جستجو

و من كلام له ع و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه و هو المأة و السادس و الاربعون من المختار في باب الخطب و قد رواه غير واحد من الخاصّة و العامّة على اختلاف تطلع عليه : إنّ هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا بقلّة ، و هو دين اللَّه الّذي أظهره ، و جنده الّذي أعدّه و أمدّه ، حتّى بلغ ما بلغ ، و طلع حيث ما طلع ، و نحن على موعود من اللَّه ، و اللَّه منجز وعده ، و ناصر جنده ، و مكان القيّم بالأمر مكان النّظام من الخرز ، يجمعه و يضمّه ، فإذا انقطع النّظام تفرّق الخرز و ذهب ثمّ لم يجتمع بحذافيره [ 50 ] أبدا ، و العرب اليوم و إن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام ، عزيزون بالإجتماع ، فكن قطبا و استدر الرّحى بالعرب ، و أصلهم دونك نار الحرب ، فإنّك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها ، حتّى يكون ما تدع ورائك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك ، إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك و طمعهم فيك ، فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ، فإنّ اللَّه سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، و هو أقدر على تغيير ما يكره ، و أمّا ما ذكرت من عددهم فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، و إنّما كنّا نقاتل بالنّصر و المعونة . اللغة في بعض النّسخ بدل قوله ( أعدّه ) أعزّه و ( طلع ) الكوكب طلوعا ظهر و طلع الجبل علاه و ( نظمت ) الخرز نظما من باب ضرب جعلته في خيط جامع له و هو النظام بالكسر و ( الخرز ) محرّكة معروف و الواحد خرزة كقصب و قصبة و ( الحذفور ) و زان عصفور الجانب كالحذفار و الجمع حذافير ، و أخذه بحذافيره أي بأسره أو بجوانبه و ( صلى ) اللّحم يصليه صليا من باب رمى شواه أو ألقاه في النّار للاحراق كأصلاه و صلاه و يده بالنّار سخنها و صلى النّار و بها كرضى صليا و صليّا قاسى حرّها ، و أصلاه النّار و صلا إيّاه و فيها و عليها أدخله إيّاها و أثواه فيها و ( العورة ) في الثغر و الحرب خلل يخاف منه و الجمع عورات بالسّكون [ 51 ] للتخفيف و القياس الفتح لأنّه اسم و هو لغة هذيل و ( الكلب ) محرّكة الحرص و الشدّة . الاعراب قوله : و طلع حيث ما طلع ، حيث ظرف مكان في محلّ النصب على الظّرفيّة أو جرّ بمن إن كان طلع بمعنى ظهر ، و إن كان بمعنى علا فهو مفعول لطلع كما في قوله تعالى : اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ، و على أيّ تقدير فلفظ ما بعده مصدريّة و في بعض النّسخ حيث طلع بدون ما ، جملة يجمعه و يضمّه حال من النّظام ، و العامل فيها معنى التشبيه ، و يجوز الوصف ، و اليوم ظرف لقليلا و تقدّمه للتوسّع و اللاّم فيه للعهد الحضورى ، و الباء في قوله : بالعرب ، للاستعانة ، و دونك ، حال من فاعل أصل أى متجاوزا الاصلاء أو الصلى المستفاد منه عنك أو من نار الحرب فتقديمه على ذيها على التوسع ، و يمكن كونه حالا من مفعول أصل أى متجاوزين عنك فافهم . المعنى اعلم أنّ هذا الكلام قاله عليه السّلام لعمر في وقعة القادسيّة أو نهاوند على اختلاف من الرواة تطلع عليه ، و ذلك حين أراد عمر أن يغزو العجم و جيوش كسرى ، و قد استشاره عمر و استشار غيره في الشخوص و الخروج لقتال الفرس بنفسه فأشاروا عليه بالشخوص و نهاه عليه السّلام عن ذلك و أشار إلى وجه الصّواب و الرأى الصّواب بكلام مشتمل على أنواع البلاغة فقال ( إنّ هذا الأمر ) مؤكّدا بإنّ واسميّة الجملة لأنّ المخاطب إذا كان متردّدا في الحكم حسن التقوية بمؤكّد ، قال الشيخ عبد القاهر : أكثر مواقع إنّ بحكم الاستقراء هو الجواب ، لكن يشترط فيه أن تكون للسّائل ظنّ على خلاف ما أنت تجيبه به ، هذا و تعريف المسند إليه بالاشارة و ايراده اسم الاشارة لقصد التعظيم و التفخيم على حدّ قوله سبحانه ذلك الكتاب تنزيلا لبعد درجته و رفعة محلّه منزلة بعد المسافة ، و المراد به الاسلام . [ 52 ] ( لم يكن نصره و خذلانه بكثرة و لا بقلّة ) نشر على ترتيب اللّف ( و هو دين اللَّه الذي أظهره ) أي جعله غالبا على سائر الأديان بمقتضى قوله : ليظهره على الدّين كلّه و لو كره المشركون ، و في الاتيان بالموصول زيادة تقرير للغرض المسوق له الكلام و هو ربط جاش عمرو سائر من حضر ، و إزالة الخور و الفشل عنهم . و لهذا الغرض أيضا عقّبه بقوله ( و جنده الذي أعدّه و أمدّه ) أى هيّأه أو جعله عزيزا و أعطاه مددا و كثرة ( حتّى بلغ ما بلغ ) من العزّة و الكثرة ( و طلع حيث ما طلع ) أي ظهر في مكان ظهوره و انتشر في الآفاق ، أو طلع من مطلعه أى أقطار الأرض و أطرافها ، أو أنّه علا مكان علوّه و المحلّ الذي ينبغي أن يعلى عليه ، و على أيّ تقدير فالاتيان بالموصول في القرينة الاولى أعنى قوله : بلغ ما بلغ ، و ابهام مكان الطلوع في هذه القرينة على حدّ قوله تعالى : فغشيهم من اليمّ ما غشيهم . قال أبو نواس : و لقد نهزت مع الغواة بدلوهم و اسمت سرح اللحظ حيث أساموا و بلغت ما بلغ امرء بشبابه فاذا عصارة كلّ ذاك اثام ثمّ أكّد تقوية قلوبهم و تشديدها بقوله ( و نحن على موعود من اللَّه ) أى وعدنا النصر و الغلبة و الاستخلاف بقوله : « وعد اللَّه الّذين آمنوا منكم و عملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم و ليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنا » . و عقّبه بقوله ( و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده ) من باب الايغال الذي قدّمنا ذكره في ضمن المحسّنات البديعيّة من ديباجة الشّرح ، و قد كان المعنى يتمّ دونه لظهور أنّ اللَّه منجز لوعده لا محالة ، لكن في الاتيان به زيادة تثبيت لقلوبهم و تسكين لها . ثمّ قال : ( و مكان القيّم بالأمر ) أى الامراء و الولا ( مكان النظام من الخرز ) و هو من التشبيه المؤكد بحذف الأداة ، و الغرض به تقرير حال المشبّه و وجه الشبّه [ 53 ] قول ( يجمعه و يضمّه ) يعنى أنّ انتظام أمر الرّعية إنما هو برئيسهم كما أنّ انتظام الخرز إنّما هو بالنظام و الخيط الّذي ينتظم به و محلّه من الرّعيّة محلّه من الخرز ( فاذا انقطع النظام ) و انضم ( تفرّق الخرز و ذهب ) و انتثر ( ثمّ لم يجتمع بحذافيره ) أى بجوانبه ( أبدا ) و كذلك إذا ارتفع الأمير من بين الرعيّة و لم يكن فيهم فسد حال الرّعية و ضاع نظم امورهم . ثمّ رفع الفزع عن عمر بقلّة جنده و كثرة العدوّ فقال ( و العرب اليوم و ان كانوا قليلا ) بالعدد ( فهم كثيرون بالاسلام ) قال الشارح البحرانى : أراد بالكثرة القوّة و الغلبة مجازا اطلاقا للاسم مظنّة الشي‏ء على الشي‏ء ( عزيزون ) أى غالبون ( بالاجتماع ) أى باجتماع الرّأي و اتّفاق القلوب ، و هو خير من كثرة الأشخاص مع النفاق . و لما مهّدما مهّده من المقدّمة أمره بالقيام في مقامه و الثبات في مركزه فقال ( فكن قطبا ) قائما بمكانك ( و استدر الرّحى ) أي رحى الحرب ( بالعرب ) و استعانتهم ( و اصلهم ) أى ادخلهم ( دونك نار الحرب ) لأنّهم ان سلموا و غنموا فهو الغرض ، و ان انقهروا و غلبوا كنت مرجعا لهم و ظهرا يقوى ظهورهم بك و تتمكّن من اصلاح ما فسد من امورهم . و لمّا أمره بالثبات في مقامه نبّهه على مفاسد الشخوص و ما فيه من الضّرر و هو أمران : أحدهما ما أشار إليه بقوله : ( فانك إن شخصت من هذه الأرض ) و نهضت معهم إلى العدوّ ( انتقضت عليك العرب من أطرافها ) أي من أطراف الأرض ( و أقطارها ) و ذلك لقرب عهدهم يومئذ بالاسلام و عدم استقراره في قلوبهم و ميل طبائعهم الى الفتنة و الفساد ، و مع علمهم بخروجك و تركك للبلادهاج طمعهم و صار فتنتهم على الحرمين و ما يضاف إليهما ( حتّى يكون ما تدع ورائك من العورات ) و خلل الثغور ( أهمّ إليك ممّا بين يديك ) و الأمر الثانى ما أشار إليه بقوله : ( انّ الأعاجم إن ) تخرج اليهم بنفسك [ 54 ] و ( ينظروا إليك غدا ) طمعوا فيك و ( يقولوا هذا أصل العرب ) أى به قوامهم و ثباتهم ( فاذا قطعتموه استرحتم ) إذ لا أصل لهم سواه و لا لهم ظهر يلجأون به ( فيكون ذلك أشدّ لكلبهم ) و حرصهم ( عليك و ) أقوى ل ( طمعهم فيك ) ثمّ إنّ عمر حسب ما نذكره بعد تفصيلا قد كان قال له عليه السّلام في جملة ما قال : إنّ هؤلاء الفرس قد قصدوا المسير إلى المسلمين و قصدهم إيّاهم دليل قوّتهم و أنا أكره أن يغزونا قبل أن نغزوهم فأجابه عليه السّلام بقوله : ( فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فانّ اللَّه سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ) و أشدّ كراهيّة لذلك ( و هو أقدر على تغيير ما يكره ) . قال الشّارح البحراني ، و هذا الجواب يدور على حرف ، و هو أنّ مسيرهم إلى المسلمين و ان كان مفسدة إلاّ أنّ لقائه لهم بنفسه فيه مفسدة أكبر ، و إذا كان كذلك فينبغي أن يدفع العظمى و يكل دفع المفسدة الاخرى إلى اللَّه تعالى فانّه كاره لها و مع كراهيّته لها فهو أقدر على إزالتها . ( و أمّا ما ذكرت من ) كثرة القوم و ( عددهم فانا لم نكن نقاتل ) الأعداء ( فيما مضى ) أى في زمن رسول اللَّه و صدر الاسلام ( بالكثرة و إنّما كنّا نقاتل بالنصر و المعونة ) أى بنصر اللَّه سبحانه و معونته . و يصدّقه قوله تعالى : « يا أيّها النّبي حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين و إن يكن منكم سائة يغلبوا ألفا من الّذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ، الآن خفف اللَّه عنكم و علم أنّ فيكم ضعفا ، فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مأتين ، و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين باذن اللَّه و اللَّه مع الصّابرين » تبصرة قد أشرنا فيما مضى إلى أنّ هذا الكلام مما رواه الخاصّة و العامّة ، و قد اختلف في الحال الّتي قاله فيها لعمر ، فقيل : قاله عليه السّلام له في غزاة القادسيّة ، و قيل في غزوة نهاوند ، و لا بأس بايراد ما رووه . [ 55 ] فأقول : روى المحدّث العلاّمة المجلسي في المجلّد التاسع من البحار عن المفيد في الارشاد في فضل ما جاء عن أمير المؤمنين في معنى صواب الرّأى و إرشاد القوم إلى مصالحهم و تداركه على ما كان يفسدهم لو لا تنبيهه على وجه الرّأى عن سبابة بن سوار عن أبي بكر الهذلي قال : سمعت رجالا من علمائنا يقولون : تكاتبت الأعاجم من أهل همدان و أهل الرى و اصفهان و قومس 1 و نهاوند و أرسل بعضهم إلى بعض أنّ ملك العرب الذي جائهم بدينهم و أخرج كتابهم قد هلك ، يعنون النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، و أنّه ملكهم من بعده رجل ملكا يسيرا ثمّ هلك ، يعنون أبا بكر ، ثمّ قام بعده آخر قد طال عمره حتّى تناولكم في بلادكم و اغزاكم جنوده ، يعنون عمر بن الخطاب ، و أنه غير منته عنكم حتى يخرجوا من في بلادكم من جنوده و تخرجون إليه و تغزون في بلاده ، فتعاقدوا على هذا و تعاهدوا عليه . فلمّا انتهى الخبر إلى من بالكوفة من المسلمين أنهوه إلى عمر بن الخطاب فلمّا انتهى إليه الخبر فزع لذلك فزعا شديدا ، ثمّ أتى مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثمّ قال : معاشر المهاجرين و الأنصار إنّ الشيطان قد جمع لكم جموعا و أقبل بها ليطفى‏ء نور اللَّه ألا إنّ أهل همدان و أهل اصبهان و أهل الرى و قومس و نهاوند مختلفة ألسنتها و ألوانها و أديانها ، قد تعاقدوا و تعاهدوا أن يخرجوا من بلادهم إخوانكم من المسلمين و يخرجوا إليكم فيغزوكم في بلادكم ، فأشيروا إلىّ فاوجزوا و لا تطنبوا في القول فانّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام فتكلّموا . فقام طلحة بن عبيد اللَّه فحمد اللَّه و أثنى عليه ثمّ قال : يا أمير المؤمنين قد حنكتك 2 ----------- ( 1 ) قومس صقع كثير من بلاد خراسان و اقليم بالاندلس ، ق ----------- ( 2 ) حنكتك الاموراى راضّتك و هدبهتك و جرستك الدهوراى حنكتك و احكمتك التجارب اى جعلتك خبيرا بالامور مجرّبا و عجمتك البلايا اى خبرتك من العجم و هو البعث تقول عجمت العود اذا عضضته لتنظر أصلب هو أم رخو ، بحار [ 56 ] الأمور و جرستك الدّهور و عجمتك البلايا و أحكمتك التّجارب ، و أنت مبارك الأمر و ميمون النقيبة و قد وليت فخيّرت و اختبرت و لم تكشف من عواقب قضاء اللَّه إلاّ عن خيار فاحضر هذا الأمر برأيك و لا تغب عنه ثمّ جلس . فقال عمر : تكلّموا فقام عثمان بن عفان فحمد اللَّه و أثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد يا أمير المؤمنين إنّي أرى أن تشخص أهل الشّام من شامهم و أهل اليمن من يمنهم و تسير أنت في أهل هذين الحرمين و أهل المصرين الكوفة و البصرة فتلتقى جميع المشركين بجميع المؤمنين ، فانك يا أمير المؤمنين لا تستبقى من نفسك باقية بعد العرب ، و لا تمتع من الدّنيا بعزيز و لا تلوذ منها بحريز فاحضره برأيك و لا تغب عنه ثمّ جلس فقال عمر : تكلّموا فقال : أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه السّلام : الحمد للَّه حتّى تمّ التحميد و الثناء على اللَّه و الصّلاة على رسوله ثمّ قال : أمّا بعد فانّك إن أشخصت أهل الشّام من شامهم سارت أهل الرّوم إلى ذراريهم ، و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة الى ذراريهم ، و إن شخصت من هذين الحرمين انتقضت عليك العرب من أطرافها و أكنافها حتّى تكون ما تدع وراء ظهرك من عيالات العرب و العجم أهمّ إليك ممّا بين يديك ، فأمّا ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم فانا لم نكن نقاتل على عهد رسول اللَّه بالكثرة ، و إنما كنّا نقاتل بالنّصرة و أمّا ما بلغك من اجتماعهم على المسير إلى المسلمين فانّ اللَّه لمسيرهم أكره منك لذلك و هو أولى بتغيير ما يكره ، و إنّ الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا : هذا رجل العرب فان قطعتموه قطعتم العرب و كنت أشدّ لكلبهم و كنت قد ألبتهم 1 على نفسك و أمدّهم من لم يكن يمدّهم ، و لكنّى أرى أن تقرّ هؤلاء في أمصارهم و تكتب إلى أهل البصرة فليفترقوا على ثلاث فرق فليقم فرقة على ذراريهم حرسا لهم ، و ليقم فرقة على أهل عهدهم لئلا ينتقضوا ، و لتسر فرقة إلى إخوانهم مددا لهم . ----------- ( 1 ) التأليب التجميع [ 57 ] فقال عمر : أجل هذا الرأى ، و قد كنت أحبّ أن اتابع عليه ، و جعل يكرّر قول أمير المؤمنين عليه السّلام اعجابا و اختيارا له . قال الشيخ المفيد ( ره ) : فانظروا أيّدكم اللَّه إلى هذا الموقف الذي ينبى بفضل الرّأى ، إذ تنازعه اولو الألباب و العلم ، و تأمّلوا في التوفيق الذى قرن اللَّه به أمير المؤمنين عليه السّلام في الأحوال كلّها و فزع القوم إليه في المعضل من الامور ، و اضيفوا ذلك إلى ما أثبتناه من الفضل في الدّين الّذى أعجز متقدّمي القوم حتّى اضطرّوا في علمه إليه ، تجدوه من باب المعجز الّذى قدّمناه و اللَّه ولىّ التّوفيق . قال الشّارح المعتزلي في شرح هذا المقام : و اعلم أنّ هذا الكلام قد اختلف في الحال التّي قاله فيها لعمر ، فقيل قاله له في غزوة القادسيّة ، و قيل في غزوة نهاوند ، و الى هذا القول الأخير ذهب محمّد بن جرير الطّبرى في التاريخ الكبير ، و إلى هذا القول الأوّل ذهب المدايني في كتاب الفتوح . أمّا وقعة القادسيّة فكانت في سنة أربع عشر للهجرة استشار عمر المسلمين فى أمر القادسيّة فأشار إليه عليّ بن أبيطالب عليه السّلام في رواية أبي الحسن عليّ بن محمّد ابن سيف المدايني أن لا يخرج بنفسه و قال : إنّك إن تخرج تكن للعجم همّة لاستيصالك لعلمهم أنّك قطب الرّحى للعرب فلا يكون للاسلام بعدها دولة و أشار عليه غيره من النّاس أن يخرج بنفسه فأخذ برأي عليّ ، ثم أورد الشارح وقعة القادسيّة و لا حاجة بنا إلى ايرادها ثمّ قال : فأما وقعة نهاوند فانّ أبا جعفر محمّد بن جرير الطّبرى ذكر في كتاب التاريخ انّ عمر لمّا أراد أن يغزو العجم و جيوش كسرى و هي مجتمعة بنهاوند استشار الصّحابة . فقام عثمان فتشهّد فقال : أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشّام فيسيروا من شامهم و تكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ثمّ تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلى المصرين البصرة و الكوفة فتلقى جميع المشركين بجميع المسلمين فانّك إذا سرت بمن معك و من عندك تكن فى نفسك بالكاثر من عدد [ 58 ] القوم و كنت أعزّ عزّا و أكثر انّك لا تستبقى بعد اليوم باقية و لا تمنع من الدّنيا بعزيز و تكون منها في حرز حريز ، إنّ هذا يوم له ما بعده فاشهده برأيك و نفسك و لا تغب عنه . قال أبو جعفر : و قام طلحة فقال : أمّا بعد يا أمير المؤمنين فقد أحكمتك الامور و عجمتك البلايا و حنكتك التّجارب و أنت و شأنك و أنت و رأيك لا تنبو في يديك و لا نكل أمرنا إلاّ إليك ، فأمرنا نجب ، و ادعنا نطع ، و احملنا نركب ، و قدمنا ننقد ، فانّك ولىّ هذا الأمر و قد بلوت و جربت و اختبرت فلم ينكشف شي‏ء من عواقب الامور لك إلاّ عن خيار . فقال عليّ بن أبيطالب : أمّا بعد فانّ هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا قلّة ، إنما هو دين اللَّه الّذي أظهره و جنده الّذي أعزّه و أمدّه بالملائكة حتّى بلغ ما بلغ ، فنحن على موعود من اللَّه و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده ، و انّ مكانك منهم مكان النّظام من الخرز يجمعه و يمسكه ، فان انحلّ تفرّق ما فيه و ذهب ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبدا ، و العرب اليوم و إن كانوا قليلا فانّهم كثير ، و عزيز بالاسلام ، أقم مكانك و اكتب إلى أهل الكوفة فانّهم أعلام العرب و رؤسائهم ، و ليشخص منهم الثلثان و ليقم الثّلث ، و اكتب إلى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم ، و لا تشخص الشّام و لا اليمن إنّك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الرّوم إلى ذراريهم و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم و متى شخصت من هذه الأرض ، انتقضت عليك العرب من أطرافها و أكنافها حتّى يكون ما تدع ورائك أهمّ إليك ممّا بين يديك من العورات و العيالات ، إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا قالوا : هذا أمير العرب و أصلهم فكان ذلك أشدّ لكلبهم عليك و أمّا ما ذكرت من مسير القوم فانّ اللَّه هو أكره لمسيرهم منك و هو أقدر على تغيير ما يكره ، و أمّا ما ذكرت من عددهم فانا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة و إنّما كنّا نقاتل بالصّبر و النّصر . فقال عمر : أجل هذا الرأى و قد كنت أن اتابع عليه ، فأشيروا علىّ برجل [ 59 ] اوليّه ذلك الثغر ، قالوا أنت أفضل رأيا فقال : أشيروا علىّ به و اجعلوه عراقيّا قالوا أنت أعلم بأهل العراق و قد وفدوا عليك فرأيتهم و كلّمتهم ، قال : أما و اللَّه لأوّلينّ أمرهم رجلا يكون غمدا لأوّل الأسنّة فقيل : و من هو يا أمير المؤمنين ؟ قال : النّعمان بن مقرن ، قالوا : هولها و كان النّعمان يومئذ بالبصرة فكتب إليه عمر فولاّه أمر الجيش . قال أبو جعفر : كتب اليه عمر : سر إلى نهاوند فقد وليتك حرب الفيروزان و كان المقدم على جيوش كسرى فان حدث بك حدث فعلى النّاس حذيفة بن اليمان ، فان حدث به حدث فعلى النّاس نعيم بن مقرن ، فان فتح اللَّه عليكم فاقسم على النّاس ما أفاء اللَّه عليهم و لا ترفع إلىّ منه شيئا ، و إن نكث القوم فلا ترانى و لا أراك ، و قد جعلت معك طليحة بن جويلد و عمرو بن معديكرب لعلمهما بالحرب فاستشرهما و لا تولّهما شيئا . قال أبو جعفر : فسار النّعمان بالعرب حتّى وافى نهاوند و ذلك في السّنة السّابعة من خلافة عمر ، و ترائى الجمعان و نشب القتال و حجزهم المسلمون « المشركون » في خنادقهم و اعتصموا بالحصون و المدن و شقّ على المسلمين ذلك ، فأشار طليحة عليه فقال أرى أن تبعث خيلا ببعض القوم و تحمشهم 1 فاذا استحمشوا خرج بعضهم و اختلطوا بكم فاستطردوا لهم فانهم يطمعون بذلك ثمّ نعطف عليهم حتّى يقضى اللَّه بيننا و بينهم بما يجب ، ففعل النّعمان ذلك فكان كما ظنّ طليحة و انقطع العجم عن حصونهم بعض الانقطاع فلمّا أمعنوا في الانكشاف للمسلمين حمل النعمان بالنّاس فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع السّامعون مثله ، و زلق النعمان فرسه فصرع و اصيب فتناول الرّاية أخوه فأتا حذيفة فدفعها إليه و كتم المسلمون مصاب أميرهم و اقتتلوا حتّى أظلم اللّيل و رجعوا و المسلمون ورائهم ، فعمى عليهم قصدهم فتركوه و غشيهم المسلمون بالسيوف ، فقتلوا منهم ما لا يحصى ، و أدرك المسلمون الفيروزان و هو هارب و قد هارب و انتهى إلى ثنيّة مشحونة ببغال موقّرة عسلا فحبسته على أصله فقتل ----------- ( 1 ) حمشه و أحمشه جمعه و أغضبه و القوم ساقهم بغضب ق ، [ 60 ] فقال المسلمون : إنّ للَّه جنودا من عسل ، و دخل المسلمون نهاوند فاحتووا على ما فيها و كانت أنفال هذا اليوم عظيمة . الترجمة از جمله كلام آن حضرتست در حالتى كه مشاوره كرد بأو عمر بن الخطاب در رفتن بمحاربه أهل فارس بنفس خود فرمود : كه بدرستي اين أمر يعني اسلام نيست يارى نمودن او و نه خوارى او بزيادتي لشكر و نه بكمى آن و آن امر دين خدائيست غالب گردانيد او را بر همه أديان و لشكر او است كه مهيا فرمود و قوّت داد آنرا بر دشمنان تا اينكه رسيد آن مقامى را كه رسيد و بلند شد هر چه بلند شد و ما مستقرّيم بر وعده خداوند تعالى و خدا وفا كننده وعده خود است و نصرت دهنده لشكر خود و مكان قائم بأمر مردمان و رئيس ايشان مكان خياطه است از مهره كه جمع ميكند آن را و انضمام ميدهد او را بهم ، پس اگر بريده شود مهره متفرّق و پراكنده ميشود مهرها و از هم بپاشند ، پس از آن جمع نمى‏شود بتمامى خود هيچوقت و مردمان عرب اگر چه امروز أندكند نسبت بكافران پس ايشان بسيارند بجهت اسلام عزيزند بحسب اجتماع و اتّفاق پس باش مثل قطب آسيا از جاى خود حركت مكن و بگردان آسياى حربرا با عرب و در آرايشان را نه خود را در آتش مقاتله و محاربه ، پس بدرستى كه تو اگر بيرون روى از اين زمين يعني مدينه منوّره فرود آيند بتو عربها از اطراف و جوانب تا اينكه باشد آنچه كه ترك كرده آنرا در پشت خود از مواضع مخافت بر اسلام و أهل آن مهم‏تر بسوى تو از آنچه كه در پيش تو است از محاربه دشمن بدرستى كه عجمها اگر نظر كنند بسوى تو فردا گويند اين مرد اصل عرب و أمير ايشانست پس اگر شما پاره پاره كرديد او را راحت ميشويد پس باشد رفتن تو بمحاربه ايشان باعث شدت حرص ايشان بر تو و طمع ايشان در تو ، پس امّا آنچه ذكر كردى از آمدن أهل فارس بمحاربه مسلمانان پس بدرستى كه خدايتعالى ناخوش گيرنده‏تر است از تو رفتار ايشان را [ 61 ] و او قادر تر است بر تغيير آن چه كه ناخوش ميگيرد و أمّا آنچه كه ذكر كردى از بسيارى عدد ايشان پس بدرستى كه ما نبوديم كه دعوا كنيم در زمان گذشته با بسيارى لشكر و جز اين نيست كه بوديم كه محاربه ميكرديم بمعاونت و نصرت پروردگار ، يعنى در حرب اعدا توكل بخدا بايد نمود و از كثرت أعدا نبايد ترسيد .