري من هو إلى الساعة