جستجو

و من خطبة له ع و هو بعض خطبة طويلة خطبها يوم الفطر و فيها يحمد الله و يذم الدنيا حمد الله

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 152 ] 45 و من خطبة له ع اَلْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ وَ لاَ مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ وَ لاَ مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ اَلَّذِي لاَ تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ وَ لاَ تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ وَ اَلدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا اَلْفَنَاءُ وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا اَلْجَلاَءُ وَ هِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ خَضْرَاءُ وَ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَ اِلْتَبَسَتْ بِقَلْبِ اَلنَّاظِرِ فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ اَلزَّادِ وَ لاَ تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ اَلْكَفَافِ وَ لاَ تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ اَلْبَلاَغِ مني لها الفناء أي قدر و الجلاء بفتح الجيم الخروج عن الوطن قال سبحانه وَ لَوْ لا أَنْ كَتَبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلْجَلاءَ . و حلوة خضرة مأخوذ من قول رسول الله ص إن الدنيا حلوة خضرة و إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون . و الكفاف من الرزق قدر القوت و هو ما كف عن الناس أي أغنى . و البلاغ و البلغة من العيش ما يتبلغ به . [ 153 ] و اعلم أن هذا الفصل يشتمل على فصلين من كلام أمير المؤمنين ع أحدهما حمد الله و الثناء عليه إلى قوله و لا تفقد له نعمة و الفصل الثاني ذكر الدنيا إلى آخر الكلام و أحدهما غير مختلط بالآخر و لا منسوق عليه و لكن الرضي رحمة الله تعالى يلتقط كلام أمير المؤمنين ع التقاطا و لا يقف مع الكلام المتوالي لأن غرضه ذكر فصاحته ع لا غير و لو أتى بخطبه كلها على وجهها لكانت أضعاف كتابه الذي جمعه فصل بلاغي في الموازنة و السجع فأما الفصل الأول فمشتمل من علم البيان على باب كبير يعرف بالموازنة و ذلك غير مقنوط فإنه وازنه في الفقرة الثانية بقوله و لا مخلو أ لا ترى أن كل واحدة منهما على وزن مفعول ثم قال في الفقرة الثالثة و لا مأيوس فجاء بها على وزن مفعول أيضا و لم يمكنه في الفقرة الرابعة ما أمكنه في الأولى فقال و لا مستنكف فجاء به على وزن مستفعل و هو و إن كان خارجا عن الوزن فإنه غير خارج عن المفعولية لأن مستفعل مفعول في الحقيقة كقولك زيد مستحسن أ لا ترى أن مستحسنا من استحسنه فهو أيضا غير خارج عن المفعولية . ثم وازن ع بين قوله لا تبرح و قوله لا تفقد و بين رحمة و نعمة فأعطت هذه الموازنات الكلام من الطلاوة و الصنعة ما لا تجده عليه لو قال الحمد لله غير مخلو من نعمته و لا مبعد من رحمته لأن مبعد بوزن مفعل و هو غير مطابق و لا مماثل لمفعول بل هو بناء آخر . و كذلك لو قال لا تزول منه رحمة فإن تزول ليست في المماثلة و الموازنة [ 154 ] لتفقد كتبرح أ لا ترى أنها معتلة و تلك صحيحة و كذلك لو قال لا تبرح منه رحمة و لا يفقد له أنعام فإن أنعاما ليس في وزن رحمة و الموازنة مطلوبة في الكلام الذي يقصد فيه الفصاحة لأجل الاعتدال الذي هو مطلوب الطبع في جميع الأشياء و الموازنة أعم من السجع لأن السجع تماثل أجزاء الفواصل لو أوردها على حرف واحد نحو القريب و الغريب و النسيب و ما أشبه ذلك و أما الموازنة فنحو القريب و الشديد و الجليل و ما كان على هذا الوزن و إن لم يكن الحرف الآخر بعينه واحدا و كل سجع موازنة و ليس كل موازنة سجعا و مثال الموازنة في الكتاب العزيز وَ آتَيْناهُمَا اَلْكِتابَ اَلْمُسْتَبِينَ وَ هَدَيْناهُمَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ و قوله تعالى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ثم قال وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ثم قال تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ثم قال نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا فهذه الموازنة . و مما جاء من المثال في الشعر قوله بأشدهم بأسا على أعدائهم و أعزهم فقدا على الأصحاب فقوله و أعزهم بإزاء أشدهم و قوله فقدا بإزاء بأسا . و الموازنة كثيرة في الكلام و هي في كتاب الله تعالى أكثر نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة و ذم الطمع فأما الفصل الثاني فيشتمل على التحذير من الدنيا و على الأمر بالقناعة و الرضا بالكفاف فأما التحذير من الدنيا فقد ذكرنا و نذكر منه ما يحضرنا و أما القناعة فقد ورد فيها شي‏ء كثير . [ 155 ] قال رسول الله ص لأخوين من الأنصار لا تيئسا من روح الله ما تهزهزت رءوسكما فإن أحدكم يولد لا قشر عليه ثم يكسوه الله و يرزقه و عنه ص و يعزى إلى أمير المؤمنين ع القناعة كنز لا ينفد و ما يقال إنه من كلام لقمان الحكيم كفى بالقناعة عزا و بطيب النفس نعيما و من كلام عيسى ع اتخذوا البيوت منازل و المساجد مساكن و كلوا من بقل البرية و اشربوا من الماء القراح و اخرجوا من الدنيا بسلام لعمري لقد انقطعتم إلى غير الله فما ضيعكم أ فتحافون الضيعة إذا انقطعتم إليه . و في بعض الكتب الإلهية القديمة يقول الله تعالى يا ابن آدم أ تخاف أن أقتلك بطاعتي هزلا و أنت تتفتق بمعصيتي سمنا . قال أبو وائل ذهبت أنا و صاحب لي إلى سلمان الفارسي فجلسنا عنده فقال لو لا أن رسول الله ص نهى عن التكلف لتكلفت لكم ثم جاء بخبز و ملح ساذج لا أبزار عليه فقال صاحبي لو كان لنا في ملحنا هذا سعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها على سعتر فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال سلمان لو قنعت بما رزقك لم تكن مطهرتي مرهونة . عباد بن منصور لقد كان بالبصرة من هو أفقه من عمرو بن عبيد و أفصح و لكنه كان أصبرهم عن الدينار و الدرهم فساد أهل البصرة . قال خالد بن صفوان لعمرو بن عبيد لم لا تأخذ مني فقال لا يأخذ أحد من أحد إلا ذل له و أنا أكره أن أذل لغير الله . [ 156 ] كان معاش عمرو بن عبيد من دار ورثها كان يأخذ أجرتها في كل شهر دينارا واحدا فيتبلغ به . الخليل بن أحمد كان الناس يكتسبون الرغائب بعلمه و هو بين أخصاص البصرة لا يلتفت إلى الدنيا و لا يطلبها . وهب بن منبه أرملت مرة حتى كدت أقنط فأتاني آت في المنام و معه شبه لوزة فقال افضض ففضضتها فإذا حريرة فيها ثلاثة أسطر لا ينبغي لمن عقل عن الله أمره و عرف لله عدله أن يستبطئ الله في رزقه فقنعت و صبرت ثم أعطاني الله فأكثر . قيل للحسن ع إن أبا ذر كان يقول الفقر أحب إلي من الغنى و السقم أحب إلي من الصحة فقال رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول من اتكل إلى حسن الاختيار من الله لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها الله له لعمري يا ابن آدم الطير لا تأكل رغدا و لا تخبأ لغد و أنت تأكل رغدا و تخبأ لغد فالطير أحسن ظنا منك بالله عز و جل حبس عمر بن عبد العزيز الغذاء عن مسلمة حتى برح به الجوع ثم دعا بسويق فسقاه فلما فرغ منه لم يقدر على الأكل فقال يا مسلمة إذا كفاك من الدنيا ما رأيت فعلام التهافت في النار . عبد الواحد بن زيد ما أحسب شيئا من الأعمال يتقدم الصبر إلا الرضا و القناعة و لا أعلم درجة أرفع من الرضا و هو رأس المحبة . قال ابن شبرمة في محمد بن واسع لو أن إنسانا اكتفى بالتراب لاكتفى به . يقال من جملة ما أوحى الله تعالى إلى موسى ع قل لعبادي المتسخطين لرزقي إياكم أن أغضب فأبسط عليكم الدنيا . [ 157 ] كان لبعض الملوك نديم فسكر ففاتته الصلاة فجاءت جارية له بجمرة نار فوضعتها على رجله فانتبه مذعورا فقالت إنك لم تصبر على نار الدنيا فكيف تصبر على نار الآخرة فترك الدنيا و انقطع إلى العبادة و قعد يبيع البقل فدخل عليه الفضيل و ابن عيينة فإذا تحت رأسه لبنة و ليس تحت جنبه حصير فقالا له إنا روينا أنه لم يدع أحد شيئا لله إلا عوضه خيرا منه فما عوضك قال القناعة و الرضا بما أنا فيه . أصابت داود الطائي ضائقة شديدة فجاء حماد بن أبي حنيفة بأربعمائة درهم من تركة أبيه فقال داود هي لعمري من مال رجل ما أقدم عليه أحدا في زهده و ورعه و طيب كسبه و لو كنت قابلا من أحد شيئا لقبلتها إعظاما للميت و إيجابا للحي و لكني أحب أن أعيش في عز القناعة . سفيان الثوري ما أكلت طعام أحد قط إلا هنت عليه . مسعر بن كدام من صبر على الخل و البقل لم يستعبد . فضيل أصل الزهد الرضا بما رزقك الله أ لا تراه كيف يصنع بعبده ما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها تطعمه مرة خبيصا و مرة صبرا تريد بذلك ما هو أصلح له . المسيح ع أنا الذي كببت الدنيا على وجهها و قدرتها بقدرها ليس لي ولد يموت و لا بيت يخرب وسادي الحجر و فراشي المدر و سراجي القمر أمير المؤمنين ع أكل تمر دقل ثم شرب عليه ماء و مسح بطنه و قال من أدخلته بطنه النار فأبعده الله ثم أنشد فإنك إن أعطيت بطنك سؤله و فرجك نالا منتهى الذم أجمعا [ 158 ] في الحديث الصحيح المرفوع إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب . من كلام الحكماء من ظفر بالقناعة فقد ظفر بالكيمياء الأعظم . الحسن الحريص الراغب و القانع الزاهد كلاهما مستوف أجله مستكمل أكله غير مزداد و لا منتقص مما قدر له فعلام التقحم في النار . ابن مسعود رفعه إنه ليس أحد بأكيس من أحد قد كتب النصيب و الأجل و قسمت المعيشة و العمل و الناس يجرون منهما إلى منتهى معلوم المسيح ع انظروا إلى طير السماء تغدو و تروح ليس معها شي‏ء من أرزاقها لا تحرث و لا تحصد و الله يرزقها فإن زعمتم أنكم أوسع بطونا من الطير فهذه الوحوش من البقر و الحمر لا تحرث و لا تحصد و الله يرزقها . سويد بن غفلة كان إذا قيل له قد ولي فلان يقول حسبي كسرتي و ملحي . وفد عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك فشكا إليه خلته فقال له أ لست القائل لقد علمت و ما الإشراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني أسعى له فيعنيني تطلبه و لو قعدت أتاني لا يعنيني فكيف خرجت من الحجاز إلى الشام تطلب الرزق ثم اشتغل عنه فخرج و قعد على ناقته و نصها راجعا إلى الحجاز فذكره هشام في الليل فسأل عنه فقيل إنه رجع إلى الحجاز فتذمر و ندم و قال رجل قال حكمة و وفد علي مستجديا فجبهته [ 159 ] و رددته ثم وجه إليه بألفي درهم فجاء الرسول و هو بالمدينة فدفعها إليه فقال له قل لأمير المؤمنين كيف رأيت سعيت فأكديت و قعدت في منزلي فأتاني رزقي . عمر بن الخطاب تعلم أن الطمع فقر و أن اليأس غنى و من يئس من شي‏ء استغنى عنه أهدي لرسول الله ص طائران فأكل أحدهما عشية فلما أصبح طلب غداء فأتته بعض أزواجه بالطائر الآخر فقال أ لم أنهك أن ترفعي شيئا لغد فإن من خلق الغد خلق رزقه و في الحديث المرفوع قد أفلح من رزق كفافا و قنعه الله بما آتاه من حكمة سليمان ع قد جربنا لين العيش و شدته فوجدنا أهنأه أدناه وهب في قوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قال القناعة . بعض حكماء الشعراء فلا تجزع إذا أعسرت يوما فقد أيسرت في الدهر الطويل و لا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل و إن العسر يتبعه يسار و قيل الله أصدق كل قيل و لو أن العقول تجر رزقا لكان المال عند ذوي العقول عائشة قال لي رسول الله ص إن أردت اللحوق بي فيكفيك من الدنيا زاد الراكب و لا تخلقي ثوبا حتى ترقعيه و إياك و مجالسة الأغنياء [ 160 ] يقال إن جبرائيل ع جاء إلى رسول الله ص بمفاتيح خزائن الدنيا فقال لا حاجة لي فيها بل جوعتان و شبعة . وجد مكتوبا على صخرة عادية يا ابن آدم لست ببالغ أملك و لا سابق أجلك و لا مغلوب على رزقك و لا مرزوق ما ليس لك فعلام تقتل نفسك . الحسين بن الضحاك يا روح من عظمت قناعته حسم المطامع من غد و غد من لم يكن لله متهما لم يمس محتاجا إلى أحد أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه أ تدري لم رزقت الأحمق قال لا قال ليعلم العاقل أن طلب الرزق ليس بالاحتمال قنط يوسف بن يعقوب ع في الجب لجوع اعتراه فأوحي إليه انظر إلى حائط البئر فنظر فانفرج الحائط عن ذرة على صخرة معها طعامها فقيل له أ تراني لا أغفل عن هذه الذرة و أغفل عنك و أنت نبي ابن نبي دخل علي ع المسجد و قال لرجل أمسك على بغلتي فخلع لجامها و ذهب به فخرج علي ع بعد ما قضى صلاته و بيده درهمان ليدفعهما إليه مكافأة له فوجد البغلة عطلا فدفع إلى أحد غلمانه الدرهمين ليشتري بهما لجاما فصادف الغلام اللجام المسروق في السوق قد باعه الرجل بدرهمين فأخذه بالدرهمين و عاد إلى مولاه فقال علي ع إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر [ 161 ] و لا يزاد على ما قدر له سليمان بن المهاجر البجلي كسوت جميل الصبر وجهي فصانه به الله عن غشيان كل بخيل فلم يتبذلني البخيل و لم أقم على بابه يوما مقام ذليل و إن قليلا يستر الوجه أن يرى إلى الناس مبذولا لغير قليل وقف بعض الملوك على سقراط و هو في المشرقة فقال له سل حاجتك قال حاجتي أن تزيل عني ظلك فقد منعتني الرفق بالشمس فأحضر له ذهبا و كسوة ديباج فقال إنه لا حاجة بسقراط إلى حجارة الأرض و لعاب الدود إنما حاجته إلى أمر يصحبه حيثما توجه . صلى معروف الكرخي خلف إمام فلما انفتل سأل ذلك الإمام معروفا من أين تأكل قال اصبر علي حتى أعيد ما صليته خلفك قال لما ذا قال لأن من شك في الرزق شك في الرازق قال الشاعر و لا تهلكن النفس وجدا و حسرة على الشي‏ء أسداه لغيرك قادرة و لا تيأسن من صالح أن تناله و إن كان نهبا بين أيد تبادره فإنك لا تعطي أمرا حظ نفسه و لا تمنع الشق الذي الغيث ناصره قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب قد مللت الناس و أحببت أن ألحق بصاحبي فقال إن سرك اللحوق بهما فقصر أملك و كل دون الشبع و اخصف النعل و كن كميش الإزار مرقوع القميص تلحق بهما . [ 162 ] و قال بعض شعراء العجم غلا السعر في بغداد من بعد رخصة و إني في الحالين بالله واثق فلست أخاف الضيق و الله واسع غناه و لا الحرمان و الله رازق قيل لعلي ع لو سد على رجل باب بيت و ترك فيه من أين كان يأتيه رزقه قال من حيث كان يأتيه أجله . قال بعض الشعراء صبرت النفس لا أجز ع من حادثة الدهر رأيت الرزق لا يكسب بالعرف و لا النكر و لا بالسلف الأمثل أهل الفضل و الذكر و لا بالسمر اللدن و لا بالخذم البتر و لا بالعقل و الدين و لا الجاه و لا القدر و لا يدرك بالطيش و لا الجهل و لا الهذر و لكن قسم تجري بما ندري و لا ندري جاء فتح بن شخرف إلى منزله بعد العشاء فلم يجد عندهم ما يتعشى به و لا وجد دهنا للسراج و هم في الظلمة فجلس ليلة يبكي من الفرح و يقول بأي يد قد كانت مني بأي طاعة تنعم علي بأن أترك على مثل هذه الحال . لقي هرم بن حيان أويسا القرني فقال السلام عليك يا أويس بن عامر فقال و عليك السلام يا هرم بن حيان فقال هرم أما إني عرفتك بالصفة فكيف عرفتني قال إن أرواح المؤمنين لتشام كما تشام الخيل فيعرف بعضها بعضا قال أوصني [ 163 ] قال عليك بسيف البحر قال فمن أين المعاش قال أف لك خالطت الشك الموعظة أ تفر إلى الله بدينك و تتهمه في رزقك . منصور الفقيه الموت أسهل عندي بين القنا و الأسنه و الخيل تجري سراعا مقطعات الأعنه من أن يكون لنذل على فضل و منه أعرابي أ تيئس أن يقارنك النجاح فأين الله و القدر المتاح قال رجل لرسول الله ص أوصني قال إياك و الطمع فإنه فقر حاضر و عليك باليأس مما في أيدي الناس . حكيم أحسن الأحوال حال يغبطك بها من دونك و لا يحقرك لها من فوقك . أبو العلاء المعري فإن كنت تهوى العيش فابغ توسطا فعند التناهي يقصر المتطاول توقي البدور النقص و هي أهلة و يدركها النقصان و هي كوامل خالد بن صفوان كن أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مالا فإن الكريم من كرمت عند الحاجة خلته و اللئيم من لؤمت عند الفاقة طعمته . [ 164 ] شعر و كم ملك جانبته من كراهة لإغلاق باب أو لتشديد حاجب ولي في غنى نفسي مراد و مذهب إذا أبهمت دوني وجوه المذاهب بعض الحكماء ينبغي للعاقل أن يكون في دنياه كالمدعو إلى الوليمة إن أتته صحفة تناولها و إن جازته لم يرصدها و لم يطلبها