جستجو

و من كلام له ع في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة و ليس لذلك بأهل و فيها أبغض الخلائق إلى

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام فى صفة من يتصدى للحكم بين الامة و ليس لذلك باهل و هو السابع عشر من المختار في باب الخطب الجارى مجراها هذا الكلام الشّريف رواه المفيد في الارشاد من ثقات أهل النقل عند الخاصّة [ 247 ] و العامّة ، و الطبرسيّ أيضا في الاحتجاج مرسلا عنه عليه السّلام كالكتاب ، و ثقة الاسلام الكليني قدّس اللّه روحه في باب البدع و الرّأى و المقاييس من اصول الكافي مسندا تارة و مرفوعا اخرى حسبما تعرفه ، و أمّا ما ذكره الرّضيّ قدّس سرّه فهو أنّه قال : إنّ أبغض الخلق الى اللّه رجلان : رجل و كله اللّه إلى نفسه ، جائر عن قصد السّبيل مشغوف بكلام بدعة ، و دعاء ضلالة فهو فتنة لمن افتتن به ، ضالّ عن هدى من كان قبله ، مضلّ لمن اقتدى به في حيوته و بعد وفاته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته ، و رجل قمش جهلا موضع في جهّال الامة ، غارّ في أغباش الفتنة ، عم بما في عقد الهدنة ، قد سمّاه أشباه النّاس عالما و ليس به ، بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر ، حتّى إذا ارتوى من آجن ، و اكتنز من غير طائل ، جلس بين النّاس قاضيا ، ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيّألها حشوا رثّا من رأيه ، ثمّ قطع به ، فهو من لبس الشّبهات مثل نسج العنكبوت ، لا يدري أصاب أم أخطأ ، فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب ، جاهل خبّاط جهالات ، عاش ركّاب عشوات ، لم يعضّ على العلم بضرس قاطع ، يذري الرّوايات إذ راء الرّيح الهشيم ، لا ملي و اللّه بإصدار ما ورد عليه ، و لا هو أهل لما فوّض إليه ، لا [ 248 ] يحسب العلم في شي‏ء ممّا أنكره ، و لا يرى أنّ من وراء ما بلغ منه مذهبا لغيره ، و إن أظلم عليه أمر اكتتم به ، لما يعلم من جهل نفسه ، تصرخ من جور قضائه الدّماء ، و تعجّ منه المواريث ، إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا ، و يموتون ضلاّلا ، ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلى حقّ تلاوته ، و لا سلعة أنفق بيعا ، و لا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه ، و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر . اللغة ( وكله ) إلى نفسه بالتخفيف يكله و كلا و وكولا تركه و نفسه و ( الجائر ) باعجام الأوّل أو باعجامهما و في بعض نسخ الكافي بالمهملتين و المعاني متقاربة أى عادل أو متجاوز أو حيران ( عن قصد السبيل مشغوف ) بالغين المعجمة و في بعض النّسخ بالمهملة و بهما قرء قوله تعالى : قد شغفها حبّا و على الأوّل فهو مأخوذ من شغاف القلب أى حجابه أو سويداه ، و على الثّاني من الشّعف و هو شدّة الحبّ و إحراقه القلب و ( البدعة ) اسم من ابتدع الأمر إذا أحدثه كالرّفعة من الارتفاع و الخلفة من الاختلاف و ( الهدى ) بفتح الأوّل و سكون الثّاني الطريقة و السّيرة أو بالضمّ و القصر و هو الرّشاد و ( رهن ) و في بعض النّسخ رهين أى مأخوذ و ( القمش ) جمع الشي‏ء من ههنا و ههنا و ( موضع ) بضمّ الميم و كسر الضاد مسرع من وضع البعير أسرع و أوضعه راكبه فهو موضع به أى أسرع به و ( غار ) بالغين المعجمة و الرّاء المهملة المشدّدة أى غافل و في بعض النّسخ عاد بالعين و الدّال المهملتين من العدو بمعنى السّعى أو من العدوان ، و في أكثر نسخ الكافي عان بالعين و النّون من [ 249 ] قولهم عنى فيهم اسيرا أى أقام فيهم على اسارة و احتبس و عناه غيره حبسه ، و العاني الأسير او من عنى بالكسر بمعنى تعب أو من عني به فهو عان اشتغل و اهتمّ به ، و ( الأغباش ) جمع غبش كسبب و أسباب و هو ظلمة آخر اللّيل ، و في بعض النّسخ أغطاش الفتنة ، و الغطش أيضا الظلمه . و عمى عما كرضى ذهب بصره كلّه فهو أعمى و ( عم ) و هي عمياء و عمية و العمى أيضا ذهاب بصر القلب و البكرة و البكور هو الصّباح و ( بكّر ) و بكر بالتّشديد و التّخفيف إذا دخل فيه و كثيرا ما يستعملان في المبادرة و الاسراع إلى شي‏ء في أىّ وقت كان ، و منه الحديث بكّروا بصلاة المغرب أى صلّوها عند سقوط القرص و روى من الماء بالكسر و ( ارتوى ) امتلا من شربه و الماء ( الآجن ) المتغيّر الطعم و اللّون و ( اكتنز ) من الاكتناز و هو الاجتماع و في بعض النّسخ و أكثر و هو الظاهر . و ( التخليص ) التّبيين و هو قريب من التّلخيص أو هما واحد و ( الحشو ) فضل الكلام و ( الرّث ) بفتح الرّاء و التّشديد الخلق ضدّ الجديد و ( عاش ) خابط في ظلام و ( العشوة ) بتثليث الأوّل الأمر الملتبس الذي لا يعرف وجهه مأخوذة من عشوة الليل أى ظلمته ( و ذرت ) الريح الشي‏ء ذروا و أذرته إذ راء أطارته و قلبته و ( الهشيم ) النّبت اليابس المنكسر و في بعض الرّوايات يذر و الرّوايات ذرو الريح و في بعضها يذري الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم ، و توجيهه مع كون الذّرو مصدر يذر و لا يذري هو كونهما بمعنى واحد حسبما عرفت فصحّ إقامة مصدر المجرّد مقام مصدر المزيد ( و الملي‏ء ) بالهمزة الثقة الغني قال الجزري : قد أولع النّاس بحذف الهمزة و تشديد الياء و ( يحسب ) إمّا بكسر السّين من الحسبان ، و إمّا بالضمّ من الحساب و ( العجّ ) رفع الصّوت و ( السّلعة ) بالكسر المتاع و ( أبور ) أفعل من البور و هو الفاسد و بار الشّي‏ء فسد و بارت السّلعة كسدت و لم ينفق ، و هو المراد ههنا و أصله الفساد أيضا و ( نفق ) البيع إذا راج . [ 250 ] الاعراب قوله بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر روى من جمع منوّنا و بغير تنوين أمّا بالتّنوين فيحتمل كونه بمعنى المفعول أى من مجموع و كونه على معناه الحقيقي المصدرى و على كلّ تقدير فما موصولة مبتداء و خير خبره و قلّ صلتها و فاعل قلّ ضمير مستكن عايد إلى الاستكثار المفهوم من استكثر و ضمير منه عايد إلى الموصول و الجملة مجرورة المحلّ لكونها بدلا للجمع ، و أمّا بدون التّنوين فالموصوف محذوف و هو المضاف إليه أى من جمع شي‏ء الذي قلّ منه خير ، فما على ذلك موصولة و يحتمل كونها مصدرية أى من جمع شي‏ء قلّته خير من كثرته . و قيل إنّ جمع مضاف إلى ما و المحذوف هو ان المصدريّة بعدها ، و قلّ مبتداء بتقديرها على حدّ و تسمع بالمعيدى خير من أن تراه ، أى من جمع ما أن أقلّ منه أى قلّته خير ، و في رواية الكافي بكّر فاستكثر ما قلّ منه خير ، و قوله : و اكتنز من غير طائل اسناد اكتنز إلى فاعله و هو الرّجل الموصوف إمّا على سبيل المجاز أو في الكلام تقدير أى اكتنز له العلوم الباطلة ، و على ما في بعض النّسخ من قوله : فاكثر من غير طائل لا يحتاج إلى تكلّف ، و ضامنا إمّا صفة لقاضيا أو حال بعد حال . المعنى اعلم أنّ البغض كالحبّ الذي هو ضدّه لمّا كان من صفات النّفس أعني نفار النّفس عن الشي‏ء و كان إسناده إليه سبحانه محالا لا جرم ينبغي أن يراد به حيثما اسند إليه معناه المجازي أعني سلب الفيض و الاحسان و هذا المعنى هو المراد بقوله عليه السّلام : ( انّ أبغض الخلائق إلى اللّه رجلان ) مما زجان بين الحقّ و الباطل متشبّثان بذيل الشّبهات و الجهالات يحسبان أنّها من علوم الدّين و مراتب اليقين . و إنّما كانا أبغض الخلايق باعتبار أنّ ضررهما النّاشي من جهالتهما بأمر الدّين لم يكن راجعا إلى أنفسهما فقط ، بل متعدّيا إلى الغير و ساريا إلى الأتباع و باقيا في الأعقاب إلى يوم القيامة فكانا مع ضلالتهما في نفسهما مضلّين لغيرهما عن [ 251 ] سلوك جادّة اليقين و تحصيل معارف الدّين ، فلذلك كانا أبغض الخلائق . و كيف كان فأحمد الرّجلين ( رجل و كله اللّه إلى نفسه ) أى فوّض إليه أمره و خلاه و نفسه و جعل و كوله و اعتماده عليها لظنّه الاستقلال في نفسه على القيام بمصالحه و زعمه القدرة على تحصيل المراد و الوصول إليه بالرأى و القياس و الاستحسانات الفاسدة التي لا أصل لها ، و الرّوايات التي لم تؤخذ من مأخذها فلا جرم أفاض اللّه عليه صورة الاعتماد على نفسه فيما يريده من امور الدّين و قوانين الشّرع المبين فلم يدر أنّه هلك في أىّ واد : « وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ » و حيث إنّه كان اعتماده عليه ( فهو جائر عن قصد السّبيل ) و مائل عن طريق الحقّ و ضالّ عن الصّراط المستقيم و واقع في طرف الافراط من فضيلة العدل قريب من الشّر بعيد عن الخير كما ورد في بعض الأدعية : و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، فانك ان وكلتني إلى نفسى تقربني من الشرّ و تباعدني من الخير . و سرّ ذلك أنّ النّفس بالذّات مايلة إلى الشرّ فاذا سلبت عنها أسباب التوفيق و الهداية تاهت في طريق الضلالة و الغواية ( مشغوف بكلام بدعة و دعاء ضلالة ) أى دخل حبّ كلام البدعة و دعوته النّاس إلى الضلالة شغاف قلبه أى حجابه أو سويداه و على كونه بالعين المهملة فالمعنى أنّه غشى حبّها قلبه من فوقه إذ الشّعفة من القلب رأسه عند معلّق النّياط ، و هو عرق علق به القلب إذا انقطع مات صاحبه ، و على أىّ تقدير فالمقصود به كونه أشدّ حبّا و أفرط ميلا إلى كلامه الذي لا أصل له في الدّين و دعوته المضلّة عن نهج اليقين ، فهو من الأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحيوة الدّنيا فهم يحسبون أنّهم بحسنون صنعا . كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النّار و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيضا في رواية الكافي : أبى اللّه لصاحب البدعة بالتّوبة ، قيل : يا رسول اللّه و كيف ذلك ؟ قال : إنّه قد اشرب قلبه حبّها [ 252 ] و لا بأس بتحقيق الكلام في معنى البدعة و قد عرفت معناها اللغوي و غلبت في العرف على ما هو زيادة في الدّين أو نقصان منه ، و قيل : كلّ ما لم يكن في زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فهو بدعة . و ردّه الأردبيلي بمنع الشّرطيّة و قال : البدعة هي كلّ عبادة لم تكن مشروعة ثمّ أحدثت بغير دليل شرعي أو دلّ دليل شرعيّ على نفيها فلو صلّى أو دعى أو فعل غير ذلك من العبادات مع عدم وجودها في زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فانّه ليس بحرام لأنّ الأصل كونها عبادة و لغير ذلك مثل الصّلاة خير موضوع و الدّعاء حسن انتهى ، و أنت خبير بما في تخصيصها بالعبادات لظهور عمومها لها و لغيرها . و التّحقيق فيها ما ذكره الشّهيد قده في القواعد قال في محكي كلامه : و محدثات الامور بعد عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تنقسم أقساما لا يطلق اسم البدعة عندنا إلاّ ما هو محرّم عندنا أوّلها الواجب كتدوين القرآن و السنّة إذا خيف عليها التفلّت من الصّدور فانّ التّبليغ للقرون الآتية واجب إجماعا و لا يتمّ إلاّ بالحفظ ، و هذا في زمن الغيبة واجب ، و أمّا في زمان ظهور الامام عليه السّلام لأنّه الحافظ لها حفظا لا يتطرّق إليه خلل و ثانيها المحرّم و هو كلّ بدعة تناولها قواعد التّحريم و أدلّته من الشريعة كتقديم غير المعصومين عليهم و أخذهم مناصبهم و استيثار ولاة الجور بالأموال و منعها مستحقّها و قتال أهل الحقّ و تشريدهم و إبعادهم و القتل على الظنّة و الالزام ببيعة الفسّاق و المقام عليها و تحريم مخالفتها و الغسل في المسح و المسح على غير القدم ، و شرب كثير من الأشربة ، و الجماعة في النّوافل و الأذان الثّاني يوم الجمعة ، و تحريم المتعتين ، و البغى على الامام و توريث الأباعد و منع الأقارب ، و منع الخمس أهله و الافطار في غير وقته إلى غير ذلك من المحدثات المشهورات ، و منها تولية المناصب غير الصّالح لها ببذل أو إرث أو غير ذلك . و ثالثها المستحبّ و هو ما تناولته أدلّة النّدب كبناء المدارس و الرّبط ، و ليس منه اتخاذ الملوك الاهبة ليعظموا في النّفوس اللّهمّ إلاّ أن يكون مرهبا للعدوّ . و رابعها المكروه ، و هو ما شملته أدلّة الكراهة كالزّيادة في تسبيح الزّهراء [ 253 ] عليها السّلام و ساير الموظّفات أو النقيصة منها و التنعّم في الملابس و المآكل بحيث يبلغ الاسراف بالنّسبة إلى الفاعل و ربّما أدّى إلى التّحريم إذا استضرّبه هو و عياله و خامسها المباح ، و هو الدّاخل تحت الأدلّة المباحة كنخل الدّقيق فقد ورد أوّل شي‏ء أحدثه النّاس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اتّخاذ المناخل لأنّ لين العيش و الرّفاهية من المباحات فوسيلته مباحة انتهى كلامه رفع مقامه . و قد تحصّل من ذلك أنّ البدعة عبارة عن محدثات الامور المحرّمة و أنّ الرّجل الموكول إلى نفسه الجائر عن قصد السّبيل قد شغف بها و بدعوته إلى الضلالة و من أجل ذلك كان سببا لضلالة من أجاب دعوته ( فهو فتنة لمن افتتن به ) و بلاء لمن اتبع له ( ضالّ عن هدى من كان قبله ) أى عن سيرة أئمة الدّين و طريقة أعلام اليقين الذين أخذوا العلوم الحقيقية و المعارف اليقينية بالهام الهيّ و إرشاد نبويّ ، و ذلك من حيث اغتراره بنفسه و اعجابه بكلامه و استقلاله برأيه و استغنائه بما اخترعه فهمه و ما ابتدعه و همه عن الرّجوع إليهم و العكوف عليهم . كما قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام 1 لعن اللّه أبا حنيفة كان يقول : قال عليّ و قلت أنا ، و قالت الصّحابة و قلت هذا و على كون هدى في كلامه عليه السّلام بضمّ الهاء و الألف المقصورة فالمراد به كونه ضالاّ عن الصّراط المستقيم مع وجود هدى قبله مأمور باتّباعه و هو كتاب اللّه و سنّة رسوله و أعلام هداه الحاملون لدينه ، لما أشرنا اليه من استبداده برأيه الفاسد و نظره الكاسد نظير ما صدر عن أبي حنيفة و نظرائه . كما حكاه الزّمخشري في ربيع الأبرار قال : قال يوسف بن أسباط : ردّ أبو حنيفة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أربعمأة حديث أو أكثر قيل : مثل ماذا ؟ قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : للفرس سهمان ، و قال أبو حنيفة : لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن و أشعر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أصحابه البدن ، و قال أبو حنيفة : الاشعار مثلة ، و قال ----------- ( 1 ) رواه فى الكافى فى باب البدع و الرأى ، منه . [ 254 ] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ، و قال أبو حنيفة اذا وجب البيع فقد لزم ، و كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا ، و قال أبو حنيفة : القرعة قمار انتهى ( مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته ) و ذلك لأنّ من كان ضالاّ في نفسه و مشعوفا بكلامه البدعة و دعاته الضّالّة لا بدّ أن يكون مضلاّ و سببا لا ضلال غيره في حال حياته و هو ظاهر ، و بعد مماته أيضا من حيث بقاء العقايد الباطلة و المذاهب الفاسدة المكتسبة عنه بعده ، ألا ترى كيف بقي مذهب أبي حنيفة و الشّافعي و أحمد بن حنبل و مالك و غيرها من المذاهب المبتدعة و الآراء المخترعة المضلّة إلى الآن ؟ و تبقى إلى ظهور صاحب الزّمان فتبعها جمع كثير و تضلّ بها جمّ غفير و لذلك صار هذا الرّجل المضلّ ( حمّال خطايا غيره ) كحمله خطايا نفسه حيث كان سببا لضلالته فهو ( رهن بخطيئته ) كما أنّه رهين بخطيئة غيره مأخوذ بها و معاقب عليها كما قال سبحانه : « لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيمَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذينَ يُضِلوُّنَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ » قال الفخر الرّازي : إنّه يحصل للرّؤسآء مثل أوزار الأتباع ، و السّبب فيه ما روى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال : أيّما داع دعا إلى الهدى فاتّبع كان له مثل أجر من اتّبعه لا ينقص من أجورهم شي‏ء ، و أيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع كان عليه مثل وزر من اتّبعه لا ينقص من آثامهم شي‏ء . و اعلم أنّه ليس المراد أنّه تعالى يوصل العقاب الذي يستحقّه الأتباع إلى الرّؤساء ، لأنّ هذا لا يليق بعدل اللّه و الدّليل عليه قوله تعالى : « وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى‏ » و قوله : « وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ » بل المعنى أنّ الرّئيس إذا وضع سنّة قبيحة عظم عقابه حتّى أنّ ذلك العقاب [ 255 ] يكون مساويا لكلّ ما يستحقّه كلّ واحد من الأتباع . قال الواحدى : لفظة من في قوله : و من أوزار الذين يضلّونهم ، ليست للتّبعيض لأنّها لو كانت للتّبعيض لخفف عن الأتباع بعض أوزارهم و ذلك غير جايز لقوله عليه السّلام من غير أن ينقص من أوزارهم شي‏ء ، و لكنّها للجنس أى ليحملوا من جنس أوزار الأتباع هذا . و لمّا فرغ من أوصاف أوّل الرّجلين أشار إلى ثانيهما و ذكر له أحدا و عشرين وصفا . الأوّل ما أشار إليه بقوله : ( و رجل قمش جهلا ) أى جمعه من أفواه الرّجال أو من الرّوايات الغير الثّابتة عن الحجّة أو ممّا اخترعه و همه بالقياس و الاستحسان و استعار لفظ الجمع المحسوس للمعقول بقصد الايضاح . الثّاني أنّه ( موضع في جهّال الامّة ) يعنى أنّه مسرع بين الجهّال أو أنّه مطرح فيهم وضيع ليس من أشراف النّاس على ما ذكره البحراني من كون وضع بفتح الضّاد ، و قال إنّه يفهم منه أنّه خرج في حقّ شخص معيّن و إن عمّه و غيره . الثّالث أنّه ( غار في أغباش الفتنة ) أى غافل في ظلمات الخصومات لا يهتدي إلى قطعها سبيلا ، و قد مرّ فيه وجوه أخر في بيان اللّغة . الرّابع أنّه ( عم بما في عقد الهدنة ) يعني أنّه عميت بصيرته عن ادراك مصالح المصالحة بين النّاس فهو جاهل بالمصالح مثير للفتن . الخامس أنّه ( قد سمّاه أشباه النّاس عالما و ليس به ) و المراد بأسباه النّاس العوام و الجهّال لخلوّهم عن معنى الانسانية و حقيقتها و هم يشبهون النّاس في الصّورة الظاهرة الحسية التي بها يقع التمايز على ساير الصّور البهيمية ، و لا يشبهون في الصّور الباطنية العقلية التي هي معيار المعارف اليقينية و العلوم الحقيقيّة ، فهؤلاء الأشباه لفقد بصائرهم و نقصان كمالاتهم ينخدعون بتمويه ذلك الرّجل و يزعمون من تلبّسه بزيّ العلماء أنّه عالم مع أنّه ليس بعالم [ 256 ] السّادس أنّه ( بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر ) يعني أنّه أسرع و بادر في كلّ صباح ، و هو كناية من شدة اهتمامه و طلبه في كلّ يوم أو في أوّل العمر إلى جمع شي‏ء فاستكثر منه ما قليله خير من كثيره ، أو قلّته خير من كثرته ، و المراد بذلك الشي‏ء إمّا زهرات 1 الدّنيا و أسبابها ، و يؤيّده مناسبته لما قبله يعني أنّه لم يطلب العلم و لكن طلب أسباب الدّنيا التي قليلها خير من كثيرها ، هذا إن كان جمعها على وجه الحلال و إلاّ فلا خير فيه أصلا ، و إمّا الشبهات المضلّة و الآراء الفاسدة و العقايد الباطلة و يؤيّده زيادة ارتباط ذلك بما بعده ، و على التّقديرين فيه تنبيه على غاية بعده عن الحقّ و العلم لرسوخ الباطل في طبعه و ثبوته في ذهنه . السّابع ما يترتّب على بكوره و استكثاره من جمع الشّبهات ، و هو ما أشار إليه بقوله : ( حتّى إذا ارتوى من آجن ) يعني حصل له الامتلاء من شرب الماء الآجن المتعفّن ( و اكتنز ) أى اجتمع له العلوم الباطلة ( من غير طائل ) و لا فائدة يتصوّر فيها ( جلس بين النّاس قاضيا ) استعار الآجن للشّبهات الفاسدة و الأفكار الباطلة و العلوم الحاصلة له من الاستحسانات و الاقيسة ، كما يستعار عن العلوم الحقيقية و المعارف اليقينية بالماء الصّافي الزّلال ، ثمّ و شح تلك الاستعارة بذكر الارتواء و جعل غايته المشار إليها من ذلك الاستكثار جلوسه بين النّاس قاضيا . الثّامن كونه ( ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ) لوثوقه من نفسه بفصل ما بين النّاس من الخصومات و المرافعات و ظنّه القابليّة لقطع المنازعات ، و منشأ ذلك الوثوق و الاطمينان هو زعمه أن العلوم الحاصلة له من آرائه الفاسدة و أقيسته الباطلة علوم كاملة كافية في تخليص الملتبسات و تخليص المشكلات مع أنّها ليست بذلك . التّاسع ما أشار إليه بقوله : ( فان نزلت به إحدى المبهمات هيّألها حشوا ----------- ( 1 ) زهرة الدنيا بهجتها و نضارتها و حسنها ق . [ 257 ] رثّا من رأيه ثمّ جزم به ) يعني أنّه إذا نزلت به إحدى المسائل المبهمة المشكلة الملتبس عليه وجه فصلها و طريق حلّها هيّأ لها كلاما لا طائل تحته و لا غناء فيه و أعدّ لحلّها وجها ضعيفا من رأيه ثمّ قطع به كما هو شأن أصحاب الجهل المركب . العاشر ما نبّه عليه بقوله : ( فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت ) نسج العنكبوت مثل للامور الواهية كما قال سبحانه : « و إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ » قال الشّارح البحراني : و وجه هذا التّمثيل أنّ الشّبهات التي تقع على ذهن مثل هذا الموصوف إذا قصد حلّ قضيّة تكثر فيلتبس على ذهنه وجه الحقّ منها فلا يهتدي له لضعف ذهنه ، فتلك الشبهات في الوها تشبه نسج العنكبوت ، و ذهنه فيها يشبه ذهن الذّباب الواقع فيه ، فكما لا يتمكّن الذّباب من خلاص نفسه من شباك العنكبوت لضعفه ، فكذا ذهن هذا الرّجل لا يقدر على التخلّص من تلك الشّبهات ، و قال المحدّث المجلسيّ بعد نقله كلام البحراني هذا : أقول : و يحتمل أيضا أن يكون المراد تشبيه ما يلبّس على النّاس من الشّبهات بنسج العنكبوت لضعفها و ظهور بطلانها لكن تقع فيها ضعفاء العقول فلا يقدرون على التّخلّص منها لجهلهم و ضعف يقينهم ، و الأوّل أنسب بما بعده . الحادي عشر أنّه ( لا يدري أصاب ) فيما حكم به ( أم أخطأ فان أصاب خاف أن يكون قد أخطأ و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب ) و خوف الخطاء مع الاصابة و رجاء الاصابة مع الخطاء من لوازم عدم الدّراية في الحكم و الافتاء . الثّانيعشر أنّه ( جاهل خبّاط جهالات ) أراد به أنّه جاهل بالأحكام كثيرا لخبط في جهلاته ، كنّى به عن كثرة أغلاطه التي يقع فيها في القضايا و الأحكام فيمشي فيها على غير طريق الحقّ من القوانين ، و ذلك معنى خبطه مأخوذ من خبط العشوآء و هي النّاقة التي في بصرها ضعف تخبط بيدها كلّ شي‏ء إذا مشت . الثّالث عشر أنّه ( عاش ركّاب عشوات ) يعني أنّ به عشاوة و سوء بصر بالليل [ 258 ] و النّهار و أنّه كثير الرّكوب على الامور الملتبسة المظلمة ، قال الشّارح البحرانيّ ره و هي إشارة إلى أنّه لا يستنتج نور الحقّ في ظلمات الشّبهات الاّ على ضعف و نقصان في نور بصيرته ، فهو يمشي فيها على ما يتخيّله دون ما يتحقّقه من الصّفة هذه ، أى و كثيرا ما يكون حاله كذلك و لمّا كان من شأن العاشي إلى الضّوء في الطرق المظلمة تارة يلوح له فيمشي عليه و تارة يخفى عنه فيضلّ عن القصد و يمشي على الوهم و الخيال كذلك حال السّالك في طرق الدّين من غير أن يستكمل نور بصيرته بقواعد الدّين و يعلم كيفيّة سلوك طرقه ، فانّه تارة يكون نور الحقّ في المسألة ظاهرا فيدركه و تارة يغلب عليه ظلمات الشّبهات فتعمى عليه الموارد و المصادر فيبقى في الظلمة خابطا و عن القصد جائرا . الرّابع عشر أنّه ( لم يعضّ على العلم بضرس قاطع ) و هو كناية عن عدم نفاذ بصيرته في العلوم و عدم اتقانه للقوانين الشّرعية لينتفع بها انتفاعا تامّا ، يقال فلان لم يعضّ على العلم بضرس قاطع إذا لم يحكمها و لم يتقنها ، و أصله أن الانسان يمضغ الطعام الذي هو غذاؤه ثمّ لا يجيّد مضغه لينتفع به البدن انتفاعا تامّا فمثل به من لم يحكم و لم يتقن ما يدخل فيه من المعقولات التي هو غذاء الرّوح لينتفع به الرّوح انتفاعا كاملا . الخامس عشر أنّه ( يذرى الرّوايات إذ راء الرّيح الهشيم ) اليابس من النّبات المنكسر و فيه تشبيه تمثيلي و وجه الشّبه صدور فعل بلا رويّة من غير أن يعود إلى الفاعل نفع و فائدة ، فانّ هذا الرّجل المتصفّح للرّوايات ليس له بصيرة بها و لا شعور بوجه العمل عليها بل هو يمرّ على رواية بعد اخرى و يمشى عليها من غير فائدة ، كما أنّ الرّيح التي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها و لا يعود إليها من ذلك نفع . السّادس عشر أنّه ( لاملي‏ء و اللّه باصدار ما ورد عليه ) أى ليس له من العلم و الثّقة قدر ما يمكنه أن يصدر عنه انحلال ما ورد عليه من الشّبهات و الاشكالات . السّابع عشر ما في بعض نسخ الكتاب من قوله : ( و لا هو أهل لما فوّض إليه ) أى ليس هو بأهل لما فوّضه إليه النّاس من امور دينهم ، و أكثر النسخ خال من [ 259 ] ذكر هذا الوصف و في رواية الكافي الآتية و لا هو أهل لما منه فرط بالتخفيف بمعنى سبق و تقدّم أى ليس هو أهل لما ادّعاه من علم الحقّ الذي من أجله سبق النّاس و تقدّم عليهم بالرّياسة و الحكومة ، و ربّما يقرء بالتشديد أى ليس هو من أهل العلم كما يدّعيه لما فرّط فيه و قصّر عنه ، و عن الارشاد و لا يندم على ما منه فرط ، و قال الشّارح المعتزلي : و في كتاب ابن قتيبة و لا أهل لما فرّط به قال : أى ليس بمستحقّ للمدح الذي مدح به . الثّامن عشر أنّه ( لا يحسب العلم في شي‏ء ممّا أنكره ) و لم يعرفه يعني أنّ ذلك الرّجل يعتقد أنّ ماله من العلم المغشوش المدلس بالشّبهات الذي يكون الجهل خيرا منه بمراتب هو العلم و لا يظنّ لغاية جهله وجود العلم لأحد في شي‏ء ممّا جهله لاعتقاده أنّه أعلم العلماء و أنّ كلّ ما هو مجهول له مجهول لغيره بالطريق الأولى ، و على احتمال كون يحسب من الحساب على ما مرّت إليه الاشارة فالمعنى أنّه لا يعدّ ما ينكره علما و لا يدخله تحت الحساب و الاعتبار بل ينكره كساير ما أنكره . التّاسع عشر ما أشار إليه بقوله : ( و لا يرى أنّ من وراء ما بلغ منه مذهبا لغيره ) يعني أنّه لوفور جهله يظنّ أنّه بلغ غاية العلم فليس بعد ما بلغ إليه فكره لأحد موضع تفكر و مذهب صحيح . العشرون ما نبّه عليه بقوله : ( و إن أظلم عليه أمرا كتتم به ) أى إن صار عليه أمر من امور الدّين مظلما مشتبها لا يدري وجه الحقّ فيه و لا وجه الشّبهة أيضا اكتتم به و ستره من غيره من أهل العلم و غيرهم و ذلك ( لما يعلم من جهل نفسه ) بذلك الأمر و عدم معرفته به حتّى من وجه الشّبهة و الرّأى فيستره و يخفيه و لا يسأله من غيره و لا يصغى إلى غيره حتّى يستفيده ، و ذلك لئلاّ يقال : إنّه لا يعلمه فيحفظ بذلك علوّ منزلته بين النّاس كما هو المشاهد من قضاة السّوء ، فانّهم كثيرا ما يشكل عليهم الأمر في القضايا و الأحكام فيكتتمون ما أشكل عليهم و لا يسألون أهل العلم عنه لئلا يظهر جهلهم بين أهل الفضل مراعاة لحفظ المنزلة و المناصب . الحادي و العشرون أنّه ( تصرخ من جور قضائه الدّماء و تعجّ منه المواريث ) [ 260 ] و يستحلّ بقضائه الفرج الحرام و يحرم بقضائه الفرج الحلال ، كما في رواية الكافي الآتية و نسبة الصّراخ إلى الدّماء و العجيج إلى المواريث إمّا من قبيل الحذف و الايصال ، أى تصرخ أولياء الدّماء و تعجّ مستحقّوا المواريث ، أو من قبيل المجاز في الاسناد على نحو صام نهاره مبالغة على سبيل التّمثيل و التّخييل بتشبيه الدّماء و المواريث بالانسان الباكي من جهة الظلم و الجور و إثبات الصّراخ و العجيج لهما ، أو من قبيل الاستعارة التحقيقيّة التبعيّة باستعارة لفظ الصّراخ و العجيج لنطق الدّماء و المواريث بلسان حالها المفصح عن مقالها ، و وجه المشابهة أنّ الصّراخ و العجّ لما كانا يصدران من ظلم و جور و كانت الدّماء المهراقة و المواريث المستباحة بالأحكام الباطلة ناطقة بلسان حالها مفصحة بالتظلم و الشّكاية ، لا جرم حسن تشبيه نطقها بالصّراخ و العجّ و استعارتهما له ، فالمعنى أنّه تنطق الدّماء و المواريث بالشّكاية و التظلّم من جور قضاياه و أحكامه . و أمّا استحلال الفرج الحرام بقضائه و تحريم الفرج الحلال فامّا من أجل جهله بالحكم أو لخطائه و سهوه في موضع الحكم لعدم مراعاة الاحتياط أو لوقوع ذلك منه عمدا لغرض دنيوي كالتقرّب بالجاير أو أخذ الرّشوة أو نحو ذلك . ثمّ انّه عليه السّلام بعد أن خصّ الرجلين المذكورين بما ذكر فيهما من الاوصاف المنفرة على سبيل التفصيل ، أردف ذلك بالتنفير عنهما على الاجمال بما يعمّهما و غيرهما من ساير الجهال و الضلال فقال : ( إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا و يموتون ضلاّلا ) و الثّاني مسبّب عن الأوّل إذ العيش على الجهالة يؤدّي إلى الموت على الضّلالة ( ليس فيهم سلعة ) و متاع ( أبور من الكتاب إذا تلى حقّ تلاوته ) يعني إذا فسّر الكتاب و حمل على الوجه الذي انزل عليه و على المعنى الذي اريد منه اعتقدوه فاسدا و طرحوه لمنافاة ذلك الوجه و المعنى لأغراضهم ( و لا سلعة أنفق بيعا ) اى أكثر رواجا ( و لا أغلى ثمنا إذا حرّف عن مواضعه ) و مقاصده الأصليّة و نزل على حسب أغراضهم و مقاصدهم و منشأ كلّ ذلك و أصله هو الجهل ( و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر ) و ذلك لأنّ المعروف لما خالف أغراضهم و مقاصدهم طرحوه [ 261 ] حتّى صار منكرا بينهم يستقبحون فعله و المنكر لما وافق دواعيهم و لائم طباعهم لزموه حتّى صار معروفا بينهم يستحسنون إتيانه هذا . و ينبغي الاشارة إلى الفرق بين الرّجلين الموصوفين فأقول : قال الشّارح المعتزلي : فان قيل : بيّنوا الفرق بين الرّجلين اللّذين أحدهما وكله اللّه إلى نفسه و الآخر رجل قمش جهلا ؟ قيل : أمّا الرّجل الأوّل فهو الضّال في اصول العقايد كالمشبّه و المجبّر و نحوهما ، ألا تراه كيف قال : مشغوف بكلام بدعة و دعاء ضلالة ، و هذا يشعر بما قلناه من أنّ مراده به المتكلّم في أصول الدّين و هو ضالّ عن الحقّ ، و لهذا قال : إنّه فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدى من قبله مضلّ لمن يجي‏ء بعده ، و أمّا الرّجل الثّاني فهو المتفقّه في فروع الشّرعيّات و ليس بأهل لذلك كفقهآء السّوء ألا تراه كيف يقول : جالس بين النّاس قاضيا ، و قال أيضا : تصرخ من جور قضائه الدّماء و تعجّ منه المواريث . و قال المحدّث المجلسيّ قده في كتاب مرآة العقول بعد حكاية كلام الشّارح على ما حكيناه : أقول : و يمكن الفرق بأن يكون المراد بالأوّل من نصب نفسه لمناصب الافادة و الارشاد ، و بالثّاني من تعرّض للقضاء و الحكم بين النّاس و لعلّه أظهر . و يحتمل أيضا أن يكون المراد بالأوّل العبّاد المبتدعين في العمل و العبادة كالمتصوّفة و المرتاضين بالرّياضات الغير المشروعة ، و بالثّاني علماء المخالفين و من يحذو حذوهم حيث يفتون النّاس بالقياسات الفاسدة و الآراء الواهية و في الارشاد و أنّ أبغض الخلق عند اللّه عزّ و جلّ رجل و كله اللّه إلى نفسه إلى قوله : رهن بخطيئته و قد قمش جهلا ، فالكلّ صفة لصنف واحد . تكملة استبصارية اعلم انّك قد عرفت الاشارة إلى أنّ هذا الكلام له عليه السّلام ممّا رواه ثقة الاسلام الكلينيّ في الكافي و صاحب الاحتجاج عطر اللّه مضجعهما فأحببت أن أذكر ما في الكتابين اعتضادا لما أورده الرّضيّ ( ره ) في الكتاب و معرفة لك بمواقع الاختلاف بين الرّوايات فأقول : [ 262 ] روى في الكافي عن محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه و عليّ بن إبراهيم عن هارون ابن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب رفعه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال : من أبغض الخلق إلى اللّه تعالى لرجلين : رجل و كله اللّه تعالى إلى نفسه فهو جائر عن قصد السّبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج 1 بالصّوم و الصّلاة فهو فتنة لمن افتتن به ، ضالّ عن هدى من كان قبله ، مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته حمّال خطايا غيره رهن بخطيئته . و رجل قمش جهلا في جهّال النّاس عان بأغباش الفتنة قد سمّاه أشباه الناس عالما و لم يغن 2 فيه يوما سالما ، بكّر فاستكثر ما قلّمنه خير ممّا كثر حتّى إذا ارتوى من آجن و اكتنز من غير طائل جلس بين النّاس قاضيا ضامنا لتلخيص ( لتخليص خ ) ما التبس على غيره ، و إن خالف قاضيا سبقه لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله ، و إن نزلت به احدى المبهمات المعضلات هيّألها حشوا من رأيه ثمّ قطع . 3 فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ لا يحسب العلم في شي‏ء ممّا أنكر و لا يرى أنّ وراء ما بلغ فيه مذهبا ، إن قاس شيئا بشي‏ء لم يكذب نظره ، و إن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه لكيلا يقال له : لا يعلم ، ثمّ جسر فقضى فهو مفاتيح 4 ( مفتاح خ ل ) عشوات ركّاب شبهات خبّاط جهالات لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم ، و لا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري ----------- ( 1 ) اللهج بالشي‏ء محركة الولوع فيه و الحرص عليه اى هو حريص على الصوم و الصلاة و بذلك يفتتن به الناس ، مرآت العقول . ----------- ( 2 ) من قولك غنيت بالمكان اغنى اذا قمت به نهاية . ----------- ( 3 ) اى جزم و في النهج به و فى غيره عليه ، مرآت العقول . ----------- ( 4 ) اى يفتح على الناس ظلمات الشبهات و الجهالات أو بسببها ، مرآت العقول . [ 263 ] الرّوايات ذرو الرّيح الهشيم تبكى منه المواريث و تصرخ منه الدّماء و يستحلّ بقضائه الفرج الحرام ، و يحرم بقضائه الفرج الحلال لا ملي‏ء باصدار ما عليه ورد ، و لا هو أهل لما منه فرط ، من ادعائه علم الحقّ . و في الاحتجاج و روى أنّه عليه السّلام قال : إنّ أبغض الخلائق إلى اللّه رجلان : رجل وكله اللّه إلى نفسه فهو جاير عن قصد السّبيل ساير بغير علم و لا دليل ، مشعوف بكلام بدعة و دعاء ضلالة ، فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدى من كان قبله ، مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد وفاته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته . و رجل قمش جهلا فوضع في جهلة الامة ، عان باغباش فتنة ، قد لهج منها بالصّوم و الصّلاة ، عم بما في عقد الهدنة قد سمّاه اللّه عاريا منسلخا و قد سمّاه أشباه الناس ( الرجال خ ل ) عالما ، و لما يغن في العلم يوما سالما ، بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر حتّى إذا ارتوى من آجن ، و أكثر من غير طائل جلس بين النّاس مفتيا قاضيا ضامنا لتخليص ( تلخيص خ ل ) ما التبس على غيره . إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي من بعده كفعله بمن كان قبله ، فان نزلت به إحدى المبهمات ( المعضلات خ ل ) هيألها حشوا من رأيه ثمّ قطع به ، فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت خبّاط جهالات ، و ركّاب عشوات ، و مفتاح شبهات ، فهو و إن أصاب أخطاء لا يدري أصاب الحقّ أم أخطأ ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب . فهو من رأيه مثل نسج ( غزل خ ل ) العنكبوت الذي إذا مرّت به النّار لم يعلم بها ، لم يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الرّوايات إذ راء الرّيح الهشيم لا ملي‏ء و اللّه باصدار ما ورد عليه ، لا يحسب العلم في شي‏ء ممّا أنكره ، و لا يرى أن من وراء ما ذهب فيه مذهب ناطق ، و إن قاس شيئا بشي‏ء لم يكذّب رأيه كيلا يقال له لا يعلم شيئا و إن خالف قاضيا سبقه لم يأمن في صحّته حين خالفه و إن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم . [ 264 ] من معشر 1 يعيشون جهّالا و يموتون ضلاّلا لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم ، تصرخ منه الدّماء ، و تولول منه الفتياء و تبكي منه المواريث ، و يحلّل بقضائه الفرج الحرام ، و يحرّم بقضائه الفرج الحلال و يأخذ المال من أهله فيدفعه إلى غير أهله . و روى الطبرسيّ و المفيد في الارشاد بعد رواية هذا الكلام نحوا ممّا تقدّم أنّه عليه السّلام قال بعد ذلك : أيّها النّاس عليكم بالطاعة و المعرفة بمن لا تعذرون بجهالة ، فإنّ العلم الذي هبط به آدم عليه السّلام و جميع ما فضّلت به النبيّون إلى خاتم النّبيّين في عترة نبيّكم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فانّي يتاه بكم بل أين تذهبون يا من نسخ من أصلاب أصحاب السّفينة ، هذه مثلها فيكم فاركبوها ، فكما نجا في هاتيك من نجا فكذلك ينجو في هذه من دخلها أنا رهين بذلك قسما حقا و ما أنا من المتكلّفين ، و الويل لمن تخلّف ثمّ الويل لمن تخلّف . أما بغلكم ما قال فيكم نبيّكم ؟ حيث يقول في حجّة الوادع : إنّي تاركم فيكم الثّقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و انّهما لم يفترقا حتّى يردا علىّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، ألا هذا عذب فرات فاشربوا ، و هذا ملح اجاج فاجتنبوا . الترجمة از جمله كلام آن عالى مقام است در صفت كسيكه متصدّى شود بحكم كردن ميان امّة محمّديه و حال اينكه اهليّت نداشته باشد ، بتحقيق كه دشمن‏ترين خلق بسوى خدا دو مردند يكى از اين دو نفر مردى است كه باز گذاشته باشد حقتعالى او را بنفس خودش ، و الطاف خفيّه خود را از او سلب نموده باشد پس آن بد روزگار تبه كار ميل كننده است از ميانه راه راست ----------- ( 1 ) هكذا في نسخة الاحتجاج و الظاهر ان يكون الاصل الى اللّه من معشر و على هذه النسخة فيحتمل ان يكون قوله من معشر خبر مبتدء محذوف اى هو من معشر منه . [ 265 ] بميان دل او رسانيده شده است سخنان بدعة و جهالت با اينكه دلسوخته شده است از فرط محبت باينكلام بدعة ، و بخواندن مردم بگمراهي و ضلالت ، پس آن مرد فتنه و بلا است مر آنكسى را كه در فتنه و بلا افتاده باشد بواسطه او گمراه است از راه راست و طريقه مستقيم آنكسيكه بوده است پيش او گمراه كننده است مر كسى را كه اقتدا نمايد او را در حال حيات او و بعد از وفات او ، بردارنده است بار گناهان غير خود را ، در گرو است بگناه خود و گرفتار است بكار تباه خود . و دومي از ايندو نفر مردى است كه جمعكرده جهالت را سرعة كننده است باينكه وضيع و پست گردانيده شده در ميان جاهلان امة ، غافل است در ظلمات خصومات بى بصيرت است بآنچه در عقد صلحست از مصالح مصالحه ، بتحقيق كه نام نهاده‏اند او را جهّال مردمان كه در صورت انسان و در معنى حيوان ميباشند عالم بعلوم شريعت و حال آنكه عالم نيست ، بامداد كرد پس بسيار نمود از جمع آوردن چيزى كه اندكى آن از او بهتر است از آنچه بسيار است ، يا آنكه از جمع آوردن چيزى كه كمى او بهتر است از زياده آن ، مراد فكرهاى فاسده و رأيهاى باطله است تا اينكه چون سيراب شد از آب متعفن گنديده ، و پر شد از مسايل بى فايده ناپسنديده نشست در ميان مردم در حالتى كه حكم كننده است ميان ايشان ، ضامن است از براى خالص كردن آن چيزى كه مشتبه است حل آن بر غير او ، پس اگر نازل بشود بر او يكى از قضاياى مشكله مهيّا ميكند از براى آن سخنان بى فايده ضعيف و سست از رأى باطله خود ، پس از آن جزم و قطع كند بآن كلام ، پس او از پوشيدگى و التباس شبه‏ها افتاده است در امور واهيه كه مثل تار عنكبوت است ، نميداند به صواب حكم ميكند يا بخطاء ، پس اگر بصواب حكم ميكند ميترسد از آنكه خطا كرده باشد و اگر بخطا حكم نمايد اميد ميدارد كه صواب گفته باشد . نادانست بسيار خبط كننده در نادانيها ضعيف البصر است در ظلمات جهل سواره شبهات ، نگزيده علم و دانش بدندان برنده و اين كنايه است از عدم ايقان بر قوانين شرعيه و عدم اتقان مسائل دينيّه ، منتشر مى‏سازد و مى‏پراند روايات را مثل [ 266 ] پراندن و منتشر كردن باد گياه خشك را ، بخدا سوگند كه نيست قادر و توانا بباز گردانيدن و جواب دادن آنچه وارد شده است بر او از مسائل ، گمان نمى‏برد كه علمى كه و راى اعتقاد اوست فضيلتي داشته باشد ، و گمان نمى‏كند اينكه از وراى آنچه رسيده است باو مذهبى بوده باشد مر غير او را . و اگر پوشيده و پنهان باشد بر او كارى پنهان مى‏كند آن را بجهة آنكه مى‏داند از جهل نفس خود به مسائل و مى‏خواهد كه آشكار نشود حال او بارباب فضائل فرياد مى‏كند از جور حكم او خونهاى ناحق ريخته ، و مى‏نالد از ستم او ميراثهاى مأخوذه با حكمهاى باطله . بسوى خداوند شكايت مى‏كنم از جماعتى كه زندگانى مى‏كنند در حالتى كه جاهلانند ، و ميميرند در حالتيكه گمراهانند ، نيست در ميان ايشان هيچ متاعى كه كاسدتر باشد از كتاب اللّه وقتى كه خوانده شود حق خواندن بدون تحريف و تغيير ، و نيست هيچ متاعى كه رواج‏تر باشد از روى فروختن و نه پر بها باشد از كتاب خدا وقتى كه تحريف و تغيير داده شود از مواضع خود ، و نيست نزد ايشان زشت‏تر از معروف و نه نيكوتر از منكر ، و اللّه العالم .