جستجو

و من كلام له ع يذكر فضله و يعظ الناس

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

[ 110 ] و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و التاسع عشر من المختار في باب الخطب تاللَّه لقد علّمت تبليغ الرّسالات ، و إتمام العدات ، و تمام الكلمات ، و عندنا أهل البيت أبواب الحكم ، و ضياء الأمر ، ألا و إنّ شرائع الدّين واحدة ، و سبله قاصدة ، من أخذ بها لحق و غنم ، و من وقف عنها ضلّ و ندم ، إعملوا ليوم تذخر له الذّخائر ، و تبلى فيه السّرائر ، و من لا ينفعه حاضر لبّه ، فعازبه اعجز ، و غائبه أعوز ، و اتّقوا نارا حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و حليتها حديد ، و شرابها صديد ، ألا و إنّ اللّسان الصّالح يجعله اللَّه للمرء في النّاس خير من مال يورثه من لا يحمده . اللغة ( علّمت ) في أكثر النّسخ على صيغة المجهول من باب التفعيل و في بعضها بالتخفيف على المعلوم ، قال الشّارح المعتزلي : و الرّواية الاولى أحسن و ( الحكم ) في أكثر النسخ بالضمّ و سكون الكاف و في بعضها بالكسر و فتح الكاف جمع الحكمة و ( عزب ) الشّي‏ء من باب قعد بعد عنّى و غاب و ( عوز ) الشّي‏ء كفرح إذا لم يوجد و الرجل افتقر و أعوزه الدهر أفقره . الاعراب قوله عليه السّلام : و عندنا أهل البيت في أكثر النّسخ بالجرّ ، و في بعضها بالنصب أمّا الثاني فعلى الاختصاص ، و أمّا الأوّل فعلى كونه بدلا من ضمير المتكلّم كما يراه بعض علماء الأدبية أو على أنه عطف بيان كما هو الأظهر . [ 111 ] فان قلت : صرّح الأدبيّون بأنّ عطف البيان إنّما يؤتى به لا يضاح متبوعه و ههنا المتبوع أعرف من التابع فكيف يجوز الاتباع ؟ قلت : هذا مبنيّ على الأغلب و إلاّ فقد يؤتى بالبيان لقصد المدح كما قاله المحقّق التفتازاني ، حيث قال : فائدة عطف البيان لا تنحصر في الايضاح لما ذكر صاحب الكشاف أنّ البيت الحرام في قوله تعالى : جعل اللَّه الكعبة البيت الحرام قياما للنّاس ، عطف بيان جي‏ء به للمدح لا للايضاح كما تجي‏ء الصّفة لذلك ، انتهى و جملة تذخر له الذّخائر مجرورة المحلّ على الوصف ، و جملة يجعله اللَّه في محلّ النصب على الحال أو الوصف ، و جملة يورثه من لا يحمده وصفيّة . المعنى اعلم أنّ المقصود بهذا الكلام كما يفهم من سياقه الاشارة إلى وجوب اتباعه و ملازمته و التمسك بذيل ولايته و اتباع الطّيبين من عترته و ذريّته ، و وجوب أخذ معالم الدّين و أحكام الشّرع المبين عنهم عليهم السّلام ، و عقّبه بالأمر بأخذ الزاد ليوم المعاد ، و لذلك ذكر جملة من فضائله المخصوصة به المفيدة لتقدّمه على غيره ، و الدّالة على وجوب تقديمه نظرا إلى قبح ترجيح المرجوح على الرّاجح ، و غير خفيّ على الذّكيّ البصير أنّ كلا من هذه الخصايص برهان واضح و شاهد صدق على اختصاص الخلافة و الولاية بهم عليهم السّلام و على أنّها حقّ لهم دون غيرهم . و افتتح كلامه بالقسم البارّ تحقيقا للمقصد فقال : ( تاللَّه لقد علّمت تبليغ الرسالات ) أى علّمنيه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بتعليم من اللَّه سبحانه و أعلمنيه بأمر منه تعالى ، لا أنّه علمه بوحى كما توهمه بعض الغلات ، لأنّ الأئمة عليهم السّلام محدّثون ، و الرسالة هو الاخبار عن مراد اللَّه تعالى بكلامه بدون واسطة بشر ، و المراد أنّه عليه السّلام علمه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إبلاغ ما جاء به إلى الخلق على اختلاف ألسنتهم و تعدّد لغاتهم سواء كان ذلك في حال حياة الرّسول كبعثه صلّى اللَّه عليه و آله له عليه السّلام بسورة برائة إلى أهل مكة و عزله لأبي بكر معلّلا بقوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : امرت أن لا يبلغها إلاّ أنا أو رجل منّى و بعثه له إلى الجنّ و نحو ذلك ، أو بعد وفاته صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، فقد كان هو و أولاده الطاهرون [ 112 ] سلام اللَّه عليهم أوعية علم النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و حملة سرّه و حفظة شرعه مؤدّين له إلى امّته و كان عمدة نشر الأحكام و انتشار مسائل الحلال و الحرام و انفتاح باب العلم في زمنهم عليهم السّلام و كانوا مأمورين بالتّبليغ و الانذار ، كما كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم مأمورا بذلك و يشهد بذلك ما رواه الكليني و الطبرسي و العياشي عن الصّادق عليه السّلام في قوله تعالى : و أوحى إلىّ هذا القرآن لانذركم به و من بلغ الآية ، قال : و من بلغ أن يكون اماما من آل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و في غاية المرام عن الصّدوق باسناده عن يزيد « بريد ظ » بن معاوية العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : انّما أنت منذر و لكلّ قوم هاد ، فقال : المنذر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و عليّ الهادي ، و في كلّ وقت و زمان امام منّا يهديهم إلى ما جاء به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم . و فيه أيضا عن الصّدوق مسندا عن أبي هريرة قال : دخلت على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و قد نزلت هذه الآية : إنّما أنت منذر و لكلّ قوم هاد ، فقرأها علينا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال : أنا المنذر ، أ تعرفون الهادى ؟ قلنا : لا يا رسول اللَّه ، قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم هو خاصف النعل ، فطولت الأعناق اذ خرج علينا عليّ عليه السّلام من بعض الحجر و بيده نعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ثمّ التفت إلينا و قال : ألا إنّه المبلّغ عنّى و الامام بعدي و زوج ابنتي و أبو سبطى ، ففخرا نحن أهل بيت أذهب اللَّه عنّا الرجس و طهّرنا تطهيرا من الدّنس الحديث . و في البحار عن بصائر الدرجات باسناده عن انس بن مالك خادم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال : قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يا على أنت تعلّم النّاس تأويل القرآن بما لا يعلمون ، فقال عليّ عليه السّلام : ما ابلغ رسالتك بعدك يا رسول اللَّه ، قال : تخبر النّاس بما اشكل عليهم من تأويل القرآن . و فيه أيضا من كشف الغمة من كتاب محمّد بن عبد اللَّه بن سليمان مسندا عن أنس قال : كنت أخدم النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فقال لي يا أنس بن مالك : يدخل علىّ رجل امام المؤمنين ، و سيّد المسلمين و خير الوصيّين ، فضرب الباب فاذا عليّ بن أبيطالب عليه السّلام فدخل بعرق فجعل النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يمسح العرق عن وجهه و يقول : أنت تؤدّى عنّى [ 113 ] أو تبلغ عني ، فقال : يا رسول اللَّه أو لم تبلغ رسالات ربّك ؟ فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : بلى و لكن أنت تعلم النّاس . ( و إتمام العدات ) أى انجازها يحتمل أن يكون المراد بها ما وعده اللَّه سبحانه في حقّه ، فقد علّمه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بأن اللَّه سيفي به بما انزل عليه في القرآن حيث قال : أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه . روى في غاية المرام عن الحسن بن أبي الحسن الدّيلمي باسناده عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام في هذه الآية قال : الموعود عليّ بن أبيطالب عليه السّلام ، وعده اللَّه أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ، و وعده الجنّة له و لأوليائه في الآخرة . و لكنّ الأظهر أن يراد بها العدات و العهود التي عاهد عليها اللَّه سبحانه ، و يشهد به قوله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللَّه عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا . فقد روت الخاصّة و العامّة أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام و جعفر و حمزة . روى في غاية المرام عن عليّ بن يونس صاحب كتاب صراط المستقيم قال : قال : روى المفسّرون أنها نزلت في عليّ و حمزة ، و لا ريب أنه لمّا قتل حمزة اختصّت بعليّ فامن منه التبديل بحكم التنزيل و روى اختصاصها بعليّ عليه السّلام ابن عبّاس و الصّادق عليه السّلام و أبو نعيم . و فيه أيضا عن محمّد بن العباس الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام باسناده عن جابر عن أبي جعفر و أبي عبد اللَّه عليهما السّلام عن محمّد بن الحنفية رضى اللَّه عنه قال : قال عليّ عليه السّلام : كنت عاهدت اللَّه و رسوله أنا و عمّي حمزة و أخي جعفر و ابن عمّي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به للَّه و رسوله ، فتقدمني أصحابي و خلفت بعدهم لما أراد اللَّه عزّ و جلّ ، فأنزل اللَّه سبحانه فينا : « مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالُ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نحْبَهُ حمزة و جعفر و عبيدة « وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْديلاً » . [ 114 ] أنا المنتظر و ما بدّلت تبديلا . أو يراد بها مواعيد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم التي وعدها للنّاس فقد قال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : أنت وصيّي و وارثي و قاضي ديني و منجز عدتي ، و علّمه صلّى اللَّه عليه و آله كيفيّة أدائها و من أين يؤدّيها . و قد روى في غاية المرام ، عن محمّد بن عليّ الحكيم الترمذي من أعيان علماء العامة في كتابه المسمّى بفتح المبين من كتاب الأوصال قال : و روى أنّ أمير المؤمنين كرم اللَّه وجهه قد أدّى سبعين ألفا من دينه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، و كان أكثره من الموعود . و فيه أيضا من كتاب ثاقب المناقب قال : حدّثني شيخي أبو جعفر محمّد بن حسين الشهرابي في داره بمشهد الرّضا عليه السّلام باسناده إلى عطا عن ابن عباس رضى اللَّه عنه قال : قدم أبو الصمصام العيسى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أناخ ناقته على باب المسجد و دخل و سلّم و أحسن التسليم ثمّ قال : أيكم الفتى الغوى الذي يزعم أنه نبىّ ؟ فوثب إليه سلمان الفارسي « رض » فقال : يا أخا العرب أما ترى صاحب الوجه الأقمر ، و الجبين الأزهر ، و الحوض و الشفاعة ، و التواضع و السكينة ، و المسألة و الاجابة ، و السّيف و القضيب ، و التكبير و التهليل ، و الأقسام و القضية ، و الأحكام الخفيّة ، و النّور و الشرف ، و العلوّ و الرّفعة ، و السخاء و الشجاعة و النجدة ، و الصّلاة المفروضة و الزكاة المكتوبة ، و الحجّ و الاحرام ، و زمزم و المقام ، و المشعر الحرام ، و اليوم المشهود ، و المقام المحمود ، و الحوض المورود ، و الشفاعة الكبرى ، و ذلك مولانا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم . فقال الأعرابيّ : إن كنت نبيّا فقل متى تقوم الساعة و متى يجى‏ء المطر و أىّ شي‏ء في بطن ناقتي و أىّ شي‏ء اكتسب هذا و متى أموت ؟ فبقى صلّى اللَّه عليه و آله ساكتا لا ينطق بشى‏ء فهبط الأمين جبرئيل فقال : يا محمّد اقرء : « إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما في الْأَرْحامِ وَ ما تَدْري نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْري نَفْسُ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [ 115 ] إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ » قال الأعرابي : مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه ، و اقرّ أنّك رسول اللَّه ، فأىّ شي‏ء لي عندك إن آتيك بأهلي و بني عمّي مسلمين ؟ فقال له النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : لك عندي ثمانون ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرايف اليمن و نقط 1 الحجاز . ثمّ التفت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلى عليّ بن أبيطالب عليه السّلام و قال صلّى اللَّه عليه و آله : اكتب يا أبا الحسن بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم أقرّ محمّد بن عبد اللَّه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد المناف و أشهد على نفسه في صحّة عقله و بدنه و جواز أمره أنّ لأبي الصّمصام عليه و عنده و في ذمّته ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق عليها من طرايف اليمن و نقط الحجاز ، و أشهد عليه جميع أصحابه . و خرج أبو الصّمصام إلى أهله ، فقبض النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، فقدم أبو الصّمصام و قد أسلم بنوعيس كلّها ، فقال أبو الصّمصام : ما فعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ؟ قالوا : قبض ، قال : فمن الوصىّ بعده ؟ قالوا ما خلف فينا أحدا ، قال : فمن الخليفة بعده ؟ قالوا : أبو بكر فدخل أبو الصمصام المسجد فقال : يا خليفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إنّ لي على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله دينا ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز ، فقال أبو بكر يا أخا العرب سألت ما فوق العقل ، و اللَّه ما خلف فينا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله لاصفراء و لا بيضاء ، خلف فينا بغلته الذلول ، و درعه الفاضلة فأخذها عليّ بن أبي طالب ، و خلف فينا فدكا فأخذناها بحقّ ، و نبينا محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم لا يورث . فصاح سلمان : كردى و نكردى و حق أمير بردى ، ردّ العمل إلى أهله ثمّ مدّ يده إلى أبي الصّمصام فأقامه إلى منزل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و هو يتوضّأ وضوء الصّلاة ، فقرع سلمان الباب ، فنادى عليّ عليه السّلام : ادخل أنت و أبو الصّمصام العيسى ----------- ( 1 ) لم أجد لفظ النقط في كتب اللغة و الظاهر انه تحريف من النساخ و الصحيح نمط الحجاز و هو ثوب من صوف ذو ألوان و يقال أيضا لما يفرش من مفارش الصوف الملوّنة ، منه . [ 116 ] فقال أبو الصّمصام : اعجوبة و ربّ الكعبة ، من هذا الذي سمّاني و لم يعرفني ؟ فقال سلمان الفارسى « رض » : هذا وصيّ رسول اللَّه ، هذا الذى قال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أنا مدينة العلم و عليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ، هذا الذي قال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : عليّ خير البشر فمن رضى فقد شكر و من أبى فقد كفر ، هذا الذي قال اللَّه تعالى فيه : وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيّاً . هذا الّذي قال اللَّه تعالى فيه : أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُنَ و هذا الّذي قال اللَّه تعالى فيه : أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جَاهَدَ في سَبيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُنَ هذا الّذي قال اللَّه تعالى فيه : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أَنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ . هذا الّذي قال اللَّه تعالى فيه : فَمَنْ حاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جائَكَ مِنَ الْعِلْمِ الآية . هذا الّذي قال اللَّه تعالى فيه : إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً هذا الذي قال اللَّه عزّ و جلّ فيه : إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكوةَ وَ هُمْ راكِعُونَ » ادخل يا أبا الصمصام و سلّم عليه ، فدخل و سلّم عليه ، ثمّ قال : إن لى على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز ، فقال عليه السّلام أمعك حجّة ؟ قال : نعم ، و دفع الوثيقة [ 117 ] فقال عليه السّلام : ناد يا سلمان في الناس : ألا من أراد أن ينظر إلى قضاء دين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فليخرج إلى خارج المدينة . فلمّا كان بالغد خرج النّاس ، و قال المنافقون : كيف يقضى الدين و ليس معه شي‏ء غدا يفتضح من أين له ثمانون ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق عليها من طرائف اليمن ، و نقط الحجاز فلما كان الغد اجتمع الناس و خرج عليّ عليه السّلام في أهل بيته و محبّيه و في الجماعة من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، و أسرّ الحسن عليه السّلام سرّا لم يدر أحد ما هو . ثمّ قال : يا أبا الصمصام امض مع ابني الحسن إلى كثيب الرّمل ، فمضى و معه أبو الصّمصام ، و صلّى ركعتين عند الكثيب ، و كلّم الأرض بكلمات لا يدرى ماهى ، و ضرب على الكثيب بقضيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة مكتوب عليها سطران ، على الأوّل لا إله إلاّ اللَّه محمّد رسول اللَّه ، و على الآخر لا إله إلاّ اللَّه و عليّ وليّ اللَّه ، و ضرب الحسن عليه السّلام تلك الصّخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة ، فقال الحسن عليه السّلام : قديا أبا الصّمصام ، فقاد ، فخرج منها ثمانون ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ، و نقط الحجاز ، و رجع إلى عليّ عليه السّلام فقال عليه السّلام : استوفيت حقك يا أبا الصّمصام ؟ فقال : نعم ، فقال عليه السّلام : سلّم الوثيقة ، فسلّمها إليه فخرقها فقال : هكذا أخبرني ابن عمّي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إنّ اللَّه عزّ و جلّ خلق هذه النّوق في هذه الصخرة قبل أن يخلق ناقة صالح بألفى عام ، ثمّ قال المنافقون : هذا من سحر علىّ قليل . قال صاحب ثاقب المناقب : و يروى هذا الخبر على وجه آخر و هو ما روى أبو محمّد الادريسى عن حمزة بن داود الديلمي عن يعقوب بن يزيد الانبارى عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر عن حبيب الأحول عن أبي حمزة الثّمالي عن شهر بن حوشب عن ابن عبّاس قال : لمّا قبض النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و جلس أبو بكر نادى في النّاس : ألا من كان له على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله عدة أو دين فليأت أبا بكر و ليأت معه شاهدين ، و نادى عليّ عليه السّلام بذلك [ 118 ] على الاطلاق من غير طلب شاهدين ، فجاء أعرابيّ متلثم متقلدا سيفه متنكنا كنانته و فرسه لا يرى منه إلاّ حافره ، و ساق الحديث و لم يذكر الاسم و القبيلة ، و كان ما وعده مأة ناقة حمراء بأزمتها و أثقالها موقّرة ذهبا و فضّة بعبيدها . فلما ذهب سلمان بالأعرابي إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال له حين بصربه : مرحبا بطالب عدة والده من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : فقال : ما وعد أبي يا أبا الحسن ؟ قال : إنّ أباك قدم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله قال : أنا رجل مطاع في قومي إن دعوتهم أجابوك ، و إنّي ضعيف الحال فما تجعل لي إن دعوتهم إلى الاسلام فأسلموا فقال صلّى اللَّه عليه و آله : من أمر الدّنيا أم من أمر الآخرة ؟ قال : و ما عليك أن تجمعهما بي يا رسول اللَّه و قد جمعهما اللَّه لا ناس كثيرة ، فتبسّم النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و قال : اجمع لك خير الدّنيا و الآخرة ، أما في الآخرة فأنت رفيقى في الجنة ، و أمّا في الدّنيا فما تريد ؟ قال : مأة ناقة حمر بأزمتها و عبيدها موقرة ذهبا و فضّة ، ثمّ قال : و إن دعوتهم فأجابوني و قضى علىّ الموت و لم ألقك فتدفع ذلك إلى ولدى قال : نعم على أني لا أراك و لا تراني في دار الدّنيا بعد يومي هذا ، و سيجيبك قومك ، فاذا حضرتك الوفاة فليصر ولدك إلى وليّي من بعدي و وصيّي ، و قد مضى أبوك و دعا قومه فأجابوه و أمرك بالمصير إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إو إلى وصيّه ، وها أنا وصيّه و منجز وعده . فقال الأعرابي : صدقت يا أبا الحسن ، ثمّ كتب عليه السّلام له على خرقة بيضاء و ناول الحسن عليه السّلام ، و قال : يا أبا محمّد سر بهذا الرجل إلى وادي العقيق و سلّم على أهله و اقذف الخرقة و انتظر ساعة حتّى ترى ما يفعل ، فان دفع إليك شي‏ء فادفعه إلى الرجل ، و مضيا بالكتاب . قال ابن عباس : فسرت من حيث لم يرنى أحد ، فلما أشرف الحسن عليه السّلام على الوادي نادى بأعلى صوته السّلام عليكم أيّها السكان البررة الأتقيا أنا ابن وصىّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أنا الحسن بن عليّ سبط رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و ابن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و رسوله إليكم ، و قد قذف الخرقة في الوادي فسمعت من الوادي صوتا لبّيك لبّيك يا سبط رسول اللَّه و ابن البتول و ابن سيد الاوصياء سمعنا و أطعنا انتظر ليدفع إليك ، [ 119 ] فبينا أنا كذلك إذ ظهر غلام لم ادر من اين ظهر و بيده زمام ناقة حمراء تتبعها ستة فلم يزل يخرج غلام بعد غلام في يد كلّ غلام قطار حتّى عددت مأة ناقة حمراء بأزمتها و أحمالها ، فقال الحسن عليه السّلام خذ بزمام نوقك و عبيدك و مالك و امض يرحمك اللَّه هذا و قد روى هذا الحديث بطرق آخر من العامة و الخاصّة نحوا ممّا رويناه . و أما قوله : ( و تمام الكلمات ) فقد فسره الشارح المعتزلى بتأويل القرآن و بيانه الذى يتمّ به ، قال : لأنّ في كلامه تعالى المجمل الذى لا يستغنى عن متمّم و مبيّن يوضحه أقول : إذا كان متمّم القرآن و مبيّنه هو أمير المؤمنين عليه السّلام و لم يمكن الاستغناء فيه عنه عليه السّلام ، فكيف يمكن معذلك تقديم أحلاف العرب الذين لا يعرفون من القرآن إلا اسمه عليه و ترجيحهم عليه ، فانّ القرآن هو إعجاز النبوّة و أساس الملّة و عماد الشريعة ، فلا بد أن يكون القيّم به و العارف له و الحافظ لأسراره ، هو الحجّة لا غير كما هو غير خفيّ على الذكي ذى الفطنة . ثمّ أقول الذي عندي أنه يجوز أن يراد بالكلمات الكلمات القرآنية خصوصا أعنى الآيات و ما تضمّنته من التأويل و التنزيل و المفهوم و المنطوق و الظهر و البطن و النكات و الأسرار ، و ما فيها من الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه و العام و الخاص و المطلق و المقيّد و المجمل و المبيّن و الأمر و النهى و الوعد و الوعيد و الجدل و المثل و القصص و الترغيب و الترهيب إلى غير ذلك ، فانّ تمام ذلك و كلّه عند أمير المؤمنين عليه السّلام و العلم بجميع ذلك مخصوص به و بالطاهرين من أولاده سلام اللَّه عليهم حسبما عرفته تفصيلا و تحقيقا في التّذييل الثّالث من تذييلات الفصل السابع عشر من فصول الخطبة الاولى . و أن يراد بها مطلق كلمات اللَّه النازلة على الأنبياء و الرّسل في الكتب السماوية و الصّحف الالهيّة ، و قد مضى ما يدلّ على معرفتهم بتمام هذه في شرح الفصل الرابع من فصول الخطبة الثانية عند قوله عليه السّلام : و كهف كتبه . و أن يراد بها الأعمّ من هذه أيضا ، و هو الأنسب باقتضاء عموم وظيفتهم عليهم السّلام ، فيكون المراد بها ما ورد في غير واحد من الأخبار من أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله علّم عليا كلمة تفتح ألف كلمة و ألف كلمة يفتح كلّ كلمة ألف كلمة ، و عبّر عنها في أخبار اخر بلفظ الباب و في بعضها بلفظ الحديث و في طايفة بلفظ الحرف . [ 120 ] مثل ما رواه في غاية المرام عن المفيد مسندا عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ ابن الحسين عليهما السّلام قال : علّم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم عليا كلمة تفتح ألف كلمة ، و ألف كلمة يفتح كلّ كلمة ألف كلمة . و فيه عن المفيد أيضا باسناده عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللَّه عن أبيعبد اللَّه عليه السّلام قال : علّم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله عليّا حرفا يفتح ألف حرف كلّ حرف منها يفتح ألف حرف . و فيه أيضا عن محمّد بن الحسن الصّفار مسندا عن أبي حمزة الثّمالى عن أبي إسحاق السّبيعى قال : سمعت بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام ممّن يثق به يقول : سمعت عليّا عليه السّلام يقول : إنّ في صدرى هذا العلما جمّا علّمنيه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله لو أجد له حفظة يرعونه حقّ رعايته و يروونه عنّي كما يسمعونه منّي إذا لأودعتهم بعضه ، يعلم به كثيرا من العلم مفتاح كلّ باب و كلّ باب يفتح ألف باب . و فيه أيضا عن محمّد بن عليّ الحكيم الترمذى عن صاحب الينابيع قال : سأل قوم من اليهود عمر في زمن خلافته عن مسائل بشرط إن أجابهم أو غيره من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم آمنوا به صلّى اللَّه عليه و آله و قالوا : ما قفل السماء و ما مفتاح ذلك القفل ؟ و ما القبر الجاري ؟ و من الرّسول الذي وعظ قومه و لم يكن من الجنّ و لا من الانس ؟ و من الخمسة الذين يسيرون في الأرض و لم يخلقوا في أرحام الامهات ؟ و ما يقول الدّيك في صوته ؟ و الدّراج في هديده ؟ و القمري في هديره ؟ و الفرس في صهيله ؟ و الحمار في نهيقه ؟ و الضفدع في نقيقه ؟ فأطرف عمر زمانا ثمّ رفع رأسه قال لا أدرى ، فقالوا : علمنا أنّ دينكم باطل ، فغدا سلمان « ض » جدّا و أخبر عليا بالقصّة فأتي فلما رآه استقبله و عانقه و أخبره بالقصّة فقال كرّم اللَّه وجهه لا تبال فانّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم علّمني ألف باب من العلم كان يتشعّب منه ألف باب آخر ، قال عمر فاسألوه عنها ، فقال في جوابهم : أمّا قفل السّماء فهو الشرك ، و أمّا مفتاح ذلك القفل فقول لا إله إلاّ اللَّه محمّد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، قالوا : صدق الفتى ، ثمّ قال : و أمّا القبر الجارى فهو الحوت الذي [ 121 ] كان يونس في بطنه حيث دار به في سبعة أبحر ، و أمّا الرّسول الذي لم يكن من الجنّ و الانس فنملة سليمان كما قال اللَّه تعالى : قالَتْ نَمْلَة يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ . و أمّا الخمسة الذين لم يخلقوا في أرحام الامّهات فآدم ، و حوّا ، و ناقة صالح ، و كبش إبراهيم ، و ثعبان موسى ، و أمّا الديك فيقول : اذكرو اللَّه أيّها الغافلون ، و أمّا الدرّاج فيقول : الرّحمن على العرش استوى ، و أمّا القمرى فيقول : الّلهمّ العن مبغضي محمّد و آل محمّد ، و أمّا الفرس فيقول عند الغزو : اللهمّ انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين ، و أمّا الحمار فيلعن العشّار و لا ينهق إلاّ في وجه الشيطان ، و أمّا الضفدع فيقول : سبحان ربّى المعبود في لجج البحار . و روى أنّهم كانوا ثلاثة فآمن منهم اثنان ، و قام ثالثهم فسأل عن أصحاب الكهف و عن أسمائهم و أسماء كهفهم و اسم كلبهم ، فأخبر بكلّها عليّ رضى اللَّه عنه كما رواه عنه صاحب الكشاف في تفسير سورة الكهف ، و قصّ قصّتهم ، فآمن اليهودي . ثمّ قال عليه السّلام : ( و عندنا أهل البيت أبواب الحكم ) يجوز أن يراد بالحكم على رواية ضمّ الحاء و سكون الكاف القضاء و الفصل بين الناس في الخصومات و الدعاوى ، و أن يراد به الحكم الشرعي الفرعي أعني خطاب اللَّه المتعلّق بأفعال المكلّفين . فعلى الاول فالظاهر أنّ المراد بأبوابه هو طرقه و وجوهه ، فانهم عليهم السّلام كانوا عالمين بها عارفين بتمامها يحكمون في القضايا الشخصية على ما يقتضيه المصلحة الكامنة الظاهرية أو الواقعيّة . ففى بعضها كانوا يحكمون بظاهر الشريعة على ما يقتضيه اليمين و البيّنة ، و هو المراد بما روى عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم أنه قال : انّما أنا بشر مثلكم و إنما تختصمون إلىّ و لعلّ بعضكم يكون أعرف بحجّته من بعض فأقضى له على نحوما أسمع منه فمن قضيت له بشي‏ء من حقّ أخيه فلا يأخذه فانما اقطع له قطعة من النار . [ 122 ] و في بعضها بمرّ الحقّ على وجه التّدبير و استخراج وجه الحيلة و الاحتيال في اعمال الحقّ و استخراج الافراد بالحقوق الباطنة بلطايف الفكر كما كان يفعله أمير المؤمنين عليه السّلام في أيام خلافة عمرو غيرها كثيرا ، مثل قضائه في المرأة التي استودعها رجلان وديعة ، و في المرأة التي توفّي عنها . زوجها و ادّعى بنوها أنّها فجرت و في الجارية التي افتضتها سيّدتها اتهاما و رميا لها بالفاحشة حسبما تقدّم تفصيل ذلك كلّه في شرح الفصل الثاني من فصول الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية . و مثل ما رواه عنه في الفقيه قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : توفّى رجل على عهد أمير المؤمنين و خلّف ابنا و عبدا فادّعى كلّ واحد منهما انه الابن و أنّ الآخر عبدله فأتيا أمير المؤمنين عليه السّلام فتحا كما إليه ، فأمر أمير المؤمنين أن يثقب في حايط المسجد ثقبتان ، ثمّ أمر كلّ واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب ، ففعلا ، ثمّ قال : يا قنبر جرّد السيف و أشار إليه لا تفعل ما آمرك به ، ثمّ قال عليه السّلام اضرب عنق العبد العبد قال فنحّى العبد رأسه فأخذه أمير المؤمنين عليه السّلام و قال للآخر أنت الابن و قد اعتقته و جعلته مولى لك . و في بعضها بالحكم الواقعى المحض و به يحكم القايم من آل محمّد سلام اللَّه عليه و عليهم بعد ظهوره ، و هو المعبّر عنه بحكم داود و آل داود في الأخبار ، فانّ داود عليه السّلام كان يعمل زمانا على مقتضى علمه بالوحى من دون أن يسأل عن البيّنة ، ثمّ إنّ بني إسرائيل اتّهموه لبعده عن طور العقل ، فرجع إلى العمل بالبينات ، و قد رويناه في شرح الفصل المذكور من الخطبة الشقشقية عن الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام بما تحكمون إذا حكتمم ؟ فقال : بحكم اللَّه و حكم داود الحديث ، و قد مضى ثمّة أخبار اخر بهذا المعنى . و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحكم بهذا الحكم احيانا ، مثل ما روى عنه في محاكمة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله مع الاعرابي . قال في الفقيه : جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فادّعى عليه سبعين درهما ثمن ناقة باعها منه ، فقال صلّى اللَّه عليه و آله قد أوفيتك ، فقال : اجعل بيننا و بينك رجلا يحكم بيننا [ 123 ] فأقبل رجل من قريش فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : احكم بيننا ، فقال للأعرابي : ما تدّعى على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللَّه ؟ قال : قد أوفيته ، فقال للأعرابي : ما تقول ؟ قال : لم يوفنى ، فقال لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : ألك بيّنة على أنك قد أوفيته ؟ قال : لا ، قال للأعرابي : أتحلف أنك لم تستوف حقك و تأخذه ؟ فقال : نعم ، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله : لأتحاكمنّ مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم اللَّه عزّ و جلّ ، فأتي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و معه الأعرابي فقال عليّ عليه السّلام : مالك يا رسول اللَّه ؟ فقال : يا أبا الحسن احكم بيني و بين هذا الأعرابي ، فقال عليّ عليه السّلام : يا أعرابي ما تدّعى على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللَّه ؟ فقال : قد أوفيته ثمنها ، فقال : يا أعرابي اصدق رسول اللَّه فيما قال ؟ قال : لا ، ما أوفاني شيئا ، فأخرج عليّ عليه السّلام سيفه فضرب عنقه ، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : لم فعلت ذلك يا علي ؟ فقال : يا رسول اللَّه نحن نصدّقك على أمر اللَّه و نهيه و على أمر الجنّة و النار و الثواب و العقاب و وحى اللَّه عزّ و جلّ ، و لا نصدّقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي ، و إنّي قتلته لأنّه كذّبك لمّا قلت له اصدق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فيما قال فقال لا ما أوفاني شيئا ، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أصبت يا عليّ فلا تعد إلى مثلها ، ثمّ التفت صلّى اللَّه عليه و آله إلى القرشي و كان قد تبعه فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : هذا حكم اللَّه لا ما حكمت به . و في رواية محمّد بن بحر الشّيباني عن أحمد بن الحارث قال : حدّثنا أبو أيوب الكوفي قال : حدّثنا إسحاق بن وهب العلاّف قال : حدّثنا أبو عاصم النبال عن ابن جريح عن الضحاك عن ابن عبّاس قال : خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم من منزل عايشة فاستقبله أعرابيّ و معه ناقة فقال : يا محمّد تشري هذه النّاقة ؟ فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : نعم بكم تبيعها يا أعرابي ، فقال : بمأتي درهم ، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : بل ناقتك خير من هذا ، قال : فما زال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يزيد حتى اشترى الناقة بأربعمأة درهم ، قال : فلمّا دفع النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إلى أعرابي الدّراهم ضرب الأعرابي يده إلى زمام الناقة فقال : الناقة ناقتي و الدّراهم دراهمى فان [ 124 ] كان لمحمّد شي‏ء فليقم البيّنة ، قال : فأقبل رجل فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : أترضى بالشّيخ المقبل ؟ قال : نعم يا محمّد ، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : تقضي فيما بيني و بين هذا الاعرابي فقال : تكلّم يا رسول اللَّه ، فقال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : الناقة ناقتي و الدّراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي و الدّراهم دراهمي إن كان لمحمّد شي‏ء فليقم البيّنة ، فقال الرّجل : القضيّة فيها واضحة يا رسول اللَّه ، و ذلك أنّ الاعرابي طلب البيّنة ، فقال له النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : اجلس فجلس ، ثمّ أقبل رجل آخر فقال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : أترضى يا أعرابى بالشيخ المقبل ؟ فقال : نعم يا محمّد ، فلمّا دنى قال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : اقض فيما بيني و بين هذا الأعرابي ، فقال تكلّم يا رسول اللَّه فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : الناقة ناقتي و الدّراهم دراهم الأعرابي ، فقال الأعرابي : بل الناقة ناقتي و الدّراهم دراهمي إن كان لمحمّد شي‏ء فليقم البيّنة ، فقال الرّجل : القضيّة فيها واضحة يا رسول اللَّه لأنّ الأعرابي طلب البيّنة ، فقال النّبي صلّى اللَّه عليه و آله : اجلس حتّى يأتي اللَّه عزّ و جلّ بمن يقضي بيني و بين الأعرابي بالحقّ ، فاقبل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أترضى بالشّاب المقبل ؟ فقال : نعم ، فلمّا دنى قال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : يا أبا الحسن اقض فيما بيني و بين الأعرابي ، فقال : تكلّم يا رسول اللَّه ، فقال النّبي صلّى اللَّه عليه و آله : الناقة ناقتي و الدّراهم دراهم الأعرابي ، فقال الأعرابي ، بل الناقة ناقتي و الدّراهم دراهمي إن كان لمحمّد شي‏ء فليقم البيّنة ، فقال عليّ عليه السّلام : خلّ بين النّاقة و بين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، فقال الأعرابي : ما كنت بالّذي أفعل أو يقيم البيّنة ، قال فدخل عليّ عليه السّلام منزله فاشتمل على قائم سيفه ثمّ أتا فقال خلّ بين النّاقة و بين رسول اللَّه قال ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البيّنة ، قال : فضربه علىّ ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه و قال بعض أهل العراق : بل قطع عضوا منه قال فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم : ما حملك على هذا يا عليّ ؟ فقال : يا رسول اللَّه نصدّقك على الوحى من السماء و لا نصدّقك على أربعمأة درهم ، قال الصدوق ( ره ) بعد رواية هذين الحديثين انهما غير مختلفين لأنهما في قضيّتين و كانت هذه القضيّة قبل القضيّة التى ذكرتها قبلها ، هذا . [ 125 ] و قد تقدّم في شرح الكلام الثّامن و الخمسين ما ينفعك في هذا المقام . و على الثانى أى على كون المراد بالحكم الأحكام الشرعية فالمراد بأبوابه هو طرق الافتاء و وجوه بيان المسائل على ما تقتضيه المصلحة فيفتون بعض الناس بالحكم الواقعي و بعضهم بالتقيّة حقنا لدمائهم أو لدماء السائلين حسبما تقدّم تفصيل ذلك أيضا في شرح الكلام الثامن و الخمسين في بيان وجوه التفويض فتذكر . و كيف كان فقد وضح و ظهر ممّا قرّرنا أنّ الأئمة عليهم السّلام عندهم أبواب الحكم بأىّ معنى اخذ الحكم و أنهم عارفون بها محيطون بأقطارها ، و هذا الوصف مخصوص بهم لا يوجد في غيرهم ، لأنّ معرفة المصالح الكامنة لا يحصل إلاّ بتأييد الهى و قوّة ربّانية مخصوصة بأهل العصمة و الطهارة . و لذلك أى لقصد الاختصاص و التخصيص قدّم عليه السّلام المسند و قال : و عندنا أبواب الحكم ( و ضياء الأمر ) و المراد بالأمر إمّا الولاية كما كنّى به عنها كثيرا في اخبار أهل البيت عليهم السّلام ، و في قوله تعالى و اولى الأمر منكم ، و الضياء حينئذ بمعناه الحقيقي أى عندنا نور الامامة و الولاية ، و إمّا الأوامر الشرعيّة فالضياء استعارة للحقّ لأنّ الحقّ يشبه بالنور كما أنّ الباطل يشبه بالظلمة قال سبحانه : أَللَّهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ وَ الَّذينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلى الظُّلُماتِ فالمقصود أنّ الأئمة عليهم السّلام عندهم حقّ الأوامر الشرعية و التّكاليف الالهية ، و إليه اشير في قوله سبحانه : أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ . و إمّا مطلق الامور المقدّرة في الكون كما قال تعالى : تَنَزَّلُ الْمَلآئِكَةُ وَ الرُّوحُ فيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أى تنزّل إلى وليّ الأمر بتفسير الامور على ما تقدّم تحقيقه بما لا مزيد عليه في شرح [ 126 ] الفصل الرابع من فصول الخطبة الثانية . ثمّ انه عليه السّلام بعد ما ذكر جملة من فضايله و فضائل آله الطّاهرين سلام اللَّه عليهم أجمعين أردف ذلك بالاشارة إلى وجوب اتّباعهم و أخذ معالم الدّين عنهم عليهم السّلام فقال ( ألا و إنّ شرايع الدّين ) و طرقه أى قواعده و قوانينه ( واحدة و سبله قاصدة ) أى معتدلة مستقيمة و هي ما دلّ عليها أهل بيت العصمة و الطهارة ، لأنهم أولياء الدّين و أبواب الايمان و امناء الرّحمن و الأدلاّء على الشريعة و الهداة إلى السنة ( من أخذ بها ) و اتّبع أئمة الهدى سلك الجادّة الوسطى و ( لحق ) بالحقّ ( و غنم ) النعمة العظمى ( و من وقف عنها ) و انحرف عن الصراط الأعظم و السّبيل الأقوم و أخذ في أمر الدين بطرق الأقيسة و وجوه الاستحسانات العقلية ، أو رجع فيه إلى الهمج الرعاع و أئمة الضّلال العاملين فيه لعقولهم الفاسدة و آرائهم الكاسدة ( ضلّ و ندم ) و قد تقدّم في شرح الكلام السادس عشر و السابع عشر و الثامن عشر ما ينفعك في هذا المقام . ثمّ أمر بتحصيل الزاد ليوم المعاد فقال عليه السّلام ( اعملو اليوم تذخر له الذخاير ) و هى الأعمال الصّالحة ( و تبلى فيه السرائر ) الغرض بالوصف إمّا تخصيص الموصوف أو التهويل حثا بالعمل كما في قوله سبحانه : في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسينَ أَلْفَ سَنَةٍ . و الجملة الثانية مأخوذة من الكتاب العزيز قال تعالى : يوم تبلى السراير ، أى تختبر و السرائر : ما أسرّ القلوب من العقايد و النيات و غيرها و ما خفى من الأعمال قال الطبرسي : و السّرائر أعمال بني آدم و الفرائض ما أوجبت عليه و هى سرائر في العبد تختبر تلك السرائر يوم القيامة حتّى يظهر خيرها و شرّها . و عن معاذ بن جبل قال : سألت النبيّ ما هذه السرائر التي تبلى بها العباد يوم القيامة ؟ قال صلّى اللَّه عليه و آله سرائركم هي أعمالكم من الصّلاة و الزكاة ، و الصيام و الوضوء و الغسل من الجنابة و كلّ مفروض لأنّ الأعمال كلّها سرائر خفيّة فان شاء قال صلّيت و لم يصلّ ، و إن شاء قال توضّأت و لم يتوضّ ، فذلك قوله : يوم تبلى السرائر هذا . [ 127 ] و لما كان كمال القوّة العملية لا يحصل إلاّ بكمال القوّة النظرية أردفه بقوله ( و من لا ينفعه حاضر لبّه فعازبه ) أى بعيده ( أعجز و غايبه أعوز ) أى أعدم للمنفعة يعني أنّ من لا ينفعه لبّه الحاضر و عقله الموجود فهو بعدم الانتفاع بما هو غير حاضر و لا موجود عنده من العقل أولى و أحرى . و قيل في تفسيره وجوه اخر : الاول من لا يعتبر بلبّه في حياته فأولى بأن لا ينتفع به بعد الموت الثانى أنّ من لم يعمل بما فهم و حكم به عقله وقت امكان العمل فأحرى أن لا ينتفع به بعد انقضاء وقته بل لا يورثه إلاّ ندامة و حسرة الثالث أنّ من لم يكن له من نفسه رادع و زاجر فمن البعيدان نيز جر و يرتدع بعقل غيره و موعظة غيره كما قيل : و زاجر من النفس خير من عتاب العواذل . و لما حثّ بالعمل أكّده بالتحذير من النار فقال ( و اتّقوا نارا حرّها شديد و قعرها بعيد و حليتها حديد و شرابها صديد ) لا يخفى ما في هذه الفقر من حسن الخطابة حيث ناط بكلّ لفظة ما يناسبها و يلايمها لو نيطت بغيرها لم تلائم ، و الاضافة في القرينة الاولى على أصلها ، و في الأخيرة لأدنى المناسبة ، و في الوسطين تحتمل الأول و الثّاني ، و استعارة الحلية للقيود و الاغلال من باب التحكم ، و القرينة الاخرى مأخوذة عن قوله سبحانه : يُسْقى مِنْ ماءٍ صَديدٍ ، و هو القيح و الدّم ، و قيل : هو القيح كأنه الماء في رقته و الدّم في شكله ، و قيل : هو ما يسيل من جلود أهل النار و كيف كان فتوصيف النار بهذه الأوصاف الأربعة للتحذير و الترهيب منها كما أنّ في ذكر حلية أهل الجنّة و شرابهم في قوله تعالى : وَ حُلوُّا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً . ترغيبا و تشويقا إليها ثمّ قال ( ألا و إنّ اللّسان الصالح ) اى الذكر الجميل تسمية للشي‏ء باسم مسبّبه ( يجعله اللَّه للمرء في الناس خير له من مال يورثه من لا يحمده ) و قد مرّ نظير هذه العبارة في الفصل الثاني من فصلي الخطبة الثالثة و العشرين ، و المراد أنّ تحصيل مكارم الأخلاق [ 128 ] و محاسن الأفعال من البذل و الانفاق و نحوهما مما يوجب الثناء الجميل في الدّنيا و الثواب الجزيل في العقبا خير من تحصيل المال و جمعه و توريثه من لا يشكره عليه أى وارثه الذي لا يعد ذلك الايراث فضلا و نعمة لايجابه العذاب الأليم و الندم الطويل و هو شاهد بالعيان معلوم بالوجدان الترجمة از جمله كلام بلاغت فرجام آن امام أنام است كه فرموده : قسم بخداوند بتحقيق كه تعليم كرده شده‏ام من برسانيدن رسالتها را ، و تمام كردن وعدها را ، و تمامى كلمه‏ها را ، و نزد ما أهل بيت است بابهاى أحكام ، و روشنى امورات ، آگاه باشيد و بدانيد كه طرق دين يكى است ، و راههاى آن معتدل و مستقيم است ، هر كه فرا گرفت آنرا رسيد بمقصد و غنيمت يافت ، و هر كه وا ايستاد از آن گمراه شد و بضلالت و ندامت شتافت ، عمل نمائيد از براى روزيكه ذخيره كرده ميشود از براى آن روز ذخيرها ، و امتحان كرده ميشود در آن روز عقايد صحيحه و فاسده و نيات حقّه و باطله ، و كسيكه فائده نبخشد او را عقل او كه حاضر است پس عقلى كه بعيد است از او عاجزتر است از نفع بخشيدن ، و عقلى كه غائب است از آن عادم‏تر است منفعت را ، و بترسيد از آتشى كه گرمى آن سخت است ، و ته آن دور است ، و زينت آن آهن است ، و شراب آن زردابست ، بدانيد كه بدرستى كه زبان خوشى كه بگرداند او را خداوند تعالى از براى مرد در ميان خلق بهتر است مر او را از مالى كه ارث بگذارد آنرا بكسيكه ستايش نكند او را بكثير و قليل آن و لنعم ما قيل : كسى كو شد بنام نيك مشهور پس از مرگش بزرگان زنده دانند ولى آنرا كه بد فعل است و بدنام اگر چه زنده باشد مرده خوانند و قال آخر : سعديا مرد نكو نام نميرد هرگز مرده آنست كه نامش بنكوئى نبرند