جستجو

و من خطبة له ع في ذم العاصين من أصحابه

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام في ذمّ أصحابه و هى المأة و التاسعة و السبعون من المختار في باب الخطب أحمد اللّه على ما قضى من أمر ، و قدّر من فعل ، و على ابتلائي بكم أيّتها الفرقة الّتي إذا أمرت لم تطع ، و إذا دعوت لم تجب ، إن [ 273 ] أمهلتم خضتم ، و إن حوربتم خرتم ، و إن اجتمع النّاس على إمام طعنتم ، و إن أجبتم إلى مشآقّة نكصتم ، لا أبا لغيركم ، ما تنتظرون بنصركم ، و الجهاد على حقّكم ، ألموت أو الذّلّ لكم ، فو اللّه لئن جآء يومي و ليأتينيّ ليفرّقنّ بيني و بينكم و أنا لصحبتكم قال ، و بكم غير كثير ، للّه أنتم أما دين يجمعكم ، و لا حميّة تشحذكم ، أو ليس عجبا أنّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء ، و أنا أدعوكم و أنتم تريكة الإسلام و بقيّة النّاس إلى المعونة أو طائفة من العطاء فتفرّقون عنّي و تختلفون عليّ ، إنّه لا يخرج إليكم من أمري رضا فترضونه ، و لا سخط فتجتمعون عليه ، و إنّ أحبّ ما أنّا لاق إلىّ الموت ، قد دارستكم الكتاب ، و فاتحتكم الحجاج ، و عرّفتكم ما أنكرتم ، و سوّغتكم ما مججتم لو كان الأعمى يلحظ ، أو النّائم يستيقظ ، و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاوية ، و مؤدّبهم ابن النّابغة . اللغة ( أمهله ) اى رفق به و أخّره و في بعض النسخ أهملتم أى تركتم و ( خرتم ) بالخاء المعجمة و الراء المهملة من الخور بمعنى الضعف أو من خوار الثور و هو صياحه قال تعالى : « عجلا جسداً له خوار » ، و عن بعض النسخ جرتم بالجيم من جار أى عدل [ 274 ] عن الحقّ و ( طعنتم ) في بعض النسخ بالظاء المعجمة ارتحلتم و فارقتم و ( أجبتم ) بالجيم و الباء المعجمة على البناء على المعلوم من أجاب إجابة ، و في نسخة الشارح المعتزلي اجئتم بالهمزة الساكنة بعد الجيم المكسورة و البناء على المجهول أى الجئتم قال تعالى : « فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة » . و ( النكوص ) الرجوع إلى ما وراء قال تعالى : « فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه » و ( شحذت ) النصل و السكين حدّتهما و ( الجفاة ) جمع الجافي و هو الغليظ من الناس و ( الطغام ) بالطاء المهملة و الغين المعجمة أراذل الناس و أوغادهم الواحد و الجمع سواء و ( التريكة ) بيضة النعامة يتركها في مجثمها و ( درس ) الكتاب قرأ و ( ساغ ) الشراب دخل في الحلق بسهولة قال الشاعر : فساغ لي الشراب و كنت قبلا أكاد أغصّ بالماء الفرات و ( مججته ) من فمى أى رميت به . الاعراب يحتمل أن يكون ما في قوله : على ما قضا ، مصدريّة و موصولة فيكون العايد محذوفا . و قوله : لا أبا لغيركم قال الشارح البحراني : أصله لا أب و الالف زايدة إمّا لاستثقال توالى أربع فتحات ، أو لانّهم قصدوا الاضافة و أتوا باللاّم للتأكيد . أقول : و يؤيّد الثاني ما حكاه نجم الأئمة عن سيبويه من زيادة اللاّم في لا أبالك و قال الشارح المعتزلي : الأفصح لا أب بحذف الألف ، و أمّا قولهم لا أبالك باثباته فدون الأوّل في الفصاحة ، كأنّهم قصدوا الاضافة و أقحموا اللاّم مزيدة مؤكدة [ 275 ] كما قالوا : يا تيم تيم عدىّ 1 و هو غريب لأنّ حكم لا أن تعمل في النكرة فقط و حكم الألف أن تثبت مع الاضافة و الاضافة تعرف فاجتمع حكمان متنافيان فصار من الشواذ و قال أبو البقاء يجوز فيها وجهان آخران : أحدهما أنه أشبع فتحة الباء فنشأت الالف و الاسم باق على تنكيره و الثانى أن يكون أبا لغة من قال لها أبا في جميع أحوالها ، مثل عصا و منه : إنّ أباها و أبا أباها . و قوله : الموت أو الذّل لكم ، في أكثر النسخ برفعهما و في بعضها بالنّصب أمّا الرفع فعلى الابتداء و لكم خبر و الجملة دعائيّة لا محلّ لها من الاعراب ، و أمّا النصب فبتقدير أرجو و أطلب فتكون دعائية أيضا ، و تحتمل الاستفهام أى أ تنتظرون . و قوله : فو اللّه لئن جاء يومى و ليأتيّنى ليفرقنّ آه ، جملة ليفرقنّ جواب للقسم و استغنى بها عن جواب الشرط ، و جملة و ليأتينّى معترضة بين القسم و الشرط و جوابيهما المذكور و المحذوف و تعرف نكتة الاعتراض في بيان المعنى و جملة : و أنا لصحبتكم قال ، منصوبة المحلّ على الحال ، و بكم متعلّق بغير كثير قدّم عليه للتوسّع . و قوله : للّه أنتم ، قال الشارح المعتزلى : للّه في موضع رفع لأنّه خبر عن المبتدا ----------- ( 1 ) قال نجم الائمة المنادى المفرد اذا تكرّر لفظه و ولى الاسم الثانى اسم مجرور بالاضافة فالثانى واجب النصب ، و لك في الأوّل الضمّ و النصب قال : يا تيم تيم عدىّ لا أبا لكم لا يلقينكم في سوءة عمر و قال : يا زيد زيد اليعملات الذبل تطاول اللّيل عليك فانزل أما الضم في الأوّل فواضح لأنه منادى مفرد معرفة ، و الثانى عطف بيان و هو البدل على ما يأتى في بابه ، و أمّا نصب الأوّل فقال سيبويه تيم الثانى مقحم بين المضاف و المضاف اليه ، و هو تأكيد لفظى لتيم الأوّل و قد مرّ في توابع المنادى المبنى أنّ التأكيد اللفظى في الاغلب حكمه حكم الأوّل ، و حركته حركته اعرابية كانت أو بنائية فكما أنّ الأوّل محذوف التنوين للاضافة فكذلك الثاني ، مع أنه ليس بمضاف ، و شبهه سيبويه باللام المقحمة بين المضاف و المضاف اليه في لا ابالك لتأكيد اللام المقدّرة ( منه ) [ 276 ] الذى هو أنتم ، و مثله للّه درّ فلان ، و للّه بلاد فلان ، و للّه أبوك ، و اللاّم ههنا فيها معنى التعجّب ، و المراد بقوله للّه أنتم للّه سعيكم أو للّه عملكم كما قالوا : للّه درّك ، أى عملك فحذف المضاف و أقام الضمير المنفصل المضاف اليه مقامه قال الشارح : و لا يجى‏ء هذه اللاّم بمعنى التعجّب في غير لفظ اللّه كما أنّ تاء القسم لم تأت إلاّ في اسم اللّه ، انتهى و قال نجم الأئمة الرّضي : قولهم إنّ لام القسم يستعمل في مقام التعجّب يعنون الأمر العظيم الّذى يستحقّ أن يتعجّب منه فلا يقال للّه لقد قام زيد ، بل يستعمل في الأمور العظام نحو للّه لتبعثنّ ، و قيل إنّ اللاّم في لايلاف قريش ، و للفقراء الّذين أُحصروا » ، للتعجّب ، و الأولى أن يقال إنّها للاختصاص إذ لم يثبت لام التعجّب الاّ في القسم انتهى كلامه رفع مقامه . أقول : المستفاد من نصّ كلام الشارح أنّ لام التعجّب مختصّة بالدّخول على لفظ الجلالة ، و من ظاهر كلام الرّضي أنّها ملازمة للقسم ، و يشكل ذلك في نحو للّه درّه و للّه أبوك و للّه أنتم و ما ضاهاها ، لأنهم اتّفقوا على أنّها في هذه الأمثلة للتعجّب مع أنّه لا معنى للقسم بل لا تصوير له فيها إذ لو كانت للقسم لاحتاجت إلى الجواب و ليس فليس . و قد صرّح الرضىّ نفسه في مبحث التميز من شرح مختصر ابن الحاجب بأنّ معني للّه درّه فارسا ، عجبا من زيد فارسا و هو يعطى أنّها فيه للتعجّب فقط لا للتعجّب و القسم على أنها لو جعلت للقسم لا يكون للّه خبرا مقدّما و درّه مبتدء و لا يكون للدّرّ عامل رفع كما هو ظاهر لا يخفى . و بعد اللّتيا و اللّتي فالتحقيق أن يقال : إنّ اللاّم قد تكون للتعجّب مجرّدة عن القسم و لا يلزم دخولها على لفظ الجلالة كما زعمه الشارح المعتزلي بل قد تدخل عليه كما في للّه درّه فارسا و للّه أنت و قوله : شباب و شيب و افتقار و ثروة فللّه هذا الدّهر كيف تردّدا و قد تدخل على غيره كما في « لايلاف قريش » أى اعجبوا لايلاف قريش كما حكاه في الكشّاف عن بعضهم و في قوله : [ 277 ] فيا لك من ليل كأنّ نجومه بكلّ مغار القتل بشدّت بيذبل و قد تكون للتعجّب و القسم معا ، و هذه مختصّة بالدّخول على لفظ الجلالة كما في للّه لا يؤخّر الأجل ، و قوله تعالى : « للّه لتبعثنّ » و قول الشاعر : للّه يبقى على الأيّام ذو حيد بمسمخرّ به الظبيان و الآس فقد ظهر من ذلك أنّ لام القسم ملازم للتعجّب و لام التعجّب غير ملازم للقسم كما زعمه الرّضى و لا للدّخول على لفظ الجلالة كما زعمه الشارح المعتزلي هذا . و أما تحقيق معنى التعجّب في هذه الموارد فهو ما أشار إليه الرّضي فيما حكى عنه بقوله : و أمّا معنى قولهم للّه درّك ، فالدّر في الأصل ما يدرّ أى ينزل من الضّرع من اللّبن و من الغيم من المطر و هو هنا كناية عن فعل الممدوح و الصادر عنه ، و إنما نسب فعله إليه قصدا للتعجّب منه لأنّ اللّه تعالى منشي‏ء العجائب ، فكلّ شي‏ء عظيم يريدون التعجّب منه ينسبونه إليه تعالى و يضيفونه إليه نحو قولهم : للّه أنت ، و للّه أبوك ، فمعنى للّه درّه ما أعجب فعله . و قال عز الدّين الزنجاني في محكىّ كلامه من شرح الهادى : للّه درّه كلام معناه التعجّب ، و العرب إذا أعظموا الشي‏ء غاية الاعظام أضافوه إلى اللّه تعالى ايذانا بأنّ هذا الشي‏ء لا يقدر على ايجاده إلاّ اللّه تعالى و بأنّ هذا جدير بأن يتعجّب منه لأنّه صادر عن فاعل قادر مصدر للأشياء العجيبة هذا . و قوله عليه السّلام : أما دين يجمعكم ، قال الشارح المعتزلي ارتفاع دين على أنه فاعل فعل مقدّر أى ما يجمعكم دين يجمعكم ، اللّفظ الثاني مفسّر للأوّل كما قدرناه بعد إذا في قوله : « إذا السّماء انشقّت » ، و يجوز أن يكون حمية مبتدء و الخبر محذوف تقديره أما لكم حمية ، انتهى . أقول : لزوم تقدير الفعل بعد أما إنما هو مسلم إن جعل أما مركبة حرف عرض بمنزلة لو لا ، لاختصاصها بالدّخول على الفعل كما أنّ اذا مختصّة بالدّخول عليه ، و لذلك احتيج الى تقديره في الآية الشريفة ، و أما إذا جعلنا الهمزة للاستفهام على سبيل الانكار التوبيخى أو على سبيل التقرير و ما حرف نفى فلا حاجة إلى تقدير [ 278 ] الفعل لأنّ ما على ذلك ماء حجازية بمعنى ليس و دين اسمها و يجمعكم خبرها . و الظاهر من قول الشارح : أى ما يجمعكم أنه لا يجعلها حرف عرض و حينئذ فتقديره للفعل باطل ، ثمّ إنّ تجويزه كون حمية مبتدء و الخبر محذوفا فيه أنّ الأصل عدم الحذف مع وجود الجملة الصّالحة للخبريّة ، و إن أراد بالتجويز مجرّد الصحّة بالقواعد الأدبيّة فلا بأس به . و قوله : أو ليس عجبا استفهام تقريرى ، و على في قوله عليه السّلام : على غير معونة ، بمعنى مع كما في قوله تعالى : « و آتى المال على حبّه » ، « و إنّ ربّك لذو مغفرة للناس على ظلمهم » ، و إلى في قوله : إلى المعونة ، متعلّق بقوله ادعوكم ، و جملة : و انتم تريكة الاسلام آه ، معترضة بينهما فليس لها محلّ من الاعراب ، و يحتمل كونها في محلّ النّصب على الحالية من مفعول أدعوكم و لكن الأوّل أظهر . و الضمير في قوله : إنه للشأن ، و جواب لو في قوله لو كان الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ محذوف بدلالة الكلام كما في قوله تعالى : « و لو أنّ قرآنا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأَرض أو كلّم به الموتى » ، أى لكان هذا القرآن . و قوله عليه السّلام : و أقرب بقوم من الجهل باللّه ، فعل تعجّب و البآء زايدة كما في أحسن بزيد قال سيبويه افعل صورته أمر و معناه الماضي من افعل أى صار ذا فعل كألحم أى صار ذا لحم ، و الباء بعده زايدة في الفاعل لازمة ، و قد يحذف إن كان المتعجّب منه أن وصلتها نحو أحسن أن يقوم أى أن يقوم على ما هو القياس . و ضعّف قوله بأنّ الأمر بمعنى الماضى مما لم يعهد بل الماضي يجي‏ء بمعنى الأمر مثل اتّقى امرؤ ربّه ، و بأنّ افعل بمعنى صار ذا فعل قليل و لو كان منه لجاز ألحم بزيد و أشحم به ، و بأنّ زيادة الباء في الفاعل قليل و المطرد زيادتها في المفعول . و قال الفراء و تبعه الزمخشري و غيره ان احسن امر لكل احد بأن يجعل زيدا حسنا ، و انما يجعله كذلك بأن يصفه بالحسن فكأنه قيل : صفه بالحسن كيف شئت فانّ فيه منه كلّ ما يمكن أن يكون في شخص كما قال الشاعر : و قد وجدت مكان القول ذا سعة فان وجدت لسانا قائلا فعل [ 279 ] و هذا معنى مناسب للتعجّب بخلاف تقدير سيبويه و أيضا همزة الجعل أكثر من همزة صار كذا و ان لم يكن شي‏ء منهما قياسا مطردا ، و على ذلك فهمزة أحسن به للجعل كهمزة ما أحسن و الباء مزيدة في المفعول و هو كثير مطرد هذا . و إنما لم يجمع لفظ أقرب مع كون المقصود بالخطاب غير مفرد ، لأنّ فعل التعجّب لا يتصرّف فيه فلا يقال أحسنا و أحسنوا و أحسنى و إن خوطب به مثنّى أو مجموع أو مؤنّث ، و سهل ذلك انمحاء معنى الأمر فيه اريد به محض انشاء التعجّب و لم يبق فيه معنى الخطاب حتّى يثنّى أو يجمع أو يؤنّث . ثمّ إنّه يجب أن يكون المتعجّب منه مختصّا فلا يقال ما أحسن رجلا ، لعدم الفائدة فان خصّصته بوصف نحو رجلا رأيناه في موضع كذا جاز ، و لذلك أتى بالجملة الوصفية أعنى قوله قائدهم معاوية بعد قوله بقوم ، لئلاّ يخلو عن الفائدة ، فالجملة على ذلك في محلّ الجرّ على الصفة فافهم ذلك كلّه و اغتنم . المعنى اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام كما نبّه عليه السيّد ( ره ) وارد في ذمّ أصحابه و التوبيخ لهم ، و الأشبه أنه عليه السّلام قاله بعد التّحكيم و انقضاء أمر الحكمين تقريعا لأصحابه على القعود عن قتال معاوية ، فافتتح كلامه بحمد اللّه تعالى و ثنائه على ما جرى عليه سيرته في أغلب كلماته الواردة في مقام الخطابة فقال : ( الحمد للّه على ما قضا من أمر و قدر من فعل ) يحتمل أن يريد بقوله قضا و قدر معنى واحدا و كذلك الأمر و الفعل فيكونان مترادفين كالفعلين ، و أن يريد بالقضاء الحكم الالهى بوجود الأشياء ، و بعبارة اخرى هو عالم الأمر و لذا فسّره بقوله : من أمر ، و بالقدر ما قدره من الخلق و الايجاد و بعبارة اخرى هو عالم الخلق و لذا بيّنه بقوله : من فعل ، فيكون المعنى الثناء للّه على قضائه و قدره أى على أمره و فعله أو على ما قضاه و قدره على مقتضياته من الأوامر و الأحكام ، و على مقدراته من الصنايع و الأفعال و قد مضى تفصيل الكلام مشبعا في معنى القضاء و القدر في شرح الفصل [ 280 ] التاسع من الخطبة الأولى . و أقول هنا : إنّ قوله عليه السّلام هذا مؤيّد لما ذهب إليه اتباع الاشراقيّين من أنّ القضاء عبارة عن وجود الصور العقلية لجميع الموجودات فايضة عنه تعالى على سبيل الابداع دفعة بلا زمان ، لكونها عندهم من جملة العالم و من أفعال اللّه تعالى المباينة و ذاتها لذاته ، خلافا لاتباع المشّائين كالشيخ الرئيس و من يحذو حذوه فانه عندهم عبارة عن صور علمية لازمة لذاته بلا جعل و تأثير و تأثّر ، و ليست من أجزاء العالم ، إذ ليست لها جهة عدمية و لا إمكانات واقعية . و أمّا القدر فهو عبارة عن وجود صور الموجودات في العالم السماوى على الوجه الجزئي مطابقة لما في موادّها الخارجية الشخصيّة مستندة إلى أسبابها و عللها لازمة لأوقاتها المعيّنة و أمكنتها المشخّصة هذا . و على ما استظهرناه من ورود هذا الكلام عنه عليه السّلام بعد التحكيم فيجوز أن أن يراد بما قضاه و قدره خصوص ما وقع من أمر الحكمين و إفضاء الأمر إلى معاوية ، فإنّ كل ما يقع في العالم فلا يكون إلاّ بقضاء من اللّه و قدر ، فيكون مساق هذا الكلام مساق قوله عليه السّلام في الخطبة الخامسة و الثلاثين : الحمد للّه و ان أتى الدّهر بالخطب الفادح و الحدث الجليل . فان قلت : فما معنى حمده على وقوع هذا الأمر مع أنه ليس نعمة موجبة للثناء قلت : اللاّزم على العبد الكامل في مقام العبوديّة و البالغ في مقام العرفان أن يحمد اللّه على بلاء اللّه سبحانه كما يحمد على نعمائه حسبما عرفت توضيحه في شرح قوله : نحمده على آلائه كما نحمده على بلائه في الخطبة المأة و الاحدى و الثلاثين ، و لما كان وقوع ما وقع بليّة له عليه السّلام في الحقيقة لا جرم حمد اللّه سبحانه على ذلك . و يفيد ذلك أيضا قوله ( و على ابتلائى بكم ) خصوصا ما يروى في بعض النسخ على ما ابتلانى بكم ( أيّتها الفرقة التى إذا أمرت لم تطع و اذا دعوت لم تجب ) و الاتيان بالموصول لزيادة التقرير أعنى تقرير الغرض المسوق له الكلام ، فانه لما بيّن ابتلائه بهم إجمالا عقّبه بتفصيل جهات الابتلاء ، و هو كونهم مخالفين له في [ 281 ] جميع الأحوال متمرّدين عن طاعته عند الأمر بالقتال ، متثاقلين عن إجابته عند الدّعوة إلى الحرب و الجدال . ( إن امهلتم ) و عن بعض النسخ إن اهملتم أى تركتم على حالكم ( خضتم ) في لهو الحديث و فى الضلالة و الأهواء الباطلة ( و إن حوربتم خرتم ) أى ضعفتم و جبنتم أو صحتم ضياح الثور ، و عن بعض النسخ جرتم بالجيم أى عدلتم عن الحرب فرارا ( و إن اجتمع الناس على إمام ) أراد به نفسه ( طعنتم ) على المجتمعين ( و إن اجبتم الى مشاقة ) عدوّ أى مقاطعته و مصارمته ( نكصتم ) على أعقابكم و رجعتم محجمين ( لا أبا لغيركم ) دعاء بالذّل و فيه نوع تلطّف لهم حيث قال لغيركم و لم يقل لكم ( ما تنتظرون ) استفهام على سبيل التقريع و التوبيخ أى أىّ شى‏ء تنتظرونه ( بنصركم ) أى بتأخير نصرتكم لدين اللّه ( و ) بتأخير ( الجهاد على حقكم ) اللاّزم عليكم و هو إعلاء كلمة اللّه ( الموت أو الذّل لكم ) قال الشارح المعتزلى : دعاء عليهم بأن يصيبهم أحد الأمرين كأنّه شرع داعيا عليهم بالفناء الكلّى و هو الموت ثمّ استدرك فقال أو الذّل ، لأنّه نظير الموت في المعنى لكنه في الصّورة دونه ، و لقد اجيب دعائه عليه السّلام بالدعوة الثانية فانّ شيعته ذلّوا بعده في الأيام الأمويّة . أقول : و قد مضي له معني آخر في بيان الاعراب و على ذلك المعني ففيه اشارة إلى أنّ تأخير الجهاد إمّا مؤدّ إلى الموت على الفراش أو الذّل العظيم على سبيل منع الخلوّ ، و أهل الفتوّة و المروّة لا يرضي بشي‏ء منهما ، و القتل بالسيف في الجهاد عندهم ألذّ و أشهى كما مرّ بيانه في شرح المختار المأة و الثاني و العشرين . ثمّ اقسم بالقسم البارّ بأنه إذا جاء موته ليكون مفارقته لهم عن قلى و بغض فقال ( فو اللّه لئن جاء يومي ) الموعود ( و ليأتينّى ) جملة معترضة أتي بها لدفع ايهام خلاف المقصود . بيان ذلك أنّ لفظة إن و إذا الشرطيّتين تشتركان في إفادة الشرط في الاستقبال لكن أصل إن أن يستعمل في مقام عدم الجزم بوقوع الشرط و أصل إذا أن يستعمل في مقام الجزم بوقوعه ، و لذلك كان الحكم النادر الوقوع موقعا لان لكونه غير مقطوع [ 282 ] به في الغالب ، و الحكم الغالب الوقوع موردا لاذا و غلب لفظ الماضي معها لدلالته على الوقوع قطعا نظرا إلى نفس اللفظ و إن نقل ههنا الى معني الاستقبال قال سبحانه مبيّنا لحال قوم موسى عليه السّلام : « فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه و إن تصبهم سيّئة يطيّروا بموسى و من معه » جى‏ء في جانب الحسنة بلفظ الماضي مع إذا لأنّ المراد الحسنة المطلقة التي وقوعها مقطوع به و لذلك عرفت بلام الجنس لأنّ وقوع الجنس و الماهية كالواجب لكثرته و وسعته ، و في جانب السيئة بلفظ المضارع مع إن لندرتها و قلّتها و لذلك نكرت لدلالة التنكير على التقليل . اذا عرفت ذلك فنقول : إنّ موته عليه السّلام لما كان أمرا محقّقا معلوم الوقوع كان المقام مقتضيا للاتيان باذا ، لكنه أتى بان الموهمة لعدم جزمه عليه السّلام به . فاستدرك ذلك أوّلا بالعدول في الشرط عن الاستقبال إلى الماضي حيث قال : جاء يومي و لم يقل يجى‏ء إبرازا لغير الحاصل في معرض الحاصل و كون ما هو للوقوع كالواقع بقوّة أسبابه المعدّة له مع ما فيه من إظهار الرغبة و الاشتياق الى حصول الشرط ، فانّ الطالب إذا عظمت رغبته في حصول أمر يكثر تصوّره إياه فربما يخيل ذلك الأمر إليه حاصلا فيعتبر عنه بلفظ الماضي . و استدركه ثانيا بقوله : و ليأتينّي ، فنبّه عليه السّلام بهذين الاستدراكين على أنّه جازم بمجي‏ء يومه الموعود قاطع به و أنّ مجيئه قريب الوقوع و هو مشتاق اليه و أشدّ حبّا له من الطفل بثدى امّه كما صرّح به في غير واحدة من كلماته ، و هذا من لطايف البلاغة و محسّناتها البديعة الّتي لا يلتفت إليها إلاّ مثله عليه السّلام هذا . و قوله ( ليفرقنّ بيني و بينكم و أنا بصحبتكم قال ) يعني إذا جاء مماتى يكون فارقا بيننا و الحال أنى مبغض لكم مستنكف عن مصاحبتكم ( و بكم غير كثير ) أى غير كثير بسببكم قوّة و عدة لأنّ نسبتكم إلىّ كالحجر في جنب الانسان لا أعوان صدق عند مبارزة الشجعان ، و لا إخوان ثقة يوم الكريهة و مناضلة الأقران ( للّه أنتم ) أى للّه درّكم و هو دار و في مقام التعجّب و المدح تلطفا قال العلاّمة المجلسي ره : و لعلّه للتعجّب على سبيل الذمّ . [ 283 ] أقول : إن أراد انفهام الذمّ منه بقرينة المقام فلا بأس و إلاّ فهو خلاف ما اصطلحوا عليه من استعمالها في مقام المدح حسبما عرفته تفصيلا في شرح الاعراب . و قوله ( أما دين يجمعكم و لا حميّة تشحذكم ) أى تحددكم في معنى الطلب و الترغيب على الاجتماع على الدّين و ملازمة الحميّة سواء جعلنا أما حرف عرض و تحضيض أو الهمزة للاستفهام التوبيخي أو التقريرى و ما حرف نفي . أمّا على الأول فواضح لأنّ معني التحضيض في المضارع هو الحضّ على الفعل و الطلب له فهو فيه بمعنى الأمر و قلّما يستعمل فيه إلاّ في موضع التوبيخ و اللّوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب قبل أن يطلب . و أمّا على جعل الهمزة للانكار التوبيخى فكذلك لاقتضائه وقوع ما بعدها و كون فاعله ملوما و لوم المخاطبين و توبيخهم على عدم الدّين و ترك الحميّة مستلزم لطلب الدّين و الحميّة منهم . و أمّا على جعلها للتقرير فلأنّ معني التقرير هو حمل المخاطب على الاقرار بأمر قد استقرّ عنده ثبوته أو نفيه ، و المراد هنا التقرير بما بعد النفي أى تقرير المخاطبين و حملهم على الاعتراف بالدّين الجامع و الحميّة الشاحذة و حملهم على الاعتراف بذلك في معنى طلبه منهم و حملهم عليهم حتى لا يكونوا كاذبين . و إلى ذلك ينظر ما قاله العلاّمة التفتازاني : من أنّ العرض مولد من الاستفهام أى ليس بابا على حدة ، فالهمزة فيه همزة الاستفهام دخلت على النفي و امتنع حملها على حقيقة الاستفهام لأنه يعرف عدم النزول مثلا فالاستفهام عنه يكون طلبا للحاصل فتولد منه بقرينة الحال عرض النزول على المخاطب و طلبه ، و هي في التحقيق همزة الانكار ، أى لا ينبغي لك أن لا تنزل 1 و إنكار النفي إثبات . و فيه أيضا و من مجي‏ء الهمزة للانكار « أ ليس اللّه بكاف » ، أى اللّه كاف عبده ، لأنّ إنكار النفي نفي له و نفي النفي إثبات ، و هذا المعني مراد من قال : إنّ الهمزة للتقرير بما بعد النفي النفي لا بالنفي ، و هكذا أ لم نشرح لك صدرك ، و أ لم يجدك يتيماً ، و ما ----------- ( 1 ) اى ألا تنزل بنا ، م [ 284 ] أشبه ذلك ، فقد يقال : إنّ الهمزة للانكار و قد يقال إنها للتقرير و كلاهما حسن انتهى . و من ذلك علم أنّ الهمزة في قوله ( أو ليس عجبا ) أيضا تحتمل الانكار و التقرير كالجملة السابقة إلاّ أنّ بينهما فرقا ، و هو أنّ الانكار في السابق للتوبيخ و هنا للابطال ، و مقتضاه أن يكون ما بعده غير واقع و مدعيه كاذبا فيكون مفاده إنكار عدم العجب و أنّ من ادّعى عدمه فهو كاذب و يلزمه ثبوت العجب لأنّ نفي النفي إثبات كما مرّ في نحو : أ ليس اللّه بكاف عبده ، و أمّا على كونها للتقرير فلا فرق بينهما لأنها هنا أيضا للتقرير بما بعد النفي أى حملهم على الاقرار بثبوت العجب . و على أىّ تقدير فالمقصود من الكلام بقرينة الحال و المقام حثّهم على رفع ما أوجب التعجّب عن قبلهم و هو تفرّقهم عنه و اختلافهم عليه . كما أشار إلى تفصيله بقوله ( إنّ معاوية يدعو الجفاة الطعام ) أى الأراذل و الأوغاد من الناس ( فيتّبعونه ) و يجيبون دعوته ( على غير معونة و لا عطاء ) قال الشارح المعتزلي : الفرق بينهما انّ المعونة إلى أنجد شى‏ء يسير من المال يرسم لهم لترميم أسلحهتم و إصلاح دوابهم و يكون ذلك خارجا عن العطاء المفروض شهرا فشهرا و العطاء المفروض شهرا فشهرا يكون شيئا له مقدار يصرف في أثمان الأقوات و معونة العيال و قضاء الدّيون . فان قلت : كيف يجتمع قوله فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء بما هو المعروف من بذل معاوية و أنه يمدّ جيشه بالأموال و الرغايب . قلت : قد أجاب عنه الشارح المعتزلي بأنّ معاوية لم يكن يعطى جنده على وجه المعونة و العطاء ، و إنما كان يعطي رؤساء القبايل من اليمن و ساكني الشام الأموال الجليلة تستعبدهم بها و يدعو أولئك الرؤساء أتباعهم من العرب فيطيعونه ، فمنهم من يطيعهم حمية و منهم من يطيعهم دينا للطلب بدم عثمان ، و لم يكن يصل إلى هولاء الأتباع من أموال معاوية قليل و لا كثير ، و أما أمير المؤمنين فانه كان يقسم بين الرؤساء و الاتباع على وجه العطاء و الرزق لا يرى شريف على مشروف فضلا [ 285 ] و إلى ذلك أشار بقوله ( و أنا أدعوكم و أنتم تريكة الاسلام و بقيّة ) المسلمين من ( النّاس ) لا يخفى ما في الاتيان بهذه الجملة من النكتة اللّطيفة و هو الالهاب لهم و التهييج على المتابعة و استعار لهم لفظ التريكة لكونهم خلف الاسلام و بقيّته كالتريكة التي يتركها النعامة ، أى أدعوكم مع كونكم خلف الاسلام و بقيّة السلّف و أولى النّاس بالقيام على مراسمه و بسلوك نهج الاسلاف ( إلى المعونة أو طائفة من العطاء فتفرّقون عنّي ) و تقاعدون ( و تختلفون علىّ ) و لا تجتمعون . و عمدة أسباب التفرّق و التقاعد هو ما أشرنا إليه هنا إجمالا و قدّمناه في شرح الخطبة الرابعة و الثلاثين تفصيلا من تسويته عليه السّلام في العطاء بين الشريف و الوضيع و الرّئيس و المرؤوس و الموالي و العبيد ، فكان الرؤساء من ذلك واجدين في أنفسهم فيخذلونه باطنا و ينصرونه ظاهرا ، و إذا أحسّ الاتباع بتخاذل الرّؤساء تخاذلوا أيضا فلم يكن يجد عليه السّلام لما أعطى الاتباع من الرّزق ثمرة ، لأنّ قتال الأتباع لا يتصوّر وقوعه مع تخاذل الرّؤساء فكان يذهب ما يعطيهم ضياعا ، هذا . و قد تحصّل من قوله عليه السّلام أو ليس عجبا ، إلى قوله : تختلفون على أنّ منشأ تعجّبه عليه السّلام أمور : أوّلها أنّ داعيهم معاوية إمام القاسطين و داعي هؤلاء أمير المؤمنين إمام المتّقين و الأوّل يدعوهم إلى درك الجحيم و الثّاني يدعوهم إلى نضرة النعيم . و ثانيها أنّ المدعوّ هناك الأوغاد الطغام مع خلوّهم غالبا عن الغيرة و الحميّة و ههنا تريكة الاسلام و بقيّة أهل التقوى و المروّة . و ثالثها متابعة الأوّلين على إمامهم من غير معونة و لا عطاء و مخالفة الآخرين لامامهم مع المعونة و العطاء . ثمّ أشار إلى مخالفتهم له عليه السّلام في جميع الأحوال فقال ( إنه لا يخرج إليكم من أمرى رضا فترضونه و لا سخط فتجتمعون عليه ) أى لا يخرج إليكم من أمرى شي‏ء من شأنه أن يرضى به كالمعونة و العطاء فترضونه أو من شأنه أن يسخط منه كالحرب و الجهاد لكراهة الموت و حبّ البقاء فتجتمعون عليه ، بل لا بدّ لكم من [ 286 ] المخالفة و التفرّق على الحالين أى لا تقبلون من أمرى و ما أقول لكم شيئا سواء كان فيه الرّضا أو السخط . ثمّ قال ( و إنّ أحبّ ما أنالاق إلىّ الموت ) أى أحبّ الأشياء إلىّ لقاء الموت قال الشارح المعتزلي : و هذه الحال الّتي ذكرها أبو الطيّب فقال : كفى بك داء أن ترى الموت شافيا و حسب المنايا أن يكنّ أمانيا تمنّيتها لما تمنّيت أن أرى صديقا فأعيا أو عدوّا مراجيا ثمّ أشار عليه السّلام إلى جهة محبّته للقاء الموت و كراهته لصحبتهم ، و هو تثقالهم من إجابة الحقّ و عدم قبولهم لمواعظه و نصايحه ، و ذلك معنى قوله : ( قد دارستكم الكتاب ) أى قرأته عليكم للتعليم و قرأتم علىّ للتعلّم ( و فاتحتكم الحجاج ) أى حاكمتكم بالمحاجّة و المجادلة ( و عرفتكم ما أنكرتم ) أى عرفتكم ما كانت منكرة مجهولة عندكم من طريق الصّلاح و السّداد و ما فيه انتظام أمركم في المعاش و المعاد ( و سوّغتكم ما مججتم ) أى أعطيتكم من الأرزاق و الأموال ما كنتم محرومين عنها فاستعار لفظ التسويغ للاعطاء ، و الجامع سهولة التناول كما استعار لفظ المجّ و هو اللّفظ من الفم للحرمان ، و الجامع امتناع الانتفاع . و قوله ( لو كان الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ ) أى لو كان الأعمى يلحظ لأبصرتم ، و لو كان النائم يستيقظ لانتبهتم ، و هو تعريض عليهم بأنّ لهم أعينا لا يبصرون بها ، و آذانا لا يسمعون بها ، و قلوبا لا يفقهون بها ، فهم صمّ بكم عمى و هم لا يعقلون ثمّ تعجّب من حال أهل الشام و متابعتهم على معاوية فقال ( و أقرب بقوم ) قد مرّ لطف هذه اللّفظة و افادتها للمبالغة في التعجّب في بيان الاعراب أى ما أشدّ قرب قوم ( من الجهل باللّه ) و بشرايعه و بأحكامه ( قائدهم معاوية ) المنافق بن الكافر ( و مؤدّبهم ) و مشيرهم ( ابن النابغة ) الغادر الفاجر ، و أراد به عمرو بن العاص اللّعين و طوى عن ذكر اسمه تحقيرا و تعريضا على خسّته و دنائته ، و قدحا في نسبه على ما عرفته تفصيلا في شرح المختار الثالث و الثمانين . [ 287 ] الترجمة از جمله كلام بلاغت نظام آن امام أنام است عليه الصّلاة و السّلام در مذمّت أصحاب خود ميفرمايد : حمد و ثنا ميكنم معبود بحق را بر آنچه قضا فرمود از هر أمر و تقدير كرد از هر فعل ، و بر امتحان شدن من بشما اى گروهى كه چون أمر مى‏كنم مرا اطاعت نمينمائيد ، و اگر دعوت بكنم اجابت نميكنيد ، و اگر مهمل گذاشته شويد يا مهلت داده شده باشيد غوص ميكنيد در لغو و باطل ، و اگر محاربه كرده شويد ضعيف ميباشيد يا صدا ميكنيد مثل صداى گاو ، و اگر جمعيت نمايند مردم بر امامي طعنه ميزنيد يا اينكه مفارقت مينمائيد ، و اگر خوانده شويد يا ملجأ شويد بسوى مشقّت يعني محاربه باز ميگرديد . بى‏پدر باشد غير شما چه انتظار ميكشيد با تأخير يارى كردن و مجاهده نمودن بر حق خودتان ، مرگ يا ذلّت باد از براى شما ، پس سوگند بخدا اگر بيايد روز وفات من و البته خواهد آمد هر آينه جدائى ميأندازد ميان من و ميان شما در حالتيكه من دشمن گيرنده باشم صحبت شما را ، و در حالتيكه من بسبب شما صاحب كثرت قوّت و زيادتي شوكت نميباشم ، از براى خدا است خير شما آيا نيست دينى كه جمع نمايد شما را ، آيا نيست حميّت غيرتي كه باعث حدّت شما بشود ، آيا نيست عجيب اينكه معاويه دعوت ميكند جفا كاران و فرومايگان را پس متابعت ميكنند بر او بدون اينكه جيره و مواجبي بآنها بدهد ، و من دعوت ميكنم شما را در حالتى كه شما پس مانده اسلام و بقيه مردمان هستيد بسوى معونت يا طائفه از عطاء پس متفرّق ميشويد و اختلاف ميورزيد بر من . بدرستيكه خارج نميشود بسوى شما از امر من چيزيكه متضمّن رضا و خوشنوديست پس خوشنود بشويد از آن ، يا چيزى كه متضمّن سخط و خشم است پس اجتماع نمائيد بر آن ، و بدرستى كه دوست‏ترين چيزى كه من ملاقات كننده‏ام بسوى من مرگ است ، بتحقيق كه من درس گفتم شما را كتاب خدا را و محاكمه [ 288 ] كردم با شما با اجتماع و شناساندم شما را چيزى را كه نميدانستيد ، و گوارا ساختم از براى شما چيزى را كه از دهان انداخته بوديد اگر نابينا ميديد يا اينكه خواب كننده بيدار ميشد ، چه قدر نزديك است قومى از جهالت بخدا كه پيشواى ايشان معاويه است و أدب دهنده ايشان پسر زن زناكار كه عبارت است از عمرو بن عاص بي‏دين .