جستجو

من خطبة له ع في الموعظة و بيان قرباه من رسول

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 10 ] 176 من خطبة له ع أَيُّهَا اَلنَّاسُ غَيْرُ اَلْمَغْفُولِ عَنْهُمْ وَ اَلتَّارِكُونَ وَ اَلْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اَللَّهِ ذَاهِبِينَ وَ إِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعًى وَبِيٍّ وَ مَشْرَبٍ دَوِيٍّ وَ إِنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لاَ تَعْرِفُ مَا ذَا يُرَادُ بِهَا إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا وَ شِبَعَهَا أَمْرَهَا وَ اَللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِهِ وَ مَوْلِجِهِ وَ جَمِيعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ وَ لَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ بِرَسُولِ اَللَّهِ ص أَلاَ وَ إِنِّي مُفْضِيهِ إِلَى اَلْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْهُ وَ اَلَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ وَ اِصْطَفَاهُ عَلَى اَلْخَلْقِ مَا أَنْطِقُ إِلاَّ صَادِقاً وَ لَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَ بِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ وَ مَنْجَى مَنْ يَنْجُو وَ مَآلِ هَذَا اَلْأَمْرِ وَ مَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إِلاَّ أَفْرَغَهُ فِي أُذُنِي وَ أَفْضَى بِهِ إِلَيَّ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنِّي وَ اَللَّهِ مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ إِلاَّ وَ أَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا وَ لاَ أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلاَّ وَ أَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا خاطب المكلفين كافة و قال إنهم غافلون عما يراد بهم و منهم و ليسوا بمغفول عنهم بل أعمالهم محفوظة مكتوبة . [ 11 ] ثم قال و التاركون أي يتركون الواجبات . ثم قابل ذلك بقوله و المأخوذ منهم لأن الأخذ في مقابلة الترك و معنى الأخذ منهم انتقاص أعمارهم و انتقاض قواهم و استلاب أحبابهم و أموالهم . ثم شبههم بالنعم التي تتبع نعما أخرى . سائمة أي راعية و إنما قال ذلك لأنها إذا اتبعت أمثالها كان أبلغ في ضرب المثل بجهلها من الإبل التي يسيمها راعيها و المرعى الوبي ذو الوباء و المرض و المشرب الدوي ذو الداء و أصل الوبي اللين الوبي‏ء المهموز و لكنه لينه يقال أرض وبيئة على فعيلة و وبئة على فعلة و يجوز أوبأت فهي موبئة . و الأصل في الدوي دو بالتخفيف و لكنه شدده للازدواج . ثم ذكر أن هذه النعم الجاهلة التي أوقعت أنفسها في هذا المرتع و المشرب المذمومين كالغنم و غيرها من النعم المعلوفة . للمدى جمع مدية و هي السكين لا تعرف ما ذا يراد بها و تظن أن ذلك العلف إحسان إليها على الحقيقة . و معنى قوله تحسب يومها دهرها أي تظن أن ذلك العلف و الإطعام كما هو حاصل لها ذلك اليوم يكون حاصلا لها أبدا . و شبعها أمرها مثل ذلك أي تظن أنه ليس أمرها و شأنها إلا أن يطعمها أربابها لتشبع و تحسن و تسمن ليس يريدون بها غير ذلك . ثم خرج ع من هذا الفن إلى فن آخر فأقسم أنه لو شاء أن يخبر كل واحد منهم من أين خرج و كيفية خروجه من منزله و أين يلج و كيفية ولوجه و جميع شأنه من مطعمه و مشربه و ما عزم عليه من أفعاله و ما أكله و ما ادخره في بيته و غير ذلك من شئونه و أحواله لفعل . [ 12 ] و هذا كقول المسيح ع وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ . قال إلا أني أخاف أن تكفروا في برسول الله ص أي أخاف عليكم الغلو في أمري و أن تفضلوني على رسول الله ص بل أخاف عليكم أن تدعوا في الإلهية كما ادعت النصارى ذلك في المسيح لما أخبرهم بالأمور الغائبة . ثم قال ألا و إني مفضيه إلى الخاصة أي مفض به و مودع إياه خواص أصحابي و ثقاتي الذين آمن منهم الغلو و أعلم أنهم لا يكفرون في بالرسول ص لعلمهم أن ذلك من إعلام نبوته إذ يكون تابع من أتباعه و صاحب من أصحابه بلغ إلى هذه المنزلة الجليلة . ثم أقسم قسما ثانيا أنه ما ينطق إلا صادقا و أن رسول الله ص عهد بذلك كله إليه و أخبره بمهلك من يهلك من الصحابة و غيرهم من الناس و بنجاة من ينجو و بمآل هذا الأمر يعني ما يفضي إليه أمر الإسلام و أمر الدولة و الخلافة و أنه ما ترك شيئا يمر على رأسه ع إلا و أخبره به و أسره إليه فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي و اعلم أنه غير مستحيل أن تكون بعض الأنفس مختصة بخاصية تدرك بها المغيبات و قد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية و لكن لا يمكن أن تكون نفس تدرك كل المغيبات لأن القوة المتناهية لا تحيط بأمور غير متناهية و كل قوة في نفس حادثة فهي متناهية فوجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين ع لا على أن يريد به عموم العالمية [ 13 ] بل بعلم أمورا محدودة من المغيبات مما اقتضت حكمة البارئ سبحانه أن يؤهله لعلمه و كذلك القول في رسول الله ص إنه إنما كان يعلم أمورا معدودة لا أمورا غير متناهية و مع أنه ع قد كتم ما علمه حذرا من أن يكفروا فيه برسول الله ص فقد كفر كثير منهم و ادعوا فيه النبوة و ادعوا فيه أنه شريك الرسول في الرسالة و ادعوا فيه أنه هو كان الرسول و لكن الملك غلط فيه و ادعوا أنه هو الذي بعث محمدا ص إلى الناس و ادعوا فيه الحلول و ادعوا فيه الاتحاد و لم يتركوا نوعا من أنواع الضلالة فيه إلا و قالوه و اعتقدوه و قال شاعرهم فيه من أبيات و من أهلك عادا و ثمودا بدواهيه و من كلم موسى فوق طور إذ يناديه و من قال على المنبر يوما و هو راقيه سلوني أيها الناس فحاروا في معانيه و قال بعض شعرائهم إنما خالق الخلائق من زعزع أركان حصن خيبر جذبا قد رضينا به إماما و مولى و سجدنا له إلها و ربا جملة من إخبار علي بالأمور الغيبية و قد ذكرنا فيما تقدم من إخباره ع عن الغيوب طرفا صالحا و من عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم و هو يشير إلى القرامطة [ 14 ] ينتحلون لنا الحب و الهوى و يضمرون لنا البغض و القلى و آية ذلك قتلهم وراثنا و هجرهم أحداثنا . و صح ما أخبر به لأن القرامطة قتلت من آل أبي طالب ع خلقا كثيرا و أسماؤهم مذكورة في كتاب مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني . و مر أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغري و بالحائر فلم يعرج على واحد منهما و لا دخل و لا وقف . و في هذه الخطبة قال و هو يشير إلى السارية التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة كأني بالحجر الأسود منصوبا هاهنا ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه و أسسه يمكث هاهنا برهة ثم هاهنا برهة و أشار إلى البحرين ثم يعود إلى مأواه و أم مثواه . و وقع الأمر في الحجر الأسود بموجب ما أخبر به ع . و قد وقفت له على خطب مختلفة فيها ذكر الملاحم فوجدتها تشتمل على ما يجوز أن ينسب إليه و ما لا يجوز أن ينسب إليه و وجدت في كثير منها اختلالا ظاهرا و هذه المواضع التي أنقلها ليست من تلك الخطب المضطربة بل من كلام له وجدته متفرقا في كتب مختلفة و من ذلك أن تميم بن أسامة بن زهير بن دريد التميمي اعترضه و هو يخطب على المنبر و يقول سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألوني عن فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها و سائقها و لو شئت لأخبرت كل واحد منكم بمخرجه و مدخله و جمع شأنه فقال فكم في رأسي طاقة شعر فقال له أما و الله إني لأعلم ذلك و لكن أين برهانه لو أخبرتك به و لقد أخبرتك بقيامك و مقالك و قيل لي إن على كل [ 15 ] شعرة من شعر رأسك ملكا يلعنك و شيطانا يستفزك و آية ذلك أن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله ص و يحض على قتله . فكان الأمر بموجب ما أخبر به ع كان ابنه حصين بالصاد المهملة يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن ثم عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد و أخرجه عبيد الله إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين ع و يتوعده على لسانه إن أرجأ ذلك فقتل ع صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته . و من ذلك قوله ع للبراء بن عازب يوما يا براء أ يقتل الحسين و أنت حي فلا تنصره فقال البراء لا كان ذلك يا أمير المؤمنين . فلما قتل الحسين ع كان البراء يذكر ذلك و يقول أعظم بها حسرة إذ لم أشهده و أقتل دونه . و سنذكر من هذا النمط فيما بعد إذا مررنا بما يقتضي ذكره ما يحضرنا إن شاء الله