جستجو

من خطبة له ع في الموعظة و بيان قرباه من رسول

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 177 ] و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الرابعة و السبعون من المختار في باب الخطب أيّها الغافلون غير المغفول عنهم ، و التّاركون المأخوذ منهم ، ما لي أريكم من اللّه ذاهبين ، و إلى غيره راغبين ، كأنّكم نعم أراح بها سآئم إلى مرعي وبيّ ، و مشرب دويّ ، إنّما هي كالمعلوفة للمدى لا تعرف ما ذا يراد بها إذا أحسن إليها ، تحسب يومها دهرها ، و شبعها أمرها ، و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و جميع شأنه لفعلت ، و لكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ألا و إنّي مفضيه إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه ، و الّذي بعثه بالحقّ و اصطفاه على الخلق ما أنطق إلاّ صادقا ، و لقد عهد إليّ بذلك كلّه و بمهلك من يهلك و منجى من ينجو و مآل هذا الأمر ، و ما أبقى شيئا يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذنيّ ، و أفضى به إليّ ، أيّها النّاس و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها ، و لا أنهيكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها . اللغة ( النعم ) بالتحريك جمع لا واحد له من لفظه و أكثر اطلاقه على الابل [ 178 ] و ( أراح ) الابل ردّها إلى المراح و هو بالضمّ مأوى الماشية باللّيل و بالفتح الموضع الّذي يروح منه القوم أو يروحون إليه و ( سامت ) الماشية سوما رعت بنفسها فهي سائمة و تتعدّى بالهمزة فيقال أسامها راعيها أى أرعيها و ( الوبيّ ) بالتشديد ذو الوباء و المرض و أصله الهمزة و ( الدّوى ) ذو الداء و الأصل في الدويّ دوى بالتخفيف و لكنّه شدّد للازدواج قال الجوهري : رجل دو بكسر الواو أى فاسد الجوف من داء و ( المدى ) بالضمّ جمع مدية و هى السكين و ( الشبع ) وزان عنب ضدّ الجوع . الاعراب غير المغفول صفة للغافلون و صحّة كون غير صفة للمعرفة مع توغّله في النكارة و عدم قبوله للتعريف و لو اضيف إلى المعارف من حيث إنّه لم يرد بالغافلين طائفة معيّنة فكان فيه شائبة الابهام و صحّ بذلك وصفه بالنكرة كما في قوله : صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم على قول من يجعل غير وصفا للّذين لا بدلا منه ، و الاستفهام في قوله : ما لى أراكم ، للتعجّب كما في قوله : ما لى لا أرى الهدهد و سائم فاعل أراح كما يستفاد من شرح البحراني ، أو صفة للفاعل المحذوف كما يستفاد من شرح المعتزلي و العلاّمة المجلسيّ « ره » . و قوله : تحسب يومها دهرها و شبعها أمرها ، الظاهر أنّ يومها ثاني مفعول تحسب و كذلك شبعها و التقديم على الأوّل لقصد الحصر . المعنى اعلم أنّ مدار هذه الخطبة الشريفة على فصلين : الفصل الاول في ايقاظ الغافلين و تنبيه الجاهلين من رقدة الغفلة و الجهالة و هو قوله : ( أيّها الغافلون غير المغفول عنهم ) الظاهر أنّ الخطاب لكلّ من اتّصف [ 179 ] بالغفلة من المكلّفين أى الّذين غفلوا عمّا اريد منهم من المعارف الحقّة و التكاليف الشرعية و لم يغفل عنهم و عمّا فعلوا ، لكون أعمالهم مكتوبة محفوظة في اللّوح المحفوظ و صحائف الأعمال و كلّ ما فعلوه في الزبر و كلّ صغير و كبير مستطر ( و التاركون ) لما امروا به من الفرائض و الواجبات ( المأخوذ منهم ) ما اغترّوا به من الأهل و المال و الزخارف و القينات ( مالى أراكم عن اللّه ذاهبين ) كناية عن اعراضهم عن اللّه سبحانه و التفاتهم إلى غيره تعالى ( و إلى غيره راغبين ) إشارة إلى رغبتهم في زهرة الحياة الدّنيا و إعجابهم بها . ( كأنّكم نعم أراح بها سائم إلى مرعى وبىّ و مشرب دوىّ ) شبّههم بأنعام ذهب بها سائم إلى مرعى و مشرب وصفهما ما ذكر و المراد بالسائم حيوان يسوم و يرعى و هو المستفاد من الشارح المعتزلي حيث قال : شبّههم بالنّعم الّتي تتبع نعما اخرى سائمة أى راعية ، و إنما قال ذلك لأنّها إذا تبعت أمثالها كان أبلغ في ضرب المثل بجهلها من الابل الّتى يسميها راعيها ، انتهى . و فسّره الشارح البحراني بالراعى أي الّذي يراعي النعم و يحفظها و يواظب عليها من الرعاية و هو المراعاة و الملاحظة قال : شبّههم بالنّعم الّتي أراح بها راعيها إلى مرعى كثير الوباء و الدّاء ، و وجه الشبه أنهم لغفلتهم كالنّعم و نفوسهم الأمّارة القائدة لهم إلى المعاصى كالراعي القائد إلى المرعى الوبىّ و لذات الدّنيا و مشتهياتها و كون تلك اللّذات و المشتهيات محلّ الآثام الّتي هي مظنّة الهلاك الاخروى و الداء الدّوىّ تشبه المرعى الوبيّ و المشرب الدويّ انتهى . أقول : و هذا أقرب لفظا و ما قاله الشارح المعتزلي أقرب معنى ، و ذلك لأنّ لفظ السائم على قول المعتزلي بمعنى الراعى من الرعى و هذا لا غبار عليه من حيث المعنى إلاّ أنه يحتاج حينئذ إلى حذف الموصوف أى حيوان سائم و نحوه و هو خلاف الأصل ، و أمّا على قول البحراني فلا حاجة إلى الحذف إلاّ أنّ كون السائم بمعنى الراعى من الرعاية مما لم يقل به أحد ، و كيف كان فالمقصود تشبيههم بأنعام اشتغلت بالماء و الكلاء و غفلت عمّا في باطنهما من السمّ الناقع و دوى الدّاء . [ 180 ] ( إنما هى كالمعلوفة للمدى ) و السكاكين ( لا تعرف ماذا يراد بها إذا احسن إليها ) أى تزعم و تظنّ أنّ العلف إحسان إليها على الحقيقة و لا تعرف أنّ الغرض من ذلك هو الذبح و الهلاك ( تحسب يومها دهرها ) يعني أنها لكثرة إعجابها لعلفها في يومها تظنّ أنّ دهرها مقصور على ذلك اليوم ليس لها وراءه يوم آخر ، و قيل معناه أنها تظنّ أنّ ذلك العلف و الاطعام كما هو حاصل لها ذلك اليوم يكون حاصلا لها أبدا . ( و شبعها أمرها ) أى تظنّ انحصار أمرها و شأنها في الشبع مع أنّ غرض صاحبها من إطعامها و إشباعها أمر آخر . الفصل الثانى في الاشارة إلى بعض مناقبه الجميلة و مقاماته الجليلة و هو قوله : ( و اللّه لو شئت أن اخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و جميع شأنه لفعلت ) اى لو أشاء لأخبر كلّ واحد منكم بأنّه من اين خرج و أين دخل و كيفيّة خروجه و ولوجه و اخبر بجميع شأنه و شغله من أفعاله و أقواله و مطعمه و مشربه و ما أكله و ما ادّخره في بيته و غير ذلك مما أضمروه في قلوبهم و أسرّوه في ضمائرهم كما قال المسيح عليه السّلام : « اُنبّئكم بما تأكلون و تدّخرون في بيوتكم » . ( و لكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ) قال الشارح المعتزلي : أى أخاف عليكم الغلوّ في أمري و أن تفضّلوني على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، بل أخاف عليكم أن تدّعوا فيّ الإلهيّة كما ادّعت النصارى ذلك في المسيح لمّا أخبرهم بامور الغايبة و مع أنّه قد كتم ما علمه حذرا من أن يكفروا فيه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقد كفر كثير منهم و ادّعوا فيه النبوّة و ادّعوا فيه أنّه شريك الرّسول في الرّسالة و ادّعوا فيه أنّه هو كان الرسول و لكن الملك غلط فيه و ادّعوا أنّه الّذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله الى النّاس و ادّعوا فيه الحلول و ادّعوا فيه الاتّحاد و لم يتركوا نوعا من أنواع الضلالة فيه إلاّ و قالوه و اعتقدوه . [ 181 ] أقول : و يحتمل أن يكون مراده عليه السّلام بكفرهم فيه كفرهم باسناد التقصير إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في إظهار جلالته عليه السّلام و علوّ شأنه و سموّ مقامه ، و من ذلك أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لما أفصح عن بعض فضايله عليه السّلام نسبه المنافقون إلى الضلال و إلى أنّه ينطق عن الهوى حتّى كذّبهم اللّه تعالى فقال : و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحى يوحى . روى في الصّافي من المجالس عن ابن عباس قال : صلّينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلمّا سلّم أقبل علينا بوجهه ثمّ قال : إنه سينقض كوكب من السّماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيّي و خليفتي و الامام بعدى ، فلما كان قرب الفجر جلس كلّ واحد منّا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره و كان أطمع القوم في ذلك أبي العبّاس بن عبد المطلب ، فلما طلع الفجر انقضّ الكوكب من الهوا فسقط في دار عليّ بن أبيطالب عليه السّلام ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام : يا عليّ و الّذي بعثني بالنبوّة لقد وجبت لك الوصيّة و الامامة و الخلافة بعدي ، فقال المنافقون عبد اللّه بن أبيّ و أصحابه لقد ضلّ محمّد في محبّة ابن عمّه و غوى و ما ينطق في شأنه إلاّ بالهوى ، فأنزل اللّه تبارك و تعالى : و النّجم إذا هوى يقول عزّ و جلّ و خالق النّجم إذا هوى « ما ضلّ صاحبكم » يعني في محبّة عليّ بن أبيطالب عليه السّلام « و ما غوى و ما ينطق عن الهوى » يعني في شأنه « إن هو إلاّ وحى يوحى » . و من هذا الباب أيضا ما في الكافي عن أبي بصير قال : بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السّلام فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : إنّ فيك شبها من عيسى بن مريم عليه السّلام لو لا أن يقول فيك طوايف من امّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليه السّلام لقلت فيك قولا لا تمرّ بملاء من النّاس إلاّ أخذوا التراب من تحت قدمك ، قال : فغضب الاعرابيّان و المغيرة بن شعبة و عدّة من قريش معهم فقالوا : ما رضى أن يضرب لابن عمّه مثلا إلاّ عيسى بن مريم ، فأنزل اللّه على نبيّه « و لمّا ضرب بن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون و قالوا ء آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم [ 182 ] خصمون إن هو إلاّ عبد أنعمنا عليه و جعلناه مثلا لبني إسرائيل و لو نشاء لجعلنا منكم » يعني من بني هاشم « ملائكة في الأرض يخلفون » قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهرى فقال : « اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك » إنّ بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل 1 « فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم » فأنزل اللّه عليه مقالة الحارث و نزلت هذه الآية « و ما كان اللّه ليعذّبهم و أنت فيهم و ما كان اللّه معذّبهم و هم يستغفرون » ثمّ قال عليه السّلام له يا بن عمرو إمّا تبت و إمّا رحلت ، فدعى براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضّت هامته فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتانا استفتح ، قال اللّه عزّ و جل « و استفتحوا و خاب كلّ جبار عنيد » هذا . و لما ذكر أنّ إخباره ببعض المغيبات مؤدّ إلى الكفر و الضلال لقصور الاستعداد و القابليّة لاكثر النفوس البشريّة عن تحمّل الأسرار الغيبيّة استدرك ذلك بقوله ( إلا و انّي مفضيه ) أى مفض به و موصل له و مؤدّ إياه ( إلى الخاصّة ) أى إلى خواصّ أصحابي ( ممّن يؤمن ذلك ) أى الغلوّ و الكفر ( منه ) بما له من الاستعداد ( و الّذى بعثه ) أى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ( بالحقّ و اصطفاه على الخلق ما انطق إلاّ صادقا و لقد عهد إلىّ ) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ( بذلك كلّه ) أى بجميع ما اخبر به ( و بمهلك من يهلك و منجى من ينجو ) أى بهلاك الهالكين و نجاة النّاجين أو بمكان هلاكهم و مكان نجاتهم أو زمانهما . و المراد بالهلاك إمّا الهلاك الدّنيوى أى الموت أو القتل أو الهلاك الاخروى أعنى الضلال و الشقاء و كذلك النجاة ( و ) ب ( مآل هذا الأمر ) أي أمر الخلافة أو الدّين و ملك الاسلام و مآله انتهائه بظهور القائم و ما يكون في آخر الزمان ( و ما أبقى ) أى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ( شيئا يمرّ على رأسي ) من اغتصاب الخلافة و خروج النّاكثين و القاسطين و المارقين و قتالهم و من الشهادة بضربة ابن ملجم المرادى لعنه اللّه و غير ذلك مما جرى عليه بعده ( إلاّ أفرغه ) أى صبّه ( في اذنى و أفضي ----------- ( 1 ) أى ملكا بعد ملك و الهرقل ملك الروم ( منه ) [ 183 ] به ) أى أوصله و ألقاه ( إلىّ ) و أعلمني به و أسرّه إلىّ . ثمّ قال : ( أيها النّاس و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلاّ أسبقكم إليها و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهي قبلكم عنها ) لأنّ الأمر بالمعروف بعد الاتيان به و النّهي عن المنكر بعد التّناهى عنه أقوى تأثّرا و أكثر ثمرا كما مرّ في شرح الفصل الثاني من الخطبة المأة و الرّابعة ، و قد لعن الآمرين بالمعروف التاركين له و الناهين عن المنكر العاملين به في الخطبة المأة و التاسعة و العشرين . تبصرة ما تضمّنه ذيل هذه الخطبة من علمه عليه السّلام بالغيب قد مرّ تحقيق الكلام فيه في شرح الفصل الثاني من الخطبة المأة و الثّامنة و العشرين و أوردنا ثمّة بعض اخباره الغيبيّة و قدّمنا فصلا مشبعا من اخباره عن الغيوب في شرح الكلام السادس و الخمسين و شرح الخطبة الثانية و التسعين ، و أحببت أن أورد طرفا صالحا منها هنا مما يناسب المقام نقلا من كتاب مدينة المعاجز تأليف السّيّد السند الشارح المحدّث السيّد هاشم البحراني قدّس سرّه فأقول : منها ما رواه عن ابن شهر آشوب بسنده عن إسماعيل بن أبي زياد قال : إنّ عليّا عليه السّلام قال للبراء بن عازب : يا براء يقتل ابني الحسين عليه السّلام و أنت حيّ لا تنصره ، فلما قتل الحسين عليه السّلام كان البراء يقول : صدق و اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام و جعل يتلهّف و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب عن سفيان بن عيينة عن طاووس اليماني أنّه قال عليّ عليه السّلام لحجر البدري : يا حجر إذا وقعت على منبر صنعاء و امرت بسبّي و البراءة منّي قال : فقلت : أعوذ باللّه من ذلك ، قال عليه السّلام و اللّه إنّه لكائن ، فاذا كان كذلك فسبّني و لا تتبرّء منّي فانه من تبرّء منّي في الدّنيا تبرّأت منه في الآخرة . قال طاووس فأخذه الحجّاج على أن يسبّ عليّا عليه السّلام فصعد المنبر و قال : أيّها النّاس إنّ أميركم هذا أمرني أن ألعن عليّا فالعنوه لعنه اللّه . [ 184 ] و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب عن عبد اللّه بن أبي رافع قال : حضرت أمير المؤمنين عليه السّلام و قد وجّه أبا موسى الأشعري فقال له احكم بكتاب اللّه و لا تجاوزه ، فلما أدبر قال عليه السّلام و كأنّي به و قد خدع ، قلت : يا أمير المؤمنين فلم توجهه و أنت تعلم أنّه مخدوع ؟ فقال عليه السّلام : يا بنيّ لو عمل اللّه في خلقه بعلمه ما احتجّ عليهم بالرّسل . و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب أنه عليه السّلام أخبر بقتل جماعة منهم حجر بن عدىّ و رشيد الهجرى و كميل بن زياد و ميثم التّمار و محمّد بن اكثم و خالد بن مسعود و حبيب بن المظاهر و حويرثه و عمرو بن الحمق و مزرع و غيرهم ، و وصف قاتلهم و كيفيّة قتلهم . عبد العزيز بن صهيب عن أبي العالية قال : حدّثنى مزرع بن عبد اللّه قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول أما و اللّه ليقبلنّ جيش حتى إذا كان بالبيداء خسف بهم فقلت : هذا علم غيب ، قال : و اللّه ليكوننّ ما أخبرني به أمير المؤمنين عليه السّلام و ليأخذنّ رجل فليقتلنّ و ليصلبنّ بين شرفتين من شرف هذا المسجد ، فقلت : هذا ثان ، قال حدّثني الثقة المأمون عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال أبو العالية فما أتت علينا جمعة حتى اخذ مزرع و صلب بين الشرفتين . و منها ما رواه عن البرسي عن محمّد بن سنان و ساق الحديث قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول لعمر 1 : يا عمر يا مغرور إني أراك في الدّنيا قتيلا بجراحة من عبد امّ معمر تحكم عليه جورا فيقتلك توقيعا يدخل بذلك الجنّة على رغم منك . و منها ما رواه عن ثاقب المناقب عن إبراهيم بن محمّد الأشعري عمّن رواه قال إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أراد أن يبعث بمال إلى البصرة فعلم ذلك رجل من أصحابه فقال لو أتيته فسألته أن يبعث معى بهذا المال فاذا دفعه إلىّ أخذت طريق المكرجة فذهبت به ، فأتاه عليه السّلام و قال : بلغنى أنك تريد أن تبعث بمال إلى البصرة ، قال : نعم قال : فادفعه إلىّ فابلغه تجعل لي ما تجعل لمن تبعثه فقد عرفت صحبتي قال : فقال ----------- ( 1 ) أى عمر بن الخطاب . [ 185 ] له أمير المؤمنين عليه السّلام : خذ طريق المكرجة . و منها ما رواه عن الخصيبي في هدايته باسناده عن فضيل بن الزبير قال : مرّ ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر عند مجلس بني أسد فتحدّثا حتّى التقت أعناق فرسيهما ، ثمّ قال حبيب : لكأنّى برجل أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرّزق و قد صلب في حبّ أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يبقر بطنه على الخشبة ، فقال ميثم : و إنّى لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه فيقتل و يجال برأسه بالكوفة و اجيز الّذي جاء به ثمّ افترقا ، فقال أهل المجلس : ما رأينا أعجب من أصحاب أبي تراب يقولون إنّ عليا عليه السّلام أعلمهم بالغيب ، فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رشيد الهجري ليطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا قد افترقا و سمعناهما يقولان كذا و كذا ، قال رشيد لهم : رحم اللّه ميثما و حبيبا قد نسى أنّه يزاد في عطاء الّذي يجي‏ء برأسه مأة درهم ، ثمّ ولّى ، فقال أهل المجلس : هذا و اللّه أكذبهم ، فما مرّت الأيّام حتّى رأى أصحاب المجلس ميثما مصلوبا على باب عمرو بن حريث ، و جي‏ء برأس حبيب بن مظاهر من كربلا و قد قتل مع الحسين بن عليّ عليهما السّلام إلى عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه ، و زيد في عطاء الذي حمل رأس حبيب مأة درهم كما ذكر و رؤى كلّما قاله أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام أخبرهم به أمير المؤمنين عليه السّلام . و منها ما رواه عن الخصيبي مسندا عن أبي حمزة الثّمالي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سرية فقال : تصلون ساعة كذا و كذا من اللّيل أرضا لا تهتدون فيها سيرا فاذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال فانكم تمرّون برجل فاضل خيّر فتسترشدونه فيأبي أن يرشدكم حتّى تأكلوا من طعامه و يذبح لكم كبشا فيطعمكم ثمّ يقوم معكم فيرشدكم على الطريق فاقرءوه منّي السّلام و أعلموه أنّي قد ظهرت في المدينة . فمضوا فلمّا وصلوا إلى الموضع في الوقت ضلّوا ، فقال قائل منهم : ألم يقل لكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خذوا ذات الشمال ، ففعلوا فمرّوا بالرجل الّذي وصفه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاسترشدوه الطريق فقال : إنّي لا ارشدكم حتّى تأكلوا من طعامي فذبح لهم كبشا فأكلوا من طعامه و قام معهم فأرشدهم الطريق فقال : أظهر النبيّ صلوات اللّه عليه و آله [ 186 ] بالمدينة ؟ فقالوا : نعم ، فأبلغوه سلامه فخلّف في شأنه من خلّف و مضى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و هو عمرو بن الحمق الخزاعى ابن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن درّاج بن عمرو بن سعد بن كعب ، فلبث معه عليه السّلام ما شاء اللّه . ثمّ قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ارجع إلى الموضع الذي هاجرت إلىّ منه فاذا نزل أخى أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة و جعلها دار هجرته فآته . فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه حتّى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السّلام أتاه فأقام معه في الكوفة . فبينا أمير المؤمنين عليه السّلام جالس و عمرو بين يديه فقال له يا عمرو ألك دار ؟ قال : نعم ، قال : بعها و اجعلها في الأزد فاني غدا لو قد غبت عنكم لطلبت فتتبعك الأزد حتّى تخرج من الكوفة متوجّها نحو الموصل . فتمرّ برجل نصرانيّ فتقعد عنده فتستسقيه الماء فيسقيكه و يسألك عن شأنك فتخبره و ستصادفه مقعدا فادعه إلى الاسلام فانّه يسلم فاذا أسلم فامرر بيدك على ركبتيه فانّه ينهض صحيحا سليما ، و يتبعك . و تمرّ برجل محجوب جالس على الجادّة فتستسقيه الماء فيسقيك و يسألك عن قصّتك و ما الّذي أخافك و ممّن تتوقع فحدّثه بأنّ معاوية طلبك ليقتلك و يمثل بك لايمانك باللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و طاعتك لي و إخلاصك في ولايتي و نصحك للّه تعالى في دينك فادعه إلى الاسلام فانّه يسلم ، فامرر يدك على عينيه فانه يرجع بصيرا باذن اللّه فيتّبعانك و يكونان معك و هما اللّذان يواريان جثّتك في الأرض . ثمّ تصير إلى الدّير على نهر يدعى بالدّجلة فانّ فيه صديقا عنده من علم المسيح عليه السّلام ما تجده لك أعون الأعوان على سرّك و ما ذاك إلاّ ليهديه اللّه لك فاذا أحسّت بك شرطة ابن امّ الحكم و هو خليفة معاوية بالجزيرة و يكون مسكنه بالموصل فاقصد إلى الصّديق الذي في الدّير في أعلى الموصل فناده فانه يمتنع عليك فاذكر اسم اللّه الذى علّمتك إيّاه فانّ الدّير يتواضع لك حتّى تصير في ذروته فاذا رآك ذلك الراهب الصديق قال لتلميذ معه ليس هذا أوان المسيح هذا شخص كريم و محمّد قد [ 187 ] توفاه اللّه و وصيّه قد استشهد بالكوفة و هذا من حواريه ثمّ ياتيك ذليلا خاشعا فيقول لك أيّها الشخص العظيم قد أهلتني لما لم استحقّه فبم تأمرني ؟ فتقول استر تلميذي هذين عندك و تشرف على ديرك هذا فانظر ماذا ترى ، فاذا قال لك إنّى أرى خيلا غامرة نحونا . فخلّف تلميذيك عنده و انزل و اركب فرسك و اقصد نحو غار على شاطى‏ء الدّجلة تستتر فيه فانّه لا بدّ من أن يسترك و فيه فسقة من الجنّ و الانس ، فاذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجنّ يظهر لك بصورة تنّين فينهشك نهشا يبالغ في اضعافك فينفر فرسك فتبدر بك الخيل فيقولون هذا فرس عمرو و يقفون اثره . فاذا أحسست بهم دون الغار فابرز إليهم بين دجلة و الجادّة فقف لهم في تلك البقعة فانّ اللّه جعلها حفرتك و حرمك فالقهم بسيفك فاقتل منهم ما استطعت حتّى يأتيك أمر اللّه فاذا غلبوك حزّوا رأسك و شهروه على قناة إلى معاوية و رأسك أوّل رأس يشهر في الاسلام من بلد إلى بلد . ثمّ بكى أمير المؤمنين عليه السّلام و قال : بنفسى ريحانة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ثمرة فؤاده و قرّة عينه ابني الحسين فانّى رأيته يسير و ذراريه بعدك يا عمرو من كربلا بغربى الفرات إلى يزيد بن معاوية عليهما لعنة اللّه . ثمّ ينزل صاحبك المحجوب و المقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك و هو من الدير و الموصل على مأة و خمسين خطوة من الدّير . إلى غير هذه مما لا نطيل بروايتها ، و قد وضح و اتّضح لك مما أوردناه من الاخبار تصديق ما ذكره عليه السّلام في هذه الخطبة من علمه عليه السّلام بالغيب و أنه يعلم أعمال الناس و أفعالهم و يطلع على ما أعلنوه و ما أسرّوه ، و يعرف مهلك من يهلك و منجى من ينجو ، و يخبر من ذلك ما يتحمّل على من يتحمّل من خواصّه و بطانته سلام اللّه عليه و آله و شيعته . الترجمة از جمله خطب شريفه آن برگزيده پروردگار و وصىّ رسول مختار است [ 188 ] در نصيحت مخاطبين و اظهار بعض مناقب خود مى‏فرمايد . اى غافلاني كه غفلت كرده نشده از رفتار و كردار ايشان ، و اى ترك كنندگان تكاليف خود كه أخذ خواهد شد از ايشان آنچه بايشان داده‏اند از متاع دنيا ، چيست مرا كه ميبينم شما از خداوند تبارك و تعالى كنار روندگانيد و بسوى غير او رغبت كنندگان ، گويا كه شما چهار پايانيد كه برده باشد شبانگاه آنها را بسوى چراگاه و با آرنده و شرابگاه بيمار كننده جز اين نيست كه آن چهار پايان مثل حيواني ميباشند كه علف داده شده از براى كاردها يعني از براى كشتن كه نميشناسند چه چيز اراده ميشود بآنها چون احسان ميشود بآنها ، گمان ميكنند كه روزگار ايشان همين روز ايشان است و بس ، و مى‏پندارند كه كار ايشان منحصر بسير بودن آنها است ، قسم بخدا اگر بخواهم كه خبر دهم هر مردى را از شما بمكان خروج و محلّ دخول آن و بهمه شغل و شأن آن هر اينه ممكن است بمن اينكار ، و لكن ميترسم كه كافر شويد در حق من برسول مختار صلّى اللّه عليه و آله آگاه باشيد بدرستيكه من رساننده‏ام اين اخبار غيبي را بخواص أصحاب خود از آن اشخاصيكه أيمني شده باشد اين كفر از ايشان . و قسم بذاتى كه مبعوث فرموده پيغمبر را براستي و برگزيده او را بجميع خلق سخن نمى‏گويم مگر در حالت راستي و صدق و بتحقيق كه عهد فرموده حضرت رسالت صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بسوى من بهمه اين اخبار و بهلاكت كسى كه هلاك ميشود و بنجات يافتن كسيكه نجات خواهد يافت ، و به عاقبت اين امر خلافت و باقي نگذاشت چيزى را كه خواهد گذشت بر سر من از حوادث روزگار مگر اينكه ريخت آنرا در گوشهاى من و رسانيد آن را بمن ، أى مردمان بحق خدا تحريص نمى‏كنم شما را بر طاعتي مگر اينكه سبقت مى‏نمايم بشما بسوى آن طاعت ، و نهى نميكنم شما را از معصيتي مگر اينكه خود دارى ميكنم پيش از شما از آن معصيت .