جستجو

و من خطبة له ع الحث على التآلف

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الخامسة و الستون من المختار في باب الخطب و الظاهر أنها ملتقطة من خطبة طويلة قدّمنا روايتها في شرح الخطبة السابعة و الثمانين من الكافي فليراجع هناك و هذه متضمّن لفصلين : الفصل الاول ليتأسّ صغيركم بكبيركم ، و ليرؤف كبيركم بصغيركم ، و لا تكونوا كجفاة الجاهليّة ، لا في الدّين تتفقّهون ، و لا عن اللّه تعقلون ، كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا ، و يخرج حضانها شرّا . [ 74 ] الفصل الثانى منها إفترقوا بعد ألفتهم ، و تشتّتوا عن أصلهم ، فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه ، على أنّ اللّه تعالى سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة كما تجتمع قزع الخريف ، يؤلّف اللّه بينهم ثمّ يجعلهم ركاما كركام السّحاب ، ثمّ يفتح اللّه لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه قارة ، و لم تثبت له أكمة ، و لم يردّ سننه رصّ طود و لا حداب أرض ، يذعذعهم اللّه في بطون أوديته ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، و يمكّن لقوم في ديار قوم . و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين ، كما تذوب الألية على النّار . يا أيّها النّاس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ، و لم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم ، و لم يقو من قوي عليكم ، تهتم متاه بنى إسرائيل ، و لعمرى ليضعّفنّ لكم التّيه ، من بعدي أضعافا خلّفتم الحقّ ورآء ظهوركم ، و قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد ، و اعلموا أنّكم إن اتّبعتم الدّاعي لكم ، سلك بكم منهاج الرّسول صلّى اللّه عليه و آله ، [ 75 ] و كفيتم مؤنة الإعتساف ، و نبذتم الثّقل الفادح عن الأعناق . اللغة ( تتفقّهون ) و ( تعقلون ) في بعض النسخ بصيغة الخطاب و في بعضها بصيغة الغيبة و ( قيض البيض ) بالفتح قشرة البيض العليا اليابسة و قيل الّتي خرج ما فيها من فرخ . و قال الشارح البحراني تبعا للشارح المعتزلي : قيض البيض ، كسره تقول قضت البيضة كسرتها و ( انقاضت ) تصدّعت من غير كسر ، و ( تقيّضت ) تكسّرت فلقا فعلى قولهما يكون القيض مصدرا و على ما ذكرناه اسما و هذا أظهر و أولى بقرينة قوله عليه السّلام يكون كسرها وزرا فافهم . و ( الأداح ) مخفّف أداحي جمع اداحى بالضمّ مثل خرطوم و خراطيم ، و عرقوب و عراقيب ، و قد يكسر و هو الموضع الّذي تبيض فيه النّعامة و تفرخ ، و هو افعول من دحوت لانّها تدحوه برجلها أى تبسطه ثمّ تبيض فيه و ليس للنعام عشّ و ( حضن ) الطاير بيضه حضنا و حضانا بكسرهما ضمّه تحت جناحه فهى حاضن لأنّه وصف مختصّ و حكى ( حاضنة ) على الأصل و ( القزع ) القطع من السحاب المتفرّقة و الواحدة قزعة مثل قصب و قصبة و ( الركام ) بالضمّ ما تراكم من السحاب و كثف منها و بالفتح جمع شي‏ء فوق آخر و الموجود في النسخ بالضمّ و ( المستثار ) موضع الثوران و الهيجان و ( القارة ) بالقاف الجبل الصّغير و ( الحداب ) بالكسر جمع حدبة و هى كالحدب محرّكة ما ارتفع من الأرض قال سبحانه : وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ و ( الألية ) بفتح الهمزة و جمعها أليات بالتحريك و التثنية أليان بغير تاء و ( المتاه ) مصدر ميميّ بمعنى التيه و ( فدحه ) الدّين أثقله . الاعراب الضمير في كسرها راجع إلى القيض و التّانيث امّا لكونها بمعنى القشرة أو [ 76 ] باعتبار كسبها التأنيث عن المضاف إليه و هي قاعدة مطّردة قال الشاعر كما شرقت صدر القناة من الدّم و حضانها بالضمّ فاعل يخرج و على في قوله « على انّ اللّه » بمعنى مع كما في قوله تعالى وَ يُطْعِموُنَ الطّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ و قوله كقيض بيض بدل من قوله كجفاة الجاهليّة و الباقي واضح . المعنى اعلم أنّ مدار هذه الخطبة على ما التقطها السيد رحمه اللّه على فصلين : الفصل الاول مسوق لنصح المخاطبين و هدايتهم على ما فيه انتظام امورهم و صلاح عملهم من حيث الدّين و الدّنيا و هو قوله ( ليتأسّ صغيركم بكبيركم ) أمر الصغار بتأسّي الكبار لأنّ الكبير أكثر تجربة و أكيس فهو أليق بأن يتأسّى به ( و ليرؤف كبيركم بصغيركم ) أمر الكبار بالرّأفة على الصغار لأنّ الصغير مظنّة الضعف فهو أحقّ بأن يرحم عليه و يرأف . قال الكيدري في محكىّ كلامه أى ليتأسّ من صغر منزلته في العلم و العمل بمن له متانة فيهما ، و ليرحم كلّ من له جاه و منزلة في الدّنيا بالمال و القوّة كلّ من دونه ( و لا تكونوا كجفاة الجاهليّة ) أى كأهل الجاهلية الموصوفين بالجفاء و القسوة و الفظاظة و الغلظة ( لا في الدّين تتفقّهون ، و لا عن اللّه تعقلون ) أشار إلى وجه الشّبه الجامع بين الفرقتين و هو جهلهم بمعالم الدّين ، و غفلتهم عن أحكام ربّ العالمين قال تعالى صُمٌّ بُكمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لا يَعْقِلوُنَ و قوله : ( كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا و يخرج حضانها شرّا ) قال الشارح المعتزلي وجه الشبه أنها إن كسرها كاسر أثم لأنّه يظنّه بيض النعام و إن لم يكسر يخرج حضانها شرا اذ يخرج أفعيا قاتلا ، و استعار لفظ الأداحى للاعشاش مجازا لأنّ الأداحى لا تكون إلاّ للنعام . [ 77 ] و قال الشارح البحراني نهاهم عليه السّلام أن يشبهوا جفاة الجاهليّة في عدم تفقّههم في الدين ، فيشبهون إذا بيض الأفاعى في أعشاشها و وجه الشّبه أنه إن كسر كاسر أثم لتأذّى الحيوان به فكذلك هؤلاء إذا شبّهوا جفاة الجاهليّة لا يحلّ أذيهم لحرمة ظاهر الاسلام ، و إن اهملوا و تركوا على الجهل خرجوا شياطين . أقول : و ببيان أوضح إنّ بيض الأفاعى كما أنّ في كسرها سلامة من شرّ ما يخرج منها لو أبقيت على حالها إلاّ أنّ فيه وزرا على كاسرها و في عدم كسرها لا يكون على أحد وزر إلاّ أنّ ما يخرج منها تكون منشأ الشّرور و الأذى فكذلك هؤلاء إن اقيمت فيهم مراسم السّياسة المدنيّة بالتّأديب و التعزير و التّعذيب لاستقامت الامور و انتظمت وظايف الخلافة لكن في اقامتها وزرا على المقيم لأنّ فيه مخالفة لأمر اللّه سبحانه أو نهيه كما قال عليه السّلام في الكلام الثامن و الستّين : و انّي لعالم بما يصلحكم و يقيم أودكم و لكنّي لا أرى إصلاحكم بافساد نفسي ، و إن تركوا على حالهم كانوا منشأ الشرور و المفاسد فيضلّون كثيرا و يضلّوا عن سواء السّبيل . و الفصل الثانى منها اشارة إلى اختلاف شيعته و أصحابه من بعده و هو قوله ( افترقوا بعد الفتهم ) أى بعد ايتلافهم و اجتماعهم عليّ ( و تشتّتوا عن أصلهم ) أى تفرّقوا عن امام الحقّ الذي يحقّ الائتمام به ، فصار بعضهم كيسانيّا و بعضهم زيديا و بعضهم فطحيّا و غيرها ( فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه ) . قال الشّارح المعتزلي أى يكون منهم من يتمسّك بمن أخلفه من بعدي من ذرّية الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أينما سلكوا سلكوا معهم و تقدير الكلام : و منهم من لا يكون هذه حاله لكنّه لم يذكره اكتفاء بذكر القسم الأوّل لأنّه دالّ على القسم الثّاني . ثمّ أخبر عليه السّلام أنّ الفريقين يجتمعان فقال ( على أنّ اللّه ) سبحانه ( سيجمعهم لشرّ يوم لبني اميّة ) . قال الشارح المعتزلي و كذا كان حال الشيعة الهاشميّة اجتمعت على إزالة [ 78 ] ملك بني مروان من كان منهم ثابتا على ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و من حاد منهم عن ذلك ، و ذلك في أواخر أيّام مروان الحمار عند ظهور الدّعوة الهاشميّة . أقول : قد تقدّم في شرح الخطبة السابعة و الثمانين ، أنّ ما أخبر عليه السّلام به قد وقع في سنة اثنين و ثلاثين و مأة عند ظهور أبي مسلم المروزي الخراساني صاحب الدّعوة ، و في هذه السنة ظهر السفّاح بالكوفة ، و بويع له بالخلافة و كان استيصال بني امية بيده كما عرفت تفصيلا في شرح الخطبة المأة و الرابعة . و يعجبني أن اورد هنا نادرة لم يسبق ذكرها أوردها الدّميرى في حياة الحيوان قال لما قتل إبراهيم بن الوليد بويع لمروان بن محمّد المنبوز بالحمار بالخلافة و في أيّامه ظهر أبو مسلم الخراساني ، و ظهر السفّاح بالكوفة ، و بويع له بالخلافة و جهّز عمّه عبد اللّه بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس لقتال مروان بن محمّد ، فالتقى الجمعان بالزاب زاب الموصل ، و اقتتلوا قتالا شديدا فانهزم مروان و قتل من عسكره و غرق ما لا يحصى و تبعه عبد اللّه إلى أن وصل إلى نهر الأرون فلقي جماعة من بني امية و كانوا نيّفا و ثمانين رجلا فقتلهم عن آخرهم . ثمّ جهّز السفاح عمّه صالح بن عليّ على طريق السماوة فلحق بأخيه عبد اللّه و قد نازل دمشق ففتحها عنوة و أباحها ثلاثة أيّام و نقض عبد اللّه ثورها حجرا حجرا و هرب مروان إلى مصر فتبعه صالح حتى وصل الى أبي صير و هي قرية عند الفيوم ، قال ما اسم هذه القرية قالوا أبو صير قال فالى اللّه المصير . ثمّ دخل الكنيسة الّتي بها فبلغه أنّ خادما نمّ عليه فأمر به فقطع رأسه و سلّ لسانه و القى على الأرض فجائت هرّة فأكلته ثمّ بعد أيام هجم على الكنيسة التى كان نازلا بها عامر بن إسماعيل فخرج مروان من باب الكنيسة و في يده سيف و قد أحاطت به الجنود و خفقت حوله الطبول فتمثّل ببيت الحجّاج بن حكيم السلمي و هو : متقلّدين صفايحا هندية يتركن من ضربوا كأن لم يولد ثمّ قاتل حتى قتل فأمر عامر برأسه فقطع في ذلك المكان و سلّ لسانه و القى على الأرض فجائت تلك الهرّة بعينها فخطفته فأكلته فقال عامر لو لم يكن في الدّنيا [ 79 ] عجب إلاّ هذا لكان كافيا لسان مروان في فم هرّة ؟ و قال في ذلك شاعرهم : قد يسّر اللّه مصرا عنوة لكم و أهلك الكافر الجبار إذ ظلما فلاك مقوله هرّ يجرجره و كان ربّك من ذى الظلم منتقما قال الدّميري و كان قتل مروان في سنة ثلاث و ثلاثين و مأة و هو آخر خلفاء بني امية و أوّلهم معاوية بن أبي سفيان و كانت مدّة خلافتهم نيّفا و ثمانين سنة و هى ألف شهر و بقتل مروان انقرضت دولة بني أمية لعنهم اللّه قاطبة . ( كما تجتمع قزع الخريف ) من ههنا و هناك ( يؤلّف اللّه بينهم ) و هو كناية عن اتفاق آرائهم و كلمتهم على ازالة ملك بني امية ( ثمّ يجعلهم ركاما كركام السحاب ) أى يجعلهم متراكمين مشتركين مجتمعين منضما بعضهم إلى بعض كالمتراكم من السحاب ( ثمّ يفتح اللّه لهم أبوابا ) . قال الشارح البحراني الأبواب إشارة إمّا إلى وجوه الآراء الّتي تكون أسباب الغلبة و الانبعاث على الاجتماع أو أعمّ منها كساير الأسباب للغلبة من إعانة بعضهم لبعض بالأنفس و الأموال و غير ذلك ( يسيلون من مستثارهم ) استعارة تبعيّة أى يخرجون من موضع ثورانهم و هيجانهم ( كسيل الجنّتين ) اللّتين أخبر اللّه بهما في كتابه العزيز و ستعرف قصّتها تفصيلا و وجه الشّبه الشدّة في الخروج و إفساد ما يأتون إليه كقوّة ذلك السيل ( حيث لو تسلم عليه قارة و لم تثبت عليه اكمة ) أى لم يقاوم له جبل و لا تلّ ( و لم يردّ سننه ) أى طريقه ( رصّ طود ) أى جبل مرصوص شديد الالتصاق ( و لا حداب أرض ) أى الرّوابي و النجا ( و يذعذعهم اللّه في بطون أوديته ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض ) . قال سبحانه ألم تر أنّ اللَّه أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض و المراد أنّ اللّه سبحانه كما ينزل من السّماء ماء فيكنّه في أعماق الأرض ثمّ يظهر منها ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء القوم يفرّقهم اللّه في بطون الأودية و غوامض الأرض ثمّ يظهرهم بعد الاختفاء أو كناية عن إخفائهم بين النّاس في البلاد ثمّ اظهارهم بالاعانة و التأييد ف ( يأخذ بهم من قوم ) ظالمين ( حقوق قوم ) مظلومين [ 80 ] و المراد بهم آل الرّسول صلّى اللّه عليه و آله ( و يمكّن لقوم ) من بني هاشم ( في ديار قوم ) من بني اميّة . ثمّ أقسم بالقسم البارّ فقال ( و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم ) أى أيدي بني اميّة أو بني العباس من الملك و السلطنة ( كما يذوب الألية على النّار ) وجه الشبه الاضمحلال و الفناء . ثمّ عاد إلى توبيخ المخاطبين فقال : ( أيّها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ) أراد به نفسه لأنّ الحقّ معه و هو مع الحقّ كما ورد في صحيح الخبر ( و لم تهنوا عن توهين الباطل ) أراد به معاوية و أصحابه ( لم يطمع فيكم ) و في بلادكم ( من ليس مثلكم ) في البأس و القوّة ( و لم يقومن قوي عليكم ) و لم يشنّ الغارات على بلادكم و أصقاعكم و لكنّكم ( تهتم متاه بني إسرائيل ) أى تحيّرتم مثل تحيّرهم و ستعرف تيههم إنشاء اللّه بعد الفراغ من شرح الخطبة ( و لعمري ليضعفنّ لكم التّيه ) و الضلال ( من بعدي أضعافا ) و كذا كان لأنّ تيه بني إسرائيل كان أربعين سنة و تيه هؤلاء جاوز الثمانين مدّة ملك بني امية بل زاد على ستّمأة مدّة ملك بني العباس بل ممدّ إلى ظهور الدّولة القائمية بما ( خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم ) و نكبتم عن الصراط المستقيم ( و قطعتم الأدنى ) أى الأقرب من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نسبا و صهرا و أراد به نفسه ( و وصلتم الأبعد ) أراد به معاوية أو من تقدّم عليه من المتخلّفين . ثمّ أرشدهم إلى وجه الرّشاد و السداد فقال : ( و اعلموا انّكم إن اتّبعتم الدّاعي لكم ) أراد به نفسه أو القائم عليه السّلام و في بعض النسخ الرّاعي بالراء و قد تقدّم فيما ذكرناه سابقا انّ الامام راع لرعيّته ، و ظهر لك وجه المناسبة في إطلاق الرّاعي عليه ( سلك بكم منهاج الرسول ) أى جادّة الشريعة ( و كفيتم مؤنة الاعتساف ) في طرق الضلال ( و نبذتم الثقل الفادح ) أى الاثم و العذاب في الآخرة ( عن الأعناق ) . تنبيهان الاول في قصة قوم سبأ و سيل الجنتين قال تعالى : لقد كان لسباء في مسكنهم آية جنّتان عن يمين و شمال كلوا [ 81 ] من رزق ربّكم و اشكروا له بلدة طيّبة و ربّ غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم و بدّلناهم بجنتّيهم جنتّين ذواتي اكل خمط و أثل و شي‏ء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا و هل نجازي إلاّ الكفور . قال عليّ بن إبراهيم القميّ قال إنّ بحرا كان في اليمن و كان سليمان عليه السّلام أمر جنوده أن يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد هند ، ففعلوا ذلك و عقدوا له عقدة عظيمة من الصخر و الكلس حتّى تفيض على بلادهم ، و كانوا إذا أرادوا أن يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه و كانت لهم جنّتان عن يمين و شمال عن مسيرة عشرة أيّام فيها يمرّ المارّ لا تقع عليه الشمس من التفافها . فلمّا عملوا بالمعاصي و عتوا عن أمر ربّهم و نهاهم الصالحون فلم ينتهوا ، بعث اللّه على ذلك السدّ الجرذ و هي الفارة الكبيرة فكانت تقلع الصّخرة التي لا يستقلّها الرّجل و ترمى به فلمّا رأى ذلك قوم منهم هربوا و تركوا البلاد فما زال الجرذ تقلع الحجر حتّى خربوا ذلك السدّ فلم يشعروا حتّى غشيهم السّيل و خرب بلادهم و قلع أشجاهم . و قال الطبرسي في مجمع البيان في تفسير الآية ثمّ أخبر سبحانه عن قصّة سبأ بما دلّ على حسن عاقبة الشّكور و سوء عاقبة الكفور فقال لقد كان لسباء المراد بسبا هنا القبيلة الّذينهم أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان في مسكنهم أى في بلدهم آية أى حجّة على وحدانيّة اللّه عزّ و جلّ و كمال قدرته و علامة على سبوغ نعمته ثمّ فسّر سبحانه الآية فقال : جنّتان عن يمين و شمال أى بستانان عن يمين من أتاهما و شماله و قيل عن يمين البلد و شماله . و قيل انّه لم يرد جنّتين اثنتين و المراد إنه كانت ديارهم على وتيرة واحدة إذ كانت البساتين عن يمينهم و شمالهم متّصلة بعضها ببعض و كانت من كثرة النّعم أنّ المرئة تمشى و المكتل على رأسها فيمتلى بالفواكه من غير أن تمسّ بيدها شيئا . و قيل الآية المذكورة هي أنّه لم يكن في قريتهم بعوضة و لا ذباب و لا برغوث و لا عقرب و لا حيّة ، و كان الغريب إذا دخل بلدهم و في ثيابه قمّل و دوابّ ماتت [ 82 ] عن ابن زيد . و قيل انّ المراد بالآية خروج الأزهار و الثّمار من الأشجار على اختلاف ألوانها و طعومها . و قيل : انها كانت ثلاث عشرة قرية في كلّ قرية نبيّ يدعوهم إلى اللّه سبحانه يقولون لهم كلوا من رزق ربّكم و اشكروا له أى كلوا ممّا رزقكم اللّه في هذه الجنان و اشكروا له يزدكم من نعمه و استغفروه يغفر لكم بلدة طيّبة أى هذه بلدة مخصّبة نزهة أرضها عذبة تخرج النّبات و ليست بسبخة و ليس فيها شي‏ء من الهوامّ الموذية . و قيل أراد به صحّة هواها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنّه ليس فيها حرّ يؤذى في القيظ ، و لا برد يؤذى في الشتاء و ربّ غفور أي كثير المغفرة للذّنوب فأعرضوا عن الحقّ و لم يشكروا اللّه سبحانه و لم يقبلوا ممّن دعاهم إلى اللّه من أنبيائه فأرسلنا عليهم سيل العرم و ذلك أنّ الماء كان يأتي أرض سبأ من أودية اليمن ، و كان هناك جبلان يجتمع ماء المطر و السيول بينهما فسدّوا ما بين الجبلين فاذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السدّ بقدر الحاجة فكانوا يسقون زروعهم و بساتينهم فلمّا كذّبوا رسلهم و تركوا أمر اللّه بعث اللّه جرذا نقب ذلك الرّدم و فاض الماء عليهم فأغرقهم عن وهب . و قال البيضاوي سيل العرم أى سيل الأمر العرم أى الصّعب من عرم الرجل فهو عارم و عرم إذا شرس خلقه و صعب أو المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لأنّه نقب عليهم سكرا ضربت لهم بلقيس ، فحقنت به ماء الشجر و تركت فيه نقبا على مقدار ما يحتاجون إليه أو المسناة التي عقدت سكرا على أنّه جمع عرمة و هي الحجارة المركومة . و قيل اسم واد جاء السيل من قبله و كان ذلك بين عيسى و محمّد و بدّلناهم بجنّتيهم اللّتين فيهما أنواع الفواكه و الخيرات جنّتين أخراوين ذواتي اُكل خمط مرّ بشع فانّ الخمط كلّ نبت أخذ طعما من مرارة . [ 83 ] و قيل الاراك أو كلّ شجر له شوك و أثل و شي‏ء من سدر قليل و الأثل الطرفا ، لا ثمر له ، و وصف السدر بالقلّة فان جناه و هو النبق ممّا يطيب أكله و لذلك يغرس في البساطين ذلك جزيناهم بما كفروا بكفرانهم النّعمة أو بكفرهم بالرّسل و هل نجازي إلاّ الكفور أى البليغ في الكفران أو الكفر . الثانى في قصة تيه بنى اسرائيل قال تعالى حكاية عن موسى إذ قال لقومه يا قوم ادخلوا الأَرض المقدّسة التي كتب اللَّه لكم و لا ترتدّوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ، قالوا يا موسى إِنَّ فيها قوماً جبّارين ، و إنّا لن ندخلها حتّى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانا داخلون قال رجلان من الّذين يخافون أنعم اللَّه عليهما ادخلوا عليهم الباب ، فاذا دخلتموه فانكم غالبون و على اللَّه فتوكّلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى انّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت و ربّك فقاتلا انّا هيهنا قاعدون قال ربّ انّي لا أملك إلاّ نفسي و أخى فافرق بيننا و بين القوم الفاسقين قال فانّها محرّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأَرض فلا تأس على القوم الفاسقين . روى في الصّافي عن العياشي ، عن الباقر عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الّذي نفسي بيده لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، و القذّة بالقذّة حتّى لا تخطاؤن طريقهم ، و لا تخطأكم سنّة بني إسرائيل . ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام قال موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللّه لكم فردّوا عليه و كانوا ستّمأة ألف فقالوا يا موسى إنّ فيها قوما جبّارين الآيات قال فعصى أربعون ألفا و سلم هارون و ابناه و يوشع بن نون و كالب بن يوحنّا فسمّاهم اللّه فاسقين فقال لا تأس على القوم الفاسقين فتاهوا أربعين سنة لأنّهم عصوا فكانوا حذو النعل بالنعل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما قبض لم يكن على أمر اللّه إلاّ عليّ و الحسن و الحسين و سلمان و المقداد و أبو ذر فمكثوا أربعين حتّى قام عليّ فقاتل من خالفه . [ 84 ] و قال الطبرسي و غيره في تفسير الآية ما ملخّصه : قوله حكاية عن خطاب موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة هي بيت المقدس و العياشي عن الباقر عليه السّلام يعني الشام الّتي كتب اللّه لكم أن تكون مسكنا و لا ترتدّوا على أدباركم أى لا ترجعوا عن الأرض التي امرتم بدخولها مدبرين فتنقلبوا خاسرين عن ثواب الدارين قالوا يا موسى انّ فيها قوما جبّارين شديد البطش و البأس لا يتأتّى لنا مقاومتهم . قال ابن عباس بلغ من جبريّة هؤلاء القوم أنّه لمّا بعث موسى من قومه اثنى عشر نقيبا ليخبروه خبرهم أهمّ رجل من الجبارين يقال له عوج فأخذهم في كمّه مع فاكهة كلّها كان يحملها من بستانه و أتى بهم الملك فنثرهم بين يديه و قال للملك تعجّبا منهم هؤلاء يريدون قتالنا ؟ فقال الملك ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا . قال و كان فاكهتهم لا يقدر على حمل عنقود منها خمسة رجال بالخشب ، و يدخل في قشر نصف رمانة خمسة رجال و انّا لن ندخلها حتّى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانّا داخلون قال رجلان هما يوشع بن نون و كالب بن يوحنا ابن عمّه كذا عن الباقر عليه السّلام من الّذين يخافون اللّه و يتّقونه أنعم اللّه عليهما بالايمان و التثبت ادخلوا عليهم الباب باب قريتهم فاذا دخلتموه فانكم غالبون لتعسر الكم عليهم في المضايق من عظم أجسامهم و لأنهم أجسام لا قلوب فيها و على اللّه فتوكّلوا في نصرته على الجبارين ان كنتم مؤمنين به و مصدّقين لوعده . قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنّا هيهنا قاعدون قالوها استهانة باللّه و رسوله و عدم مبالاة بهما قال ربّ إنّي لا أملك إلاّ نفسي و أخي لأنه يجيبني إذا دعوته فافرق بيننا و بين القوم الفاسقين قال فانّها محرّمة عليهم لا يدخلونها و لا يملكونها بسبب عصيانهم أربعين سنة يتيهون في الأرض يسيرون فيها متحيّرين فلا تأس على القوم الفاسقين لأنّهم أحقّاء بذلك لفسقهم . [ 85 ] قال الطبرسيّ قال المفسرون لما عبر موسى عليه السّلام و بنو إسرائيل البحر و هلك فرعون أمرهم اللّه سبحانه بدخول الأرض المقدّسة فلما نزلوا على نهر الاردن خافوا عن الدخول فبعث من كلّ سبط رجلا و هم الذين ذكرهم اللّه تعالى في قوله و بعثنا منهم اثنى عشر نقيباً فعاينوا من عظم شأنهم و قوّتهم شيئا عجيبا فرجعوا إلى بني إسرائيل فأخبروا موسى بذلك فأمرهم أن يكتموا فوفى اثنان منهم يوشع بن نون من سبط ابن يامين و قيل انه كان من سبط يوسف عليه السّلام و كالب بن يوحنا من سبط يهودا و عصى العشرة و اخبروا بذلك . و قيل كتم الخمسة منهم و أظهر الباقون و فشا الخبر في الناس فقالوا إن دخلنا عليهم تكون نسائنا و أهالينا اغنمة لهم ، و هموا بالانصراف إلى مصر و هموا بيوشع و كالب و أرادوا أن يرجموهما بالحجارة فاغتاظ لذلك موسى و قال ربّ اني لا أملك إلاّ نفسي و أخي فأوحى اللّه إليه إنهم يتيهون في الأرض أربعين سنة و إنما يخرج منهم من لم يعص اللّه في ذلك فبقوا في التيه أربعين سنة في ستة عشر فرسخا و قيل تسع فراسخ و هم ستمأة ألف مقاتل لا تتخرّق ثيابهم و تثبت معهم و ينزل عليهم المنّ و السلوى . و قال الطبرسي في تفسير قوله و أنزلنا عليكم المنّ و السلوى : و كان السبب في إنزال المنّ و السلوى عليهم أنه لما ابتلاهم اللّه بالتيه إذ قالوا لموسى اذهب أنت و ربك فقاتلا إنّا هيهنا قاعدون حين أمرهم بالمسير إلى بيت المقدس و حرب العمالقة فوقعوا في التيه صاروا كلّما ساروا تاهوا في قدر خمسة فراسخ أو ستّة فكلّما أصبحوا صاروا عادين فأمسوا فاذاهم في مكانهم الذي ارتحلوا منه كذلك حتّى تمّت المدّة و بقوا في التيه أربعين سنة . و في الصافي عن العياشي عن الصادق عليه السّلام قال فحرّم اللّه عليهم أى دخول الأرض المقدّسة أربعين سنة و تيههم فكان إذا كان العشاء و أخذوا في الرّحيل نادوا الرّحيل الرّحيل الوحا الوحا ، فلم يزالوا كذلك حتّى تغيب الشمس حتّى إذا ارتحلوا و استوت بهم الأرض [ 86 ] قال اللّه تعالى للأرض ديرى بهم ، فلم يزالوا كذلك حتّى إذا سحروا ، و قارب الصبح قالوا إنّ هذا الماء قد أتيتموه فانزلوا فاذ اتيههم و منازلهم الّتي كانوا فيها بالأمس ، فيقول بعضهم لبعض يا قوم لقد ضللتم و أخطأتم الطريق فلم يزالوا كذلك حتى أذن لهم فدخلوها . و في الكافي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّ موسى كليم اللّه مات في التيه فصاح صائح في السماء مات موسى و أىّ نفس لا تموت ؟ . قال الطبرسي فلمّا حصلوا في التّيه ندموا على ما فعلوا فألطف اللّه لهم بالغمام لمّا شكوا حرّ الشمس و أنزل عليهم المنّ و السلوى فكان يسقط عليهم المنّ من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس فكانوا يأخذون منها ما يكفيه ليومهم و كان اللّه تعالى يبعث لهم السّحاب بالنّهار فيدفع عنهم حرّ الشمس و كان ينزل عليهم باللّيل من السّماء عمودا من نور يضي‏ء لهم مكان السّراج و إذا ولد فيهم مولود كان عليه ثوب بطوله كالجلد و يأتي إنشاء اللّه تفصيل المنّ و السلوى في شرح الخطبة المأة و الحادية و التسعين . و ماتت النقباء غير يوشع بن نون و كالب و مات أكثرهم و نشأ ذراريهم و خرجوا إلى حرب أريحا و فتحوها . الترجمة از جمله خطب شريفه آن امام مبين و وليّ مؤمنين است در نصيحت مخاطبين و إخبار از وقايع آتيه روزگار ميفرمايد : بايد كه متابعت نمايد كوچكان شما ببزرگان شما ، و بايد كه مهرباني نمايد بزرگان شما بر كوچكان شما ، و نباشيد مثل جفاكاران أيّام جاهليت كه نه در دين دانا شويد و نه از خداى تعالى كسب معرفت نمائيد ، مانند پوست بيرون تخمها در مواضع بچه بيرون آوردن كه ميباشد شكستن آن تخمها وزر و وبال و بيرون ميآيد بچه‏هاى آنها شرارت و فساد . و از جمله فقرات اين خطبه است ميفرمايد : [ 87 ] متفرّق ميشوند بعد از ايتلاف ايشان و پراكنده مى‏شوند از أصل خودشان ، يعنى از امام مفترض الطاعة ، پس بعضى از ايشان أخذ كننده باشد شاخه را از آن أصل كه هر جا ميل كند آن شاخه آن هم ميل مى‏كند با او با وجود اينكه بدرستى خداى تبارك و تعالى زود باشد كه جمع كند ايشانرا از براى بدترين روزى از براى بني اميه ملعونين چنانچه مجتمع مى‏شود ابرهاى متفرقه در فصل پائيز . الفت ميدهد خداى تعالى در ميان ايشان پس مى‏گرداند متراكم و بر هم نشسته مثل أبرهاى متراكم پس از آن بگشايد خداوند عزّ و جلّ از براى ايشان درهائى كه روان شوند از جاى هيجان ايشان مانند سيل دوبستان شهر سبا ، بحيثيّتي كه سلامت نماند بر آن سيل كوه كوچكى و ثابت نشود مر آن را تلّي و باز نگرداند راه آن را كوه محكمي و نه پشتهاى زميني ، متفرّق ميسازد ايشانرا خداى تعالى در درونهاى واديهاى خود ، پس در برد ايشان را در چشمهاى زمين و بگيرد بايشان از قومى حقهاى قوم ديگر را و جاى دهد قومى را در ممالك قومى ، و سوگند بخدا هر آينه البته گداخته مى‏شود آنچه كه در دست بنى اميه است از ملك و سلطنت چنانچه گداخته شود دنبه بر آتش . اى مردمان اگر خذلان نميورزيديد از نصرت حق و سستى نمى‏كرديد از اهانت باطل ، هر آينه طمع نمى‏كرد در شما كسانى كه مثل شما نبودند ، و قوت نمى‏يافت كسى كه قوّت يافت بر شما ، و لكن شما حيران و سرگردان شديد مثل حيرانى بني إسرائيل ، و قسم بزندگانى خودم هر آينه افزون كرده شود از براى شما حيرانى و سرگرداني بعد از من افزونى فراوان بسبب اينكه واپس گذاشتيد حق را در پس پشتهاى خود و بريديد نزديكتر بسوى پيغمبر را و پيوند كرديد دورتر از آن را . و بدانيد اينكه اگر شما تبعيت نمائيد دعوت كننده خودتان را كه منم ببرد شما را براه راست پيغمبر خدا و كفايت كرده شويد از مشقت كجروى ، و مى‏اندازيد بار گران ثقيل را كه عبارت است از وزر و عذاب آخرت از گردنهاى خودتان . [ 88 ] قال الشّارح عفى اللّه عنه ليكن هذا آخر هذا المجلّد و هو المجلّد الرّابع من مجلّدات منهاج البراعة ، في شرح نهج البلاغة و قد طال بنا شرح ما تضمّنه هذا المجلّد حتّى بلغت مدّة الاشتغال به ضعفى مدّة الاشتغال بساير المجلّدات لابتلائي بأمور تشيب الوليد ، و تذيب الحديد ، و تعجز الجليد ، و برزايا لم يكد يشاهد مثلها على صفايح الأيّام أو يثبت على الصّحايف بالمخابر و الأقلام بل قلّما أن يؤثر نظيرها عن الامم الماضية أو ينقل قرينها عن القرون الخالية و أعظم تلك المصائب الحسد و الأذى من أقارب كالعقارب ، و اجلابهم علىّ كتيبة و كتائب . رمانى الدّهر بالارزاء حتّى فؤادي في غشاء من نبال فصرت إذا أصابتني سهام تكسّرت النّصال على النّصال إلى اللّه أشكو من دهر إذا أساء أصرّ على إسائته ، و إذا أحسن ندم من ساعته ، و من معشر جلّ بضاعتهم الأود و العناد ، و كلّ صناعتهم اللّدد و الفساد ، و من اللّه أسئل دفع كيد الخائنين و اصلاح نفوس الحاسدين ، و انقطاع ألسن المعاندين و أسئله التوفيق لشرح المجلّدات الآتية بجاه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و عترته الطّاهرة و قد منّ اللّه علىّ بالفراغ من هذا المجلّد بعد الأياس لتفرّق الحواس صبيحة يوم الاثنين و هو الرّابع و العشرون من شهر جمادى الآخرة من شهور ثلاث عشرة و ثلاثمأة و ألف سنة من الهجرة النبويّة على مهاجرها ألف صلاة و سلام و تحيّة و الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على محمّد و آله الأطيبين . [ 89 ] هذا هو المجلد الخامس من مجلدات منهاج البراعة فى شرح نهج البلاغة بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألحمد للّه الّذي سلك بنا نهج البلاغة للإهتدآء إلى مناهج البيان ، و ألهمنا منهاج البراعة للإرتقاء إلى معارج المعان ، و الصّلوة و السّلام على دوحة النّبوّة الّتي طابت فرعا و أصلا ، و وشيجة الرّسالة الّتى سمت رفعة و نبلا ، عين السّيادة و الفخار ، و خدين الشّرف الّذي أظهر الخيلاء في مضر و نزار ، محمّد المختار من سلالة عدنان ، و أحمد المستأثر بمكرمات الفرقان ، و آله الموصوفين بالعصمة و الطّهارة ، و المهتوفين بالحكمة و الفخارة ، و الموسومين بالخلافة و الإمامة ، و المرسومين بالشّرافة و الكرامة ، لا سيّما إبن عمّه و أخيه المنتجب و وزيره و وصيّه المنتخب ، الحآئز قصب السّبق في مضمار العزّ و الشّرف ، و البارع على الأقران في السّؤدد فما له عنه منصرف ، المخصوص بإمارة المؤمنين ، و المنصوص بالإمامة من عند ربّ العالمين ، على رغم كلّ ناصب جاحد ، و عمى عين كلّ منافق معاند . [ 90 ] يا آل طه الأكرمين أليّة بكم و ما دهري يمين فجار إنّي منحتكم المودّة راجيا نيلى المنى في الخمسة الأشبار فعليكم منّي السّلام فأنتم أقصى رجاى و منتهى ايثاري أما بعد فهذا هو المجلّد الخامس من مجلّدات منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة املاء المفتاق إلى غفران ربّه الغنيّ حبيب اللّه بن محمّد بن هاشم الهاشمي العلوي الموسوي وفّقه اللّه سبحانه و أعانه على اتمامه و ختامه ، ببداعة اسلوبه و نظامه و جعله ممحاة لذنوبه و آثامه ، يوم حشره و قيامه ، انّه لما يشاء قدير ، و بالاجابة حقيق جدير . فأقول : قال السيّد الرّضيّ رضي اللّه عنه :