جستجو

و من خطبة له ع و فيها

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام و هى الثانية و التسعون من المختار فى باب الخطب خطب بها بعد انقضاء أمر النهروان ، و هى من خطبه المشهورة رواها غير واحد حسبما تطلع عليه و شرحها في ضمن فصلين : الفصل الاول أمّا بعد أيّها النّاس فأنا فقأت عين الفتنة ، و لم يكن ليجترى‏ء عليها [ 70 ] أحد غيري بعد أن ماج غيهبها ، و اشتد كلبّها ، فاسئلوني قبل أن تفقدوني فو الّذي نفسي بيده لا تسئلوني عن شي‏ء فيما بينكم و بين السّاعة ، و لا عن فئة تهدي مأة و تضلّ مأة ، إلاّ أنبأتكم بناعقها ، و قائدها ، و سائقها و مناخ ركابها ، و محطّ رحالها ، و من يقتل من أهلها قتلا ، و يموت منهم موتا ، و لو قد فقد تموني و نزلت بكم كرائه الأمور ، و حوازب الخطوب ، لأطرق كثير من السّائلين ، و فشل كثير من المسئولين ، و ذلك إذا قلصت حربكم ، و شمّرت عن ساق ، و ضاقت الدّنيا عليكم ضيقا ، تستطيلون أيام البلاء عليكم ، حتّى يفتح اللّه لبقيّة الأبرار منكم ، إنّ الفتن إذا أقبلت شبّهت ، و إذا أدبرت نبّهت ، ينكرن مقبلات ، و يعرفن مدبرات ، يحمن حوم الرّياح ، يصبن بلدا ، و يخطين بلدا . اللغة ( فقأت ) عين الفتنة من باب منع قلعتها و شققتها و ( الغيهب ) الظلمة و ( كلب ) الكلب كلبا فهو كلب من باب تعب و هوداء يشبه الجنون يأخذه فيعقر الناس و في القاموس الكلب بالتحريك صياح من عضّة الكلب الكلب و جنون الكلاب المعترى من أكل لحوم الانسان و شبه جنونها المعترى للانسان من عضّها و ( نعق ) بغنمه من باب منع و ضرب صاح بها لتعود إليه و زجرها و نعق الغراب صاح و ( مناخ ) الابل بضمّ الميم موضع اناختها أى مبركها ، و في شرح المعتزلي يجوز جعله مصدرا كالمقام بالضّم بمعنى الاقامة و ( الركاب ) بالكسر المطى اى الابل التي يسار عليها و احدتها راحلة من غير لفظها و الجمع الرّكب ككتب [ 71 ] و ( المحطّ ) بفتح الميم قال الشارح المعتزلي يجوز كونه مصدرا كالمرد في قوله تعالى : و إنّ مردّنا إلى اللّه ، و كونه موضعا كالمقتل و ( الرّحال ) كأرحل جمع الرّحل و هو مركب للبعير و يقال له راحول أيضا و ( الحوازب ) جمع الحازب من حزبه الأمر إذا اشتدّ عليه أو ضغطه و ( الخطوب ) جمع الخطب و هو معظم الأمر و ( الاطراق ) السّكوت و الاقبال بالبصر إلى الصّدر و ( فشل ) فشلا فهو فشل من باب تعب و هو الجبان الضّعيف القلب ( إذا قلصت حربكم ) بتخفيف اللاّم من باب ضرب أى كثرت و تزايدت ، و في المصباح قلصت شفته انزوت و قلص الثوب انزوى بعد غسله ، و في بعض النسخ عن حربكم ، و في بعض النسخ بالتشديد أى انضمّت و اجتمعت و ( شبّهت ) بالبناء على المعلوم اى جعلت أنفسها شبيهة بالحقّ أو على المجهول أى أشكل أمرها و التبس على الناس و ( نبهته ) من النوم أيقظته و ( حام ) الطائر حول الماء إذا دار و طاف لينزل عليه و ( يخطين ) من الخطو و هو المشى الاعراب جملة و لو قد فقد تموني إمّا استينافية أو قسمية بحذف المقسم به بدلالة السّياق ، و لو الشرطية بمعنى ان مفيدة للتعليق في الاستقبال إلاّ أنه جي‏ء ، بالشرط و الجزاء بصيغة الماضي تنبيها على تحقّق وقوعهما لا محالة ، و هو من المحسنات البيانية ، و الحرب مؤنث سماعي و لذا انّث الفعل المسند إليه ، و مفعول شمّرت محذوف أيضا ، و ضاقت عطف على شمرت ، و جملة تستطيلون حال من المجرور في عليكم ، و جملة ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات بدل كلّ من جملة إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت كما في قوله تعالى : وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ . و جملة يحمن منصوب المحلّ على الحال المعنى اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام مسوق لاظهار مناقبه الجّمة و فضائله [ 72 ] الدثرة ، و التنبيه على علو مقامه و رفعة مكانه و الغرض به التعريض على المخاطبين بغفلهتم عن سموّ شأنه و جهالتهم بقدره و عدم معرفتهم به حقّ المعرفة ليرقدوا بذلك عن نوم الغفلة و الجهالة و يعرفوه حقّ المعرفة ، و يعظموا قدره و منزلته و يقيموا بوظايف طاعته على ما يليق به سلام اللّه عليه و آله و أشار عليه السّلام أوّلا إلى فضيلته و شجاعته و كمال مهابته بقوله ( أما بعد أيّها النّاس فأنا فقأت عين الفتنة ) أى شققتها و قلعتها بشحمها أو أدخلت الاصبع فيها ، و هو استعارة لكسر ثورانها و إسكان هيجانها ، و المراد بالفتنة إمّا خصوص فتنة أهل البصرة و النهروان كما وقع الاشارة إليه منه عليه السّلام في رواية إبراهيم الثقفي و سليم ابن قيس الهلالي الآتية في ذيل شرح الفصل الثاني ، أو عموم فتن المنافقين و الكافرين و المصدر المحلّى باللام و إن لم يكن مفيدا للعموم بحسب الوضع اللّغوى حسبما قرّر في الاصول ، إلاّ أنّه لا ينافي إفادته له بقرينة الحال . فقد ظهر و اتّضح لنا ظهور الشمس في رابعة النهار أنه عليه السّلام ردّ نخوة بأو الكفّار و اعتلائهم يوم بدر ، و شموخ انفهم و سموّ غلوائهم يوم أحد ، و كسر صولتهم يوم خيبر وفقأ أعينهم بقتل ابن عبدود يوم الأحزاب ، و هكذا ساير الحروب و الخطوب فقد علمنا علما يقينا أنه لو لا سيفه عليه السّلام لما قام للاسلام عمود ، و لا اخضرّ للايمان عود و لذلك قدّم المسند إليه على المسند ليفيد التخصيص ، و جعل المسند جملة للتقوى كما قرّر في علم المعان ، و أكده بقوله ( و لم يكن ليجترى عليها أحد غيرى ) و تصديق ذلك أمّا في وقعة الجمل و النهروان فلأنّ الناس كانوا لا يتجاسرون على قتال أهل القبلة و يخافون من ذلك الاثم و العصيان ، و كانوا حسن الظنّ بطلحة و الزبير مع كون زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيهم و أهل النّهروان كانوا أهل قرآن و صلاة و اجتهاد و عبادة ، و كان النّاس يهابون قتالهم و يقولون كيف نقاتل من يصلّى كصلاتنا و يؤذّن كأذاننا و يصوم كصومنا على ما عرفت في شرح الخطبة السادسة و الثلاثين و كذا التبس الأمر في وقعة صفين و لذلك أمسك مثل خزيمة بن ثابت الانصاري [ 73 ] عن القتال حتّى قتل عمار فتيقّن ضلالة القاسطين و قاتل حتّى قتل كما مرّ مشروحا في تذييل الكلام الخامس و الستين و أمّا في ساير الوقايع و الحروب التي كانت في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و ظنّوا باللّه الظّنونا و اضطرب المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا و دارت أعين المنافقين كالّذي يغشى عليه من الموت و قالوا : ما وعدنا اللّه و رسوله إلاّ غرورا فكفي اللّه المؤمنين القتال بوجوده عليه السّلام و كان اللّه قويّا عزيزا و انزل في حقه عليه السّلام و في عمّه حمزة و أخيه جعفر مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمُ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْديلاً . و إلى شدّة تلك الفتن و ظلمتها أشار بقوله ( بعد أن ماج غيهبها ) و كنّى بتموّج ، ظلمتها عن شمول ظلّ لها لأنّ الظلمة إذا تموجّت شملت أماكن كثيرة غير الأماكن التى تشملها لو كانت ساكنة و إلى غلبة شرّها و أذاها بقوله ( و اشتدّ كلبها ) ثمّ أشار إلى فضيلة علمه بقول ما زال يقوله و هو قوله : ( فأسألوني قبل أن تفقدوني ) قال الشارح المعتزلي روى صاحب كتاب الاستيعاب و هو أبو عمر محمّد بن عبد البر عن جماعة من الرّواة و المحدّثين قالوا لم يقل أحد من الصحابه عنهم سلونى إلاّ عليّ ابن أبي طالب ، و روى شيخنا أبو جعفر الاسكافي في كتاب نقض العثمانية عن عليّ بن الجعد عن ابن شبرمه قال : ليس لأحد من النّاس أن يقول على المنبر سلوني إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام . [ 74 ] أقول : و ذلك لأنّ الأنواع السّؤلات غير محصورة و لا محصاة ، و أصناف الطلبات غير معدودة و لا مستقصاة ، فبعضها يتعلّق بالمعقول و بعضها بالمنقول ، و بعضها بعالم الشهود و بعضها بعالم الغيب ، و بعضها بما كان و بعضها بما يكون و بعضها بما هو كائن ، و هكذا فلا يمكن الجواب عن هذا كلّه و لا يقدر على مثل ذلك إلاّ من تأيّد بقوّة ربانيّة ، و اقتدر بقدرة الهيّة ، و نفث في روعه الرّوح الأمين ، و تعلّم علوم الأولين و الآخرين ، و صار منبع العلم و الحكمة ، و ينبوع الكمال و المعرفة ، و هو أمير المؤمنين و يعسوب الدين ، و وارث علم النبيين و بغية الطّالبين ، و حلاّل مشكلات السائلين فلا ينصب نفسه في هذا المنصب إلاّ جاهل ، و لا يدّعى لنفسه هذا المقام إلاّ تائه غافل ، و في هذا المقام قال الشاعر : و من ذايساميه بمجد و لم يزل يقول سلوني ما يحلّ و يحرم سلوني ففي جنبي علم ورثته عن المصطفى مافات منّى به الفم سلوني عن طرق السموات إننى بها عن سلوك الطرق في الارض أعلم و لو كشف اللّه الغطا لم أزد به يقينا على ما كنت أدرى و أفهم و قد روينا في التذييل الثاني من شرح الكلام الثالث و الأربعين أنّ ابن الجوزي قال يوما على منبره : سلوني قبل أن تفقدوني ، فسألته امرئة عمّا روي أنّ عليّا سار في ليلة إلى سلمان فجهّزه و رجع ، فقال : روى ذلك ، قالت : فعثمان ثمّ ثلاثة أيّام منبوذا في المزابل و عليّ عليه السّلام حاضر ، قال : نعم ، فقالت : فقد لزم الخطاء لأحدهما ، فقال : إن كنت خرجت من بيتك بغير اذن زوجك فعليك لعنة اللّه و إلاّ فعليه ، فقالت : خرجت عايشة إلى حرب عليّ باذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أولا ؟ فانقطع و لم يحر جوابا و رووا أيضا أنّ قتاده دخل الكوفة فالتفت إليه الناس فقال : اسألوني عما شئتم و كان أبو حنيفة حاضرا و هو إذا غلام حدث السنّ ، فقال : اسألوه عن نملة سليمان أكان ذكرا أم أنثى ، فسألوه فانقطع ، فقال أبو حنيفة كانت انثى فقيل له : بم عرفت ذلك ؟ قال من كتاب اللّه و هو قوله تعالى قالت نملة و لو كان ذكرا لقال : قال نملة [ 75 ] و ذلك لأنّ لفظ النملة يقع على الذكر و الانثى كلفظ الحمامة و الشاة 1 و إنما يميّز بينهما بعلامة التأنيث . فانظر إلى هذين المغرورين المعجبين كيف عييا عن جواب أدنى مسألة فكيف بهما إذا سئلا عن حجب الأسرار ، و سرادقات الأنوار ، و الغيب المكنون ، و السرّ المكتوم ، و عجائب الملكوت ، و بدايع الجبروت ، فاشهد أنّ عريف ذلك و الخبير بكلّ ذلك لم يكن إلاّ أمير المؤمنين ، و وصيّ رسول ربّ العالمين ، و عنده علم الكتاب كلّه ، و فيه خبر السّماء و خبر الأرض و خبر ما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة كما قال عزّ من قائل : وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ في كِتابٍ مُبينٍ . أى في إمام مبين و قد سئل عليه السّلام في مقامات شتى عن مسائل مشكلة متفرّقة فأجاب عنها بأجوبة شافية تاهت فيها العقول و دهشت بها القلوب حسبما نشير إلى بعضها بعد الفراغ عن شرح الفصل ثمّ اقسم عليه السّلام بالقسم البارّ انه عالم بما هو كائن إلى يوم القيامة و قال : ( فو الذي نفسى بيده لا تسألوني عن شي‏ء فيما بينكم و بين الساعة ) إلاّ أنبئتكم به ، و نحوه ما رواه في البحار من بصائر الدّرجات باسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سئل عليّ عليه السّلام عن علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فقال : علم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علم جميع النبيّين و علم و ما كان و علم ما هو كائن إلى قيام السّاعة ، ثمّ قال عليه السّلام : و الذى نفسي بيده إنّى لأعلم علم النبيّ و علم ما كان و علم ما هو كائن فيما بيني و بين قيام السّاعة ( و لا عن فئة تهدى مأة و تضل مأة ) تخصيص هذا العدد بالبيان ليس لقصد الاختصاص و إنما هو جار على ----------- ( 1 ) قال ابن الحاجب فى بعض تصانيفه انّ مثل الشاة و النملة و الحمامة من الحيوانات فيها تأنيث لفظى ، و لذا كان قول من قال انّ النملة في قوله تعالى قالت نملة انثى لورود تاء التأنيث فى قالت و هما ، لجواز أن يكون ذكرا فى الحقيقة و ورود تاء التأنيث فى الفعل نظرا الى التأنيث اللفظى ، و لذا قيل افحام قتادة خير من جواب أبى حنيفة ، و هذا هو الحق و قدار تضاه الرضىّ ، منه [ 76 ] سبيل المثل و إشارة إلى الكثرة إذا مادون مأة حقير لا يعتدّ به قال الأعشى : الواهب المأة الهجان و عبدها عوذا يزجى خلفها أطفالها و قال أيضا : هو الواهب المأة المصطفاة إمّا مخاضا و إمّا عشارا و قد كثر في الأخبار ذكر السبعين على سبيل المثل ، و قيل في قوله سبحانه إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِر اللَّهُ لَهُمْ . إنّ المقصود به نفى الغفران جملة و إنّما جاء السّبعون مجرى المثل للتكثير و كيف كان فمفهوم العدد ليس بحجّة كما قرّر في الاصول ، و الغرض أنّه لا تسألونى عن جماعة هادية لطايفة كثيرة و مضلّة لطائفة كثيرة اخرى ( إلاّ أنبأتكم بناعقها ) أى الداعي اليها و زاجرها ( و قائدها و سائقها و مناخ ركابها و محطّ رحالها ) قال الشارح البحراني : استعار عليه السّلام أوصاف الابل و رعائها و أصحابها من الناعق و القائد و السائق و المناخ و الرّكاب و الرّحال للفئة المهدية و الضالّة و من يهديهم و يضلّهم ملاحظة لشبههم بالابل في الاجتماع و الانقياد لقائد وراع ( و من يقتل من أهلها ) أى أهل الفئة المذكورة ( قتلا و يموت منهم موتا ) ثمّ نبّه عليه السّلام على أنّه أعظم نعمة أنعم اللّه سبحانه بوجوده عليهم و أنّ قدره مجهول عندهم و هم غافلون عن فوائد مقامه بين أظهرهم و أنهم سوف يعلمون إذا نزلت بهم الدّواهى و حلّت بهم الرزايا فقال : ( و لو قد فقد تمونى و نزلت بكم كرائه الامور ) أى المصائب التي تكرهها النفوس ( و حوازب الخطوب ) أى شدايد الأحوال ( لأطرق كثير من السائلين ) أى أرخوا أعينهم ينظرون إلى الأرض ، و ذلك لصعوبة الأمر و شدّته حتى أنه يبهته عن السؤال و يتحير كيف يسأل ( و فشل كثير من المسئولين ) أى جبنوا عن ردّ الجواب لجهلهم بعواقب تلك الخطوب و ما يسألون عنه منها ( و ذلك إذا قلصت حربكم ) أى إطراق السائلين و فشل المسئولين إذا تزايدت حربكم و كثرت أو [ 77 ] انضمّت و اجتمعت ، و هو كناية عن شدّتها و صعوبتها ، لأنّ الجيوش إذا اجتمعت كلها و اصطدم الفيلقان كان الأمر أصعب و أشدّ من أن تتفرّق و يحارب كلّ كتيبة كتيبة اخرى في بلاد متباعدة ، و من روى قلصت عن حربكم فالمراد إذا انكشفت كرائه الامور و حوازب الخطوب عن حربكم . ( و شمّرت عن ساق ) أى شمّرت الحرب و رفعت السّاتر عن ساقها و هو كناية عن اشتدادها و التحامها على سبيل الاستعارة ، و الغرض تشبيه الحرب بالمجد في أمر الساعي فيه ، فانّ الانسان أذا جدّ في السّعي شمّر عن ساقه و دفع ثوبه لئلاّ يعوقه و يمنعه ، و ربما قيل بأنه جار على الحقيقة ، و معنى السّاق الشدّة ، أى كشفت عن شدّة و مشقّة و به فسّر قوله سبحانه : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ . ( و ضاقت الدّنيا عليكم ضيقا ) بطروق الخطوب و ابتلاء المصائب حالكونكم ( تستطيلون أيام البلاء عليكم ) و ذلك لأنّ أيام البلاء تكون في نظر الانسان طويلة و أيام السعة و الرّخاء قصيرة قال الشاعر : فأيّام الهموم مقصّصات . و أيّام السّرور تطير طيرا ( حتّى يفتح اللّه لبقيّة الأبرار منكم ) يحتمل أن يكون المراد ببقية الأبرار أولادهم و إن لم يكونوا أبرارا في أنفسهم إن كان إشارة إلى ظهور دولة بني العباس إلاّ أنّ الأظهر أنّ المراد هو ظهور الدّولة الحقّة القائميّة عجّل اللّه له الفرج و أقرّ اللّه عيون مواليه بظهوره عليه السّلام . ( إنّ الفتن إذا أقبلت شبّهت ) أى جعلت نفسها أى الامور الباطنة شبيهة بالحقّ ، أو أشكل أمرها و التبس على الناس ( و إذا أدبرت نبهت ) أى أيقظت القوم من نوم الجهالة و ظهرت بطلانها عليهم ، ألا ترى أنّ الناس كانوا في بدو فتنة الجمل و النهروان في حيرة و اشتباه لا يدرون أنّ الحقّ في أيّ الجانبين ، فلمّا انقضت الحرب و وضعت أوزارها ارتفع الاشتباه و تميّز الحقّ من الباطل و انتبه القوم من جهالتهم . [ 78 ] و أكد عليه السّلام هذا المعنى بقوله ( ينكرن مقبلات ) أى لا يعرف حالهنّ في حالة اقبالها ( و يعرفن مدبرات ) ثمّ وصفها بأنّها ( يحمن حوم الرّياح ) أى يطفن مثل طواف الرّياح ( يصبن بلدا و يخطين بلدا ) . تنبيهان الاول قد قلنا إنّ قوله عليه السّلام : سلوني قبل أن تفقدوني كلام ما زال عليه السّلام يقول حتى أنه عليه السّلام كان يقوله بعد ما ضربه ابن ملجم لعنه اللّه و قبل وفاته بيوم كما مرّ في شرح الكلام التاسع و الستين ، و نكتة ذلك أنّ اللاّزم على امام الزّمان أن يبذل فيوضاته للمواد القابلة بقدر الامكان . ليهلكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ . روى الصدوق فى التّوحيد قال : حدثّنا أحمد بن الحسن القطان و عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال : حدّثنا محمد بن العبّاس قال : حدّثنى محمد بن أبى السّرى قال : حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس عن سعد الكناني عن الأصبغ بن نباته قال : لما جلس عليّ عليه السّلام على الخلافة و بايعه النّاس خرج إلى المسجد متعمّما بعمامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا بسا بردة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متنعّلا نعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متقلّدا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصعد إلى المنبر فجلس عليه متمكنا ثمّ شبّك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه . ثمّ قال : يا معشر النّاس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط 1 العلم هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، هذا ما زقّني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم زقّا زقّا ، سلوني فانّ عندي علم الأوّلين و الآخرين ، أم و اللّه لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التّوراة بتوراتهم حتّى تنطق التّوراة فتقول : صدق عليّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل اللّه في ، و أفتيت أهل الانجيل بانجيلهم حتى ينطق الانجيل فيقول : صدق ----------- ( 1 ) السفط بالطاء ما يخبى فيه الطيب و نحوه ، مصباح [ 79 ] عليّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ ، و أفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتّى ينطق القرآن فيقول : صدق عليّ ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ ، و أنتم تتلون القرآن ليلا و نهارا فهل فيكم أحد يعلم ما انزل فيه ، و لو لا آية في كتاب اللّه لأخبرتكم بما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة و هي هذه الآية : يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ . ثمّ قال : سلوني قبل أن تفقدوني فو الّذي فلق الحبّة ، و برء النّسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل نزلت أو في نهار أنزلت مكّيها ، و مدنيّها ، سفريها ، و حضريها ، ناسخها ، و منسوخها ، محكمها ، و متشابهها ، و تأويلها ، و تنزيلها ، لأخبرتكم . فقام إليه رجل يقال له : ذعلب و كان ذرب 1 اللّسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلته اليوم لكم في مسألتي إيّاه فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك ؟ قال : و يلك يا ذعلب لم أكن بالّذي أعبد ربّا لم أره ، قال : كيف رأيته صفه لنا ، قال عليه السّلام : و يلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقايق الايمان ، و يلك يا ذعلب إنّ ربّي لا يوصف بالبعد و لا بالحركة و لا بالسّكون و لا بقيام قيام انتصاب و لا بمجي‏ء و لا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللّطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمحسّة ، قائل لا بلفظ ، هو في الأشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، فوق كلّ شي‏ء فلا يقال شي‏ء فوقه ، و امام كلّ شي‏ء فلا يقال له امام ، داخل في الأشياء لا كشي‏ء في شي‏ء داخل ، و خارج منها لا كشي‏ء من شي‏ء خارج ، فخرّ ذعلب مغشيا عليه ثمّ قال : تاللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب و اللّه لا عدت إلى مثلها . ----------- ( 1 ) لسان ذريب اى فيه حدة [ 80 ] ثمّ قال عليه السّلام : سلوني قبل أن تفقدوني ، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين كيف يؤخذ من المجوس الجزية و لم ينزل عليهم كتاب و لم يبعث إليهم نبيّ ؟ قال عليه السّلام : بلى يا أشعث قد أنزل اللّه عليهم كتابا و بعث إليهم رسولا حتّى كان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا : أيها الملك دنّست علينا ديننا و أهلكته فاخرج نطهرّك و نقيم عليك الحدّ ، و قال لهم : اجتمعوا و اسمعوا كلامي فان يكن لي مخرج ممّا ارتكبت و إلاّ فشأنكم ، فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أنّ اللّه لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم و أمّنا حوّا ؟ قالوا : صدقت أيها الملك ، قال : أفليس قد زوّج بنيه بناته و بناته من بنيه ؟ قالوا : صدقت هذا هو الدّين فتعاقدوا على ذلك فمحا اللّه تعالى ما في صدورهم من العلم و رفع عنهم الكتاب ، فهم الكفرة يدخلون النّار بلا حساب ، و المنافقون أشدّ حالا منهم قال الأشعث : و اللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب و اللّه لا عدت إلى مثلها أبدا . ثمّ قال : سلوني قبل أن تفقدوني : فقام رجل من أقصى المسجد متوكّئا على عصاه فلم يزل يتخطأ النّاس حتّى دنا منه فقال : يا أمير المؤمنين دلّني على عمل إذا أنا عملت نجاني اللّه من النّار . قال له : اسمع يا هذا ثمّ افهم ، ثمّ استيقن ، قامت الدّنيا بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل لعلمه ، و بغنيّ لا يبخل بما له على أهل دين اللّه ، و بفقير صابر ، فاذا كتم العالم علمه و بخل الغني بما له و لم يصبر الفقير فعندها الويل و الثبور ، و عندها يعرف العارفون أنّ الدّار قد رجعت إلى بديّها أى الكفر بعد الإيمان . أيّها السّائل فلا تغترن بكثرة المساجد و جماعة أقوام أجسادهم مجتمعة و قلوبهم شتّى إنّما النّاس ثلاثة : زاهد ، و راغب ، و صابر ، فاما الزاهد فلا يفرح بشي‏ء من الدّنيا أتاه و لا يحزن منها على شي‏ء فاته فاما الصابر فيتمناها بقلبه فان [ 81 ] أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها و أما الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام ، قال له يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزّمان ؟ قال : ينظر إلى ما أوجب اللّه عليه من حقّ فيتولاّه و ينظر إلى ما خالفه فيتبرّء منه و إن كان حميما قريبا قال : صدقت و اللّه يا أمير المؤمنين ، ثمّ غاب الرّجل فلم نره فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم عليّ عليه السّلام على المنبر ثمّ قال : مالكم هذا أخي الخضر عليه السّلام . ثمّ قال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فلم يقم إليه أحد فحمد اللّه و أثنا عليه و صلّى على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ثمّ قال عليه السّلام للحسن : يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلّم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون إنّ الحسن بن عليّ لا يحسن شيئا ، قال الحسن عليه السّلام : يا أبه كيف أصعد و أتكلّم و أنت في النّاس تسمع و ترى ؟ قال له : بأبي و أمّي اوارى نفسي عنك و اسمع و أرى و لا تراني ، فصعد الحسن عليه السّلام المنبر فحمد اللّه بمحامد بليغة شريفة و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة موجزة ثمّ قال : أيّها النّاس سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول : أنا مدينة العلم و عليّ بابها و هل تدخل المدينة إلاّ من بابها ثمّ نزل ، فوثب إليه عليّ عليه السّلام فحمله و ضمّه إلى صدره ثمّ قال للحسين : يا بنيّ قم فاصعد المنبر و تكلّم بكلام لا يجهلك قريش من بعدى فيقولون إنّ الحسين بن عليّ لا يبصر شيئا و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك فصعد الحسين عليه السّلام المنبر فحمد اللّه و أثنا عليه و صلّى على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة موجزة ثمّ قال : معاشر النّاس سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقول : إنّ عليّا هو مدينة هدى فمن دخلها نجى و من تخلّف عنها هلك ، فوثب إليه عليّ عليه السّلام فضمّه إلى صدره و قبّله ثمّ قال : معاشر النّاس اشهدوا أنهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وديعته التي استودعنيها و أنا أستودعكموها ، معاشر الناس و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سائلكم عنهما . [ 82 ] الثانى اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام متضمّن للتنبيه على علمه بالأخبار الغيبية و الوقايع الآتية و ما يكون بعده إلى يوم القيامة و قد تقدّم في شرح الكلام السادس و الخمسين شطر من تلك الوقايع و الأخبار . و قال الشارح المعتزلي في شرح هذا الفصل : اعلم أنّه قد أقسم في هذا الفصل باللّه الذي نفسه بيده انّهم لا يسألون عن أمر يحدث بينهم و بين القيامة إلاّ أخبرهم به و أنّه ما من طائفة من الناس تهتدى بها مأة و تضلّ بها ماة إلاّ و هو مخبر لهم إن سألوه برعاتها و قايديها و سايقيها و مواضع نزول ركابها و خيولها و من يقتل منها قتلا و من يموت منها موتا ، و هذه الدّعوى منه عليه السّلام ليست ادّعاء الرّبوبية و لا ادّعاء النبوّة و لكنه كان يقول إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبره بذلك . و لقد امتحنّا اخباره فوجدناه موافقا فاستدللنا بذلك على صدق الدّعوى المذكورة . كإخباره عن الضربة التي يضرب في رأسه فتخضب لحيته ، و إخباره عن قتل الحسين ابنه عليهما السّلام و ما قاله في كربلا حيث مرّ بها ، و إخباره بملك معاوية الأمر من بعده ، و إخباره عن الحجّاج و عن يوسف بن عمر ، و ما أخبره من أمر الخوارج بالنهروان ، و ما قدّمه إلى أصحابه من اخباره بقتل من يقتل منهم و صلب من يصلب و إخباره بقتال النّاكثين و القاسطين و المارقين ، و اخباره بعدّة الجيش الوارد إليه من الكوفة لمّا شخص عليه السّلام إلى البصرة لحرب أهلها ، و إخباره عن عبد اللّه بن الزّبير و قوله عليه السّلام فيه : خبّ ضبّ‏يروم أمراو لا يدركه ينصب حبالة الدّين لاصطياد الدّنيا و هو بعد مصلوب قريش . ----------- ( 1 ) خبّ الرجل منع ما عنده و نزل المنهبط من الأرض ليجهل موضعه بخلائق فلان خبّ ضبّ أى خداع خبيث مراوغ و قيل خبّ ضبّ اذا كان فاسدا مفسدا مرا ، منه ----------- ( 2 ) أى الخلافة [ 83 ] و كإخباره عن هلاك البصرة بالغرق و هلاكها تارة اخرى بالزنج و هو الذى صحفه قوم فقالوا بالرّيح ، و كإخباره عن الأئمة الذين ظهروا من ولده بطبرستان كالناصر 1 و الداعى و غيرهما في قوله عليه السّلام : و إنّ لآل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالطالقان لكنزا سيظهره اللّه إذا شاء دعاة حتّى تقوم بإذن اللّه فتدعو إلى دين اللّه . و كإخباره عن ظهور الرّايات السود من خراسان و تنصيصه على قوم من أهلها يعرفون ببنى رزيق بتقديم المهملة و هم آل مصعب منهم طاهر بن الحسين و إسحاق ابن إبراهيم و كانوا هم و سلفهم دعاة الدّولة العباسيّة ، و كإخباره عن مقتل النّفس الزّكيّة 2 بالمدينة و قوله عليه السّلام : انه يقتل عنده احجار الزيت ، و كقوله عن أخيه إبراهيم المقتول يقتل بعد أن يظهر و يقهر بعد أن يقهر ، و قوله عليه السّلام فيه أيضا يأتيه سهم عزب 3 يكون فيه منيته فيابؤس للرامي شلّت يده و وهن عضده . و كإخباره عن قتلى فخّ و قوله عليه السّلام فيهم : هم خير أهل الأرض ، أو من خير أهل الأرض و كإخباره عن المملكة العلويّة 4 بالغرب و تصريحه بذكر كتائته 5 و هم الذين نصروا أبا عبد اللّه الدّاعي المعلّم ، و كقوله يشير إلى عبيد اللّه المهدى ، و هو أوّلهم : ثمّ يظهر صاحب القيروان 6 الغضّ البضّ 7 ذو النسب المحض المنتجب من سلالة ذى البداء المسجّى بالرّدا ، و كان عبيد اللّه المهدى مترفا مشربا رخص البدن تار الأطراف 8 ----------- ( 1 ) هو حسن بن على الملقب بالناصر الكبير و ناصر الحق و حسن بن زيد الملقب بالداعى الكبير و محمد بن زيد الملقب بالداعى الصغير و كان ابتداء امارتهم فى طبرستان فى سنة مأتين و خمسين . ----------- ( 2 ) هو محمد بن عبد اللّه المحض ابن الحسن المثنى ابن الحسن ( ع ) منه . ----------- ( 3 ) اى لا يدرى راميه . ----------- ( 4 ) هم ادريس بن عبد اللّه المحض و عشرة من ولده ----------- ( 5 ) الكتائت فى نسخة الشارح المعتزلى بالتائين و الظاهر انه من الكتيت و هو كما في القاموس صوت في صدر الرجل كصوت البكر فى شدة الغيظ و البخيل و يحتمل التحريف فى النسخة و يكون الاصل كتائبه بدله و هى جمع الكتيبة ، منه ----------- ( 6 ) امراء مصر و قيروان من الاسماعيلية . ----------- ( 7 ) الطرى القوى . ----------- ( 8 ) التار المسترخى . [ 84 ] و ذو البداء إسماعيل بن جعفر بن محمّد عليهما السّلام لأنّ أباه أبا عبد اللّه جعفرا عليه السّلام سجّاه برداه لمّا مات و ادخل إليه وجوه الشيعة يشاهدونه ليعلموا موته و تزول عنهم الشبهة 1 في أمره . و كإخباره عن بني بويه و قوله عليه السّلام فيهم : و يخرج من ديلمان بنو الصياد ، و كقوله فيهم : ثمّ يستشرى أمرهم حتّى يملكوا الزوراء و يخلعوا الخلفاء إشارة إليهم و كان أبوهم صياد السمك يصيد منه بيده ما يتقوت هو و عياله بثمنه فأخرج اللّه تعالى من ولده لصلبه ملوكا ثلاثة 2 و نشر ذريتهم حتّى ضربت الأمثال بملكهم و كقوله عليه السّلام فيهم : و المترف بن الأجذم تقتله ابن عمه على دجلة ، ، و هو إشارة إلى عز الدّولة بختيار بن معزّ الدولة أبي الحسين و كان معزّ الدّولة أقطع اليد قطعت يده في الحرب و كان ابنه عزّ الدولة بختيار مترفا صاحب لهو و شرب ، قتله عضد الدّولة فنّا خسرو ابن عمه بقصر الجصّ على دجلة في الحرب و سلبه ملكه ، فأمّا خلعهم للخلفاء فانّ معز الدّولة خلع المستكفى و رتب عوضه المطيع ، و بهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدّولة خلع الطائع و رتّب عوضه القادر و كانت مدّة ملكهم كما أخبر به عليه السّلام . و كإخباره لعبد اللّه بن العباس ( ره ) عن انتقال الأمر إلى أولاده ، فان عليّ بن عبد اللّه لمّا ولد أخرجه أبوه عبد اللّه إلى عليّ عليه السّلام فأخذه و تفل في فيه و حنّكه بتمرة قد لاكها و دفعه إليه و قال : خذ إليك أبا الأملاك هكذا الرواية الصحيحة و هي التى ذكرها أبو العباس المبرّد في الكامل و ليست الرواية التي يذكر فيها العدد بصحيحة و لا منقولة من كتاب معتمد عليه . و كم له عليه السّلام من الاخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى ممّا لو أردنا استقصائه لكسرنا له كراريس كثيرة و كتب السّير يشتمل عليها مشروحة ----------- ( 1 ) اى شبهة الامامة ----------- ( 2 ) و هم عماد الدولة على بن بويه ، و ركن الدولة حسن بن بويه ، و معز الدولة أحمد بن بويه و ولدهم منه [ 85 ] الترجمة از جمله خطب شريفه آن امام مبين است كه اشاره فرموده در آن بكمالات نفسانيه و مقامات معنويه خود و بعضى از اخبار غيبيه باين نحو كه فرموده : أما بعد از حمد و ثناء الهى و درود نامعدود بر حضرت رسالت پناهي ايگروه خلايق پس من بر كندم چشم فتنه را و حال آنكه نبود هيچ كس كه جرأت نمايد بر دفع آن فتنه غير از من بعد از آنكه مضطرب شد ظلمت آن فتنه و سخت گرديد شرّ و أذيت آن ، پس سؤال نمائيد از من از مسائل مشكله و مطالب معضله پيش از آنكه نيابيد مرا ، پس قسم بخداوندى كه نفس من در قبضه اقتدار او است سؤال نمينمائيد ار من از چيزى كه در ميان شما است و در ميان روز قيامت و نه از گروهى كه هدايت نمايند صد كس را و گمراه سازند صد كس ديگر را مگر اينكه خبر دهم شما را بخواننده آن و كشنده آن و راننده آن و محل فرود آمدن شتران بارگير ايشان و جاى فرود آوردن بارها با پالانهاى ايشان و بآنكه كشته ميشود از ايشان كشته شدنى و آنكه مى‏ميرد از ايشان مردنى و اگر مفقود كنيد مرا و نازل بشود بر شما امورات مكروهه و حالات شديده هر آينه سر در پيش اندازند بسيارى از سائلان و ميترسند بسيارى از مسئولان ، و اين آنزماني است كه درهم كشيده شود و جمع شود حرب شما و بردارد رخت را از ساق خود و تنگ باشد دنيا بشما تنگ شدني در حالتيكه دراز شماريد ايام بلا را برخودتان تا آنكه فتح كند خداوند از براى بقيّه نيكوكاران از شما بدرستى كه فتنه‏ها زماني كه رو آورند شبهه مى‏اندازند مردمانرا و زمانى كه پشت برگردانند آگاه مى‏نمايند ايشانرا ، شناخته نميشوند آن فتنه‏ها در حالتيكه اقبال ميكنند و شناخته مى‏شوند در حالتى كه ادبار مينمايند ، دوران ميكنند و بر ميگردند آنها مثل گرديدن بادها ، ميرسند بشهرى و تخطي ميكنند و دور مى‏گذرند از شهرى ديگر . [ 86 ] الفصل الثانى ألا إنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة ، فإنّها فتنة عمياء مظلمة ، عمّت حظّتها ، و خصّت بليّتها ، و أصاب البلاء من أبصر فيها ، و أخطأ البلاء من عمى عنها ، و أيم اللّه لتجدنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي كالنّاب الضّروس ، تعذم بفيها ، و تخبط بيدها ، و تزبن برجلها ، و تمنع درّها ، لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم ، أو غير ضائر بهم ، و لا يزال بلآئهم حتّى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ مثل انتصار العبد من ربّه ، و الصّاحب من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم شوهآء مخشيّة ، و قطعا جاهليّة ، ليس فيها منار هدى ، و لا علم يرى ، نحن أهل البيت منها بمنجاة ، و لسنا فيها بدعاة ، ثمّ يفرّج اللّه عنكم كتفريج الأديم بمن يسومهم خسفا ، و يسوقهم عنفا ، و يسقيهم بكأس مصبّرة ، و لا يعطيهم إلاّ السّيف ، و لا يحلسهم إلاّ الخوف ، فعند ذلك تودّ قريش بالدّنيا و ما فيها لو يرونني مقاما واحدا و لو قدر جزر جزور ، لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه ، فلا يعطونني . اللغة ( الخطّة ) بالضّم الأمر و الجهل و الخصلة و الحالة و شبه القصّة و ( النّاب ) [ 87 ] الانثى المسنة من النوق و جمعها نيب و أنياب و ( الضروس ) الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها و ( عدم ) الفرس يعذم من باب ضرب عضّ أو أكل بجفاء و ( خبط ) البعير الأرض ضربها بيده و ( زبنت ) النّاقة حالبها زبنا من باب ضرب دفعته برجلها فهى زبون بالفتح فعول بمعنى فاعل و ( الدرّ ) اللّبن . و ( الصاحب من مستصحبه ) قال في المصباح : صحبته أصحبه صحبة فأنا صاحب و الأصل في هذا الاطلاق لمن حصل له رؤية و مجالسة و كلّ شي‏ء لازم شيئا فقد استصحبه قاله ابن الفارس و غيره و ( الشوه ) قبح الخلقة و هو مصدر شوء من باب تعب و رجل أشوه قبيح المنظر و امرأة شوها ، و الجمع شوه مثل أحمر و حمراء و حمر و شاهت الوجوه تشوه قبحت و ( القطعة ) الطائفة من الشي‏ء و القطع جمعها مثل سدرة و سدر و ( المنجاة ) مصدر بمعنى النجاة و اسم مكان و ( سام ) فلانا الأمر كلّفه إيّاه أو أولاه إيّاه كسوّمه و أكثر ما يستعمل في العذاب و الشرّ و ( الخسف ) الذّهاب في الأرض و الغيبة فيها و في القاموس سامه خسفا إذا أولاه ذلاّ و ( العنف ) مثلّثة ضدّ الرفق . و ( المصبرة ) الممزوجة بالصّبر و هو وزان كتف عصارة شجر مرّ و يجوز أن يكون المصبرة بمعنى المملوة إلى اصبارها ، قال في القاموس ملاء الكاس إلى اصبارها أى رأسه و أخذه باصباره بجميعه و ( حلس ) البعير يحلسه غشاه بحلس و هو كساء يجعل على ظهر البعير تحت رحله و الجمع أحلاس كحمل و أحمال و ( الجزور ) الناقة التي تجزر أى تنحر . الاعراب كلمة ايمن اسم استعمل في القسم و التزم رفعه كما التزم رفع لعمر اللّه ، و همزته عند البصريين وصل و اشتقاقه عندهم من اليمن و هو البركة قالوا و لم يأت في الأسماء همزة وصل مفتوحة غيرها و عند الكوفيين قطع لأنّه جمع يمين عندهم و قد يختصر عنه فيقال : و أيم اللّه بحذف النون ، و يختصر ثانيا فيقال أم اللّه بضم الميم و كسرها و قد يدخل عليها اللاّم لتأكيد الابتداء قال الشاعر : [ 88 ] فقال فريق القوم لمّا نشدتهم نعم و فريق ليمن اللّه ما ندرى و رفعه بالابتداء و خبره محذوف وجوبا أى أيمن اللّه قسمى و إذا خاطبت به أحدا تقول : ليمنك كما تقول لعمرك ، و قوله : لا يزالون بكم ، الظرف متعلّق بمحذوف معلوم بقرينة المقام خبر لزال أي لا يزالون قائمين بكم أو موذين بكم أو نحو ذلك ، و شوهاء منصوبة على الحالية من فاعل ترد و هو العامل فيها ، و جاهليّة صفة لقطعا ، و جملة ليس فيها آه إمّا استينافية بيانية أو مرفوعة المحلّ على كونها صفة لفتنتهم أو منصوبة على كونها صفة لقطعا و الباء في قوله بالدّنيا للبدل على حدّ قول الحماسي : فليت لى بهم قوما إذا ركبوا شدّوا الاغارة فرسانا و ركبانا و ما فيها عطف على الدّنيا ، و ما موصولة و لفظة لو في قوله : لو يرونني ، حرف مصدر بمعنى ان إلاّ أنها لا تنصب كما تنصب ان قال سبحانه : وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ . و في قوله و لو قدر جزر جزور بمعنى إن الوصلية و حذف بعده كان كما هو الغالب و قوله : لأقبل متعلّق بتوّد و قوله : فلا يعطونني ، فاعل يعطون ضمير قريش و ضمير المتكلّم مفعوله الأوّل و حذف مفعوله الثاني و في بعض النسخ فلا يعطوننيه باثبات المفعولين كليهما المعنى اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام متضمّن للاخبار عن فتن بني امية لعنهم اللّه قاطبة و ما يرد على الناس فيها من الشدايد و المكاره و عن انقراض دولتهم بعد سلطنتهم و استيلائهم كما قال عليه السّلام ( ألا إنّ أخوف الفتن عندى عليكم فتنة بني امية ) و إنّما كانت أخوف الفتن لشدّتها و كثرة بلوى أهل الدّين بها و عظم رزء المسلمين فيها و يكفي في عظمها هتكهم حرمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قتلهم سبطيه و هدمهم البيت الحرام و إسائتهم الأدب بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام على رؤوس منابر الاسلام ثمانين سنة حتى [ 89 ] راب عليه الصغير و هرم عليه الكبير و أمرهم للناس بالتبّرى منه عليه السّلام و قتلهم كلّ من امتنع من ذلك و استيصالهم و تخريب دورهم و تشريدهم من البلاد و جعلهم البدعة سنّة و السّنة بدعة . كما يشير إلى ذلك كلّه قوله : ( فانها فتنة عمياء مظلمة ) أى فتنة موجبة للعمى و الظّلام لا يهتدى فيها إلى سبيل الحقّ كما لا يهتدي الأعمى و السالك في الظلمة إلى النّهج المطلوب . و محصل المراد انها فتنة موجبة للضّلال و العدول عن منهج الحقّ ، و يحتمل أن يكون من باب التشبيه المحذوف الأداة مبالغة أى فتنة بمنزلة العصياء في كون جريانها على غير استقامة و هي فتنة ( عمّت خطّتها ) لكونها رياسة كليّة و سلطنة عامّة ( و خصّت بليّتها ) بأئمّة الدّين و مواليهم المؤمنين و شيعتهم المخلصين من أهل التقوى و اليقين ( و أصاب البلاء من أبصر فيها ) أى من كان ذا بصيرة فيها و هو مصاب بأنواع البلاء لحزنه في نفسه بما يشاهد من أفعالهم السّوئى و قصدهم له بأصناف العقوبة و الأذى ( و أخطأ البلاء من عمى عنها ) أى من كان ذا عمى و جهالة عن تلك الفتنة فهو في أمن و سلامة من اصابة البلية لكونه منقادا لدعوتهم منساقا تحت رايتهم ، مطيعا لأوامرهم ممتثلا لنواهيهم ( و أيم اللّه لتجدنّ بني اميّة لكم أرباب سوء بعدي ) يطلق الرّبّ على المالك و المنعم و السيّد و المتمّم و المدبّر و المربّي و يصحّ ارادة كلّ منها في المقام و لا يطلق على الاطلاق إلاّ على اللّه سبحانه و بيّن جهة السّوء بقوله : ( كالنّاب الضّروس تعذم بفيها و تخبط بيدها و تزبن برجلها و تمنع درّها ) شبّههم عليه السّلام بالنّاقة السّيّئة الخلق المتّصفة بالأوصاف الرّدية المذكورة أراد عليه السّلام أنها كما تعضّ بفيها و تضرب بيدها و تدفع حالبها برجلها و تمنع الناس من لبنها فكذلك هؤلاء في أفعالهم الرّديّة و حركاتهم الموذية من قصد الناس بالقتل و الضرب و الأذية و منعهم ما يستحقّونه من بيت المال ( لا يزالون ) قائمين ( بكم ) مسلّطين عليكم قاصدين لكم ( حتى لا يتركوا منكم ) في الأرض و لا يبقوا ( إلاّ نافعا لهم ) سالكا مسلكهم ينفعهم في [ 90 ] مقاصدهم ( أو غير ضائر بهم ) بانكار المنكرات عليهم أى من لا يكون مضرا لهم في امور دولتهم ( و لا يزال بلائهم ) عليكم ( حتى لا يكون انتصار أحدكم ) أى انتقامه ( منهم إلاّ مثل انتصار العبد من ربّه ) و انتقامه من مولاه ( و ) كانتصار ( الصّاحب ) الملازم التابع ( من مستصحبه ) أى ممن اتبعه و لزمه . و الغرض بذلك إمّا نفى إمكان الانتقام رأسا فيكون المقصود بالاثبات هو النفي أى كما لا يمكن للعبد الانتقام من مولاه و للمستصحب الذي من شأنه الضّعف و عدم الاستقلال الانتصار من مستصحبه ، فكذلك هؤلاء الموجودون في تلك الزمان الناجون من سيف البغي و العدوان لا يمكنهم الانتصار من بني اميّة و مروان ، لكونهم أذلاّء مقهورين بمنزلة العبيد المملوكين ، و إمّا إثبات الانتصار في الجملة عند الغيبة بمثل الغيبة و السّب و الذّم و نحوها مع الأمن من الوصول إلى المغتاب و المسلوب و المذموم مع إظهار الطّاعة و الانقياد عند الحضور ، و يؤيّد ذلك ما يأتي في رواية الثقفي من الزّيادة و هو قوله عليه السّلام : حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ مثل انتصار العبد من ربّه إذا رآه أطاعه و إذا توارى عنه شتمه . ( ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشيّة ) أى حالكونها قبيحة عقلا و شرعا مخوّفة للنفوس مرعّبة للقلوب ( و قطعا جاهليّة ) أي طوايف و دفعات منسوبة إلى الجهالة متصفة بالضّلالة لكونها على غير قانون عدل ، و ما يظهر من كلام الشراح من كون المراد بالجاهلية الحالة التي كانت العرب عليها قبل الاسلام من الجهل باللّه و رسوله و شرايع الدّين و المفاخرة بالأنساب و الكبر و التجبّر و التعصّب و الأخلاق الذّميمة ، فيه أنّ معنى الجاهلية و إن كان ذلك إلاّ أنّ ظاهر التركيب لا يساعد حمله على ذلك المعنى في المقام و لو كان مراده عليه السّلام ذلك لقال : و قطع الجاهليّة أى قطعا مثل قطع الجاهلية فافهم . و قوله عليه السّلام : ( ليس فيها منار هدى و لا علم يرى ) بيان لوجه الجهالة أي ليس فيها إمام هدى يهتدى به و يستضاء بنوره ، و لا قانون عدل يسلك به سبيل الحقّ . [ 91 ] ثمّ أشار عليه السّلام إلى برائة ساحتهم من تلك الفتنة بقوله ( نحن أهل البيت منها بمنجاة و لسنا فيها بدعاة ) أراد نجاتهم من الدخول فيها و من لحوق آثامها و تبعاتها و عدم كونهم من الداعين إليها و إلى مثلها ، و ليس المراد نجاتهم من أذيّتها و خلاصهم من بليّتها لكونهم عليهم السّلام أعظم النّاس بليّة و أشدّهم أذيّة فيها ، و كفى بذلك شاهدا شهادة الحسين عليه السّلام و أولاده و أصحابه و هتك حريمه و نهب أمواله و ما أصاب ساير أئمة الدّين من الطغاة الظالمين لعنهم اللّه أجمعين . ثمّ بشّر بظهور الفرج بقوله : ( ثمّ يفرّج اللّه ) و يكشف عنكم ( كتفريج الأديم ) قيل أى ككشف الجلد عن اللّحم حتى يظهر ما تحته . و قال في البحار : يحتمل أن يكون المراد بالأديم الجلد الذي يلفّ الانسان فيه للتّعذيب لأنّه يضغطه شديدا إذا جفّ ، و في تفريجه راحة ، و كيف كان فالمقصود انفتاح باب الفرج لهم ( بمن يسومهم خسفا ) أي يكلّفهم و يولّيهم ذلاّ و هوانا أو خسفا في الأرض ( و يسوقهم عنفا ) أي بعنف و شدّة ( و يسقيهم بكأس مصبرة ) ممزوجة بالصّبر أو المراد مملوة إلى اصبارها ( و لا يعطيهم إلاّ السّيف و لا يحلسهم إلاّ الخوف ) استعار لفظ الاحلاس بمشابهة جعلهم الخوف شعارا لهم غير منفكّ عنهم كالحلس الملازم للبعير الذي يكسى على ظهره و يلاصق جسده . قال الشراح : و هذه الفقرات إشارة إلى انقراض دولة بني اميّة بظهور بني العباس و انّ بني العباس أولاهم ذلاّ و هوانا و أذاقوهم كأس العذاب طعوما مختلفة و أروهم عيان الموت ألوانا شتّى كما هو مذكور في كتب السير و التواريخ . أقول : و الأظهر بملاحظة الزيادات الآتية في رواية سليم بن قيس الهلالي و إبراهيم الثقفي أنها إشارة إلى ظهور السلطنة الالهية و الدولة القائميّة ، و على هذا يكون قوله : يسومهم خسفا إشارة إلى خسف الأرض بجيش السفياني في البيداء كما هو مرويّ في أخبار الرجعة . ثمّ أشار الى مآل حال الفرقة المنقلبة من قريش و منتهى ذلّتهم و ضعفهم بقوله : [ 92 ] ( فعند ذلك تودّ قريش بالدّنيا و ما فيها لو يروننى مقاما واحدا و لو قدر جزر جزور لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه فلا يعطونني ) أى حينئذ يتمنّى قريش بدل الدّنيا و ما فيها أن يروني مقاما قصيرا بمقدار جزر جزور فيطيعوني اطاعة كاملة و قد رضيت منهم اليوم بأن يطيعوني إطاعة ناقصة فلم يقبلوا و يصدّق هذا ما روى في السّير أنّ مروان بن محمّد و هو آخر ملوك بني امية قال يوم الزاب 1 لمّا شاهد عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس بازائه في صفّ خراسان : لوددت إنّ عليّ بن أبي طالب تحت هذه الرّاية بدلا من هذا الفتى ، و على ما استظهرناه فيكون الاشارة بذلك إلى التمنّى عند قيام القائم عليه السّلام تكملة اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة ملتقطة من خطبة طويلة أوردها في البحار بزيادة و اختلاف كثير لما أورده السّيد ( ره ) في الكتاب أحببت أن اورد تمامها توضيحا للمرام و غيرة على ما أسقطه السيد ( ره ) اختصارا أو اقتصارا من عقايل الكلام فأقول : روى المحدّث العلاّمة المجلسيّ ( ره ) من كتاب الغارات لابراهيم بن محمّد ----------- ( 1 ) الزاب نهر بالموصل روى في شرح المعتزلى فى شرح الخطبة المأة و الرابعة أنه لما نزل مروان بالزاب جرد من رجاله ممن اختاره من أهل الشام و الجزيرة و غيرها مأة ألف فارس على مأة ألف فارح ثم نظر اليهم و قال : انها لعدة و لا تنفع العدة اذا انقضت المدة و لما أشرف عبد اللّه بن على يوم الزاب فى المسودة و في أوائلهم البنود السود تحملها الرجال على الجمال البخت ، أقبل مروان على رجل بجنبه و قال ألا تعرفنى من صاحب جيشهم ؟ فقال عبد اللّه بن محمد بن على بن عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب قال : و يحك من ولد العباس هو ؟ قال : نعم ، قال : و اللّه لو ددت أن علىّ بن أبى طالب مكانه فى هذا الصف ، قال : يا أمير المؤمنين تقول هذا لعلى مع شجاعته التى ملاء الدنيا ذكرها قال : ويحك ان عليا ( ع ) مع شجاعته صاحب دين و الدّين غير الملك و انا لنروى عن قديمنا أنه لا شي‏ء لعلى و لا لولده في هذا انتهى ما أهمنا نقله ، منه . [ 93 ] الثقفي ، عن إسماعيل بن أبان عن عبد الغفار بن القسم عن المنصور بن عمر عن زربن حبيش ، و عن أحمد بن عمران بن محمّد بن أبي ليلي عن أبيه عن ابن أبي ليلى عن المنهال ابن عمرو عن زرّبن حبيش قال خطب عليّ عليه السّلام بالنّهروان فحمد اللّه و أثنا عليه ثمّ قال : أيّها النّاس أما بعد أنا فقأت عين الفتنة لم يكن احد ليجترى عليها غيري ، و في حديث ابن أبي ليلي لم يكن ليقفاها أحد غيري و لو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل و لا أهل صفّين و لا أهل النّهروان ، و أيم اللّه لو لا ان تتكلّمو او تدعوا العمل لحدّثتكم بما قضى اللّه على لسان نبيّكم لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا للهدى الذى نحن عليه ثمّ قال : سلونى قبل أن تفقدوني سلوني عمّا شئتم سلوني قبل أن تفقدوني إني ميّت أو مقتول بلى ( بل خ ل ) قتل ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم ، و ضرب بيده إلى لحيته ، و الذي نفسى بيده لا تسألوني عن شي‏ء فيما بينكم و بين الساعة و لا عن فئة تضلّ مأة أو تهدى مأة إلاّ نبأتكم بناعقها و سائقها فقام إليه رجل فقال : حدّثنا يا أمير المؤمنين عن البلاء ، قال عليه السّلام : إنكم في زمان إذا سأل سائل فليعقل و إذا سئل مسؤل فليثبت ، ألا و إنّ من ورائكم امورا أتتكم جللا مزوجا و بلاء مكلحا ، و الذي فلق الحبّة و برء النسمة أن لو فقدتموني و نزلت بكم كرايه الأمور و حقايق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين و فشل كثير من المسؤلين ، و ذلك إذا قلصت حربكم و شمّرت عن ساق و كانت الدّنيا بلاء عليكم و على أهل بيتي حتّى يفتح اللّه لبقيّة الأبرار فانصروا أقواما كانوا أصحاب رايات يوم بدر و يوم حنين تنصروا و توجروا ، و لا تسبقوهم فتصرعكم البلية . فقام إليه رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين حدّثنا عن الفتن قال : إنّ الفتنة إذا اقبلت شبّهت و إذا أدبرت أسفرت يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، إنّ الفتن تحوم كالرّياح يصبن بلدا و يخطين اخرى ، ألا إنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بنى اميّة إنّها فتنة عمياء مظلمة مطينة عمّت فتنتها و خصّت بليتها و أصاب البلاء من أبصر فيها [ 94 ] و أخطا البلاء من عمى عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقّها حتى يملاء الأرض عدوانا و بدعا ، و إنّ أوّل من يضع جبروتها و يكسر عمدها و ينزع أوتادها اللّه ربّ العالمين . و أيم اللّه لتجدنّ بني اميّة أرباب سوء لكم بعدي كالناب الضّروس تعضّ بفيها و تخبط بيديها و تضرب برجليها و تمنع درّها لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا في مصركم إلاّ تابعا لهم أو غير ضارّ ، و لا يزال بلائهم بكم حتى لا يكون إنتصار أحدكم منهم إلاّ مثل انتصار العبد من ربّه إذا رآه أطاعه ، و إذا توارى عنه شتمه و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ حجر لجمعكم اللّه شرّ يوم لهم ألا إنّ من بعدى جمّاع شتّى ، ألا إنّ قبلتكم واحدة و حجّكم واحد و عمرتكم واحدة و القلوب مختلفة ثمّ أدخل أصابعه بعضها في بعض فقام رجل فقال : ما هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : هذا هكذا يقتل هذا هذا و يقتل هذا هذا قطعا جاهلية ليس فيها هدى و لا علم يرى ، نحن أهل البيت منها بنجاة و لسنا فيها بدعاة . فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما نصنع في ذلك الزّمان ؟ قال عليه السّلام : انظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا ، و إن استصرخوكم فانصروهم توجروا ، و لا تسبقوهم فتصرعكم البليّة . فقام رجل آخر فقال : ثمّ ما يكون بعد هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال عليه السّلام : ثمّ إنّ اللّه يفرج الفتن برجل منّا أهل البيت كتفريج الأديم ، بأبى ابن خيرة الاماء يسومهم خسفا و يسقيهم بكأس مصبرة ، و لا يعطيهم إلاّ السّيف هرجا هرجا ، يضع السّيف على عاتقه ثمانية أشهر ، ودّت قريش عند ذلك بالدّنيا و ما فيها لويرونى مقاما واحدا قد رحلب شاة أو جزر جزور لأقبل منهم بعض الذى يرد عليهم حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا ، فيغريه اللّه ببني امية فجعلهم : مَلْعُونينَ أَيْنَما ثُقِفُوا اُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتيلاً ، سُنَّةَ اللَّهِ فى الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسنَّةِ اللَّهِ تَبْديلاً . [ 95 ] بيان و رواه في البحار أيضا من كتاب سليم بن قيس الهلالى نحو ما رواه من كتاب الغارات مع زيادات كثيرة في آخره و لا حاجة لنا إلى ايرادها و إنما المهمّ تفسير بعض الالفاظ الغريبة في تلك الروّاية فأقول « الجلل » بالضم جمع جليّ وزان ربّي و هو الأمر العظيم و « مزوجا » في النسخه بالزّاء المعجمة و الظاهر انه تصحيف و الصحيح مروجا بالمهملة من راج الريح اختلطت و لا يدرى من أين تجي‏ء و يمكن تصحيحه بجعله من زاج بينهم يزوج زوجا إذا أفسد بينهم و حرش و « كلح » كلوحا تكثر في عبوس كتلكح و دهر كالح شديد و « طان » الرجل البيت و السطح يطينه من باب باع طلاه بالطين و طينه بالتثقيل مبالغة و تكثير و المطينة فاعل منه ، و في رواية سليم بن قيس بدلها مطبقة و « جمّاع » النّاس كرمّان اخلاطهم من قبائل شتّى و من كلّ شي‏ء مجتمع اصله و كلّ ما تجمع و انضمّ بعضه إلى بعض و « لبد » بالمكان من باب نصر و فرح لبدا و لبودا أقام و لزق . و قوله : « بابى ابن خيرة الاماء » اشارة إلى امام الزمان الغايب المنتظر عجّل اللّه فرجه و سهّل مخرجه و « هرجا هرجا » منصوبان على المصدر قال في القاموس هرج النّاس يهرجون وقعوا في فتنة و اختلاط و قتل ، و في رواية سليم بن قيس حتّى يقولوا ما هذا من قريش لو كان هذا من قريش و من ولد فاطمة لرحمنا و « غرى » بالشي‏ء غرى من باب تعب أولع به من حيث لا يحمله عليه حامل و أغريته به إغراء . الترجمة آگاه باشيد و بدرستى كه ترسناك‏ترين فتنه‏ها نزد من بر شما فتنه بنى‏اميه است پس بدرستى كه آن فتنه فتنه ايست كه باعث كورى و ظلمت است كه عامست حالة آن بجهة احاطه او بجميع مسلمانان و خاص است بليه آن بر خواص أهل ايمان و يقين ، و رسيد بلاء آن بكسيكه صاحب بصيرتست در او و خطا نمود بلاء از كسى كه كور و بي بصيرت گشت از آن ، و قسم بخدا هر اينه البتة مييابيد بني اميّه را از براى خود صاحبان بد بعد از من مثل ناقه بد خلق گزنده در وقت دوشيدن [ 96 ] كه دندان ميگيرد با دهان خود و ميزند با دستهاى خود و لگد ميزند با پاهاى خود و منع مى‏نمايد از شير خود . هميشه باشند اذيّت كننده بشما تا اينكه نگذارند از شما أحدى را مگر اينكه فايده دهنده بايشان يا ضرر نرساننده برايشان و هميشه باشد با شما بلاء ايشان تا اينكه نباشد انتقام يكى از شما از ايشان مگر مثل انتقام كشيدن غلام از آقاى خود و مثل انتقام كشيدن تابع از متبوع خود ، وارد مى‏شود بر شما فتنه ايشان در حالتيكه قبيح است و ترسيده شده و طايفه بطايفه كه منسوبست بجهالة كه نباشد در ميان آن فتنه‏ها مناره هدايت و نه علامت ديده شده ما أهل بيت از آن فتنه در نجات هستيم و نيستيم در آن دعوت كننده بمثل آن ، پس از آن بگشايد خداوند آن فتنه را از شما مثل شكافتن و جدا نمودن پوست از گوشت بدست آنكسى كه بنمايد بايشان ذلّت را ، و براند ايشانرا بدرشتى ، و سيراب مى‏نمايد ايشانرا با كاسه كه تلخ شده باشد ، و ندهد برايشان مگر شمشير خون آشام ، و نمى‏پوشاند برايشان مگر لباس خوف را پس نزد آن واقعه دوست ميدارد قريش عوض دنيا و ما فيها اينكه ببيند مرا در يك مكانى اگر چه بوده باشد آن زمان ديدن بقدر كشتن شتر قربانى تا اينكه قبول نمايم از ايشان آنچه را كه مى‏خواهم از ايشان امروز بعض آنرا پس نمى‏دهند آنرا بمن