جستجو

و من كلام له ع لما بويع في المدينة و فيها يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم و فيها يقسمهم إلى أقسام

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام لما بويع بالمدينة و هو السادس عشر من المختار في باب الخطب الجارى مجراها و الأولى العنوان بمن خطبة له عليه السّلام كما في بعض النّسخ لأنّ هذه من جلائل خطبها و من مشهوراتها و هو أوّل خطبة خطبها بالمدينة بعد ما نهض بالخلافة و قد رواها جمع منّا و من العامة كالكليني في روضة الكافي و المفيد في الارشاد و المحدّث [ 217 ] المجلسي و الشارح البحراني و الشارح المعتزلي من كتاب البيان و التبيين للجاحظ عن أبي عبيدة معمّر بن المثنى و غير هؤلاء إلاّ أنّ فيها على اختلاف طرقها زيادة و نقصانا و تغييرا كثيرا و نحن نوردها بتمامها بعد الفراغ من شرح ما أورده الرّضيّ قدّس سرّه بطريق الكليني توضيحا لما أورده و تثبيتا لما ذكره مع الاشارة إلى تفسير بعض ما رواه الكليني أيضا و شرح ما أورده الرّضيّ ره في ضمن فصلين . الفصل الاول ذمّتي بما أقول رهينة و أنا به زعيم ، إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات ، حجزه التّقوى عن التّقحّم في الشّبهات ، ألا و إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و الّذي بعثه بالحقّ ، لتبلبلنّ بلبلة ، و لتغربلنّ غربلة ، و لتساطنّ سوط القدر ، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم ، و أعلاكم أسفلكم ، و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، و ليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا ، و اللّه ما كتمت وسمة ، و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت بهذا المقام ، و هذا اليوم ألا و إنّ الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها ، و خلعت لجمها ، فتقحّمت بهم في النّار ، ألا و إنّ التّقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها ، و أعطوا إزمّتها ، فأوردتهم الجنّة حقّ و باطل ، و لكلّ أهل فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، و لئن قلّ الحقّ فلربّما و لعلّ ، و لقلّما أدبر شي‏ء فأقبل . [ 218 ] قال الرّضيّ ره أقول : إنّ في هذا الكلام أدنى من مواقع الاحسان 1 ما تبلغه مواضع الاستحسان ، و إنّ حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به ، و فيه مع الحال الّتي وصفنا زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ، و لا يطلع فجّها إنسان ، و لا يعرف ما أقول إلاّ من ضرب في هذه الصّناعة بحقّ ، و جرى فيها على عرق ، و ما يعقلها إلاّ العالمون اللغة ( الرهينة ) الوثيقة و ( الزّعيم ) الكفيل و ( صرحت ) كشفت و ( العبر ) جمع العبرة و ( المثلات ) العقوبات و ( الحجز ) الحجب و المنع و ( تقحّم ) فلان ألقى نفسه في المهلكة ، و تقحّم الانسان في الأمر دخل فيه من غير رويّة و ( تبلبلت ) الألسن اى اختلطت ، و في النّهاية البلابل الهموم و الأحزان و بلبلة الصّدر وسوسته و منه حديث عليّ عليه السّلام لتبلبلنّ بلبلة و ( تغربلنّ ) من غربل الدّقيق أى نخله أو من غربلت اللحم أى قطعته و ( ساط ) القدر يسوطه سوطا قلب ما فيها من الطعام بالمحراك و أداره حتّى اختلط أجزائه و ( السباق ) كشدّاد و ( الوشمة ) بالشين المعجمة الكلمة و بالمهمله الأثر و العلامة و ( شمس ) الفرس شموسا و شماسا منع ظهره من الرّكوب فهو شموس و الجمع شمس كرسل‏و ( اللجم ) بضمّتين جمع لجام و ( ذلل ) جمع ذلول كرسل و رسول و هو المنقاد قال سبحانه : « فَاسْلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً » و ( امر ) الباطل بالكسر إذا كثر و تمّ الاعراب من المثلات بيان لما ، و جملة حجزه اه مرفوعة المحلّ على كونها خبر انّ ، و تبلبلنّ و تعزبلنّ و تساطنّ كلّها بالبناء على المفعول ، و كتمت بالبناء على المفعول أو على ----------- ( 1 ) الاحسان فى كلام السيد ره مصدر احسن اذا فعل حسنا و مواقع الاحسان الكلمات الحسنة و مواضع الاستحسان الفكر المستحسنة قوله و ان حظ الى قوله به اى ان تعجب الفصحاء من حسنه أكثر من عجبهم بانفسهم باستخراج محاسنه لان فيه محاسن لا يمكنهم التعبير عنها و ان تعجبوا منها من حواشى نهج البلاغة . [ 219 ] المعلوم و كلاهما صحيحان محتملان ، و فاعل خلعت ضمير مستتر راجع إلى الخيل و لجمها منصوب على المفعوليّة ، أو خلعت بصيغة المجهول ، و لجمها نايب عن الفاعل و حقّ و باطل خبران لمبتدء محذوف بقرينة المقام أى الامور كلها إمّا حقّ أو باطل أو أنّ التّقوى حقّ و الخطاء باطل على ما سبق التّصريح اليهما . و قوله لقديما فعل فاعل الفعل عايد إلى الباطل و المفعول محذوف أى قديما فعل الباطل ذلك و إسناده إليه مجاز و المراد به أهله أو أنّ فعل بمعنى افعل كما في قوله قد جبر الدّين الا له فجبر أى فانجبر ، و قوله : فلربّما و لعلّ كلمة ما كافّة مهيئة لدخول ربّ على الفعل المحذوف بعدها بقرينة المقام ، و لعلّ للترجّي و المعمول محذوف و تقدير الكلام و لئن قلّ الحقّ فلربّما يكون غالبا و لعلّه ينتصر أهله . المعنى اعلم أنّه عليه السّلام صدّر كلامه بما يكون مرغّبا لهم في الاستماع بما يقوله بقوله : ( ذمّتي بما أقول ) ه ( رهينة ) أى وثيقة ( و أنا به ) أى بكونه صدقا مطابقا للواقع ( زعيم ) و كفيل ثمّ أشار عليه السّلام إلى وجوب الاعتبار بالعبر النّافعة من حيث كونها وسيلة إلى التقوى الحاجز عن الاقتحام في الشّبهة و قال ( إنّ من صرّحت له العبر ) أى كشفت ( عمّا بين يديه من المثلات ) و العقوبات الواقعة على الامم السّابقة و الجارية في القرون الخالية يكون انكشاف تلك العبر و اعتباره بها مؤدّيا إلى الخشية من اللّه سبحانه و ( حجزه التّقوى عن التقحّم في الشّبهات ) و الاقتحام في الهلكات من غير رويّة . و المراد بالشّبهات الامور الباطلة الشّبيهة بالحقّ و حاجزيّة التقوى منها من حيث إنّه لمّا كان عبارة عن اتيان الأوامر و ترك النّواهي كما قال الصّادق عليه السّلام في تفسيره بعد ما سئل عنه : أن لا يفقدك اللّه حيث أمرك و لا يراك حيث نهاك ، لا بدّ و أن يكون المتّصف به مجتنبا من الشّبهات كيلا يقع في المناهي و المحرّمات ، فانّ الأخذ بها و التّقحّم فيها مظنّة الوقوع في الحرام من حيث لا يعلم و قد وقع الاشارة إلى ذلك في عدّة روايات [ 220 ] مثل ما رواه في الوسائل بإسناده عن فضيل بن عيّاض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قلت له : من الورع من النّاس ؟ قال : الذي يتورّع من محارم اللّه و يجتنب هؤلاء فاذا لم يتّق الشّبهات وقع في الحرام و هو لا يعرفه . و عن عمر بن حنظلة عنه عليه السّلام أيضا في حديث قال : و إنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، و أمر بيّن فيجتنب ، و أمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه سبحانه ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك فمن ترك الشّبهات نجا من المحرّمات و من أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم ، ثمّ قال في آخر الحديث : فإنّ الوقوف عند الشّبهات خير من الاقتحام في الهلكات . و عن النّعمان بن بشير قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول : إنّ لكلّ ملك حمى و إنّ حمى اللّه حلاله و حرامه و المشتبهات بين ذلك ، كما لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه أن تقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات . إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه عليه السّلام لمّا نبّههم على لزوم التّقوى و أنّه مانع من تقحّم الشّبهات نبّههم بعده على أنّهم في الشّبهات مغمورون بقوله : ( ألا و إنّ بليّتكم هذه قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ) و أشار عليه السّلام ببليّتهم هذه إلى ما هم عليه من تشتّت الآراء و تفرّق الأهواء و عدم الالفة و الاجتماع في نصرة اللّه عن شبهات يلقيها الشّيطان على الأذهان القابلة لوسوسته المقهورة في يده ، و ذلك من أعظم الفتن التي بها يبتلي اللّه عباده كما قال : « وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ » و هي امور تشبه ما كان عليه النّاس حال بعثة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، لأنّهم كانوا يومئذ مللا متفرّقة و أهواء منتشرة و طرائق متشتّتة ، و فيه تنبيه لهم على أنّهم ليسوا من تقوى اللّه في شي‏ء ، و لا على دين الحقّ أيّام خلافة الثلاثة كما أنّهم لم يكونوا من أهل الدّيانة في أيّام الفترة و يوم بعثة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و إشارة إلى أنّهم كما كانوا يومئذ مأمورين بالتمسّك بأذيال النّبوّة كي يخلصوا من الكفر و الضّلالة فكذلك هؤلاء [ 221 ] اليوم مأمورون باتباعه و الاقتباس من أنواره عليه السّلام ليهتدوا بها في ظلمات الشّبهات و مدلهمّات الجهالة . كما قال الرّضا عليه السّلام في حديث عبد اللّه بن جندب المرويّ في الوسائل من تفسير العيّاشي : إنّ هؤلاء القوم سنح لهم الشّيطان اغترّهم بالشّبهة و لبّس عليهم أمر دينهم و أرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم فقالوا لم و متى و كيف فأتاهم الهلك من مأمن احتياطهم و ذلك بما كسبت أيديهم و ما ربّك بظلاّم للعبيد ، و لم يكن ذلك لهم و عليهم بل كان الفرض عليهم و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير و ردّ ما جهلوه من ذلك إلى عامله « عالمه ظ » و مستنبطه لأنّ اللّه يقول في كتابه : « وَ لَوْ رُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُوليِ الْأَمْرِ لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ » يعني آل محمّد عليهم السّلام و هم الذين يستنبطون من القرآن و يعرفون الحلال و الحرام و هم الحجّة للّه على خلقه و قد مضى في شرح الفصل الرّابع من فصول الخطبة الثانية . ثمّ إنّه عليه السّلام لمّا ذكر وقوعهم في البليّة و قابل يوم بيعته بيوم البعثة أشار إلى مآل ذلك الابتداء و ما يؤل إليه آخر أمر المبايعين من خلوص بعضهم و ارتداد الآخرين فقال : ( و الذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ) أى لتخلطنّ بعضكم ببعض و تقعنّ في الهموم و الأحزان و وساوس الصّدور ( و لتغربلنّ غربلة ) أى ليتميزنّ جيّدكم من رديّكم تميز نخالة الدّقيق من خالصه بالغربال . كما قال الصّادق عليه السّلام في رواية ابن أبي يعفور المروية في الكافي في باب التمحيص و الامتحان : لا بدّ للنّاس من أن يمحّصوا و يميّزوا و يغربلوا و يستخرج في الغربال خلق كثير ( و لتساطنّ سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم و أعلاكم أسفلكم ) لتصريف أئمة الجور إيّاكم و تقليبكم من حال إلى حال و إهانتكم و تغييركم من وضع إلى وضع و من دين إلى دين ، و يحتمل أن يكون المراد به أنّه يصير عزيزكم ذليلا و ذليلكم عزيزا و يرفع أراذلكم و يحطّ أكابركم ( و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ) و هم [ 222 ] المقصّرون عن نصرته في مبدء الأمر بعد وفاة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النّاصرون للّه في ولايته المقاتلون معه في ساير حروبه ( و ليقصّرن سبّاقون كانوا سبقوا ) و هم الذين كانت لهم سابقة في الاسلام ثمّ خذلوه و انحرفوا عنه و قاتلوه كأصحاب الجمل و الشام و أهل النّهروان قال الشّارح البحراني : و يشبه أن يكون مراده عليه السّلام أعمّ من ذلك ، فالمقصّرون الذين يسبقون كلّ من أخذت العناية الالهيّة بيده و قاده زمام التّوفيق إلى الجدّ في طاعة اللّه و اتّباع ساير أوامره و الوقوف عند نواهيه و زواجره بعد تقصير في ذلك ، و عكس هؤلاء من كان في مبدء الأمر مستمرّا في سلوك سبيل اللّه ثمّ جذبه هواه إلى غير ما كان عليه و سلك به الشّيطان مسالكه فاستبدل بسبقه في الدّين تقصيرا و انحرافا عنه . ثمّ إنّه عليه السّلام لمّا أخبرهم بعواقب امورهم و مآل حالهم أكّد ذلك بالقسم البارّ تحقيقا لوقوع المخبر به لا محالة ، و نبّه عليه السّلام على أنّه ما ينطق عن الهوى في هذه الأخبار و أمثالها و إنّما تلقّاها من مصدر النّبوّة و دوحة الرّسالة فقال : ( و اللّه ما كتمت و شمة ) على البناء للمفعول أى لم يكتم منّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلمة أو علامة ممّا يجب عليه إظهاره ، أو بالبناء على المعلوم أى لم أكتم شيئا ممّا يتعيّن علىّ الاباحة 1 به من كلمة أو أثر و علامة ( و لا كذبت كذبة ) في شي‏ء ممّا اخبرت به ( و لقد نبّئت ) أى أنبئني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ( بهذا المقام ) و هو مقام اجتماع الخلق عليه ( و هذا اليوم ) أى يوم بيعتهم له . ثمّ إنّه عليه السّلام أردف كلامه بالتّرهيب عن الخطاء و التّرغيب في التّقوى بالتنبيه على ما يقود إليه كلّ منهما و قال : ( ألا و إنّ الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها و خلعت لجمها فتقحّمت بهم في النّار ) و هو من لطيف التّشبيه و من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، و وجه الشّبه أنّ الفرس الشّموس التي خلعت لجامها كما أنّها تجري على غير نظام و تتقحّم بصاحبها في المعاطب و المهالك ، فكذلك الخطيئة يجري راكبها بركوبه عليها على غير نظام الشّريعة فتورده أعظم موارد الهلكة ، و هي نار ----------- ( 1 ) اباح به اظهره لغة ؟ ؟ ؟ . [ 223 ] الجحيم المعدّة للعاصين و الخاطئين ( ألا و إنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها و اعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة ) و التّشبيه فيه كما في سابقه ، و وجه الشّبه أنّ المطية الذّلول التي زمامها بيد راكبها كما أنّ من شأنها أن تتحرّك براكبها على رفق و نظام و يصرفها الرّاكب من أجل كون زمامها بيده عن المهالك و يسير بها إلى المقاصد ، فكذلك التّقوى ، فإنّ صاحبه الذي زمامه بيده و هى الحدود الشّرعيّة التي بها يملكه و يستقرّ عليه يسهل 1 له سلوك الصّراط المستقيم و العطف عن الشّمال و اليمين ، و يتمكّن من الفوز بالسّعادة الأبديّة و من الوصول إلى أسنى المطالب السّنية و هي الجنّة التي عرضها السّماوات و الأرض أعدّت للمتّقين . ثمّ إنّه عليه السّلام لمّا أشار إلى أنّ هيهنا طريقين مسلوكين أحدهما طريق الخطاء و الآخر طريق التّقوى ذكر بعدهما أنّهما ( حقّ و باطل ) يعني أنّ التّقوى حقّ و الخطاء باطل أو أنّ الأمور كلّها إمّا حقّ أو باطل ( و لكلّ ) منهما ( أهل ) أى سالك يسلكه و طالب يطلبه بمقتضى طيب الطينة و خبثها ( فلئن امر الباطل ) و كثر ( لقديما فعل ) الباطل أى أهله ذلك ( و لئن قلّ الحق فلربّما ) يكون غالبا مع قلّته على الباطل ( و لعلّه ) ينتصر أهله ( و لقلّما أدبر شي‏ء فأقبل ) قال الشّارح البحراني : استبعاد لرجوع الحقّ الى الكثرة و القوّة بعد قلّته و ضعفه على وجه كلّي فإنّ زوال الاستعداد للأمر مستلزم لزوال صورته و صورة الحقّ إنّما افيضت على قلوب صفت و استعدت لقبوله فإذا اخذ ذلك الاستعداد في النقصان بموت أهله أو بموت قلوبهم ، و تسوّد ألواح نفوسهم بشبه الباطل ، فلا بدّ أن ينقص نور الحقّ و تكثر ظلمة بسبب قوّة الاستعداد لها ، و ظاهر أنّ عود الحقّ و إضائة نوره بعد ادباره و إقبال ظلمة الباطل أمر بعيد و قلّما يعود مثل ذلك الاستعداد لقبول مثل تلك الصّورة للحقّ و لعلّه يعود بقوّة فيصبح ألواح النّفوس و أرضها مشرقة بأنوار الحقّ و يكرّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق و ما ذلك على اللّه بعزيز ، ----------- ( 1 ) خبر ان منه . [ 224 ] و في ذلك تنبيه لهم على لزوم الحقّ و بعث على القيام به كيلا يضمحلّ بتخاذلهم عنه فلا يمكنهم تداركه انتهى كلامه هذا . و لعلّ الظاهر المناسب في شرح الفقرات الأخيرة أعني قوله : حقّ و باطل إلى آخر كلامه عليه السّلام ما ذكره بعض الأخبار بين 1 حيث قال حقّ و باطل خبران لمبتدء محذوف أى الامام حقّ و باطل و هو تقسيم للامام على قسمين ، أحدهما الامام بالحقّ و إليه اشير في قوله تعالى : « إِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً » و في قوله : « وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا » و الثّاني الامام بالباطل و إليه الاشارة في قوله : « وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ إِلَى النّارِ » و أمر الباطل من باب نصر و علم و حسن من الامارة بمعنى الولاية ، و لقديما منصوب على الظرفيّة ، و عامله فعل بعده على البناء للمجهول و ضميره عايد إلى المصدر المفهوم من أمر و حذف فاء الجزاء مع كون الشّرط و الجزاء ماضيين لفظا و معنى اكتفاء بذكرها في الجملة التّالية ، و لئن قلّ الحقّ بضمّ القاف على البناء للمفعول من باب نصر من القلّ و هو الرّفع ، قال في القاموس استقلّه حمله و رفعه كقلّه و اقلّه ، فلربّما و لعلّ للتقليل و ندرة الوقوع و التّقدير ربّما كان كذلك و لعله كان كذلك . و هو إشارة إلى أنّ الحقّ قد يكون غالبا كما في زمن سليمان عليه السّلام و ذي القرنين و المقصود بذلك الاشارة إلى كون الحقّ غالبا في زمن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مغلوبا في أزمنة الخلفاء الثّلاثة و غالبا في زمنه عليه السّلام أيضا و هو نادر و على هذا فمعنى كلامه عليه السّلام أنّ الامام حقّ و باطل و لكلّ منهما أهله فان صار الباطل أميرا بعد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلقد فعل ذلك أى امرة الباطل في قديم الزّمان و ليس بأمر حادث يتعجّب منه ، و لئن ارتفع الامام بالحقّ بعد خلافة الثلاثة فلربّما كان كذلك و لعلّه كان كذلك و لقلّما ----------- ( 1 ) ملا خليل القزويني فى شرح روضة الكافي منه . [ 225 ] أدبر شي‏ء من الحقّ فأقبل إليه انتهى كلامه و اللّه العالم . تكملة قد أشرنا في صدر الكلام أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام كالفصل الآتي من كلامه ممّا رواه العامّة و الخاصّة و وعدناك هناك أن نذكر تمام الخطبة و نفسّر بعض فقراتها المحتاجة إلى التّفسير و البيان فأقول و باللّه التكلان : روى ثقة الاسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عليّ بن رئاب و يعقوب السّراج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام لمّا بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال : ألحمد للّه الّذي علا فاستعلى ، و دنا فتعالى و ارتفع فوق كلّ منظر ، و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمّدا ( عبده و رسوله خ ل ) رسول اللّه خاتم النّبيّين ، و حجّة اللّه على العالمين ، مصدّقا للرّسل الأوّلين ، و كان بالمؤمنين رؤفا رحيما ، و صلّى اللّه و ملائكته عليه و على آله . أمّا بعد أيّها النّاس فإنّ البغي يقود أصحابه إلى النّار ، و إنّ أوّل من بغى على اللّه جلّ ذكره عناق بنت آدم ، و أوّل قتيل قتله اللّه عناق ، و كان مجلسها جريبا من الأرض في جريب ، و كان لها عشرون إصبعا ، في كلّ إصبع ظفران مثل المنجلين ، فسلّط اللّه عليها أسدا كالفيل ، و ذئبا كالبعير ، و نسرا مثل البغل ، فقتلوها ، و قد قتل اللّه الجبابرة على أفضل أحوالهم ، و آمن ما كانوا عليه ، و أمات هامان و أهلك فرعون ، و قد قتل عثمان ، ألاّ و إنّ بليّتكم قد عادت [ 226 ] كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه . و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، و لتغربلنّ غربلة ، و لتساطنّ سوط القدر ، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم ، و أعلاكم أسفلكم ، و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، و ليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا ، و اللّه ما كتمت وسمة ، و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت بهذا المقام ، و هذا اليوم . ألا و إنّ الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها ، و خلعت لجمها ، فتقحّمت بهم في النّار . ألا و إنّ التّقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها ، و أعطوا أزمّتها ، فأوردتهم الجنّة ، و فتحت لهم أبوابها ، و وجدوا ريحها و طيبها ، و قيل لهم أدخلوها بسلام آمنين . ألا و قد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ، و من لم أهبه له ، و من ليست له توبة إلاّ بنبيّ يبعث . ألا و لا نبيّ بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم ، حقّ و باطل و لكلّ أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، و لئن قلّ الحقّ لربّما و لعلّ ، و لقلّما أدبر شي‏ء فأقبل ، و لئن ردّ عليكم أمركم إنّكم سعدآء ، و ما عليّ إلاّ الجهد ، و إنّي لأخشى أن تكونوا على فترة ملتم عنّي ميلة كنتم فيها عندي غير [ 227 ] محمودي الرّأي ، و لو أشآء لقلت عفا اللّه عمّا سلف . سبق فيه الرّجلان و قام الثّالث كالغراب ، همّته بطنه ، ويله لو قصّ جناحاه و قطع رأسه لكان خيرا له ، شغل عن الجنّة و النّار أمامه ثلثة و إثنان ، خمسة ليس لهم سادس ملك يطير بجناحيه ، و نبيّ أخذ اللّه بضبعيه ، و ساع مجتهد ، و طالب يرجو ، و مقصّر في النّار . أليمين و الشّمال مضلّة ، و الطّريق الوسطى هي الجادّة ، عليها باقي الكتاب و آثار النّبوّة ، هلك من ادّعى ، و خاب من افترى ، إنّ اللّه أدّب هذه الأمّة بالسّيف و السّوط ، و ليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة ، فاستتروا في بيوتكم ، و أصلحوا ذات بينكم ، و التّوبة من ورآئكم من أبدى صفحته للحقّ هلك . و في مرويّ البحراني بعد قوله عليه السّلام : من أبدى صفحته للحقّ هلك : ألا و إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان و ما أخذه من بيت « مال ظ » المسلمين فهو مردود عليهم في بيت مالهم و لو وجدته قد تزوّج به النّساء و فرّق في البلد ، فإنّه إن لم يسعه الحقّ فالباطل أضيق عنه . [ 228 ] بيان ( الجريب ) الوادي استعير للقطعة المتميّزة من الأرض و في المصباح للفيومي من كتاب المساحة للسّمؤال ما محصّله أنّه عشرة آلاف ذراع و عن قدامة الكاتب ما محصّله أنّه ثلاثة آلاف ذراع و ستّمأة ذراع ، و ( المنجل ) كمنبر حديدة يقضب بها الزّرع و الواسع الجرح من الاسنة ( و أمات هامان و أهلك فرعون ) كناية عن الأوّل و الثّاني كما في قوله تعالى : « وَ نُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا في الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ ، وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ في الْأَرْضِ و نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ » ( من لم اشرك فيه ) كما أشرك موسى هارون على ما اشير إليه في قوله سبحانه : « و أشركه في أمرى » و هو نصّ صريح في عدم رضائه بخلافة من سبق إليه ( و من لم أهبه له ) اللاّم للانتفاع ( و من ليست له توبة الاّ بنبيّ يبعث ) استثناء مفرّغ و المقصود أنّه لا يتصوّر للثلاثة توبة بسبب من الاسباب إلاّ أن يبعث اللّه نبيّا بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، دون فصل يكون شرعه ناسخا لشرع محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و رافعا لما أوجبه من خلافته عليه السّلام و وجوب اتّباعه و ما حكم به من بطلان خلافة الثّلاثة ( أشرف منه ) قيل : الضّمير في أشرف عايد إلى من و في منه راجع إلى مصدر سبقني و كلمة من للتّعليل و الجملة استينافيّة بيانيّة و المعنى أنّه أشرف من لم اشركه فيه من أجل سبقته إلى هذا الأمر ( على شفا جرف هار ) اى على قاعدة هى أضعف القواعد و هو الباطل و النّفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلّة الثبات ( فانهار به في نار جهنّم ) أى فهو الباطل به في نار جهنّم و هذا مأخوذ من قوله سبحانه في سورة البرائة : « أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ تَقْوىً مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ خَيْرٌ أَمَّنْ أَسَّسَ [ 229 ] بُنْيانَهُ عَلى‏ شَفا 1 جُرُفٍ هارٍ فَانْهارِ بِه‏ في نارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمينَ » ( لئن ردّ عليكم أمركم ) الذي يلزمكم القيام به و هو امتثالهم لأمره و تصديقهم بامامته عليه السّلام ( انّكم ) تكونون حينئذ ( سعداء و ما عليّ إلاّ الجهد ) بفتح الجيم اى الجدّ و الاجتهاد يعني أنا أعمل على ما يجب عليّ القيام به من أمر الشريعة و عزل ولاة السّوء و امراء الفساد عن المسلمين فان تمّ ما اريده فذاك ، و إلاّ كنت قد أعذرت نظير قوله سبحانه : « فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبينُ » قوله : ( كالغراب همّته بطنه ) حيث يقع على الجيفة و على الثّمرة و على الحبّة و في المثل أحرص من غراب و أجشع من غراب ( ويله ) منصوب على النداء و حرف النّداء محذوف ( لو قصّ جناحاه ) أى قطع بالمقراض و نحوه كان خيرا له و المقصود أنّه لو كان قتل قبل تلبّسه بالخلافة كان خيرا له من تقحّمه فيه و قوله ( ثلاثة و اثنان ) مرفوعان على الابتداء و ( خمسة ) خبر لهما و هو فذلكة العدد كما في قوله سبحانه : « ثَلثَةٌ في الْحَجِّ وَ سَبْعَةٌ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ » و المقصود أنّ المكلفين على خمسة أقسام منشعبة من قسمين لأنّه إمّا معصوم أو غير معصوم ، و المعصوم على ثلاثة أقسام ( ملك يطير بجناحيه ) حامل للوحى و نحوه ( و نبيّ أخذ اللّه بضبعيه ) و عضده و وصيّ ( ساع ) في الدّين ( مجتهد ) في الشّرع أى متحمّل للجهد و المشقّة ( و ) غير المعصوم على قسمين أحدهما ( طالب ) للجنّة ( يرجو ) رحمة ربّه ( و ) الثّاني ( مقصّر ) في الدّين هالك ( في النّار ) قوله : ( إنّ اللّه أدّب ) اه ----------- ( 1 ) الشفا الشفير و جرف الوادى جانبه الذي ينحفر اصله بالماء و تجرفه السيول و الهار الهائر الذى اشرف على السقوط و الهدم تفسير صافى . [ 230 ] إشارة إلى بعض مطاعن الثّلاثة من تعطيلهم حدود اللّه سبحانه لملاحظة القرابة او لأغراض أخر و ( الهوادة ) اللّين و ما يرجى به الصّلاح و قيل هو الشّفاعة لترك الانتقام من مرتكب العصيان هذا . و غير ما ذكرته ممّا يحتاج من كلامه عليه السّلام إلى التّفسير يأتي في شرح الفصل الآتي بيانه ، و اللّه الهادي . الترجمة و از جمله كلام بلاغت نظام آن حضرت است : عهد و پيمان من بصحت آنچه ميگويم در گرو است و من بصدق و صواب بودن آن كفيل و ضامنم ، بدرستيكه كشف نمود از براى او عبرتها از آنچه در پيش او گذشته از عقوبات مانع ميشود او را پرهيزكارى از انداختن نفس خود در شبهه‏ها ، آگاه باشيد بتحقيق كه بليّه كه عبارت است از اختلاف آراء و تفرّق اهواء رجوع نموده بر مثال و هيئت آن در آن روز كه خداوند سبحانه پيغمبر خود را مبعوث فرمود . قسم بآن كسى كه برانگيخت پيغمبر خود را بحقّ هر آينه مخلوط ميشويد بهمديگر مخلوط شدني ، و البتّه بيخته ميشويد بغربال بيختنى كه خوب و بد از همديگر تميز مييابد ، و البتّه بر هم زده ميشويد مثل بر هم زدن آنچه در ديكست از طعام با قاشق و نحو آن تا باز برگردد پست‏ترين شما بر بلندترين شما و بلندترين شما بر پست‏ترين شما ، يعنى زير و بالا ميشويد ، و البته پيشى ميگيرند پيش افتاده‏گانى كه بودند باز پس مانده ، و البته مقصر ميشوند پيش گيرندگانى كه بودند پيش افتاده مراد از طايفه اولى اشخاصى بودند كه بعد از وفات حضرت رسالتمآب صلوات اللّه عليه و آله از نصرت آن حضرت قصور ورزيدند و در زمان خلافت آن بزرگوار با جان و دل بيعت نموده و شيعه خالص وى شدند . و مراد از طايفه دوم اشخاصى هستند كه ايشان را در اسلام سابقه بود و در زمان امامت آن امام عاليمقام انحراف ورزيده و با او بمقام مقاتله و محاربه بر آمدند مثل طلحه و زبير و ساير اصحاب جمل و نهروان . [ 231 ] بعد از آن اشاره ميفرمايد باينكه اين اخبار غيبيه از منبع نبوّت و مهبط وحى و رسالت مأخوذ گرديده و احتمال خلاف در آن بوجه نميباشد ، و فرمود بخدا سوگند پنهان داشته نشده‏ام از هيچ كلمه ، يعنى حضرت رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جميع مطالب را بمن اطلاع داد ، يا اينكه پنهان نداشتم هيچ كلمه را كه لازم بود اظهار آن و دروغ نگفته‏ام هيچ دروغى ، و بتحقيق كه خبر داده شده‏ام باينمقام كه مقام اجتماعى خلق است بر من و بر اين روز كه روز بيعت مردمان است با من . آگاه باشيد كه بتحقيق خطاها اسبانى هستند سركش كه سوار شده باشند بر آن صاحبان آن و بر كنده باشند لجامهاى خود را ، پس انداخته باشند در مهالك آتش راكبان خود را ، آگاه باشيد بدرستيكه تقوى و پرهيزكارى شترانى هستند رام كه سوار شده باشند بر آن صاحبان آن ، و داده شده باشند بدستهاى ايشان افسارهاى ايشان ، پس وارد سازند در بهشت عنبر سرشت سواران خود را ، پرهيزكارى راهى است راست و خطاها راهى است باطل و هر يكى را از اين دو راه اهلى است ، پس اگر بسيار شود باطل هر آينه در قديم الزّمان كرده است آن را اهل آن و در آن زمان بهمان قرار ، و اگر كم شده است حقّ در آن زمان پس بسا كه غالب شود آن و اميد هست كه منصور باشد اهل آن و هر آينه كم است كه پشت كرده باشد چيزى پس روى آورد . سيّد رضى رضى اللّه عنه بعد از اداء خطبه فرموده كه ميگويم من بدرستى در اين كلام امام عليه السّلام كه كوتاه‏ترين لفظ است از موارد حسن چيزى هست كه نميرسد بآن مواضع وقوع تحسين ، يعنى فكرها كه ادراك حسن كلام را ميكنند و تعداد محاسن آن را مينمايند و بدرستيكه بهره تعجب از اين كلام بيشتر است از بهره خود پسندى ، يعنى تعجب فصحا از بدايع حسن او بيشتر است از بهره عجب بسبب استخراج نكات رائقه و لطائف فايقه آن ، بجهة اينكه بسا بدايعى در آن هست كه عقل آن را بنور بصيرت ادراك مينمايد ، ولى زبان بيان از تعبير و تقريرش عاجز و قاصر است . [ 232 ] و در اين كلام بلاغت نظام با وجود حالتى كه وصف كردم زيادتهاست از صناعت فصاحت كه قايم نميشود بأداى آن هيچ زبان ، و اطلاع نمييابد بعمق آن هيچ انسان ، و نميشناسد آن چيزيرا كه من گفتم از اين اوصاف مگر كسيكه عمر خود را مصروف بدارد در اين صناعت فصاحت براستى ، و جارى شود اين صناعت بر عروق و اعصاب آن ، و آن را كما هو حقّه دانسته باشد ، و تعقل نميكند آن را مگر عالمان كاملان . الفصل الثانى شغل من الجنّة و النّار أمامه ، ساع سريع نجا ، و طالب بطي‏ء رجا ، و مقصّر في النّار هوى ، اليمين و الشّمال مضلّة ، و الطّريق الوسطى هي الجادّة ، عليها باقي الكتاب و آثار النّبوّة ، و منها منفذ السّنّة ، و إليها مصير العاقبة ، هلك من ادّعى ، و خاب من افترى ، من أبدى صفحته للحقّ هلك عند جهلة النّاس ، و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره ، لا يهلك على التّقوى سنخ أصل ، و لا يظماء عليه زرع قوم ، فاستتروا بيوتكم ، و أصلحوا ذات بينكم ، و التّوبة من ورآئكم ، و لا يحمد حامد إلاّ ربّه ، و لا يلم لآئم إلاّ نفسه . اللغة ( الطريق ) يذكّر في لغة نجد و به جاء القرآن في قوله تعالى : « فَاضْرِبْ لَهُمْ طَريقًا في الْبَحْرِ يَبَسًا » و يؤنّث في لغة الحجاز و عليه جرى قوله عليه السّلام و ( الجادّة ) معظم الطريق و ( الصّفحة ) [ 233 ] من كلّ شي‏ء كالصّفح جانبه و ( السّنخ ) من كلّ شي‏ء أصله و ( البين ) بالفتح من الأضداد يطلق على الوصل و على الفرقة ، و منه ذات البين للعداوة و البغضاء ، و قولهم لاصلاح ذات البين أى لاصلاح الفساد بين القوم ، و المراد اسكان النّائرة . الاعراب شغل على البناء للمفعول ، و من الموصولة نائب عن الفاعل و الجنّة و النّار مرفوعان على الابتداء ، و أمامه خبر و الجملة صلة لمن ، و قيل : إنّ شغل مسند إلى الضّمير المستتر العايد إلى الثّالث السّابق في كلامه عليه السّلام حسبما حكيناه من الكافي ، و من الجنّة بكسر الميم جار و مجرور ، و النّار أمامه مبتدء و خبر . و يؤيد ذلك ما في رواية الكافي من تبديل كلمة من بكلمة عن ، و عليه فالمعنى شغل الثالث يعني عثمان عن الجنّة و الحال أنّ النار أمامه ، و ساع و طالب و مقصّر مرفوعات على الخبرية من محذوف بقرينة المقام ، و إضافة الباقي إلى الكتاب إمّا من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف أى الكتاب الباقي بين الأمّة ، أو بمعنى من ، ففيها إشارة إلى وقوع التحريف في القرآن و النقصان فيه ، و كفى بالمرء الباء زائدة في المفعول ، و إضافة السّنخ إلى أصل من قبيل سعيد كرز و كرى القوم ، و استتروا بيوتكم أى في بيوتكم منصوب بنزع الخافض ، و التّوبة من ورائكم كلمة من بمعنى في و هو واضح . المعنى قد عرفت في شرح الفصل السابق أنّ هذا الفصل من الخطبة التي ذكرناها هناك و قوله عليه السّلام ( شغل من الجنّة و النّار امامه ) جملة خبرية في معنى الانشاء ، يعني من كان الجنّة و النّار أمامه يجب أن يكون مشغولا بهما عن جميع ما يشغل عنهما من زبرج الدّنيا و زخارفها و لذّاتها و شهواتها ، و المراد بالاشتغال بهما الاشتغال بما يؤدّيه إلى الجنّة و ينجيه من النّار ، و من كونهما أمامه كونهما نصب قلبه و خياله بمرئى و مسمع منه غير غافل عنها متذكّرا لهما مدّة عمره ، فيشغل بهما عن غيرهما . [ 234 ] و يحتمل أن يكون المراد أنّ الانسان لما كان من بدو نشأته و عمره إلى منتهاه بمنزلة المسافر إلى اللّه ، و كان دائما في قطع مسافة و الانتقال من نشأة إلى نشأة ، و التبدّل من طور الى طور من أطوار العالم الجسماني و أطوار نشأة الآخرة من حين الموت إلى حين البعث من حيث إن الموت ليس عبارة عن عدم الانسان ، بل من بطلان قالبه لخروج روح منه قائما بذاتها دون افتقارها بهذا البدن فله بعد هذه النشأة نشآت كثيرة في القبر و البرزخ و عند العرض و الحساب و الميزان إلى أن يدخل الجنّة أو النّار ، لا جرم 1 كان المنزل لذلك المسافر إحداهما فكأنّما أمامه في ذلك السفر و غايتين يؤمّهما الانسان من مبدء خلقته إلى أن ينزل إلى إحداهما و من كان أبدا في السّفر إلى غاية معيّنة فيجب أن يكون مشغولا بمهمات تلك الغاية . و لمّا نبّه عليه السّلام على وجوب الاشتغال بهما قسّم النّاس باعتبار ذلك الاشتغال إلى أقسام ثلاثة أحدها ( ساع ) إلى رضوان اللّه ( سريع ) في عدوه ( نجا ) برحمة ربّه ( و ) الثّاني ( طالب ) للرّضوان ( بطي‏ء ) في سيره ( رجا ) للغفران ( و ) الثّالث ( مقصّر ) في طاعة الرّحمن سالك سبيل الشّيطان مخلّد ( في النّار هوى ) إلى الجحيم و استحقّ العذاب الأليم و قد أشير إلى الأقسام الثلاثة في قوله سبحانه : « و كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلثَةً ، فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ، و أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ، وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » فأصحاب الميمنة هم المؤمنون من أهل التّبعات يوقفون للحساب ، و أصحاب المشئمة هم المقصّرون الظالمون الذين سلك بهم الشّيطان سبله فأوردهم النّار و هم مهانون و أمّا السّابقون فهم الفائزون الحائزون لقصب السّبق يسبقون الخلق إلى الجنّة من غير حساب ، و يشمل هذا القسم الأنبياء و الأولياء كشمول قوله عليه السّلام : ساع ----------- ( 1 ) جواب لما منه . [ 235 ] سريع نجا ، لهم . و يشهد به ما في غاية المرام من تفسير الثّعلبي باسناده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : قسم اللّه الخلق قسمين ، فجعلني في خيرها قسما فذلك قوله تعالى : « وَ أَصْحابُ الْيَمينِ ما أَصْحابُ الْيَمينِ » فأنا خير أصحاب اليمين ، ثمّ جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلاثا ، فذلك قوله تعالى : « و أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ السّابِقُونَ » و أنا من خير السّابقين ، ثمّ جعل الأثلاث قبائل فجعلني من خيرها بيتا فذلك قوله تعالى : « إِنَّما يُريد اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ و يُطَهِّرُكُمْ تَطْهيراً » هذا و الأظهر بمقتضى الحال و المقام و بملاحظة إقراره الأنبياء في قسم رابع مستقلّ كما سبق ذكره في شرح الفصل السّابق ، خروج الأنبياء من هذا القسم و إرادته بالسّاع السّريع نفسه الشّريف و النّقباء من شيعته كسلمان و أبي ذر و المقداد ، و بالطالب البطي‏ء سائر الشّيعة ، و بالمقصّر الجاحد لولايته ، و قد فسّر السّابقون في الآية بذلك أيضا . كما رواه في غاية المرام من أمالي الشّيخ باسناده عن ابن عبّاس قال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن قول اللّه عزّ و جلّ : « وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئكَ الْمَقَرِّبُونَ في جَنّاتِ النَّعيمِ » فقال لي جبرائيل : ذلك عليّ و شيعته هم السّابقون إلى الجنّة المقرّبون من اللّه بكرامة لهم . و يؤيّده 1 ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله : ----------- ( 1 ) هذا تأييد لادخال النقباء في السابقين ، منه . [ 236 ] « وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَ وَ الْأَنصارِ » قال : و هم النّقباء : أبوذر و المقداد و سلمان و عمّار و من آمن و صدّق و ثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام . و لمّا قسم النّاس إلى السّابقين و اللاّحقين و المقصّرين ، أشار عليه السّلام لهم إلى الطريق التي يجب سلوكها و نصب عليها أعلام الهدى ليوصل إلى حضرة الحقّ سبحانه و تعالى فقال : ( اليمين و الشّمال مضلّة و الطريق الوسطى هي الجادّة ) الموصلة لسالكها إلى المطلوب و هي حظيرة القدس ، و ذلك لأنّ طريق السّالكين إلى اللّه إمّا العلم أو العمل ، فالعلم طريق القوّة النّظرية ، و العمل طريق القوّة العمليّة ، و كلّ منهما محتو برذيلتين هما طرفا التّفريط و الافراط ، و الوسط منهما هو العدل و الطريق الوسطى هي الجادّة الواضحة لمن اهتدى . أقول : و لعلّه كنّى باليمين و الشّمال عن طريق الجبت و الطاغوت ، و بالطريق الوسطى عن طريق الولاية له عليه السّلام ، و أشار بقوله مضلّة إلى كونهما في ضلالة فيضلاّن سالكي طريقهما البتّة ، و بقوله هي الجادّة إلى وجوب سلوك الطريق الوسطى ، و هي ولايته لكونها سالمة و محفوظة من الضلالة منصوبة عليها أعلام الهداية فهو عليه السّلام السّبيل الأعظم و الصّراط الأقوم و ولايته الطريق الوسطى و الجادّة العظمى لأنّ جميع العباد إنّما يصلون إلى اللّه تعالى إلى محبّته و جنّته و قربه و الفوز لديه بما أعدّه لمن أطاعه بولايته و محبّته و طاعته ، و إنّما تصعد أعمال الخلق إلى اللّه إذا كانت جارية على سنّته و طريقته و كانت مأخوذة عنه بالتسليم له و الردّ إليه و بالولاية له و البرائة من أعدائه و هو قول اللّه عزّ و جلّ : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقينَ » يعني أنّ اللّه لا يقبل من أحد عمله إلاّ من المتّقي ، و هو الذى أحبّ اللّه و رسوله و ائتمر بأمره و انتهى عن نهيه و والى وليّ اللّه و عادى عدوّ اللّه ، و معنى المتّقين في الباطن المتّقون من ولاية أعدائه عليه السّلام و هم أهل الشّمال و اليمين ، فمن اتّقى سنّة أعدائه [ 237 ] فهو المتّقي ، فكان عليه السّلام هو الطريق إلى اللّه و ولايته أيضا طريق صعود الأعمال إليه تعالى و قد اشير إلى هذه الطرق الثّلاث أعني اليمين و الشّمال و الوسطى ، و إلى التّحذير من الأوّلين و وجوب سلوك الأخيرة في غير واحد من الآيات و الأخبار مثل ما رواه في غاية المرام من الكافي باسناده عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه : « أَطيعُوا اللّهُ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » فكان جوابه : « أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ أُوتوا نَصيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى‏ مِنَ الَّذينَ آمَنُوا سَبيلاً » يقول الأئمّة الضّلال و الدّعاة إلى النّار هؤلاء أهدى من آل محمّد سبيلا « أُولئِك الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصيراً » و فيه من تفسير العياشي باسناده عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : « وَ إِنَّ هذا صِراطي مُسْتَقيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبيلِه‏ » قال : تدري ما يعني بصراطي مستقيما ؟ قلت : لا ، قال : ولاية عليّ و الأوصياء ، قال : و تدري ما يعني فاتّبعوه ؟ قلت : لا ، قال : يعني عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، قال : و تدرى ما يعني بقوله : و لا تتّبعوا السّبل ؟ قلت : لا ، قال : ولاية فلان و فلان و اللّه ، قال : و تدري ما يعني فتفرّق بكم عن سبيله ؟ قال : قلت : لا ، قال : يعني سبيل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام . و فيه عن الكلينيّ باسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال : قلت : [ 238 ] « أَ فَمَنْ يَمْشي مُكِبّاً عَلى‏ وَجْهِه‏ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشي سَوِّياً عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ » قال : إنّ اللّه ضرب مثل من حاد عن ولاية عليّ عليه السّلام كمن يمشي مكبّا على وجهه لا يهتدى لأمره ، و جعل من تبعه سويّا على صراط مستقيم و الصّراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السّلام . و فيه عن ابن شهر آشوب عن ابن عبّاس كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحكم و عليّ بين يديه مقابله ، و رجل عن يمينه ، و رجل عن شماله ، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اليمين و الشّمال مضلّة ، و الطريق السّوى الجادّة ، ثمّ أشار صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بيده إنّ هذا صراط عليّ مستقيم فاتّبعوه الآية . و فيه عن عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن عليّ بن رئاب قال : قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : نحن و اللّه سبيل اللّه الذي أمركم اللّه باتّباعه ، و نحن و اللّه الصّراط المستقيم ، و نحن و اللّه الذين أمر اللّه بطاعتهم ، فمن شاء فليأخذ من هنا ، و من شاء فليأخذ من هناك ، لا تجدون « عنّا و اللّه محيصا خ ل » عنها محيصا . و فيه عن سعد بن عبد اللّه في كتاب بصائر الدّرجات بإسناده عن زرّ بن حبيش عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال : سمعته يقول : إذا دخل الرّجل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر و نكير فأوّل ما يسألانه عن ربّه ثمّ عن نبيّه ثمّ عن وليّه فان أجاب نجا ، و إن تحيّر عذّباه ، فقال رجل : فما حال من عرف ربّه و لم يعرف وليّه ؟ قال : مذبذب لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلا و من يضلل اللّه فلن تجد له سبيلا ، فذلك لا سبيل له ، و قد قيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من وليّنا يا نبيّ اللّه ؟ فقال : وليّكم في هذا الزّمان عليّ و من بعده وصيّه لكلّ زمان عالم يحتجّ اللّه به لئن يكون كما قال الضّلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم [ 239 ] « لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى » فما كان من ضلالتهم و هي جهالتهم بالآيات و هم الأوصياء فأجابهم اللّه عزّ و جلّ : « قُلْ تَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِىِّ وَ مَنِ اهْتَدى » و إنّما كان تربّصهم أن قالوا : نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتّى نعرف إماما فعيّرهم اللّه بذلك ، و الأوصياء هم أصحاب الصّراط وقوفا عليه لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم عند أخذه المواثيق عليهم و وصفهم في كتابه ، فقال عزّ و جلّ : « وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسيماهُمْ » و هم الشّهداء على أوليائهم و النّبيّ الشّهيد عليهم أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة و أخذ النبيّ الميثاق بالطاعة فجرت نبوّته عليهم ذلك قول اللّه عزّ و جلّ : « فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤلاءِ شَهيدًا يَوَدُّ الَّذينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى‏ بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَديثاً » و فيه عن محمّد بن العبّاس معنعنا عن الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى : « فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى » قال : عليّ صاحب الصّراط السّوى و من اهتدى إلى ولايتنا أهل البيت . و إذا أحطت خبرا بما ذكرنا و ظهر لك أنّ المراد بالطريق الوسطى هي ولايته عليه السّلام المعبّر عنه تارة بالصراط السّوىّ ، و اخرى بالصراط المستقيم ، و ثالثة بالطريق السّوىّ ، و رابعة بسبيل اللّه الذي أمر اللّه باتّباعه ، ظهر لك معنى قوله : ( عليها باقي الكتاب ) أى على الطريق الوسطى الباقي من الكتاب بعد وقوع التّحريف فيه أو عليها الكتاب الباقي بين الأمّة و الثقل الأكبر الذي خلّفه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيهم . [ 240 ] و على أىّ تقدير فالمراد به أنّ من سلك طريق الولاية يحصل له العلم بالكتاب و يتيسّر له أخذه من قيّمه و العالم به و هو صاحب الولاية المطلقة ، لما قد عرفت التلازم و عدم الافتراق بين الثقلين الأكبر و الأصغر في الفصل السّابع عشر من فصول الخطبة الاولى و عرفت تفصيلا في التّذييل الثّالث من تذييلات ذلك الفصل أنّ أمير المؤمنين و الطيّبين من آله عليهم السّلام هم العالمون بتنزيل الكتاب و تأويله و عامّه و خاصّه و مرسله و محدوده و مجمله و مبيّنه و ناسخه و منسوخه و محكمه و متشابهه و ظاهره و باطنه ، و أنّ علمه منحصر فيهم عليهم السلام و أنّ من ادّعى حمله و حفظه على ما انزل و العلم بما فيه غير العترة الطاهرة فهو كذّاب ، و في بعض النّسخ عليها ما في الكتاب يعني مدار ما في الكتاب و قوامه على تلك الطريقة هذا . و يحتمل أن يكون المراد من كون باقي الكتاب أو ما في الكتاب عليها كونه منصوبا عليها و علما يهتدى به اليها ، إذ فيه دلالة على هذه الطريقة كما أنّ في الباقي منه على تقدير النقصان ما فيه كفاية لوجوب سلوكها و لزوم متابعتها كالآيات السّالفة و غيرها من الآيات النّازلة في شأنه عليه السّلام و المشيرة إلى ولايته . و هذان الاحتمالان جاريان في قوله عليه السّلام : ( و آثار النّبوة ) أى على هذه الطريقة أعلام النّبوّة و أماراتها ، من سلكها يظهر له تلك الأعلام لكون الولاية مظهر النّبوة ، و على الاحتمال الثّاني فالمعنى أنّ آثار النبوّة منصوبة على تلك الطريق بتلك الآثار يهتدى إليها و يستدلّ عليها ، و لا يبعد أن يكون المراد بالآثار على هذا الاحتمال هو الأخبار النبوّية و الرّوايات المنقولة عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ( و منها منفذ السّنة ) النبويّة و مخرج الشريعة المحمّدية عليه و آله آلاف الثّناء و التّحية ، إذ به و بالطيّبين من اولاده سلام اللّه عليهم انتشر الشّرايع و الأحكام و عرف الحلال و الحرام ، و استقامت الشّريعة الطاهرة و استحكمت السنة الباهرة . ( و اليها مصير العاقبة ) أى عاقبة الخلق في الدّنيا و الآخرة ، أمّا في الدّنيا [ 241 ] فلأنّ نظام امورهم في حركاتهم و سكناتهم مبنيّ على القوانين الشّرعيّة المأخوذة من هذه الطريقة ، و إلى تلك القوانين ترد عواقب امورهم ، و عليها يحملون ، و أمّا في الآخرة فواضح لأنّ إياب الخلق إليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و إلى أولاده الطاهرين ، و حسابهم عليهم و إليه الاشارة في قوله سبحانه : « إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسَابَهُمْ » أى إلى أوليائنا رجوعهم و مصيرهم بعد الموت ، و عليهم جزاؤهم على أعمالهم ، و يشهد بما ذكرته صريحا ما ورد في فقرات الزّيارة الجامعة الكبيرة : و إياب الخلق إليكم و حسابهم عليكم . قال المحدّث المجلسيّ في شرح هذه الفقرة : أى رجوعهم في الدّنيا لأجل المسائل و الزّيارات ، و في الآخرة لأجل الحساب ، كما روى عنهم عليهم السّلام أنّهم الميزان أى الحقيقي و الواقعي ، أو في الآخرة بقرينة و حسابهم عليكم كما قال تعالى أى إنّ إلينا أى إلى أوليائنا بقرينة إيابهم ثمّ إنّ علينا حسابهم . و روى في الأخبار الكثيرة أنّ حساب الخلايق يوم القيامة إليهم و لا استبعاد في ذلك كما أنّ اللّه تعالى قرّر الشهود عليهم من الملائكة و الأنبياء و الأوصياء و الجوارح مع أنّه تعالى قال : « وَ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهيداً » و هو القادر الدّيان يوم القيامة و يمكن أن يكون مجازا باعتبار حضورهم مع الأنبياء عند محاسبة اللّه إيّاهم انتهى . أقول : و ما ذكره أولا هو الأظهر إذ المصير إلى المجاز إنّما هو مع تعذّر إرادة المعنى الحقيقي ، و أمّا مع الامكان فلا ، و قد دلّت الأخبار الكثيرة كما اعترف ( ره ) به أيضا على أنّ المحاسب هم عليهم السّلام فيتعيّن إرادة الحقيقة . و من هذه الأخبار ما في الكافي عن الباقر عليه السّلام إذا كان يوم القيامة و جمع اللّه [ 242 ] الأوّلين و الآخرين لفصل الخطاب دعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و دعى أمير المؤمنين فيكسى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حلّة خضراء تضي‏ء ما بين المشرق و المغرب و يكسى أمير المؤمنين عليه السّلام مثلها و يكسى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ردية يضي‏ء لها ما بين المشرق و المغرب و يكسى عليّ عليه السّلام مثلها ، ثمّ يصعدان عندها ، ثمّ يدعى بنا فيدفع إلينا حساب النّاس ، فنحن و اللّه مدخل أهل الجنّة الجنّة و أهل النّار النّار . و عن الكاظم عليه السّلام و إلينا إياب هذا الخلق و علينا حسابهم ، فما كان لهم من ذنب بينهم و بين اللّه عزّ و جلّ حتمنا على اللّه في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك ، و ما كان بينهم و بين النّاس استوهبناه منهم و أجابوا إلى ذلك و عوّضهم اللّه عزّ و جلّ هذا . و يحتمل أن يكون المراد من قوله عليه السّلام : و إليها مصير العاقبة ، كون مدار عاقبة الخلق و خاتمتهم خيرا و شرّا على الولاية ، فان كان العبد مذعنا بالولاية كان عاقبته عاقبة خير ، و إن كان منكرا لها كان عاقبته عاقبة شرّ ، كما دلّت عليه الأخبار المتواترة و المستفيضة الواردة في تفسير قوله سبحانه : « وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ » مثل ما روى في غاية المرام عن الشّيخ في مصباح الأنوار بإسناده عن عبد اللّه بن عبّاس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : إذا كان يوم القيامة أقف أنا و عليّ على الصّراط بيد كلّ واحد منّا سيف فلا يمرّ أحد من خلق اللّه إلاّ سألناه عن ولاية عليّ عليه السّلام فمن معه شي‏ء منها نجا و إلاّ ضربنا عنقه و ألقيناه في النّار ثمّ تلا . « وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ » و الأخبار في هذا المعنى كثيرة لا حاجة إلى الاطالة ( هلك من ادّعى ) الامامة من غير استحقاق لها ( و خاب من افترى ) على اللّه و على رسوله في دعواه لها ، و الجملتان تحتملان الدّعاء و الاخبار ، و المراد بالهلاك الهلاك الاخروى و بالخيبة الحرمان و الخسران كما أشير إليه في قوله تعالى : [ 243 ] « وَ يَوْمَ الْقِيمَةِ تَرَى الَّذينَ كَذَّبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرينَ » قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في مرويّ البحار من غيبة النّعماني بإسناده عن ابن ظبيان عنه في تفسيره : من زعم أنّه إمام و ليس بإمام . و في البحار أيضا من تفسير العيّاشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام : « وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ وَ مَنْ قالَ سَاُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ » قال : من ادّعى الامامة دون الامام . و عن عليّ بن ميمون الصّايغ عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول : ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم : من ادّعى امامة من اللّه ليست له ، و من جحد إماما من اللّه ، و من قال : إنّ لفلان و لفلان نصيبا في الإسلام . و من المحاسن بإسناده عن العلا عن محمّد قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : إنّ أئمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه و الحقّ قد ضلّوا بأعمالهم التي يعملونها . « كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرّيحُ في يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ مِمّا كَسَبُوا ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعيدُ » ( و من أبدى صفحته للحقّ هلك عند جهلة النّاس ) أراد به نفسه و نبه به على أنّ المتجرّد لاظهار الحقّ في مقابلة كلّ باطل و ردّ الجهّال من جهالاتهم و حملهم على مرّ الحقّ و صعبه في كلّ وقت يكون في معرض الهلاك بأيديهم و ألسنتهم ، إذ لا يعدم منهم من يوليه المكروه و يسعى في دمه . و يشهد بذلك ما رواه السّيد المحدّث الجزائري ره مرفوعا في كتابه المسمّى [ 244 ] بزهر الرّبيع أنّ الصّادق عليه السّلام سئل عن الخلفاء الأربعة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما بال الشّيخين قد انتظمت لهما أمور الخلافة و جرت على أيديهم فتوح البلاد من غير معارضة أحد من المسلمين ؟ و ما بال عثمان و أمير المؤمنين عليه السّلام لم تنتظم لهما امور الخلافة بل قامت المسلمون على عثمان و حصروه في داره و قتلوه وسط بيته ، و أمّا أمير المؤمنين عليه السّلام فثارت الفتن في زمن خلافته حتّى قتل النّاكثين و القاسطين و المارقين ؟ فأجاب عليه السّلام أنّ أمور تلك الدّنيا و الخلافة فيها لا يجرى بباطل بحت و لا بحقّ خالص ، بل تجري بحقّ و بباطل ممزوجين ، فأمّا عثمان فأراد أن يجري امور الخلافة بمحض الباطل فلم يتمّ له الامر ، و أمّا أمير المؤمنين عليه السّلام فأراد أن يجري أحكامها على الطريقة المستقيمة و السّنن النّبويّة فلم يحصل له ما أراد ، و أمّا الشّيخان فأخذا قبضة من الحقّ و قبضة من الباطل فجرت لهما الامور كما أرادا . و لمّا نبّه عليه السّلام على معاندة الجهال للحقّ و أهله أشار إلى ما يتّرتب على صفة الجهالة و ما هي ثمرة لها بقوله : ( و كفى بالمرء جهلا ان لا يعرف قدره ) و يتعدي طوره و يجهل رتبته و لا يتصوّر نفسه كآحاد النّاس ، و هذا من أعظم المهلكات لكونه منشأ العجب و الكبر و الغرور و الانّية و ادّعاء ما ليس له بأهل كما في معاوية عليه الهاوية حيث لم يعرف رتبته و قدره و ادّعى الخلافة و سعى في إهلاكه عليه السّلام و إفساد الأمر عليه لابداء صفحته للحقّ ، و حمله النّاس على الطريقة المستقيمة و المحجّة البيضاء التي كانت مكروهة لذلك اللّعين بمقتضى طينته الخبيثة . ثمّ نبّه عليه السّلام على لزوم التّقوى بقوله : ( و لا يهلك على التّقوى سنخ أصل ) كان بناؤه عليه إذ الأصل الذي كان بنيانه على التّقوى محال أن يهلك و يلحق بانيه خسران كما قال سبحانه : « أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمَّنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ » [ 245 ] ( و لا يظمأ عليه زرع قوم ) لأنّ من زرع في أرض قلبه زرعا أخرويّا كالمعارف الالهيّة و العقايد الحقّة و سقاها ماء التقوى و جعله مادّتها فلا يلحق ذلك الزّرع ظماء ، بل عليه ينشأ بأقوى ساق و أزكى ثمرة و قوله : ( فاستتروا بيوتكم ) قد عرفت في شرح الفصل السّابق أنّ هذا الكلام مسبوق بقوله عليه السّلام : إنّ اللّه أدّب هذه الامّة بالسّيف و السّوط و ليس لأحد عند الامام فيهما هوادة ، أى شفاعة في تأخير التعزير أو تركه و هو وارد في مقام التّهديد و التّوعيد و إشارة إلى أنّه عليه السّلام لا يأخذه في اللّه لومة لائم و أنّه لا يشفع عنده في إقامة الحدود و السّياسات و لا يعطل الأحكام بالشّفاعة كما عطلها من تقدّم عليه عليه السّلام . و لمّا نبّههم على ذلك أمرهم بالاستتار في بيوتهم كيلا يجتمعوا على المنافرات و المفاخرات و المشاجرات فيحصل من اجتماعهم ما يوجب الحدّ و التعزير و لا يمكن له إسقاطه بالشّفاعة و الهوادة ، فالاستتار في البيوت كناية عن الاعتزال حسما لمادة الفتن و لمّا كان قطع مادّة الفتنة سببا لاصلاح ذات البين أردفه بقوله : ( و أصلحوا ذات بينكم ) ثمّ نبّه العصاة على استدراك عصيانهم بالرّجوع إلى التّوبة بقوله : ( و التّوبة من ورائكم ) قال الشّارح البحراني : و كونها وراء لأنّ الجواذب الالهية إذا أخذت بقلب العبد فجذبته عن المعصية حتّى أعرض عنها و التفت بوجه نفسه إلى ما كان معرضا عنه من النّدم على المعصية و التّوجّه إلى القبلة الحقيقة فانّه يصدق عليه اذن أنّ التّوبة وراء أى وراء عقليّا و هو أولى من قول من قال من المفسّرين أنّ ورائكم بمعنى أمامكم ( و لا يحمد حامد إلاّ ربّه و لا يلم لائم إلا نفسه ) جملتان خبريّتان في معنى الانشاء يعني أنّه يجب أن يكون حمد كلّ حامد للّه سبحانه لكونه مبدء جميع المحامد و الخيرات ، و يجب أن يكون لوم كلّ لائم على نفسه لكونها منشأ الشّرور و الخطيئات كما قال تعالى : « ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ و ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ » و الحمد للّه و الصّلاة على نبيّه و وليّه و آله . [ 246 ] الترجمة مشغول گرديد آنكسى كه بهشت و دوزخ در پيش اوست باينها از غير اينها و مكلفين باعتبار اشتغال باينها سه فرقه‏اند يكى سعى نماينده برضاى خداوند شتابنده در سعى خود و نجات يافت برحمت پروردگار ، دومي طلب كننده خيرات كه كامل است در آن طلب اميدوار است بمغفرت كردگار ، سوّمى تقصير كننده در طاعات كه فرود آمده است در جهنّم ، جانب راست و جانب چپ محلّ ضلالت و گمراهي است و راه ميانه آن جادّه است درست ، و بر اوست باقي كتاب واجب التّكريم و علامت نبوّة واجب التعظيم ، و از اوست مخرج سنّة مطهّرة و باوست بازگشت عاقبت خلق در دنيا و آخرت ، هلاك شد كسيكه دعوى امامت نمود بباطل ، و فضول و نوميد گرديد كسيكه افترابست بخداوند و رسول ، كسيكه ظاهر گردانيد روى خود را از براى حقّ در مقابل باطل هلاك شد نزد مردمان نادان و جاهل ، و كفايت ميكند مر او را از حيث جهالت اينكه قدر خود را نشناسد و رتبه و شان خود را نداند ، و هلاك نميشود أصلي كه بناء آن پرهيزكاري بوده باشد ، و تشنه نميباشد زراعت هيچ گروهى كه آبيارى آن از پرهيزكارى گردد ، پس پنهان شويد در خانه‏هاى خودتان و اصلاح كنيد در ميان مردمان و توبه و پشيماني در پيش شما است ، و بايد كه حمد و ثنا نكند هيچ ستايش كننده در روزگار مگر بپروردگار خود ، بجهة اينكه اوست منعم على الاطلاق و سزاوار تعظيم و اجلال ، و بايد كه ملامت نكند هيچ ملامت كننده مگر نفس خود را كه منشأ شرّ است و فساد .