جستجو

و من كلام له ع في التحكيم و ذلك بعد سماعه لأمر الحكمين

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام فى التحكيم و هو المأة و الخامس و العشرون من المختار فى باب الخطب . و رواه الطبرسى في الاحتجاج الى قوله لاول البغى نحوه قال عليه السّلام إنّا لم نحكّم الرّجال و إنّما حكّمنا القرآن و هذا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين الدّفتين ، لا ينطق بلسان و لا بدّله من ترجمان ، و إنّما ينطق عنه الرّجال ، و لمّا دعانا القوم إلى أن نحكّم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب اللّه تعالى ، و قد قال سبحانه : فإن [ 170 ] تنازعتم في شي‏ء فردّوه إلى اللّه و الرّسول ، فردّه إلى اللّه أن نحكم بكتابه ، و ردّه إلى الرّسول أن نأخذ بسنّته ، فاذا حكم بالصّدق في كتاب اللّه فنحن أحقّ النّاس به ، و إن حكم بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فنحن أولاهم به ، و أمّا قولكم لم جعلت بينكم و بينهم أجلا في التّحكيم فإنّما فعلت ذلك ليتبيّن الجاهل ، و يتثبّت العالم و لعلّ اللّه أن يصلح في هذه الهدنة أمر هذه الأمّة ، و لا تؤخذ بأكظامها فتعجل عن تبيّن الحقّ ، و تنقاد لأوّل الغيّ ، إنّ أفضل النّاس عند اللّه من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه و إن نقصه و كرثه من الباطل و إن جرّ إليه فائدة و زاده فأين يتاه بكم و من أين أتيتم ، إستعدّوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحقّ لا يبصرونه ، و موزّعين بالجور و لا يعدلون به ، جفاة عن الكتاب نكّب عن الطّريق ، ما أنتم بوثيقة يعلق بها ، و لا زوافر عزّ يعتصم إليها ، لبئس حشّاش نار الحرب أنتم ، أفّ لكم لقد لقيت منكم برحا يوما أناديكم و يوما أناجيكم ، فلا أحرار صدق عند النّداء ، و لا إخوان ثقة عند النّجاء . اللغة ( دفّتا ) المصحف جانباه المكتنفان به و ( الترجمان ) و زان زعفران و عنفوان و ريهقان مفسّر اللّسان باللّسان الآخر ، و التاء أصلية و الألف و النّون زائدتان و الفعل ترجم و ( التبيّن ) يستعمل لازما و متعدّيا و ( التثبّت ) التأنّى في الامور و ( الهدنة ) [ 171 ] بالضمّ المصالحة و الدّعة و السكون و ( الأكظام ) جمع كظم كأسباب و سبب و مخرج النفس من الحلق و ( كرثه ) الغمّ من باب نصر و ضرب و أكرثه اشتدّ عليه و بلغ منه المشقة . و ( تاه ) يتيه تيها تحيّر و ضلّ أو تكبّر و ( اتيتم ) بالبناء على المفعول و ( أوزعته ) بكذا ألهمته و قال الجوهريّ أوزعته بالشي‏ء أغريته به و ( جفات ) جمع جاف من جفا السرج عن ظهر الفرس نبا و ارتفع و ( نكب ) عن الطريق ينكب نكوبا من باب قعد عدل و ( زافرة ) الرّجل خواصّه و أنصاره و ( الحشاش ) بضمّ الحاء و تشديد الشين جمع حاش و هو الموقد للنار و يروى حشاش بالكسر و التخفيف و هو ما يحشّ به النار أى يوقد و ( البرح ) الشدّة و في بعض النسخ بالتاء و هو الحزن و ( النجاء ) المناجاة مصدر ناجيته نجاء مثل صارعته صراعا و ضاربته ضرابا الاعراب قوله : بين الدّفتين ، ظرف لغو متعلّق بقوله مسطور أو مستقرّ صفة لخطّ أو حال ضمير مسطور ، و مثله في احتمال الوصفية و الحالية جملة لا ينطق آه ، و لعلّ اللّه أن يصلح آه لعلّ حرف موضوع للتوقّع و هو الترجّى للمحبوب و الاشفاق من المكروه و تنصب الاسم و ترفع الخبر مثل ساير الحروف المشبّهة بالفعل و يقترن خبرها كثيرا بأن كما في هذا المقام و في قوله : لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة عليك من اللاّء يدعنك أجدعا 1 حملا لها على عسى لاشتراكهما في الدلالة على التّرجّى على سبيل الانشاء فان قلت : أن تجعل مدخولها في تأويل المصدر و عليه فكيف يصحّ الحمل في قوله : لعلّ اللّه أن يصلح و قولك لعلّ زيدا أن يقوم إذ الحدث لا يكون خبرا عن الجثة . قلت : هذا اشكال تعرّض له علماء الأدبيّة في باب عسى و تفصّوا عنه بوجوه ----------- ( 1 ) الاجدع بالجيم و الدال المهملة مقطوع الانف أى لعلك ان تنزل عليك نازلة من نوازل الدهر من اللاّء يتركنك بهذا الصفة من الجدع ، منه [ 172 ] احدها أن يقدر هنا مضاف إمّا في الاسم أو في الخبر ، فمعنى عسى زيد أن يقوم عسى حال زيد أن يقوم أو عسى زيد صاحب أن يقوم ، و نوقش فيه بأنه تكلّف إذ لم يظهر هذا المضاف إلى اللّفظ أبدا لا في الاسم و لا في الخبر و ثانيها أنّ أن زائدة ، و ردّ بأنّ الزايد لا يلزم إلاّ مع بعض الكلم و لزومه مطردا في موضع معيّن مع أىّ كلمة كانت بعيد و ثالثها ما قاله الكوفيّون و هو أنّ أن مع الفعل في محلّ الرّفع بدلا مما قبله بدل اشتمال كقوله تعالى : لا يَنْهيكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ في الدّينِ إلى قوله : أَنْ تَبَرُّوهُمْ . أى لا ينهيكم اللّه عن أن تبرّوهم قال نجم الأئمة : و الذي أرى أنّ هذا وجه قريب فيكون في نحو يا زيدون عسى أن يقوموا قد جاء بما كان بدلا من الفاعل مكان الفاعل و المعنى أيضا يساعد على ما ذهبوا إليه ، لأنّ عسى بمعنى يتوقّع ، فمعنى عسى زيد أن يقوم أى يتوقّع و يرجا قيامه و إنما غلب فيه بدل الاشتمال لأنّ فيه اجمالا ثمّ تفصيلا و في إبهام الشي‏ء ثمّ تفسيره وقع عظيم لذلك الشى في‏ء النفس و قوله و لا يؤخذ باكظامها عطف على قوله يتبيّن ، و قوله : حيارى و جفاة و نكب بالجرّ صفة لقوم ، و قوله ما انتم بوثيقة بالجرّ على حذف المضاف أو الموصوف أى بذوى وثيقة أو بعروة وثيقة ، و الباء في قوله و لا يعدلون به إما بمعنى عن كما ذهب إليه الكوفيّون في قوله تعالى : فاسئل به خبيرا ، أى عنه و يؤيّده ما في بعض النسخ بدل به عنه أوصلة بمعناها الأصلى . المعنى اعلم أنّ هذا الكلام قاله عليه السّلام في مقام الاحتجاج على الخوارج حيث أنكروا عليه التحكيم ، و قد مضى في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين كيفية التحكيم و بدء خروج الخوارج ، و في شرح الخطبة السادسة و الثلاثين احتجاجاته عليه السّلام معهم من كتابى المناقب لابن شهر آشوب و كشف الغمة لعليّ بن عيسى الأربلى ، و نقول هنا [ 173 ] قد روى الطبرسي في الاحتجاج احتجاجه معهم نحو ما قدّمناه من المناقب و لا بأس بايراده هنا لاختلاف الروايتين و توضيحا للمقام و تأكيدا لما تقدّم فأقول : قال ( ره ) : و روى أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أرسل عبد اللّه بن العباس إلى الخوارج و كان بمرئى منهم و مسمع قالوا له في الجواب : إنّا نقمنا يابن عباس على صاحبك خصالا كلّها مكفرة موبقة تدعوا إلى النار أمّا أولها فانّه محا اسمه من امرة المؤمنين ثمّ كتب ذلك بينه و بين معاوية فاذا لم يكن أمير المؤمنين و نحن المؤمنون فلسنا نرضى بأن يكون أميرنا و أمّا الثانية فانه شكّ في نفسه حيث قال للحكمين انظرا فان كان معاوية أحقّ بها فاثبتاه و إن كنت أولى بها فاثبتانى فاذا هو شكّ في نفسه و لم يدر أهو حقّ أم معاوية فنحن فيه أشدّ شكا و الثالثة أنه جعل الحكم إلى غيره و قد كان عندنا أحكم الناس و الرابعة أنه حكم الرّجال في دين اللّه و لم يكن ذلك إليه . و الخامسة أنه قسم بيننا الكراع و السّلاح يوم البصرة و منعنا النساء و الذريّة . و السادسة أنه كان وصيّا فضيّع الوصيّة قال ابن عبّاس قد سمعت يا أمير المؤمنين مقالة القوم و أنت أحقّ بجوابهم ، فقال عليه السّلام : نعم ، ثمّ قال : يابن عبّاس قل لهم ألستم ترضون بحكم اللّه و حكم رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ؟ قالوا : نعم ، قال : ابدء بما بدءتم به في بدء الأمر ثمّ قال عليه السّلام : كنت أكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الوحى و القضايا و الشروط و الأمان يوم صالح أبا سفيان و سهيل بن عمرو فكتبت : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما اصطلح عليه محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أبا سفيان بن صخر بن حرب و سهيل بن عمرو فقال سهيل إنا لا نعرف الرّحمن الرّحيم ، و لا نقرّ أنّك رسول اللّه ، و لكن نحسب ذلك شرفا لك أن تقدّم اسمك قبل أسمائنا و ان كنا أسنّ منك و أبي أسنّ من أبيك ، فأمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال اكتب مكان بسم اللّه الرّحمن الرّحيم : باسمك اللهمّ ، فمحوت ذلك و كتبت باسمك اللهمّ و محوت رسول اللّه و كتبت محمّد بن عبد اللّه ، فقال لي : إنك تدعى إلى [ 174 ] مثلها فتجيب و أنت مكره و هكذا كتبت بيني و بين معاوية و عمرو بن العاص : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين و معاوية و عمرو بن العاص فقالا : لقد ظلمناك إن أقررنا أنك أمير المؤمنين و قاتلناك ، و لكن اكتب عليّ بن أبي طالب ، فمحوت كما محى رسول اللّه ، فان أبيتم ذلك فقد جحدتم ، فقالوا : هذه لك خرجت منها قال : و أمّا قولكم انى شككت في نفسي حيث قلت للحكمين انظرا فان كان معاوية أحق بها منّي فأثبتاه ، فانّ ذلك لم يكن شكا منّى ، و لكنى أنصفت فى القول قال اللّه تعالى : وَ إِنّا أو إِيّاكُمْ لَعَلى‏ هُدىً أَوْ في ضَلالٍ مُبينٍ و لم يكن ذلك شكا و قد علم اللّه أنّ نبيّه على الحقّ قالوا : و هذه لك قال عليه السّلام : و أمّا قولكم إني جعلت الحكم إلى غيرى و قد كنت عندكم أحكم النّاس ، فهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة و قد كان من أحكم الناس فقد قال اللّه تعالى : لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فتأسّيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالوا : و هذه لك بحجّتنا قال : و أمّا قولكم إنّي حكمت في دين اللّه الرّجال ، فما حكمت الرّجال و إنما حكمت كلام الربّ الذي جعله اللّه حكما بين أهله ، و قد حكم اللّه الرّجال في طائر فقال : وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزائُهُ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النِّعَمِ يَحْكُمُ بِه‏ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ . فدماء المسلمين أعظم من دم طائر قالوا ، و هذه لك بحجّتنا قال : و أمّا قولكم إنّي قسمت يوم البصرة لما اظفر اللّه بأصحاب الجمل الكراع و السلاح و منعتكم النساء و الذريّة فاني مننت على أهل البصرة كما منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [ 175 ] على أهل مكّة و ان كان عدوّا علينا أخذناهم بذنوبهم و لم نأخذ صغيرا بكبير ، و بعد فايّكم كان يأخذ عايشة في سهمه ؟ قالوا : و هذه لك بحجّتنا قال : و أمّا قولكم إني كنت وصيّا و ضيّعت الوصيّة فأنتم كفرتم و قدمتم علىّ و أزلتم الأمر عنّى ، و ليس على الأوصياء الدّعا إلى أنفسهم إنما يبعث الأنبياء عليهم السّلام فيدعون إلى أنفسهم ، و أمّا الوصىّ فمدلول عليه مستغن عن الدّعاء إلى نفسه و ذلك لمن آمن باللّه و رسوله و لقد قال اللّه تعالى : وَ لِلَّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً فلو ترك الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه و لكن كانوا يكفرون بتركهم لأنّ اللّه قد نصبه لهم علما و كذلك نصبنى علما حيث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : يا على أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، أنت منّي بمنزلة الكعبة تؤتى و لا تأتي ، فقالوا هذه لك بحجّتنا فادعونا ، فرجع بعضهم و بقى منهم أربعة آلاف لم يرجعوا ممّن كانوا قعدوا عنه ، فقاتلهم و قتلهم إذا عرفت ذلك فأقول : إنّه قد ظهر لك من هذه الرّواية و من رواية ، المناقب المتقدّمة أنّ من جملة ما نقم الخوارج عليه عليه السّلام تحكيمه للرّجال ، و من جملته أنه عليه السّلام ضرب للتحكيم أجلا معيّنا ، فساق هذا الكلام دفعا لشبهتهم و قال في ردّ الأوّل و دفعه : إنّ دعويكم علىّ بتحكيم الرجال غير صحيحة ل ( أنا لم نحكّم الرجال و انما حكّمنا القرآن و هذا القرآن انما هو خطّ مسطور بين الدفّتين لا ينطق بلسان و لا بدّ له من مفسّر و ترجمان و إنما ينطق عنه ) و يترجمه ( الرجال و لما دعانا القوم ) أى أهل الشام ( إلى أن نحكّم بيننا القرآن ) حسبما مرّ تفصيله في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين ( لم نكن الفريق المتولى عن كتاب اللّه سبحانه و قد ) ذمّ اللّه أقواما على ذلك حيث قال : و إذا دعوا إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم تولّوا إلاّ قليلا منهم و هم معرضون بل لا بدّ لنا من التسليم و الاجابة امتثالا لأمره تعالى حيث ( قال عزّ من قائل فان تنازعتم في شي‏ء فردّوه إلى اللّه و الرّسول ) [ 176 ] و لما كان الردّ إلى اللّه و الرّسول مجملا محتاجا إلى التفسير و البيان فسّره بقوله ( فردّه إلى اللّه ) سبحانه ( أن نحكم بكتابه ) العزيز ( و ردّه إلى الرّسول أن نأخذ بسنّته ) القويمة ( فاذا حكم بالصدق في كتاب اللّه ) أى بقول مطابق للواقع لا بتفسيره عن رأى و اعتقاد فاسد ( فنحن أحقّ الناس به ) أى باللّه أو بكتاب اللّه أو بالحكم الصّدق المستنبط من الكتاب و لوجب بمقتضاه الحكم بخلافتنا و وجوب المتابعة لنا لأنّ اللّه سبحانه قد قال فيه : أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهْدي إِلاّ أَنْ يُهْدي‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و قال : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ . ( و إن حكم بسنّة رسول اللّه ) بالحقّ لا بتأويله عن هوى النفس ( فنحن أولاهم بها ) أى بالسنّة و في بعض النسخ به أى بالحكم الحقّ المستفاد من السنّة أو أولاهم بالرّسول لقوله فيه أنت منّى بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدى ، و غيره مما قال فيه من الأخبار الدالة على أولويته عليه السّلام حسبما قدّمناها في شرح الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية و غيرها أيضا و محصّل جوابه عليه السّلام انه لما نقموا عليه بتحكيم الرّجال أجاب لهم بأنّ القوم لما رفعوا المصاحف على الرّماح و دعونا إلى كتاب اللّه سبحانه و العمل بحكمه لم يسعنا التّولّى و الاعراض و إن كان دعوتهم في الظاهر ايمانا و في الباطن كفرا و عدوانا ، فأجبنا إليهم دعوتهم و رضينا بالتحكيم بالقرآن ، و حيث إنّ القرآن خطّ مسطور محتاج إلى المفسّر و المترجم قرّرنا الرجلين لمسيس الحاجة إلى التفسير و الترجمة ، فالحكم في الواقع و الحقيقة هو القرآن لا الرّجلان ، و انما وجودهما توصّلا إلى التفسير و البيان و حاجة إلى المفسر و التّرجمان ، مع انه قد مرّ غير مرّة أنّ رضاه عليه السّلام بالتحكيم كان إجبارا و اضطرارا ، لا رغبة و اختيارا ، هذا [ 177 ] و لما كان هناك مظنّة أن يقال إنّك بعد ما رضيت بالحكمين و لو من باب الحاجة إلى الترجمة فهلاّ انفذت قولهما و لم لم ترض بحكمهما ؟ فأجاب عليه السّلام عنه بأنّ الواجب علينا اتّباعهما لو كانا يحكمان في السنّة و الكتاب بالصدق و الصّواب و لو حكما بالحقّ لكنّا به أحقّ ، لكنهما حكما بالهوى و الخطاء فلا يجب علينا الرضاء و الاتباع و لا التنفيذ و الامضاء ، هذا . و العجب من الشّارح المعتزلي حيث ذكر في هذا المقام سؤالا و جوابا ملخّصه أنه إذا كان البناء على تفسير الرجلين و ترجمتهما و حكمهما في واقعة أهل العراق و أهل الشام بما في القرآن دلالة عليه فمن الجائز اختلافهما في تفسيره و تأويله و استدلال كلّ منهما بدليل يوافق غرضه أو تفسير كلّ منهما لآية واحدة على ما يطابق رأيه ، إذ ليس فيه نصّ صريح يحسم مادّة النزاع و يرفع الخلاف من البين . و أجاب بأنّ الحكمين لو تأمّلا الكتاب حقّ التّأمّل لوجد فيه النّص الصريح على خلافة أمير المؤمنين ، لأنّ فيه النصّ الصّريح على أنّ الاجماع حجّة و معاوية لم يكن مخالفا في هذه المقدّمة و لا أهل الشام ، و إذا كان الاجماع حجّة فقد وقع الاجماع لما توفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أنّ اختيار خمسة من صلحاء المسلمين لواحد منهم و بيعته يوجب لزوم طاعته و صحّة خلافته ، و قد بايع أمير المؤمنين خمسة من صلحاء الصحابة بل خمسون ، فوجب أن تصحّ خلافته ، و إذا صحّت خلافته نفذت أحكامه ، فقد ثبت أنّ الكتاب لو تؤمّل حق التأمّل لكان الحقّ مع أهل العراق و لم يكن لأهل الشام ما يقدح في استنباطهم المذكور ، انتهى كلامه هبط مقامه . أقول : أما قوله إنّ الحكمين لو تأمّلا الكتاب لوجدا فيه النّص الصريح على خلافة أمير المؤمنين ، فهو حقّ لا ريب فيه ، لأنّ الآيات الدالّة على خلافته عليه السّلام كثيرة لا تحصى ، و قد مضى جملة منها في مقدّمات الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية و أشرنا إلى بعضها هنا أيضا . و أما قوله لأنّ فيه النّص الصّريح على حجيّة الاجماع ، فلا يخفى ما فيه من الخبط و الخطاء ، لانّه مع وجود النّص من القرآن على أصل الخلافة لا داعى [ 178 ] إلى إقامته النّص على حجّية الاجماع ثمّ الاستدلال به على خلافته ، و إنما هو أشبه شي‏ء بالأكل من القفاء و لعلّ الشارح إنما التزم به لأجل حماية الحمى و ذابّا عن الخلفاء ، لأنّه لو التزم بوجود النّص على أصل الخلافة لم يجد بدّا من الالتزام ببطلان خلافة المتخلّفين كالالتزام ببطلان خلافة معاوية ، و في ذلك ابطال ما اختاره من المذهب و الدّين . و بعد الغضّ عن ذلك أقول : أىّ نصّ صريح في القرآن على حجّية الاجماع فانّ الآيات التي استدلّ بها الجمهور عليها من قوله سبحانه : وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى‏ وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ الْمُؤْمِنينَ نُوَلِّه‏ ما تَولّى‏ وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ و قوله : وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً و قوله : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ و قوله : فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ . و غير ذلك مما استدلوا بها عليها جلّها بل كلّها غير خال عن المناقشة و الفساد كما نبّه عليه الفحول في كتب الاصول ، فانظر إلى كتابي التّهذيب و النّهاية للعلامة الحلّى طاب ثراه تجد صدق ما قلناه و بعد التنزل و التسليم أقول : غاية الأمر أنّ هذه الأدلّة من قبيل الظّواهر لا من قبيل النصوص ، ثمّ لا أدرى ماذا يريد بقوله : فقد وقع الاجماع لما توفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى قوله : و صحّة خلافته ، و أى شي‏ء كان غرضه من اقحامه في البين مع عدم ربطه بالدعوى و عدم الحاجة إليه في اثبات المدّعي ، لأنّه إذا دلّ الدليل من القرآن على حجّية الاجماع ، و قام الاجماع على خلافة أمير المؤمنين فتثبت خلافته [ 179 ] من غير حاجة إلى مقدّمة اخرى اللّهم إلاّ أن يقال بأنّ غاية ما دلّ عليه القرآن هو حجّية الاجماع و أما أنّ المعتبر في حصول الاجماع على البيعة هل هو اتفاق الكلّ أو يكفى اتفاق البعض و على الثاني فأقلّ ما يحصل به هل هو اتفاق سبعة أو حمسة أو ثلاثة أم يكفى الاثنان كما ذهب إلى كلّ منها قوم ، فهذا شي‏ء لا دلالة في القرآن عليه فاحتيج في تعيين القدر المعتبر في حصوله إلى دليل آخر فذكر هذه المقدّمة لاثبات أنّ المعتبر فيه هو اتفاق الخمسة لا الزايد ، فعلى هذا فلا تكون تلك المقدّمة مستغنا عنها ، اذ على فرض اعتبار اتفاق الكلّ في حصوله لا ينهض هذا الدليل على اثبات المدّعى كما لا يخفى إلاّ انّه يتوجّه عليه أنه بعد اشتراط اعتبار الخمسة في مقام الاختيار و البيعة لا بدّله من الالتزام ببطلان خلافة أبي بكر ، لما قد مرّ في المقصد الثاني من المقدّمة الثانية من مقدّمات الخطبة الشقشقية من أنّ خلافته لم تنعقد إلاّ ببيعة عمر و أبي عبيدة و سالم و لم يكن هنالك خمسة نفر ، و قد مضى ثمّة حكاية كلام من صاحب المواقف و شارحه ينفعك ذكره في هذا المقام و لو سلّمنا وجود خمسة أيضا حينئذ لما يجديه لاشتراطه في الخمسة هنا أن يكونوا من صلحاء المسلمين ، و من الواضح أنّ الصلحاء يومئذ قد كانوا من المنكرين لخلافته لا المبايعين و إنما بايعه طغاة 1 طغام و عبيد كالأنعام و تخلّف عنه وجوه الصحابة في بيت أمير المؤمنين ثمّ أخرجوا ملببّين و بايعوا مكرهين كما عرفت ذلك كلّه في مقدمات الخطبة الشقشقيّة و غيرها هذا كلّه على التنزّل و المماشاة ، و إلاّ فقد قدّمنا في مقدّمات الخطبة المذكورة من أنّ الامامة لا تكون إلاّ بالنصّ من اللّه و رسوله لاشتراط العصمة فيه التي لا يعرفها إلاّ اللّه و رسوله ، و لا تنعقد ببيعة أجلاف العرب و لا أشرافها كما لا تبطل بعدم بيعتهم فافهم ذلك و اغتنم و بالهدى فاستقم ، هذا ----------- ( 1 ) الطغاة جمع الطاغى و الطغام بالطاء لمهملة و الغين المعجمة الاوغاد و السفلة من الناس ، منه [ 180 ] و قال عليه السّلام في ردّ الثاني ( و أما قولكم لم جعلت بينكم و بينهم أجلا في التحكيم فانما فعلت ذلك ليتبيّن الجاهل ) و يظهر له وجه الحقّ ( و يتثبت العالم ) و يطمئنّ قلبه ( و لعلّ اللّه أن يصلح في هذه الهدنة ) و المصالحة ( أمر هذه الامة ) المفتونة ( و ) انما فعلته أيضا لئ ( لا تؤخذ ) الامة ( بأكظامها ) أى مجارى أنفاسها ( فتعجل عن تبيّن الحقّ و تنقاد لأوّل الغىّ ) و هو أوّل شبهة عرضت لهم من رفع المصاحف . يعني أنى لو أعجلت في الأمر و تركت ضرب الأجل بيني و بينهم و التنفيس عنهم لا لجأهم الارهاق و ضيق الخناق إلى البقاء على الجهل و العمى و الانقياد إلى الغىّ و الغوى و عدم ظهور وجه الحقّ و الهدى و هو مناف للغرض المطلوب للشارع و مخالف للمقصود ( إنّ أفضل الناس عند اللّه ) سبحانه ( من ) آثر الحقّ و ( كان العمل بالحقّ أحبّ اليه و إن نقصه و كرثه ) أى يوجب لنقصانه و يوقعه في الشدّة و المشقة ( من الباطل و إن جرّ اليه فائدة و زاده ) ثمّ قال ( فأين يتاه بكم ) و تذهبون في التيه و الحيرة ( و من أين اتيتم ) أى من أىّ وجه أتاكم الشيطان و استحوذ عليكم ، أو من أىّ المداخل دخلت عليكم الشبهة و الحيلة و الاستفهام على التعجّب . ثمّ حثّهم على الجهاد و قال ( استعدّوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحقّ ) متحيّرين عنه ( لا يبصرونه و موزعين ) ملهمين ( بالجور لا يعدلون به ) أى عنه إلى غيره أو لا يجعلون له مثلا و عديلا ( جفاة عن الكتاب ) بعيدون عنه ( نكب عن الطريق ) أى عادلون عن طريق الهدى إلى سمت الرّدى ثمّ وبّخهم على التثاقل و التساهل فقال ( ما أنتم ) ( ب ) عروة ( وثيقة يعلق ) و يتمسك ( بها ) عند القتال ( و لا زوافر عزّ يعتصم ) و يلتجاء ( اليها ) عند براز الأبطال ( لبئس حشاش نار الحرب أنتم افّ لكم لقد لقيت منكم ترحا ) أى شدّة و أذى ( يوما اناديكم ) جهارا للحثّ على الجهاد ( و يوما اناجيكم ) سرّا بتدبير امور الحرب و الارشاد إلى الرشاد ( فلا أحرار صدق عند النداء ) حتّى تنصرون و تحمون ( و لا اخوان ثقة عند النجاء ) حتّى تكتمون السرّ و تحفظون [ 181 ] الترجمة از جمله كلام بلاغت نظام آن امام عاليمقام است در خصوص تحكيم عمرو عاص و أبي موسى اشعري و رد كردن شبهه خوارج فرمود كه بدرستى ما حكم نگردانيديم مردمان را ، بلكه حكم قرار داديم ما قرآن را و اين قرآن جز اين نيست كه خطى است نوشته شده ميان دو جلد كه نطق نميكند بزبان ، و ناچار است مر او را از ترجمان ، و جز اين نيست كه گويا ميشود از آن مردمان ، و هنگامى كه دعوت كرد ما را قوم معاويه ملعون بآنكه حاكم گردانيديم در ميان خود قرآن را نشديم گروهى كه اعراض نمايد از كتاب خدا و حال آنكه خدا فرموده در كتاب مجيد : فان تنازعتم في شي‏ء فردّوه إلى اللّه و الرسول ، يعنى پس اگر نزاع كرديد در چيزى از امور دنيا و آخرت پس ردّ كنيد آنرا بسوى خدا و رسول ، پس ردّ كردن شي‏ء متنازع فيه بسوى خدا آنست كه حكم كنيم با كتاب خدا ، و رد كردن آن بسوى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم آنست كه أخذ كنيم سنت و طريقه او را ، پس اگر حكم كرده شود بصدق و راستى در كتاب خدا پس ما سزاوارترين مردمانيم بآن ، و اگر حكم كرده شود بطريقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم پس ما اولويّة داريم بآن . و أما قول شما كه چرا گردانيدى در ميان خود و ميان ايشان مدّتى معين در تحكيم ، پس جز اين نيست كه كردم آنرا تا دانا شود جاهل ، و تأمل نمايد عالم و شايد كه خداوند اصلاح نمايد در اين مدّت مصالحه أمر اين امّت را ، و بتنگى نيفتد و گرفته نشود مجارى نفس ايشان ، پس شتابانيده شوند از دانستن حقّ ، و گردن نهاده شوند مر اول گمراهى را ، بدرستى أفضل مردمان در نزد خداوند تعالى كسى است كه عمل كردن بحقّ محبوب‏تر باشد بسوى او اگر چه نقصان برساند باو ، و اندوهگين نمايد او را از عمل كردن بباطل اگر چه جلب منفعت كند بسوى او . پس از كجا بحيرت افتاده شديد و از كجا آمده شديد يعنى از كجا آمد شيطان [ 182 ] ملعون بسوى شما و مسلّط گرديد بر شما مهيا شويد براى رفتن بسوى جهاد قومى كه حيران و سرگردانند از راه حق كه نمى‏بينند آن را ، و الهام شدند بظلم و ستم كه عدول نمى‏كنند از آن و دورانند از فهم مضامين كتاب ، و اعراض كنندگانند از راه صواب . نيستيد شما صاحبان وثوق كه تمسك بشود باو ، و نه أعوان و أنصار عزّت كه چنگ زده شود بآنها ، هر آينه بد فروزندگان آتش حربيد شما ، دلتنگى باد شما را هر آينه ملاقات كردم از شما بشدّت و أذيّت ، يك روزى صدا ميكنم شما را از براى جنگ در راه خدا ، و يك روز نجوى ميكنم با شما از تدبير امور أعداء ، پس نيستيد شما از مردانيكه صفت آزادى و حميّت در آنها هست در وقت نداء ، و نه برادرانى كه اعتماد ميشود بر ايشان هنگام رازگوئى و نجوى .