جستجو

و من خطبة له ع في الوصية بأمور التقوى

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و السابع و الثمانون من المختار فى باب الخطب أوصيكم أيّها النّاس بتقوى اللّه ، و كثرة حمده على آلائه إليكم ، و نعمائه عليكم ، و بلائه لديكم ، فكم خصّكم بنعمة ، و تدارككم برحمة أعورتم له فستركم ، و تعرّضتم لأخذه فأمهلكم ، و أوصيكم بذكر الموت و إقلال الغفلة عنه ، و كيف غفلتكم عمّا ليس يغفلكم ، و طمعكم فى من ليس يمهلكم ، فكفى واعظا بموتى عاينتموهم ، حملوا إلى قبورهم غير راكبين ، و أنزلوا فيها غير نازلين ، فكأنّهم لم يكونوا للدّنيا عمّارا ، و كأنّ الآخرة لم تزل لهم دارا ، أوحشوا ما كانوا يوطنون ، و أوطنوا ما كانوا يوحشون ، و اشتغلوا بما فارقوا ، و أضاعوا ما إليه انتقلوا ، لا عن قبيح يستطيعون انتقالا ، و لا في حسن ( حسنة خ ) [ 150 ] يستطيعون ازديادا ، أنسوا بالدّنيا فغرّتهم ، و وثقوا بها فصرعتهم . فسابقوا رحمكم اللّه إلى منازلكم الّتي أمرتم أن تعمروها ، و الّتي رغّبتم فيها ، و دعيتم إليها ، و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر على طاعته ، و المجانبة لمعصيته ، فإنّ غدا من اليوم قريب ، ما أسرع السّاعات في اليوم ( في الأيّام خ ل ) ، و أسرع الأيام في الشّهور ، و أسرع الشّهور في السّنة ، و أسرع السّنين في العمر . اللغة قال الفيومى ( تدارك ) القوم لحق آخرهم أوّلهم و استدركت مافات و تداركته و أصل التدارك اللحوق يقال أدركت جماعة من العلماء إذا لحقتهم و ( أعورتم له ) أى أبديتم عورتكم له ، و العورة كلّ شي‏ء يستره الانسان أنفة و حياء و النساء عورة و ( تعرّض ) لكذا إذا تصدّى له . الاعراب جملة أعورتم استيناف بياني قوله : فكفى واعظا بموتى ، لفظ موتى في محلّ الرفع فاعل كفى ، و الباء زايدة كما في قوله تعالى : كفى باللّه شهيدا . و واعظا إمّا حال من الفاعل قدم على ذيها للاتّساع فيها ، أو تميز رافع للابهام عن النسبة كما في قوله تعالى : فاللّه خير حافظا ، و قولهم : للّه درّه فارسا قال أكثر علماء الأدبيّة في هذا المثال إنّه تميز ، و قال بعضهم إنّه حال أى ما أعجبه في حال فروسيته و رجّح ابن الحاجب الأوّل قال : لأنّ المعنى مدحه مطلقا بالفروسيّة و إذا جعل حالا اختصّ المدح و يقيّد بحال فروسيّته ، قال نجم الأئمّة و أنا لا أرى بينهما فرقا لأنّ معنى التمييز عنده : ما أحسن فروسيّته ، فلا يمدحه غير حال الفروسيّة إلاّ بها ، و هذا المعنى هو المستفاد من ما أحسنه في حال فروسيّته ، و تصريحهم بمن في للّه [ 151 ] درّك من فارس دليل على أنّه تمييز ، و كذا قولهم : عزّ من قائل . و جملة عاينتموهم ، في محل الرفع صفة لموتى ، و جملة حملوا تحتمل الحال و الاستيناف البياني ، و الفاء في قوله : فسابقوا ، فصيحة و في قوله : فانّ غدا للتعليل . المعنى اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة واردة في مقام النّصح و الموعظة و الأمر بتكميل الحكمة العمليّة و الوصيّة بالتقوى و ذكر الموت ، و قدّم الوصيّة بالتقوى لأنّها العمدة الكبرى فيما يوصى به فقال : ( اوصيكم أيّها النّاس بتقوى اللّه ) التي هى الزاد و بها المعاد و زاد رابح و معاد منجح ( و كثرة حمده على آلائه إليكم و نعمائه عليكم ) لأنّ كثرة الحمد عليها موجبة لكثرتها و زيادتها ( و بلائه لديكم ) و قد مضى بيان حسن الثناء على البلاء كحسنه على الالاء في شرح الخطبة المأة و الثالثة عشر فتذكّر . ( فكم خصّكم بنعمة و تدارككم برحمة ) لفظة كم للتكثير أتى بها تبيها على كثرة آلائه النازلة و ألطافه الواصلة . و أشار إلى بعضا بقوله ( اعورتم له فستركم ) أى أظهرتم و كشفتم له سبحانه سوآتكم و عوراتكم و قبايح أعمالكم و فضايح أفعالكم فسترها لكم بمقتضى ستاريته و غفاريته تعالى ، و هذه النعمة من أعظم النعمآء و أجلّ الالاء . و لجلالتها و كونها من عمدة النعم جعل سيّد العابدين و زين الساجدين سلام اللّه عليه و على آبائه و أولاده أجمعين من جملة أدعيّته في الصحيفة الكاملة دعاء طلب الستر و الوقاية و قال عليه السّلام هناك : و لا تبرز مكتومى ، و لا تكشف مستورى ، و لا تحمل على ميزان الانصاف عملى ، و لا تعلن على عيون الملاء خبرى ، و اخف عنهم ما يكون نشره علىّ عارا ، و اطو عنهم ما يلحقنى عندك شنارا . [ 152 ] و قال عليه السّلام في دعائه بعد الفراغ من صلاة اللّيل : و تعدّيت عن مقامات حدودك إلى حرمات انتهكتها ، و كبائر ذنوب اجترحتها ، كانت عافيتك لي من فضايحها سترا « إلى أن قال » اللّهم و اذ سترتني بعفوك و تغمّدتني بفضلك في دار الفناء بحضرة الاكفاء فأجرني من فضيحات دار البقاء عند مواقف الاشهاد من الملائكة المقرّبين و الرّسل المكرّمين و الشهداء و الصالحين ، من جار كنت أكاتمه سيّآتي ، و من ذي رحم كنت احتشم منه في سريراتي ، لم أثق ربّ بهم في الستر علىّ ، و وثقت بك ربّ في المغفرة لي ، و أنت أولى من وثق به و أعطى من رغب إليه و أرءف من استرحم ، فارحمني . ( و تعرّضتم لأخذه فأمهلكم ) أى تعرّضتم للمعاصي الموجبة لمؤاخذته فأمهلكم و لم يعاجلكم بالعقوبة . و هذه أيضا نعمة عظيمة و موهبة كبيرة منه سبحانه على عباده العاصين ، لأنه سبحانه عفوه أعلى من عقابه ، و رحمته سابقة على غضبه ، فامهالهم للخاطئين ليس غالبا إلاّ كرامة لهم ، و تفضّلا منه سبحانه عليهم ، فلا يعجل و لا يبادر في عقاب من عصاه ، بل يحلم و يمهل ليتدارك المذنب ذنبه بالتوبة و نحوها . و من أسمائه الحسنى : الحليم أى الذي لا يستخفّه شي‏ء من المعاصي و لا يستفزّه الغضب عليهم قال تعالى : « و لو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة و لكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى فاذا جاء أجلهم فانّ اللّه كان بعباده بصيرا » و قال سيّد الساجدين عليه السّلام في دعاء الاستقالة من الذّنوب من أدعيّة الصحيفة الكاملة . سبحانك ما أعجب ما اشهد به على نفسى و أعدوه من مكتوم أمرى ، و أعجب من ذلك إناتك عنّي و ابطاؤك عن معاجلتي ، و ليس ذلك من كرمي عليك ، بل تأنّيا منك لي ، و تفضّلا منك علىّ ، لأن ارتدع عن معصيتك المسخطة ، و أقلع عن سيّأتي المخلقة ، و لأنّ عفوك عنّي أحبّ إليك من عقوبتي . روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : قال اللّه تعالى : و عزّتي [ 153 ] و جلالي لا اخرج عبدا من الدّنيا و أنا اريد أن أرحمه حتّى استوفي منه كلّ خطيئة عملها إما بسقم في جسده ، و إما بضيق في رزقه ، و إما بخوف ، في دنياه ، فان بقيت عليه بقية شددت عليه عند الموت . و الأخبار في هذا المعني كثيرة ، هذا . و لما أوصاهم بالتقوى أردفه بالايصاء بذكر الموت الّذى هو هادم اللّذات و قاطع الامنيّات فقال : ( و اوصيكم بذكر الموت ) أى بكثرة ذكره ( و إقلال الغفلة عنه ) و إنما أوصاهم به لاستلزامه الاعراض عن الدّنيا و الرغبة إلى الآخرة ، و الاقلاع عن الاثم و المعصية و التقصير في الأمل و الجدّ في العمل . و من هنا قال بعض العلماء : حقّ العاقل أن يكثر ذكر الموت ، فذكره لا يقرب أجله و يفيده ثلاثا : القناعة بما رزق ، و المبادرة بالتوبة ، و النشاط في العبادة . و قال آخر : ذكر الموت يطرد فضول الأمل و يهون المصائب و يحول بين الانسان و الطغيان . و ما ذكره أحد في ضيق إلاّ وسّعه عليه ، و لا في سعة إلاّ ضيّقها عليه . و كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام من جملة دعائه إذا نعي إليه ميّت : اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اكفنا طول الأمل ، و قصّره عنّا بصدق العمل ، حتّى لا نؤمل استتمام ساعة بعد ساعة ، و لا استيفاء يوم بعد يوم ، و لا اتّصال نفس بنفس و لا لحوق قدم بقدم ، و سلّمنا من غروره ، و آمنّا من شروره ، و انصب الموت بين أيدينا نصبا ، و لا تجعل ذكرنا له غبّا ، و اجعل لنا من صالح الأعمال عملا نستبطي‏ء معه المصير اليك ، و نحرص له على و شك اللحاق بك ، حتّى يكون الموت مأنسنا الّذى نأنس به ، و مألفنا الّذي نشتاق إليه ، و حامتنا الّتي نحبّ الدّنوّ منها . فانّ قوله عليه السّلام : و انصب الموت بين أيدينا نصبا ، أراد به أن يجعله على ذكر بحيث لا يغيب عن الذّهن لحظة ، و هو تمثيل بحال ما ينصب أمام الانسان فهو لا يغيب عن نظره وقتا ما . و قوله : و لا تجعل ذكرنا له غبّا ، أى وقتا دون وقت و يوما دون يوم ، و الغبّ [ 154 ] في أوراد الابل أن تشرب يوما و تدعه يوما . و إلى هذا المعني يلمح قوله عليه السّلام في الدّيوان المنسوب إليه : جنبي تجافي عن الوساد خوفا من الموت و المعاد من جاف عن بكرة المنايا لم يدر ما لذّة الرقاد قد بلغ الزرع منتهاء لا بدّ للزرع من حصاد ثمّ استفهم عن غفلتهم على سبيل التوبيخ و التقريع ، و قال : ( و كيف غفلتكم عما ليس يغفلكم و طمعكم فيمن ليس يمهلكم ) يعنى انكم إن غفلتم عنه بانسكم بالدّنيا و فرط محبّتكم لها و طمعكم في بقائها ، فهو ليس غافلا عنكم و لا تاركا ممهلا لكم البّتة ، قال في الدّيوان المنسوب إليه عليه السّلام يا مؤثر الدّنيا على دينه و التّائه الحيران عن قصده أصبحت ترجو الخلد فيها و قد أبرز ناب الموت عن حدّه هيهات إنّ الموت ذو أسهم من يرمه يوما بها يرده و يحتمل أن يكون المراد بقوله : عما ليس يغفلكم ، هو الموت و بقوله : فيمن ليس يمهلكم ، هو ملك الموت ، أى كيف غفلتكم عن الموت الّذى لا يترككم غافلا عنكم ، و طمعكم في ملك الموت الّذى لا يمهلكم ، لكونه مأمورا بعدم الانظار و الامهال . و لأجل شدّة الاعتبار و الاتّعاظ اتبعه بقوله ( فكفى واعظا بموتا عاينتموهم ) كيف انتقلوا من ذروة القصور إلى خطّة القبور ، و من العزّ و المنعة إلى الذّل و المحنة ( حملوا إلى قبورهم غير راكبين و انزلوا فيها غير نازلين ) . لما كان المتعارف في الركوب و النزول ما كان عن قصد و اختيار و شعور ، و إرادة و على مثل الخيل و البغال ، و كان حمل الموتى على الاسرة و الجنايز و أعواد المنايا و انزالهم منها لا عن شعور و إدراك ، لا جرم نفي عنهم وصفي الرّكوب و النزول . و بعبارة اخرى الركوب و النّزول من الأفعال الاختياريّة للانسان فبعد الموت و انقطاع الحسّ و الحياة و ارتفاع الادراك و الاختيار يكون مثل جماد محمول ، فكمالا [ 155 ] يوصف الجماد بالركوب فهكذا الميّت . و هذه الفقرة مثل قوله عليه السّلام في الخطبة المأة و العاشرة : حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ، و انزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا . ( فكأنّهم لم يكونوا للدّنيا عمّارا ، و كأنّ الآخرة لم تزل بهم دارا ) يعني أنهم لظعنهم عن الدّنيا و تركهم لها بكلّيتها كأنّهم لم يكونوا ساكنين فيها و عامرين لها . و أنهم لارتحالهم إلى الآخرة و استمرارهم فيها أبد الآباد كأنّها كانت لهم منزلا و مقيلا . ( أوحشوا ما كانوا يوطنون ) من دار الدّنيا ( و أوطنوا ما كانوا يوحشون ) من الدار الاخرى استبدلوا بظهر الأرض بطنا و بالسعة ضيقا و بالأهل غربة و بالنّور ظلمة . ( و اشتغلوا بما فارقوا و أضاعوا ما إليه انتقلوا ) أى اشتغلوا بما فارقوا عنه من نعيم الدّنيا و قيتا ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ تها و أضاعوا ما انتقلوا إليه من نعيم الآخرة و لذّاتها . و ذلك لكون اشتغالهم بالدّنيا و شعفهم بلذّاتها الحاضرة مانعا لهم عن الالتفات إلى الكمالات المؤدّية إلى لذّات الآخرة ، فذهبت هذه اللذات ضياعا ، و فاتت عنهم لما فرطوا فيها و قصروا في تحصيلها و أعقبهم فواتها طول الحسرة و الندامة ، و ملامة النفس اللوامة ، و ذلك لعظم ما حصلت لهم من الخيبة و الخسران ، و عدم امكان تدارك تلك الحسرة و الحرمان و إليه أشار بقوله : ( لا عن قبيح يستطيعون انتقالا و لا في حسن يستطيعون ازديادا ) أى لا يقدرون على الانتقال و الازعاج عن أعمالهم القبيحة المحصلة للعذاب ، و لا على الاكثار و الازدياد من الأعمال الحسنة الكاسبة للثواب ، إذ الانتقال عن الاولى و الازدياد من الاخرى إنما يتمكّن منهما في دار التكليف ، و الآخرة دار الجزاء و لذلك أنّ كلاّ منهم إذا دخل في قبره و شاهد هول المطلع قال : ربّ ارجعون لعلّى أعمل صالحا فيما تركت ، و يقال فى الجواب : كلا إنّها كلمة هو قائلها . ( أنسوا بالدّنيا فغرّتهم ) لأنها حلوة خضرة حفت بالشهوات و تحبّبت إلى الناس بلذّتها العاجلة الحاضرة فأنسوا بها و نسوا الآخرة ( و وثقوا بها فصرعتهم ) أى اطمئنّوا إليها و اعتمدوا عليها لما شاهدوا من حسن ظاهرها فصرعتهم في مصارع الهوان فبئست [ 156 ] الدار لمن لم يتّهمها و لم يكن منها على وجل فقد رأينا تنكّرها و تغيّرها لمن دان لها و اثرها داخلة إليها حين ظعنوا عنها لفراق الأبد هل زوّدتهم إلاّ السغب أو أحلّتهم إلاّ الضنك أو نوّرت لهم إلاّ الظلمة أو أعقبتهم إلاّ الندامة فكيف يثق بها اللبيب أو يركن إليها الاريب ، هذا . و لما أوصاهم بذكر الموت و أتبعه بشرح حال الأموات تنفيرا عن الدّنيا و تحذيرا من الركون إليها فرّع عليها قوله : ( فسابقوا رحمكم اللّه إلى منازلكم التي امرتم أن تعمروها ) و هي منازل الآخرة و درجات الجنان ، و المسابقة إليها و إلى عمارتها إنما تكون بصالح الأعمال المشار اليه بقول ذى الجلال : « و استبقوا الخيرات » « و سارعوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها السّموات و الأرض اعدّت للمتّقين » . ( و ) تلك الجنّة هي ( الّتي رغبتم فيها و دعيتم إليها ) أى دعاكم اللّه إليها بالآية السابقة الآمرة بالمسارعة إليها و بأمثالها و رغّبكم فيها بقوله « قل أؤنبّئكم بخير من ذلكم للّذين اتقوا عند ربّهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها و أزواج مطهّرة و رضوان من اللّه » و بما ضاهاها من الآيات . ( و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصبر على طاعته و المجانبة لمعصيته ) فانّ الصّبر على الطاعات و التحمل لمشاق العبادات و التجنّب عن المعاصي و السيئآت مؤدّية إلى شمول الألطاف الالهية و إفاضة الآلاء الدنيويّة و الاخروية ، كما أفصحت عنه محكمات الكتاب ، و شهدت به روايات الأئمة الأطياب ، هذا . و يحتمل أن يكون المراد من استتمام النعم بما ذكر هو طلب تمامها باضافة النعم الاخرويّة على الدنيويّة و انضمامها إليها ، فانّها لا تحصل إلاّ بالمواظبة على الحسنات و المجانبة عن السيّئات كما هو مقتضي رحمته الرّحيميّة ، و ليست كالنعم الدنيويّة تنعم بها على البرّ و الفاجر باقتضاء الرّحمة الرّحمانية ، و قوله : و استتمّوا ، لا يخلو من الاشعار بهذا الاحتمال كما هو غير خفىّ على صاحب الذّوق السليم . [ 157 ] ثمّ إنه لما أمر بالاستباق إلى منازل الجنان و باستتمام النعم ، علّل حسن الاستباق و المبادرة بقصر المدّة و قلّة زمان الفرصة و قال : ( فانّ غدا من اليوم قريب ) و كنّى بالغد عن يوم الممات و أوضح قربه بقوله : ( ما أسرع السّاعات في اليوم و أسرع الأيّام في الشهور و أسرع الشهور في السّنين و أسرع السّنين في العمر ) يعني سرعة مضيّ السّاعات موجبة لسرعة مضيّ اليوم ، و سرعة مضيّ الأيام مستلزمة لسرعة انقضاء الشهور ، و سرعة انقضائها مستلزمة لسرعة انقضاء السّنين ، و سرعة انقضائها مستلزمة لسرعة زوال العمر و الحياة ، و سرعة زواله موجبة لقرب زمان حلول الموت المكنى عنه بالغد . و في الاتيان بلفظة ما المفيدة للتعجّب تأكيدا لبيان تلك السّرعة ، و محصله أنّ الساعات مفنية للأيام ، و الأيام مفنية للشهور ، و الشهور مفنية للسّنين ، و السّنين مفنية للعمر و مقربة للأجل . و هذه الفقرة تفصيل ما أجمله بقوله في الخطبة المأة و الثالثة عشر : فسبحان اللّه ما أقرب الحيّ من الميّت للحاقه به ، هذا . و ما ذكرناه من كون الغد كناية عن زمان الموت أظهر من جعله كناية عن يوم القيامة كما قاله الشارح البحراني . الترجمة از جمله كلام شريف آنحضرت است در وصيّت بتقوى ميفرمايد : وصيّت ميكنم شما را اى مردمان بپرهيزكارى خداوند ، و بر كثرة حمد او در مقابل نعمتهاى او كه رسيده بسوى شما ، و بر نعماء او كه نازل شده بر شما ، و بر بلا كه نزد شما است ، پس چه بسيار مخصوص فرموده شما را بنعمتي ، و دريافت نموده شما را برحمت و عاطفتي ، و آشكار كرديد شما قبايح و فضايح معاصى را از براى او پس پرده كشيد بر شما ، و متعرّض شديد بر مؤاخذه آن پس مهلت داده بشما و وصيّت ميكنم شما را بذكر مرگ و به كم كردن غفلت از مرگ ، و چگونه است غفلت شما از چيزيكه غفلت نمى‏كند از شما ، و طمع شما در چيزيكه مهلت [ 158 ] نميدهد شما را ، و كفايت ميكند از حيثيت واعظ بودن مردهائيكه معاينه ديديد ايشان را كه برداشته شدند بسوى قبرها در حالتيكه نبودند سوار شوندگان ، و فرود آورده شدند در قبرها در حالتيكه نبودند فرود آيندگان ، گويا نبودند از براى دنيا عمارت كنندگان ، و گويا كه هميشه سراى آخرت خانه ايشان بوده ، وحشت كردند از چيزيكه وطن ميكردند در آن ، و وطن نمودند در چيزيكه وحشت داشتند از او ، مشغول شدند بچيزى كه از او مفارقت نمودند ، و ضايع كردند چيزيرا كه بسوى او منتقل شدند ، نه از فعل قبيح استطاعت انتقال دارند ، و نه در فعل حسن استطاعت زياده نمودن دارند ، انس گرفتند بدنيا پس دنيا فريب داد ايشان را و وثوق و اعتماد كردند بر او پس هلاك ساخت ايشان را . پس سبقت كنيد اى مردمان خدا رحمت كند بر شما بسوي منزلهاى خودتان كه مأمور شديد بتعمير آنها ، و آن منزلهائى كه ترغيب شديد بآن ، و دعوت شديد بسوى آن ، و طلب نمائيد تماميّت نعمتهاى خدا را بر خود با صبر نمودن بر طاعت او و با اجتناب كردن از معصيت او ، پس بدرستيكه فردا نزديكست از امروز ، چه قدر سرعت كننده‏اند ساعتها در روز ، و سرعت كننده‏اند روزها در ماه ، و سرعت كننده‏اند ماهها در سال ، و سرعت كننده‏اند سالها در انقضاء و زوال عمر .