جستجو

و من خطبة له ع و هو فصل من الخطبة التي أولها الحمد

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 91 ] 28 و من خطبة له ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلدُّنْيَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ وَ إِنَّ اَلآْخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ بِاطِّلاَعٍ أَلاَ وَ إِنَّ اَلْيَوْمَ اَلْمِضْمَارَ وَ غَداً اَلسِّبَاقَ وَ اَلسَبَقَةُ اَلْجَنَّةُ وَ اَلْغَايَةُ اَلنَّارُ أَ فَلاَ تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ مَنِيَّتِهِ أَ لاَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ أَلاَ وَ إِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ يَضْرُرْهُ أَجَلُهُ وَ مَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُهُ وَ ضَرَّهُ أَجَلُهُ أَلاَ فَاعْمَلُوا فِي اَلرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ فِي اَلرَّهْبَةِ أَلاَ وَ إِنِّي لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لاَ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا أَلاَ وَ إِنَّهُ مَنْ لاَ يَنْفَعُهُ اَلْحَقُّ يَضُرُّهُ اَلْبَاطِلُ وَ مَنْ لاَ يَسْتَقِيمُ [ يَسْتَقِمْ ] بِهِ اَلْهُدَى يَجُرُّ [ يَجُرُّهُ ] بِهِ اَلضَّلاَلُ إِلَى اَلرَّدَى أَلاَ وَ إِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ وَ دُلِلْتُمْ عَلَى اَلزَّادِ وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ اِتِّبَاعُ اَلْهَوَى وَ طُولُ اَلْأَمَلِ فَتَزَوَّدُوا فِي اَلدُّنْيَا مِنَ اَلدُّنْيَا مَا تُحْرِزُونَ [ تَحُوزُونَ ] بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً [ 92 ] قال الرضي رحمه الله و أقول إنه لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا و يضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام و كفى به قاطعا لعلائق الآمال و قادحا زناد الاتعاظ و الازدجار و من أعجبه قوله ع ألا و إن اليوم المضمار و غدا السباق و السبقة الجنة و الغاية النار فإن فيه مع فخامة اللفظ و عظم قدر المعنى و صادق التمثيل و واقع التشبيه سرا عجيبا و معنى لطيفا و هو قوله ع و السبقة الجنة و الغاية النار فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين و لم يقل السبقة النار كما قال السبقة الجنة لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب و غرض مطلوب و هذه صفة الجنة و ليس هذا المعنى موجودا في النار نعوذ بالله منها فلم يجز أن يقول و السبقة النار بل قال و الغاية النار لأن الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء إليها و من يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الأمرين معا فهي في هذا الموضع كالمصير و المآل قال الله تعالى قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى اَلنَّارِ و لا يجوز في هذا الموضع أن يقال فإن سبقتكم إلى النار فتأمل ذلك فباطنه عجيب و غوره بعيد لطيف و كذلك أكثر كلامه ع . و في بعض النسخ و قد جاء في رواية أخرى و السبقة الجنة بضم السين و السبقة عندهم اسم لما يجعل للسابق إذا سبق من مال أو عرض و المعنيان متقاربان لأن ذلك لا يكون جزاء على فعل الأمر المذموم و إنما يكون جزاء على فعل الأمر المحمود [ 93 ] آذنت أعلمت و المضمار منصوب لأنه اسم إن و اليوم ظرف و موضعه رفع لأنه خبر إن و ظرف الزمان يجوز أن يكون خبرا عن الحدث و المضمار و هو الزمان الذي تضمر فيه الخيل للسباق و الضمر الهزال و خفة اللحم و إعراب قوله و غدا السباق على هذا الوجه أيضا . و يجوز الرفع في الموضعين على أن تجعلهما خبر إن بأنفسهما . و قوله ع أ لا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه أخذه ابن نباتة مصالتة فقال في بعض خطبه أ لا عامل لنفسه قبل حلول رمسه . قوله ألا فاعملوا في الرغبة يقول لا ريب أن أحدكم إذا مسه الضر من مرض شديد أو خوف مقلق من عدو قاهر فإنه يكون شديد الإخلاص و العبادة و هذه حال من يخاف الغرق في سفينة تتلاعب بها الأمواج فهو ع أمر بأن يكون المكلف عاملا أيام عدم الخوف مثل عمله و إخلاصه و انقطاعه إلى الله أيام هذه العوارض . قوله لم أر كالجنة نام طالبها يقول إن من أعجب العجائب من يؤمن بالجنة كيف يطلبها و ينام و من أعجب العجائب من يوقن بالنار كيف لا يهرب منها و ينام أي لا ينبغي أن ينام طالب هذه و لا الهارب من هذه . و قد فسر الرضي رحمه الله تعالى معنى قوله و السبقة الجنة نبذ من أقوال الصالحين و الحكماء و نحن نورد في هذا الفصل نكتا من مواعظ الصالحين يرحمهم الله تناسب هذا المأخذ فمما يؤثر عن أبي حازم الأعرج كان في أيام بني أمية قوله لعمر بن عبد العزيز [ 94 ] و قد قال له يا أبا حازم إني أخاف الله مما قد دخلت فيه فقال لست أخاف عليك أن تخاف و إنما أخاف عليك ألا تخاف . و قيل له كيف يكون الناس يوم القيامة قال أما العاصي فآبق قدم به على مولاه و أما المطيع فغائب قدم على أهله . و من كلامه إنما بيني و بين الملوك يوم واحد أما أمس فلا يجدون لذته و لا أجد شدته و أما غدا فإني و إياهم منه على خطر و إنما هو اليوم فما عسى أن يكون . و من كلامه إذا تتابعت عليك نعم ربك و أنت تعصيه فاحذره . و قال له سليمان بن عبد الملك عظني فقال عظم ربك أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك . و قيل له ما مالك قال شيئان لا عدم بي معهما الرضا عن الله و الغنى عن الناس . و من كلامه عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة و يتركون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة . و من كلامه إن عوفينا من شر ما أعطانا لم يضرنا فقد ما زوي عنا . و من كلامه نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب و نحن لا نتوب حتى نموت . و لما ثقل عبد الملك رأى غسالا يلوي بيده ثوبا فقال وددت أني كنت غسالا مثل هذا أعيش بما أكتسب يوما فيوما فذكر ذلك لأبي حازم فقال الحمد لله الذي جعلهم عند الموت يتمنون ما نحن فيه و لا نتمنى عند الموت ما هم فيه . و من كلام غيره من الصالحين دخل سالم بن عبد الله بن عمر على هشام بن عبد الملك [ 95 ] في الكعبة فكلمه هشام ثم قال له سل حاجتك قال معاذ الله أن أسأل في بيت الله غير الله . و قيل لرابعة القيسية لو كلمت أهلك أن يشتروا لك خادما يكفيك مئونة بيتك قالت إني لأستحي أن أسأل الدنيا من يملكها فكيف من لا يملكها . و قال بكر بن عبد الله أطفئوا نار الغضب بذكر نار جهنم . عامر بن عبد القيس الدنيا والدة للموت ناقضة للمبرم مرتجعة للعطية و كل من فيها يجري إلى ما لا يدري و كل مستقر فيها غير راض بها و ذلك شهيد على أنها ليست بدار قرار . باع عتبة بن عبد الله بن مسعود أرضا له بثمانين ألفا فتصدق بها فقيل له لو جعلت هذا المال أو بعضه ذخرا لولدك قال بل أجعل هذا المال ذخرا لي و أجعل الله تعالى ذخرا لولدي . رأى إياس بن قتادة شيبة في لحيته فقال أرى الموت يطلبني و أراني لا أفوته فلزم بيته و ترك الاكتساب فقال له أهله تموت هزالا قال لأن أموت مؤمنا مهزولا أحب إلي من أن أعيش منافقا سمينا . بكر بن عبد الله المزني ما الدنيا ليت شعري أما ما مضى منها فحلم و أما ما بقي فأماني . مورق العجلي خير من العجب بالطاعة ألا تأتي بالطاعة . و من كلامه ضاحك معترف بذنبه خير من باك مدل على ربه . و من كلامه أوحى الله إلى الدنيا من خدمني فاخدميه و من خدمك فاستخدميه . [ 96 ] قيل لرابعة هل عملت عملا ترين أنه يقبل منك قالت إن كان فخوفي أن يرد علي . نظر حبيب إلى مالك بن دينار و هو يقسم صدقته علانية فقال يا أخي إن الكنوز لتستر فما بال هذا يجهر به . قال عمرو بن عبيد للمنصور إن الله أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك منه ببعضها و إن هذا الذي أصبح اليوم في يدك لو كان مما يبقى على الناس لبقي في يد من كان قبلك و لم يصر إليك فاحذر ليلة تمخض بيوم لا ترى بعده إلا يوم القيامة فبكى المنصور و قال يا أبا عثمان سل حاجة قال حاجتي ألا تعطيني حتى أسألك و لا تدعني حتى أجيئك قال إذن لا نلتقي أبدا قال فذاك أريد . كان يقال الدنيا جاهلة و من جهلها أنها لا تعطي أحدا ما يستحقه إما أن تزيده و إما أن تنقصه . قيل لخالد بن صفوان من أبلغ الناس قال الحسن لقوله فضح الموت الدنيا . قيل لبعض الزهاد كيف سخط نفسك على الدنيا قال أيقنت أني خارج منها كرها فأحببت أن أخرج منها طوعا . مر إبراهيم بن أدهم بباب أبي جعفر المنصور فنظر السلاح و الحرس فقال المريب خائف . قيل لزاهد ما أصبرك على الوحدة قال كلا أنا أجالس ربي إذا شئت أن يناجيني قرأت كتابه و إذا شئت أن أناجيه صليت . كان يقال خف الله لقدرته عليك و استح منه لقربه منك [ 97 ] قال الرشيد للفضيل بن عياض ما أزهدك قال أنت يا هارون أزهد مني لأني زهدت في دنيا فانية و زهدت في آخرة باقية . و قال الفضيل يا ربي إني لأستحيي أن أقول توكلت عليك لو توكلت عليك ما خفت إلا منك و لا رجوت إلا إياك . عوتب بعض الزهاد على كثرة التصدق بماله فقال لو أراد رجل أن ينتقل من دار إلى دار ما أظنه كان يترك في الدار الأولى شيئا . قال بعض الملوك لبعض الزهاد ما لك لا تغشى بابي و أنت عبدي قال لو علمت أيها الملك لعلمت أنك عبد عبدي لأني أملك الهوى و الهوى يملكك . دخل متظلم على سليمان بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين اذكر يوم الأذان قال و ما يوم الأذان قال اليوم الذي قال تعالى فيه فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اَللَّهِ عَلَى اَلظَّالِمِينَ فبكى سليمان و أزال ظلامته . سئل الفضيل بن عياض عن الزهد فقال يجمعه حرفان في كتاب الله لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ . كتب يحيى بن خالد من الحبس إلى الرشيد ما يمر يوم من نعيمك إلا و يمر يوم من بؤسي و كلاهما إلى نفاد . قيل لحاتم الأصم علام بنيت أمرك قال على أربع خصال علمت أن رزقي لا يأكله غيري فلم أهتم به و علمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به و علمت أن الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره و علمت أني بعين الله في كل حال فاستحييت منه . [ 98 ] نظر بعض الصالحين إلى رجل يفحش في قوله فقال يا هذا إنما تملي على حافظيك كتابا إلى ربك فانظر ما تودعه . كان يقال مثل الدنيا و الآخرة مثل ضرتين لبعل واحد إن أرضى هذه أسخط الأخرى . قيل لبعضهم ما مثل الدنيا قال هي أقل من أن يكون لها مثل . دخل لص على بعض الزهاد الصالحين فلم ير في داره شيئا فقال له يا هذا أين متاعك قال حولته إلى الدار الأخرى . قيل للربيع بن خيثم يا ربيع ما نراك تذم أحدا فقال ما أنا عن نفسي براض فأتحول من ذمي إلى ذم الناس إن الناس خافوا الله على ذنوب العباد و أمنوه على ذنوبهم . قال عيسى بن موسى لأبي شيبة القاضي لم لا تأتينا قال إن قربتني فتنتني و إن أقصيتني أحزنتني و ليس عندي ما أخافك عليه و لا عندك ما أرجوك له . من كلام بعض الزهاد تأمل ذا الغنى ما أشد نصبه و أقل راحته و أخس من ماله حظه و أشد من الأيام حذره هو بين سلطان يتهضمه و عدو يبغي عليه و حقوق تلزمه و أكفاء يحسدونه و ولد يود فراقه قد بعث عليه غناه من سلطانه العنت و من أكفائه الحسد و من أعدائه البغي و من ذوي الحقوق الذم و من الولد الملالة . و من كلام سفيان الثوري يا ابن آدم جوارحك سلاح الله عليك بأيها شاء قتلك . ميمون بن مهران في قوله تعالى وَ لا تَحْسَبَنَّ اَللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ اَلظَّالِمُونَ قال إنها لتعزية للمظلوم و وعيد للظالم . [ 99 ] دخل عبد الوارث بن سعيد على مريض يعوده فقال له ما نمت منذ أربعين ليلة فقال يا هذا أحصيت ليالي البلاء فهل أحصيت ليالي الرخاء . بعضهم وا عجباه لمن يفرح بالدنيا فإنما هي عقوبة ذنب . ابن السماك خف الله حتى كأنك لم تطعه قط و ارجه حتى كأنك لم تعصه قط . بعضهم العلماء أطباء هذا الخلق و الدنيا داء هذا الخلق فإذا كان الطبيب يطلب الداء فمتى يبرئ غيره . قيل لمحمد بن واسع فلان زاهد قال و ما قدر الدنيا حتى يحمد من يزهد فيها رئي عبد الله بن المبارك واقفا بين مقبرة و مزبلة فقيل له ما أوقفك قال أنا بين كنزين من كنوز الدنيا فيهما عبرة هذا كنز الأموال و هذا كنز الرجال . قيل لبعضهم أتعبت نفسك فقال راحتها أطلب . دخل الإسكندر مدينة فتحها فسأل عمن بقي من أولاد الملوك بها فقيل رجل يسكن المقابر فدعا به فقال ما دعاك إلى لزوم هذه المقابر فقال أحببت أن أميز بين عظام الملوك و عظام عبيدهم فوجدتها سواء فقال هل لك أن تتبعني فأحيا شرفك و شرف آبائك إن كانت لك همة قال همتي عظيمة قال و ما همتك قال حياة لا موت معها و شباب لا هرم معه و غنى لا فقر معه و سرور لا مكروه معه فقال ليس هذا عندي قال فدعني ألتمسه ممن هو عنده . مات ابن لعمر بن ذر فقال لقد شغلني الحزن لك يا بني عن الحزن عليك . كان يقال من هوان الدنيا على الله ألا يعصى إلا فيها و لا ينال ما عنده إلا بتركها . و من كلام عبد الله بن شداد أرى دواعي الموت لا تقلع و أرى من مضى لا يرجع [ 100 ] فلا تزهدن في معروف فإن الدهر ذو صروف كم من راغب قد كان مرغوبا إليه و الزمان ذو ألوان من يصحب الزمان ير الهوان و إن غلبت يوما على المال فلا تغلبن علي الحيلة على كل حال و كن أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مآلا . كان يقال إن مما يعجل الله تعالى عقوبته الأمانة تخان و الإحسان يكفر و الرحم تقطع و البغي على الناس . الربيع بن خيثم لو كانت الذنوب تفوح روائحها لم يجلس أحد إلى أحد . قيل لبعضهم كيف أصبحت قال آسفا على أمسي كارها ليومي متهما لغدي . و قيل لآخر لم تركت الدنيا قال أنفت من قليلها و أنف مني كثيرها و هذا كما قال بعضهم و قد قيل له لم لا تقول الشعر قال يأباني جيده و آبى رديئه . بعض الصالحين لو أنزل الله تعالى كتابا أني معذب رجلا واحدا خفت أن أكونه أو أنه راحم رجلا واحدا لرجوت أن أكونه . مطرف بن الشخير خير الأمور أوساطها و شر السير الحقحقة و هذا الكلام قد روي مرفوعا . يحيى بن معاذ أن لله عليك نعمتين في السراء التذكر و في الضراء التصبر فكن في السراء عبدا شكورا و في الضراء حرا صبورا . دخل ابن السماك على الرشيد فقال له عظني ثم دعا بماء ليشربه فقال له ناشدتك الله لو منعك الله من شربه ما كنت فاعلا قال كنت أفتديه بنصف ملكي قال فاشربه فلما شرب قال ناشدتك الله لو منعك الله من خروجه ما كنت فاعلا قال كنت أفتديه بنصف ملكي قال إن ملكا يفتدى به شربة ماء لخليق ألا ينافس عليه . قال المنصور لعمرو بن عبيد رحمه الله تعالى عظني قال بما رأيت أم بما سمعت [ 101 ] قال بما رأيت قال رأيت عمر بن عبد العزيز و قد مات فخلف أحد عشر ابنا و بلغت تركته سبعة عشر دينارا كفن منها بخمسة دنانير و اشتري موضع قبره بدينارين و أصاب كل واحد من ولده دون الدينار ثم رأيت هشام بن عبد الملك و قد مات و خلف عشرة ذكور فأصاب كل واحد من ولده ألف ألف دينار و رأيت رجلا من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يوم واحد على مائة فرس في سبيل الله و رأيت رجلا من ولد هشام يسأل الناس ليتصدقوا عليه . حسان بن أبي سنان ما شي‏ء أهون من ورع إذا رابك شي‏ء فدعه . مورق العجلي لقد سألت الله حاجة أربعين سنة ما قضاها و لا يئست منها قيل و ما هي قال ترك ما لا يعنيني . قتادة إن الله ليعطي العبد على نية الآخرة ما يسأله من الدنيا و لا يعطيه على نية الدنيا إلا الدنيا . من كلام محمد بن واسع ليس في النار عذاب أشد على أهلها من علمهم بأنه ليس لكربهم تنفيس و لا لضيقتهم ترفيه و لا لعذابهم غاية و ليس في الجنة نعيم أبلغ من علم أهلها بأن ذلك الملك لا يزول عنهم . قال بعض الملوك لبعض الزهاد أذمم لي الدنيا قال أيها الملك هي الآخذة لما تعطي المورثة بعد ذلك الندم السالبة ما تكسو المورثة بعد ذلك الفضوح تسد بالأراذل مكان الأفاضل و بالعجزة مكان الحزمة تجد في كل من كل خلفا و ترضى بكل من كل بدلا تسكن دار كل قرن قرنا و تطعم سؤر كل قوم قوما . و من كلام الحجاج و كان مع غشمه و إلحاده واعظا بليغا مفوها خطب فقال اللهم أرني الغي غيا فأتجنبه و أرني الهدى هدى فأتبعه و لا تكلني إلى نفسي فأضل [ 102 ] ضلالا بعيدا و الله ما أحب أن ما مضى من الدنيا بعمامتي هذه و لما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء و قال مالك بن دينار غدوت إلى الجمعة فجلست قريبا من المنبر فصعد الحجاج فسمعته يقول امرؤ زور عمله امرؤ حاسب نفسه امرؤ فكر فيما يقرؤه في صحيفته و يراه في ميزانه امرؤ كان عند قلبه زاجر و عند همه آمر امرؤ أخذ بعنان قلبه كما يأخذ الرجل بخطام جمله فإن قاده إلى طاعة الله تبعه و إن قاده إلى معصية الله كفه إننا و الله ما خلقنا للفناء و إنما خلقنا للبقاء و إنما ننتقل من دار إلى دار . و خطب يوما فقال إن الله أمرنا بطلب الآخرة و كفانا مئونة الدنيا فليته كفانا مئونة الآخرة و أمرنا بطلب الدنيا فقال الحسن ضالة المؤمن خرجت من قلب المنافق . و من الكلام المنسوب إليه و أكثر الناس يروونه عن أمير المؤمنين ع أيها الناس اقدعوا هذه الأنفس فإنها أسأل شي‏ء إذا أعطيت و أبخل لشي‏ء إذا سئلت فرحم الله امرأ جعل لنفسه خطاما و زماما فقادها بخطامها إلى طاعة الله و عطفها بزمامها عن معصية الله فإني رأيت الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله . و من كلامه أن امرأ أتت عليه ساعة من عمره لم يذكر فيها ربه و يستغفر من ذنبه و يفكر في معاده لجدير أن يطول حزنه و يتضاعف أسفه إن الله كتب على الدنيا الفناء و على الآخرة البقاء فلا بقاء لما كتب عليه الفناء و لا فناء لما كتب عليه البقاء فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة و اقهروا طول الأمل بقصر الأجل . [ 103 ] و نقلت من أمالي أبي أحمد العسكري رحمه الله تعالى قال خطب الحجاج يوما فقال أيها الناس قد أصبحتم في أجل منقوص و عمل محفوظ رب دائب مضيع و ساع لغيره و الموت في أعقابكم و النار بين أيديكم و الجنة أمامكم خذوا من أنفسكم لأنفسكم و من غناكم لفقركم و مما في أيديكم لما بين أيديكم فكان ما قد مضى من الدنيا لم يكن و كان الأموات لم يكونوا أحياء و كل ما ترونه فإنه ذاهب هذه شمس عاد و ثمود و قرون كثيرة بين ذلك هذه الشمس التي طلعت على التبابعة و الأكاسرة و خزائنهم السائرة بين أيديهم و قصورهم المشيدة ثم طلعت على قبورهم أين الملوك الأولون أين الجبابرة المتكبرون المحاسب الله و الصراط منصوب و جهنم تزفر و تتوقد و أهل الجنة ينعمون هم في روضة يحبرون جعلنا الله و إياكم من الذين إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً . قال فكان الحسن رحمه الله تعالى يقول أ لا تعجبون من هذا الفاجر يرقى عتبات المنبر فيتكلم بكلام الأنبياء و ينزل فيفتك فتك الجبارين يوافق الله في قوله و يخالفه في فعله استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة و أما ما ذكره الرضي رحمه الله تعالى من المقابلة بين السبقة و الغاية فنكته جيدة من علم البيان و نحن نذكر فيها أبحاثا نافعة فنقول إما أن يقابل الشي‏ء ضده أو ما ليس بضده . فالأول كالسواد و البياض و هو قسمان أحدهما مقابله في اللفظ و المعنى . [ 104 ] و الثاني مقابله في المعنى لا في اللفظ . أما الأول فكقوله تعالى فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً فالضحك ضد البكاء و القليل ضد الكثير و كذلك قوله تعالى لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ و من كلام النبي ص خير المال عين ساهرة لعين نائمة و من كلام أمير المؤمنين ع لعثمان أن الحق ثقيل مري‏ء و أن الباطل خفيف وبي‏ء و أنت رجل إن صدقت سخطت و إن كذبت رضيت و كذلك قوله ع لما قالت الخوارج لا حكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطل و قال الحجاج لسعيد بن جبير لما أراد قتله ما اسمك فقال سعيد بن جبير فقال بل شقي بن كسير . و قال ابن الأثير في كتابه المسمى بالمثل السائر إن هذا النوع من المقابلة غير مختص بلغة العرب فإنه لما مات قباذ أحد ملوك الفرس قال وزيره حركنا بسكونه . و في أول كتاب الفصول لبقراط في الطب العمر قصير و الصناعة طويلة و هذا الكتاب على لغة اليونان . قلت أي حاجة به إلى هذا التكلف و هل هذه الدعوى من الأمور التي يجوز أن يعتري الشك و الشبهة فيها ليأتي بحكاية مواضع من غير كلام العرب يحتج بها أ ليس كل قبيلة و كل أمة لها لغة تختص بها أ ليس الألفاظ دلالات على ما في الأنفس [ 105 ] من المعاني فإذا خطر في النفس كلام يتضمن أمرين ضدين فلا بد لصاحب ذلك الخاطر سواء أ كان عربيا أم فارسيا أم زنجيا أم حبشيا أن ينطق بلفظ يدل على تلك المعاني المتضادة و هذا أمر يعم العقلاء كلهم على أن تلك اللفظة التي قالها ما قيلت في موت قباذ و إنما قيلت في موت الإسكندر لما تكلمت الحكماء و هم حول تابوته بما تكلموا به من الحكم . و مما جاء من هذا القسم من المقابلة في الكتاب العزيز قوله تعالى في صفة الواقعة خافِضَةٌ رافِعَةٌ لأنها تخفض العاصين و ترفع المطيعين . و قوله تعالى فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ اَلرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اَلْعَذابُ . و قوله أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ . و من هذا الباب قول النبي ص للأنصار إنكم لتكثرون عند الفزع و تقلون عند الطمع . و مما جاء من ذلك في الشعر قول الفرزدق يهجو قبيلة جرير يستيقظون إلى نهيق حميرهم و تنام أعينهم عن الأوتار و قال آخر فلا الجود يفني المال و الجد مقبل و لا البخل يبقي المال و الجد مدبر [ 106 ] و قال أبو تمام ما إن ترى الأحساب بيضا وضحا إلا بحيث ترى المنايا سودا و كذلك قال من هذه القصيدة أيضا شرف على أولى الزمان و إنما خلق المناسب ما يكون جديدا و أما القسم الثاني من القسم الأول و هو مقابلة الشي‏ء بضده بالمعنى لا باللفظ فكقول المقنع الكندي لهم جل مالي إن تتابع لي غنى و إن قل مالي لا أكلفهم رفدا فقوله إن تتابع لي غنى في قوة قوله إن كثر مالي و الكثرة ضد القلة فهو إذن مقابل بالمعنى لا باللفظ بعينه . و من هذا الباب قول البحتري تقيض لي من حيث لا أعلم النوى و يسري إلي الشوق من حيث أعلم فقوله لا أعلم ليس ضدا لقوله أعلم لكنه نقيض له و في قوة قوله أجهل و الجهل ضد العلم . و من لطيف ما وقعت المقابلة به من هذا النوع قول أبي تمام مها الوحش إلا أن هاتا أوانس قنا الخط إلا أن تلك ذوابل [ 107 ] فقابل بين هاتا و بين تلك و هي مقابلة معنوية لا لفظية لأن هاتا للحاضرة و تلك للغائبة و الحضور ضد الغيبة . و أما مقابلة الشي‏ء لما ليس بضده فإما أن يكون مثلا أو مخالفا . و الأول على ضربين مقابلة المفرد بالمفرد و مقابلة الجملة بالجملة . مثال مقابلة المفرد بالمفرد قوله تعالى نَسُوا اَللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ و قوله وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً هكذا قال نصر الله بن الأثير . قال و هذا مراعى في القرآن الكريم إذا كان جوابا كما تقدم من الآيتين و كقوله وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها و قوله مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ . قال و قد كان يجوز أن يقول من كفر فعليه ذنبه لكن الأحسن هو إعادة اللفظ فأما إذا كان غير جواب لم تلزم فيه هذه المراعاة اللفظية بل قد تقابل اللفظة بلفظة تفيد معناها و إن لم تكن هي بعينها نحو قوله تعالى وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ فقال يفعلون و لم يقل يعملون . و كذلك قوله تعالى فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ و لم يقل قالوا لا تفزع . و كذلك قوله تعالى إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ و لم يقل كنتم تخوضون و تلعبون . [ 108 ] قال و نحو ذلك من الأبيات الشعرية قول أبي تمام بسط الرجاء لنا برغم نوائب كثرت بهن مصارع الآمال فقال الآمال عوض الرجاء قال أبو الطيب إني لأعلم و اللبيب خبير أن الحياة و إن حرصت غرور فقال خبير و لم يقل عليم . قال و إنما حسن ذلك لأنه ليس بجواب و إنما هو كلام مبتدأ . قلت الصحيح أن هذه الآيات و هي قوله تعالى نَسُوا اَللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ و ما شابهها ليست من باب المقابلة التي نحن في ذكرها و أنها نوع آخر و لو سميت المماثلة أو المكافأة لكان أولى و الدليل على ذلك أن هذا الرجل حد المقابلة في أول الباب الذي ذكر هذا البحث فيه فقال إنها ضد التجنيس لأن التجنيس أن يكون اللفظ واحدا مختلف المعنى و هذه لا بد أن تتضمن معنيين ضدين و إن كان التضاد مأخوذا في حدها فقد خرجت هذه الآيات من باب المقابلة و كانت نوعا آخر . و أيضا فإن قوله تعالى وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً ليس من سلك الآيات الأخرى لأنه بالواو و الآيات الأخرى بالفاء و الفاء جواب و الواو ليست بجواب . و أيضا فإنا إذا تأملنا القرآن العزيز لم نجد ما ذكره هذا الرجل مطردا قال تعالى أَمَّا مَنِ اِسْتَغْنى‏ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَ ما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى‏ وَ هُوَ يَخْشى‏ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى فلم يقل في الثانية و أما من جاءك يسعى و هو فقير . و قال تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اِتَّقى‏ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏ وَ أَمَّا مَنْ [ 109 ] بَخِلَ وَ اِسْتَغْنى‏ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏ فقابل بين أعطى و بخل و لم يقابل بين اتقى و استغنى و مثل هذا في القرآن العزيز كثير و أكثر من الكثير . و قد بان الآن أن التقسيم الأول فاسد و أنه لا مقابلة إلا بين الأضداد و ما يجري مجراها . و أما مقابلة الجملة بالجملة في تقابل المتماثلين فإنه إذا كانت إحداهما في معنى الأخرى وقعت المقابلة و الأغلب أن تقابل الجملة الماضية بالماضية و المستقبلة بالمستقبلة . و قد تقابل الجملة الماضية بالمستقبلة فمن ذلك قوله تعالى قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى‏ نَفْسِي وَ إِنِ اِهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي فإن هذا تقابل من جهة المعنى لأنه لو كان من جهة اللفظ لقال و إن اهتديت فإنما أهتدي لها . و وجه التقابل المعنوي هو أن كل ما على النفس فهو بها أعني كل ما هو عليها وبال و ضرر فهو منها و بسببها لأنها الأمارة بالسوء و كل ما لها مما ينفعها فهو بهداية ربها و توفيقه لها . و من ذلك قوله تعالى أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اَللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَ اَلنَّهارَ مُبْصِراً فإنه لم يراع التقابل اللفظي و لو راعاه لقال و النهار ليبصروا فيه و إنما المراعاة لجانب المعنى لأن معنى مبصرا ليبصروا فيه طرق التقلب في الحاجات . و أما مقابلة المخالف فهو على وجهين . أحدهما أن يكون بين المقابل و المقابل نوع مناسبة و تقابل كقول القائل يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة و من إساءة أهل السوء إحسانا [ 110 ] فقابل الظلم بالمغفرة و هي مخالفة له ليست مثله و لا ضده و إنما الظلم ضد العدل إلا أنه لما كانت المغفرة قريبة من العدل حسنت المقابلة بينها و بين الظلم و نحو هذا قوله تعالى أَشِدَّاءُ عَلَى اَلْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ فإن الرحمة ليست ضدا للشدة و إنما ضد الشدة اللين إلا أنه لما كانت الرحمة سببا للين حسنت المقابلة بينها و بين الشدة . و كذلك قوله تعالى إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا فإن المصيبة أخص من السيئة فالتقابل هاهنا من جهة العموم و الخصوص . الوجه الثاني ما كان بين المقابل و المقابل بعد و ذلك مما لا يحسن استعماله كقول امرأة من العرب لابنها و قد تزوج بامرأة غير محمودة تربص بها الأيام عل صروفها سترمي بها في جاحم متسعر فكم من كريم قد مناه إلهه بمذمومة الأخلاق واسعة الحر فمذمومة ليست في مقابلة واسعة و لو كانت قالت بضيقة الأخلاق كانت المقابلة صحيحة و الشعر مستقيما و كذلك قول المتنبي لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها سرور محب أو مساءة مجرم فالمقابلة الصحيحة بين المحب و المبغض لا بين المحب و المجرم . قلت إن لقائل أن يقول هلا قلت في هذا ما قلت في السيئة و المصيبة أ لست القائل إن التقابل حسن بين المصيبة و السيئة لكنه تقابل العموم و الخصوص و هذا الموضع مثله أيضا لأن كل مبغض لك مجرم إليك لأن مجرد البغضة جرم ففيهما عموم و خصوص . بل لقائل أن يقول كل مجرم مبغض و كل مبغض مجرم و هذا صحيح مطرد