جستجو

و من كلام له ع و فيه يحذر من اتباع الهوى و طول الأمل في الدنيا

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 199 ] و من خطبة له عليه السّلام و هى الثانية و الاربعون من المختار في باب الخطب و قد رواها المحدّث المجلسي و غيره بطرق مختلفة و اختلاف يسير ، و رواها الشارح المعتزلي أيضا في شرح الخطبة الآتية ، و نشير الى تلك الرّوايات بعد الفراغ من شرح ما أورده السّيد قدّس سرّه في الكتاب و هو قوله عليه الصّلاة و السّلام : أيّها النّاس إنّ أخوف ما أخاف عليكم إثنتان : اتّباع الهوى ، و طول الأمل ، فأمّا اتّباع الهوي فيصدّ عن الحقّ ، و أمّا طول الأمل فينسى الآخرة ، ألا و إنّ الدّنيا قد ولّت حذّاء ، فلم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الاناء إصطبّها صابّها ، ألا و إنّ الآخرة قد أقبلت ، و لكلّ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، و لا تكونوا من أبناء الدّنيا ، فإنّ كلّ ولد سيلحق بأبيه ( بأمّه خ ل ) يوم القيمة ، و إنّ اليوم عمل و لا حساب ، و غدا حساب و لا عمل . اللغة قال السيّد ( ره ) قوله : ( حذّاء ) الحذّاء السّريعة و من الناس من يروى جذّاء بالجيم و الذال اى انقطع خيرها و درّها انتهى 1 و ( الصّبابة ) بضمّ الصّاد المهملة بقية الماء في الاناء و ( الاصطباب ) افتعال من الصّبّ و هو الاراقة . الاعراب كلمة ما في قوله أخوف ما أخاف نكرة موصوفة ، و العايد من الصّفة إلى الموصوف محذوف ، أى أخوف ما أخافه على حدّ قوله ربما تكره النّفوس له فرجة ----------- ( 1 ) حذّاء بالحاء و الذال المعجمة و هى السريعة قطاة حذا اخف ريش ذنبها و رجل حذا أحصف اليد و قد روى قد أدبرت جذاء بالجيم اى قد انقطع خيرها و درّها ، ابن ابى الحديد . [ 200 ] كحلّ العقال ، أى ربّ شي‏ء تكرهه النّفوس ، و قوله : اتّباع الهوى و طول الأمل مرفوعان على أنّهما خبران لمبتداء محذوف واقعان موقع التفسير لاثنتان ، و هو من باب الايضاح بعد الابهام المسمّى في فنّ البلاغة بالتّوشيح ، و هو أن يؤتى في عجز الكلام بمثنّى مفسّر باسمين ثانيهما عطف على الأوّل ، و مثله يشيب ابن آدم و يشبّ فيه خصلتان : الحرص و طول الأمل ، و حذّاء منصوب على الحالية ، و إلاّ صبابة مرفوع على الاستثناء المفرغ . المعنى اعلم أنّ مقصوده بهذه الخطبة النّهى عن اتّباع الهوى و المنع من طول الأمل في الدّنيا ، فانّهما من أعظم الموبقات و أشدّ المهلكات كما قال سبحانه : فَأَمَّا مَنْ طَغى و آثَرَ الْحَيوةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحيمَ هِيَ الْمَأْوى ، و أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ و نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى يعنى من تجاوز الحدّ الذي حدّه اللّه و ارتكب المعاصي و فضّل الدّنيا على الآخرة و اختارها عليها : فانّ النّار منزلها و مأواها ، و أمّا من خاف مقام مسألة ربّه فيما يجب عليه فعله أو تركه ، و نهى نفسه عن الحرام الذي تهويه و تشتهيه ، فانّ الجنّة مقرّه و مثواه و لكونهما من أعظم المهلكات كان خوفه منهما أشدّ كما أشار إليهما بقوله عليه السّلام ( أيها النّاس إنّ أخوف ما أخاف ) ه ( عليكم اثنتان ) اى خصلتان إحداهما ( اتّباع الهوى ) و المراد به هو ميل النّفس الأمارة بالسّوء الى مقتضى طباعها من اللّذات الدّنيوية إلى حدّ الخروج عن قصد الشّريعة . و مجامع الهوى خمسة امور جمعها قوله سبحانه : إِنَّمَا الْحَيوةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ، و لَهوٌ ، و زينَةٌ و تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ ، و تَكاثُرٌ في الأمْوالِ و الأوْلادِ ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَريهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً و في الْآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ [ 201 ] و الاعيان التي تحصل منها هذه الخمسة سبعة جمعها قوله سبحانه : زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ و الْبَنين و الْقَناطيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ و الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ و الْأَنْعامِ و الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَيوةِ الدُّنْيا و اللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ( و ) الخصلة الثانية ( طول الأمل ) و المراد بالأمل تعلّق النّفس بحصول محبوب في المستقبل ، و يرادفه الطمع و الرّجاء إلا أنّ الأمل كثيرا ما يستعمل فيما يستبعد حصوله و الطمع فيما قرب حصوله و الرّجاء بين الأمل و الطمع و طول الأمل عبارة عن توقع امور دنيوية يستدعى حصولها مهلة في الاجل و فسحة من الزمان المستقبل . ثمّ إنّه عليه السّلام بعد تحذيره عن اتباع الهوى و طول الأمل أشار إلى ما يترّتب عليهما من المفاسد الدّينية و المضار الأخرويّة فقال : ( أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ) و ذلك لأنّ اتّباع الهوى يوجب صرف النّظر إلى الشهوات الدّنيوية و قصر الهمّة في اللذات الفانية و هو مستلزم للاعراض عن الحقّ و هو واضح ، لأنّ حبّك للشي‏ء صارفك عمّا وراه و شاغلك عمّا عداه . ( و أمّا طول الأمل فينسى الآخرة ) و ذلك لما قد عرفت من أنّ طول الأمل عبارة عن توقع امور محبوبة دنيويّة فهو يوجب دوام ملاحظتها و دوام ملاحظتها مستلزم لاعراض النّفس عن ملاحظة أحوال الآخرة و هو مستعقب لا نمحاء تصورها في الذّهن و ذلك معنى النّسيان لها . قال بعضهم : سبب طول الأمل هو حبّ الدّنيا فانّ الانسان إذا أنس بها و بلذّاتها ثقل عليه مفارقتها و أحبّ دوامها ، فلا يتفكّر في الموت الذي هو سبب مفارقتها ، فانّ من أحبّ شيئا كره الفكر فيما يزيله و يبطله ، فلا يزال تمنّى نفسه البقاء في الدّنيا و تقدّر حصول ما تحتاج إليه من أهل و مال و أدوات و أسباب ، و يصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت و الآخرة بباله . و إن خطر بخاطره الموت و التّوبة و الاقبال على الأعمال الأخرويّة أخّر ذلك [ 202 ] من يوم إلى يوم ، و من شهر إلى شهر و من عام إلى عام و قال إلى أن اكتهل و يزول سنّ الشباب ، فاذا اكتهل قال إلى أن أصير شيخا ، فاذا شاخ قال إلى أن اتمّ هذه الدّار و ازوّج ولدي فلانا و إلى أن أعود من هذا السّفر و هكذا يسوّف التوبة كلّما فرغ من شغل عرض له شغل آخر بل اشغال حتّى يختطفه الموت و هو غافل عنه غير مستعدّله مستغرق القلب في امور الدّنيا ، فتطول في الآخرة حسرته و تكثر ندامته و ذلك هو الخسران المبين . ثمّ إنّه بعد الاشارة إلى كون اتّباع الهوى صادّا عن الحقّ و طول الأمل منسيا للآخرة أردف ذلك بالتنبيه على سرعة زوال الدّنيا و فنائها كى يتنبّه الغافل عن نوم الغفلة و يعرف عدم قابليتها لأن يطال الأمل فيها أو يتّبع الهوى فقال ( ألا و إنّ الدّنيا قد ولّت حذّاء ) أى أدبرت سريعة لكونها مفارقة لكلّ شخص ( فلم يبق منها ) بالنّسبة إليه ( إلاّ صبابة كصبابة الانآء اصطبّها صابّها ) اطلاق الصبابة استعارة لبقيّتها القليلة ، و القلّة هى الجامع بين المستعار منه و المستعار له ( ألا و إنّ الآخرة قد أقبلت ) إشارة إلى سرعة لحوق الآخرة ، إذا إدبار العمر مستلزم لاقبال الموت الذي هو آخر أيام الدّنيا و أوّل أيّام الآخرة . و الاتيان بانّ المؤكدة و حرف التّنبيه و قد التّحقيقية ، من أجل تنزيل العالم منزلة الجاهل فكان المخاطبين لغفلتهم عن اقبالها حيث لم يتزّودوا لها و لم يتّخذوا لها ذخيرة جاهلون له و قوله عليه السّلام ( و لكلّ منهمابنون ) شبّه الدّنيا و الآخرة بالأب أو الامّ و أهلها بالأبناء و الأولاد إشارة إلى فرط ميل أهل الدّنيا إلى دنياهم و أهل الآخرة إلى آخرتهم فهم من فرط المحبة إليهما بمنزلة الابن إلى أبويه ، و هما من حيث تهيّة الاسباب لأهلهما بمنزلة الأبوين الصّارفين نظرهما إلى تربية الأولاد . ثمّ لما كان غرضه عليه السّلام حثّ الخلق على السّعى للآخرة ، و الميل إليها و الاعراض عن الدّنيا قال ( فكونوا من أبنآء الآخرة و لا تكونوا من أبنآء الدّنيا ) و علّله بقوله ( فانّ كلّ ولد سيلحق بأبيه يوم القيامة ) قال الشّارح البحراني : و أشار بذلك إلى أنّ أبناء الآخرة و الطالبين لها و العاملين لأجلها مقرّبون في الآخرة لاحقون لمراداتهم فيها ، [ 203 ] و لهم فيها ما تشتهى أنفسهم و لهم ما يدّعون نزلا من غفور رحيم . و أما أبناء الدّنيا فانّ نفوسهم لما كانت مستغرقة في محبّتها و ناسية لطرف الآخرة و معرضة عنها ، لا جرم كانت يوم القيامة مغمورة في محبّة الباطل ، مغلولة بسلاسل الهيئات البدنية و الملكات الرّديّة ، فهي لتعلّقها بمحبة الدّنيا حيث لا يتمكّن من محبوبها بمنزلة ولد لا تعلّق له إلاّ بوالده و لا ألف له إلاّ هو و لا انس إلاّ معه ، ثمّ حيل بينه و بينه مع شدّة تعلّقه به و شوقه إليه ، و اخذ إلى ضيق الأسجان و بدل بالعزّ الهوان فهو في أشدّ وله و همّ و أعظم حسرة و غمّ . و أمّا أبناء الآخرة ففي حضانة أبيهم و نعيمه قد زال عنهم بؤس الغربة و شقاء اليتم و سوء الحضن فمن الواجب إذا تعرف احوال الوالدين و اتباع اثرهما و ادومهما شفقة و أعظمهما بركة ، و ما هى الاّ الآخرة و ليكن ذو العقل من أبناء الآخرة و ليكن برا بوالده متوصلا إليه بأقوى الاسباب و أمتنها ( و انّ اليوم عمل و لا حساب ) أراد باليوم مدّة الحياة يعنى أنّ هذا اليوم يوم عمل ، لأنّ التكليف إنّما هو في هذا اليوم و العمل به و الامتثال له إنّما يكون فيه ( و غدا حساب و لا عمل ) أراد بالغد ما بعد الموت و هو وقت الحساب و لا عمل فيه لانقطاع زمان التكليف فعلى هذا فاللاّزم للعاقل أن يبادر إلى العمل الذي به يكون من أبناء الآخرة في وقت امكانه قبل مجي‏ء الغد الذي هو وقت الحساب دون العمل ، و اللّه ولىّ التوفيق . تبصرة اعلم أنّ طول الأمل من أعظم الموبقات حسبما مرّت إليه الاشارة ، و كفى في ذلك قوله سبحانه : رُبَما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمينَ ، فَذَرْهُمْ يَأْكُلُوا و يَتَمَتَّعُوا و يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ فنبّه سبحانه على أنّ ايثار التّنعّم و التّلذّذ الذي هو من شئونات اتّباع الهوى و ما [ 204 ] يؤدّي إليه طول الأمل من أخلاق الكافرين لا من أخلاق المؤمنين . و أمّا الأخبار في ذمّه و التّحذير منه و بيان ما يترّتب عليه من المفاسد فهو فوق حدّ الاحصاء . فمن ذلك ما ورد في الحديث القدسي : يا موسى لا تطول في الدّنيا أملك فيقسو لذلك قلبك و قاسي القلب منّى بعيد . و في النّبويّ المعروف المرويّ في البحار بعدّة طرق قال صلّى اللّه عليه و آله : يا باذر إيّاك و التّسويف بأملك فانك بيومك و لست بما بعده فان يكن غدلك فكن في الغد كما كنت في اليوم ، و إن لم يكن غدلك لم تندم على ما فرطت في اليوم ، يا باذركم مستقبل يوما لا يستكمله و منتظر غدا لا يبلغه ، يا باذر لو نظرت إلى الأجل و مصيره لأبغضت الأمل و غروره ، يا باذر إذا أصبحت لا تحدّث نفسك بالمساء ، و إذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصّباح ، و خذ من صحتّك قبل سقمك ، و من حياتك قبل موتك ، فانّك لا تدرى ما اسمك غدا . و عن أنس أنّ النّبيّ خطّ خطا و قال : هذا الانسان ، و خطّ إلى جنبه و قال : هذا أجله ، و خطّ اخرى بعيدا منه فقال : هذا الأمل فبينما هو كذلك إذ جائه الأقرب . و في رواية أنّه اجتمع عبدان من عباد اللّه فقال أحدهما للآخر : ما بلغ من قصر أملك ؟ فقال : أملي إذا أصبحت أن لا امسى و إذا امسيت أن لا اصبح ، فقال : إنك لطويل الأمل ، أمّا أنا فلا اؤمّل أن يدخل لي نفس إذا خرج و لا يخرج لي نفس إذا دخل . و في الصّحيفة السّجادية على منشئها آلاف السّلام و التّحية : اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اكفنا طول الأمل ، و قصره عنّا بصدق العمل ، حتّى لا نؤمل استتمام ساعة بعد ساعة ، و لا استيفاء يوم بعد يوم ، و لا اتّصال نفس بنفس ، و لا لحوق قدم بقدم ، و سلّمنا من غروره ، و آمنّا من شروره . و في الدّيوان المنسوب إلى علىّ عليه السّلام : [ 205 ] تؤمّل في الدّنيا طويلا و لا تدرى اذا جنّ ليل هل تعيش إلى فجر فكم من صحيح مات من غير علّة و كم من مريض عاش دهرا إلى دهر و كم من فتى يمسى و يصبح آمنا و قد نسجت اكفانه و هو لا يدرى و بالجملة فانّ مضار طول الأمل و مفاسده غير خفيّة على من تنوّر قلبه بنور العرفان ، و لو لم يكن فيه إلاّ نسيان الآخرة الذى أشار عليه السّلام إليه بقوله : و أمّا طول الأمل فينسى الآخرة لكفى ، فكيف بمفاسد متجاوزة عن حدّ الاحصاء ، و قاصرة عن طىّ مسافتها قدم الاستقصاء ، عصمنا اللّه من طول الأمل في الدّنيا و من طول الحساب في الآخرة بمحمد و آله أعلام الهدى إنّه على كلّ شي‏ء قدير و بالاجابة حقيق و جدير . تكملة اعلم أنّ هذه الخطبة مرويّة في البحار و غيره مسندة بعدة طرق و اختلاف يسير أحببت الاشارة إليها . فأقول : في البحار من مجالس المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن عاصم عن فضيل الرّسال عن يحيى بن عقيل قال : قال عليّ عليه السّلام : إنّما أخاف عليكم اثنتين اتّباع الهوى و طول الأمل فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، و أمّا طول الأمل فينسى الآخرة ، ارتحلت الآخرة مقبلة و ارتحلت الدّنيا مدبرة ، و لكلّ بنون فكونوا من بني الآخرة و لا تكونوا من بني الدّنيا ، اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل . و في بعض مؤلّفات أصحابنا من المجالس و الأمالى عن المفيد عن الجعابي عن محمّد بن الوليد عن عنبر بن محمّد عن شعبة عن مسلمة عن أبي الطفيل قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول : إنّ أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل و اتّباع الهوى ، فأمّا طول الامل فينسى الآخرة ، و أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، ألا و إنّ الدّنيا قد تولّت مدبرة ، و انّ الآخرة قد أقبلت مقبلة ، و لكلّ واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة و لا تكونوا من أبناء الدّنيا فانّ اليوم عمل و لا حساب [ 206 ] و الآخرة حساب و لا عمل . و في شرح المعتزلي من كتاب نصر بن مزاحم أنّ عليّا قدم من البصرة في غرة شهر رجب من سنة ستّ و ثلاثين إلى الكوفة و أقام بها سبعة عشر شهرا يجرى الكتب بينه و بين معاوية و عمرو بن العاص حتّى صار إلى الشام . قال نصر و قد روى من طريق أبي الكنود و غيره أنّه قدم الكوفة بعد وقعة الجمل لا ثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة ستّ و ثلاثين ، فدخل الكوفة و معه أشراف النّاس من أهل البصرة و غيرهم فاستقبل أهل الكوفة و فيه قرّائهم و أشرافهم فدعوا له بالبركة و قالوا يا أمير المؤمنين أين تنزل أتنزل القصر ؟ قال عليه السّلام : و لكنّى أنزل الرهبة ، فنزلها و أقبل حتّى دخل المسجد الأعظم فصلّى فيه ركعتين ، ثمّ صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على رسوله ثمّ قال : أما بعد يا أهل الكوفة فانّ لكم في الاسلام فضلا ما لم تبدّلوا و تغيّروا ، دعوتكم إلى الحقّ فأجبتم و بدأتم بالمنكر فغيّرتم ، ألا إنّ فضلكم فيما بينكم و بين اللّه ، فأمّا الأحكام و القسم فأنتم أسوة غيركم ممّن أجابكم ، و دخل فيما دخلتم فيه ، ألا إنّ أخوف ما عليكم اتّباع الهوى و طول الأمل أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، و أمّا طول الأمل فينسى الآخرة ، ألا إنّ الدّنيا قد رحلت مدبرة ، و إنّ الآخرة قد ترحلت مقبلة ، و لكلّ واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل . و يأتى روايتها بسند آخر في شرح الخطبة المأتين و الرّابعة و العشرين إنشاء اللّه تعالى باختلاف و زيادة كثيرة . الترجمة از جمله خطب آن حضرتست در تنفير مردمان از اتباع هوى و طول أمل باين وجه كه ميفرمايد : أى مردمان بدرستى كه ترسناك‏ترين چيزى كه مى‏ترسم بر شما از عقوبت آن دو چيز است : يكى متابعت خواهشات نفس أماره ، و دويمى درازى اميد در [ 207 ] امور دنيويه ، پس أما متابعت هواى نفس پس باز ميدارد بنده را از راه حقّ و أما درازى اميد پس فراموش مى‏گرداند آخرت را آكاه باشيد كه دنياى فانى رو گردانيده است در حالتى كه شتابان است يا در حالتى كه مقطوع المنفعة است ، آگاه باشيد كه آخرت رو آورده است و مر هر يكى را از دنيا و آخرت پسرانست ، پس باشيد از فرزندان آن جهان تا داخلشويد در بهشت جاويدان ، و نباشيد از فرزندان اين جهان تا معذب شويد بعذاب نيران ، پس بدرستى كه هر فرزند ملحق ميشود به پدر خود فرداى قيامت ، و بدرستى امروز كه روز زندگانيست روز عملست و حساب نيست ، و فردا روز حسابست و عمل نيست ، پس لازم است كه امروز كه روز عملست فرصت را غنيمت شمرده و در عمل كوشيد تا فردا كه روز حسابست فارغ البال از كوثر و سلسبيل آب نوشيد ، و از سندس و استبرق لباس پوشيد ، و اللّه العالم .