جستجو

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

( 6 ) و قال عليه السّلام : من رضى عن نفسه كثر السّاخط عليه ، و الصّدقة دواء منجح ، و أعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم . [ 10 ] اللغة في الصحاح يقال ( أزريت به ) إذا قصرت به و أزريته أي حقّرته و ( استشعر ) فلان خوفا أي أضمره ( طمع ) فيه طمعا و طماعة و طماعية مخفّف فهو طمع ( الضرّ ) بالضمّ الهزال و سوء الحال و ( الخرس ) بالتحريك مصدر الأخرس و قد خرس و أخرسه اللَّه و ( المقلّ ) الفقير الّذي لا مال له ( الحبالة ) الّتي يصاد بها . الاعراب أزرى بنفسه ، الباء للتعدية بتضمين أزرى معنى قصر كما فسّره في الصّحاح . المعنى ( الطمع ) توقّع ما لا يستحقّ أو ما ليس بحقّ ، فقد يكون مباحا كطمع الجائزة من الأمراء و الهبة من الأغنياء ، و قد يكون أمرا محرّما كالطمع فيما لا يحلّ له من مال أو جمال ، و هو مذموم و ممنوع أخلاقا و هو من الصّفات العامّة قلّما يخلو عنه إنسان إلاّ من ارتاض نفسه و أزال أصل هذه الصّفة الذميمة عن نفسه ، فانه من لهبات الشهوة الكامنة في الطبائع الإنسانيّة . و قد اشتهر أشعب أحد التابعين بهذه الصفة و نسب إليه مطامع عجيبة إلى حدّ السخف و السفه . فمنها : أنّه اجتمع عليه الصّبيان يؤذونه فأراد تفريقهم و طردهم ، فأشار إليهم إلى بيت أنه يقسم فيه الحلوى ، فشرعوا يركضون نحوه ، و ركض معهم فقيل له في ذلك فأجاب أنه ربّما يكون صادقا . و منها : أنّه إذا مشى تحت السّماء يبسط طرف ردائه ، فسئل عن ذلك فقال : عسى أن يبيض طائر في الهواء فيقع بيضته في طرفي . فالطمع بما في أيدي النّاس يستلزم الخضوع لهم و يجرّ الهوان و سقوط المنزلة عندهم و عند اللَّه ، و قد ورد في ذمّ الطمع أخبار و أحاديث كثيرة . ورد في الشرح المعتزلي : « و في الحديث المرفوع أنّ الصفا الزلزال الّذي لا تثبت عليه أقدام العلماء الطمع » و قد اشتهر أنّه عزّ من قنع و ذلّ من طمع [ 11 ] و في الكافي عن أبي جعفر عليه السّلام : بئس العبد عبد له طمع يقوده ، و بئس العبد عبد له رغبة تذلّه ( كشف الضرّ ) للنّاس شكوى من اللَّه إلى عباده و هو خلاف رسم العبودية و هتك ستر الرّبوبيّة ، و قد ورد فيه ذمّ كثير . سمع الأحنف رجلا يقول : لم أنم الليلة من وجع ضرسي ، فجعل يكثر فقال : يا هذا لم تكثر فو اللَّه ذهبت عيني منذ ثلاث سنين فما شكوت ذلك إلى أحد و لا أعلمت بها أحدا ، و هو مع ذلك يوجب تنفير النّاس و مذلّة عندهم . و أمّا حفظ اللّسان و التسلّط عليه فممّا حثّ عليه في غير واحد من الأخبار و كان يقال : ربّ كلمة سفكت دما و أورثت ندما ، و في الحديث أنّ لسان ابن آدم يشرف صبيحة كلّ يوم على أعضائه و يقول لهم : كيف أنتم ؟ فقالوا : بخير إن تركتنا و في شرح ابن ميثم : احفظ لسانك أيّها الانسان لا يلدغنّك إنّه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الأقران ( و البخل ) حبس ما يقدر على إنفاقه من مال أو معاونة بيد و لسان ، فقد يصل إلى حدّ منع أداء الحقوق الواجبة كمنع النفقة على الأهل و الأقرباء الواجبة النفقة ، أو منع حق الزكاة للفقراء و سائر مصارفه ، أو الخمس عن أربابه فيوجب العقاب و المؤاخذة ، و قد يكون سببا لمنع ذوي الحقوق العامّة فيبلغ إلى حدّ الوبال و النكال ، و في الحديث أنّه لا يؤمن باللّه و اليوم الاخر من بات شبعانا و جاره جائع ، فلذا قال عليه السّلام : انّه ( عار ) . ( و الجبن منقصة ) لمضادّته مع الشجاعة الّتي هي ركن من أركان الإيمان و حلية لنفس الانسان ، فالجبون لا يقوم بالدّفاع عن عرضه و دينه ، و يخاف في كلّ موطن على نفسه . ( و أمّا الفقر ) قد ورد فيه الأخبار و كلمات الأخيار بالمدح تارة و الذّمّ اخرى ، فقد ورد في الكافي في باب الكفر و الايمان « ج 3 ص 452 » من المطبوع مع الشرح و الترجمة الفارسية بطهران عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النّوفلي ، عن [ 12 ] السّكوني ، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله : كاد الفقر أن يكون كفرا ، و كاد الحسد أن يغلب القدر . و قد وصف عليّ عليه السّلام الفقر في هذه العبارة بطبعه المؤثر في الفقير بالنظر إلى الاجتماع ، فانّ النّاس عبيد الدينار و لا ينظرون إلى الفقير إلاّ بعين الاحتقار و لا يتوجّهون إلى كلامه و حجته و إن كان حقّا و يؤثّر هذا الأمر في الفقير فلا نشاط له في إظهار حجّته عند المخاصمة حتّى كأنّه أخرس ، و نعم ما قيل : فصاحة سحبان و خطّ ابن مقلة و حكمة لقمان و زهد ابن أدهم لو اجتمعت في المرء و المرء مفلس فليس له قدر بمقدار درهم و قد بيّن عليه السّلام سوء أثر الفقر بأبلغ بيان في الفقرة التالية و هي قوله عليه السّلام : ( و المقلّ غريب في بلدته ) و إن يمكن التفريق بين الفقير و المقلّ حيث إنّ الفقير من أظهر حاجته للنّاس ، و المقلّ ربّما يظهر الغناء و الاستغناء و لكنّ النّاس لا يفرّقون بينهما ، فانّهم غالبا كالذباب يدورون حول الحلوى ، فإذا كان الانسان مقلاّ لا يقدر على جلبهم ببذل المال يعرضون عنه و لا يتقرّبون إليه و لا يسألون عن حاله و لا يتوجّهون إليه ، و بهذا النّظر يصير غريبا و إن كان في بلدته و بين عشيرته ، فانّ الغريب من لا يتوجّه إليه و لا يسأل عن حاله ، و نعم ما قال : لا تظن أنّ الغريب هو النائي و لكن الغريب المقلّ و تلحق الفقرة التالية و هو قوله عليه السّلام ( و العجز آفة ) بهاتين الفقرتين فانّ العجز في الانسان نوع من الفقر و الاقلال لأنّه عوز ما يحتاج إليه في العمل و إنفاد الامور الدّنيويّة أو الدّينية ، فكما أنّ الفقر و عدم المال نوع من العجز حيث إنّ الفقير لا يقدر على إنفاد الأمر المحتاجة إلى بذل المال ، فهو عاجز عن كثير من الأعمال أىّ عاجز ، فكذا العاجز الجسمي مثل الأعمى و الزمنى و الأشل ، و العاجز النّفساني كالسفيه و الكسلان لا يقدر على كثير من الأعمال ، فهو كمن عراه مرض أو عاهة منعته عن العمل . ( الشجاعة ) هي المقاومة تجاه العدوّ المهاجم و دفع هجومه بما تيسّر ، أو [ 13 ] الهجوم على العدوّ اللّدود لدفعه ، و كلّما لا يلائم عدوّ كالبلاء و هجران الأصدقاء و مفارقة الأقرباء و ترك التمتّع بما اشتهاه الانسان ( و الصبر ) هو المقاومة تجاه عدوّ المكاره و البلايا ، فحقيقة الشجاعة هو الصّبر ، و هو من الصفات الممدوحة الّتي ورد في الحثّ عليها آيات الكتاب و مستفيض السنّة بغير حساب . ( و الثروة ) المال و المتاع المصروفان في إنجاز الحوائج ، و الزاهد هو الّذي ترك الحوائج العادية و رغب عنها و كرهها ، فيتحصّل بالزهد للزاهد ما يحصّله غيره بصرف الثروة مضافا إلى أنّ الزاهد في راحة عن تحصيل الحاجة و عواقبها ، فمن صرف الدّينار و الدرهم في تحصيل غذاء لذيذ تعب نفسه بتحصيله و تحمّل ألم ما يعقبه من البطنة و الكسل و الدّفع ، و ربّما بعض الأمراض ، و لكن الزاهد في راحة عن ذلك كلّه ، فالزهد ثروة بلا تعب . ( و الورع ) هو التحرّز عما يضرّ عاجلا أو آجلا فهو ( جنّة ) دون أيّ بلية و عاهة في الدّنيا ، و دون أيّ عذاب و عقوبة في الاخرة . ( و الرّضا ) هو حسن الاستقبال عمّا يعرض للانسان في كلّ حال من حيث لا يقدر على تغييره بتدبيره ، فمن تلبّس بالرّضا تجاه ما قدر و قضى فقد قرن بما حسن حاله في كلّ حين ، و جعل لنفسه من نفسه رفيقا يفيض السرور في قلبه . ( و العلم ) فطري و هو موهبة إلهيّة الهم على قلب العالم بعناية اللَّه ، أو اكتسابي اوحى إليه بعد تحصيل مقدّماته المفضية إليه ، و التعبير عنه بأنّه ( وراثة ) تشير إلى أنّ العلم و هو النور الساطع من باطن العالم ينكشف به الأشياء المجهولة لديه ، موهبة من اللَّه و إن تكلّف تحصيل مقدّماته في العلوم الاكتسابيّة ، فهو كالرزق للأبدان بذله اللَّه لكلّ من يستحقّه مؤمنا كان أو غيره ، إلاّ ما كان من العلوم الإلهيّة و المعارف القدسيّة الّتي تختصّ بالمؤمن و من يرد اللَّه أن يهديه . و الإرث ما يتحصّل للوارث بلا عوض ، و بهذا الاعتبار عبّر عنه بالوراثة و ليس المقصود أنّ العلم ميراث من العلماء و الأساتذة ، كما في الشرحين لابن ميثم و ابن أبي الحديد ، فانّ العلم أعمّ ، و المقصود أتمّ . [ 14 ] ( و الاداب حلل مجدّدة ) الأدب لفظة يشعر بالنظم و الترتيب ، و منه مأدبة لسفرة الغذاء ، لأنّه يراعى فيه النظم و الأدب رعاية القوانين المقرّرة في الشرع و تنظيم الوظائف الدّينيّة و رعاية القوانين المقرّرة في المعاشرة و المعاملة مع الناس فرعاية الأدب التحلّي بأعمال و أقوال تجاه الخالق أو الخلق . و حيث إنّ الانسان دائما مسؤل من فعله و قوله أمام الخالق و المخلوق و لا بدّ له من رعاية وظائفه حينا بعد حين فكأنه برعاية الاداب يجدّد حلية جماله المعنوي ، و يلبس حللا و يبدلها باخرى ، و هذا من أحسن التعبيرات و الاستعارات . و قد ذكر صاحب الشرح في ذيل هذه الجملة قصّة لنا عليها نكتة و تعليق نذكرها بنصّها ثمّ نردفها بهذه النكتة و نعلّق عليها و هذا نصّها ( في ص 96 ج 18 ط مصر عيسى البابي الحلبي ) . و أنشد منشد بحضرة الواثق هارون بن المعتصم : أظلوم أنّ مصابكم رجلا أهدى السلام تحيّة ظلم فقال شخص : رجل هو خبر « انّ » و وافقه على ذلك قوم و خالفه آخرون فقال الواثق : من بقي من علماء النحويّين ؟ قالوا : أبو عثمان المازني بالبصرة فأمر باشخاصه إلى سرّ من رأى بعد ازاحة علّته ، قال أبو عثمان : فاشخصت ، فلمّا ادخلت عليه قال : ممّن الرّجل ؟ قلت : من مازن ، قال : من مازن تميم ، أم من مازن ربيعة ، أم من مازن قيس ، أم مازن اليمن ؟ قلت : من مازن ربيعة ، قال : باسمك ؟ بالباء يريد « ما اسمك ؟ » لأنّ لغة مازن ربيعة هكذا يبدلون الميم باء و الباء ميما ، فقلت : مكر أي « بكر » فضحك و قال : اجلس و اطمئنّ ، فجلست فسألني عن البيت فأنشدته منصوبا ، فقال : فأين خبر « انّ » ؟ فقلت « ظلم » قال : كيف هذا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، ألا ترى أنّ البيت إن لم يجعل « ظلم » خبر « انّ » يكون مقطوع المعنى معدوم الفائدة ، فلما كرّرت القول عليه فهم ، و قال : قبح اللَّه من لا أدب له ثمّ قال : ألك ولد ؟ قلت : بنيّة ، قال : فما قالت لك حين ودّعتها ؟ قلت : ما قالت بنت الأعشى : [ 15 ] تقول ابنتي حين جدّ الرحيل أرانا سواء و من قد يتم أبانا فلا رمت من عندنا فانا بخير إذا لم ترم أبانا إذا اضمرتك البلاد نخفى و تقطع منا الرّحم قال : فما قلت لها ؟ قال : قلت : أنشدتها بيت جرير : ثقي باللّه ليس له شريك و من عند الخليفة بالنّجاح فقال : ثق بالنجاح إن شاء اللَّه تعالى ثمّ أمر لي بألف دينار و كسوة ، و ردّني إلى البصرة انتهى . أقول : فيها نكتتان : 1 صاحب الشرح حمل لفظة الاداب الواردة في كلام مولانا عليه السّلام على المعنى الاصطلاحي المحدث ، و هو علم العربية و ما يلحق بها و ما يسمّونه بعلوم الأدب ، و الأدبيّات ، و مفهوم العلوم الأدبيّة ليس بواضح من وجهين : الأوّل : ما هي العلوم الأدبيّة ؟ الثاني : لماذا سمّيت تلك العلوم بالأدبيّة و أدبيّات ؟ أمّا جواب السؤال الأوّل فليس بمحرّر من حيث إنّ علم اللّغة و الصرف و النحو و البلاغة و الشعر أدبيّات و لكن هل تشتمل اللفظة علم التاريخ و المنطق ؟ و نوضح أوّلا جواب السؤال الثاني فنقول : إنّ لفظة أدب كما ذكر يشعر بالنظم و الترتيب ، و علوم اللغة و الصرف و النحو ينظّم الكلام فيقال لها : علوم الأدب أو الأدب العربي قال في « المنجد » آدب إيدابا السلطان البلاد ملأها قسطا و عدلا و العدل هو استقرار النظم الاجتماعي الصّحيح إلى أن قال : الاداب تطلق على العلوم و المعارف عموما ، أو على المستظرف منها فقط و يطلقونها على ما يليق بالشي‏ء أو الشخص فيقال : آداب الدرس و آداب القاضي الخ ، و علم الأدب هو علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا و كتابة انتهى . و على كلّ حال حمل لفظة الاداب في كلام مولانا عليه السّلام على هذا الاصطلاح ، كما يشعر به كلام الشارح المعتزلي بعيد جدّا ، فانّ هذا الاصطلاح غير موجود في هذا [ 16 ] العصر و ليس بمقصود في المقام ، كما أوضحناه . 2 يظهر من هذه القصّة انحطاط بلاط الخلافة في العلم و الأدب إلى حيث لا يفهم المعتصم هذا البيت العربي الصريح حتّى فهمه المازني و أوضح له المراد مع أنّه قريب العصر بالمأمون العبّاسي الشهير بالفضل و التوجّه إلى أهله . و أما تعليقنا على هذه القصّة فقد نفلت نظر القرّاء الكرام إلى وضع هذه الشخصيّة الفذّة و هو أبو عثمان المازني أحد أعيان العلوم الأدبية و واضع علم الصرف و قد كان من أعيان الشّيعة الإماميّة في عصره الرّهيب . قال في تنقيح المقال ج 1 ص 180 : بكر بن محمّد بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني إلى أن قال : قال النجاشي : بكر بن محمّد بن حبيب بن بقية أبو عثمان المازني مازن بني شيبان كان سيّد أهل العلم بالنحو و الغريب و اللغة بالبصرة و مقدّمته مشهورة بذلك إلى أن قال : و لا إشكال في كون الرّجل إماميّا ، و قد سمع من النجاشي أنّه من علماء الاماميّة الخ . أقول : و يشعر بعض مضامين القصّة المنقولة أنّه من الاماميّة حيث إنّ دعوته إلى سرّ من رأى بأمر الخليفة كانت رهيبة و معرض خطر ، و بهذه المناسبة سأله المعتصم عن أولاده و عمّا قالت له ابنته حين سفره و أعطاه الأمان بقوله : اجلس ، و اطمئنّ ، فيظهر منها أنّه كان معروفا بالتشيّع و مبتلى بالضغط و ضيق المعاش ، فطمع فيه ذمّي و أعطاه مائتي دينار ليعلّمه كتاب سيبويه ، و كما نقل عن المبرّد امتنع عن ذلك بأنّ في الكتاب ثلاثمائة و كذا و كذا آية من كتاب اللَّه عزّ و جلّ ، و لست أرى أن امكّن ذمّيا منها ، غيرة و حميّة للإسلام ، و يكشف ذلك عن غاية ورعه و تقواه . و ذكر العلاّمة الأوحد الاقا رضا الاصبهاني قدّس سرّه أحد أساتيدي و شيخ إجازتي أنّ حفظ حرمة كتاب اللَّه صار سببا لحدوث المناقشة بحضرة المعتصم و أدّى إلى إحضاره و إكرامه و بذل المال و الكسوة له و تعريفه بحضرة الخليفة استاذا منحصرا للأدب و اللغة في عصره ، فنال تأييدا منه بمنّه تعالى و صار سببا [ 17 ] لشهرته و رفع الضيق عنه ببركة حرمة القرآن الشريف ، و من هنا يتوجّه هذا السّؤال : هل يجوز تعليم القرآن بغير المسلم أم لا ؟ ربما يستفاد من ظاهر الاية الشريفة « لا يمسّه إلاّ المطهّرون » 79 سورة الواقعة » عدم الجواز ، لأنّ أظهر أفراد مسّ القرآن درك صورته العلميّة و حفظه في القلب ، و يستفاد من هذه الآية النهي عن مسّ غير المطهّر ، و الكافر غير مطهّر . كما أنّ خباب بن أرت امتنع عن تسليم جزء من القرآن كان يعلّمه فاطمة أخت عمر المسلمة حين طلبه عمر ليقرئه و قال أو قالت « لا يمسّه إلاّ المطهّرون » . و يشعر امتناع المازني أحد شيوخ الإماميّة عن تعليم كتاب سيبويه المتضمّن لايات القرآن الذمّي الغير المسلم بذلك ، و لعلّه يتفرّع على ذلك حرمة بيع المصحف بغير المسلم كما ذكره الفقهاء في مسائل المكاسب المحرّمة . و لكن يضعف ذلك كلّه أنّ القرآن الشريف اوحي إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ليقرأها على المشركين فيفهمونه و يصير سببا لاسلامهم ، و كان تعليم القرآن لغير المسلم سيرة ثابتة للنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله . ( و الفكر مرآة صافية ) الفكر أشعاع عقلي ينور القلب و ينكشف به الحقائق و هي حركة روحيّة من المبادي إلى المقاصد و من المقاصد إلى المبادي و عرّفه الشيخ البهائي قدّس سرّه في المبادي المنطقيّة لزبدة الأصول بأنّه تأمّل معقول لكسب مجهول . و وصفها عليه السّلام بأنّها مرآة صافية ينعكس فيها الحقائق فيجب على كلّ استعمالها في شتّى اموره و يخلّصها من شوب الوهم و التخيّل ليرى الأشياء فيها ، كما هي . ( و صدر العاقل صندوق سرّه ) كتمان الأسرار دأب العقلاء الأخيار ، و قد أمر في غير واحد من الأخبار بكتمان السرّ ، و صدر الوصاية به عن غير واحد من الحكماء و ذوى البصيرة سواء كان سرّ نفسه أو السرّ المودع عنده من غيره . [ 18 ] و قد كان سرّ الشّيعة في دولة الخلفاء الجائرة ما أفاده إليهم أئمّة الحقّ من الأحكام و الاداب الخاصّة و أمروهم بحفظه و صيانته عن الأعداء ، و وردت أخبار كثيرة في ذمّ من يذيع هذه الأسرار عند الأغيار . ( و البشاشة حبالة المودّة ) البشر و حسن الخلق مما يجلب به و يحفظ مودّة النّاس ، و كما يصاد بالحبالة الطيور النافرة يصاد بالبشاشة و حسن الخلق القلوب الوحشيّة ، و قد وصّى عليه السّلام ابنه الحسن في حديث المعاشرة بقوله : و بشرك للعامّة يعني أنّ حسن الخلق أدب مع كلّ النّاس . ( و الاحتمال قبر العيوب ) الاحتمال نوع من الحلم تجاه ما يكره من قول أو فعل يصدر عن المعاشر من صديق أو عدوّ ، فاذا تحمّله الانسان و لم يظهر الضّجر يصير سببا لدفن العيوب من وجهين : 1 أنّ كثيرا من العيوب يتولّد من عدم الاحتمال نفسه ، فكم من شخص غاظ من قول مكروه أو فعل غير ملائم فارتكب الجرائم و المعاصي و الذّمائم و المآثم . 2 أنّه إذا لم يتحمّل تلك المكاره و قام في وجه المرتكب بالانتقام و السّفه يبدون معائبه المكنونة و يفضحونه بما يعلمون من سرائر حاله ، فتحمّل المكاره موجب لستر العيوب . و قال في شرح ابن الميثم : و روي أنّه عليه السّلام قال في العبارة عن هذا المعنى أيضا : ( المسالمة خباء العيوب ) قال الجوهريّ : الخباء : واحد الأخبية بيت من وبر أو صوف و لا يكون من شعر و يكون على عمودين أو ثلاثة ، و ما فوق ذلك فهو بيت و المسالمة فضيلة تحت العفّة انتهى . و الأنسب أن يجعل المسالمة من فروع الشجاعة الأدبيّة فانّ مرجعها إلى المقاومة في قبال هجوم الغضب و الطمأنينة في موقع الاستفزاز . و في الشرح : إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السّكوت سكتّ عن السّفيه فظنّ أنّي عيبت عن الجواب و ما عييت [ 19 ] ( من رضى عن نفسه كثر الساخط عليه ) الرّضا عن النّفس من شعب العجب الّذي عدّ في غير واحد من الأخبار من المهلكات ، ففي الحديث : ثلاث من المهلكات : شحّ مطاع ، و هوى متّبع ، و إعجاب المرء بنفسه . و أثر هذه الخصلة توقّع الاحترام عن النّاس و تحميل الوظائف المربوطة به عليهم ، فعند اللقاء يتوقّع منهم الابتداء بالسلام و التحيّة ، و في الورود على المحافل و المجالس يتوقّع منهم التعظيم و القيام ، و عند البحث و إبداء الرأى يتوقّع منهم قبول قوله و هكذا ، و هذه التوقّعات ثقيلة على النّاس فيحصل الناقم عليه و الساخط و المنتقد . ( و الصّدقة دواء منجح ) الصّدقة تمليك مال للمستحقّ مجّانا قربة إلى اللَّه تعالى و هي واجبة كالزكاة المقرّر في الشرع ، و مندوبة و هي على مقدرة المتصدّق و سخائه ، و كلّ منهما دواء منجح للالام الاجتماعيّة و الفرديّة . فانّ من مصارف الزكاة الواجبة أداء الديون و تحرير الرقاب و الاعانة للفقراء و المساكين و الصرف في الامور العامّة من تسبيل السبل و تأمين الصحّة و إيجاد البيمارستانات و المساجد و الاعانة على الجهاد ، و كلّ هذه الامور معالجة باتة نافعة لالام محسوسة و موجعة للجمع و الفرد ، و يؤثر ذلك في رفع آلام المتصدّق و ينتفع به كغيره . كما أنّ الصدقة المندوبة دواء منجح في معالجة ألم الجوع و الحاجة للمستحق فتوجّه بقلبه على المتصدّق و المنفق فيدفع آلامه و يقضي حوائجه باذن اللَّه و قال صلّى اللَّه عليه و آله : داووا مرضاكم بالصّدقة . و في زكاة الجواهر : و يكفيك فيما ورد في فضل الصدقة الشاملة لها من أنّ اللَّه يربيها لصاحبها كما يربى الرّجل فصيله فيأتي بها يوم القيامة مثل احد ، و أنها تدفع ميتة السوء و تفكّ من سبعمائة شيطان ، و لا شي‏ء أثقل على الشيطان منها و صدقة الليل تطفى‏ء غضب الربّ و تمحق الذّنب العظيم و تهوّن الحساب ، و صدقة المال تنمي المال و تزيد في العمر . [ 20 ] ( و أعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم ) هذه الجملة تدلّ على تجسّم الأعمال و يستفاد منها أنّ كلّ عمل يتجسّم بصورة يناسبها من خير أو شرّ ، و حسن أو قبح ، و يراها العامل بعينه في آجله و هو حين حلول الموت الّذي يرفع الحجاب و يكشف الغطاء إلى القبر و البرزخ و القيامة . و يؤيّدها ظاهر قوله تعالى « فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرّة شراً يره » فانّ ظاهر الرؤية بمفعول واحد هي الرؤية بالبصر . الترجمة هر كه طمع در دل آرد خود را پست دارد و هر كه پرده از سختى و تنگدستى خويش برگيرد خود را بخوارى بسپارد و هر كه بگستاخى زبان خود سر نهد خويش را بزبونى دهد بخل ننگ است و ترس كاستى مرد است بينوائى هوشمند را از دليل حق خود گنگ سازد تنك سرمايه در وطنش آواره است و ناتوانى خود آفتى است جانى و شكيبائى دليريست و زهد توانگرى و پارسائى سپريست محكم و رضا به پيشامد چه خوب رفيقى است خوشامد و دانش بهره‏ايست ارجمند رعايت آداب جامه‏ايست زيبا و تازه و انديشه آئينه ايست زلال سينه خردمند صندوق هر رازيست خوشخوئي دام مهر و دوستى است و حلم‏ورزى گورستان عيبها است « سازش سرپوش عيبها است » هر كه از خود راضى است دشمنش فراوانست صدقه درماني است مؤثر و كارهاى بندگان خدا در ديگر سرا برابر چشمان آنها است . هر آنكس كه چشم طمع باز كرد بخود خوارى و پستى آغاز كرد زبونى پسندد بخود هر كسى شكايت ز سختى كند با كسى زبان هر كه فرمانده خويش كرد ز خوارى دل خويش را ريش كرد بود بخل ننگ و ، بود ترس نقص چه درويشى از حجت خود مرقص نداران غريبند اندر وطن بدان عجز را آفت خويشتن [ 21 ] شكيبا دلير است و ، زاهد غنى بود پارسائى دژ پر فنى رضا خوش قرين است از كف مده چه دانش برى ارث ارجش بنه ادب جامه فاخرى نوبنو ز انديشه پاك آينه كن درو خردمند را سينه صندوق راز ز خوشخوئيت دام مهرى بساز تحمل كن و عيب را خاك كن بسازش ز خود عيب را پاك كن زخود راضيانراست دشمن بسى ز صدقه بدرمان دردت رسى بود بندگانرا بديگر سراى همه كار در پيش چشم دوتاى