جستجو

و من خطبة له ع في الرسول الأعظم صلى

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 259 ] و من خطبة له عليه السّلام و هى الثامنة و الثمانون من المختار فى باب الخطب و أوّل فقراتها مرويّة في الكافي و في ديباجة تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي أيضا باختلاف تطلع عليه . أرسله على حين فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الامم ، و اعتزام من الفتن ، و انتشار من الامور ، و تلظّ من الحروب ، و الدّنيا كاسفة النّور ، ظاهرة الغرور ، على حين اصفرار من ورقها ، و إياس من ثمرها ، و اغورار من مائِها ، قد درست منار الهدى ، و ظهرت أعلام الرّدى ، فهي متهجّمة لأهلها ، عابسة في وجه طالبها ، ثمرتها الفتنة ، و طعامها الجيفة ، و شعارها الخوف ، و دثارها السّيف ، فاعتبروا عباد اللَّه و اذكروا تيك الّتي آباؤكم و إخوانكم بها مرتهنون ، و عليها محاسبون ، و لعمري ما تقادمت بكم و لا بهم العهود ، و لا خلت فيما بينكم و بينهم الأحقاب و القرون ، و ما أنتم اليوم من يوم كنتم في أصلابهم ببعيد ، و اللَّه ما أسمعهم الرّسول شيئا إلاّ وها أنا ذا اليوم مسمعكموه ، و ما أسماعكم اليوم بدون أسماعهم بالأمس ، و لا شقّت لهم الأبصار ، و لا جعلت لهم الأفئدة في ذلك الأوان إلاّ و قد أعطيتم مثلها في هذا الزّمان ، و و اللَّه ما بصرّتم بعدهم شيئا جهلوه ، و لا أصفيتم به و حرموه ، و لقد نزلت بكم البليّة جائلا خطامها ، رخوا بطانها ، [ 260 ] فلا يغرّنّكم ما أصبح فيه أهل الغرور ، فإنّما هو ظلّ ممدود إلى أجل معدود . اللغة ( الفترة ) ما بين الرّسولين من رسل اللَّه و ( الهجعة ) بفتح الها و سكون الجيم النومة ليلا من الهجوع بالضّم كالجلسة من الجلوس و ( الاعتزام ) العزم من اعتزمه و عليه و تعزم أراد فعله و قطع عليه و يروى و اعترام بالراء المهملة من عرام الجيش بالضمّ كغراب حدّتهم و شدّتهم و كثرتهم و العرام من الرّجل الشراسة و الاذى و ( التّلظى ) التلهب و ( كسف ) الشمس و القمر كسو فاذهب نورهما و احتجبا و ( اغورّ ) الماء اغورارا كاحمرّ و تغوّر ذهب في الأرض و اغورّت الشمس غابت قال سبحانه : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتيكُمْ بِماءٍ مَعينٍ . أى صار مائكم غايرا ( فهي متهجّمة ) من هجم عليه هجوما انتهى إليه بغتة و هجم البيت انهدم و في بعض النّسخ متجهّمة بتقديم الجيم على الهاء من تجهّمه فلان استقبله بوجه كريه ، و بهما روى بيت الصّديقة الطّاهرة سلام اللَّه عليها و على أبيها و بعلها و بينيها عند غصب فدك : تهجّمتنا رجال و استخفّ بنا لمّا فقدت و كلّ الأرض مغتصب و ( الأحقاب ) جمع حقب بضمّ الحاء و القاف و بسكون القاف أيضا ثمانون سنة أو أكثر و قيل الدّهر و قيل السّنة و قيل السنون و ( القرون ) جمع القرن قال الفيروز آبادي أربعون سنة أو عشرة أو عشرون أو ثلاثون أو خمسون أو ستّون أو سبعون أو ثمانون أو مأة أو مأة و عشرون ( و لا أصفيتم ) على البناء للمفعول من باب الافعال ، قال سبحانه : أَفَأَصْفيكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنينَ . [ 261 ] أى آثركم و ( جائلا خطامها ) أى مضطربا غير مستقرّ من الجولان و الخطام من الدّابة بالخاء المعجمة و الطاء المهملة مقدم أنفها و فمها ، و يطلق على الزمام ، و هو المراد هنا باعتبار أنه يقع على الفم أو الأنف و ما يليه ، و منه الحديث كان خطام جمله عليه السّلام ليف و ( البطان ) حزام القتب يقال أبطن البعير أى سدّ بطانه . الاعراب على حين فترة للاستعلاء المجازى ، و جملة و الدّنيا كاسفة النّور ، منصوبة المحلّ على الحاليّة من ضمير أرسله ، و على حين اصفرار ظرف مستقرّ خبر ثان للدّنيا و يحتمل الحال أيضا و جملة قد درست حال أيضا ، و لعمرى جملة قسميّة ، و قوله و ما أنتم اليوم ما حجازيّة عاملة عمل ليس ، و أنتم اسمها و ببعيد خبرها زيد فيه الباء كما تزاد في خبر ليس مطّردا ، و اليوم متعلّق به ، و كذلك من يوم و جملة جهلوه صفة لشيئا . و جملة و حرموه حال من ضمير به و فيه دليل على عدم لزوم قد في الجملة الحالية الماضوية المثبتة كما عليه جمهور علماء الأدبية ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الجملة في معنى النفي إذ مقصوده عليه السّلام نفى الاصفاء عن المخاطبين و المحرومية عن الغائبين معا و لذلك جى‏ء بالواو و الضمير ، و الفاء في قوله فلا يغرّنّكم فصيحة المعنى اعلم أنّ مقصوده عليه السّلام بهذه الخطبة هو التذكير و الموعظة و التّنبيه عن نوم الغفلة و التحذير من الغرور و الفتنة ، و مهّد أوّلا مقدّمة متضمّنة للاشارة إلى حالة النّاس حين البعثة و أيّام الفترة و أنّه سبحانه أرسل إليهم رسولا يزكّيهم و يعلّمهم الكتاب و الحكمة و آثرهم بتلك النّعمة العظيمة و الموهبة الجسيمة بعد ما كانوا في شدّة الابتلاء و المحنة و منتهى الاضطراب و الخشية و سوء الحال و الكابة ، ليتذكّر السّامعون بتلك النّعمة العظمى و المنحة الكبرى فيشكروا للّه و يلازموا طاعة اللَّه و يسلكوا سبيل اللَّه سبحانه فقال عليه السّلام : ( أرسله ) أى محمّدا صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ( على حين فترة من الرّسل ) أى على حين سكون [ 262 ] و انقطاع من الرّسل و ذلك أنّ الرسل إلى وقت رفع عيسى كانت متواترة و بعد رفعه ( ع ) انقطع الوحى و الرّسالة خمسمأة سنة على ما في بعض روايات أصحابنا أو ستّمأة سنة كما عن البخاري عن سلمان ، و الأوّل أشهر و أقوى و يأتي حديث آخر في ذلك إنشاء اللَّه في شرح الفصل السّادس من الخطبة المأة و الحادية و التسعين و هي الخطبة المعروفة بالقاصعة ثمّ بعث اللَّه محمّدا صلّى اللَّه عليه و آله و إنّما قيّد عليه السّلام نعمة الإرسال و الانزال بتلك الحال و ما يتلوها من الأحوال بيانا للواقع و إظهارا لجلالة تلك النعمة و جزالة تلك الموهبة حسبما أشرنا إليه فانّ النعمة يتزايد قدرها بحسب تزايد منافعها ، و لا ريب أنّ خلوّ الزمان عن الرّسول يستلزم ظهور الفساد و الشّرور و انتشار البغى و الفجور و كثرة الهرج و المرج ، و تلك أحوال مذمومة و أفعال مشئومة توجب تبدّل النّظام و اختلال الأحكام و الانهماك في الجهالات و التّورّط في الضّلالات و لحوق الذّم بهم بمقدار ما يلحقهم من المدح في حال الطاعة و القيام بوظايف العبادة المتفرّعة على وجود الدليل و بعث الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ( و طول هجعة من الامم ) استعار لفظ الهجعة التي هي عبارة من النّوم في اللّيل لانغماسهم في ظلمة الجهالة و الضّلالة ، و رشحها بذكر الطول الذي هو من ملايمات المستعار منه على حدّ قوله : وَ الَّذينَ اشْتَرَوا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ . ( و اعتزام من الفتن ) نسبة الاعتزام إلى الفتن مجاز كنّى به عن وقوعها بينهم كأنّها قاصدة لهم مريدة إيّاهم و على رواية الاعترام بالرّاء المهملة فالمراد كثرتها و شدّتها و تأذّى الناس بها ( و انتشار من الأمور ) أى تفرّق امور الخلق في معاشهم و عدم جريانها على قانون منتظم ( و تلظّ من الحروب ) شبّه الحرب بالنّار في الافساد و الاهلاك و أسند إليها التّلظّى الذي هو الاشتعال و الالتهاب على سبيل الاستعارة و كنّى به عن هيجانها و ثورانها أيّام الفترة ففي الكلام استعارة مكنيّة و تخييليّة [ 263 ] ( و الدّنيا كاسفة النّور ) استعار النور للعلم المقتبس من الأنبياء و الحجج بشباهة أنّ كلاّ منهما سبب لهداية الأنام في الضّلالة و الظلام ، و رشّحها بذكر الكسف الذى من ملايمات النّور و أراد به عدم وجود هذا النّور في ذلك الزمان ( ظاهرة الغرور ) أراد ظهور اغترار النّاس بها و شيوع افتتانهم بشهواتها و لذاتها ( على حين اصفرار من ورقها و اياس من ثمرها و اغورار من مائها ) شبّه عليه السّلام الدنيا بشجرة مثمرة مورقة في اشتمالها على ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين على سبيل الاستعارة بالكناية و ذكر الورق و الثمر و الماء تخييل . و إثبات الاصفرار و الاياس و الاغورار ترشيح ، و أراد بتلك الترشيحات بيان خلوّ الدنيا يومئذ عن آثار العلم و الهداية و ما يوجب السعادة في البداية و النهاية . و يمكن جعله مركّبا من استعارات متعدّدة و يكون المراد بيان خلوّ الدنيا حينئذ من الأمن و الرّفاهية و المنافع الدّنيوية ليكون ما يذكر بعده تأسيسا . و توضيح ذلك الوجه ما ذكره الشارح البحراني حيث قال استعار لفظ الثمرة و الورق لمتاعها و زينتها و لفظ الاصفرار لتغيّر تلك الزينة عن العرب في ذلك الوقت و عدم طراوة عيشهم اذا و خشونة مطاعمهم كما يذهب حسن الشّجرة باصفرار ورقها فلا يلتذّ بالنّظر إليها ، و عنى بالاياس من ثمرها انقطاع مآل العرب اذا من الملك و الدّولة و ما يستلزمه من الحصول على طيبات الدّنيا . و كذلك استعار لفظ الماء لموادّ متاع الدّنيا و طرق لذّاتها و لفظ الاغورار لعدم تلك الموادّ من ضعف التجارات و المكاسب و عدم التملّك للأمصار و كلّ ذلك لعدم النظام العدلى بينهم و كلّها استعارات بالكناية و وجه الاستعارة الاولى أنّ الورق كما أنّه زينة الشّجر و به كماله كذلك لذّات الدّنيا و زينتها ، و وجه الثّانية أنّ الثمر كما أنّه مقصود الشجرة غالبا و غايتها كذلك متاع الدّنيا و الانتفاع به هو مقصودها المطلوب منها لأكثر الخلق ، و وجه الثّالثة أنّ الماء كما أنّه مادّة الشجرة و به حياتها و قيامها في الوجود [ 264 ] كذلك موادّ تلك اللّذّات هي المكاسب و التجارات و الصّناعات ، و قد كانت العرب خالية من ذلك و وجوه باقي الاستعارات ظاهرة . ( قد درست منار الهدى ) كناية عن فقدان حجج الدّين و انتفاء أدلّة الحقّ ( و ظهرت أعلام الرّدى ) كناية عن غلبة أدلّة الباطل و ظهور أئمّة الضّلال ( فهى متهجّمة لأهلها ) أى داخلة عليهم عنفا لكونها غير موافقة لرضاهم أو منهدمة عليهم غير باقية في حقّهم أو ملاقية لهم بوجه كريه و هو على رواية متجهّمة بتقديم الجيم على الهاء ( عابسة في وجه طالبها ) أراد به عدم حصول بغية الطالبين منها كما لا تحصل من الرّجل المنقبض الوجه الذى يلوى بشرته قال سبحانه : عَبَسَ وَ تَوَلّى‏ أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى . ( ثمرتها الفتنة ) أى الضّلال عن طريق الحقّ و التيه في ظلمة الباطل و فيه استعارة مكنية و تخييليّة حيث شبّه الدنيا بشجرة مثمرة و أثبت الثّمرة لها و جعل ثمرتها الفتنة إمّا من باب التهكم أو من حيث إنّ الثمرة كما أنّها الغاية المقصودة من الشجرة فكذلك غاية الدّنيا عند أهلها هي الفتنة و الضّلال ( و طعامها الجيفة ) يحتمل أن يكون المراد بالجيفة الميتة و الحيوان الغير المزكى ممّا كان العرب يأكلها في أيّام الفترة حتى حرّمتها الآية الشريفة أعنى قوله : حُرَّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزيرِ وَ ما أَهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ . أى المضروبة بالخشب حتى تموت و يبقى الدّم فيها فيكون أطيب كما زعمه المجوس « وَ الْمُتَرَدِّيَةُ » أى التي تردّت من علوّ فماتت و قد مرّ في شرح الخطبة السّادسة و العشرين أنّ أكثر طعام العرب كان الخشب و الخبائث ، و يجوز أن يراد بالجيفة الاعمّ من ذلك أعني مطلق ما لا يحلّ في الشريعة المطهّرة سواء كان من قبيل الخبائث و الميتات أو من قبيل الأموال المغصوبة المأخوذة بالنّهب [ 265 ] و الغارة و السّرقة و نحوها على ما جرت عليه عادة العرب و كانت دابا لهم ( و شعارها الخوف و دثارها السّيف ) الشّعار ما يلي شعر الجسد من الثّياب و الدّثار ما فوق الشّعار من الأثواب و مناسبة الخوف بالشّعار و السّيف بالدّثار غير خفيّة على ذوي الأنظار . ثمّ إنّه بعد ما مهّد المقدّمة الشريفة و فرغ من بيان حالة العرب في أيّام الفترة شرع في الموعظة و النّصيحة بقوله : ( فاعتبروا عباد اللَّه ) بما كانت عليه الاخوان و الآباء و الأقران و الأقرباء ( و اذكروا تيك ) الأعمال القبيحة و الأحوال الذميمة ( التي آبائكم و اخوانكم بها مرتهنون ) و محبوسون و عليها محاسبون و مأخوذون . ثمّ اشار عليه السّلام إلى تقارب الأزمان و تشابه الأحوال بين الماضين و الغابرين بقوله : ( و لعمري ما تقادمت بكم و لا بهم العهود ) حتّى تغفلوا ( و لا خلت فيما بينكم و بينهم الأحقاب و القرون ) حتّى تذهلوا ( و ما أنتم اليوم من يوم كنتم في أصلابهم ببعيد ) حتّى تنسوا و لا تعتبروا فلكم اليوم بالقوم اعتبار و فيما جرت عليهم تبصرة و تذكار . ( و اللَّه ما أسمعهم الرّسول شيئا إلاّ و ها أناذا مسمعكموه ) فليس لكم علىّ حجّة بعدم الابلاغ و الاسماع ( و ما إسماعكم اليوم بدون إسماعهم بالأمس ) فليس لكم معذرة بالوقر في الآذان و الأسماع ( و لاشقت لهم الأبصار ) المبصرة ( و لا جعلت لهم الأفئدة ) المتدبّرة ( في ذلك الأوان إلاّ و قد أعطيتم مثلها في هذا الزّمان ) فلا يمكن لكم أن تقولوا إنّا كنّا في عمى من هذا و كنّا به جاهلين ، و لا أن تعتذروا بأنّه لم يجعل لنا أفئدة و كنّا منه غافلين . ( و واللَّه ما بصّرتم بعدهم شيئاً جهلوه ) بل علّموا ما علّمتم ( و لا اصفيتم ) و اوثرتم ( به و حرموه ) بل منحوا ما بذلتم فلم يبق بينكم و بينهم فرق في شي‏ء من الحالات و كنتم مثلهم في جميع الجهات فإذا انتفى الفارق فما بالكم لا تسمعون و لا تبصرون [ 266 ] و لا تفهمون و لا تذكّرون ، و قد اسمع اسلافكم فسمعوا ، و بصّروا فتبصّروا و ذكّروا فتذكّروا و عمّروا فنعموا ، و علّموا ففهموا . ثمّ حذرهم و أنذرهم بإشراف الابتلاء و المحنة و نزول البلية بقوله ( و لقد نزلت بكم البليّة ) لعلّه أراد بها فتنة معاوية و دولة بني أميّه ( جائلا خطامها رخواً بطانها ) استعارة بالكناية عن خطرها و صعوبة حال من يعتمد عليها و يركن إليها كما أنّ من ركن إلى النّاقة التي جال خطامها و لم‏تستقرّ في وجهها و انفها و ارتخى حزامها فركبها كان في معرض السّقوط و الهلاك . ثمّ أردف ذلك بالنّهى عن الاغترار بالدّنيا فقال ( و لا يغرنّكم ما أصبح فيه أهل الغرور ) من الاغترار بزخارفها و لذّاتها و الانهماك في شهواتها و طيّباتها بظنّ دوامها و ثباتها ( فانّما هو ظلّ ممدود إلى أجل ) محدود ( معدود ) بينا ترونه سابغا حتّى قلص و زيداً حتّى نقص . تكملة قد اشرنا سابقا إلى أنّ أوّل فقرات هذه الخطبة مرويّة في الكافي باختلاف لما هنا فأحببت أن اوردها على ما هود يدننا في الشّرح فأقول : روى الكلينيّ عن محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام أيّها النّاس إنّ اللَّه تبارك و تعالى أرسل إليكم الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله‏و سلمّ ، و أنزل عليه الكتاب و أنتم اميّون عن الكتاب و من أنزله و عن الرّسول و من أرسله على حين فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الأمم ، و انبساط من الجهل ، و اعتراض من الفتنة ، و انتقاض عن المبرم ، و عمى عن الحقّ ، و اعتساف من الجور ، و امتحاق من الدّين ، و تلظّ من الحروب ، على حين اصفرار من رياض جنّات الدّنيا ، و يبس من اغصانها ، و انتشار من ورقها ، و اياس من ثمرها ، و اغورار من مائها . قد درست أعلام الهدى ، و ظهرت أعلام الردى ، فالدّنيا متهجّمة « متجهّمة ح » في وجوه أهلها مكفهرّة مدبرة غير مقبلة ، ثمرتها الفتنة ، و طعماها الجيفة ، [ 267 ] و ثمارها الخوف ، و دثارها السّيف ، و مزّقتم كلّ ممزّق ، و قد أعمت عيون أهلها ، و أظلمت عليها أيّامها ، قد قطعوا أرحامهم ، و سفكوا دمائهم ، و دفنوا في التّراب الموؤدة بينهم من أولادهم ، يجتاز دونهم طيبب العيش و رفاهية خفوض الدّنيا ، لا يرجون من اللَّه ثوابا ، و لا يخافون و اللَّه منه عقابا . حيّهم أعمى نجس ، و ميّتهم في النّار مبلس ، فجاءهم صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنسخة ما في الصحف الأولى و تصديق الذي بين يديه و تفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق لكم اخبركم عنه أنّ فيه علم ما مضى و علم ما يأتي إلى يوم القيامة و حكم ما بينكم و بيان ما أصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتموني عنه لعلّمتكم . و رواه عليّ بن إبراهيم القمي أيضا في ديباجة تفسيره نحوه و لقلّة موارد الاختلاف لم نطل بروايتها . بيان قال في النهاية : إنّا امّة اميّة لا نكتب و لا نحسب أراد أنّهم على أصل ولادة امّهم لم‏يتعلّموا الكتاب و الحساب فهم على جبلّتهم الأولى ، و قيل : الأمّي الذي لا يكتب و منه الحديث بعثت إلى أمّة أميّة قيل للعرب : أميّون لأنّ الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة انتهى . قال بعض شراح الحديث و لعلّ المراد هنا من لا يعرف الكتابة و الخط و العلم و المعارف و ضمن معنى ما يعدي كالنّوم و الغفلة ، و قوله : و اعتراض من الفتنة يحتمل أن يكون عروضها و انتشارها في الآفاق ، قوله : و انتقاض عن المبرم المبرم المحكم و قد أشار به إلى ما كان الخلق على من استحكام أمورهم بمتابعة الأنبياء و أراد بانتقاضه فساده . و المكفهرّ من الوجوه من اكفهرّ على وزن اقشعرّ القليل اللّحم العليظ الذي لا يستحيي و المتعبّس ، قوله : مزّقتم كلّ ممزّق التفات من الغيبة إلى الخطاب و الممزّق مصدر بمعنى التمزيق و هو التفريق و التّقطيع ، و المراد به تفرّقهم في [ 268 ] البلدان للخوف أو تفرّقهم في الأديان و الآراء ، و الموؤودة البنت المدفونة حيّة و كانوا يفعلون ذلك في الجاهليّة ببناتهم لخوف الاملاق أو العار كما قال سبحانه : وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتُ بِأَيَّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ . يجتاز دونهم طيب العيش و رفاهيّة خوفض الدّنيا ، يجتاز بالجيم و الزاء المعجمة من الاجتياز و هو المرور و التجاوز ، و الرفاهية السعة في المعاش ، و الخفوض جمع الخفض و هي الدعة و الرّاحة أى يمرّ طيب العيش و الرّفاهية التي هي خفض الدّنيا أو في خفوضها متجاوزا عنهم من غير تلبّث عندهم ، قوله : أعمى نجس بالنّون و الجيم و في بعض النسخ بالحاء المهملة من النّحوسة و المبلس من الابلاس و هو الاياس من رحمة اللَّه و منه سمّي ابليس ، قوله : بما في الصّحف الاولى أى التوراة و الانجيل و الزبور و غيرها من الكتب المنزّلة و هو المراد بالذي بين يديه كما قال تعالى : وَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْريةِ وَ الْإِنْجيلِ . و قوله : فاستنطقوه الأمر للتعجير ، و ساير الفقرات واضحة ممّا قدّمنا . الترجمة از جمله خطب شريفه آن حضرتست كه متضمّن ميباشد بعثت حضرت خاتم رسالت را در ايّام فترت و بيان حالت خلق را در ايّام جاهليت و مشتمل است به موعظه و نصيحت و تنبيه از نوم غفلت و جهالت ميفرمايد : فرستاد حق سبحانه و تعالى پيغمبر آخر الزّمان را در حين فتور و انقطاع از پيغمبران ، و در زمان درازى خواب غفلت از امّتان ، و در هنگام عزم از فتنه‏ها ، و در وقت انتشار از كارها ، و در حين اشتعال از نائره حروب و كارزارها ، و در حالتي كه دنيا منكسف بود نور او ، ظاهر بود غرور او ، ثابت بود بر زردى برك خود ، و مأيوسى از ثمر خود ، و فرو رفتن آب خود ، بتحقيق كه مندرس شده بود علم‏هاى هدايت ، و ظاهر گشته بود نشانهاى ضلالت . [ 269 ] پس دنيا هجوم آورنده بود بر أهل خود ، و عبوس بود در روى طالبان خود ، ميوه او فتنه بود ، و طعام او جيفه ، و پوشش او ترس بود از دشمنان ، و لباس بيرونى او شمشير برّان ، پس عبرت برداريد اى بندگان خدا و ياد آوريد آنحالت را كه بود پدران شما و برادران شما بسبب آنحالت مرهون و محبوس ، و بجهت آن محاسب و مأخوذ ، و قسم بزندگانى خود كه دير نشده است بشما و نه بايشان عهدها و زمانها ، و نگذشته است در ما بين شما و ايشان روزگارها و قرنها ، و ينستيد شما امروز از روزيكه بوديد در پشت‏هاى ايشان دور ، يعنى مدتى نيست كه شما در اصلاب آباء خود بوديد ايشان با ساير خويشان از شما مفارقت كردند و شما هم در اندك زمانى بايشان ملحق خواهيد شد . بخدا سوگند كه نشنوانيد بشما رسول خدا عليه التّحية و الثناء چيزى را مگر اينكه من شنواننده‏ام بشما آنرا ، و نيست سمعهاى شما امروز كم از سمع‏هاى ايشان ديروز ، و شكافته نشد ايشانرا ديده‏ها ، و گردانيده نشد ايشانرا قلبها در آنزمان مگر اينكه عطا شديد شما مثل آنرا در اين زمان . و بخدا قسم كه نموده نشديد شما بعد از ايشان چيزيرا كه ايشان جاهل آن بوده باشند ، و برگزيده نشديد بچيزى در حالتى كه ايشان محروم بوده باشند از او ، و بتحقيق كه فرود آمد بشما بلاها در حالتيكه جولان كننده است مهار آن ، سست بى ثبات است تنك آن ، پس مغرور نسازد شما را آنچه كه صباح كرد در آن اهل غرور و ارباب شرور ، پس اينست و جز اين نيست كه آن دنيا سايه ايست كشيده شده تا مدت شمرده شده ، مشحون بانواع قصور و محتوى بكمال ضعف و فتور .