جستجو

و من كلام له ع في شأن طلحة و الزبير و في البيعة له طلحة و الزبير

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام فيمعنى طلحة و الزبير و هو المأة و السابع و الثلاثون من المختار فى باب الخطب و الأشبه انّه ملتقط من خطبة طويلة قدّمنا روايتها في شرح الخطبة الثانية و العشرين بطرق عديدة فليتذكّر و اللّه ما أنكروا علىّ منكرا ، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا ، و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه ، فإن كنت شريكهم [ 334 ] فيه فإنّ لهم نصيبهم منه ، و إن كانوا ولّوه دوني فما الطّلبة إلاّ قبلهم و إنّ أوّل عدلهم للحكم على أنفسهم ، و إنّ معى لبصيرتي ما لبّست و لا لبّس علىّ و إنّها للفئة الباغية فيها الحمأ و الحمة و الشّبهة المغدفة ، و إنّ الأمر لواضح ، و قد راح الباطل عن نصابه ، و انقطع لسانه عن شغبه ، و أيم اللّه لا فرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ، لا يصدرون عنه برىّ ، و لا يعبّون بعده في حسى . منها : فأقبلتم إليّ إقبال العوذ المطافيل على أولادها تقولون البيعة البيعة ، قبضت كفّي فبسطتموها ، و نازعتكم يدي فجاذبتموها ، ألّلهمّ إنّهما قطعاني ، و ظلماني ، و نكثا بيعتي ، و ألبّا النّاس علىّ فاحلل ما عقدا ، و لا تحكم لهما ما أبرما ، و أرهما المسائة فيما أمّلا و عملا ، و لقد استتبتهما قبل القتال ، و استأنيت بهما قبل الوقاع ، فغمطا النّعمة ، و ردّ العافية . اللغة ( النّصف ) محرّكة اسم من الانصاف و هو العدل و ( الطّلبة ) بكسر الّلام المطلوب و ( لبّست ) بالبناء للفاعل و ( لبّس ) بالبناء للمفعول ، قال الشّارح المعتزلي ، و لبّست على فلان الأمر و لبس عليه الأمر كلاهما بالتخفيف و لكنّ [ 335 ] الموجود في ما رأيته من النسخ بالتشديد قال الفيروزآبادى : لبس عليه الأمر يلبسه خلطه و ألبسه غطّاه ، و أمر ملبس و ملتبس بالأمر مشتبه التّلبيس و التّخليط و التدليس ، و قال بعض الشّارحين : التّشديد للتكثير . و ( الحماء ) بالتّحريك كالحماة بالتآء الأسود المنتن ، قال سبحانه : من صلصال من حماء مسنون ، و يروى حما مقصورة ، و ( الحمة ) بضمّ الحاء و فتح الميم و تخفيفها العقرب و كلّشى‏ء يلسع أو يلدغ و ( المغدفة ) بفتح الدّال الخفيفة من اغدفت المرئة قناعها أرسلته على وجهها ، و عن بعض النّسخ بكسر الدال من أغدف اللّيل إذا أظلم و ( النّصاب ) الأصل و المرجع . ( و الشّغب ) بسكون الغين المعجمة تهييج الشرّ من شغب الحقد شغبا من باب منع و في لغة ضعيفة بالتحريك و ماضيها شغب بالكسر كفرح و ( افرطنّ ) بضم الهمزة من باب الافعال من أفرطت المزادة أى ملاتها ، و يروى بفتح الهمزة و ضمّ الرّاء من فرط زيد القوم أى سبقهم فهو فرط بالتحريك و ( الماتح ) المستقى من فوق و ( العبّ ) شرب الماء من غير مصّ أو تتابع الجرع . ( الحسى ) في النّسخ بكسر الحاء و سكون السّين قال الشّارح المعتزلي : ماء كامن في رمل يحفر عنه فليستخرج و جمعه أحساء و في القاموس الحسى كالى سهل من الأرض يستنقع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر و كلّما نزحت دلوا جمت اخرى جمعه احساء و حساء و ( العوذ ) بالضمّ الحديثات النتّاج من النوق و الظباء و كلّ انثى كالعوذ ان جمعا عائذ كحائل و حول و راع و رعيان و ( المطافيل ) كالمطافل جمع المطفل و زان محسن ذات الطّفل من الانس و الوحش و ( التّأليب ) النحريض و الافساد و ( أحكم ) الشي‏ء أتقنه و ( أبرم ) الحبل جعله طاقين ثمّ فتله و أبرم الأمر أحكمه . و ( استتبتهما ) في بعض النّسخ بالثاء المثلّثة من ثاب يثوب أى رجع و منه المثابة للمنزل ، لأنّ النّاس يرجعون إليه في أسفارهم و في بعضها استتبتهما بالتاء المثناة من تاب يتوب أى طلبت منهما أن يتوبا و ( استأنيت ) من الاناة و استانى [ 336 ] بفلان انتظر به و ( غمط ) فلان بالنّعمة إذا لم يشكرها و حقّرها من باب ضرب و سمع الاعراب قال الشّارح المعتزلي : نصفا على حذف المضاف أى ذا نصف أى حكما منصفا عادلا يحكم بيني و بينهم . أقول : و الأولى أن يقدّر المضاف المحذوف لفظ الحكم أى حكم نصف و عدل إذ على ما ذكره الشّارح يحتاج إلى حذف موصوف ذا و هو تكلف مستغني عنه فتأمل و عن في قوله : عن نصابه ، إمّا بمعناها الأصليّ أو بمعنى بعد كما في قوله تعالى : عمّا قليل لتصبحنّ نادمين ، و قوله : و لأفرطنّ لهم حوضا ، قد مضى اعرابه في شرح الخطبة العاشرة ، و جملة أنا ماتحه ، في محلّ النّصب صفة لحوضا ، و جملة لا يصدرون عنه حال من الضمير في ماتحه ، و البيعة البيعة ، منصوبان على الاغراء المعنى اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام كما نبّه عليه السيّد ( ره ) وارد فيمعنى طلحة و الزّبير أى القصد فيه متوجّه إليهما و الغرض منه تقريعهما و توبيخهما و توبيخ سائر أصحاب الجمل و ابطال ما نقموه عليه و ردّ ما تشبّثوا به في خروجهم عن ربقة طاعته . و أشار عليه السّلام إلى وجه البطلان بقوله ( و اللّه ما أنكروا علىّ منكرا ) قبيحا يعنى أنّ ما زعموه منكرا من قتل عثمان و التّسوية في العطاء فليس هو بمنكر في الواقع حتّى يرد علىّ إنكارهم ، و إنّما حملهم على الانكار الحسد و حبّ الاستيثار بالدّنيا و التفضيل في العطاء ( و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا ) أى حكما عدلا ( و انهم ليطلبون حقّا هم تركوه ) قال الشّارح المعتزلي : أى يظهرون أنّهم يطلبون حقّا بخروجهم إلى البصرة و قد تركوا الحقّ بالمدينة ، و قيل : المراد بالحقّ نصرة عثمان و إعانته [ 337 ] أقول : و الظاهر أنه أراد بالحقّ حقّ القصاص ، يعني أنّهم يطلبون حقّ القود من قاتلي عثمان و لكنّهم هم الذين تركوه حيث أمسكوا النكير على قاتليه ، فتقديم المسند إليه للتّخصيص ردّا عليهم إلى زعمهم انفراد أمير المؤمنين عليه السّلام و أصحابه بترك الحقّ . و مثله قوله ( و دما هم سفكوه ) أى لا غيرهم و أراد به دم عثمان ، و يدلّ على سفكهم دمه و كونهم أشدّ النّاس تحريضا عليه ما قدّمناه في شرح الخطبة الثانية و العشرين و الكلام الثلاثين . و يدلّ عليه أيضا ما رواه في شرح المعتزلي و غيره أنّ عثمان قال : ويلي على ابن الخضرميّة ، يعني طلحة أعطينه كذا و كذا ذهبا و هو يروم دمي يحرض على نفسي اللّهم لا تمتّعه به . قال الشّارح و روى النّاس الذين صنفوا في واقعة الدّار أنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعا بثوب قد استتر به عن أعين النّاس يرمى الدّار 1 السّهام ، و أنّه لمّا امتنع على الّذين حصروه الدّخول من باب الدّار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها و تسوّروا منها على عثمان داره فقتلوه . و رووا أيضا أنّ الزّبير كان يقول : اقتلوه فقد بدّل دينكم ، فقالوا : إنّ ابنك يحامي عنه بالباب ، فقال : ما أكره أن يقتل عثمان و لو بدء بابني إنّ عثمان لجيفة على الصّراط غدا ، و قال مروان بن الحكم يوم الجمل : و اللّه لا أترك ثارى و أنا أراه و لأقتلنّ طلحة بعثمان فانّه قتله ثمّ رماه بسهم فأصاب مأبضه 2 فنزف الدّم 3 حتّى مات . فقد ظهر من ذلك أنّه لا ريب في إغرائهم و تحريضهم و دخولهم في دم عثمان فلا يجوز لهم المطالبة بدمه منه ، لأنّ دخولهم فيه إمّا أن يكون بالاشتراك ، أو ----------- ( 1 ) أى دار عثمان التى حصروه فيه ، منه . ----------- ( 2 ) المأبض كمجلس باطن الركبة و من البعير باطن المرفق ، ق ----------- ( 3 ) نزف فلان دمه اذا سال حتى يفرط ، لغة [ 338 ] يكون بالاستقلال ، و على التّقديرين فيبطل المطالبة . أمّا على التّقدير الأول فلما أشار إليه بقوله ( فان كنت شريكهم فيه فانّ لهم نصيبهم منه ) و ليس لأحد الشّريكين أن يطالب الشّريك الآخر بل اللاّزم له أن يبدء بنفسه و يسلّمها إلى أولياء المقتول ثمّ بالشريك الآخر . و أمّا على التّقدير الثّاني فلما أشار إليه بقوله ( و إن كانوا و لوّه ) و باشروه ( دونى فما الطّلبة ) أى المطلوب ( إلاّ قبلهم ) فاللاّزم عليهم أن يخصّوا أنفسهم بالمطالبة وحدهم ( و إنّ أوّل عدلهم ) الّذى جعلوه عذرا في نقض البيعة و الخروج إلى البصرة حيث قالوا إنّما خرجنا للأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر و إقامة العدل و إماتة الباطل و إحياء الحقّ ( للحكم على أنفسهم ) و الانكار للمنكر الذي أتوا به و اقتصاص الدّم الذي هجموا عليه قبل الانكار ، و الحكم على غيرهم لأنّ النّهى عن المنكر إنّما هو بعد التّناهى ( و انّ معى لبصيرتي ) و عقلى ( ما لبّست و لا لبّس علىّ ) و قد مضى معنى هذه الفقرة في شرح الخطبة العاشرة . و يحتمل احتمالا قويّا أن يكون المراد أنّه ما لبّست على نفسى و لا على النّاس أمرى و أمورهم و لم يلبس أيضا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأمر علىّ بل ما أقدم عليه في أمرى و أمر النّاس و ما أخبرني به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو الحقّ و بالاتباع أحقّ ، و في هذا الكلام تعريض عليهم بأنّهم غابت عنهم عقولهم و تاهت حلومهم ، و أنّ ما أقدموا عليه أمر ملتبس ، و أنّ خروجهم إنّما هو بهوى النّفس و النّاس مدلّسون ملبّسون ثمّ قال : ( و إنّها للفئة الباغية ) يعنى أنّ هذه الفئة للفئة الّتي أخبرني رسول اللّه ببغيها و خروجها علىّ حيث قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا تذهب اللّيالي و الأيام حتّى تتنابح كلاب مآء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائى في فئة باغية ، على ما تقدّم في رواية الاحتجاج في التّنبيه الثاني من شرح الكلام الثّالث عشر ، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : له عليه السّلام غير مرّة أنّك ستقاتل النّاكثين و القاسطين و المارقين ، أو ما هذا معناه . و تقدّم في شرح الفصل الخامس من الخطبة الثّالثة في رواية غاية المرام [ 339 ] أنّ امّ سلمة قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : يا رسول اللّه من النّاكثون ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة و ينكثون بالبصرة ، و لسبق عهد هذه الفئة أتى بها معرّفة بلام العهد . و قوله : ( فيها الحماء و الحمة ) قال الشارح البحراني : استعارة للغلّ و الفساد الذي كان في صدور هذه الفئة ، و وجه الاستعارة استلزامه لتكدير الاسلام و إثارة الفتنة بين المسلمين كما تكدّر الحماة الماء و تخبثه و استلزامه للأذى و القتل كما يستلزم ذلك سمّ العقرب . و قال الشّارح المعتزلي : أى في هذه الفئة الفساد و الضّلال و الضّرر ، و إذا أرادت العرب أن تعبّر عن الضّلال و الفساد قالت الحماء مثل الحماة بالتاء و يروى فيها الحما بألف مقصورة و هو كناية عن الزّبير لأنّ كلّ ما كان بسبب الرّجل فهم الأحماء واحدهم حما مثل قفا و أقفاء ، و ما كان بسبب المرأة فهم الأحمات ، و قد كان الزّبير من عمّة رسول اللّه و قد كان النّبي صلّى اللّه عليه و آله أعلم عليّا بأنّ فئة من المسلمين تبغى عليه أيّام خلافته فيها بعض زوجاته و بعض أحمائه فكنّى عليّ عليه السّلام عن الزّوجة بالحمة ، و هي سمّ العقرب و ظهر أنّ الحماء الذي أخبر النّبي صلّى اللّه عليه و آله بخروجه مع هؤلاء البغاة هو الزّبير ابن عمّته . أقول : و هذا ألطف ممّا ذكره البحراني ، و يؤيد ما قاله من أنّه كنّى عن الزّوجة بالحمة ما يرويه السيّد ( ره ) عنه في أواخر الكتاب من قوله : المرئة عقرب حلوة اللّبسة ، أى حلوة اللّسعة . و قوله : ( و الشبهة المغدفة ) أى الشّبهة الخفية المستورة التي لبّسوا بها على أكثر النّاس من طلب دم عثمان و من روى بكسر الدّال فالمراد الشّبهة المظلمة اى الموقعة في ظلمة الجهالة التي لم يهتد فيها أكثر الخلق حتّى قتلوا بسببها كما لا يهتدى في ظلمة اللّيل . ثمّ قال ( و انّ الأمر لواضح ) أى عند ذوى العقول لعلمهم بأنّى على الحقّ و أنّ الباغين علىّ على الباطل و أنّ خروجهم بعد بيعتهم إنّما هو لمحض الغلّ [ 340 ] و الحسد و الاستيثار بالدّنيا عن اتّباع الهوى ( و قد راح ) أى تنحّى و بعد ( الباطل ) أى باطلهم ( عن نصابه ) و أصله يعني ما أتوا به من الباطل لا أصل له ( و انقطع لسانه عن شغبه ) استعارة بالكناية حيث شبّه الباطل بحيوان ذى لسان فأثبت له اللّسان تخييلا و ذكر الشّغب ترشيح . و محصّل المراد أنّه بعد وضوح الأمر فيّ و في أنّي على الحقّ لم يبق للباطل أصل و قد خرس و اعتقل لسانه عن تهيّج شرّه ، و يحتمل أن يكون المرد بالباطل الباطل الّذي كان له رواج في زمن المتخلّفين الثلاثة ، أى قد زال الباطل بعد موتهم و بيعة النّاس إلىّ عن أصله و تزعزعت أركانه و انهدم بنيانه و انقطع لسانه بعد ما هيّج شرّه فلا اعتداد بنكث هؤلاء القوم و بغى هذه الباغية . ثمّ هدّدهم بقوله ( و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ) و قد سبق شرح هذه الفقرة في شرح الخطبة العاشرة و قوله ( لا يصدرون عنه برىّ ) يعني أنّ هذا الحوض ليس كسائر الحياض الحقيقية التى يردها الظّمان فيصدر عنها برىّ و يروى غلّته ، بل الواردون إليه أن لا يعود ( و لا يعبّون بعده في حسى ) أى لا يشربون بعده بارد الماء ابدا لهلاكهم و غرقهم في ذلك الحوض . و قال السيد ( ره ) ( منها ) هكذا في أكثر ما عندنا من النّسخ ، و الأولى منه بدله كما في بعضها و لعلّ الأوّل من تحريف النّساخ لأنّ العنوان بقوله : و من كلام ، فلا وجه لتأنيث الضّمير الرّاجع إليه و الغرض بهذا الفصل تأكيد الاحتجاج على الفئة الباغية بنحو آخر و هو قوله : ( فأقبلتم إلىّ ) للبيعة مزدحمين منثالين ( إقبال العوذ المطافيل ) أى الوالدات الحديثات النتاج و ذات الطّفل على أولادها و تشبيهه إقبالهم باقبالها لأنّها أكثر إقبالا و أشدّ عطفا و حنّة على أولادها . ( تقولون البيعة البيعة ) أى هلمّ البيعة أقبل إليها و فائدة التكرار شدّة حرصهم إليها و فرط رغبتهم فيها ( قبضت كفّى ) و امتنعت ( فبسطتموها و نازعتكم يدى ) من التّوسع في الاسناد أى نازعتكم بيدى و تمنّعت ( فجاذبتموها ) فبايعتم عن جدّ و طوع منكم و كره و زهد منّى [ 341 ] ثمّ شكا إلى اللّه سبحانه من طلحة و الزّبير بقوله ( اللّهمّ إنّهما قطعاني ) أى قطعا رحمى لأنّهما كانت لهما رحم ماسة به عليه السّلام لكونهم جميعا من قريش مضافا إلى ما للزّبير من القرابة القريبة فانّه كان ابن عمّة أمير المؤمنين و امّه صفية بنت عبد المطّلب عليه السّلام ( و ظلماني ) في خروجهما إلىّ و مطالبة ما ليس لهما بحقّ ( و نكثا بيعتي ) و نقضاها ( و ألبّا النّاس ) و أفسداهم ( عليّ ) . ثمّ دعا عليهما بقوله ( فاحلل ما عقدا ) من العزوم الفاسدة الّتي أضمراها في نفوسهم ( و لا تحكم لهما ما أبرما ) أى لا تجعل ما أبرماه و أحكماه في أمر الحرب محكما مبرما ( و أرهما المسائة فيما أمّلا و عملا ) أى أرهما المسائة في الدّنيا و الآخرة و لا تنلهما آمالهما و اجزهما السّوءى بأعمالهما و أفعالهما . ثمّ اعتذر من قتاله معهما بانّه انّما قام بالقتال بعد اكمال النّصح و الموعظة و اتمام الحجّة قاصرا على البغى فيكون اللاّئمة في ذلك راجعة اليهما لا إليه و الذّنب عليهما لا عليه و هو معنى قوله ( و لقد استتبتهما قبل القتال ) أى طلبت منهما أن يرجعا عن البغى أو يتوبا عن ذنبهما استعطافا لهما ( و استأنيت بهما قبل الوقاع ) أى تأنّيت و تثبّت بهما قبل وقاع الحرب لعلّهما يرجعا إلى الحقّ ( ف ) لم يقبلا نصحى و لم يسمعا قولى بل أصرّا على البغى و المخالفة و ( غمطا النّعمة ) اى استحقرا ما أنعم اللّه عليهما و هو قسمتهما من بيت المال و طلبا الزّيادة و التّوفير ( و ردّا العافية ) أى السّلامة في الدّنيا و الدّين فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين . تنبيه قال الشّارح المعتزلي في شرح قوله عليه السّلام : اللّهم إنّهما قطعاني إلى قوله و عملا امّا و صفهما بما وصف به من القطع و الظلم و النّكث و التأليب فقد صدق عليه السّلام فيه ، و أمّا دعاؤه فاستجيبت له و المسائة التي دعا بهما مسائة الدّنيا لا مسائة الآخرة ، فانّ اللّه قد وعدهما على لسان رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالجنّة و إنّما استوجبا بالتوبة التي ينقلها أصحابنا عنهما في كتبهم و لولاها لكانا من الهالكين . [ 342 ] أقول : ظاهر قول الامام عليه السّلام و أرهما المسائة هو الاطلاق و تقييدها بمسائة الدنيا لا دليل عليه ، و أمّا وعد اللّه لهما بالجنّة فغير ثابت و مدّعيه كاذب لأنّ المدّعى إنّما استند فيه إلى حديث العشرة الذي قدّمنا في التذييل الثّاني من شرح الكلام الثالث و الأربعين ضعفه و بطلانه و أنّه ممّا تفرّد المخالفون بروايته . و نزيد على ما قدّمنا ما قاله الشّيخ ( ره ) في محكيّ كلامه من تلخيص الشافي عند الكلام على بطلان هذا الخبر إنّه لا يجوز أن يعلم اللّه مكلّفا ليس بمعصوم من الذّنوب بأنّ عاقبته الجنّة ، لأنّ ذلك يغريه بالقبيح و ليس يمكن أحدا ادّعاء عصمة التّسعة و لو لم يكن إلاّ ما وقع من طلحة و الزّبير من الكبيرة لكفى ، و قد ذكرنا أنّ هذا الخبر لو كان صحيحا لاحتجّ به أبو بكر لنفسه و احتجّ به له في السقيفة و غيرها ، و كذلك عمر و عثمان . و ممّا يبيّن أيضا بطلانه إمساك طلحة و الزبير عن الاحتجاج به لما دعوا النّاس إلى نصرتهما و استنفارهم إلى الحرب معهما ، و أىّ فضيلة أعظم و أفخم من الشّهادة لهما بالجنّة ، و كيف يعدلان مع العلم و الحاجة عن ذكره إلاّ لأنّه باطل ، و يمكن أن يسلّم مسلّم هذا الخبر و يحمله على الاستحقاق في الحال لا العاقبة فكانّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أراد أنّهم يدخلون الجنّة إن وافوا بما هم عليه ، و يكون الفائدة في الخبر إعلامنا بأنّهم يستحقّون الثواب في هذا الحال ، هذا . و أمّا قول الشّارح إنّهما استوجبا الجنّة بالتّوبة الّتي ينقلها أصحابنا عنهما ففيه إنّا قدّمنا في شرح الكلام الثامن بطلان توبة الزّبير ، و في شرح الكلام الثاني عشر بطلان توبة طلحة ، و أقول هنا : قال الشّيخ ( ره ) في محكيّ كلامه من تلخيص الشافي بعد كلام طويل له على بطلان توبتهما تركناه حذرا من الاطالة و الاطناب ما لفظه : و روى الشّعبي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال : ألا إنّ ائمة الكفر في الاسلام خمسة : طلحة ، و الزّبير ، و معاوية ، و عمرو بن العاص ، و أبو موسى الأشعري ، و قد روى مثل ذلك عن عبد اللّه بن مسعود . [ 343 ] و روى نوح بن درّاج عن محمّد بن مسلم عن حبّة العرني قال : سمعت عليّا عليه السّلام حين برز أهل الجمل يقول : و اللّه لقد علمت صاحبة الهودج أنّ أهل الجمل ملعونون على لسان النّبي الامّي و قد خاب من افترى ، و قد روى هذا المعنى بهذا اللّفظة أو بقريب منه من طرق مختلفة . و روى البلادرى في تاريخه باسناده عن جويرية بن أسماء أنّه قال : بلغني أنّ الزبير حين ولي و لم يكن بسط يده بسيفه اعترضه عمّار بن ياسر بالرّمح و قال أين يا أبا عبد اللّه و أنت ما كنت بجبان و لكني احسبك شككت ؟ قال : و هو ذاك و مضى حتّى نزل بوادى السّباع فقتله ابن جرموز ، و اعترافه بالشكّ يدلّ على خلاف التوبة لأنّه لو كان تائبا لقال له في الجواب ما شككت بل تحقّقت انّك و صاحبك إلى الحقّ و أنا على الباطل و قد ندمت على ما كان منّي و أىّ توبة لشاكّ غير متحقّق . فهذه الأخبار و ما شاكلها تعارض أخبارهم لو كان لها ظاهر يشهد بالتوبة ، و إذا تعارضت الأخبار في التوبة و الاصرار سقط الجميع و تمسكنا بما كنّا عليه من أحكام فسقهم و عظيم ذنبهم ، و ليس لهم أن يقولوا إنّ كلّ ما رويتموه من طريق الآحاد و ذلك إنّ جميع أخبارهم بهذه المثابة ، و كثير ممّا رويناه أظهر ممّا رووه و أفشى و إن كان من طريق الآحاد فالأمر ان سيّان . و أمّا توبة طلحة فالأمر فيها أضيق على المخالف من توبة الزّبير ، لأنّ طلحة قتل بين الصّفين مباشرا للحرب مجتهدا فيها و لم يرجع عنها حتّى أصابه السّهم فأتى على نفسه ، و ادّعاء توبة مثل هذا مكابرة ، و ليس لأحد أن يقول إنّه قال بعد ما أصابه السهم : ندمت ندامة الكسعى لمّا رأت عيناه ما صنعت يداه لأنّ هذا بعيد عن الصّواب و البيت المروىّ بأن يدلّ على خلاف التّوبة أولى لأنّه جعل ندامته ندامة الكسعى و خبر الكسعى معروف لأنّه ندم بحيث لا ينفعه النّدم و حيث فاته الأمر و خرج عن يده ، و لو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة [ 344 ] الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعى ، بل كان شبيها لندامة من تلافي ما فرط فيه على وجه ينتفع به . و روى حسين الأشفر عن يوسف البزاز عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال أمير المؤمنين عليه السّلام لطلحة و هو صريع فقال : اقعدوه ، فأقعد ، فقال عليه السّلام : قد كان لك سابقة لكن دخل الشّيطان في منخريك فأدخلك النّار ، انتهى كلامه رفع مقامه و قد ظهر بذلك بطلان توبتهما كما توهّمه الشّارح المعتزلى وفاقا لأصحابه المعتزلة و تبيّن أنّهما في النار خالدين ببغيهم على الامام المبين ، هذا . و ندامة الكسعى يضرب بها المثل فيقال : أندم من الكسعى ، و هو محارب بن قيس من بني كسع حىّ من اليمن كان يرعى إبلا بواد معشب فرأى نبقة على صخرة فأعجبته فقطعها و اتّخذ منها قوسا ، فمرّت به قطعان من حمر الوحش ليلا فرمى عشرا فأنفذها و أخرج السّهم فأصاب الجبل فارى نارا فظنّ أنّه أخطا ، ثمّ مرّ قطيع آخر فرماه كالأوّل و فعل ذلك مرارا فعمد إلى قوسه فكسره من حنقه ، فلما أصبح و أى الحمر قتلن مضرّجة بالدّم فندم و عضّ إبهامه فقطعها الترجمة از جمله كلام آن امام أنام است عليه الصّلاة و السّلام در معنى و مقصوديكه متعلّق است بطلحه و زبير و وارد است در مذمت و توبيخ ايشان و ابطال دعويشان در مطالبه خون عثمان ميفرمايد : قسم بخدا انكار نكردند بر من فعل منكر قبيح را ، و قرار ندادند در ميان من و ميان خودشان حكم عدلى را ، و بدرستي كه ايشان طلب ميكنند حقّى را كه خود آنها ترك كرده‏اند ، و خوني را كه خود آنها ريخته‏اند آنرا ، پس اگر باشم من شريك ايشان در آن خون پس بدرستى كه مر ايشانراست نصيبشان از آن خون ، و اگر مباشر شدند آنرا بدون من پس نيست مطلوب ايشان مگر پيش خودشان ، و بدرستى كه اول عدالت ايشان حكم كردن است بر خودشان ، و بدرستى كه با من است بصيرت [ 345 ] من تلبيس نكرده‏ام و تلبيس كرده نشده بر من ، و بدرستى كه اين جماعت همان جماعت طاغيه باغيه است كه پيغمبر خدا صلّى اللّه عليه و آله خبر داده بود ، در اين جماعت است گل سياه متغير و زهر عقرب و شبهه صاحب ظلمت ، و بدرستى كه امر در اين شبهه واضح است ، و بتحقيق كه كنار شده است باطل از أصل خود ، و بريده شده زبان آن از برانگيختن شر و فساد خود ، و سوگند بخدا هر آينه پر ميسازم بجهت ايشان حوض جنگيرا كه منم كشنده آب آن در حالتيكه بر نگردند از آن حوض سيراب و نياشامند بعد از آن آب خوشگوار . بعضى از اين كلام در ردّ ايشانست بطرز آخر كه ميفرمايد : پس اقبال كرديد بطرف من مثل اقبال شتران نوزايندگان صاحبان طفل بر اولاد خود در حالتيكه ميگفتيد بيا ببيعت اقبال كن ببيعت ، بهم گرفتم و قبض نمودم كف خود را پس بسط كرديد شما آنرا ، و منازعه كرد با شما دست من پس كشيديد دست مرا ، پروردگارا بدرستى كه طلحه و زبير قطع رحم كردند از من و ظلم كردند بر من و شكستند بيعت مرا و تحريص و تحريك كردند خلق را بر محاربه من ، پس بگشاى آنچه كه بسته‏اند آن را از عزمهاى فاسده ، و محكم نساز از براى ايشان آنچه كه استوار كرده‏اند آن را از رأيهاي باطله ، و بنماى بايشان پريشاني را در آنچه كه اميد دارند و در آنچه كه عمل ميآرند ، و بتحقيق كه طلب كردم از ايشان باز گشتن ايشان را از بغى و ظلم پيش از مقاتله ، و منتظر شدم و توقّف نمودن بايشان پيش از محاربه ، پس حقير شمردند نعمت را و كفران نمودند و رد كردند سلامتى را و خود را بورطه هلاكت أفكندند .