جستجو

و من دعاء له ع يلجأ فيه إلى

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 267 ] 222 و من دعاء له ع اَللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ اَلآْنِسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ وَ أَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ وَ تَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ اَلْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ وَ إِنْ صُبَّتْ عَلَيْهِمُ اَلْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى اَلاِسْتِجَارَةِ بِكَ عِلْماً بِأَنَّ أَزِمَّةَ اَلْأُمُورِ بِيَدِكَ وَ مَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ اَللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي وَ خُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَايَاتِكَ وَ لاَ بِبِدْعٍ مِنْ كِفَايَاتِكَ اَللَّهُمَّ اِحْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ وَ لاَ تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ أنست ضد وحشت و الإيناس ضد الإيحاش و كان القياس أن يقول إنك آنس المؤنسين لأن الماضي أفعل و إنما الآنسون جمع آنس و هو الفاعل من أنست بكذا لا من آنست فالرواية الصحيحة إذن بأوليائك أي أنت أكثرهم أنسا بأوليائك و عطفا و تحننا عليهم . و أحضرهم بالكفاية أي أبلغهم إحضارا لكفاية المتوكلين عليهم و أقومهم بذلك [ 268 ] تشاهدهم في سرائرهم أي تطلع على غيبهم و البصائر العزائم نفذت بصيرته في كذا أي حق عزمه . و قلوبهم إليك ملهوفة أي صارخة مستغيثه . و فههت عن مسألتي بالكسر عييت و الفهة و الفهاهة العي رجل أفه و رجل فه أيضا و امرأة فههة قال الشاعر فلم تلفني فها و لم تلف حاجتي ملجلجة أبغي لها من يقيمها و قد فههت يا رجل فهها أي عييت و يقال سفيه فهيه و فههه الله و خرجت لحاجة فأفهني عنها فلان أي أنسانيها . و يروى أو عمهت بالهاء و الميم المكسورة و العمه التحير و التردد عمه الرجل فهو عمه و عامه و الجمع عمه و أرض عمهاء لا أعلام بها . و النكر العجب و البدع المبتدع و منه قوله تعالى قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ اَلرُّسُلِ أي لم آت بما لم أسبق إليه . و مثل قوله ع اللهم احملني على عفوك و لا تحملني على عدلك قول المروانية للهاشمية لما قتل مروان في خبر قد اقتصصناه قديما ليسعنا عدلكم قالت الهاشمية إذن لا نبقي منكم أحدا لأنكم حاربتم عليا ع و سممتم الحسن ع و قتلتم الحسين و زيدا و ابنه و ضربتم علي بن عبد الله و خنقتم إبراهيم الإمام في جراب النورة . قالت قد يسعنا عفوكم قالت أما هذا فنعم [ 269 ] أدعية فصيحة من كلام أبي حيان التوحيدي و من الدعوات الفصيحة المستحسنة فصول من كلام أبي حيان التوحيدي نقلتها . فمنها اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك و من الأمل إلا فيك و من التسليم إلا لك و من التفويض إلا إليك و من التوكل إلا عليك و من الطلب إلا منك و من الرضا إلا عنك و من الذل إلا في طاعتك و من الصبر إلا على بلائك و أسألك أن تجعل الإخلاص قرين عقيدتي و الشكر على نعمك شعاري و دثاري و النظر إلى ملكوتك دأبي و ديدني و الانقياد لك شأني و شغلي و الخوف منك أمني و إيماني و اللياذ بذكرك بهجتي و سروري . اللهم تتابع برك و اتصل خيرك و عظم رفدك و تناهى إحسانك و صدق وعدك و بر قسمك و عمت فواضلك و تمت نوافلك و لم تبق حاجة إلا و قد قضيتها أو تكلفت بقضائها فاختم ذلك كله بالرضا و المغفرة إنك أهل ذلك و القادر عليه و الملي به . و منها اللهم إني أسألك خفايا لطفك و فواتح توفيقك و مألوف برك و عوائد إحسانك و جاه المقدسين من ملائكتك و منزلة المصطفين من رسلك و مكاثرة الأولياء من خلقك و عاقبة المتقين من عبادك . و أسألك القناعة برزقك و الرضا بحكمك و النزاهة عن محظورك و الورع في شبهاتك و القيام بحجتك و الاعتبار بما أبديت و التسليم لما أخفيت و الإقبال على ما أمرت و الوقوف عما زجرت حتى أتخذ الحق حجة عند ما خف و ثقل و الصدق سنة فيما عسر و سهل و حتى أرى أن شعار الزهد أعز شعار و منظر الباطل أشوه منظر [ 270 ] فأتبختر في ملكوتك بفضفاض الرداء بالدعاء إليك و أبلغ الغاية القصوى بين خلقك بالثناء عليك . و منها اللهم إليك أرفع عجري و بجري و بك أستعين في عسري و يسري و إياك أدعو رغبا و رهبا فإنك العالم بتسويل النفس و فتنة الشيطان و زينة الهوى و صرف الدهر و تلون الصديق و بائقة الثقة و قنوط القلب و ضعف المنة و سوء الجزع . فقني اللهم ذلك كله و اجمع من أمري شمله و انظم من شأني شتيته و احرسني عند الغنى من البطر و عند الفقر من الضجر و عند الكفاية من الغفلة و عند الحاجة من الحسرة و عند الراحة من الفسولة و عند الطلب من الخيبة و عند المنازلة من الطغيان و عند البحث من الاعتراض عليك و عند التسليم من التهمة لك . و أسألك أن تجعل صدري خزانة توحيدك و لساني مفتاح تمجيدك و جوارحي خدم طاعتك فإنه لا عز إلا في الذل لك و لا غنى إلا في الفقر إليك و لا أمن إلا في الخوف منك و لا قرار إلى في القلق نحوك و لا روح إلا في الكرب لوجهك و لا ثقة إلا في تهمة خلقك و لا راحة إلا في الرضا بقسمك و لا عيش إلا في جوار المقربين عندك . و منها اللهم ببرهانك الصادع و بنور وجهك الساطع صل على محمد نبيك نبي الرحمة و قائد الأمة و إمام الأئمة و احرس علي إيماني بك بالتسليم لك و خفف عني مئونة الصبر على امتحانك و واصل لي أسباب المزيد عند الشكر على نعمتك و اجعل بقية عمري في غنى عن خلقك و رضا بالمقدم من رزقك . [ 271 ] اللهم إنك إن آخذتنا بذنوبنا خسفت الأرض بنا و إن جازيتنا على ظلمنا قطعت دوابرنا فإنك قلت فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ اللهم إليك نشكو قسوة قلوبنا و غل صدورنا و فتنة أنفسنا و طموح أبصارنا و رفث ألسنتنا و سخف أحلامنا و سوء أعمالنا و فحش لجاجنا و قبح دعوانا و نتن أشرارنا و خبث أخيارنا و تلزق ظاهرنا و تمزق باطننا . اللهم فارحمنا و ارأف بنا و اعطف علينا و أحسن إلينا و تجاوز عنا و اقبل الميسور منا فإننا أهل عقوبة و أنت أهل مغفرة و أنت بما وصفت به نفسك أحق منا بما وسمنا به أنفسنا فإن في ذلك ما اقترن بكرمك و أدى إلى عفوك و من قبل ذلك و بعده فألب عيشنا بنعمتك و أرح أرواحنا من كد الأمل في خلقك و خذ بأزمتنا إلى بابك و أله قلوبنا عن هذه الدار الفانية و ازرع فيها محبة الدار الباقية و قلبنا على بساط لطفك و حثنا بالإحسان إلى كنفك و رفهنا عن التماس ما عند غيرك و اغضض عيوننا من ملاحظة ما حجب من غيرك و صل بيننا و بين الرضا عنك و ارفع عنا مئونة العرض عليك و خفف علينا كل ما أوصلنا إليك و أذقنا حلاوة قربك و اكشف عن سرائرنا سواتر حجبك و وكل بنا الحفظة و ارزقنا اليقظة حتى لا نقترف سيئة و لا نفارق حسنة إنك قائم على كل نفس بما كسبت و أنت بما نخفي و ما نعلن خبير بصير . و منها اللهم أنت الحي القيوم و الأول الدائم و الإله القديم و البارئ المصور و الخالق المقدس و الجبار الرفيع و القهار المنيع و الملك الصفوح و الوهاب المنوح [ 272 ] و الرحمن الرءوف و الحنان العطوف و المنان اللطيف مالك الذوائب و النواصي و حافظ الأداني و الأقاصي و مصرف المطيع و العاصي . اللهم أنت الظاهر الذي لا يجحدك جاحد إلا زايلته الطمأنينة و أسلمه اليأس و أوحشه القنوط و رحلت عنه العصمة و تردد بين رجاء قد نأى عنه التوفيق و أمل قد حفت به الخيبة و طمع يحوم على أرجاء التكذيب و سر قد أطاف به الشقاء و علانية قد أناف عليها البلاء موهون المنة منسوخ العقدة مسلوب العدة تشنؤه العين و تقليه النفس عقله عقل طائر و لبه لب حائر و حكمه حكم جائر لا يروم قرارا إلا أزعج عنه و لا يستفتح بابا إلا أرتج دونه و لا يقتبس ضرما إلا أجج عليه عثرته موصولة بالعثرة و حسرته مقرونة إلى حسرة إن سمع زيف و إن قال حرف و إن قضى خرف و إن احتج زخرف و لو فاء إلى الحق لوجد ظله ظليلا و أصاب تحته مثوى و مقيلا و أنت الباطن الذي لا يرومك رائم و لا يحوم على حقيقتك حائم إلا غشيه من نور إلهيتك و عز سلطانك و عجيب قدرتك و باهر برهانك و غرائب غيوبك و خفي شأنك و مخوف سطوتك و مرجو إحسانك ما يرده خاسئا من مزحزحه عن الغاية خجلا مبهورا و يرده إلى عجزه ملتحفا بالندم مرتديا بالاستكانة راجعا إلى الصغار موقوفا مع الذلة فظاهرك يدعو إليك بلسان الاضطرار و باطنك يحير فيك لسعة قضاء الاعتبار و فعلك يدل عليك الأسماع و الأبصار و حكمتك تعجب منك الألباب و الأسرار لك السلطان و الملكة و بيدك النجاة و الهلكة فإليك المفر و معك المقر و منك صنوف الإحسان و البر أسألك بأصح سر و أكرم لفظ و أفصح لغة و أتم إخلاص و أشرف همة و أفضل نية و أطهر عقيدة و أثبت يقين أن تصد عني [ 273 ] كل ما يصد عنك و تصلني بكل ما يصل بك و تحبب إلي كل ما يحبب إليك فإنك الأول و الثاني و المشار إليه في جميع المعاني لا إله إلا أنت . و منها اللهم إني أسألك جدا مقرونا بالتوفيق و علما بريئا من الجهل و عملا عريا من الرياء و قولا موشحا بالصواب و حالا دائرة مع الحق و فطنة عقل مضروبة في سلامة صدور و راحة جسم راجعة إلى روح بال و سكون نفس موصولا بثبات يقين و صحة حجة بعيدة من مرض شبهة حتى تكون غايتي في هذه الدنيا موصولة بالأمثل فالأمثل و عاقبتي عندك محمودة بالأفضل فالأفضل من حياة طيبة أنت الواعد بها و نعيم دائم أنت المبلغ إليه . اللهم لا تخيب رجاء هو منوط بك و لا تصفر كفا هي ممدودة إليك و لا تعذب عينا فتحتها بنعمتك و لا تذل نفسا هي عزيزه بمعرفتك و لا تسلب عقلا هو مستضي‏ء بنور هدايتك و لا تخرس لسانا عودته الثناء عليك فكما كنت أولا بالتفضل فكن آخرا بالإحسان . الناصية بيدك و الوجه عان لك و الخير متوقع منك و المصير على كل حال إليك . ألبسني في هذه الحياة البائدة ثوب العصمة و حلني في تلك الدار الباقية بزينة الأمن و أفطم نفسي عن طلب العاجلة الزائدة و أجرني على العادة الفاضلة و لا تجعلني ممن سها عن باطن ما لك عليه بظاهر ما لك عنده فالشقي من لم تأخذ بيده و لم تؤمنه من غده و السعيد من آويته إلى كنف نعمتك و نقلته حميدا إلى منازل رحمتك غير مناقش في الحساب و لا سائق له إلى العذاب فإنك على ذلك قدير . و منها اللهم اجعل غدونا إليك مقرونا بالتوكل عليك و رواحنا عنك موصولا [ 274 ] بالنجاح منك و إجابتنا لك راجعة إلى التهالك فيك و ذكرنا إياك منوطا بالسكون معك و ثقتنا بك هادئة إلى التفويض إليك و لا تخلنا من يد تستوعب الشكر و من شكر يمتري خلف المزيد و من مزيد يسبق اقتراح المقترحين و صنع يفوق ذرع الطالبين حتى نلقاك مبشرين بالرضا محكمين في المنى غير مناقشين و لا مطرودين . اللهم أعذنا من جشع الفقير و ريبة المنافق و تجليح المعاند و طيشة العجول و فترة الكسلان و حيلة المستبد و فتور العقل و حيرة المخرج و حسرة المحوج و فلتة الذهول و حرقة النكول و رقة الخائف و طمأنينة المغرور و غفلة الغرور . و اكفنا مئونة أخ يرصد مسكونا إليه و يمكر موثوقا به و يخيس معتمدا عليه . و صل الكفاية بالسلوة عن هذه الدنيا و اجعل التهافنا عليها حنينا إلى دار السلام و محل القرار و غلب إيماننا بالغيب على يقيننا بالعيان و احرسنا من أنفسنا فإنها ينابير الشهوة و مفاتيح البلوى . و أرنا من قدرتك ما يحفظ علينا هيبتك و أوضح لنا من حكمتك ما يقلبنا في ملكوتك و أسبغ علينا من نعمتك ما يكون لنا عونا على طاعتك و أشع في صدورنا من نورك ما تتجلى به حقائق توحيدك و اجعل ديدننا ذكرك و عادتنا الشوق إليك و علمنا النصح لخلقك و اجعل غايتنا الاتصال بك و احجبنا عن قول يبرئ من رضاك و عمل يعمى صاحبه عن هداك و ألف بيننا و بين الحق و قربنا من معادن الصدق و اعصمنا من بوائق الخلق و انقلنا من مضايق الرق و اهدنا إلى فوائد العتق . اللهم إنك بدأت بالصنع و أنت أهله فعد بالتوفيق فإنك أهله . [ 275 ] اللهم إنا نتضاءل لك عند مشاهدة عظمتك و ندل عليك عند تواتر برك و نذل لك عند ظهور آياتك و نلح عليك عند علمنا بجودك . و نسألك من فضلك ما لا يرزؤك و لا ينكؤك و نتوسل إليك بتوحيد لا ينتمي إليه خلق و لا يفارقه حق . و منها اللهم عليك أتوكل و بك أستعين و فيك أوالي و بك أنتسب و منك أفرق و معك أستأنس و لك أمجد و إياك أسأل لسانا سمحا بالصدق و صدرا قد ملئ من الحق و أملا منقطعا عن الخلق و حالا مكنونها يبوئ الجنة و ظاهرها يحقق المنة و عاقبة تنسي ما سلف و تتصل بما يتمنى و يتوكف . و أسألك اللهم كبدا رجوفا خئوفا و دمعا نطوفا شوقا إليك و نفسا عزوفا إذعانا لك و سرا ناقعا ببرد الإيمان بك و نهارا مشتملا على ما كسب من مرضاتك و ليلا مالئا بما أزلف لديك . أشكو إليك اللهم تلهفي على ما يفوتني من الدنيا و إنني في طاعة الهوى جاهلا بحقك ساهيا عن واجبك ناسيا ما تكرره من وعظك و إرشادك و بيانك و تنبيهك حتى كان حلاوة وعدك لم تلج أذني و لم تباشر فؤادي و حتى كأني مرارة عتابك و لائمتك لم تهتك حجابي و لم تعرض علي أوصابي . اللهم إليك المفر من دار منهومها لا يشبع و حائمها لا ينقع و طالبها لا يربع و واجدها لا يقنع و العيش عنك رقيق و للأمل فيك تحقيق . اللهم كما ابتليت بحكمتك الخفية التي أشكلت على العقول و حارت معها البصائر فعاف برحمتك اللطيفة التي تطاولت إليها الأعناق و تشوفت نحوها السرائر و خذ معنا بالفضل الذي إليك هو منسوب و عنك هو مطلوب و أفطم نفوسنا من رضاع الدنيا [ 276 ] و الطف بما أنت له أهل إنك على كل شي‏ء قدير . اللهم قدنا بأزمة التوحيد إلى محاضر طاعتك و اخلطنا في زمرة المخلصين لذكرك و اجعل إجابتك من قبيل ما يتصل بكرم عفوك و لا تجعل خيبتنا من قبل جهلنا بقدرك و إضرابنا عن أمرك فلا سائل أحوج منا و لا مسئول أجود منك . اللهم احجر بيننا و بين كل ما دل على غيرك ببيانك و دعا إلى سواك ببرهانك و انقلنا عن مواطن العجز مرتقيا بنا إلى شرفات العز فقد استحوذ الشيطان و خبثت النفس و ساءت العادة و كثر الصادون عنك و قل الداعون إليك و ذهب المراعون لأمرك و فقد الواقفون عند حدودك و خلت ديار الحق من سكانها و بيع دينك بيع الخلق و استهزئ بناشر مجدك و أقصي المتوسل بك . اللهم فأعد نضارة دينك و أفض بين خلقك بركات إحسانك و امدد عليهم ظل توفيقك و اقمع ذوي الاعتراض عليك و اخسف بالمقتحمين في دقائق غيبك و اهتك أستار الهاتكين لستر دينك و القارعين أبواب سرك القائسين بينك و بين خلقك اللهم إني أسألك أن تخصني بإلهام اقتبس الحق منه و توفيق يصحبني و أصحبه و لطف لا يغيب عني و لا أغيب عنه حتى أقول إذا قلت لوجهك و أسكت إذا سكت بإذنك و أسأل إذا سألت بأمرك و أبين إذا أبنت بحجتك و أبعد إذا بعدت بإجلالك و أقرب إذا قربت برحمتك و أعبد إذا عبدت مخلصا لك و أموت إذا مت منتقلا إليك اللهم فلا تكلني إلى غيرك و لا تؤيسني من خيرك . و منها اللهم إنا بك نعز كما إنا بغيرك نذل و إياك نرجو كما إنا من غيرك نيأس و إليك نفوض كما إنا من غيرك نعرض أذنت لنا في دعائك و أدنيتنا إلى فنائك و هيأتنا لعطائك و خصصتنا بحبائك و وسمتنا بولائك و عممتنا بآلائك و غمستنا في نعمائك و ناغيتنا بألسن ملكوتك عن دفائن ما في عالمك و لاطفتنا بظاهر قولك [ 277 ] و توليتنا بباطن فعلك فسمت نحوك أبصارنا و شامت بروق جودك بصائرنا فلما استقر ما بيننا و بينك أرسلت علينا سماء فضلك مدرارا و فتحت لنا منا أسماعا و أبصارا فرأينا ما طاح معه تحصيلنا و سمعنا ما فارقنا عنده تفضيلنا فلما سرنا إلى خلقك من ذلك ذروا اتخذونا من أجله لعبا و هزوا فبقدرتك على بلوانا بهم أرنا بك الغنى عنهم اللهم قيض لنا فرجا من عندك و أنح لنا مخلصا إليك فإنا قد تعبنا بخلقك و عجزنا عن تقويمهم لك و نحن إلى مقاربتهم في مخالفتك أقرب منا إلى منابذتهم في موافقتك لأنه لا طاقة لنا بدهمائهم و لا صبر لنا على بلوائهم و لا حيلة لنا في شفائهم فنسألك بالضراعة التامة و بالإخلاص المرفود إلا أخذت بأيدينا و أرسلت رحمتك علينا فما أقدرك على الإجابة و ما أجودك بكل مصون يا ذا الجلال و الإكرام . و منها اللهم إنا قربنا بك فلا تنئنا عنك و ظهرنا لك فلا تبطنا دونك و وجدناك بما ألقيت إلينا من غيب ملكوتك و عزفنا عن كل ما لوانا عن بابك و وثقنا بكل ما وعدتنا في كتابك و توكلنا بالسر و العلن على لطيف صنعك . اللهم إليك نظرت العيون فعادت خاسئة عبرى و فيك تقسمت الظنون فانقلبت يائسة حسرى و في قدرتك حارت الأبصار و في حكمتك طاحت البصائر و في آلائك غرقت الأرواح و على ما كان منك تقطعت الأنفاس و من أجل إعراضك التهبت الصدور و لذكر ما مضى منك هملت الدموع اللهم تولنا فيما وليتنا حتى لا نتولى عنك و أمنا مما خوفتنا حتى نقر معك و أوسعنا رحمتك حتى نطمئن إلى ما وعدتنا في كتابك و فرق بيننا و بين الغل حتى لا نعامل به خلقك و أغننا بك حتى لا نفتقر إلى عبادك فإنك إذا يسرت أمرا تيسر و مهما بلوتنا فلا تبلنا بهجرك و لا تجرعنا مرارة سخطك لا قد اعترفنا بربوبيتك [ 278 ] عبودية لك فعرفنا حقيقتها بالعفو عنا و الإقبال علينا و الرفق بنا يا رحيم . و منها اللهم إن الرغبات بك منوطة و الوسائل إليك متداركة و الحاجات ببابك مرفوعة و الثقة بك مستحصفة أي مستحكمة و الأخبار بجودك شائعة و الآمال نحوك نازعة و الأماني وراءك منقطعة و الثناء عليك متصل و وصفك بالكرم معروف و الخلائق إلى لطفك محتاجة و الرجاء فيك قوي و الظنون بك جميلة و الأعناق لعزك خاضعة و النفوس إلى مواصلتك مشتاقة و الأرواح لعظمتك مبهوته لأنك لإله العظيم و الرب الرحيم و الجواد الكريم و السميع العليم تملك العالم كله و ما بعده و ما قبله و لك فيه تصاريف القدرة و خفيات الحكمة و نوافذ الإرادة و لك فيه ما لا ندريه مما تخفيه و لا تبديه جللت عن الإجلال و عظمت عن التعظيم و قد أزف ورودنا عليك و وقوفنا بين يديك و ظننا ما قد علمت و رجاؤنا ما قد عرفت فكن عند ظننا بك و حقق رجاءنا فيك فما خالفناك جرأة عليك و لا عصيناك تقحما في سخطك و لا اتبعنا هوانا استهزاء بأمرك و نهيك و لكن غلبت علينا جواذب الطينة التي عجنتنا بها و بذور الفطرة التي أنبتنا منها فاسترخت قيودنا عن ضبط أنفسنا و عزبت ألبابنا عن تحصيل حظوظنا و لسنا ندعي حجة و لكن نسألك رأفة فبسترك السابغ الذيال و فضلك الذي يستوعب كل مقال إلا تممت ما سلف منك إلينا و عطفت بجودك الفياض علينا و جذبت بأضباعنا و أقررت عيوننا و حققت آمالنا إنك أهل ذلك و أنت على كل شي‏ء قدير [ 3 ] الجزء الثاني عشر تتمة باب الخطب و الأوامر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل