جستجو

و من خطبة له ع مبعث الرسل

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 84 ] 144 و من خطبة له ع بَعَثَ اَللَّهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِهِ وَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ لِئَلاَّ تَجِبَ اَلْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ اَلْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ اَلصِّدْقِ إِلَى سَبِيلِ اَلْحَقِّ أَلاَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَشَفَ اَلْخَلْقَ كَشْفَةً لاَ أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ وَ مَكْنُونِ ضَمَائِرِهِمْ وَ لَكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً فَيَكُونَ اَلثَّوَابُ جَزَاءً وَ اَلْعِقَابُ بَوَاءً أَيْنَ اَلَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ اَلرَّاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ دُونَنَا كَذِباً وَ بَغْياً عَلَيْنَا أَنْ رَفَعَنَا اَللَّهُ وَ وَضَعَهُمْ وَ أَعْطَانَا وَ حَرَمَهُمْ وَ أَدْخَلَنَا وَ أَخْرَجَهُمْ بِنَا يُسْتَعْطَى اَلْهُدَى وَ يُسْتَجْلَى اَلْعَمَى إِنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا اَلْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ وَ لاَ تَصْلُحُ اَلْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ أول الكلام مأخوذ من قوله سبحانه رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اَللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ و قوله تعالى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً . [ 85 ] فإن قلت فهذا يناقض مذهب المعتزلة في قولهم بالواجبات عقلا و لو لم تبعث الرسل . قلت صحة مذهبهم تقتضي أن تحمل عموم الألفاظ على أن المراد بها الخصوص فيكون التأويل لئلا يكون للناس على الله حجة فيما لم يدل العقل على وجوبه و لا قبحه كالشرعيات و كذلك وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً على ما لم يكن العقل دليلا عليه حتى نبعث رسولا . الإعذار تقديم العذر ثم قال إن الله تعالى كشف الخلق بما تعبدهم به من الشرعيات على ألسنة الأنبياء و لم يكن أمرهم خافيا عنه فيحتاج إلى أن يكشفهم بذلك و لكنه أراد ابتلاءهم و اختبارهم ليعلم أيهم أحسن عملا فيعاقب المسي‏ء و يثيب المحسن . فإن قلت الإشكال قائم لأنه إذا كان يعلم أيهم يحسن و أيهم يسي‏ء فما فائدة الابتلاء و هل هو إلا محض العبث قلت فائدة الابتلاء إيصال نفع إلى زيد لم يكن ليصح إيصاله إليه إلا بواسطة هذا الابتلاء و هو ما يقوله أصحابنا إن الابتلاء بالثواب قبيح و الله تعالى يستحيل أن يفعل القبيح . قوله و للعقاب بواء أي مكافأة قالت ليلى الأخيلية فإن تكن القتلى بواء فإنكم فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر و أبأت القاتل بالقتيل و استبأته أيضا إذا قتلته به و قد باء الرجل بصاحبه أي قتل به [ 86 ] و في المثل باءت عرار بكحل و هما بقرتان قتلت إحداهما بالأخرى و قال مهلهل لبجير لما قتل بؤ بشسع نعل كليب . قوله ع أين الذين زعموا هذا الكلام كناية و إشارة إلى قوم من الصحابة كانوا ينازعونه الفضل فمنهم من كان يدعي له أنه أفرض و منهم من كان يدعي له أنه أقرأ و منهم من كان يدعي له أنه أعلم بالحلال و الحرام هذا مع تسليم هؤلاء له أنه ع أقضى الأمة و أن القضاء يحتاج إلى كل هذه الفضائل و كل واحدة منها لا تحتاج إلى غيرها فهو إذن أجمع للفقه و أكثرهم احتواء عليه إلا أنه ع لم يرض بذلك و لم يصدق الخبر الذي قيل أفرضكم فلان إلى آخره فقال إنه كذب و افتراء حمل قوما على وضعه الحسد و البغي و المنافسة لهذا الحي من بني هاشم أن رفعهم الله على غيرهم و اختصهم دون من سواهم . و أن هاهنا للتعليل أي لأن فحذف اللام التي هي أداة التعليل على الحقيقة قال سبحانه لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ و قال بعض النحاة لبعض الفقهاء الزاعمين أن لا حاجة للفقه إلى النحو ما تقول لرجل قال لزوجته أنت طالق إن دخلت الدار فقال لا يقع إلا بالدخول فقال فإن فتح الهمزة قال كذلك فعرفه أن العربية نافعة في الفقه و أن الطلاق منجز لا معلق إن كان مراده تعليل الطلاق بوقوع الدخول لاشتراطه به . ثم قال بنا يستعطى الهدى أي يطلب أن يعطى و كذلك يستجلى أي يطلب جلاؤه . ثم قال إن الأئمة من قريش إلى آخر الفصل [ 87 ] اختلاف الفرق الإسلامية في كون الأئمة من قريش و قد اختلف الناس في اشتراط النسب في الإمامة فقال قوم من قدماء أصحابنا إن النسب ليس بشرط فيها أصلا و إنها تصلح في القرشي و غير القرشي إذا كان فاضلا مستجمعا للشرائط المعتبرة و اجتمعت الكلمة عليه و هو قول الخوارج . و قال أكثر أصحابنا و أكثر الناس إن النسب شرط فيها و إنها لا تصلح إلا في العرب خاصة و من العرب في قريش خاصة و قال أكثر أصحابنا معنى قول النبي ص الأئمة من قريش أن القرشية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة فإن لم يكن فيها من يصلح فليست القرشية شرطا فيها . و قال بعض أصحابنا معنى الخبر أنه لا تخلو قريش أبدا ممن يصلح للإمامة فأوجبوا بهذا الخبر وجود من يصلح من قريش لها في كل عصر و زمان . و قال معظم الزيدية إنها في الفاطميين خاصة من الطالبيين لا تصلح في غير البطنين و لا تصح إلا بشرط أن يقوم بها و يدعو إليها فاضل زاهد عالم عادل شجاع سائس و بعض الزيدية يجيز الإمامة في غير الفاطميين من ولد علي ع و هو من أقوالهم الشاذة . و أما الراوندية فإنهم خصصوها بالعباس رحمه الله و ولده من بين بطون قريش كلها و هذا القول هو الذي ظهر في أيام المنصور و المهدي و أما الإمامية فإنهم جعلوها سارية في ولد الحسين ع في أشخاص مخصوصين و لا تصلح عندهم لغيرهم . و جعلها الكيسانية في محمد بن الحنفية و ولده و منهم من نقلها منه إلى ولد غيره . فإن قلت إنك شرحت هذا الكتاب على قواعد المعتزلة و أصولهم فما قولك في هذا [ 88 ] الكلام و هو تصريح بأن الإمامة لا تصلح من قريش إلا في بني هاشم خاصة و ليس ذلك بمذهب للمعتزلة لا متقدميهم و لا متأخريهم . قلت هذا الموضع مشكل و لي فيه نظر و إن صح أن عليا ع قاله قلت كما قال لأنه ثبت عندي أن النبي ص قال إنه مع الحق و أن الحق يدور معه حيثما دار و يمكن أن يتأول و يطبق على مذهب المعتزلة فيحمل على أن المراد به كمال الإمامة كما حمل قوله ص لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد على نفي الكمال لا على نفي الصحة : مِنْهَا آثَرُوا عَاجِلاً وَ أَخَّرُوا آجِلاً وَ تَرَكُوا صَافِياً وَ شَرِبُوا آجِناً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وَ قَدْ صَحِبَ اَلْمُنْكَرَ فَأَلِفَهُ وَ بَسِئَ بِهِ وَ وَافَقَهُ حَتَّى شَابَتْ عَلَيْهِ مَفَارِقُهُ وَ صُبِغَتْ بِهِ خَلاَئِقُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَالتَّيَّارِ لاَ يُبَالِي مَا غَرَّقَ أَوْ كَوَقْعِ اَلنَّارِ فِي اَلْهَشِيمِ لاَ يَحْفِلُ مَا حَرَّقَ أَيْنَ اَلْعُقُولُ اَلْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ اَلْهُدَى وَ اَلْأَبْصَارُ اَللاَّمِحَةُ إِلَى مَنَازِلِ اَلتَّقْوَى أَيْنَ اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي وُهِبَتْ لِلَّهِ وَ عُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ اِزْدَحَمُوا عَلَى اَلْحُطَامِ وَ تَشَاحُّوا عَلَى اَلْحَرَامِ وَ رُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ فَصَرَفُوا عَنِ اَلْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ وَ أَقْبَلُوا إِلَى اَلنَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ وَ دَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَ وَلَّوْا وَ دَعَاهُمُ اَلشَّيْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَ أَقْبَلُوا [ 89 ] آثروا اختاروا و أخروا تركوا الآجن الماء المتغير أجن الماء يأجن و يأجن . و بسئ به ألفه و ناقة بسوء ألفت الحالب و لا تمنعه و شابت عليه مفارقه طال عهده به مذ زمن الصبا حتى صار شيخا و صبغت به خلائقه ما صارت طبعا لأن العادة طبيعة ثانية . مزبدا أي ذو زبد و هو ما يخرج من الفم كالرغوة يضرب مثلا للرجل الصائل المقتحم . و التيار معظم اللجة و المراد به هاهنا السيل و الهشيم دقاق الحطب . و لا يحفل بفتح حرف المضارعة لأن الماضي ثلاثي أي لا يبالي . و الأبصار اللامحة الناظرة و تشاحوا تضايقوا كل منهم يريد ألا يفوته ذلك و أصله الشح و هو البخل . فإن قلت هذا الكلام يرجع إلى الصحابة الذين تقدم ذكرهم في أول الخطبة . قلت لا و إن زعم قوم أنه عناهم بل هو إشارة إلى قوم ممن يأتي من الخلف بعد السلف أ لا تراه قال كأني أنظر إلى فاسقهم قد صحب المنكر فألفه و هذا اللفظ إنما يقال في حق من لم يوجد بعد كما قال في حق الأتراك كأني أنظر إليهم قوما كأن وجوههم المجان و كما قال في حق صاحب الزنج كأني به يا أحنف قد سار في الجيش و كما قال في الخطبة التي ذكرناها آنفا كأني به قد نعق بالشام يعني به عبد الملك و حوشي ع أن يعني بهذا الكلام الصحابة لأنهم ما آثروا العاجل و لا أخروا الآجل و لا صحبوا المنكر و لا أقبلوا كالتيار لا يبالي ما غرق و لا كالنار لا تبالي ما أحرقت و لا ازدحموا على الحطام و لا تشاحوا على الحرام و لا صرفوا عن الجنة وجوههم و لا أقبلوا [ 90 ] إلى النار بأعمالهم و لا دعاهم الرحمن فولوا و لا دعاهم الشيطان فاستجابوا و قد علم كل أحد حسن سيرتهم و سداد طريقتهم و إعراضهم عن الدنيا و قد ملكوها و زهدهم فيها و قد تمكنوا منها و لو لا قوله كأني أنظر إلى فاسقهم لم أبعد أن يعني بذلك قوما ممن عليه اسم الصحابة و هو ردي‏ء الطريقة كالمغيرة بن شعبة و عمرو بن العاص و مروان بن الحكم و معاوية و جماعة معدودة أحبوا الدنيا و استغواهم الشيطان و هم معدودون في كتب أصحابنا و من اشتغل بعلوم السيرة و التواريخ عرفهم بأعيانهم