جستجو

و من خطبة له ع في الاستسقاء

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام في الاستسقاء و هي المأة و الرابعة عشر من المختار في باب الخطب و هى ملتقطة من خطبة طويلة اوردها الصدوق في الفقيه باختلاف كثير ناتى بها بعد الفراغ من شرح ما رواه السيد ( ره ) في الكتاب لكثرة فوائدها و مزيد عوايدها ألّلهمّ قد انصاحت جبالنا ، و أغبرت أرضنا ، و هامت دوابّنا ، « و تحيرت في مرابضها خ » ، و عجّت عجيج الثّكالى على أولادها ، و ملّت التّردّد في مراتعها ، و الحنين إلى مواردها ، ألّلهمّ فأرحم أنين الانّة ، و حنين الحانّة ، ألّلهمّ فارحم حيرتها في مذاهبها ، و أنينها في موالجها ، ألّلهمّ خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السّنين ، و أخلفتنا مخائل الجود ، فكنت الرّجاء للمبتئس و البلاغ للملتمس ، [ 73 ] ندعوك حين قنط الأنام ، و منع الغمام ، و هلك السّوام ، ألاّ تؤاخذنا بأعمالنا ، و لا تأخذنا بذنوبنا ، و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المنبعق ، و الرّبيع المغدق ، و النّبات المونق ، سحا وابلا تحيي به ما قد مات ، و تردّ به ما قد فات ، ألّلهمّ سقيا منك محيية مروية تامّة عامّة طيّبة مباركة هنيئة مريئة مريعة زاكيا نبتها ، ثامرا فرعها ، ناصرا ورقها ، تنعش بها الضّعيف من عبادك ، و تحيي بها الميّت من بلادك . أللّهمّ سقيا منك تعشب بها نجادنا ، و تجري بها و هادنا ، و تخصب بها جنابنا ، و تقبل بها ثمارنا ، و تعيش بها مواشينا ، و تندى بها أقاصينا و تستعين بها ضواحينا ، من بركاتك الواسعة ، و عطاياك الجزيلة على بريّتك المرملة ، و وحشك المهملة ، و أنزل علينا سماء مخضلّة مدرارا هاطلة ، يدافع الودق منها الودق ، و يحفز القطر منها القطر ، غير خلّب برقها ، و لا جهام عارضها ، و لا قزع ربابها ، و لا شفّان ذهابها حتّى يخصب لأمراعها المجدبون ، و يحيا ببركتها المسنتون ، فإنّك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا ، و تنشر رحمتك ، و أنت الوليّ الحميد . قال السيد رضى ( ره ) قوله ( انصاحت ) جبالنا أى تشقّقت من المحول يقال انصاح الثوب إذا انشقّ و يقال أيضا انصاح النبت و صاح وصوح إذا جفّ و يبس كلّه بمعنى ، و قوله ( هامت دوابنا ) أى عطشت و الهيام العطش و قوله ( حدابير السنين ) [ 74 ] جمع حدبار و هي الناقة التي انضاها السّير فشبّه بها السّنة التي فشا فيها الجدب قال ذو الرّمة : حدابير ما تنفكّ إلاّ مناخة على الخسف أو ترمى بها بلدا قفرا و قوله ( و لا قزع ربابها ) القزع الصغار المتفرّقة من السّحاب ، و قوله ( و لا شفان ذهابها ) فانّ تقديره و لا ذات شقّان ذهابها و الشفان الريح الباردة ، و الذهاب الأمطار الليّنة فحذف ذات لعلم السامع به اللغة ( الاستسقاء ) استفعال بمعنى طلب السّقى مثل الاستمطار لطلب المطر و استسقيت فلانا إذا طلبت منه أن يسقيك و قد صار حقيقة شرعية أو متشرّعة في طلب الغيث بالدّعاء ( و هامت دوابنا ) يجوز أن يكون من الهائم بمعنى المتحيّر و ( ثكلت ) المرأة ولدها ثكلا من باب تعب فقدته و الاسم الثكل و زان قفل فهى ثاكل و قد يقال ثاكلة و ثكلى و الجمع ثواكل و ثكالى و في بعض النسخ الثكلى بدل الثكالي و ( أنّ ) الرجل انّا و أنينا تأوّه و ( الحنين ) الشّوق و شدّة البكاء و ( الآنّة الحانّة ) الشّاة و النّاقة يقال ماله آنّة و لا حانّة . و ( عكر ) على الشي‏ء يعكر عكرا و عكورا و اعتكر كرّوا نصرف ، و العكار الكرار العطاف ، و اعتكر الظلام اختلط و ( الجود ) بفتح الجيم المطر الغريز ، و في بعض النسخ الجود بضم الجيم و ( قنط ) يقنط من بابى ضرب و تعب و في لغة من باب قعد فهو قانط و قنوط ( و انبعق ) السّحاب انبعج و انفرج بالمطر و ( المغدق ) من اغدق الشجر إذا ظهرت ثمرته و ( السّح ) بالضّم الصّب و السّيلان من فوق و ( السّقيا ) و زان فعلى بالضّم مؤنثة اسم من سقاه اللَّه الغيث أنزله له و ( مروية ) من باب الافعال أو التفعيل و منه يوم التروية لثامن ذى الحجّة لأنّ الماء كان قليلا بمعنى فكانوا يرتوون من الماء لما بعد . و ( تعشب ) بفتح المضارعة مضارع عشب و زان تعب أو بضمّها من باب الافعال يقال عشب الارض و اعشبت أى نبتت فهى عشيبة و عاشبة و معشبة أى كثيرة العشب [ 75 ] و يقال اعشبت الأرض أيضا أى انبتت العشب فتكون الهمزة للتعدية و العشب بالضمّ الكلاء الرطب في أوّل الربيع ، و في بعض النسخ تعشب بالبناء على المفعول . و ( النجاد ) بكسر الأوّل جمع نجد و هو ما ارتفع من الأرض و يجمع أيضا على نجود كفلس و فلوس و ( الوهاد ) بكسر الأول أيضا جمع الوهد و هي المنخفضة من الارض و ( خصب ) الأرض من باب ضرب و علم و اخصبت أى اتّصفت بالخصيب و هو بكسر الخا كثرة العشب و رفاغة العيش و ( الجناب ) بفتح الجيم الفناء بالكسر و هو سعة امام البيت أو ما امتدّ من جوانبه ، و يطلق الجناب على الجانب من كلّ شي‏ء أيضا و ( أرمل ) فلان أى افتقر و فقد زاده . و ( اخضله ) المطر أى بلّه و السّماء المخضلة أى تخضل النبت و تبلّه ، و في أكثر النسخ مخضلّة و زان مبيضّة من اخضلّ النبت اخضلالا أى ابتلّ و ( حفزه ) كضربه دفعه بشدّة ( البرق الخلّب ) المطمع المخلف و السحاب ( الجهام ) الذي لا ماء فيه و ( العارض ) السحاب الذي يعترض في افق السّماء و ( القزع ) محركة قطع من السّحاب متفرّقة جمع قزعة ، و ( الرّباب ) بفتح الأوّل السّحاب الأبيض و ( الذّهاب ) بكسر الذال جمع الذّهبة بالكسر أيضا المطرة الضّعيفة و ( مرع ) الوادى بالضّم مراعة أخصب بكثرة الكلاء فهو مريع و الجمع إمرع و أمرع مثل يمين و إيمن و أيمن . و أرض محل و محول و محلة و ممحل و ممحلة أى اتّصفت بالجذب و انقطاع المطر و انضاها السير أى هزلها و الحدابير في بيت ذى الرّمة مما لم يذكره إلاّ السيد ( ره ) ، و الموجود في كتب الأدبيّة حراجيج و هكذا روى الشارح المعتزلي عن ابن الخشاب ، و هى جمع حرجوج الناقة الضّامرة و الخسف الذلّ و البلد القفر لا ماء فيه و لا نبات . الاعراب منع الغمام فعل لم يسمّ فاعله رعاية للأدب و استكراها لاضافة المنع إلى اللّه سبحانه و هو منبع النعم و مبدء الجود و الكرم ، و في بعض النّسخ منع الغمام بصيغة [ 76 ] المعلوم فلا بدّ من حذف المتعلّق أى منع الغمام من المطر ، و سحّا منصوب على المصدر أى تسحّ سحّا ، و جملة تحيى به منصوبة المحلّ على الحال من فاعل نشر و سقيا منك ، منصوب على المصدر أيضا و نجادنا بالرفع فاعل تعشب و يروى بالنّصب فيكون مفعولا له بناء على كونه من باب الافعال متعدّيا حسبما مرّ في بيان اللغة . و قوله على بريّتك ظرف لغو متعلّق بالجزيلة أو الواسعة على التنازع ، و سماء مخضلة تأنيث الوصف رعاية للفظ الموصوف و إن كان المعنى مذكّرا ، و جملة يدافع الودق منصوبة المحلّ صفة لسماء أو حال منها لكونها نكرة موصوفة أو من ضمير هاطلة ، و الوجهان جاريان في نصب غير خلب . و أمّا بيت ذى الرّمة فقد اعترض عليه غير واحد من علماء الأدبية بكونه مخالفا للقواعد النحوية حيث أنّ شرط الاستثناء المفرّغ أن يكون في الكلام الغير الموجب و هذا الشرط مفقود هنا ، لأنّ تنفكّ الناقصة مثل زال نفيها اثبات و اثباتها نفي فكما لا يجوز أن يقال ما زال زيد إلاّ قائما ، فكذلك لا يجوز ما تنفكّ إلاّ مناخة ، و لذلك قال الاصمعي : إنّ ذا الرّمة غلط في ذلك إذ لا يقال جاء زيد إلاّ راكبا . و اجيب بوجوه : الاول أنّ الرواة غلطوا فيه و أنّ الرواية الصحيحة إلاّ مناخة بالتنوين أى شخصا الثانى انّ تنفكّ تامّة بمعنى تنفصل فنفيها نفي أى ما تنفصل عن التّعب أو ما تخلص منه و مناخة حال من الضمير في تنفك أى لا تنفصل منه في حالة من حالات إلاّ في حالة الاناخة الثالث أنها ناقصة و الخبر على الخسف و مناخة حال . قال ابن هشام : و هذا فاسد لبقاء الاشكال إذ لا يقال جاء زيد إلاّ راكبا يعنى أنّ الاشكال الذي هو وقوع الاستثناء المفرّغ في الايجاب لا يرتفع بهذا الجواب بل هو باق بحاله . و قد يعترض عليه بأنّ الاستثناء المفرّغ يقع في الايجاب بشرطين كما صرّح به ابن الحاجب أحدهما أن يكون المستثنى فضلة لا عمدة ، الثاني أن تحصل به فائدة فلا يجوز ضربت إلاّ زيدا إذ من المحال أن يضرب جميع الناس إلاّ زيدا ، و يجوز قرئت إلاّ يوم كذا ، لجواز أن يقرء في جميع الأيام إلاّ في ذلك اليوم و على [ 77 ] هذا فيرتفع الاشكال و لا يبقى بحاله لأنّ مناخة إذا كان خبرا كان عمدة و أمّا إذا كان حالا كان فضلة و كان الكلام مفيدا الرابع أنّ إلاّ زائدة ذهب إليه ابن جنّى و حكى عن الاصمعى كما ذهب إليه ابن مالك قوله : أرى الدّهر الاّ منجنونا بأهله و ما صاحب الحاجات إلاّ معذّبا هذا ، و قوله : من بركاتك ، بدل من قوله : منك ، أى سقيا من بركاتك ، و مخضلة صفة لسماء و التانيث باعتبار لفظ الموصوف و إن كان بإعتبار معناه أعنى المطر مذكرا ، و جملة يحفر القطراه عطف تفسير . المعنى اعلم أنّ هذه الخطبة كما ذكره السّيده ( ره ) خطب عليه السّلام بها في الاستسقاء أى في مقام طلب السّقيا و توفير المياه ، قال شيخنا الشهيد طاب ثراه ، و الاستسقاء أنواع أدناه الدّعاء بلا صلاة ، و لا خلاف صلاة ، و أوسطه الدّعاء خلف الصّلاة ، و أفضله الاستسقاء بركعتين . و كيفيّته على ما وردت في الأخبار و نبّه عليها علمائنا الأخيار أن يخرج النّاس بعد التوبة و ردّ المظالم و تهذيب الأخلاق و صوم ثلاثة أيّام يكون ثالثها يوم الاثنين ، و يبرزوا في الثالث إلى الصّحراء و إن كانوا بمكّة فالى المسجد الحرام حفاة مشاة و نعالهم في أيديهم بسكينة و وقار متخشّعين مخبتين مستغفرين ، و يخرجون الشّيوخ و الصّبيان و البهايم و أهل الزّهد و الصّلاح ، فاذا حضروا في المصلّي ينادى المؤذّنون بدل الأذان ، الصّلاة ثلاثا ، فيصلّى الامام بالنّاس ركعتين : يقرء في الاولى بعد الحمد سورة بالجهر ثمّ يكبّر خمسا و يقنت عقيب كلّ تكبيرة و يدعو في القنوت بالاستغفار و طلب الغيث و إنزال الرحمة ، و من المأثور فيه : اللّهمّ اسق عبادك و امائك و بهائمك و انشر رحمتك و أحى بلادك الميّتة ، ثمّ يكبّر السادسة و يركع و يسجد السجدتين ثمّ يقوم إلى الركعة الثانية فيفعل مثل ما فعل في الاولى إلاّ أنّ التكبيرات فيها أربع و يقنت أربعا أيضا عقيب التكبيرات ، ثمّ يكبّر الخامسة و يركع و يسجد و يشهد و يسلّم . [ 78 ] فلما فرغ من الصلاة يصعد المنبر و يحوّل ردائه فيجعل الذي على يمينه على يساره و الذي على يساره على يمينه تأسّيا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ، و سئل الصّادق عليه السّلام عن تحويل النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم رداه إذ استسقى قال عليه السّلام : علامة بينه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و بين أصحابه يحول الجدب خصبا ، و يخطب بخطبتين ثمّ يستقبل القبلة فيكبّر اللَّه مأة تكبيرة رافعا بها صوته ، ثمّ يلتفت إلى يمينه فيسبّح اللَّه مأة مرّة رافعا بها صوته ، ثمّ يلتفت إلى يساره فيهلّل اللَّه مأة تهليلة رافعا بها صوته ، ثمّ يستقبل الناس بوجهه فيحمد اللَّه مأة رافعا بها صوته و الناس يتابعونه في الأذكار دون الالتفات إلى الجهات ، فان سقوا ، و إلاّ عادوا ثانيا و ثالثا من غير قنوط بانين على الصوم الأوّل ان لم يفطروا و إلاّ فبصوم مستأنف إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ من أفضل الخطب المأثورة في هذا المقام و أفصحها ما خطب إمام الانام عليه السّلام و هو قوله ( اللّهمّ قد انصاحت جبالنا ) أى تشقّقت من المحل و الجدب ( و اغبرت ارضنا ) أى صارت كثير الغبار بانقطاع الأمطار ( و هامت دوابنا ) أى عطشت و تحيّرت في مرابضها و مباركها من الظّماء و فقدان النّبات و الكلاء . ( و عجّت ) أى صرخت مثل ( عجيج الثكالى على أولادها ) يحتمل رجوع الضمير إلى الثكالي و رجوعه إلى الدّواب و الأوّل أظهر ( و ملت التردّد في مراتعها و الحنين إلى مواردها ) و ذلك لأنّها أكثرت من التردّد في مراتعها المعتادة فلم تجد فيها نبتا ترعاه فملت من التردّد و كذلك لم تجد ماء في الغدران و الموارد المعدّة لشربها ، فحنت إليها و ملت من الحنين ، و يئست من الانين . ( أللهمّ فارحم أنين الآنّة ) من الشياة ( و حنين الحانّة ) من النّوق ( اللّهمّ فارحم حيرتها في مذاهبها ) و مسالكها ( و أنينها في موالجها ) و مداخلها و إنما ابتدء عليه السّلام بذكر الدوّاب و الأنعام لأنها أقرب إلى الرّحمة و مظنة الافضال بها على المذنبين من الامّة . و يرشد إلى ذلك ما في منتخب التوراة ، يابن آدم كيف لا تجتنبون الحرام ، و لا اكتساب الآثام ، و لا تخافون النيران ، و لا تتّقون غضب الرّحمن ، فلو لا مشايخ ركّع ، و أطفال رضّع ، و بهائم رتّع ، و شباب خشّع ، لجعلت السّماء فوقكم حديدا [ 79 ] و الأرض صفصفا ، و التراب رمادا ، و لا انزلت عليكم من السماء قطرة ، و لا أنبتّ لكم من الأرض حبّة ، و يصبّ عليكم العذاب صبّا . و في النبوي لو لا أطفال رضّع ، و شيوخ ركّع ، و بهائم رتّع لصّب عليكم العذاب صبّا . و في الفقيه عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام أنّه قال : إنّ سليمان ابن داود عليه السّلام خرج ذات يوم مع أصحابه ليستسقى فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السّماء و هي تقول : اللّهمّ إنا خلق من خلقك لاغناء بنا عن رزقك ، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم ، فقال سليمان لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم بغيركم . و روى الرازي عن رجل أنّه قال : أصاب النّاس في بعض الأزمنة قحط شديد فأصروا يستسقون ، فلم يستجب لهم ، قال الراوى : فأتيت وقتئذ إلى بعض الجبال فاذا بظبية قلقة من كثرة العطش و شدّة الهيام مبادرة نحو غدير هناك ، فلما وصلت إلى الغدير و لم تجد فيها ماء تحيرت و اضطربت و رفعت رأسها إلى السّماء تحرّكه و تنظر إليها ، فبينما هى كذلك رأيت سحابة ارتفعت و أمطرت حتّى امتلاء الغدير فشربت منه و ارتوت ثمّ رجعت . ثمّ قال عليه السّلام ( اللهمّ خرجنا إليك حين اعتكرت ) أى تكررّت ( علينا حدابير السّنين ) تشبيه السّنين بالحدابير من باب تشبيه المعقول بالمحسوس و وجه الشّبه عقلى ، و هو أنّ الحدابير كما تتعب راكبها فكذلك السّنون تتعب أهلها كما لا يخفى . ( و اخلفتنا مخائل الجود ) أى الامارات التي توقع الجود في الخيال و أراد بها البرق و السّحاب الّتي يظنّ أنّها تمطر و ليست بماطرة ، فكأنها وعدت بالمطر فأخلفت و لم تف بوعده ( فكنت الرجاء للمبتئس ) أى ذى البؤس الحزين ( و البلاغ للملتمس ) أى كفاية للطالب المسكين ( ندعوك حين قنط الانام ) و يأس ( و منع الغمام ) و حبس ( و هلك السوام ) أى الابل السائمة الرّاعية . ( ألاّ تؤاخذنا بأعمالنا و لا تأخذنا بذنوبنا ) قال الشارح المعتزلي : الفرق بين المؤاخذة و الأخذ أنّ الأول عقوبة دون الثاني لأنّ الأخذ هو الاستيصال و المؤاخذة عقوبة [ 80 ] أقول : إن كان نصّ بذلك من أهل اللغة فلا بأس ، و إلاّ فقولهم زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني يفيد عكس ما قاله ، و كيف كان ففي كلامه عليه السّلام دلالة على أنّ للذّنوب و المعاصي مدخليّة في منع اللّطف و الرّحمة و استحقاق المؤاخذة و السخطة ، و سرّ ذلك أنّ الجود الالهي لا بخل فيه و لا مانع له من قبله سبحانه و إنما يصل إلى الموادّ بحسب القابلية و الاستعداد ، و المنهمكون في المعاصي راغبون عن اللّه تعالى و عن تلقّى آثار رحمته ، فهم لانهماكهم في الفساد اسقطوا أنفسهم عن الاستعداد ، و حرىّ بمن كان كذلك أن يمنع من الفيوضات و يحرم من البركات . و قد روى في الأخبار أنّ كلاّ من أصناف الذّنوب تورث نوعا خاصّا من المؤاخذات الدّنيوية ، مثل ما رواه في الفقيه عن عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه السّلام أنه قال : إذا فشت أربعة ظهرت أربعة إذا فشا الزّنا ظهرت الزلازل ، و إذا امسكت الزكاة هلكت الماشية ، و إذا جار الحاكم في القضاء أمسك المطر من السماء ، و إذا خفرت 1 الذّمة نصر المشركون على المسلمين . و في الكافي عن أبان عن رجل عن أبي جعفر عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خمس إن أدركتموهنّ فتعوّذوا باللّه منهنّ : لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتى يعلنوها إلاّ ظهر فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ، و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلاّ اخذوا بالسنين و شدّة المؤنة و جور السلطان ، و لم يمنعوا الزّكاة إلاّ منعوا القطر من السماء و لو لا البهائم لم يمطروا ، و لم ينقضوا عهد اللّه و عهد رسوله إلاّ سلّط اللّه عليهم عدوّهم و أخذوا بعض ما في أيديهم ، و لم يحكموا بغير ما أنزل اللّه إلاّ جعل اللّه بأسهم بينهم . و عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال وجدنا في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا ظهر الزّنا من بعدي كثر موت الفجأة ، و إذا طفّف المكيال و الميزان أخذهم اللّه بالسنين و النقص ، و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزّرع و للثمار و المعادن كلّها ، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم و العدوان ، و إذا نقضوا العهد سلّط اللّه عليهم عدوّهم ، و إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار ، و إذا ----------- ( 1 ) خفر خفورا و خفرا نقض عهده و غدره كأخفره ، قاموس . [ 81 ] لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر و لم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم . ثمّ قال عليه السّلام ( و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المنبعق ) أى المنفرج بالمطر و السّائل الكثير السّيلان ( و الربيع المغدق ) المظهر للثمر ( و النيات المونق ) المعجب ( سحّا ) أى صبّا ( وابلا ) أى مطرا شديدا ( تحيى به ما قد مات و تردّ به ما قد فات ) من الزرع و النّبات ( اللّهمّ سقيا منك محيية ) للموات ( مروية ) للنّبات ( تامّة ) ثمراتها ( عامة ) بركاتها ( طيّبة مباركة هنيئة مريئة مريعة ) أى سائغة لذيذة خصيبة واسعة ( زاكيا ) ناميا ( نبتها ثامرا فرعها ) أى يكون فرعها ذا ثمر ( ناضرا ورقها ) أى يكون ورقها ذا نضرة و حسن و بهجة ( تنعش ) و ترفع ( بها الضعيف من عبادك و تحيى بها الميّت من بلادك اللّهمّ سقيا منك تعشب بها نجادنا ) أى تنبت بها أراضينا المرتفعة ( و تجرى بها و هادنا ) أى تسيل بها أراضينا المنخفضة المطمئنّة ( و تخصب بها جنابنا ) أى تكثر بها عشب فنائنا و جوانبنا ( و تقبل بها ثمارنا و تعيش بها مواشينا و تندى ) أى تنتفع بها ( أقاصينا ) و أباعدنا ( و تستعين بها ضواحينا ) و نواحينا ( من بركاتك الواسعة و عطاياك الجزيلة ) العظيمة الكثيرة ( على بريّتك المرملة ) المفتقرة ( و وحشك المهملة ) المرسلة التي لا راعى لها و لا صاحب يشفق بها ( و أنزل علينا سماء مخضلّة ) مبتلّة ( مدرارا هاطلة ) أى كثيرة الدّرور متتابعة ( يدافع الودق منها الودق و يحفز القطر منها القطر ) أراد بذلك كثرتها و شدّتها و كونها أعظم و أغزر . و أكّد ذلك بقوله ( غير خلب برقها و لا جهام عارضها و لا قزع ربابها و لا شفّان ذهابها ) أى لا يكون برقها مطمعا مخلفا ، و لا سحابها المعترض في افق السّماء خاليا من الماء ، و لا سحابها الأبيض قطعا متفرقة ، و لا أمطارها اللّينة الضعيفة ذات ريح باردة بالزرع و النبت مضرّة و أراد بذلك كلّه عموم نفعها و كثرة منفعتها ( حتى يخصب لا مراعها المجدبون ) أى يتّصف أهل الجدب بالخصب و رفاغة العيش لكثرة كلائها ( و يحيى ببركتها المسنتون ) الذين أصابتهم السنة و جهد القحط [ 82 ] ( فانّك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا و تنشر رحمتك ) و هذا اشارة إلى حسن الظنّ باللّه و عدم القنوط و اليأس من روح اللّه ( و أنت الوليّ ) للنعم و الاحسان و ( الحميد ) بالكرم و الامتنان و أنت على كلّ شي‏ء قدير و بالاجابة حقيق جدير . تكملة ينبغي أن نورد تمام تلك الخطبة على ما في الفقيه و نتبعها بتفسير بعض ألفاظها الغريبة ، فأقول : قال الصّدوق ( ره ) : و خطب أمير المؤمنين عليه السّلام في الاستسقاء فقال : الحمد للّه صابغ النّعم ، و مفرّج الهمّ ، و بارى‏ء النّسم ، الذي جعل السماوات لكرسيّه عمادا ، و الجبال للأرض أوتادا ، و الأرض للعباد مهادا ، و ملائكته على أرجائها ، و عرشه على أمطائها ، و أقام بعزّته أركان العرش ، و أشرق بضوئه شعاع الشّمس ، و أحيا بشعاعه ظلمة الغطش الدياجير ، و فجر الأرض عيونا ، و القمر نورا و النّجوم بهورا ثمّ علا فتمكّن ، و خلق فأتقن ، و أقام فتهيمن ، فخضعت له نخوة المستكبر ، و طلبت إليه خلّة المتمسكين « المتمكن خ » ، اللّهم فبدرجتك الرفيعة و محلّتك المنيعة و فضلك السابغ ، و سبيلك الواسع ، أسئلك أن تصلّى على محمّد و آل محمّد كما دان لك ، و دعا إلى عبادتك ، و وفا بعهدك ، و أنفذ أحكامك ، و اتّبع أعلامك ، عبدك و نبيّك و أمينك على عهدك إلى عبادك القائم بأحكامك ، و مؤيّد من أطاعك و قاطع عذر من عصاك ، اللهمّ فاجعل محمّدا أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك ، و أنضر من أشرق وجهه بسجال عطاياك ، و أقرب الأنبياء زلفة يوم القيامة عندك ، و أوفرهم حظّا من رضوانك ، و أكثرهم صفوف امّة في جنانك ، كما لم يسجد للأحجار ، و لم يعتكف للأشجار ، و لم يستحلّ السباء ، و لم يشرب الدّماء . اللّهمّ خرجنا إليك حين فاجأتنا المضايق الوعرة ، و ألجأتنا المحابس العسرة و عضّتنا علائق الشّين ، و تأثلت علينا لواحق المين ، و اعتكرت علينا حدابير السنين و أخلفتنا مخائل الجود ، و استظمأنا لصوارخ القود ، و كنت رجاء المبتئس ، و الثقة للملتمس ، ندعوك حين قنط الأنام ، و منع الغمام ، و هلك السّوام ، يا حىّ يا قيّوم ، [ 83 ] عدد الشجر و النجوم ، و الملائكة الصّفوف ، و العنان المكفوف ، ألا تردّنا خائبين و لا تؤآخذنا بأعمالنا ، و لا تخاصمنا بذنوبنا ، و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المنساق و النبات المونق ، و امنن على عبادك بتنويع الثمرة ، و أحى بلادك ببلوغ الزّهرة ، و اشهد ملائكتك الكرام السفرة ، سقيا منك نافعة دائمة غزرها واسعا درّها ، سحابا وابلا ، سريعا عاجلا تحيى به ما قد مات و تردّ به ما قد فات ، و تخرج به ما هو آت . اللهمّ اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه ، منبجسة بروقه ، مرتجسة هموعه ، و سيبه مستدّر ، و صوبه مستطر ، لا تجعل ظلله علينا سموما ، و برده علينا حسوما ، وضوئه علينا رجوما ، و مائه أجاجا ، و نباته رمادا رمددا . اللّهمّ انّا نعوذبك من الشّرك و هواديه ، و الظلم و دواهيه ، و الفقر و دواعيه يا معطى الخيرات من أماكنها ، و مرسل البركات من معادنها ، منك الغيث المغيث و أنت الغياث المستغاث ، و نحن الخاطئون و أهل الذنوب ، و أنت المستغفر الغفار ، نستغفرك للجهالات من ذنوبنا ، و نتوب إليك من عوامّ خطايانا اللهمّ فأرسل علينا ديمة مدرارا ، و اسقنا الغيث و اكفا مغزارا ، غيثا واسعا و بركة من الوابل نافعة ، تدافع الودق بالودق ، و يتلو القطر منه القطر ، غير خلّب برقه و لا مكذب رعده ، و لا عاصفة جنائبه ، بل ريّا يقصّ بالرّيّ ربابه ، و فاض فانضاع به سحابه ، جرى آثار هيدبه جنابه ، سقا منك مجلبة « محيية خ » مروية مفضلة محفلة زاكيا نبتها ، ناميا زرعها ، ناضرا عودها ، ممرعة آثارها ، جارية بالخصب و الخير على أهلها ، تنعش بها الضّعيف من عبادك ، و تحيى بها الميّت عن بلادك ، و تنعم بها المبسوط من رزقك ، و تخرج بها المخزون من رحمتك ، و تعمّ بها من نأى من خلقك حتى يخصب لا مراعها المجدبون ، و يحيى ببركتها المسنتون ، و تترع بالقيعان غدرانها ، و تورق ذرى الآكام زمراتها ، و يدهام بذرى الآجام شجرها ، و يستحقّ علينا بعد اليأس شكرا منّة من مننك مجللة ، و نعمة من نعمك مفضلة على بريّتك المرملة ، و بلادك المعرنة ، و بهائمك المعملة ، و وحشك المهملة [ 84 ] اللهم منك ارتجاؤنا ، و إليك مآبنا ، فلا تحبسه علينا لتبطنك سرائرنا ، و لا تؤاخذ بما فعل السّفهاء منّا ، فانّك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا و تنشر رحمتك و أنت الوليّ الحميد . ثمّ بكى عليه السّلام فقال : سيّدي صاحت جبالنا ، و اغبرت أرضنا ، و هامت دوابنا و قنط الناس منّا أو من قنط منهم ، و تاهت البهائم ، و تحيّرت في مراتعها ، و عجّت عجيج الثّكالي على أولادها ، و ملّت الدّوران في مراتعها حين حبست عنها قطر السّماء ، فدقّ لذلك عظمها ، و ذهب لحمها و ذاب شحمها ، و انقطع درّها . اللهمّ ارحم أنين الآنّة ، و حنين الخانّة ، ارحم تحيّرها في مراتعها ، و أنينها في مرابضها ، هذا . و يعجبنى أن اردف هذه الخطبة الشريفة بخطبتي السيّدين الجليلين الامامين الهمامين النّورين النّيرين أبي محمّد الحسن و أبي عبد اللّه الحسين عليهما و على جدّهما و أبيهما و الطيبين من آلهما صلوات اللّه و سلامه ملاء الخافقين ، ليعلم أنّ كلامهما تالى كلام أبيهما في الفصاحة ، و أنّ الكلّ قد بلغ الغاية في البراعة و البلاغة . وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها في السَّماءِ تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإذْنِ رَبِّها . قال في الفقيه : و جاء قوم من أهل الكوفة إلى عليّ عليه السّلام فقالوا يا أمير المؤمنين ادع لنا بدعوات في الاستسقاء ، فدعا عليّ عليه السّلام الحسن و الحسين عليهما السّلام فقال : يا حسن ادع ، فقال الحسن عليه السّلام : اللهمّ هيّج لنا السحاب بفتح الأبواب ، بماء عباب ، و رباب بانصباب و انسكاب يا وهاب ، و اسقنا مطبقة مغدقة مونقة ، فتح اغلاقها ، و سهل اطلاقها ، و عجل سياقها بالأندية في الأودية يا وهّاب ، بصوب الماء يا فعّال ، اسقنا مطرا قطرا ظلا مظلاّ طبقا مطبقا عاما معما رهما بهما رحيما رشا مرشا واسعا كافيا عاجلا طيبا مباركا سلاطح بلاطح يناطح الأباطح مغدودقا مطبوقا مغرورقا ، و اسق سهلنا و جبلنا ، [ 85 ] و بدونا و حضرنا ، حتى ترخص به أسعارنا ، و تبارك به في ضياعنا و مدننا أرنا الرزق موجودا و الغلا مفقودا ، آمين ربّ العالمين . ثمّ قال للحسين عليه السّلام : ادع ، فقال الحسين عليه السّلام اللهمّ معطى الخيرات من مظانها ، و منزل الرحمات من معادنها ، و مجرى البركات على أهلها ، منك الغيث المغيث ، و أنت الغياث و المستغاث ، و نحن الخاطئون و أهل الذنوب ، و أنت المستغفر الغفار ، لا إله إلاّ أنت ، اللهمّ أرسل السماء علينا دبمة مدرارا ، و اسقنا الغيت و اكفا مغزارا ، غيثا مغيثا واسعا مسبغا مهطلا مريئا مريعا غدقا مغدقا عبابا مجلجلا صحا صحصا حابسا بساسا مسبلا عاما ودقا مطفاحا ، تدفع الودق بالودق دفاعا و يطلع القطر منه القطر غير خلّب البرق ، و لا مكذب الرعد ، تنعش بها الضعيف من عبادك ، و تحيى به الميت من بلادك ، و تستحق علينا مننك آمين ربّ العالمين . فما تمّ كلامه عليه السّلام حتّى صبّ اللّه الماء صبا ، فسئل سلمان الفارسي فقيل يا أبا عبد اللّه هذا شي‏ء علماه ؟ فقال ( رض ) ويحكم ألم تسمعوا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث يقول : اجريت الحكمة على لسان أهل بيتي . بيان « النّسم » جمع النّسمة محركة و هى الانسان و « الأرجاء » جمع الرّجاء و هي الناحية و « الأمطاء » جمع المطاء و هو الظهر و الضمير في ضوئه راجع إلى العرش كما روى أن نور الشّمس من نور العرش و « غطش » اللّيل أظلم ، قال الطريحى و في الحديث اطفأ بشعاعه ظلمة الغطش أى ظلمة الظلام و « الدياجير » جمع الدّيجور و هو الظلام و ليلة ديجور أى مظلمة و « البهور » المضى‏ء و « المهيمن » من أسمائه تعالى القائم على خلقه بأعمالهم و آجالهم و أرزاقهم و قيل : الرّقيب على كلّ شي‏ء . و « النخوة » بالفتح فالسّكون الافتخار و التعظم و « الخلّة » الفقر و الخصاصة و « المستمسكين » الطّالبون للمسكة و هو بالضم ما يمسك الأبدان ، من الغذاء و الشراب ، و في بعض النسخ المتمسّكين أى المعتصمين به و « السّجال » دلو عظيم مملوّة ، و الكاف في قوله « كما لم يسجد » للتعليل على حدّ قوله تعالى : و اذكروه [ 86 ] كما هديكم ، أى لأجل هدايتكم . و « السّباء » بالكسر و المدّ الخمر و « الوعر » ضدّ السهل و « العسرة » الصّعبة الشّديدة و « الشّين » خلاف الزّين ، و قيل ما يحدث في ظاهر الجلد من الخشونة يحصل به تشويه الخلقة و « تأثلّت » علينا أى اجتمعت و « المين » الكذب و « القود » بالفتح الجمل المسن و هو الذي جاوز في السن الباذل ، قال الطريحي : و في حديث الاستسقاء و استظماءنا لصوارخ القود ، أى ظمأنا من ظمأ ظماء مثل عطش عطشا و زنا و معنى و القود الخيل . و قوله « عدد الشجر » من متعلّقات ندعوك قال الجوهري « عنان » السّماء هو ما عنّ لك منها أى بدا إذا رفعت رأسك و « زهر » النّبات نوره الواحدة زهرة كتمر و تمرة و قد تفتح الهاء و « الغزر » شدة النفع و عمومه و « غيثا مغيثا » أى مطرا نافعا و « ممرعا » أى خصيبا واسعا و « طبقا » أى مغطيا للأرض ما لئالها كلّها ، من قولهم غيم طبق أى عام واسع أى من طبق الغيم تطبيقا إذا أصاب بمطره جميع الأرض و مطر طبق أى عام . و « مجلجلا » أى مشتملا على الجلجلة و هو صوت الرعد و « خفق » المطر خفوقا إذا سمع دوىّ جريه و « منبجسة بروقه » أى منفجرة بروقه بالماء من الانبجاس و هو الانفجار قال سبحانه : فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشَرَةَ عَيْناً . و « مرتجسة هموعه » الهموع بالضّم السّيلان أى يكون هموعه مشتملة على الرّجس و هو بالفتح الصّوت الشديد من الرّعد يقال رجست السّماء رعدت شديدا و تمخضت و « السّيب » بالفتح مصدر ساب أى جرى و مشى مسرعا ، و بالكسر مجرى الماء و « الصّوب » الانصباب و « المستطر » المنتشر و « الظلل » جمع الظلة و هي ما وارى الشّمس منه من السّحاب و « الحسوم » بالضّم الشؤم و « رماد رمدد » كز برج و درهم كثير دقيق جدّا أو هالك و « الهوادى » الأوائل جمع الهادي [ 87 ] و « الدّواهي » جمع الدّاهية و هي النائبة و المصيبة و « عوامّ خطايانا » و زان دواب و الظّاهر أنّه جمع عام قال في القاموس : و التعويم وضع الحصيد قبضة فاذا اجتمع فهى عامة و الجمع عام و « درّ » السماء بالمطر درّا درورا فهى مدرار و « و كف » البيت يكف قطر ، و كف البيت بالمطر سال و « عاصفة جنائبه » قال الطريحي كانّه يريد الرّياح الجنوبية فانها تكثر السّحاب و تلحق روادفه بخلاف الشمالية فانها تمزقه و « الرّى » بالكسر اسم من روى من الماء ريّا و ريّا بالفتح و الكسر و « يقص بالرّى » أى يرجع و « الفيضان » السّيلان و « الانضياع » التحرّك أو من انضاع الفرخ بسط جناحيه إلى امّه لتزقّه و « الهيدب » السحاب المتدلى و « الجناب » الفناء و الناحية و « محفلة » من حفل الماء و اللبن اجتمع و الوادي بالسيل جاء بملى‏ء جنبيه و السماء اشتدّ مطرها و « من نأى من خلقك » أى من تباعد منهم عن ذكر اللّه من النّاى و هو البعد . « و تترع بالقيعان غدرانها » أى تملاء ، و القيعان جمع القيعة و هى كالقاع ما استوى من الأرض ، و الغدران جمع الغدير و هو النهر و « الآكام » كأعناق جمع اكمه و هو التّلّ الصّغير و « الزمرة » الجماعة و الباء في قوله « بذرى الآجام » للظرف و « بلادك المعرنة » من عرنت الدّار عرانا بعدت و ديار عران و عارنة بعيدة « و بهائمك المعملة » أى المعدّة للعمل يقال ناقة عملة كفرحة بيّنة العمالة فارهة و العوامل لبقر الحرث و « لتبطنك سرائرنا » مصدر باب التفعل أى لوقوفك على بواطن سرائرنا و « عباب » الماء معظمه و « اسقنا مطبقة مغدقة مونقة » المطبقة السّحابة بعضها على بعض و المغدقة بالغين المعجمة و الدّال المهملة الكثيرة الغزيرة ، و المونقة المفرحة من الانق و هو الفرح و السّرور أو المعجبة . و « الأندية » جمع الندى و هو المطر و « الظلّ » من السّحاب ما وراى الشّمس منه أو سواده و « المظلّ » صاحب الظلّ و « طبقا مطبقا » أى مطرا عاما مغطيا للأرض و « عاما معمّا » أى مطرا شاملا يعمّ بخيره قال في القاموس يقال عمّهم [ 88 ] بالعطية و هو معمّ خيّر بكسر أوّله يعمّ بخيره و عقله و « رهما » وزان عنب جمع رهمة بالكسر و هى المطرة الدّائمة و يقال الرهمة أشدّ دفعا من الدّيمة . و « البهيم » الخالص الذي لم يشبه غيره و « الرّحيم » مبالغة في الرّاحم من رحمت زيدا رحمة رفقت له و حننت و « رشّت » السّماء امطرت و أرشّت بالهمزة لغة و منه مرشّا و رشّ الماء صبّه قليلا قليلا و « سلاطح بلاطح يناطح الأباطح » السلاطح بالضّم و زان علابط العريض ، قال الفيروز آبادى و سلاطح بلاطح اتباع ، و قال الطريحى السّلطح الصلطح الضخم و البلطح كبلاح الذي يضرب بنفسه الأرض ، و السلاطح و الصّلاطح كعلابط العريض و قوله عليه السّلام في الاستسقاء : سلاطح بلاطح يناطح الأباطح يريد كثرة الماء و قوّته و فيضانه و حينئذ فلا حاجة إلى جعل بلاطح من الاتباع كشيطان ليطان انتهى . و « نطحه » نطحا ضربه و أصابه بقرنه و « الأباطح » جمع الأبطح و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى و « الديمة » بالكسر المطر يدوم في سكون بلا رعد و برق أو تدوم خمسة أو ستّة أو سبعة أو يوما و ليلة و « مهطلا » أى متتابعا من الهطل و هو تتابع المطر المتفرّق العظيم القطر و « صحّا صحصاحا » الصحّ بالضم البرائة من كلّ عيب و صحصاحا قال الطريحى كأنّه أراد مستويا متساويا و « بسّا بساسا » البس بالفتح ارسال الماء و تفريقها في البلاد و البساس مبالغة فيه و « مطفاحا » من طفح الأناء امتلاء و ارتفع و طفاح الأرض ملاءها هذا . و اللّه العالم بحقايق كلام أوليائه عليهم السّلام . الترجمة از جمله خطب شريفه آن مقتداى كونين و پيشواى ثقلين است در مقام خواستن باران . بار خدايا شكافته شد كوههاى ما از خشكى ، و گرد آلود شد زمين ما و بسيار تشنه شد چهارپايان ما ، و متحير شدند در محلّهاى خوابيدن خود ، و ناله كردند مثل ناله زنان بچه مرده بر فرزندان خود ، و ملال آوردند از تردّد نمودن در [ 89 ] چراگاههاى خود . بار خدايا رحم كن برناله ناله كنندگان ، و اشتياق و فغان مشتاقان . بار خدايا پس رحم كن بر حيرت و سرگردانى ايشان در مواضع رفتن ايشان و رحمت فرما بر ناله ايشان در مكانهاى در آمدن ايشان . بار خدايا بيرون آمديم بسوى تو در حينيكه مختلط شد بر ما شتران لاغر قحط سالها ، و وعده خلافي كرد ما را علامتهاى باران ، پس هستى تو اميد مر اندوهگين را و رساننده بمطلوب التماس كننده حزينرا ، ميخوانيم ترا در زمانيكه نا اميد شدند مردمان ، و ممنوع شد از باريدن ابرهاى آسمان ، و هلاك شد چرندگان اينكه مؤاخذه نكنى بر عملهاى ما ، و اخذ نكنى ما را بگناهان ما ، و نشر كن بر ما رحمت بى‏نهايت خود را بأبرهاى منفجر بباران سخت و با شدّت ، و با بهار ظاهر كننده ميوها ، و با نبات و گياه تعجب آورنده خلقها در حالتى كه بريزد بر ما ريختنى بباران فراوان كه زنده سازى بآن آنچه كه مرده ، و باز گردانى بآن آنچه كه فوت گشته . بار خدايا آب ده ما را آب دادنى از جانب خود كه زنده سازد زمين مرده را و سيراب گرداننده باشد و متصف شود بتمامى و عموم منفعت و پاكيزگى و ببركت و گوارائى و وسعت ، در حالتى كه نمو كننده باشد گياه آن ، ميوه دهنده باشد شاخ آن ، تر و تازه باشد برگ آن كه بلند نمائى بآن ، و قوّت دهى عاجز و ذليل را از بندگان خود ، و زنده سازى بآن مرده را از شهرهاى خود . بار خدايا آب ده ما را آب دادنى از نزد خود كه پرگياه شود بآن زمينهاى بلند ما ، و جارى شود بآن زمينهاى نشيب ما ، و بفراخ سالى در آيد بسبب آن اطراف و جوانب ما و روى آورد و اقبال كند بجهة آن ميوهاى ما ، و زندگانى نمايد بآن چهار پايان ما ، و نمناك بشود بآن جماعتى كه از ما دورند ، و استعانت جويند بآن مردماني كه در نواحى ما هستند از بركتهاى با وسعت خودت و عطاهاى بزرگ خودت بر مردمان صاحب احتياج خود ، و حيوانات وحشى بى‏صاحب خود ، و نازل كن بر ما باران تر كننده بارنده بسيار ريزان كه دفع كند باران بزرگ قطره [ 90 ] ديگر را از غايت شدّت ، و برانگيزاند قطرها از آن قطرهاى ديگر را در حالتى كه نباشد برق آن طمع آورنده و خلف كننده ، و نه ابر پهن شده در كنار آسمان آن خالى از آب ، و نه ابرهاى سفيد آن پارهاى كوچك كوچك ، و نه بارانهاى نرم آن صاحب بادهاى خنك ، تا آنكه فراخ سالى يابند بجهة بسيارى گياههاى آن قحط يا بندگان ، و زنده شوند ببركت آن سختى كشيدگان ، پس بدرستى كه تو فرو فرستى باران را از پس آنكه نوميد ميشوند مردمان ، و پراكنده ميسازى رحمت خود را بر عالميان ، و توئى ولىّ نعمتها ، و ستوده در صفتها