جستجو

و من خطبة له ع في تخويف أهل النهروان

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السلام فى تخويف اهل النهروان و هى السادسة و الثلاثون من المختار فى باب الخطب فأنا لكم نذير أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النّهر ، و بأهضام هذا الغايط ، على غير بيّنة من ربّكم ، و لا سلطان مبين معكم ، قد طوّحت بكم الدّار ، و احتبلكم المقدار ، و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم عليّ اباء المخالفين المنابذين ، حتّي صرّفت رأيي إلى هواكّم ، و أنتم معاشر أخفّاء الهام ، سفهاء الأحلام لم آت لا أبا لكم بجرا و لا أردت بكم ضرّا . اللغة ( النّهروان ) بفتح النّون و تثليث الرّاء و من العرب من يضمّ النّون أيضا [ 118 ] ثلاث قرى أعلا و أوسط و أسفلهنّ بين واسط و بغداد ، و في المصباح بلدة يقرب من بغداد أربعة فراسخ و ( صرعى ) جمع صريع و ( ثنى ) الوادى بكسر الثّاء المثلّثة منعطفه و الجمع أثناء و في بعض النّسخ بأكناف هذا النّهر و هو جمع كنف كسبب و أسباب بمعنى الجانب و ( الأهضام ) جمع هضم بفتح الهاء و قد يكسر بطن الوادى و المطمئنّ من الأرض و ( الغايط ) ما سفل من الأرض . و ( طاح ) يطوح و يطيح هلك و سقط ، و طوحه فتطوح توهيه فرمى هو بنفسه ههنا و ههنا ، و طوحته الطوايح قذفته القواذف و ( احتبل ) الصّيد أوقعه في الحبالة و ( المقدار ) هو القدر و الفضاء و ( الهامة ) الرّأس و الجمع الهام . و ( البجر ) بضمّ الباء و سكون الجيم المعجمة الدّاهية و الشرّ ، و في بعض النّسخ هجرا و هو السّاقط من القول ، و في نسخة ثالثة نكرا و هو الأمر المنكر و في رابعة عرّا و العر و المعرّة إلا ثم و العرّ أيضا داء يأخذ الابل في مشافرها و يستعار للداهية . الاعراب نسبة طوحت إلى الدّار و احتبل إلى المقدار من التوسّع ، و جملة و أنتم معاشرآه حاليّة و العامل صرفت ، و بجرا مفعول لم آت و جملة لا ابا لكم معترضة بينهما و هي تستعمل في المدح كثيرا و في الذمّ أيضا و في مقام التّعجب و الظاهر هنا الذّم أو التعجب . المعنى روى في شرح المعتزلي عن محمّد بن حبيب قال : خطب عليّ عليه السّلام الخوارج يوم النّهر فقال لهم : نحن أهل بيت النّبوة و موضع الرّسالة و مختلف الملائكة و عنصر الرّحمة و معدن العلم و الحكمة ، نحن افق الحجاز بنا يلحق البطي‏ء و الينا يرجع التّائب أيّها القوم ( فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى ) أى مصر و عين مطرّحين على الارض ( بأثناء هذا النهّر و بأهضام هذا الغايط على غير بيّنة ) و حجّة شرعيّة ( من ربكم و لا سلطان مبين ) و برهان عقلى ( معكم ) تتمسّكون به في خروجكم ( قد طوحت [ 119 ] بكم الدّار ) و رمت بكم المرامي و هلكتكم ( و احتبلكم المقدار ) أى أوقعكم القدر النازل بكم في حبالته كالصّيد لا يستطيع الخروج منها ( و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة ) التي ندمتم عليها و ما كنت راضيا بها و راغبا إليها ( فأبيتم عليّ إباء المخالفين ) الجفاة ( و المنابذين ) العصاة ( حتى صرفت رايى إلى هواكم ) و أقدمت على التحكيم برضاكم من دون أن يكون لي رضا في ذلك و ( أنتم معاشر اخفاء الهام ) لعدم ثباتكم في الرّاى و ( سفهاء الأحلام ) لعدم كما لكم في العقل انكم أمس كنتم معتقدين وجوب التحكيم و اليوم تزعمونه كفرا و تجعلونه ضرارا و ( لم آت لا أبا لكم بجرا و لا اردت بكم ضرّا ) و إنّما ورد عليكم ذلك الضّرر و نزلت بكم تلك الداهية بسوء تدبيركم و قلّة عقلكم و انّ إرادتى من التحكيم و غرضي منه بعد اكراهكم إيّاى عليه لم يكن إلا الخير و المنفعة فانعكست القضية و انجرّت إلى المضرّة . و ينبغى تذييل المقام بامرين الاول في ذكر ما ورد من إخبار النبّي صلّى اللّه عليه و آله لقتال الخوارج و كفرهم من طريق الخاصة و العامة فأقول : في البحار من كتاب كشف الغمة قال : ذكر الامام أبو داوود سليمان بن الأشعث في مسنده المسمّي بالسّنن يرفعه إلى أبي سعيد الخدرى و أنس بن مالك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال : سيكون في امّتى اختلاف و فرقة ، قوم يحسنون القيل و يسيؤون الفعل يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية ، هم شرّ الخلق طوبى لمن قتلهم و قتلوه يدعون إلى كتاب اللّه و ليسوا منه في شي‏ء من قاتلهم كان أولى باللّه منهم . و نقل مسلم بن حجّاج في صحيحه و وافقه أبو داوود و سندهما عن زيد بن وهب أنّه كان في الجيش الذين كانوا مع عليّ عليه السّلام قال عليّ أيّها النّاس إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول : يخرج قوم من امّتي يقرؤون القرآن ليس قرائتكم إلى قرائتهم بشي‏ء و لا صلاتكم إلى صلاتهم بشي‏ء و لا صيامكم إلى صيامهم بشي‏ء يقرؤون القرآن يحسبون أنّه لهم و هو عليهم لا يجاوز قرائتهم تراقيهم يمرقون من الدّين كما يمرق [ 120 ] السهم من الرّمية 1 لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيّهم لنكلوا عن العمل ، و آية ذلك أنّ فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدى عليه شعرات البيض فتذهبون إلى معاوية و أهل الشّام و تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم و أموالكم و اللّه إنّي لأرجو أن يكون هولاء القوم فانّهم قد سفكوا الدّم الحرام و أغاروا على سرح النّاس فتسيروا . و من كتاب الأمالى للشيخ باسناده عن عبد اللّه بن أبي أوفي قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : الخوارج كلاب أهل النّار . و من كتاب المناقب لابن شهر آشوب من تفسير القشيرى و ابانة العكبرى عن سفيان عن الأعمش عن سلمة عن كهيل عن أبي الطفيل أنّه سأل ابن الكوا أمير المؤمنين عليه السّلام عن قوله تعالى : قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرينَ أَعْمالاً فقال عليه السّلام إنّهم أهل حرورا ثمّ قال : « الّذين ضلّ سعيهم في الحيوة الدّنيا و هم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا » في قتال علي بن أبيطالب « أولئك كفروا بآيات ربّهم و لقآئه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا ذلك جزآؤهم جهنّم » بما كفروا بولاية علي « و اتّخذوا آيات القرآن و رسلي » يعني محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم « هزوا » استهزؤوا بقوله : ألا من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، و انزل في اصحابه : « إنّ الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات » الآية . فقال ابن عباس : نزلت في أصحاب جمل . ----------- ( 1 ) في حديث خوارج يمرفون من الذين مروق السهم من الرمية . اى يجوزونه و يخرقونه و يتعدونه كما يمزق السهم الشى‏ء المرمى به و يخرج منه . و الرمية الصيد الذى ترميه فتقصده و ينفذ فيها سهمك و قيل هى كل دابة مرمية « نهاية » [ 121 ] و من تفسير الفلكي عن أبي امامة قال النبّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قوله تعالى : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذينَ اسْوَدَّتُ وُجُوهُهُمْ الآية هم الخوارج . و في شرح المعتزلي قد تظاهرت الاخبار حتّى بلغت حد التّواتر بما وعد اللّه قاتلي الخوارج من الثّواب على لسان نبيّه . و في الصّحاح المتفق عليها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينا هو يقسم قسما جائه رجل يدعا ذا الحو يضرة فقال : أعدل يا محمّد فقال : قد عدلت فقال له ثانية : اعدل يا محمّد فانّك لم تعدل فقال : ويلك و من يعدل إذا لم أكن أعدل . فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول اللّه ائذن لي أضرب عنقه فقال : دعه فانّه يخرج من ضئضى 1 هذا قوم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية ينظر أحدكم إلى نضيه فلا يجد شيئا فينظر إلى نضيه 2 ثمّ ينظر إلى القذذ فكذلك سبق الفرث و الدّم يخرجون على خير فرقة من النّاس يحتقر صلاتكم في جنب صلاتهم و صومكم عند صومهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم آيتهم رجل أسود أو قال صلّى اللّه عليه و آله اوعج مخدج إليه احدى يديه كانّها ثدى امرأة أو بضعة تدردر 3 . و في بعض الصّحاح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لأبي بكر و قد غاب الرّجل عن عينه : قم فاقتله ، فقام ثمّ عاد و قال : وجدته يصلّي فقال لعمر : مثل ذلك فعاد و قال وجدته يصلّي فقال لعليّ عليه السّلام : مثل ذلك فعاد و قال : لم أجده فقال رسول اللّه : لو قتل هذا ----------- ( 1 ) الضئضى الاصل يقال ضئضى صدق وضوء ضوء صدق و حكى بعضهم ضيضى‏ء بوزن قنديل يريده انه يخرج من نسله و من عقبه نهاية . ----------- ( 2 ) النضى هو السهم قبل ان ينحت اذا كان قدحا و قيل النضى هو النصل و الاولى الاول لدلالة الرواية على التغاير و قيل هو من السهم ما بين الريش و النصل و قيل سمى نضيا لكثرة البرى و النحت فكانه جعل نضوا قاله في النهاية و فيه ايضا القذذريش السهم واحدتها قذة منه . ----------- ( 3 ) تدردر أى ترجرج تجى‏ء و تذهب و الاصل تتدردر فحذف احدى التائين تخفيفا نهاية . [ 122 ] لكان أوّل فتنة و آخرها أما أنّه سيخرج من ضئضي هذا الحديث . و في مسند أحمد بن حنبل عن مسروق قال : قالت عايشة إنّك من ولدى و من أحبّهم إلىّ فهل عندك علم من المخدج ؟ فقلت قتله عليّ بن أبيطالب على نهر يقال لأعلاه تأمر و لأسفله نهروان بين لخاقين و طرفاء ، قالت ابغني على ذلك بينة فأقمت رجالا شهدوا عندها بذلك ، قال : فقلت لها سألتك بصاحب القبر ما الذى سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهم ؟ قالت نعم : سمعته يقول إنّهم شرّ الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة أقربهم عند اللّه وسيلة . الثانى في كيفية قتال الخوارج و بعض احتجاجاته صلوات اللّه عليه و آله معهم فأقول : قال في شرح المعتزلي روى ابن و يزيل في كتاب صفّين عن عبدّ الرحمن بن زياد ، عن خالد بن حميد ، عن عمر مولى غفرة ، قال : لما رجع عليّ من صفين إلى الكوفة أقام الخوارج حتّي جموا ثمّ خرجوا إلى صحراء بالكوفة يسمّى حروراء ، فتنادوا لا حكم إلاّ للّه و لو كره المشركون ألا إنّ عليّا و معاوية أشركا في حكم اللّه . فأرسل عليّ عليه السّلام إليهم عبد اللّه بن العباس فنظر في أمرهم و كلّمهم ثمّ رجع إلى عليّ عليه السّلام فقال له ما رأيت ؟ فقال ابن عباس : و اللّه ما أدرى ما هم فقال : أرأيتهم منافقين فقال : و اللّه ما سيماهم سيماء منافقين انّ بين أعينهم لأثر السّجود يتأوّلون القرآن فقال دعوهم ما لم يسفكوا دما أو يغصبوا مالا . و أرسل اليهم ما هذا الذى أحدثتم و ما تريدون ؟ قالوا نريد أن نخرج نحن و أنت و من كان معنا بصفين ثلاث ليال و نتوب إلى اللّه من أمر الحكمين ثمّ نسير إلى معاوية فنقاتله حتّى يحكم اللّه بيننا و بينه ، فقال عليّ عليه السّلام فهلاّ قلتم حين بعثنا الحكمين و أخذنا منهم العهد و أعطينا هموه الا قلتم هذا حينئذ قالوا : كنا قد طالت الحرب علينا و اشتدّ الباس و كثر الجراح و كلّ الكراع 1 ----------- ( 1 ) الكراع من الدابة قوايمها ق . [ 123 ] و السّلاح . فقال لهم أفحين اشتدّ البأس عليكم عاهدتم فلما وجدتم الجمام 1 قلتم ننقض العهد إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفى للمشركين أفتأمرونني بنقضه ، فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلى عليّ و لا يزال الآخر منهم يخرج من عند عليّ عليه السّلام . فدخل الواحد منهم على عليّ عليه السّلام بالمسجد و الناس حوله فصاح لا حكم إلاّ للّه و لو كره المشركون فتلفت 2 الناس فقال : لا حكم إلاّ للّه و لو كره المتلفتون فرفع عليّ عليه السّلام رأسه إليه فقال : لا حكم إلاّ للّه و لو كره أبو حسن فقال عليه السّلام إنّ أبا حسن لا يكره أن يكون الحكم للّه ، ثمّ قال حكم اللّه انتظر فيكم ، فقال النّاس هلاّملت يا أمير المؤمنين على هولاء النّاس فأفنيتهم ؟ فقال : إنهم لا يفنون إنّهم لفى أصلاب الرّجال و أرحام النّساء إلى يوم القيامة . و روى أنس بن عياض المدني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام أنّ عليّا كان يوما يؤمّ النّاس و هو يجهر بالقرائة فجهر ابن الكوا من خلفه : « وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ و إِلىَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبِطَنَّ عَمَلُكَ و لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرينَ » فلما جهر ابن الكوا من خلفه بها سكت عليّ عليه السّلام فلما أنهاها ابن الكوا أعاد عليّ عليه السّلام فأتمّ قرائته ، فلما شرع عليّ عليه السّلام في القرائة أعاد ابن الكوا الجهر بتلك الآية فسكت عليّ عليه السّلام فلم يزالا كذلك يسكت هذا و يقرء هذا مرارا حتّى قرء عليّ عليه السّلام : « فَصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ و لا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُونَ » ----------- ( 1 ) جم الفرس جما و جما ما ترك فلم يركب فعفى عن تعبه . ----------- ( 2 ) لفته يلفته لواه و صرفه عن رايه و منه الالتفات و التلفت ق . [ 124 ] فسكت ابن الكوا و عاد عليّ عليه السّلام إلى قرائته . و ذكر الطبرى صاحب التّاريخ أنّ عليّا عليه السّلام لما دخل الكوفة دخل معه كثير من الخوارج و تخلّف منهم بالنخيلة و غيرها خلق كثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدى و زرعة البرج الطائي و هما من رؤوس الخوارج على عليّ عليه السّلام فقال له حرقوص : تب من خطيئتك و اخرج بنا إلى معاوية نجاهده ، فقال عليه السّلام إنّي كنت نهيت عن الحكومة فأبيتم ثمّ الآن تجعلونها ذنبا أما أنّها ليست بمعصية و لكنّها عجز من الرّأى و ضعف في التّدبير و قد نهيتكم عنه . فقال زرعة : أما و اللّه لئن لم تتب من تحكيمك الرّجال لأقتلنك اطلب بذلك وجه اللّه و رضوانه ، فقال له عليّ عليه السّلام : بوسا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا يسفي عليك الرّياح ، قال زرعة : وددت أنّه كان ذلك قال : و خرج عليّ عليه السّلام يخطب فصاحوا به من جوانب المسجد لا حكم إلاّ للّه و صاح به رجل : « و لقد أوحي إليك و إلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك و لتكوننّ من الخاسرين » فقال عليّ عليه السّلام : « فاصبر إنّ وعد اللّه حقّ و لا يستخفّنّك الّذين لا يوقنّون » . قال أبو العباس المبرّد : و يقال أوّل من حكم عروة بن اوّية ، و اويّة جدّة له جاهلية و هو عروة جدير أحد بني ربيعة ، و قال قوم أوّل من حكم رجل من بني محارب يقال له سعيد و لم يختلفوا في اجتماعهم على عبد اللّه بن وهب الرّاسبي و أنّه امتنع عليهم و اومأ إلى غيره فلم يقنعوا إلاّ به ، فكان امام القوم و كان يوصف برأى . فامّا اوّل سيف سلّ من الخوارج فسيف عروة بن اوّية ، و ذاك أنّه أقبل على الأشعث فقال : ما هذه الدنية يا أشعث و ما هذا التّحكيم أشرط أوثق من شرط اللّه عزّ و جل ، ثمّ شهر عليه السّيف و الأشعث مولّ فضرب به عجز بغلته . [ 125 ] قال أبو العباس : و عروة هذا من النّفر الذين نجوا من حرب النّهروان فلم يزل باقيا مدّة من ايّام معاوية ثمّ أتى به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا ، فقال له : فما تقول في أمير المؤمنين عثمان و في أبي تراب « قال ظ » فتولى عثمان ستّ سنين من خلافته ثمّ شهد عليه بالكفر و فعل في أمر عليّ عليه السّلام مثل ذلك إلى أن حكم ثمّ شهد عليه بالكفر ثمّ سأله عن معاوية فسبه سبّا قبيحا ثمّ سأله عن نفسه فقال أوّلك لزينة و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص لربّك فأمر به فضربت عنقه . ثمّ دعا مولاه فقال : صف لى اموره قال : اطنب أم اختصر ، قال : بل اختصر ، قال : ما أتيته بطعام بنهار قط و لا فرشت له فراشا بليل قط . قال المبرّد : و سبب تسميتهم الحروري انّ عليّا لما ناظرهم بعد مناظرة ابن عباس إياهم كان فيما قال لهم : ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لما رفعوا المصاحف قلت لكم إنّ هذه مكيدة و وهن و لو أنّهم قصدوا إلى حكم المصاحف لآتوني و سألوني التّحكيم أفتعلمون أنّ أحدا أكره على التحكيم منّي قالوا صدقت . قال فهل تعلمون أنّكم استكر هتموني على ذلك حتّى أجبتكم فاشرطت أنّ حكمهما نافذ ما حكما بحكم اللّه فمتى خالفاه فأنا و أنتم من ذلك براء . و أنتم تعلمون أنّ حكم اللّه لا يعدوني ، قالوا : اللهمّ نعم ، قال : و كان معهم في ذلك الوقت ابن الكوا و هذا من قبل أن يذبحوا عبد اللّه بن خباب و إنّما ذبحوه في الفرقة الثانية بكسكر فقالوا له : حكمت في دين اللّه برأينا و نحن مقرونّ بأنّا كنّا كفرنا و لكن الآن تائبون فاقرّ بمثل ما اقررنا به و تب ننهض معك إلى الشام . فقال : أما تعلمون أنّ اللّه قد أمر بالتّحكيم في شقاق بين الرّجل و امرأته فقال سبحانه : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِه‏ و حَكَماً مِنْ أَهْلِها و في صيد اصيب كارنب يساوى نصف درهم فقال : [ 126 ] يَحْكُمُ بِه ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فقالوا له : فانّ عمرا لما أبى عليك أن تقول في كتابك هذا ما كتبه عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين محوت اسمك من الخلافة و كتبت عليّ بن أبي طالب فقد خلعت نفسك فقال عليه السّلام : لى اسوة برسول اللّه حين أبى عليه سهل بن عمرو أن يكتب هذا ما كتبه محمّد رسول اللّه و سهيل بن عمرو ، و قال لو أقررت بأنك رسول اللّه ما خالفتك و لكني اقدّمك لفضلك فاكتب محمّد بن عبد اللّه فقال لي : يا علي امح رسول اللّه فقلت يا رسول اللّه لا تشجعنى نفسي علي محو اسمك من النّبوة قال : فقفنى عليه فمحاه بيده ، ثمّ قال اكتب محمّد بن عبد اللّه ، ثمّ تبسّم إلىّ و قال : إنك ستسام ( أى تعامل ) مثلها فتعطى . فرجع معه عليه السّلام منهم الفان من الحر وراء ، و قد كانوا تجمعوا بها فقال لهم على ما نسمّيكم ؟ ثمّ قال : أنتم الحرورّية لاجتماعكم بحروراء . قال المبرّد : إنّ عليّا في أوّل خروج القوم عليه دعا صعصعة بن صوحان العبدي و قد كان وجّهه إليهم و زياد بن نضر الحارثي مع عبد اللّه بن العباس فقال لصعصعة : بأىّ القوم رأيتم أشدّ إطاعة ، فقال : بيزيد بن قيس الأرحبى ، فركب إلى حروراء فجعل يتخلّلهم حتّى صار إلى مضرب يزيد بن قيس فصلّى فيه ركعتين ثمّ خرج فاتكاء على قوسه و اقبل على النّاس . فقال هذا مقام من فلج فيه فلج إلى يوم القيامة ثمّ كلّمهم و ناشدهم ، فقالوا إنّا أذنبنا ذنبا عظيمأ بالتّحكيم و قد تبنافتب إلى اللّه كما تننا نعدلك ، فقال عليّ عليه السّلام : أنا استغفر اللّه من كلّ ذنب فرجعوا معه و هم ستّة ألف فلما استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّا رجع عن التّحكيم و رآه ضلالا ، و قالوا : إنّما ينتظر أن يسمن الكراع و يجى‏ء المال ثمّ ينهض بنا إلى الشّام . فأتى الأشعث عليّا فقال : يا أمير المؤمنين إنّ النّاس قد تحدّثوا أنك رأيت الحكومة ضلالا ، و الاقامة عليها كفرا فقام عليّ عليه السّلام فخطب فقال : من زعم أنّى [ 127 ] رجعت عن الحكومة فقد كذب و من رآها ضلالا فقد ضلّ فخرجت حينئذ الخوارج من المسجد فحكمت . قال الشّارح المعتزلي : قلت كلّ فساد كان في خلافة عليّ عليه السّلام و كلّ اضطراب حدث فأصله الأشعث و لو لا محاقته أمير المؤمنين في معنى الحكومة في هذه المرّة لم يكن حرب النهروان ، و لكان أمير المؤمنين ينهض بهم إلى معاوية و يملك الشّام فانّه عليه السّلام حاول أنّ يسلك معهم مسلك التّعريض و الموارية و في المثل النبويّ صلوات اللّه على قائله : الحرب خدعة . و ذلك انّهم قالوا له : تب إلى اللّه مما فعلت كما تبنا ننهض معك إلى حرب الشام ، فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها الأنبياء و المرسلون و المعصومون ، و هي قوله : استغفر اللّه من كل ذنب فرضوا بها و عدوها اجابة لهم إلى سؤالهم ، وصفت لهم نياتهم ، و استخلصت بها ضمايرهم من غير أن يتضمّن تلك الكلمة اعترافا بكفر أو ذنب . فلم يتركه الأشعث و جاء إليه مستفسرا و كاشفا عن الحال و هاتكا ستر التورية و الكناية و مخرجا لها من مشكلة الاجمال إلى تفسيرها بما يفسد التّدبير و يوعر الصّدور ، و يعيد الفتنة ، فخطب بما صدع به عن صورة ما عنده مجاهرة فانتقض ما دبّره و عادت الخوارج إلى شبهها الاولى و راجعوا التّحكيم و هكذا الاوّل التي يظهر فيها أمارات الزّوال و الانقضاء يتاح لها مثال الأشعث اولى الفساد في الأرض . سُنّةَ اللَّهِ في الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْديلاً ثمّ قال : قال المبرّد : ثمّ مضى القوم إلى النهروان و قد كانوا أرادوا المضيّ إلى المداين فمن طريق أخبارهم أنّهم أصابوا في طريقهم مسلما و نصرانيا فقتلوا المسلم لأنّه عندهم كافر إذا كان على خلاف معتقدهم ، و استوصوا بالنّصرانى و قالوا احفظوا ذمة نبيّكم . قال : و لقاهم عبد اللّه بن خباب في عنقه مصحف على حمار و معه امرأة و هي حامل فقالوا له : إنّ هذا الذى في عنقك ليأمرنا بقتلك فقال لهم : ما أحياه القرآن فأحيوه [ 128 ] و ما اماته فأميتوه ، فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به ، فلفظها تورّعا و عرض لرجل منهم خنزير فضربه و قتله ، فقالوا : هذا فساد في الأرض و أنكروا قتل الخنزير . ثمّ قالوا لابن خباب : حدّثنا عن أبيك ، فقال سمعت أبى يقول : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : ستكون بعدي فتنة يموت فيها قلب الرّجل كما يموت بدنه يمسي مؤمنا و يصبح كافرا فكن عند اللّه المقتول و لا تكن القاتل ، قالوا : فما تقول في أبي بكر و عمر ؟ فأثنى خيرا ، قالوا . فما تقول في علىّ قبل التّحكيم و في عثمان في السّنين الستّ الأخيرة ؟ فأثنى خيرا قالوا : فما تقول في عليّ بعد التّحكيم و الحكومة ؟ قال : إنّ عليّا أعلم باللّه و أشد توقيا على دينه و أنفذ بصيرة ، فقالوا : إنّك لست تتّبع الهدى انما تتّبع الرّجال على أسمائهم ثمّ قرّبوه إلى شاطى‏ء النهر فأضجعوه فذبحوه . قال المبرّد : و ساوموا رجلا نصرانّيا بنخلة له فقال هي لكم ، فقالوا : ما كنا لنأخذها إلاّ بثمن ، فقال : و اعجباه أتقتلون مثل عبد اللّه بن خباب و لا تقبلون خبا نخلة إلاّ بثمن . قال أبو عبيدة : و استنطقهم عليّ عليه السّلام بقتل ابن خباب فأقرّوا به ، فقال ، انفردوا كتائب لأسمع قولكم كتيبة كتيبة ، فتكتبوا كتائب و أقرّت كلّ كتيبة بما أقرّت به الاخرى من قتل ابن خباب ، و قالوا : لنقتلنك كما قتلناه ، فقال : و اللّه لو أقرّ أهل الدّنيا كلّهم بقتله هكذا و أنا أقدر على قتلهم به لقتلهم ، ثمّ التفت إلى أصحابه فقال : شدّوا عليهم فأنا أوّل من يشدّ عليهم فحمل بذى الفقار حملة منكرة ثلات مرّات كلّ حملة يضرب به حتّى يعوج متنه ، ثمّ يخرج فيسوّيه بركبتيه ثمّ يحمل به حتّى أفناهم . و روى قيس بن سعد بن عبادة أنّ عليّا عليه السّلام لما انتهى إليهم قال لهم : اقيدونا بدم عبد اللّه بن خباب ، فقالوا : كلّنا قتله فقال عليه السّلام : احملوا عليهم . و روى مسلم الضّبي أيضا عن حبة العرني : قال لما انتهينا إليهم رمونا ، [ 129 ] فقلنا لعليّ : يا أمير المؤمنين قدرمونا ، فقال : كفوا ثمّ رمونا فقال : كفوا ، ثمّ الثالثة فقال : الآن طاب القتال احملوا عليهم . و روى المحدّث العلامة المجلسي في البحار من كتاب الخرايج قال : روى عن جندب بن زهير الأزدي ، قال : لما فارقت الخوارج عليّا خرج عليه السّلام إليهم و خرجنا معه فانتهينا إلى عسكرهم فاذا لهم دويّ كدويّ النّحل في قرائة القرآن و فيهم أصحاب البرانس و ذوو الثّفنات . 1 فلما رأيت ذلك دخلني شكّ و نزلت عن فرسي و ركزت رمحي و وضعت ترسي و نثرت عليه درعي و قمت أصلّى و أنا أقول في دعائي : اللّهمّ إن كان قتال هؤلاء القوم رضا لك فأرنى من ذلك ما أعرف به أنّه الحقّ ، و إن كان لك سخطا فاصرف عنّى إذ أقبل عليّ فنزل عن بغلة رسول اللّه و قام يصلّي إذ جائه رجل فقال : قطعوا النّهر ، ثمّ جاء آخر يشدّ دابته فقال : قطعوه و ذهبوا ، فقال أمير المؤمنين ما قطعوه و لا يقطعونه و ليقتلنّ دون النّطفة عهد من اللّه و رسوله . و قال لي يا جندب ترى الشّك ؟ قلت : نعم قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : حدّثني أنّهم يقتلون عنده ، ثمّ قال انا نبعث إليهم رسولا يدعوهم إلي كتاب اللّه و سنّة نبيّه فيرشقون وجهه بالنّبل و هو مقتول ، قال : فانتهينا إلى القوم فاذا هم في معسكرهم لم يبرحوا و لم يترحّلوا ، فنادى النّاس و ضمّهم . ثمّ أتى الصّف و هو يقول من يأخذ هذا المصحف و يمشى به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه و هو مقتول و له الجنّة فما أجابه احد إلاّ شابّ من بنى عامر بن صعصعة ، فلما رأى عليه السّلام حداثة سنّه قال له : ارجع إلى موقفك ، ثمّ أعاد فما أجابه إلاّ ذلك الشّاب . قال خذه أما أنّك مقتول فمشى به حتّى إذا دنى من القوم حيث يسمعهم ناداهم إذ رموا وجهه بالنّبل ، فأقبل علينا و وجهه كالقنفذ ، فقال عليّ عليه السّلام دونكم القوم فحملنا عليهم ، قال جندب ذهب الشّك عنّي و قتلت بكفّي ثمانية . ----------- ( 1 ) الثفنة بالكسر من البعير ركبته ق . [ 130 ] و من كتاب المناقب لابن شهر آشوب لما دخل عليّ عليه السّلام الكوفة جاء إليه زرعة بن البرج الطائي ، و حرقوص بن زهير التّميمي ذو الثدية ، فقال لا حكم إلا للّه فقال عليّ عليه السّلام كلمة حقّ يراد بها باطل ، قال حرقوص : فتب من خطيئتك و ارجع عن قصتك و اخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتّى نلقى ربّنا ، فقال عليّ عليه السّلام قد أردتكم على ذلك فعصيتموني ، و قد كتبنا بيننا و بين القوم كتابا و شروطا و أعطينا عليها عهودا و مواثيق ، و قد قال اللّه تعالى : و أوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ فقال حرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن نتوب عنه فقال عليّ عليه السّلام ما هو بذنب و لكنّه عجز من الرّأى و ضعف في القعل ، و قد تقدّمت فنهيتكم عنه ، فقال ابن الكواء : الآن صحّ عندنا أنّك لست بامام ، و لو كنت إماما لما رجعت ، فقال عليّ عليه السّلام : ويلكم قد رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عام الحديبيّة عن قتال أهل مكّة . ففارقوا أمير المؤمنين و قالوا : لا حكم إلاّ للّه و لا طاعة المخلوق في معصية الخالق ، و كانوا إثنا عشر ألفا من أهل الكوفة و البصرة و غيرهما ، و نادى مناديهم أنّ أمير القتال شيث بن ربعي و أمير الصّلاة عبد اللّه بن الكوّا ، و الأمر شورى بعد الفتح ، و البيعة للّه على الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر ، و استعرضوا النّاس و قتلوا عبد اللّه بن خباب و كان عامله عليه السّلام على النهروان . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : يابن عبّاس امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه و لماذا اجتمعوا ، فلما وصل إليهم قالوا : ويلك يا بن عباس أكفرت برّبك كما كفر صاحبك عليّ بن أبي طالب . و خرج خطيبهم عتاب بن الأعور الثّعلبي . فقال ابن عبّاس : من بنا الاسلام ؟ فقال : اللّه و رسوله ، فقال النّبيّ أحكم اموره و بيّن حدوده أم لا ؟ قال بلى ، قال : فالنّبيّ بقى في دار الاسلام أم ارتحل ؟ قال : بل ارتحل ، قال : فامور الشرع ارتحلت معه أم بقى بعده ؟ قال : بل بقيت ، قال : فهل قام أحد بعده بعمارة ما بناه ؟ قال : نعم الذّرية و الصّحابة ، قال : أفعمروها او خربوها ؟ [ 131 ] قال : بل عمروها ؟ قال : فالآن هي معمورة أم خراب ؟ قال : بل خراب ، قال : خربها ذريته أم امّته ؟ قال : بل أمّته ، قال : أنت من الذرّية أو من الامة ؟ قال : من الأمة ، قال : أنت من الأمّة و خربت دار الاسلام فكيف ترجو الجنّة ، و جرى بينهم كلام كثير . فحضر أمير المؤمنين في مأة رجل ، فلما قابلهم خرج إليه ابن الكوا في مأة رجل ، فقال : انشدكم اللّه هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب اللّه فقلت لكم إنّى أعلم بالقوم منكم و ذكر مقالة إلى أن قال فلّما أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن فان حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه ، و إن أبيا فنحن منه براء . فقالوا له : اخبرنا أترى عدلاتحكيم الرّجال في الدّماء ؟ فقال : إنا لسنا الرّجال حكمنا و إنما حكمنا القرآن ، و القرآن إنّما هو خط مستور بين دفتين لا ينطق إنّما يتكلّم به الرّجال . قالوا : فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم ؟ قال ليعلم الجاهل و يثبت العالم ، و لعلّ اللّه يصلح في هذه المدّة هذه الامة ، و جرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع ، فأعطى أمير المؤمنين عليه السّلام راية أمان مع أبي ايّوب الأنصاري فناداهم أبو أيوب : من جار إلى هذه الرّاية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن ، فرجع منهم ثمانية الآف ، فأمرهم أمير المؤمنين أن يتميّزوا منهم ، و أقام الباقون على الخلاف و قصدوا إلى نهروان ، فخطب أمير المؤمنين و استفزّهم 1 فلم يجيبوه فتمثّل بقوله : امرتكم امرى بمنعرج اللّوى فلم تستبينوا النّصح إلاّ ضحى الغد ثمّ استنفرهم فنفر ألفارجل يقدمهم عديّ بن حاتم و هو يقول : إلى شرّ خلق من شراة تخرّبوا و عادوا إله النّاس ربّ المشارق فوجّه أمير المؤمنين نحوهم و كتب إليهم على يدي عبد اللّه بن أبي عقب و فيها : ----------- ( 1 ) اى استخفّه و اخرجه من داره و ازعجه ق . [ 132 ] و السّعيد من سعدت به رغبته ، و الشّقي من شقيت به رغبته ، و خير النّاس خيرهم لنفسه ، و شرّ النّاس شرّهم لنفسه ، ليس بين اللّه و بين أحد قرابة « و كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهينَةٌ » فلما أتاهم أمير المؤمنين عليه السّلام فاستعطفهم فأبوا إلاّ قتاله و تنادوا أن دعوا مخاطبة عليّ عليه السّلام و أصحابه ، و بادروا الجنّة و صاحوا : الرّواح الرّواح إلى الجنّة و أمير المؤمنين يؤبى أصحابه و نهاهم أن يتقدّم إليهم أحد ، فكان أوّل من خرج أخنس من العزيز الطائي و جعل يقول : ثمانون من حىّ جديلة 1 اقتلوا على النهر كانوا يخصبون العواليا ينادون لا لاحكم إلاّ لرّبنا حنانيك فاغفر حوبنا و المسائيا هم فارقوا من جاز في اللّه حكمه فكلّ على الرحمن أصبح ثاويا فقتله أمير المؤمنين عليه السّلام و خرج عبد اللّه بن وهب الرّاسبى يقول : انا ابن وهب الرّاسبى الشّارى أضرب في القوم لأخذ الثّار حتّى تزول دولة الأشرار و يرجع الحقّ إلى الأخيار و خرج مالك بن الوضّاح و قال : انّى لبايع ما يفنى بباقيه و لا اريد لدى الهيجاء تربيصا 2 و خرج أمير المؤمنين و الوضاح بن الوضاح من جانب ، و ابن عمه حرقوص من جانب فقتل الوضاح و ضرب ضربة على رأس الحرقوص فقطعه و وقع رأس سيفه على الفرس فشرد و رجله في الرّكاب حتّى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحرورّية : « كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عاصِفٍ » ----------- ( 1 ) القبيلة ، ق . ----------- ( 2 ) التربيص الانتظار . [ 133 ] فكان 1 المقتولون من أصحاب عليّ روبة بن وبر البجلي ، و رفاعة بن وابل الأرجي و الفياض بن خليل الازدي ، و كيسوم بن سلمة الجهني و حبيب بن عاصم الأزدي إلى تمام تسعة و انفلت من الخوارج تسعة و كان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلاثين . 2 و من كتاب كشف الغمّة قال : قال ابن طلحة لمّا عاد أمير المؤمنين من صفين إلى الكوفة بعد إقامة الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدّة التي بينه و بين معاوية ليرجع إلى المقاتلة و المحاربة إذا انخزلت طائفة من خاصّة أصحابه في أربعة آلاف فارس و هم العباد و النساك ، فخرجوا من الكوفة و خالفوا عليّا عليه السّلام ، و قالوا : لا حكم إلاّ اللّه و لا طاعة لمن عصى اللّه ، و انحازنيف عن ثمانية آلاف ممّن يرى رأيهم فصاروا اثنا عشر ألفا ، و ساروا لى أن نزلوا الحروراء ، و أمّروا عليهم عبد اللّه ابن الكوا . فدعا عليّ عليه السّلام عبد اللّه بن عبّاس فأرسله إليهم فحاثّهم فلم يرتدعوا ، و قالوا : ليخرج الينا عليّ عليه السّلام بنفسه لنسمع كلامه عسى أن يزول ما بأنفسنا إذا سمعناه ، فرجع ابن عبّاس فأخبره فركب في جماعة ومضى إليهم فركب ابن الكوّا في جماعة منهم ، فوافقه . فقال له عليّ عليه السّلام : يابن الكواّ إنّ الكلام كثير فابرز إليّ من أصحابك ----------- ( 1 ) و في مناقب ابن شهر آشوب قال الاعثم المقتولون من اصحاب امير المؤمنين رويبة بن و بر العجلى و سعد بن خالد السبيعى و عبد اللّه بن حماد الارحبى و القياض بن خليل الازدى و كيسوم ابن سلمة الجهنى و عبيد بن عبيد الخولانى و جميع بن جشم الكندى و ضب بن عاصم الاسدى ، انتهى أقول و هؤلاء ثمانية و سقط التاسع من قلم الراوى أو الكاتب منه . ----------- ( 2 ) هكذا في نسخة البحار و الظاهر انه غلط و الصحيح تسع و ثلاثين اذ قد مضى في شرح الخطبة السابقة ان مانع المصالحة في صفين كان تسعا و ثلاثين و وقعة النهروان كانت بعد ما و اللّه العالم منه . [ 134 ] لاكلمك فقال : و أنا آمن من سيفك ، فقال : نعم فخرج إليه في عشرة من أصحابه فقال له : عن الحرب مع معاوية و ذكر له رفع المصاحف على الرّماح و أمر الحكمين ، فقال : ألم أقل لكم إن أهل الشّام يخدعونكم بها ، فانّ الحرب قد عضّتهم فذرونى أناجزهم فأبيتم ، ألم أرد نصب ابن عمّى و قلت إنّه لا ينخدع فأبيتم إلاّ أبا موسى و قلتم رضينا به حكما ، فأجبتكم كارها ، و لو وجدت في ذلك الوقت أعوانا غيركم لما أجبتكم ، و شرطت على الحكمين بحضوركم أن يحكما بما أنزل اللّه من فاتحته إلى خاتمته و السّنة الجامعة و أنّهما إن لم يفعلا فلا طاعة لهما عليّ كان ذلك ، أو لم يكن ؟ قال ابن الكوّا : صدقت كان هذا كلّه فلم لا ترجع الآن إلى حرب القوم ؟ فقال : حتّى ينقضي المدّة التي بيننا و بينهم ، قال ابن الكوّا : و أنت مجمع على ذلك ، قال : نعم لا يسعني غيره ، فعاد ابن الكوا و العشرة الذين معه إلى أصحاب عليّ عليه السّلام راجعين عن دين الخوارج و تفرّق الباقون و هم يقولون ، لا حكم إلاّ للّه و أمّروا عليهم عبد اللّه بن واهب الرّاسبي و حرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثّدية و عسكروا بالنّهروان . و خرج عليّ حتّى بقي على فرسخين منهم و كاتبهم و راسلهم فلم يرتدعوا فاركب إليهم ابن عبّاس و قال : سلهم ما الذي نقموه و أنا ردفك فلا تخفف منهم ، فلما جائهم ابن عبّاس قال : ما الذي نقمتم من أمير المؤمنين عليه السّلام قالوا : نقمنا أشياء لو كان حاضرا لكفرناه بها ، و عليّ عليه السّلام ورائه يسمع ذلك ، فقال : يا أمير المؤمنين قد سمعت كلامهم و أنت أحقّ بالجواب . فتقدّم و قال : أيّها النّاس أنا عليّ بن أبي طالب فتكلّموا بما نقمتم عليّ . قالوا : نقمنا عليك أوّلا إنّا قاتلنا بين يديك بالبصرة فلمّا أظفرك اللّه بهم أبحتنا ما في عسكرهم و منعتنا النّساء و الذرّية فكيف حلّ لنا ما في العسكر و لم يحلّ لنا النّساء ؟ فقال لهم : يا هؤلاء إنّ أهل البصرة قاتلونا و بدؤونا بالقتال فلمّا ظفرتم أقسمتم [ 135 ] سلب من قاتلكم و منعتكم من النّساء و الذرّية فانّ النساء لم يقاتلن و الذرّية و لدوا على الفطرة و لم ينكثوا و لا ذنب لهم ، و لقد رأيت رسول اللّه منّ على المشركين فلا تعجبوا أن مننت على المسلمين فلم أسب نسائهم و لا ذرّيتهم . و قالوا : نقمنا عليك يوم صفّين كونك محوت اسمك من امرة المؤمنين فاذن لم تكن أميرنا فلا نطعيك و لست أميرا لنا . قال : يا هؤلاء إنّما اقتديت برسول اللّه حين صالح سهيل بن عمرو و قد تقدّمت . 1 قالوا : فانّا نقمنا عليك أنّك قلت للحكمين : انظرا كتاب اللّه فان كنت أفضل من معاوية فاثبتانى في الخلافة فاذا كنت شاكّا في نفسك فنحن فيك أشدّ و أعظم شكّا . فقال : إنّما أردت بذلك النّصفة فانّى لو قلت : احكما لي دون معاوية لم يرض و لم يقبل ، و لو قال النّبيّ لنصارى نجران لما قدموا عليه تعالوا نبتهل ثمّ اجعل لعنة اللّه عليكم لم يرضوا ، و لكن انصفهم من نفسه كما أمره اللّه فقال : فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلىَ الْكاذِبينَ فأنصفهم من نفسه فكذلك فعلت أنا و لم أعلم بما أراد عمرو بن العاص من خدعة أبى موسى . قالوا : فانّا نقمنا عليك أنك حكمت حكما في حقّ هو لك فقال : إنّ رسول اللّه حكم سعد بن معاذ في بني قريظة و لو شاء لم يفعل ، و أنا اقتديت به فهل بقي عندكم شي‏ء ؟ فسكتوا و صاح جماعة منهم من كلّ جانب : التّوبة التّوبة يا أمير المؤمنين و استأمن إليه ثمانية آلاف و بقي على حربه أربعة آلاف ، فأمر المستأمنين بالاعتزال عنهم في ذلك الوقت ، و تقدّم بأصحابه حتّى دنى منهم . و تقدّم عبد اللّه بن وهب و ذو الثّدية حرقوص و قالا ما نريد بقتالنا إيّاك ----------- ( 1 ) اى قصة مصالحة سهيل بن عمرو و هو صلح الحديبية منه . [ 136 ] إلاّ وجه اللّه و الدّار الآخرة ، فقال عليه السّلام : « هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرينَ أَعْمالاً أَلَّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَيوةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً » ثمّ التحم القتال بين الفريقين ، و استعرّ الحرب بلظاها و اسفرت عن زرقة صبحها و حمرة ضحاها ، فتجادلوا و تجالدوا بالسنة رماحها و حداد ظباها 1 فحمل فارس من الخوارج يقال له الأخنس الطائي و كان شهد صفّين مع عليّ عليه السّلام فحمل و شقّ الصّفوف يطلبه عليه السّلام فبدره عليّ بضربة فقتله . فحمل ذو الثّدية ليضرب عليّا فسبقه عليّ عليه السّلام و ضربه ففلق البيضة و رأسه فحمله فرسه و هو لما به فألقاه في آخر المعركة في جرف دالية على شط النهّروان ، و خرج من بعده عمّه مالك بن الوضاح و حمل على عليّ فضربه فقتله . و تقدّم عبد اللّه بن وهب الرّاسبي فصاح يابن أبي طالب و اللّه لا نبرح من هذه المعركة حتّى تأتي على أنفسنا أو ناتى على نفسك فابرز إليّ و أبرز إليك و ذر الناس جانبا ، فلما سمع عليّ عليه السّلام كلامه تبسّم و قال : قاتله اللّه من رجل ما أقلّ حياؤه أما أنّه ليعلم أنه لحليف السّيف و خدين 2 الرّمح و لكنّه قد يئس من الحياة ، و أنّه ليطمع طمعا كاذبا ثمّ حمل على عليّ ، فحمله عليّ عليه السّلام فضربه و قتله و ألحقه بأصحابه القتلى . و اختلطوا فلم تكن إلاّ ساعة حتّى قتلوا بأجمعهم و كانوا أربعة آلاف ، فما أفلت منهم إلاّ تسعة أنفس : رجلان هربا إلى خراسان إلى أرض سجستان و بها نسلهما و رجلان صارا إلى بلاد عمّان و فيها نسلهما و رجلان صارا إلى اليمن فبها نسلهما ، و هم الاباضية ، و رجلان ----------- ( 1 ) ظبا كهدى جمعه ظبة حدّ سيف اوسنان ق . ----------- ( 2 ) الخدين الصديق لغة . [ 137 ] صارا إلى بلاد الجزيرة إلى موضع يعرف بالسن 1 و البوازيخ و إلى شاطي الفرات و صار آخر إلى تلّ موزون . و غنم أصحاب علىّ غنايم كثيرة ، و قتل من أصحاب عليّ تسعة بعدد من سلم من الخوارج ، و هي من جملة كرامات عليّ عليه السّلام فانّه قال نقتلهم و لا يقتل منّا عشرة و لا يسلم منهم عشرة ، فلما قتلوا قال عليّ عليه السّلام التمسوا المخدج 2 فالتمسوه فلم يجدوه فقام عليّ عليه السّلام بنفسه حتّى أتى ناساقد قتل بعضهم على بعض فقال أخّروهم فوجدوه ممّا يلي الأرض فكبّر عليّ عليه السّلام و قال صدق اللّه و بلغ رسوله . قال أبو الوضيئى فكانّى أنظر إليه حبشى عليه قريطق إحدى يديه مثل ثدى المرأة عليها شعرات مثل شعر ذنب اليربوع ، و هذا أبو الوضيئى هو عباد بن نسيب القيسى تابعي يروي عنه هذا القول أبو داود . و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن أبي نعيم الاصفهاني عن سفيان الثوري إنّ أمير المؤمنين أمر أن يفتش على المخدج بين القتلى فلم يجدوه فقال رجل : و اللّه ما هو فيهم فقال عليّ عليه السّلام ما كذبت و لا كذبت . و عن تاريخ الطبري و ابانة بن بطة و مسند أحمد عن عبد اللّه بن أبي رافع و أبي موسى الوابلي و جندب و أبي الوضيئي و اللفظ له قال عليّ عليه السّلام اطلبوا المخدج فقالوا : لم نجده فقال و اللّه ما كذبت و لا كذبت يا عجلان ايتيني ببغلة رسول اللّه ، فأتاه بالبغلة فركبها و جال في القتلى ثمّ قال : اطلبوه ههنا ، قال : فاستخرجوه من تحت القتلي في نهر و طين . و عن تاريخ القمي أنّه رجلا أسود عليه شعرات عليه قريطق 3 مخدج اليد أحد ثدييه كثدى المرئة عليه شعيرات مثل ما يكون على ذنب اليربوع . ----------- ( 1 ) السن جبل بالمدينة و موضع بالراى و بلد على دجلة و بوازيخ بلد قريب تكريت ق . ----------- ( 2 ) رجل مخدج اليد ناقصها ق . ----------- ( 3 ) في حديث منصور جاء الغلام و عليه قرطق ابيض اى قباء و هو تعريب كرته و قد يضم طاؤه و ابدال القاف من الهاء في الاسماء المعربة كثير و منه حديث الخوارج كانى انظر إليه حبشى عليه قريطق هو تصغير قرطق نهاية . [ 138 ] و عن أبي داود بن بطة انّه قال عليّ من يعرف هذا ؟ فلم يعرفه أحد قال رجل أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت : إلى أين تريد ؟ فقال إلى هذه و أشار إلى الكوفة و ما لى بهذا معرفة فقال عليّ عليه السّلام : صدق هو من الجانّ و في رواية هو من الجنّ . و في رواية أحمد قال أبو الوضى : لا يأتينّكم أحد يخبركم من أبوه ، قال : فجعل النّاس يقول : هذا ملك هذا ملك و يقول علي : ابن من . و في مسند الموصلي في حديث : من قال من النّاس أنّه رآه قبل مصرعه فهو كاذب . و في مسند أحمد عن أبي الوضي أنّه قال عليّ عليه السّلام : أما ان خليلى أخبرنى بثلاثة اخوة من الجنّ هذا أكبرهم ، و الثّاني له جمع كثير و الثالث فيه ضعف . و في شرح المعتزلي عن ابن ويزيل عن الأعمش عن زيد بن وهب قال : لمّا شجرهم عليّ عليه السّلام بالرّماح قال : اطلبوا اذا الثّدية فطلبوه طلبا شديدا حتّى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى ، فاتى به و إذا رجل على يديه مثل سبلات السّنور ، فكبّر عليّ عليه السّلام و كبّر النّاس معه سرورا بذلك . و عن ابن ويزيل أيضا عن مسلم الضبي عن حبة العرني قال : كان رجلا أسود منتن الرّيح له يد كثدي المراة إذا مدّت كانت بطول اليد الاخرى ، و إذا تركت اجتمعت و تقلّصت و صارت كثدى المرأة عليه شعرات مثل شوارب الهرّة ، فلما وجدوه قطعوا يده و نصبوها على رمح ، ثمّ جعل عليّ يقول صدق اللّه و بلغ رسوله ، و لم يزل يقول ذلك هو و أصحابه بعد العصر الى أن غربت الشّمس أو كادت . و عن العوام بن الحوشب ، عن أبيه ، عن جدّه يزيد بن رويم ، قال : قال عليّ عليه السّلام يقتل اليوم أربعة آلاف من الخوارج أحدهم ذو الثّدية ، فلما طحن القوم و رام استخراج ذى الثّدية فأتعبه ، أمرنى أن أقطع له أربعة آلاف قصبة ، فركب بغلة رسول اللّه و قال اطرح على كلّ قتيل منهم قصبة ، فلم يزل كذلك و أنا بين يديه و هو راكب خلفي و النّاس يتّبعونه حتّى بقيت في يدي واحدة فنظرت و إذا وجهه أربد ، و إذا [ 139 ] هو يقول : و اللّه ما كذبت و لا كذبت فاذا حزير 1 ماء عند موضع دالبة ، فقال : فتّش هذا ، ففتشته فاذا قتيل قد صار في الماء و اذا رجله في يدي فجذ بتها ، و قلت هذه رجل انسان فنزل عن البغلة مسرعا فجذب الرجل الاخرى و جررناه حتّى صار على التّراب ، فاذا هو المخدج فكبرّ عليّ بأعلى صوته ثمّ سجد فكبّر النّاس كلّهم هذا . و بقيّة الكلام في اقتصاص وقعة الخوارج تأتى إن شاء اللّه عند شرح بعض الخطب الآتية المسوقة لهذا الغرض و اللّه الموفق و المعين . الترجمة از جمله خطب شريفة آن سرور أولياء عليه و آله آلاف التّحية و الثّناست در ترسانيدن أهل نهروان كه ميفرمايد : پس من ترساننده شما هستم از اينكه صباح نمائيد جان داده و افتاده در اثناى اين جوى و در زمينهاى هموار اين كودال در حالتيكه هيچ حجة شرعيّه نبوده باشد شما را از جانب پروردگار خود در خروج و نه برهان عقلى باشد با شما در ارتكاب اين امر ، بتحقيق كه متحير و سرگشته ساخت يا اينكه بورطه هلاكت انداخت شما را دنياى فانى و در حباله و دام واقع نمود شما را قضا و قدر ربانى و بتحقيق كه بودم نهى كردم شما را از اين حكومت حكمين پس ابا و امتناع كرديد بر من مثل ابا كردن مخالفان و شكنندگان پيمان تا اينكه صرف نمودم راى خود را بميل و خواهش شما و حال آنكه شما جماعتى هستيد سبك مغز و شوريده عقل نياوردم من بشما حادثه و داهيه را پدر مباد شما را ، و اراده نكردم در حقّ شما شر و ضرر را بلكه جزاى سوء تدبير خودتان است كه مى‏بريد . ----------- ( 1 ) الحزير صوت الماء و الريح ق . [ 140 ]