جستجو

و من خطبة له ع و فيها يبين فضل الإسلام و يذكر الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه دين الإسلام

متن ترجمه آیتی ترجمه شهیدی ترجمه معادیخواه تفسیر منهاج البرائه خویی تفسیر ابن ابی الحدید تفسیر ابن میثم

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الخامسة من المختار فى باب الخطب و شرحها في ضمن فصلين ، و صدرها مروية في الكافي باختلاف كثير تطلع بعد الفراغ من شرح الفصل إنشاء اللّه تعالى الفصل الاول ألحمد للّه الّذي شرع الإسلام فسهل شرايعه لمن ورده ، و أعزّ أركانه على من غالبه ، فجعله أمنا لمن علقه ، و سلما لمن دخله ، و برهانا لمن تكلّم به ، و شاهدا لمن خاصم به ، و نورا لمن استضآء به ، و فهما لمن عقل ، و لبّا لمن تدبّر ، و آية لمن توسّم ، و تبصرة لمن عزم ، و عبرة لمن اتّعظ ، و نجاة لمن صدّق ، و ثقة لمن توكّل ، و راحة لمن فوّض ، و جنّة لمن صبر ، فهو أبلج المناهج ، و أوضح الولائج ، مشرف المنار ، مشرق الجوادّ ، مضيّ المصابيح ، كريم المضمار ، رفيع الغاية ، جامع الحلبة ، متنافس السّبقة ، شريف الفرسان ، التّصديق منهاجه ، و الصّالحات مناره ، و الموت غايته ، و الدّنيا مضماره ، و القيمة حلبته ، و الجنّة سبقته . [ 255 ] منها في ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : حتّى أورى قبسا لقابس ، و أنار علما لحابس ، فهو أمينك المأمون ، و شهيدك يوم الدّين ، و بعيثك نعمة ، و رسولك بالحقّ رحمة ، أللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك ، و اجزه مضاعفات الخير من فضلك ، أللّهمّ أعل على بناء البانين بنائه ، و أكرم لديك نزله ، و شرّف منزلته ، و آته الوسيلة ، و أعطه السّناء و الفضيله ، و احشرنا في زمرته غير خزايا و لا نادمين ، و لا ناكبين ، و لا ناكثين ، و لا ضآلّين ، و لا مضلّين ، و لا مفتونين . قال السيّد ( ره ) و قد مضى هذا الكلام فيما تقدّم إلاّ أنا كرّرناه ههنا لما في الرّوايتين من الاختلاف . اللغة ( شرع ) اللّه لنا كذا من باب منع أى أوضحه و أظهره و سنّه و الشّريعة كالمشرعة مورد الناس للاستسقا سميّت بذلك لوضوحها و ظهورها ، قال الأزهريّ و لا تسميّها العرب مشرعة حتى يكون الماء عدّ الا انقطاع له كماء الأنهار ، و يكون ظاهرا معيّنا و لا يستقى منه برشاء فان كان من ماء الأمطار فهو الكرع بفتحتين و ( السّلم ) بكسر السين و سكون اللاّم الصّلح يقال خذوا بالسّلم أى بالصّلح و يطلق على المسالم أى المصالح كما يطلق الحرب على المحارب و عليه ما في الزّيارة : أنا سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم . و ( توسّم ) الشي‏ء تفرّسه و تخيّله و ( الأبلج ) المتّضح من بلج الصّبح أضاء و أشرق و ( المنهج ) الطريق الواضح المستقيم و ( الوليجة ) بطانة الرّجل و خاصّته ، [ 256 ] و في شرح المعتزلي هو المدخل إلى الوادي و غيره و ( المشرف ) المرتفع و ( المضمار ) موضع يضمر فيه الخيل للسّباق أو زمان التضمير . و ( الحلبة ) بالحاء المهملة و الباء الموحّدة وزان سجدة خيل تجمع للسباق من كلّ أوب و لا تخرج من وجه واحد يقال جائت الفرس فى آخر الحلبة أى في آخر الخيل و ( السبقة ) محرّكة ما يتراهن عليه المتسابقان و ( القبس ) الشعلة و ( أورى ) اشعل و ( العلم ) محرّكة المنار و الجبل و نحوهما مما يرشد به إلى الطريق و ( الحابس ) الواقف بالمكان و ( النزل ) بضمّتين ما يهيّأ للنّزيل من الطعام و ( السناء ) الرّفعة و ( الزّمرة ) الجماعة من النّاس ( و خزى ) خزيا من باب علم ذلّ و هان ، و خزايا جمع خزيان مثل حيران و حيارى و غير ان و غيارى . الاعراب قبسا بالنصب مفعول أورى أى أورى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبسا و لا يجوز جعله حالا من فاعل أورى إذ لم يسمع أورى إلاّ متعدّيا يقال : ورى الزند كوعى خرجت ناره و أوريته و ورّيته بالتضعيف أخرجت ناره ، و علما منصوب على المفعول أيضا و يحتمل الحال لأنّ أنار يستعمل متعدّيا و لازما . قال الفيومى : النور الضّوء و هو خلاف الظلمة و الجمع أنوار ، و أنار الصبّح أثارة أضاء و نوّر تنويرا و استنار استنارة كلّها لازمة بمعنى ، و نار الشي‏ء ينور نيارا بالكسر أضاء أيضا فهو نيّر و هذا يتعدّى بالهمزة و التضعيف انتهى . المعنى اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام ملتقط من فصلين أوّلهما في ذكر وصف الاسلام و بيان فضايله ، و ثانيهما في مدح رسول اللّه و تعظيمه و تبجيله و ذكر أوصافه الكماليّة ، و عقبه بالدّعاء الخير عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [ 257 ] أما الفصل الاول فهو قوله ( الحمد للّه الذي شرع الاسلام ) أى سنّ الاسلام أو أوضحه و أظهره ( فسهل شرايعه لمن ورده ) شبّه الاسلام بنهر جار دائم الجريان و استعار عنه على سبيل الكناية و الجامع أنّ كلاّ منهما يروى الغليل و العطشان إلاّ أنّ الماء يروى من غلل الأبدان و الاسلام من غلّ الأرواح ، أو أنّ بكلّ منهما يحصل الطهارة و النظافة إلا أنّ الماء يطهرّ من القذر و النّجس ، و الاسلام من الكفر و الرّجس و استعار الشرايع للاسلام على سبيل التخييل ، و المراد أنه سبحانه سهّل موارد العقول لمن أراد الدخول إلى الاسلام . قال الشارح البحراني : و تسهيله لها ايضاح قواعده و خطاباته بحيث يفهمهما الفصيح و الألكن ، و يشارك الغبيّ في ورد مناهله الفطن الذكيّ . ( و أعزّ أركانه على من غالبه ) استعارة بالكناية ايضا فانه شبهه بحصن عال و قصر مشيد مستحكم البنيان ، و محكم القواعد و الأركان و اثبات الأركان تخييل ، و الجامع كونهما محفوظا من أن يهدم و يغالب ، يعني أنه سبحانه أعزّه و حماه من أن يتسلّط عليه المشركون و يغلب عليه الكافرون كما قال تعالى : وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرينَ عَلىَ الْمُؤْمِنينَ سَبيلاً . ( فجعله أمنا لمن علقه ) لا يخفى ما في هذه الفقرة و ما يتلوها من حسن الخطابة حيث ناط بكلّ واحدة من اللّفظات لفظة تلايمها و تناسبها لو نيطت بغيرها لما انطبقت عليها و لا استقرّت في قرارها ، ألا تراه كيف رتّب الأمن على التعلّق ، و السّلم . على الدّخول ، و البرهان على التكلّم ، و الشهادة على المخاصمة و كذا غيرها ، فلو غيّر الاسلوب و قال : أمنا لمن تكلّم ، و برهانا لمن دخل لكان الكلام معيبا مختلّ المعنى خارجا عن قانون الخطابة . إذا عرفت ذلك فأقول : مراده عليه السّلام بهذه الفقرة أنه سبحانه جعل الاسلام سببا لأمن من تعلّق به في الدّنيا من إراقة الدّماء و في الآخرة من النار و من غضب الجبار ( و سلما لمن دخله . ) [ 258 ] قيل : استعار عليه السّلام لفظ السّلم باعتبار عدم اذاه لمن دخله فهو كالمسالم له أقول : و الأشبه أن يكون المراد أنّ من دخل الاسلام يكون الاسلام صلحا بينه و بين المسلمين به يحقن دمه و يقرّ على ما يملكه ( و برهانا لمن تكلّم به ) أى من تكلّم مصاحبا بالاسلام و متّصفا به فهو برهان له بمعنى أنّ فيه بيّنة و حجّة يدلّ على حقّيته ( و شاهدا لمن خاصم به ) أى من كان من المسلمين في مقام المخاصمة بالملل الخارجة فالاسلام شاهد له ، يعني أنّ فيه ما هو شاهد و يشهد بصحّة قوله قال سبحانه : أَفَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّه‏ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ . قال الطريحي : أى برهان من اللّه و بيان و حجّة على أنّ دين الاسلام حقّ ، و هو دليل العقل و يتلوه أى يتبع ذلك البرهان شاهد يشهد بصحّته و هو القرآن ( و نورا لمن استضاء به ) إذ به يهتدى إلى الجنّة ، و يسلك إليه كما يهتدى بالنور ( و فهما لمن عقل ) إذ بالدخول فيه و برياضة النّفس بقواعده و أركانه يتهيّأ الذّهن لقبول الأنوار الالهيّة و فهم الأسرار الحقّة فهو سبب للفهم الذي هو جودة تهيّؤ الذّهن لقبول ما يرد عليه فاطلق لفظه عليه مجازا من باب إطلاق اسم المسبّب على السّبب ( و لبّا لمن تدبّر ) قال البحراني : لما كان اللبّ هو العقل اطلق عليه لفظ العقل و إن كان سببا له ، و أراد العقل بالملكة و ما فوقه من مراتب العقل فانّ الاسلام و قواعده أقوى الأسباب لحصول العقل بمراتبه ( و آية لمن توسّم ) أى علامة يهتدى به إلى الحقّ للمتوسّم و هو المتفرّس المتأمّل المتثبّت في نظره حتّى يعرف حقيقة سمت الشي‏ء ( و تبصرة لمن عزم ) يعني أنه موجب لبصيرة من قصد على فعل الخير و تبصرة له في إتيانه به على ما ينبغي أن يكون عليه . ( و عبرة لمن اتّعظ ) يعني من كان متديّنا بدين الاسلام و نظر فيما وقع في القرون الخالية للام الماضية و أنهم كيف اختر متهم أيدى المنون و انتسفتهم القرون فهو يعتبر بذلك و يتّعظ به . [ 259 ] و يحتمل أن يكون المراد أن نفس الاسلام عبرة للمتّعظين ، و ذلك لأنّ من لاحظ رونق الاسلام و نظر في علوّ قدره و ارتفاع كلمته و ظهور سلطانه و ظفر المسلمين على قلّتهم على المشركين مع كثرتهم . يحصل له بذلك عبرة و بصيرة في الرّجوع إلى الحقّ . ( و نجاة لمن صدّق ) يعني أنّه سبب لنجاة من صدّق الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيما جاء به من عند اللّه سبحانه به يحصل له الخلاص في الدّنيا من القتل و في الآخرة من العذاب ( وثقة لمن توكّل ) إذ من دان بدين الاسلام و عرف المواعيد الكريمة الثابتة في الكتاب و السنّة للمتوكلين يحصل له بذلك توكّل على اللّه و حسن ثقة به ( و راحة لمن فوّض ) فانّ المسلم إذا كمل إسلامه و فوّض أمره إلى اللّه سبحانه كفاه اللّه جميع أموره و أراحه من الاهتمام لها و به يشعر قوله سبحانه : وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلى‏ اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ . ( و جنّة لمن صبر ) أى من صبر على ما فيه من مشاقّ الطّاعات و كلفة العبادات المالية و البدنيّة يكون الاسلام وقاية له و جنّة من عذاب النّار و حرّ الجحيم . ( فهو أبلج المناهج ) أى معروف الطرق و سيأتي بيانها ( و أوضح الولايج ) أى ظاهر البواطن و الاسرار لمن نظر إليه بعين الاعتبار ، أو أنه واضح المداخل معروف المسالك كما مرّ في تفسير قوله عليه السّلام فسهّل شرايعه لمن ورده ( مشرف المنار ) أى رفيعة الاعلام ، و سيأتي بيان ذلك أيضا ( مشرق الجواد ) و هو قريب من أبلج المناهج ( مضي‏ء المصابيح ) المراد بها إما الأدلّة و البراهين الدالة على حقّيته من الكتاب و السّنة ، و استعار لها لفظ المصباح باعتبار أنها يهتدى بها إليه كما يهتدى بالمصباح في الظلمات ، و إمّا الأئمة الهادون إليه و المرشدون إلى معالمه ، و ذكر الاضائة ترشيح . ( كريم المضمار رفيع الغاية جامع الحلبة متنافس السبقة شريف الفرسان ) قال الشارح المعتزلي : كأنه جعل الاسلام كخيل السباق التي مضمارها كريم و غايتها [ 260 ] رفيعة عالية و حلبتها جامعة حاوية و سبقتها متنافس فيها و فرسانها أشراف . أقول : أراد بالفرسان المسلمين المؤمنين ، و فسّر ساير ما كان محتاجا إلى التّفسير بقوله ( التصديق منهاجه ) الذي تقدم وصفه بأنه أبلج و أراد به التّصديق باللّه و برسوله و بما جاء به من عند اللّه سبحانه و الاتيان بلفظ الجمع فيما سبق و بصيغة الافراد هنا أنّ الجمع باعتبار تعدد أفراده و الافراد بملاحظة نفس النوع و معلوم أنّ هذه التصديقات أنوار واضحة الهدى . ( و الصّالحات مناره ) أراد بها الأعمال الصّالحة و جعلها منارا باعتبار إضائتها و اشراقها ( و الموت غايته ) و إنما جعله غاية له باعتبار انقطاع التكليف عنده و انتهائه إليه و وصفه بالرفعة فيما سبق باعتبار أنّه باب الوصول إلى حظيرة القدس و الجنّة المأوى التي هي أرفع الغايات و منتهى المقاصد . ( و الدّنيا مضماره ) لأنه دار مجاز لا دار قرار ، و وصفها بالكرم سابقا باعتبار أنّ فيها يحصل الاستعداد للفوز بالدّرجات العالية و المقامات المتعالية ، و لا ينافي ذلك ما ورد في ذمّها ، لأنه ناظر إلى ذمّ من ركن إليها و قصّر نظره فيها و غفل عما وراها ، فانّ من أبصر بها بصرته ، و من أبصر إليها أعمته . ( و القيامة حلبته ) أي ذات حلبته و موضعها الذي يجتمع الكلّ فيها من كلّ ناحية لأنها يوم الجمع ( و الجنّة سبقته ) جعلها اللّه سبحانه جزاء للسابقين ، و في مثلها فليتنافس المتنافسون . و أما الفصل الثانى المسوق لبيان تمجيد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تعظيمه فهو ما أشار إليه السّيد بقوله ( منها فى ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أورى قبسا لقابس ) أى أظهر نور الحقّ و أخرج شعلة الهداية للطالبين المهتدين ( و أنار علما لحابس ) أصل إنارة العلم للحابس أن يوقد عليه النار و يستنار ليهتدى به الضّال الحابس أى الذي حبس ناقته و وقف لا يدرى كيف يهتدى المنهج ، و استعاره هنا لاظهاره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنور الهداية ليهتدى بها من حبسته ظلمة الحيرة و الشبهة عن سلوك سبيل الحقّ . و المراد بأنوار الهداية المعجزات الباهرة و الأدلّة القاهرة من الكتاب [ 261 ] و السنّة ، و يحتمل أن يكون العلم مستعارا لأئمة الدين و الانارة كناية عن النصّ عليهم بالامامة ( فهو أمينك المأمون ) على أداء رسالاتك ( و شهيدك يوم الدّين ) على مخلوقاتك و قد تقدّم تحقيق هذه الشهادة في شرح الخطبة الحادية و السّبعين ( و بعيثك نعمة ) أى مبعوثك إلى الخلق نعمة عليهم بهدايتهم به إلى جنّتك ( و رسولك بالحقّ رحمة ) لعبادك أن يقعوا في مهاوى الهلاك بسخطك كما قال عزّ من قائل : وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ ثمّ دعا في حقّه صلوات اللّه عليه و آله بقوله : ( اللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك ) أي قسمة و حظّا و نصيبا هو مقتضى عدلك ، و هو أن يبلغ نفسه النفيس الذي هو محلّ الرّسالة أقصى مراتب القرب و الوصول بماله من الاستعداد و القابلية و الكمالات النفسانية التي جعلته قابلا لذلك . و لما دعا له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما يستحقه زاد على ذلك فدعا له بقوله ( و اجزه مضاعفات الخير من فضلك ) و سأل بذلك أن يتفضّل عليه بزيادة من فضله فيضاعف له الخير بمقتضى فضله و كرمه . ( اللّهمّ واعل على بناء البانين بنائه ) و المراد به إمّا إعلاء ما بناه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الشريعة و شيّده من الدّين على ساير ما شيّده الأنبياء و بنوه من الشرايع و الدّين ، و إمّا إعلاء ما بناه لنفسه من مراتب الكمال و درجات العزّ و الجلال ، و على التقديرين فلفظ البناء استعارة و الاعلاء ترشيح . ( و أكرم لديك نزله ) استعار عليه السّلام لفظ النزل لما هيّأه اللّه سبحانه في حقّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الثواب الجزيل و الأجر الجميل ( و شرّف عندك منزله ) في حظيرة القدس ( و آته الوسيلة ) و هو امتثال لما طلبه من امته بقوله : سلوا اللّه لي الوسيلة . قال الشارح البحراني : دعا عليه السّلام أن يؤتيه ما يتوسّل به إليه و يقرّبه منه و هو أن يكمل استعداده لما هو أتمّ القوّة على الوصول إليه . [ 262 ] أقول : و ليس بشي‏ء ، بل المراد بها ما ورد في الأخبار من أنها أعلا درجة في الجنّة لها ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حصر الفرس الجواد مأة عام ، و هى ما بين مرقاة جوهر إلى مرقات ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضّة ، فيؤتى بها يوم القيامة حتّى تنصب مع درجة النّبيّين كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى يومئذ نبي و لا صدّيق و لا شهيد إلاّ قال : طوبى لمن كان هذه الدرجة درجته ( و اعطه السّناء ) أى الرفعة ( و الفضيلة ) . ثمّ دعا عليه السّلام لنفسه . و لصالحي المؤمنين بقوله : ( و احشرنا في زمرته ) و جماعته ( غير خزايا ) و خجلين بمعصية اللّه ( و لا نادمين ) على التفريط في جنب اللّه ( و لا ناكبين ) منحرفين عن سبيل اللّه ( و لا ناكثين ) ناقضين لعهداللّه ( و لا ضاليّن ) عن سواء السبيل ( و لا مفتونين ) باللغو و الأباطيل . و اعلم أنّ هذا الفصل أعنى الفصل الثاني من هذا الكلام قد مضى روايته من السّيد ( ره ) في الكتاب و هي الخطبة الحادية و السّبعون إلاّ أنّه ( ره ) كرّره ههنا لما في الروايتين من الاختلاف و بالمراجعة إليهما يعرف مواقعه ، و قد قدّمنا في شرح ما سبق نكات بديعة و فوائد نافعة من أراد الانتفاع فليراجع إليه . و هنا لطيفة يعجبنى ايرادها في المقام و هي أنّ الشارح المعتزلي قال بعد الفراغ من شرح هذا الفصل من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام : قلت : سألت النقيب أبا جعفر و كان منصفا بعيدا عن الهوى و العصبيّة عن هذا الموضع فقلت له : و قد وقفت على كلام الصحابة و خطبهم فلم أر فيهم من يعظّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تعظيم هذا الرّجل و لا يدعو كدعائه ، فإنا قد وقفنا من نهج البلاغة ----------- ( 1 ) المراد به ما عهده لعباده من أن يعبدوه و يخلصوا له الدين كما قال عز من قائل ألم أعهد اليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين و أن أعبدونى هذا صراط مستقيم و لقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون ، منه . [ 263 ] و من غيره على فصول كثيرة مناسبة لهذا الفصل تدلّ على إجلال عظيم و تبجيل شديد منه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . فقال : و من أين لغيره من الصحابة كلام مدوّن لتعلم منه كيفيّة ذكرهم للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و هل وجد لهم إلاّ كلمات متبدّدة لا طائل تحتها . ثمّ قال : إنّ عليّا عليه السّلام كان قوىّ الايمان برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و التّصديق له ، ثابت اليقين قاطعا بالأمر متحققا له ، و كان مع ذلك يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لنسبته منه و تربيته له و اختصاصه به من دون الصّحابة و بعد فشرفه له لأنّهما نفس واحدة في جسمين الأب واحد ، و الدّار واحدة ، و الأخلاق مناسبة ، فاذا عظّمه فقد عظّم نفسه ، و إذا دعا إليه فقد دعا إلى نفسه ، و لقد كان يودّ أن تطبق دعوة الاسلام مشارق الأرض و مغاربها ، لأنّ جمال ذلك لا حق به و عائد إليه ، فكيف لا يعظّمه و يبجّله و يجتهد في أعلاء كلمته ؟ قال الشّارح فقلت له : قد كنت اليوم أنا و جعفر بن مكى الشاعر نتجاري هذا الحديث . فقال جعفر : لم ينصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحد نصرة أبي طالب و بنيه له أمّا أبو طالب عليه السّلام فكفّله و ربّاه ثمّ حماه من قريش عند إظهار الدّعوة بعد إصفاقهم و إطباقهم على قتله ، و أمّا ابنه جعفر فهاجر بجماعة من المسلمين إلى حبشة فنشر دعوته بها ، و أمّا عليّ عليه السّلام فانّه أقام عماد الملّة بالمدينة . ثمّ لم يمن أحد من القتل و الهواء و التشريد بما منى به بنو أبي طالب أمّا جعفر فقتل يوم بموتة ، و أما عليّ عليه السّلام فقتل بالكوفة بعد أن شرب نقيع الحنظل و تمنّى الموت ، و لو تأخّر قتل ابن ملجم له لمات أسفا و كمدا ، ثمّ قتل ابناه بالسمّ و السّيف و قتل بنوه الباقون مع أخيهم بالطّف و حملت نسائهم على الأقطاب سبايا إلى الشام و لقيت ذرّيتهم و أخلافهم بعد ذلك من القتل و الهوان و الصلب و التشريد في البلاد و الحبس و الضرب ما لا يحيط الوصف بكنهه ، فأىّ خير أصاب هذا البيت من نصرته و محبّته و تعظيمه بالقول و الفعل ؟ [ 264 ] فقال و أصاب فيما قال : فهلاّ قلت : يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَديكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ . ثمّ قال إنّ اللّه زوى الدّنيا عن صالحي عباده و أهل الاخلاص له لأنّه لم يرها ثمنا لعبادتهم و لا كفوا لاخلاصهم و أرجا جزائهم إلى دار أخرى غير هذه الدّار في مثلها فليتنافس المتنافسون . أقول : للّه درّ النّقيب فلقد أبدع في الكلام و أصاب في الجواب و راعى الانصاف و جانب الاعتساف و أفصح عن الحقّ و أبان الصّدق إلاّ أنّه لا يكاد ينقضى عجبى منه و من مثله انه مع هذا الفضل و الذّكاء كيف تشبّث بأذيال المتخلّفين و لم يتمسّك بالعروة الوثقى و الحبل المتين ، فانّ محصّل ما ذكره يرجع إلى وجوه : الأوّل أنّ غيره عليه السّلام من الصّحابة لم يوجد لهم كلام منظم و لا بيان منتظم حتّى يعرف منه كيفيّة تعظيمهم للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تبجليهم له و لا بدّ أن يكون سرّ ذلك إمّا قلّة معرفتهم بأساس البلاغة أو وهن اعتقادهم في أمر الرّسالة و زعمهم أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشر مثلهم يأكل الطعام و يمشى في الأسواق ، و مثل ذلك لا يستحقّ بهذا التبجيل و الاكرام و التوقير و الاعظام . الثاني أنّ صدور أمثال هذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السّلام كان من قوّة الايمان و الايقان و شدّة التحقيق و التصديق و القطع و اليقين الذى كان له عليه السّلام في أمر الرسالة و هو بظاهره يفيد أنّ غيره عليه السّلام لم يكن لهم هذا القطع و اليقين و لا لهم معرفة تلك المعرفة و كانوا يظنّونه ظنّا و ما هم بمعتقدين ، و مع ذلك كيف يجوز ترجيحهم عليه و تقديمهم و تأخيره و تعظيمهم و تحقيره ، و من المعلوم أنّ الخلافة هو النيابة و النايب كلّما كان أشدّ معرفة بمراتب المنوب عنه و آكد يقينا بشئوناته كان قيامه بوظايف النيابة و إتيانه بمطلوب المنوب عنه و مقاصده أكمل و أتمّ ، و لو لم يكن له معرفة بها فكيف يقوم بالأمر و يتصرّف فيه . [ 265 ] الثّالث أنّه كان يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان له نسبة مخصوصة إليه و اختصاص خاصّ به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يكن لساير الصحابة ذلك الاختصاص و النسبة و المحبّة أقول : و بعد الاعتراف بذلك كيف يجوز القول بخلافة غيره ؟ فانّ التجربة و الوجدان شاهدان على أنّ المراد إذا نزلت به داهية أو وقع في بلية أو دنا أجله يفوّض أمره إلى خاصّته و بطانته و يوصي إليه وصيّته و لا يقدّم الأجانب على الأقارب و الأباعد على الخواصّ . الرّابع أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمنزلة نفس واحدة ، و هو كذلك فقد شهدت به آية المباهلة ، و هى تدلّ على منتهى كماله عليه السّلام و فضله و شرفه و بلوغه في ذلك الغاية و تقدّمه فيه على الكلّ حيث جعله سبحانه بمنزلة نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مع ذلك كلّه كيف جاز ترجيح غيره عليه . أَفَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . و قوله و لقد كان عليه السّلام يودّ أن يطبق دعوة الاسلام مشارق الأرض و مغاربها . أقول : فلقد كان كذلك و أما غيره فلقد كانوا يُريدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِه وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ . هذا و أمّا ما رواه من جعفر بن مكى في المذاكرة التي كانت بينه و بينه من أنه لم ينصر أحد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نصرة أبي طالب عليه السّلام و بنيه و أنّه ما ابتلى أحد فيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمثل ما ابتلى فيه هؤلاء فهو كما قال إلاّ أنه غلط في قوله و أىّ خير أصاب هذا البيت من نصرته و محبّته و تعظيمه بالقول و الفعل . أما أوّلا فلأنه ليس لأمثال هؤلاء الجهال أن يتفوّهوا بمثل هذا الكلام الدال على ابداء المغايره بين البيتين و المجانبة بين الجسمين الذين هما بمنزلة نفس [ 266 ] واحدة حسبما قدّمناه . و أما ثانيا فلأنه كما قال النّقيب ليس لآل أبي طالب عليه السّلام منّة في ذلك على النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، بل المنّة للّه و لرسوله على جميع الخلايق . و أما ثالثا فلأنه لم يكن غرض آل أبي طالب فيما فعلوا من الموازرة و النصرة و الحماية للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الجهاد بين يديه به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بعده جلب المنفعة و طلب الخير و إنما كان قصدهم إحياء السنّة و إعلاء لواء الشريعة و إقامة اعماد الاسلام و الملة ، طلبا لرضوان الحقّ ، و حبا له و وفاء بعهده ، كما يفصح عن ذلك قوله سبحانه : وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرى نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ و قوله : مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الآية و قوله : صلّى اللّه عليه و آله و سلّم « لاعطين الراية غدا رجلا يحبّ اللّه ، الحديث » . و أمّا رابعا فلأنّ قوله و أىّ خير أصاب آه . إن أراد به خير الدنيا ففيه أنّ القنيات الدّنيوية و زخارفها و زبرجها إنّما لها وقع في نظر أهلها لا في نظرهم و إنّما هى عندهم بجميع ما فيها أهون و أزهد من عراق 1 خنزير في يد مجذوم . و إن أراد خير الآخرة فأقول : و أىّ خير أعظم من أنّ هذا البيت كان تالى بيت الرسالة ، فقد جعل اللّه الرسالة في بيت عبد اللّه و الخلافة في بيت أبي طالب و أتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جوامع الكلم ، و عليّا عليه السّلام جوامع الكلام ، و جعله مدينة العلم و الحكمة ، و جعل عليّا عليه السّلام بابها و جعله منه بمنزلة هارون من موسى عليه السّلام ، و جعله و أولاده شهداء دار الفناء و شفعاء دار البقاء و صار نعمة اللّه على الأبرار و نقمته على الفجار ، و فوّض إليه سقاية الكوثر و قسمة الجنّة و النّار و جعله حامل لواء الحمد و أمين مفاتيح الجنّة . ----------- ( 1 ) و هو العظم الذى نحت عنه اللّحم . [ 267 ] ففي كشف الغمّة من أمالي الطوسى عن ابن عباس قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول : أعطانى اللّه تبارك و تعالى خمسا و أعطا عليّا خمسا : أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليّا جوامع العلم ، و جعلني نبيّا و جعله وصيّا ، و أعطاني الكوثر و أعطاه السّلسبيل ، و أعطاني الوحي و أعطاه الالهام ، و أسرا بي إليه و فتح له أبواب السماء و الحجب حتّى نظر إلىّ و نظرت إليه . إلى غير هذه مما روته الخاصة و العامّة و اللّه وليّ التوفيق . تكملة الفصل الأوّل من فصلى هذا الفصل من هذه الخطبة مرويّ في الكافي بطريق آخر أحببت إيراده قال : روى عليّ بن إبراهيم عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى و عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب بن السراج عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام ، و بأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباته قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام في داره أو قال في القصر و نحن مجتمعون ثمّ أمر صلوات اللّه عليه فكتب في كتاب و قرء على النّاس . و روى غيره أنّ ابن الكوّا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن صفة الاسلام و الايمان و الكفر و النفاق فقال عليه السّلام : أما بعد فانّ اللّه تبارك و تعالى شرع الاسلام و سهل شرايعه لمن ورده و أعزّ أركانه لمن حاربه و جعله عزّا لمن توّلاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتمّ به و زينة لمن تجلّله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلّم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاجّ به و علما لمن وعاه و حديثا لمن درى و حكما لمن قضى و حلما لمن حرب و لباسا لمن تدبّر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسّم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدّق و تؤدة لمن أصلح و زلفى لمن أقرب وثقة لمن توكّل و رخاء لمن [ 268 ] فوض و سبقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتّقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن و أمنة لمن أسلم و روحا لمن صدق و غنى لمن قنع . فذلك الحقّ سبيله الهدى و ما ثرته المجد و صفته الحسنى فهو أبلج المنهاج مشرق المنار زاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان . فالايمان منهاجه و الصّالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدنيا مضماره و الموت غايته و القيامة حلبته و الجنّة سبقته و النّار نقمته و التّقوى عدّته و المحسنون فرسانه . فبالايمان يستدلّ على الصّالحات و بالصّالحات تعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدّنيا و بالدّنيا تجوز القيامة و بالقيامة تزلف الجنّة و الجنّة حسرة أهل النّار و النّار موعظة للمتقين و التّقوى سنخ الايمان . الترجمة و از جمله خطب شريفه أن إمام مبين و وارث علم النّبيين است صلواة اللّه عليه و آله أجمعين در ذكر فضائل ملّت اسلام و مناقب حضرت سيّد الأنام عليه و آله آلاف التّحية و السّلام ميفرمايد : حمد بى حدّ معبود بحقي را سزاست كه پديد آورد و ظاهر نمود دين اسلام را پس آسان گردانيد راههاى آنرا بجهة كسيكه بخواهد وارد آن شود ، و عزيز گردانيد ركنهاى آنرا بر كسيكه بخواهد غلبه آن نمايد ، پس گردانيد آنرا ايمني از عذاب از براى كسيكه در آويخت بآن ، و صلح و آشتى از براى كسيكه داخل شد در آن ، و دليل روشن از براى كسيكه تكلّم كرد بآن ، و گواه از براى كسيكه مخاصمة نمود بوسيله آن ، و نور هدايت از براى كسيكه روشني جست بآن ، و فهم از براى كسيكه عاقل شود ، و عقل از براى كسيكه تدبر نمايد ، و علامت و نشانه از براى كسيكه تفرّس و تأمّل نمايد و آلة بصيرت از براى كسيكه صاحب عزم باشد ، و عبرت از براى كسيكه پند گيرد ، [ 269 ] و نجات و خلاصى از براى كسيكه تصديق كرد ، و وثوق و اعتماد از براى كسيكه توكّل نمود ، و راحت و آسايش مر كسى را كه تفويض كرد كار خود را بخدا سپر مر كسى را كه صبر نمود برنج و عنا پس آن اسلام روشن‏تر است راههاى آن ، آشكارتر است سرّهاى آن ، بلند است مناره آن ، تابانست راههاى آن ، درخشان است چراغهاى آن ، گراميست ميدان آن ، بلند است نهاية آن جمع كننده است حلبه آن يعنى اسباني كه فراهم آورده مى‏شود از أطراف و نواحى متعدّده بجهة اسب دواني و مسابقت . رغبت كرده شده است سبقت آن يعني چيزيكه مقرر شده بجهت سبقت كننده از اسب دوانها ، بزرگوار است سوارهاى آن . تصديق بخدا و رسول راه راست اسلام است ، و عملهاى صالح مناره او است و مرگ غايت او است ، و دار دنيا ميدان اسب دوان او است ، و روز قيامت صاحب حلبه او ، و بهشت عنبر سرشت سبقة او . بعضى ديگر از اين در ذكر حضرت رسالتمآب صلواة اللّه و سلامه عليه و آله است كه فرمود : تا اينكه بر افروخت پيغمبر خدا شعله أنوار دين مبين از براى آتش گيرنده اقتباس نور كننده ، و روشن گردانيد علامت و نشانه را از براى حبس كننده ، يعني كسيكه ايستاده باشد در وادي حيرت و ضلالت ، و مركب خودش را نگه بدارد بجهة يافتن راه هدايت . پس حضرت رسالت أمين مؤتمن تست در تبليغ احكام ، و شاهدتست بر امّتان و مبعوث و برانگيخته تست از روى نعمت بر جميع عالميان ، و رسول تست از روى رحمت بآدميان . بار خدايا قسمت بده از براى او حظ وافر را از عدل كامل خودت ، و جزا بده باو زيادتيهاى خير را از فضل شامل خود . بار خدايا و بلند گردان بر بناى بنا كنندگان بناى او را ، و گرامى دار نزد خودت اجر و جزاى او را ، و بده او را وسيله را ، و عطا كن او را بلندى و فضيلت را [ 270 ] و محشور گردان ما را در ميان گروه او از مؤمنان و صالحان در حالتيكه رسوا و خوار نباشيم نزد خلقان ، و نه پشيمانان ، و نه از راه راست منحرف شوندگان ، و نه شكنندگان عهد و پيمان ، و نه گمراهان ، و نه گمراه كنندگان ، و نه در فتنه افتاده شدگان . الفصل الثانى منها في خطاب أصحابه : و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم منزلة تكرم بها إمائكم ، و توصل بها جيرانكم ، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه ، و لا يد لكم عنده ، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة ، و لا لكم عليه إمرة ، و قد ترون عهود اللّه منقوضة ، فلا تغضبون ، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون ، و كانت أمور اللّه عليكم ترد ، و عنكم تصدر ، و إليكم ترجع ، فمكنتم الظّلمة من منزلتكم ، و ألقيتم إليهم أزمّتكم ، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم ، يعملون في الشّبهات ، و يسيرّون في الشّهوات ، و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم . اللغة ( الوصل ) ضدّ القطع و ( الذّمة ) العهد و الامان و الضمان و الحرمة و الحقّ و ( اليد ) النّعمة و ( أنف ) انفا من باب فرح استنكف . [ 271 ] الاعراب الواو في قوله عليه السّلام : و انتم للحال ، و الجملة بعدها حال من فاعل تغضبون ، و جملة يعملون في الشبهات استينافية بيانية أو حال من الضمير المجرور في أيديهم و لو في قوله : و لو فرقوكم ، بمعنى ان الشرطية إذ لو ابقيت على معناها الأصليّ لدلّت على الانتفاء عند الانتفاء كما في قوله تعالى : لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهَ لَفَسَدَتا . و هو باطل و الاتيان بالشرط و الجواب ماضيين إشارة إلى تصوير غير الحاصل بصورة الحاصل أو تنبيها على وقوعهما لا محالة . المعنى اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام كما قال الشّارح المعتزلي خطاب لأصحابه الذين أسلموا مدنهم و نواحيهم إلى جيوش معاوية التي كان يغير بها على أطراف أعمال عليّ عليه السّلام كالأنبار و غيرها ممّا تقدّم ذكرها في الشرح فقال عليه السّلام لهم ( و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم ) بالاسلام بعد ان كنتم مجوسا و صابئة و عبدة أصنام ( منزلة ) عظيمة ( تكرم بها امائكم ) و عبيدكم و من كان مظنة المهانة و المذلة ( و توصل بها جيرانكم ) أى الملتجئين إليكم من معاهد أو ذميّ ، فانّ اللّه تعالى حفظ لهم ذمام المجاورة لكم حتّى عصم دمائهم و أموالهم ، و يحتمل أن يراد به المجاورون في المسكن . ( و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه و لا يد لكم عنده ) كالرّوم و الحبشة ، فقد عظموا مسلمى العرب لتقمّصهم بلباس الاسلام و اظهارهم شعاره ( و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة و لا لكم عليه امرة ) أى أمارة و سلطنة كالملوك في أقاصى البلاد مثل الهند و الصّين و نحوها ، فانهم هابوا دولة الاسلام و إن لم يخافوا سطوتها و سيوفها [ 272 ] و ذلك لأنّه شاع و ذاع أنّهم قوم صالحون إذا دعوا اللّه استجاب اللّه دعوتهم و ينصرهم بملائكته و يمدّهم بجنوده ، هذا . و لما قرّر نعمة اللّه و منته عليهم أردفه بالتوبيخ لهم على التقصير في أداء واجب حقّه ، و أشار إلى ارتكابهم بعض مسببات كفران نعمته بقوله : ( و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون ) أراد بذلك رؤيتهم من أهل الشّام و أمثالهم فعل المنكرات من مخالفة الأحكام الشّرعية و الأوامر الالهية و البغى و الخروج على الامام المفترض الطّاعة ، و الاغارة على المسلمين و المعاهدين و عدم إنكارهم على ذلك و سكوتهم عليه مع تمكّنهم من إزالته و دفعه بالجهاد و الجدل . و بالجملة فالمراد أنكم ترون عهود اللّه التى أخذها على العباد باتيان الواجبات و ترك المنهيّات منقوضة فلا تنكرونه و تسكتون عليه ( و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون ) و تستنكفون ، و لا ريب أنّ السكوت عن انكار تلك المنكرات مع الاستنكاف عن نقض ذمم الآباء يدلّ على أنّ عهود اللّه سبحانه أهون و أضعف عندهم من عهود آبائهم ، و هو في حدّ الكفر . ( و كانت امور اللّه عليكم ترد و عنكم تصدر و إليكم ترجع ) قال العلاّمة المجلسيّ ( ره ) أى أنتم المخاطبون بالأوامر و النواهى ، أو كنتم قبل ذلك في أيام الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم موارد الامور و مصادرها مطيعين له منكرين للمنكرات ، و كان المراد بالورود السّؤال و بالصدور الجواب و بالرّجوع التحاكم . و يمكن تعميم المراد بالورود و الصّدور ، فالمراد بالرّجوع رجوع النفع و الضرر في الدّارين . و قال الشّارح المعتزلي : كانت الأحكام الشّرعية إليكم ترد منّي و من تعليمي إيّاكم و تثقيفى 1 لكم ، ثمّ يصدر عنكم إلى من تعلّمونه إيّاها من أتباعكم و تلامذتكم ، ثمّ يرجع إليكم بأن يتعلّمها بنوكم و إخوتكم من هؤلاء الاتباع و التّلامذة . ----------- ( 1 ) التثقيف التفهيم من ثقفت الحديث فهمته لبرعة ، منه [ 273 ] ( ف ) فررتم من الزّحف لما أغارت جيوش الشام عليكم و ( مكّنتم الظلمة من منزلتكم ) بتخاذلكم عن جهادكم ( و ألقيتم إليهم أزمّتكم ) كالدّابة التي زمامها بيد راكبها يوجّهها أين شاء و يتصرّف فيها كيف يشاء ( و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم ) أى جعلتم امور اللّه و أحكامه الجارية في بلاده و عباده مسلّمة مفوّضة إليهم موكولة إلى آرائهم ، و كلّ ذلك بالتقصير عن مجاهدتهم . ( يعملون في ) التكاليف الشرعية و الأحكام الالهيّة با ( الشبهات ) الفاسدة و الآراء الكاسدة يزعمونها حججا باهرة و براهين ساطعة ( و يسيرون في الشّهوات ) النفسانية و ينهمكون فيها . ثمّ أخبر بمآل حال بني اميّة المشار إليهم بالظلمة تحذيرا لهم و إنذارا بقوله : ( و ايم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب ) و بدّدوكم في البلاد ( لجمعكم اللّه لشرّيوم لهم ) و ينتقم بسوء أعمالهم عنهم ، و كنّى بشّر اليوم عن ظهور المسورة من أهل العراق و خراسان و انتقامهم من بني اميّة و أهل الشام ، و يحتمل أن يكون إشارة إلى ظهور إمام الزّمان عليه السّلام و جمعهم في الرّجعة ، و المراد جمع صنفهم و اللّه وليّ التّوفيق . الترجمة بعض ديگر از اين خطبه شريفه در خطاب بأصحاب خود و توبيخ و ملامت ايشان بتقصير از جهاد أهل شام و أتباع معاويه بى‏ايمان است ميفرمايد : و بتحقيق كه رسيديد شما از كرامت و نوازش حضرت عزّت مر شما را كه عبارتست از مشرف نمودن شما بشرف اسلام بمنزله و مقامى كه گرامي داشته ميشود بسبب آن منزلت كنيزهاى شما ، و پيوند ميشود أشخاصي كه در أمان شما مى‏باشند از أهل ذمه و معاهدين ، و تعظيم ميكند شما را كسيكه هيچ فضيلت و مزيتى نيست شما را بر او ، و هيچ نعمتى نيست شما را در نزد او ، و ميترسد از شما كسيكه نميترسد از قهر و غلبه شما ، و نيست مر شما را بر او أمارت و حكومت . و بتحقيق ميبينيد شما عهدهاى خداوند شكسته شده پس غضب نميكنيد [ 274 ] و متغيّر نميشويد و حال آنكه شما از براى شكستن عهدهاى پدران خود استنكاف داريد ، و بود أمرهاى خدا بر شما وارد ميشد و از شما صادر ميگرديد و بشما راجع بود . پس تمكين داديد ظالمين را از بنى اميه و بنى مروان و ساير أهل شام بمنزل خودتان ، و بيفكنديد بسوى ايشان جلو خودتان ، و مطيع و منقاد شديد بايشان و سپرديد كارهاى خدا را در دست ايشان عمل ميكنند آنها بشبههاى باطله ، و سير ميكنند در شهوات و خواهشات نفسانيه ، و بخدا سوگند اگر پراكنده كنند ايشان شما را در زير هر أخترى هر آينه جمع كند شما را خدا براى بدترين روزى كه از براى ايشانست ، كه عبارتست از روز ظهور امام زمان عليه السّلام .