جستجو

و من خطبة له ع يحذر من الفتن

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الواحد و الخمسون من المختار في باب الخطب و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره ، و الإعتصام من حبائله و مخاتله ، و أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته ، لا يوازى فضله ، و لا يجبر فقده ، أضآئت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و الجفوة الجافية ، و النّاس يستحلوّن الحريم ، و يستذلّون الحكيم ، يحيون على فترة ، و يموتون على كفرة ، ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت ، فاتّقوا سكرات النّعمة ، و احذروا بوائق النّقمة ، و تثبّتوا في قتام العشوة ، و اعوجاج الفتنة ، عند طلوع جنينها ، [ 158 ] و ظهور كمينها ، و انتصاب قطبها ، و مدار رحاها ، تبدو في مدارج خفيّة ، و تئول إلى فظاعة جليّة ، شبابها كشباب الغلام ، و آثارها كاثار السّلام ، تتوارثها الظّلمة بالعهود ، أوّلهم قائد لآخرهم ، و آخرهم مقتد بأوّلهم ، يتنافسون في دنيا دنيّة ، و يتكالبون على جيفة مريحة ، و عن قليل يتبرّء التّابع من المتبوع ، و القائد من المقود ، فيتزايلون بالبغضاء ، و يتلاعنون عند الّلقآء ، ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف ، و القاصمة الزّحوف ، فتزيغ قلوب بعد استقامة ، و تضلّ رجال بعد سلامة ، و تختلف الأهواء عند هجومها ، و تلتبس الآراء عند نجومها ، من أشرف لها قصمته ، و من سعى فيها حطمته ، يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة ، قد اضطرب معقود الحبل ، و عمى وجه الأمر ، تغيض فيها الحكمة ، و تنطق فيها الظّلمة ، و تدقّ أهل البدو بمسحلها ، و ترضّهم بكلكلها ، يضيع في غبارها الوحدان ، و يهلك في طريقها الرّكبان ، ترد بمرّ القضآء ، و تحلب عبيط الدّمآء ، و تثلم منار الدّين ، و تنقض عقد اليقين ، تهرب منها الأكياس ، و تدبّرها الأرجاس ، مرعاد مبراق ، كاشفة عن ساق ، تقطّع فيها الأرحام ، و يفارق عليها الإسلام ، بريّها سقيم ، و ظاعنها مقيم . [ 159 ] منها بين قتيل مطلول ، و خائف مستجير ، يختلون بعقد الأيمان ، و بغرور الإيمان ، فلا تكونوا أنصاب الفتن ، و أعلام البدع ، و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة ، و بنيت عليه أركان الطّاعة ، و اقدموا على اللَّه مظلومين ، و لا تقدموا على اللَّه ظالمين ، و اتّقوا مدارج الشّيطان ، و مهابط العدوان ، و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام ، فإنّكم بعين من حرّم عليكم المعصية ، و سهّل لكم سبيل الطّاعة . اللغة ( الدّحر ) الطّرد و الابعاد و الدّفع بعنف على الاهانة كالدّحور و قال سبحانه « وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُورا » و قال أيضا « أُخْرُجْ مِنْها مَذْمُوماً مَدْحُوراً » . و مداحر الشّيطان جمع مدحر و هى الأمور الّتى محلّ طرده و إبعاده . و قال الشّارح البحراني و المعتزلي : هى الامور الّتي بها يطرد و يبعد ، و على قولهما فهى للآلة ، و على ذلك فلا يجوز جعلها جمعا لمدحر كما توهّمه البحراني لأنّ مفعل بفتح الميم للمكان و بالكسر للآلة كما صرّح به جميع علماء الأدبيّة ، فلا بدّ من جعلها جمعا حينئذ لمدحرة بكسر الأوّل و الهاء أخيرا و زان مكسحة و مروحة ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مدحر بالكسر للآلة أيضا و جمع مفعل على مفاعل قد ورد في كلامهم مثل ملحف و ملاحف و مقود و مقاود . فقد تلخص ممّا ذكرنا أنّ مداحر يصحّ جعلها جمع مدحر بالفتح للمكان و مدحر و مدحرة بالكسر فيهما للآلة و نحوه ( المزاجر ) للامور الّتي [ 160 ] يزجر بها أو هى محلّ الزّجر من زجر الكلب نهنهه جمع مزجر و مزجر و ( ختله ) يختله بالكسر خدعه ، و المخاتل الأمور الّتي بها يختل و يخدع و ( يوازي ) مضارع آزى بالهمز و لا يقال وازى و ( الجهالة الغالبة ) في بعض النّسخ بالموحّدة من الغلبة و في بعضها بالمثنّاة من الغلاء و هو الارتفاع أو من الغلوّ و هو مجاوزة الحدّ و ( يستذلّون الحكيم ) في بعض النّسخ باللاّم من الحلم و ( الفترة ) انقطاع ما بين النبييّن و ( كفرة ) بالفتح واحدة الكفرات كضربة و ضربات . ( ثمّ انّكم معشر العرب ) في بعض النّسخ معشر النّاس و ( تثبّتوا ) من التثبّت و هو التوقّف ، و في بعض النسخ تبيّنوا من التبيّن و بهما أيضا قرء قوله سبحانه : « إنْ جائَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَاٍ فتَبَيَّنُوا » يقال تبيّنه أى أوضحه ، و تبيّن الأمر أى وضح يستعمل متعدّيا و لازما كاستبان قال تعالى : « فَإذا ضَرَبْتُمْ في سَبيلِ اللَّهِ فَتَبَيّنُوا » . أى اطلبوا بيان الأمر و ثباته و لا تعجلوا فيه و ( القتام ) الغبار و ( العشوة ) بتثليث الأوّل ركوب الأمر على غير بيان و وضوح ، و بالفتح فقط الظلمة و ( الجنين ) الولد ما دام في البطن و ( الكمين ) الجماعة المختفية في الحرب . و ( مدار رحاها ) مصدر و المكان بعيد و ( تبدو في مدارج ) في بعض النسخ بالواو من البدو و هو الظهور و في أكثرها تبدء بالهمز مضارع بدء و ( شبّ ) الفرس يشبّ شبابا بالكسر و شبيبا نشط و رفع يديه جميعا ، و في بعض النسخ ، شبابها كشباب الغلام بالفتح و ( السّلام ) بالكسر الحجارة و ( مريحة ) من أراح اللّحم و الماء أى أنتن أو من أراح الرّجل إذا مات و ( رجف ) الشي‏ء رجفا تحرّك و اضطرب شديدا و رجف القوم تهيّا و اللحرب . و ( زحف ) اليه مشي و في شرح المعتزلي الزّحف السير على تؤدة كسير الجيوش بعضها إلى بعض و ( نجم ) الشي‏ء ينجم نجوما من باب قعد ظهر و طلع و ( قصمت ) [ 161 ] العود كسرته و قصمه اللَّه أى أذلّه و أهانه و قيل قرب موته و ( التّكادم ) التّعاض بأدنى الفم و ( العانة ) القطيع من حمر الوحش و ( المسخل ) و زان منبر المبرد أى السّوهان و يقال أيضا للمنحت و ( الوحدان ) جمع واحد كركبان و راكب قال الشّارح المعتزلي : و يجوز أن يكون جمع أوحد مثل سودان و أسود يقال فلان أوحد الدّهر . و ( ثلمت ) الاناء أى كسرت حرفه فانثلم و ( الطلّ ) بالمهملة هدر الدّم و هو مطلول اى مهدر لا يطلب بدمه و ( يختلون ) في بعض النّسخ بالبناء على المفعول و في بعضها بالبناء على الفاعل من ختله خدعه و ( عقد ) الايمان بصيغة المصدر أو وزان صرد جمع عقدة و ( الأنصاب ) جمع نصب كأسباب و سبب و هو العلم المنصوب في الطريق يهدى به ، و في بعض النّسخ بالرّاء و ( مدارج الشّيطان ) جمع مدرجة و هى السّبل التّي يدرج فيها و ( لعق الحرام ) جمع لعقة اسم لما يلعق بالاصبع أو بالملعقة و هى بكسر الميم آلة معروفة ، و اللعقة بالفتح المرّة منه من لعقه العقه من باب تعب لحسه باصبع و مصدره لعق و زان فلس . الاعراب جملة لا يوازى فضله الظّاهر أنّها استيناف بيانيّ ، و جملة أضائت حال من فاعل المصدر أعني فقده ، و يحتمل الاستيناف البياني أيضا ، و النّاس حال من مفعول أضائت ، و قوله : تتوارثها الظلمة بالعهود ، الظّرف متعلّق بالفعل أو بالظلّمة ، و قوله و عن قليل إلى قوله : عند اللّقاء ، جملة معترضة ، و عن ، بمعنى بعد . المعنى اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة في معرض الاخبار عن الملاحم و الوقايع الحادثة في غابر الزّمان ، و صدّرها بالاستعانة على ما يجب الاستعانة من اللَّه سبحانه عليه ، و عقّب ذلك بالشّهادة بالتّوحيد و الرّسالة و ذكر ممادح الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله فقال : [ 162 ] ( و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره ) أى العبادات و الحسنات الّتي هى محلّ طرده و زجره أو بها يطرد و يزجر ( و الاعتصام من حبائله و مخاتله ) أى المعاصي و السّيئآت الّتي لها يصيد الانسان و يخدع البشر : قال الشّارح البحراني : و استعار لها لفظ الحبائل و هى أشراك الصّائد لمشابهتها في استلزام الحصول فيها للبعد عن السّلامة و الحصول في العذاب ( و أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له ) قد تقدّم في شرح الفصل الثّاني من الخطبة الثّانية شرح هذه الكلمة الطيّبة بما لا مزيد عليه فليراجع ثمّة ( و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ) صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ( و نجيبه ) أى الكريم الحسيب الّذي انتجبه من خلقه ، و يروى و نجيّه أى المناجي له و المشرف بمناجاته و مخاطبته و أصله من النّجوى و هي التّخاطب سرّا ( و صفوته ) أى مختاره و مصطفاه من النّاس ، و قد مضى تحقيق ذلك في شرح الخطبة الثّالثة و التّسعين . و لمّا كان ههنا مظنّة أن يسأل و يقال : هل يدانيه أحد في فضله أو يوازيه في كماله فيقوم مقامه عند افتقاره ؟ أجاب بقوله : ( لا يوازى فضله ) أى لا يحاذى و لا يساوى ( و لا يجبر فقده ) قال الشارح البحراني : إذ كان كماله في قوّتيه النّظرية و العمليّة غير مدرك لأحد من الخلق ، و من كان كذلك لم يجبر فقده إلاّ بقيام مثله من النّاس ، و إذ لا مثل له فيهم فلا جبران لفقده . ( أضائت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ) نسبة أضائت إلى البلاد من باب التّوسع ، و المراد اهتداء أهل البلاد بنور وجوده الشّريف إلى ما فيه صلاح المعاش و المعاد بعد تيههم في ظلمة الكفر و الضلال كما تقدّم في شرح الفصل السّادس عشر من الخطبة الأولى ، و عرفت هناك أنّه صلّى اللَّه عليه و آله قد بعث و أهل الأرض يومئذ ملل متفرّقة ، و أهواء منتشرة ، و طرايق متشتّتة ، بين مشبّهة و مجسّمة و زنادقة و غيرها ( و ) كانوا متّصفين ب ( الجهالة الغالبة ) عليهم ( و ) موصوفين ب ( الجفوة الجافية ) يريد بها غلظ الطّبيعة و قساوة القلوب و سفك الدّماء و وصفه بالجافية للمبالغة من قبيل شعر الشّاعر و داهية دهياء ، و قد تقدّم توضيح جفوة العرب و غلظهم في شرح [ 163 ] الفصل الأوّل من الخطبة السّابعة و العشرين . ( و النّاس يستحلّون الحريم ) أى حرمات اللَّه الّتي يجب احترامها و محرّماته ( و يستذلّون الحكيم ) أو الحليم كما في بعض الرّوايات ، و الحكمة هو العلم الّذي يرفع الانسان عن فعل القبيح ، و الحلم هو العقل و التّؤادة و ضبط النّفس عن هيجان الغضب ، و المعلوم من حال العرب استذلال من له عقل و معرفة و تجنّب عن سفك الدّماء و عن النهب و الغارة و إثارة الفتن لزعمهم أنّ ذلك من الجبن و الضّعف ( يحيون على فترة ) من الرّسل و انقطاع من الوحى الموجب لانقطاع الخير و تقليل العبادات و المجاهدات و موت النفوس بداء الجهل و الضّلالات ( و يموتون على كفرة ) لعدم هاد يهديهم إلى النّهج القويم و الشّرع المستقيم . ثمّ شرع عليه السّلام في إنذار النّاس بالبلايا النّازلة و اقتراب الحوادث المستقبلة فقال ( ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا ) و أهدافها ( قد اقتربت ) أوقاتها ( فاتّقوا سكرات النعمة ) لفظة السّكرات استعارة لما يحدثه النّعم عند أربابها من الغفلة و الخمرة المشابهة للسّكرة ( و احذروا بوائق النّقمة ) أى دواهي المؤاخذات و العقوبات ( و تثبّتوا في قتام العشوة ) و هو أمر لهم بالتّثبت و التّوقّف عند اشتباه الأمور و ترك الاقتحام فيها من غير بصيرة و رويّة . قال الشّارح البحراني : استعار لفظ القتام للشّبهة المثيرة للفتن كشبهة قتل عثمان التي نشأت منها وقايع الجمل و صفين و الخوارج ، و وجه المشابهة كون ذلك الأمر المشتبه ممّا لا يهتدى فيه خائضوه ، كما لا يهتدى القائم في القتام عند ظهوره و خوضه . ( و اعوجاج الفتنة ) أى إتيانها على غير وجهها و انحرافها عن النّهج ( عند طلوع جنينها و ظهور كمينها ) كنى بالجنين و الكمين عن المستور المختفي من تلك الفتنة و يحتمل إرادة الحقيقة بأن يكون المقصود بروز ما اجتن منها و استتر و ظهور ما كمن منها و بطن ( و انتصاب قطبها و مدار رحاها ) كنايتان عن استحكام أمرها و انتظامها ( تبدو في مدارج خفيّة و تؤل إلى فظاعة جليّة ) يعني أنّها تكون [ 164 ] ابتداء يسيرة ثمّ تصير كثيرة . فانّ النّار بالعودين تذكي و إنّ الحرب أوّلها كلام أو أنّ ظهورها في مسالك خفيّة حتّى تنتهى إلى شناعة عظيمة ( و شبابها كشباب الغلام و آثارها كآثار السّلام ) أى إنّ أربابها يمرحون في أوّل الأمر كما يمرح الغلام ثمّ تؤل إلى أن تعقب فيهم أو في الاسلام آثارا كآثار الحجارة في الأبدان ، أو أنّ المراد أنّها في الدّنيا كنشاط الغلام و ما أعقبتها من الآثار في الآخرة كآثار السّلام . ( يتوارثها الظّلمة بالعهود ) أى يتوارثها الظّلام بعهد الأوّل منهم للثّاني و عقد الأمر منه له كما هو دأب أمراء الجور يجعلون لهم وليّ العهد ، أو أنّ توارثهم بما عهدوا بينهم من ظلم أهل البيت و غصب حقّهم ، و على تعلّق الظّرف بالظلمة فالمراد أنّه يتوارثها الظالمين بعهد اللَّه و النّاقضين لميثاقه و التّاركين لتكاليفه . ( أوّلهم قائد لآخرهم ) يقوده إلى الظّلم و الضّلال و النّار ( و آخرهم مقتد بأوّلهم ) في الجور و إثارة الفتن و تشييد تلك الآثار ( يتنافسون في دنيا دنيّة ) أي يتعارضون و يتبارون في دنيا لا مقدار لها عند العقلاء ( و يتكالبون على جيفة مريحة ) أي يتواثبون على جيفة منتنة عند ذوى العقول و الأولياء ، و استعار لها لفظ الجيفة باعتبار النّفرة عنها ، و لفظ المريحة ترشيح قال الشّاعر : و ما هي إلاّ جيفة مستحيلة عليها كلاب همّهنّ اجتذابها ثمّ قال عليه السّلام ( و عن قليل ) أى بعد حين قليل ) يتبرّء التّابع عن المتبوع و القائد من المقود ) أى الأتباع من الرّؤساء و الرّؤساء من الأتباع و ذلك التبرّء يوم القيامة كما قاله الشّارح المعتزلي ، و قد أخبر اللَّه سبحانه عن تبرّء الأتباع بقوله : « ثُمَّ قيلَ لَهُمْ أَيْنَما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرينَ . [ 165 ] فقولهم لم نكن ندعو هو التبرّء ، و أخبر عن تبرّء الرّؤساء بقوله : « إذْ تَبَرَّءَ الّذينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعُوا وَ رأَوُ الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَ قالَ الّذينَ اتَّبَعُوا لَوْ أنَّ لَنا كَرَّةَ فَنَتَبَرَّءُ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُوا مِنّا » ( فيتزايلون ) و يفرقون ( بالبغضاء و يتلاعنون عند اللّقاء ) كما قال تعالى : « وَ يَوْمَ الْقِيمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَاْمَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً » . قال الشّارح المعتزلي : فان قلت : ألم يكن قلت إنّ قوله عن قليل يتبرّء التابع من المتبوع يعني يوم القيامة فكيف يقول ( ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف ) و هذا إنّما يكون قبل القيامة ؟ قلت : لمّا ذكر تنافس النّاس على الجيفة المنتنة و هي الدّنيا أراد أن يقول بعده بلا فصل : ثمّ يأتي بعد ذلك اه لكنّه لمّا تعجّب من تزاحم النّاس و تكالبهم على تلك الجيفة أراد أن يؤكّد ذلك التّعجب فأتى بجملة معترضة بين الكلامين فقال : إنّهم على ما قد ذكرنا من تكالبهم عليها عن قليل يتبرّء بعضهم من بعض و يلعن بعضهم بعضا ، و ذلك أدعى لهم لو كانوا يعقلون إلى أن يتركوا التّكالب و التّهارش على هذه الجيفة الخسيسة ، ثمّ عاد إلى نظام الكلام فقال : ثمّ يأتي بعد ذلك آه . و قال الشّارح البحراني حكاية عن بعضهم : إنّ ذلك التّبرء عند ظهور الدّولة العبّاسية ، فانّ العادة جارية بتبرّء النّاس عن الولاة المعزولين خصوصا عند الخوف ممّن تولّى عزل ذلك أو قتلهم ، فيتباينون بالبغضاء إذ لم تكن الفتهم و محبّتهم إلاّ لغرض دنياوىّ زال ، و يتلاعنون عند اللّقاء ، ثمّ قال الشّارح : و قوله : ثم يأتي طالع الفتنة ، هي فتنة التتار ، إذ الدائرة فيها على العرب . و قال بعض الشارحين : بل ذلك إشارة إلى الملحمة الكائنة في آخر الزّمان كفتنة الدّجال . [ 166 ] و كيف كان فوصف الفتنة بالرّجوف لكثرة اضطراب النّاس أو أمر الاسلام فيها و أراد بطالعها مقدّماتها و أوايلها و وصفها ثانيا بقوله ( و القاصمة الزّحوف ) أى الكاسرة الكثيرة الزّحف و كنّى بقصمها عن هلاك الخلق فيها و شبّهها بالرّجل الشّجاع كثير الزّحف إلى أقرانه أى يمشى إليهم قدما . ثمّ أشار إلى ما يترتّب على تلك الفتنة من المفاسد العظام و قال ( فتزيغ ) أى تميل ( قلوب بعد استقامة ) على سبيل اللَّه ( و تضلّ رجال بعد سلامة ) في دين اللَّه ( و تختلف الأهواء عند هجومها و تلتبس الآراء ) الصّحيحة بالفاسدة ( عند نجومها ) و ظهورها ، فيشتبه الحقّ بالباطل و يتيه فيها الجاهل و الغافل ( من أشرف لها ) أى قابلها و صادمها ( قصمته ) و هلكته ( و من سعى فيها ) أى أسرع في إطفائها و إسكاتها ( حطمته ) و كسرته ( يتكادمون فيها تكادم الحمر ) الوحش ( في العانة ) أى في قطيعها . قال العلامة المجلسي ( ره ) : و لعلّ المراد بتكادمهم مغالبة مثيرى تلك الفتنة بعضهم لبعض ، أو مغالبتهم لغيرهم . و قال الشّارح البحراني : و شبّه ذلك بتكادم الحمر في العانة ، و وجه التّشبيه المغالبة مع الايماء أى خلعهم ربق التّكليف من أعناقهم و كثرة غفلتهم عمّا يراد بهم في الآخرة . ( قد اضطرب معقود الحبل ) أى قواعد الدّين و الأحكام الشّرعيّة الّتي كلّفوا بها ( و عمى وجه الأمر ) في اسناد العمى الى الوجه تجوّز ، و المراد عدم اهتدائهم الى وجوه الصلاح و طرق الفلاح ( تغيض ) و تنقص ( فيها الحكمة ) لسكوت الحكماء عنها و عدم تمكّنهم عن التكلّم بها ( و تنطق فيها الظلمة ) بما يقتضيه أهواؤهم عن الظّلم و الفساد لمساعدة الزّمان عليهم ( و تدقّ ) تلك الفتنة ( أهل البدو ) أى البادية ( بمسحلها ) أى يفعل بهم ما يفعل المسحل بالحديد 1 أو ----------- ( 1 ) الاول مبنى على ان يراد بالمسحل السوهان و الثانى مبنى على ان يراد منه المنحت كما تقدم سابقا ، منه [ 167 ] الخشب ( و ترضّهم ) أى تدقّهم دقّا جريشا ( بكلكلها ) أى صدرها شبّه هذه الفتنة بالنّاقة الّتي تبرك على الشي‏ء فتسحقه بصدرها على سبيل الاستعارة بالكناية و إثبات الكلكل تخييل و الرّضّ ترشيح ( يضيع في غبارها الوحدان و يهلك في طريقها الرّكبان ) أى لا يخلص منها أحد و لا ينجو منها لشدّتها و قوّتها ، فمن كان يسير وحده فانّه يهلك فيها بالكلّيّة و إذا كانوا جماعة فهم يضلّون في طريقها فيهلكون ، و لفظ الغبار مستعار للقليل اليسير من حركة أهلها أى إذا أراد القليل من النّاس دفعها هلكوا في غبارها من دون أن يدخلوا في غمارها ، و أمّا الرّكبان و هم الكثير من النّاس فانّهم يهلكون في طريقها و عند الخوض فيها . و على كون الوحدان جمع أوحد فالمراد أنّه يضلّ في غبار هذه الفتنة و شبهها فضلاء عصرها ، لغموض الشبّهة و استيلاء الباطل ، و يكون الركبان حينئذ كناية عن الجماعة أهل القوّة ، فهلاك أهل العلم بالضّلال و هلاك أهل القوّة بالقتل و الاستيصال . ( ترد بمرّ القضاء ) أى بالهلاك و البوار و البلايا الصّعبة و ظاهر أنّها واردة عن القضاء الالهي متّصفة بالمرارة ( و تحلب عبيط الدّماء ) أى الطرىّ الخالص منها و هو كناية عن سفك الدّماء فيها ( و تثلم منار الدّين ) استعارة للعلماء أو القوانين الشّرع المبين و ثلمها عبارة عن هدمها و عدم العمل بها ( و تنقض عقد اليقين ) أى العقايد الحقّة الموصلة إلى جوار اللَّه تعالى ، و نقضها كناية عن تغيّرها و تبدّلها و ترك العمل على وفقها ( تهرب منها الأكياس ) أى ذوو العقول السّليمة ( و تدبّرها الأرجاس ) الأنجاس أى ذوو النفوس الخبيثة ( مرعاد مبراق ) كثيرة الرّعد و البرق أى ذات تهدّد و وعيد و يجوز أن يراد بالرّعد قعقعة السّلاح و صوته و بالبرق لمعانه و ضوئه . ( كاشفة عن ساق ) قال ابن الأثير : السّاق في اللّغة الأمر الشّديد ، و كشف السّاق مثل في شدّة الأمر و أصله من كشف الانسان عن ساقه و تشميره إذا وقع في أمر شديد ، و في القاموس يذكرون السّاق إذا أرادوا شدّة الأمر و الاخبار عن [ 168 ] هو له قال تعالى : « وَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ » . أى عن شدّة ( تقطع فيها الأرحام و يفارق عليها الاسلام ) بجريانها على خلاف قواعد الدّين و قواعد الشّرع المبين . ( بريئها سقيم ) قال العلاّمة المجلسيّ ( ره ) : أى من يعد نفسه بريئا سالما من المعاصي أو الآفات أو من كان سالما بالنسبة إلى ساير النّاس فهو أيضا مبتلى بها ، أو أنّ من لم يكن مائلا إلى المعاصي و أحبّ الخلاص من شرورها لا يمكنه ذلك ( و ظاعنها مقيم ) اى المرتحل عنها خوفا لا يمكنه الخروج منها أو من اعتقد أنّه متخلّف عنها فهو أيضا داخل فيها لكثرة الشّبه و عموم الضّلالة . ( منها ) ما يشبه أن يكون وصفا لحال المتمسّكين بالدّين في زمان الفتنة السّابقة و هو قوله : ( بين قتيل مطلول ) أى مهدر الدّم لا يطلب به ( و خائف مستجير ) أى مستامن يطلب الأمان ( يختلون بعقد الأيمان ) إن كان يختلون بصيغة المجهول فهو إخبار عن حال المخدوعين الّذين يخدعهم غيرهم بعقد العهود و شدّها بمسح ايمانهم أو بالايمان المعقودة فيما بينهم ، و على كونه بصيغة المعلوم فهو بيان لحال الخادعين ( و بغرور الايمان ) أى بالايمان الّذي يظهره الخادعون فيغرّونهم بالمواعيد الكاذبة أو الذي يظهره هؤلاء الموصوفون فيغرّون النّاس به على اختلاف النّسختين ( فلا تكونوا أنصاب الفتن ) أى رؤسائها يشار إليهم فيها ( و أعلام البدع ) الّتي يقتدى بها و هو نظير قوله عليه السّلام في كلماته القصار : كن في الفتنة كابن اللّبون لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب . ( و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة ) و هى القوانين الّتي ينتظم بها اجتماع الناس على الحقّ ( و بنيت عليه أركان الطاعة ) استعارة بالكناية و ذكر الأركان تخييل و البناء ترشيح ( و اقدموا على اللَّه مظلومين و لا تقدموا على اللَّه ظالمين ) يعني أنّه إذا دار الأمر بين الظالمية و المظلومية فكونوا راضين بالمظلوميّة ، لأنّ [ 169 ] الظلم قبيح عقلا و شرعا و الظالم مؤاخذ ملعون كتابا و سنة ، أو لا تظلموا الناس و إن استلزم ترك الظلم مظلوميّتكم فانّ يوم المظلوم من الظالم أشدّ من يوم الظالم من المظلوم ، و المظلوم منصور من اللَّه سبحانه قال تعالى : « وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّه‏ سُلْطاناً فَلا يَسْرِفْ فِى الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » . و قال أبو جعفر عليه السّلام في رواية أبي بصير عنه عليه السّلام : ما انتصر اللَّه من ظالم إلاّ بظالم ، و ذلك قول اللَّه عزّ و جلّ : « وَ كَذلِكَ نُوَلّي بَعْضَ الظّالِمينَ بَعْضاً » . ( و اتّقوا مدارج الشيطان ) و مسالكه ( و مهابط العدوان ) و محاله أو المواضع الّتي يهبط صاحبه فيها ( و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام ) أى لا تدخلوا بطونكم القليل منه فكيف بالكثير أو الاتيان باللّعق للتّنبيه على قلّة ما يكتسب من متاع الدّنيا المحرّم بالنّسبة الى متاع الآخرة و حقارته عنده ( فانّكم بعين من حرّم عليكم المعصية و سهّل لكم سبيل الطّاعة ) أى بعلمه كقوله تعالى : « تَجْري بِأَعْيُنِنا » . و لا يخفى ما في هذا التّعليل من الحسن و اللّطف في الرّدع عن المعاصي و الحثّ على الطاعات ، فانّ العبد العالم بأنّه من مرئى من مولاه و مسمع منه يكون أكثر طاعة و أقلّ مخالفة من عبد مولاه غافل عنه و جاهل بأعماله و أفعاله و لتأكيد هذا المعنى عبّر بالموصول و قال : بعين من حرّم آه و لم يقل بعين اللَّه هذا و تسهيل سبيل الطاعة باعتبار أنّ اللَّه سبحانه ما جعل على المكلّفين في الدّين من حرج . الترجمة از جمله خطب شريفه آن امام مبين و سيّد وصيّين است در ذكر ملاحم مى‏فرمايد [ 170 ] و طلب يارى ميكنم از حضرت ربّ العالمين بر عبادات و طاعات كه محلّ طرد و زجر شيطان لعين است ، و بر محفوظ شدن از معاصى و سيئآت كه ريسمانهاى صيد آن ملعون و اسباب مكر و خدعه آن نابكار است ، و شهادت مى‏دهم باينكه نيست خدائى جز خداى متعال در حالتى كه تنها است شريك نيست مر او را ، و شهادت ميدهم باينكه محمّد بن عبد اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنده پسنديده و پيغمبر اوست و برگزيده و مختار اوست برابر كرده نميشود فضل او ، و جبران نميشود فقدان او ، روشن شد بوجود شريف آن بزرگوار شهرها بعد از گمراهى ظلمانى و نادانى غالب و غلظت غليظه طبايع در حالتى كه مردمان حلال مى‏شمردند محرمات را ، و خوار ميشمردند صاحب حكمت و معرفت را زندگانى مى‏كردند در زمان انقطاع پيغمبران ، و ميمردند بر كفر و طغيان . پس از آن بدرستى كه شما أى جماعت عرب نشانهاى بلا هستيد كه نزديك شده ظهور آن ، پس پرهيز كنيد از مستيهاى نعمتها ، و حذر نمائيد از دواهى عذاب ، و توقّف كنيد در غبار ظلمة شبهه و در كجى فتنه در وقت ظهور و بروز باطن و كمون آن فتنه ، و هنگام استقامت قطب و دوران آسياى آن در حالتى كه ظاهر مى‏شود آن فتنه در جهاى پنهان ، و باز گردد بشناعت آشكار ، نشو و نماى آن مثل نشو و نماى جوانست ، و أثرهاى آن مثل اثرهاى سنگها است ، ارث مى‏برند از يكديگر آن فتنه را ظالمان با عهود و پيمان ، يعنى هر يكى ديگرى را وليّ عهد خود مى‏سازد . اوّل ايشان پيشواى آخر ايشانست ، و آخر ايشان اقتدا كننده است بأوّل ايشان ، تعارض مى‏كنند در دنياى پست و بى‏مقدار ، و خصومت مى‏كنند بر جيفه گنديده مردار ، و بعد از زمان قليل تبرّى مى‏كند تابع از متبوع ، و مقتدا از پيشوا پس پراكنده شوند از يكديگر بعداوت و دشمنى ، و لعنت كنند بيكديگر هنگام ملاقات . پس از آن مى‏آيد طلوع كننده فتنه كثير الاضطراب ، و شكننده تند رونده ، پس ميل بباطل مى‏كند قلبها بعد از استقامت آنها ، و گمراه مى‏شوند مردمان بعد از [ 171 ] سلامت ايشان ، و مختلف مى‏شود خواهشات وقت هجوم آن فتنه ، و ملتبس مى‏شود رأيها نزد ظهور آن فتنه ، هر كس مقابله گرى نمايد آن را مى‏شكند و هلاك مى‏سازد او را ، و هر كس سعى كند در اسكات آن بر مى‏كند و نابود نمايد او را . بگزند و آزار رسانند مردمان آن زمان يكديگر را در آن فتنه مثل آزار رساندن حمارهاى وحشى يكديگر را در رمه ، بتحقيق كه مضطرب شد ريسمان بسته اسلام ، و پوشيده شد روى صلاح كار ، ناقص مى‏شود در آن فتنه حكمت و معرفت و ناطق ميشود در آن ستمكاران ، و بكوبد آن فتنه أهل باديه را با منحت و تيشه خود و خورد و مرد كند ايشان را با سينه خود ، و ضايع مى‏شود در غبار آن فتنه تنها روندگان ، و هلاك گردد در راه آن فتنه سوارگان . وارد شود به تلخ‏ترين قضاى الهى ، و بدوشد خونهاى تازه را ، و خراب مى‏كند منارهاى دين را ، و درهم شكند كوههاى يقين را ، بگريزند از آن فتنه صاحبان عقل و كياست ، و تدبير كنند آن را صاحبان پليدى و نجاست ، بسيار صاحب رعد و برقست و كشف كننده است از شدّت ، قطع ميشود در آن فتنه رحمها ، و مفارقت مى‏شود بر آن از دين اسلام ، برائت كننده از آن فتنه ناخوش است ، و كوچ كننده آن مقيم است . از جمله فقرات آن خطبه است در وصف حال مؤمنان آنزمان ميفرمايد : ايشان در ميان كشته شده است كه خونش هدر رفته ، و ترسنده كه طلب أمان مى‏كند ، فريب داده مى‏شوند با سوگندهاى بسته شده دروغى ، و با ايمانى كه از روى فريب و غرور است ، پس نباشيد علامتهاى فتنها و نشانهاى بدعتها ، و لازم شويد به آنچه كه بسته شده بآن ريسمان اجتماع و ايتلاف كه عبارتست از قواعد شريعت و بر آنچه كه بنا شده بر آن ركنهاى طاعت و عبادت ، و اقدام كنيد بر خدا در حالتى كه مظلوم هستيد ، و اقدام نكنيد بر او در حالتى كه ظالم باشيد ، و بپرهيزيد از راههاى شيطان و از محلهاى طغيان و عدوان ، و داخل نكنيد در شكمهاى خودتان [ 172 ] لقمه‏هاى حرام را پس بدرستى كه شما در نظر كسى هستيد كه حرام كرده بشما گناه را ، و آسان كرده از براى شما راه طاعت را چنانچه فرموده « ما جعل اللَّه عليكم في الدّين من حرج »